الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاكْتِفَاءِ بِالتَّأْمِينِ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ فَرَاغِهِ وَفَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ إِنْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ فِي التَّمَامِ بِخِلَافِ مَنْ أَخَّرَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ إِلَى حَالِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلسُّورَةِ
كَذَا فِي النيل
2 -
(بَاب مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَرْ)
[826]
(انْصَرَفَ) أَيْ فَرَغَ (آنِفًا) بِالْمَدِّ وَيَجُوزُ قَصْرُهُ يَعْنِي الْآنَ وَأَرَادَ بِهِ قَرِيبًا (إِنِّي أَقُولُ مالي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ) بِفَتْحِ الزَّاي وَنَصْبِ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ أَيْ فِيهِ كَذَا فِي الْأَزْهَارِ وَفِي نُسْخَةٍ بِكَسْرِ الزَّاي وَفِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ لِابْنِ الْمَلِكِ قِيلَ عَلَى صِيَغةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُدَاخَلُ فِي الْقِرَاءَةِ وَأُشَارَكُ فِيهَا وَأُغَالَبُ عَلَيْهَا
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أُدَاخَلُ فِي الْقِرَاءَةِ وَأُغَالَبُ عَلَيْهَا وَقَدْ تَكُونُ الْمُنَازَعَةُ بِمَعْنَى الْمُشَارَكَةِ وَالْمُدَاوَلَةِ وَمِنْهُ مُنَازَعَةُ الْكَأْسِ فِي الْمُدَامِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أُجَاذَبُ فِي قِرَاءَتِهِ كَأَنَّهُمْ جَهَرُوا بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ فَشَغَلُوهُ فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَأَصْلُ النَّزْعِ الْجَذْبُ وَمِنْهُ نَزْعُ الْمَيِّتِ بِرُوحِهِ (فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ إلخ) زاد البخاري في جزء القراءة وقرأوا فِي أَنْفُسِهِمْ سِرًّا فِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ الإمام
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَقَدْ أَعَلَّ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْحَدِيث بِابْنِ أُكَيْمَةَ وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ وَهُوَ مَجْهُول وَلَمْ يَكُنْ عِنْد الزُّهْرِيِّ مِنْ مَعْرِفَته أَكْثَر مِنْ أَنْ رَآهُ يُحَدِّث سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
وَاخْتَلَفُوا فِي اِسْمه
فَقِيلَ عُمَارَةُ وَقِيلَ عَمَّارُ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ
وَقَوْله فَانْتَهَى النَّاس عَنْ الْقِرَاءَةِ مِنْ قَوْل الزُّهْرِيِّ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ صَاحِب الزَّهْرِيَّات وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ حِين مَيَّزَهُ مِنْ الْحَدِيث وجعله مِنْ قَوْل الزُّهْرِيِّ
قَالَ وَكَيْف يَكُون ذَلِكَ مِنْ قَوْل أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَأْمُر بِالْقِرَاءَةِ خَلْف الْإِمَام
فِيمَا جَهَرَ فِيهِ وَفِيمَا خَافَتْ وقال غيره هذا التعليل ضعيف فإن بن أُكَيْمَةَ مِنْ التَّابِعِينَ وَقَدْ حَدَّثَ بِهَذَا
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فَانْتَهَى النَّاسُ إِلَخْ لَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ بَلْ هُوَ مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ بَيَّنَهُ الْخَطِيبُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَأَبُو دَاوُدَ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ وَالذُّهْلِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُمْ
كَذَا قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَقَوْلُهُ فَانْتَهَى النَّاسُ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ بَيَّنَهُ لِي الْحَسَنُ بْنُ صَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَاتَّعَظَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَلَمْ يكونوا يقرأون فِيمَا جَهَرَ
وَقَالَ مَالِكٌ قَالَ رَبِيعَةُ لِلزُّهْرِيِّ إِذَا حَدَّثْتَ فَبَيِّنْ كَلَامَكَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ قَوْلُهُ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ صَاحِبُ الزُّهْرِيَّاتِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ حِينَ مَيَّزَهُ مِنَ الْحَدِيثِ وَجَعَلَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ
وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَأْمُرُ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ بِهِ وَفِيمَا خَافَتَ انْتَهَى مُخْتَصَرًا
وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْمُؤْتَمُّ خَلْفَ الإمام في
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْحَدِيث وَلَمْ يُنْكِرهُ عَلَيْهِ أَعْلَم النَّاس بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَلَا يُعْلَم أَحَد قَدَحَ فِيهِ وَلَا جَرَحَهُ بِمَا يُوجِب تَرْك حَدِيثه وَمِثْل هَذَا أَقَلّ دَرَجَات حَدِيثه أَنْ يَكُون حَسَنًا
كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ
وَقَوْله فَانْتَهَى النَّاس وَإِنْ كَانَ الزُّهْرِيُّ قَالَهُ
فَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَوْل أَبِي هُرَيْرَةَ وأي نتاف بَيْن الْأَمْرَيْنِ بَلْ كِلَاهُمَا صَوَاب قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَهُ الزُّهْرِيُّ كَمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ وَقَالَهُ مَعْمَرٌ أَيْضًا كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ
فَلَوْ كَانَ قَوْل الزُّهْرِيِّ لَهُ عِلَّة فِي قَوْل أَبِي هُرَيْرَةَ لَكَانَ قَوْل مَعْمَرٍ لَهُ عِلَّة فِي قَوْل الزُّهْرِيِّ وَأَنْ نَجْعَل ذَلِكَ كَلَام مَعْمَرٍ
وَقَوْله كَيْف يَصِحّ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَأْمُر بِالْقِرَاءَةِ خَلْف الْإِمَام فَالْمَحْفُوظ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ اِقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسك وَهَذَا مُطْلَق لَيْسَ فِيهِ بَيَان فِيهِ أَنْ يَقْرَأ بِهَا حَال الْجَهْر
وَلَعَلَّهُ قَالَ لَهُ يَقْرَأ بِهَا فِي السِّرّ وَالسَّكَتَات وَلَوْ كَانَ عَامًّا فَهَذَا رَأْي لَهُ خَالَفَهُ فِيهِ غَيْره مِنْ الصَّحَابَة وَالْأَخْذ بِرِوَايَتِهِ أَوْلَى وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث زَيْدِ بْنِ وَافِدٍ عَنْ حَرَامِ بْن حَكِيمٍ وَمَكْحُولٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ مَحْمُودٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن وَأَبُو نُعَيْمٍ يَجْهَر بِالْقِرَاءَةِ فَقُلْت رَأَيْتُك صَنَعْت فِي صَلَاتك شَيْئًا قَالَ وَمَا ذَاكَ قُلْت سَمِعَتْك تَقْرَأ بِأُمِّ الْقُرْآن وَأَبُو نُعَيْمٍ يَجْهَر بِالْقِرَاءَةِ قَالَ نَعَمْ صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بَعْض الصَّلَوَات الَّتِي يَجْهَر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَلَمَّا اِنْصَرَفَ قَالَ هَلْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَد يَقْرَأ شَيْئًا مِنْ القرآن إذا جهرت بالقراءة قلنا نعم يارسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَقُول مَالِي أُنَازَع الْقُرْآن لَا يَقْرَأَنَّ أَحَد مِنْكُمْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآن إِذَا جَهَرْت بالقراءة إلا بأم القرآن قال الدراقطني إِسْنَاده حَسَن وَرِجَاله ثِقَات
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَزَيْدُ بْنُ وَافِدٍ ثِقَة وَمَكْحُولٌ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ وَمِنْ اِبْنِهِ نَافِعِ بْنِ مَحْمُودٍ وَنَافِعِ بْنِ مَحْمُودٍ وَأَبُوهُ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ سَمِعَا مِنْ
الْجَهْرِيَّةِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قِرَاءَةِ الْمُؤْتَمِّ خَلْفَ الْإِمَامِ سِرًّا وَالْمُنَازَعَةُ إِنَّمَا تَكُونُ مَعَ جَهْرِ الْمُؤْتَمِّ لَا مَعَ إِسْرَارِهِ
وَأَيْضًا لَوْ سُلِّمَ دُخُولُ ذَلِكَ فِي الْمُنَازَعَةِ لَكَانَ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ الَّذِي لِلْإِنْكَارِ عَامًّا لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ أَوْ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِهِ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ خَاصًّا وَمُقَيَّدًا وَبِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَاجِبٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ كَذَا فِي النَّيْلِ
قُلْتُ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ جُمْلَةَ فَانْتَهَى النَّاسُ إِلَخْ لَيْسَتْ مِنَ الْحَدِيثِ
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ عَلَى التِّرْمِذِيِّ تَحْسِينَهُ وَاتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ لأن بن أكيمة مجهول كذا قال علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ قَالَ مَيْرَكُ نقلا عن بن الْمُلَقَّنِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ والأربعة وقال الترمذي حسن وصححه بن حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْحُمَيْدِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ انْتَهَى
وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ النَّوَوِيِّ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ صَحِيحٍ
قُلْتُ لَكِنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى ضَعْفِهِ وَلَوْ سَلِمَ صِحَّتُهُ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ كَمَا تَقَدَّمَ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ القران
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعلكم تقرأون وَالْإِمَام يَقْرَأ قَالُوا إِنَّا لَنَفْعَل قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا أَنْ يَقْرَأ أَحَدكُمْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب رَوَاهُ جَمَاعَة عَنْ سُفْيَانَ
قَالَ وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَأَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كُلّهمْ ثِقَة فَتَرْك ذِكْر أَسْمَائِهِمْ فِي الْإِسْنَاد لَا يَضُرّ إِذَا لَمْ يُعَارِضهُ مَا هُوَ أَصَحّ مِنْهُ وَلَكِنْ لِهَذَا الْحَدِيث عِلَّة وَهِيَ أَنَّ أَيُّوبَ خَالَفَ فِيهِ خَالِدًا وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَارِيخ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُؤَمِّلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
