الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَقُولُ مَابُوسُ) أَيْ بِالْمُوَحَّدَةِ (وَأَمَّا حِفْظِي فَمَانُوسُ) أَيِ النُّونُ بِالنُّونِ (قَالَ أَحْمَدُ إِلَخْ) فِي روايته بالعنعنة في الموضعين وأما بن رافع فصرح بالسماع فيهما
(باب الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ)
[893]
(وَنَحْنُ سجود) جمع سَاجِدٍ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (فَاسْجُدُوا) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ السُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ لِمَنْ أَدْرَكَهُ سَاجِدًا (وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ لَا تَحْسِبُوهُ شَيْئًا وَالْمَعْنَى وَافِقُوهُ فِي السُّجُودِ وَلَا تَجْعَلُوا ذَلِكَ رَكْعَةً (وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) قِيلَ المراد به ها هنا الرُّكُوعُ فَيَكُونُ مُدْرِكُ الْإِمَامِ رَاكِعًا مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ حَقِيقَةٌ لِجَمِيعِهَا وَإِطْلَاقُهَا عَلَى الرُّكُوعِ وَمَا بَعْدَهُ مَجَازٌ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا لِقَرِينَةٍ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِلَفْظِ فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ فَسَجَدْتَهُ فَإِنَّ وُقُوعَ الرَّكْعَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَامِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أن المراد بها الركوع وها هنا لَيْسَتْ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ عَنْ حَقِيقَةِ الرَّكْعَةِ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُدْرِكَ الْإِمَامِ رَاكِعًا مُدْرِكٌ لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا دَخَلَ مَعَهُ وَاعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنَ الْقِرَاءَةِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَكَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ عَنْ كُلِّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ خلف الإمام واختاره بن خُزَيْمَةَ وَالضُّبَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَرَجَّحَهُ الْمَقْبِلِيُّ قَالَ وَقَدْ بَحَثْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَحَطْتُهَا فِي جَمِيعِ بَحْثِي فِقْهًا وَحَدِيثًا فَلَمْ أَحْصُلْ مِنْهَا عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْتُ يَعْنِي مِنْ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ فَقَطْ
وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ الْبَابِ لَكِنِ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِرَادَةِ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ وَقَدْ عرفت ما فيه وبحديث أبي بكرة حَيْثُ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ مَخَافَةَ أَنْ تَفُوتَهُ الركعة فقال زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِعَادَةِ الرَّكْعَةِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا أَنَّهُ اعْتَدَّ بِهَا وَالدُّعَاءُ لَهُ بِالْحِرْصِ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاعْتِدَادَ بِهَا لِأَنَّ الْكَوْنَ مَعَ الْإِمَامِ مَأْمُورٌ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي يُدْرِكُهُ الْمُؤْتَمُّ مُعْتَدًّا بِهِ أَمْ لَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سجود فاسجدوا ولا تعددوها شيئا على أن النبي قد نهى أبا بكرة عَنِ الْعَوْدِ إِلَى ذَلِكَ وَالِاحْتِجَاجُ بِشَيْءٍ قَدْ نهي عنه لا يصح
وقد أجاب بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى عَنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ ليس فيه اجتراء بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ
انْتَهَى
وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ أدرك المركوع مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فِي صَلَاتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلْيُضِفْ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ يَاسِينُ بْنُ مُعَاذٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ فَلَا يَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ
وَاسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ بِحَدِيثِ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ أمر رسول الله بِإِتْمَامِ مَا فَاتَهُ وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَإِنَّهُ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ فِيهِ وَهُمَا فَرْضَانِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إِتْمَامِهِمَا وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أبي هريرة أنه قَالَ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَلْيَرْكَعْ مَعَهُ وَلْيُعِدِ الرَّكْعَةَ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ رُكُوعًا لَمْ تَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ
قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا وَأَمَّا الْمَرْفُوعُ فَلَا أَصْلَ لَهُ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قَدْ عَرَفْتَ مِمَّا سَلَفَ وُجُوبَ الْفَاتِحَةِ عَلَى كُلِّ إِمَامٍ وَمَأْمُومٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَعَرَّفْنَاكَ أَنَّ تِلْكَ الْأَدِلَّةَ صَالِحَةٌ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا تَصِحُّ صَلَاةٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ أَوْ رَكْعَةٌ مِنَ الرَّكَعَاتِ بِدُونِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى إِقَامَةِ بُرْهَانٍ يُخَصِّصُ تِلْكَ الأدلة ومن ها هنا يَتَبَيَّنُ لَكَ ضَعْفُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا دَخَلَ مَعَهُ وَاعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ بَيَّنَ دَلَائِلِ الْفَرِيقَيْنِ وَرَجَّحَ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَالَ قَدْ أَلَّفَ السَّيِّدُ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَمِيرُ رِسَالَةً فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَرَجَّحَ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ وَقَدْ كَتَبْتُ أَبْحَاثًا فِي الْجَوَابِ عَلَيْهَا
انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ فِي النَّيْلِ مُلَخَّصًا مُحَرَّرًا
قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَدِينِيُّ
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ
الْقِرَاءَةِ وَيَحْيَى هَذَا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ رَوَى عَنْهُ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْبَصْرِيُّ مَنَاكِيرَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ سَمَاعُهُ من زيد ولا من بن الْمَقْبُرِيِّ وَلَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ
انْتَهَى
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا بن أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي عَتَّابٍ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ هَذَا وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ انْتَهَى
وَفِي الْمِيزَانِ وَالتَّهْذِيبِ يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ رَوَى عَنِ الْمَقْبُرِيِّ وَعَطَاءٍ وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَأَبُو الْوَلِيدٍ
قَالَ أَبُو حاتم يكتب حديثه وليس بالقوي وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَوَثَّقَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ
انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَيْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ سَنَدًا وَمَتْنًا وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهَذَا لَفْظُهُ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سِوَارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ قالا حدثنا بن وهب ح
وحدثنا أبو طالب أخبرنا بن رشدين حدثنا حرملة حدثنا بن وَهْبٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قُرَّةَ بن عبد الرحمن عن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسول الله قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ
قَالَ في التعليق المغني عَلَى سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ الْحَدِيثُ فِيهِ يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وَأَمَّا قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الشَّوَاهِدِ وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا وَقَالَ يَحْيَى ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِقَوِيٍّ
انْتَهَى
وَرَجَّحَ الْإِمَامُ أَبوْ عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَذْهَبَ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ فَقَطْ وَحَقَّقَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِهِ جُزْءِ الْقِرَاءَةِ مَا مُلَخَّصُهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَتَوَاتَرَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يقول سئل رسول الله أَفِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَجَبَتْ هَذِهِ
وَأَمَّا حَدِيثُ مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ فَهَذَا خَبَرٌ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ لِإِرْسَالِهِ وانقطاعه رواه بن شَدَّادٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ
صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنِ النبي وَلَا يَدْرِي أَسَمِعَ جَابِرٌ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
وَذُكِرَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عمرو صلى النبي صَلَاةَ الْفَجْرِ فَقَرَأَ رَجُلٌ خَلْفَهُ فَقَالَ لَا يَقْرَأَنَّ أَحَدُكُمْ وَالْإِمَامُ يَقْرَأُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَوْ ثَبَتَ الْخَبَرَانِ كِلَاهُمَا لَكَانَ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنَ الْأَوَّلِ لِقَوْلِهِ لَا يَقْرَأَنَّ إِلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ الله مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ
قَالَ الْبُخَارِيُّ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فَقَالَ إِذَا أَدْرَكَ الرُّكُوعَ جَازَتْ فَكَمَا أَجَازَتْهُ فِي الرَّكْعَةِ كَذَلِكَ يُجْزِيهِ فِي الرَّكَعَاتِ قيل إنما أجاز زيد بن ثابت وبن عَمْرٍو الَّذِينَ لَمْ يَرَوُا الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ
فَأَمَّا مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ فَقَدْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يُدْرِكَ الْإِمَامَ
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَعَائِشَةُ لَا يَرْكَعُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا لَكَانَ هَذَا الْمُدْرِكُ لِلرُّكُوعِ مُسْتَثْنًى مِنَ الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا إِجْمَاعَ فِيهِ
قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ كُلَّ مَأْمُومٍ يَقْضِي فَرْضَ نَفْسِهِ وَالْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ عِنْدَهُمْ فَرْضٌ فَلَا يَسْقُطُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ عَنِ الْمَأْمُومِ وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فَلَا يَزُولُ فَرْضٌ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ
وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ وَأَنَسٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النبي إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا فَمَنْ فَاتَهُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ وَالْقِيَامِ فعليه إتمامه كما أمر النبي
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أبيه أن النبي قَالَ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حميد عن أنس عن النبي فَلْيُصَلِّ مَا أَدْرَكَ وَلْيَقْضِ مَا سَبَقَهُ وَفِي لَفْظٍ لَهُ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أَبِي هريرة هذا نحو سبعة عشر طرقا بِلَفْظِ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَبِلَفْظِ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا وَبِلَفْظِ صَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ وَاقْضُوا مَا سُبِقْتُمْ
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا أَجَازَ إدراك الركوع من أصحاب النبي الَّذِينَ لَمْ يَرَوُا الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْهُمُ بن مسعود وزيد بن ثابت وبن عُمَرَ
فَأَمَّا مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ وَقَالَ لَا تَعْتَدَّ بِهَا حَتَّى تُدْرِكَ الإمام قائما