وَأَمَّا حَدِيث جَابِرٍ يَرْفَعهُ مَنْ كَانَ لَهُ إِمَام فَقِرَاءَة الْإِمَام لَهُ فَقِرَاءَة فَلَهُ عِلَّتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيَّ وبن عُيَيْنَةَ وَأَبَا عَوَانَةَ وَجَمَاعَة مِنْ الْحُفَّاظ رَوَوْهُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ مُرْسَلًا وَالْعِلَّة الثَّانِيَة أَنَّهُ لَا يَصِحّ رَفْعه وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف وَقْفه قَالَ الْحَاكِم سَمِعْت سَلَمَة بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُول سَأَلْت أَبَا مُوسَى الرَّازِيَّ الْحَافِظَ عَنْ الْحَدِيث الْمَرْوِيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من كَانَ لَهُ إِمَام فَقِرَاءَة الْإِمَام لَهُ قِرَاءَة فَقَالَ لَمْ يَصِحّ فِيهِ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَيْء إِنَّمَا اِعْتَمَدَ مَشَايِخنَا فيه على الروايات عن علي وبن مَسْعُودٍ وَالصَّحَابَة قَالَ الْحَاكِمُ أَعْجَبَنِي هَذَا لَمَّا سَمِعْته فَإِنَّ أَبَا مُوسَى أَحْفَظ مَنْ رَأَيْنَا مِنْ أَصْحَاب الرَّأْي تَحْت أَدِيمِ السَّمَاءِ وَقَدْ رفعه جابر الجعفي وليث بن أبي سلم عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَتَابَعَهُمَا مَنْ هُوَ أَضْعَف مِنْهُمَا أَوْ مِثْلهمَا
فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ فَقَالَ لَهُ حَامِلُ الْحَدِيثِ إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ
قَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ
وَرَوَى أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُنَادِيَ أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
انتهى
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن ماجه وقال الترمذي هذا حديث حسن وبن أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيُّ اسْمُهُ عُمَارَةُ وَيُقَالُ عَمْرُو بْنُ أُكَيْمَةَ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ اسْمَهُ عَامِرٌ وَقِيلَ عَمَّارٌ وَيُقَالُ يَزِيدُ وَقِيلَ عَبَّادُ وَأَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو الْوَلِيدِ (عَلَى مَعْنَى مَالِكٍ) أَيْ عَلَى مَعْنَى حَدِيثِهِ لَا عَلَى لَفْظِهِ
[827]
(عَنِ الزُّهْرِيِّ) مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ (قَالَ) أَيِ الزُّهْرِيُّ (سَمِعْتُ بن أُكَيْمَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ مُصَغَّرُ أَكَمَةَ
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَحِيحُ الْحَدِيثِ وَفِي التَّقْرِيبِ وَشَرْحِ الزُّرْقَانِيِّ عَلَى الْمُوَطَّإِ ثِقَةٌ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ في المعرفة هذا حديث تفرد به بن أُكَيْمَةَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ رَآهُ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِهِ فَقِيلَ عُمَارَةُ وَقِيلَ عَمَّارٌ
قَالَهُ الْبُخَارِيُّ انْتَهَى (يُحَدِّثُ) أي بن أُكَيْمَةَ (سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ) مَفْعُولُ يُحَدِّثُ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ حَالٌ أَيْ يَقُولُ الزُّهْرِيُّ إِنِّي سَمِعْتُ بن أكيمة حال كون بن أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ بِهَذَا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ (قَالَ) بن أُكَيْمَةَ (سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ) وَفِي الْمُوَطَّأِ مَالِكٌ عن بن شهاب عن بن أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى الحديث المتقدم (قال أبو داود قَالَ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ قَالَ مَعْمَرٌ إِلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَعْمَرًا قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَمَعْمَرٌ تَارَةً قَوْلُهُ فَانْتَهَى إِلَخْ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ كَسُفْيَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ فَيَجْعَلَانِهِ مِنْ كلام الزهري
[828]
(عن زرارة) بضم الزاي المعجمة هو بن أَوْفَى الْحَرَشِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ شِينٌ مُعْجَمَةٌ أَبُو حَاجِبٍ الْبَصْرِيُّ قَاضِيهَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْهُ قَتَادَةُ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَأَيُّوبُ وَعَوْفُ بْنُ أبي جميلة وثقه النسائي وبن سَعْدٍ (فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَرَأَ) أَيْ جَهْرًا (قَالُوا) أَيِ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا) أَيْ نَازَعَنِيهَا وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ فِي جَهْرِهِ أَوْ رَفْعِ صَوْتِهِ بِحَيْثُ أَسْمَعَ غَيْرَهُ لَا عَنْ أصل القراءة بل فيه أنهم كانوا يقرؤون بِالسُّورَةِ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ وَفِيهِ إِثْبَاتُ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الظُّهْرِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَنَا وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ السُّورَةَ في السِّرِّيَّةِ كما لا يقرأها فِي الْجَهْرِيَّةِ وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ فِي الْجَهْرِيَّةِ يُؤْمَرُ بِالْإِنْصَاتِ وَهُنَا لَا يَسْمَعُ فَلَا مَعْنَى لِسُكُوتِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِمَاعٍ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا عَنِ الْإِمَامِ لَا يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ
فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقْرَأُ السُّورَةَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى
وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْمَنْعُ مِنْ قِرَاءَةٍ مَا عَدَا الْفَاتِحَةَ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَسْمَعَ الْمُؤْتَمُّ الْإِمَامَ أَوْ لَا يَسْمَعُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فلا تقرأوا بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ
إِذَا جَهَرْتُ يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ مُجَرَّدِ وُقُوعِ الْجَهْرِ مِنَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ مَا يُشْعِرُ بِاعْتِبَارِ السَّمَاعِ كَذَا فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ (قَالَ شُعْبَةُ فقلت لقتادة أليس
قول سعيد) بن الْمُسَيَّبِ (أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ) وَلَا تَقْرَأْ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ
فَالْإِنْصَاتُ لِلْقُرْآنِ عَلَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَشْتَمِلُ لِلصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَالسِّرِّيَّةِ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ أَنَّ الرَّجُلَ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فَفِي الظَّاهِرِ قَوْلُ سَعِيدٍ يُخَالِفُ حَدِيثَ عِمْرَانَ
هَذَا مَعْنَى قَوْلِ شُعْبَةَ (قَالَ) قَتَادَةُ مُجِيبًا لِقَوْلِ شُعْبَةَ (ذَاكَ) أَيْ قَوْلُ سَعِيدٍ أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ (إِذَا جَهَرَ) الْإِمَامُ (بِهِ) أَيْ بِالْقُرْآنِ أَيْ مُرَادُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بِهَذَا الْقَوْلِ الْإِنْصَاتُ لِلْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَقْتَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ دُونَ فِيمَا يُخَافِتُ (وقال بن كَثِيرٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ) شُعْبَةُ (قُلْتُ لِقَتَادَةَ كَأَنَّهُ) أَيِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (كَرِهَهُ) أَيْ كَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قِرَاءَةَ الرَّجُلِ خَلْفَهُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (قَالَ) قَتَادَةُ (لَوْ كَرِهَهُ) أَيْ كَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ (نَهَى) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (عَنْهُ) عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَيِ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَنْهَ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَفِي سُؤَالِ شُعْبَةَ وَجَوَابِ قَتَادَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ تَكْذِيبُ مَنْ قَلَبَ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَتَى فِيهِ بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ الثِّقَاتُ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ
انْتَهَى
[829]
(فَلَمَّا انْفَتَلَ) أَيْ فَرَغَ وَانْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ (فَقَالَ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ أَيْ جَاذَبَنِيهَا وَالْخَلْجُ الْجَذْبُ وَهَذَا وَقَوْلُهُ نَازَعَنِيهَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ
وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ مُجَاذَبَتَهُ إِيَّاهُ فِي قِرَاءَةِ السُّورَةِ حِينَ تَدَاخَلَتِ الْقِرَاءَتَانِ وَتَجَاذَبَتَا فَأَمَّا قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ إِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي السَّكْتَةِ فَعَلَ وَإِلَّا قَرَأَ مَعَهُ لَا مَحَالَةَ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ آخرين أنهم كانوا لا يقرؤون
وَافْتَرَقَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلٍ فَكَانَ مَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ يَقُولُونَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ بِهِ وَفِيمَا لَمْ يَجْهَرْ بِهِ مِنَ الصلاة
وقال الزهري ومالك وبن الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ بِهِ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ جَهَرَ أَوْ أَسَرَّ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ مُرْسَلًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ انتهى