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمَعْقِلُ بْنُ مَالِكٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَا يُجْزِئُكَ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْإِمَامَ قَائِمًا وَفِي لَفْظٍ لَهُ قَالَ إِذَا أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ رُكُوعًا لَمْ تَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَفِي لفظ لَهُ لَا يُجْزِئُكَ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْإِمَامَ قَائِمًا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ لَا يَرْكَعُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ ذَلِكَ
وَأَمَّا حَدِيثُ هَمَّامٍ عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النبي وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصف فذكر ذلك للنبي فَقَالَ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ فلما قضى رسول الله الصَّلَاةَ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا النَّفَسِ قَالَ نَعَمْ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ خَشِيتُ أَنْ تَفُوتَنِي رَكْعَةٌ مَعَكَ فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ فَقَالَ رسول الله زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ صَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يعود لما نهى النبي وَلَيْسَ فِي جَوَابِهِ أَنَّهُ اعْتَدَّ بِالرُّكُوعِ عَنِ الْقِيَامِ وَالْقِيَامُ فَرْضٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
قَالَ الله تعالى وقوموا لله قانتين وقال إذا قمتم إلى الصلاة وقال النبي صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا
قَالَ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أبي عتاب وبن الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِذَا جِئْتُمْ إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شَيْئًا وَيَحْيَى هَذَا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ رَوَى عَنْهُ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْبَصْرِيُّ مَنَاكِيرَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ سَمَاعُهُ من زيد ولا من بن المقبري ولا يقوم به الحجة
وزاد بن وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ قُرَّةَ عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ وَأَمَّا يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ فَمَجْهُولٌ
لَا يُعْتَمَدُ عَلَى حَدِيثِهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِصِحَّةِ خَبَرِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ هُوَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ الْإِمَامُ
حَدَّثَنَا يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أبي هريرة أن رسول الله قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَوْرَدَ رِوَايَةَ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ مِثْلَهُ
وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا فِي حَدِيثِهِ ثَمَانِيَةُ أَنْفُسٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَيَحْيَى بن سعيد وبن الهاد ويونس ومعمر وبن عيينة وشعيب وبن جُرَيْجٍ
وَكَذَلِكَ قَالَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أبي هريرة عن النبي
وَقَدِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ فِي رِوَايَتِهِمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَلَى لَفْظِ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَتَابَعَ عِرَاكٌ أَبَا سَلَمَةَ وَهُوَ خَبَرٌ مُسْتَفِيضٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَغَيْرِهَا وَمَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مِثْلَ مَا قَالَ يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ بَلْ قَوْلُهُ قَبْلَ
أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا وَجْهَ لِزِيَادَتِهِ
ثُمَّ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَحَادِيثَ هَؤُلَاءِ الرُّوَاةِ الثَّمَانِيَةِ وَكَذَا حَدِيثُ عِرَاكِ بْنِ مالك
ثم قال البخاري قال النبي مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَقُلْ مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ أَوِ السُّجُودَ أَوِ التَّشَهُّدَ
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ بن عَبَّاسٍ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَاةَ الخوف ركعة وقال بن عباس صلى النبي فِي الْخَوْفِ بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً فَالَّذِي يُدْرِكُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مِنْ صَلَاةٍ لَا يَقْرَأُ فيها بفاتحة الكتاب فهي خِدَاجٌ وَلَمْ يَخُصَّ صَلَاةً دُونَ صَلَاةٍ
وَالَّذِي يعتمد على قول رسول الله وَهُوَ أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا فَسَّرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ لَا يَرْكَعَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ
انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا مُحَرَّرًا مُلْتَقَطًا مِنْ مَوَاضِعَ شَتَّى مِنْ كِتَابِهِ
وَفِي كَنْزِ الْعُمَّالِ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْقِرَاءَةِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قال قال رسول الله لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي فِيهِ صَحِيحَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ
انْتَهَى كَلَامُهُ
فَهَذَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ أَحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ وَوَاحِدٌ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ قَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مُدْرِكًا لِلرُّكُوعِ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ حَتَّى يَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بَلْ حَكَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الْمَذْهَبَ عَنْ كُلِّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ تَحْتَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا واستدل بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ لِلْأَمْرِ بِإِتْمَامِ مَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَالْقِرَاءَةُ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ بَلْ حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ عَنْ كُلِّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وجوب القراءة خلف الإمام واختاره بن خُزَيْمَةَ وَالضُّبَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ انْتَهَى
قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنْ شَيْخِهِ السُّبْكِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ مَنْ لَا يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ مَا لَفْظُهُ وَهُوَ الَّذِي يَخْتَارُهُ وَقَالَ بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى لَا بُدَّ فِي الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ مِنْ إِدْرَاكِ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ بِحَدِيثِ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ فَوْتِ الرَّكْعَةِ وَالرُّكْنِ وَالذِّكْرِ الْمَفْرُوضِ لِأَنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِ
قَالَ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَإِتْمَامِهِ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَصٍّ آخَرَ وَلَا سَبِيلَ
إلى وجوده
قال وقدم أَقْدَمَ بَعْضُهُمْ عَلَى دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ حَتَّى يَقْرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ
ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ يُكَبِّرُ قَائِمًا ثُمَّ يَرْكَعُ فَقَدْ صَارَ مُدْرِكًا لِلْوَقْعَةِ قُلْنَا وَهَذِهِ مَعْصِيَةٌ أُخْرَى وَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ وَلَا رَسُولُهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ الْحَالِ الَّتِي يَجِدُ الْإِمَامَ عَلَيْهَا وَأَيْضًا لَا يُجْزِئُ قَضَاءُ شَيْءٍ يَسْبِقُ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ
وَقَالَ أَيْضًا فِي الْجَوَابِ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِحَدِيثِ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ قَضَاءُ مَا لَمْ يُدْرِكْ مِنَ الصَّلَاةِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ رُكُوعًا لَمْ تَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مَوْقُوفٌ وَأَمَّا الْمَرْفُوعُ فَلَا أَصْلَ لَهُ وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا للامام أن أبا عاصم العبادي عن بن خُزَيْمَةَ أَنَّهُ احْتَجَّ بِذَلِكَ
انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِجْمَاعَ وَالْمُخَالِفُ مِثْلُ هَؤُلَاءِ انْتَهَى
وَهَذَا أَيْ بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ هُوَ قَوْلُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ السَّيِّدِ مُحَمَّدِ نَذِيرِ حُسَيْنٍ الدِّهْلَوِيِّ مَتَّعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِطُولِ بَقَائِهِ
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّ مُدْرِكَ الرُّكُوعِ مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
قَالَ حَافِظُ الْمَغْرِبِ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ شَرْحِ الْمُوَطَّأِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَرَكَعَ وَأَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ فَقَدْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ فَقَدْ فَاتَتْهُ السَّجْدَةُ أَيْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا
هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ علي وبن مسعود وزيد وبن عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ فِي التَّمْهِيدِ
انْتَهَى كَلَامُهُ
وَلِلْجُمْهُورِ دَلَائِلُ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مالك في الموطإ أنه بلغه أن بن عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَا يَقُولَانِ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ السَّجْدَةَ وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا بَلَاغًا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ السَّجْدَةَ وَمَنْ فَاتَهُ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فَقَدْ فَاتَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا فَاتَتْكَ الرَّكْعَةُ فَاتَتْكَ السجدة ومنها ما ذكره بن عبد البر عن علي وبن مسعود وزيد بن ثابت وبن عُمَرَ بِأَسَانِيدِهِ إِلَيْهِمْ فِي التَّمْهِيدِ شَرْحِ الْمُوَطَّأِ ومنها ماقاله الحافظ في التلخيص راجعت صحيح بن خزيمة فوجدته
أَخْرَجَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ وَتَرْجَمَ لَهُ ذِكْرَ الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَأْمُومُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ إِذَا رَكَعَ إِمَامُهُ قَبْلُ وَهَذَا مُغَايِرٌ لِمَا نَقَلُوهُ عَنْهُ
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَرْجَمَ بَعْدَ ذَلِكَ بَابَ إِدْرَاكِ الْإِمَامِ سَاجِدًا وَالْأَمْرِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي السُّجُودِ وَأَنْ لَا يُعْتَدَّ بِهِ إِذِ الْمُدْرِكُ لِلسَّجْدَةِ إِنَّمَا يَكُونُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ قَبْلَهَا
وَأَخْرَجَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا مَرْفُوعًا إِذَا جِئْتُمْ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ نَحْوَهُ عَنْ مُعَاذٍ وَهُوَ مُرْسَلُ انْتَهَى
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي بَابِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ وَقَدْ رُوِيَ عن جماعة من أصحاب رسول الله أَنَّهُمْ رَكَعُوا دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَوْا إِلَى الصَّفِّ وَاعْتَدُّوا بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي رَكَعُوهَا دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ دَخَلْتُ المسجد أنا وبن مَسْعُودٍ فَأَدْرَكْنَا الْإِمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعْنَا ثُمَّ مَشَيْنَا حَتَّى اسْتَوَيْنَا بِالصَّفِّ فَلَمَّا قَضَى الْإِمَامُ الصَّلَاةَ قُمْتُ لِأَقْضِيَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ
وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ سَيَّارٍ أَبِي الحكم عن طارق قال كنا مع بن مَسْعُودٍ فَقَامَ وَقُمْنَا فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى النَّاسَ رُكُوعًا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ فَرَكَعَ وَمَشَى وَفَعَلْنَا مِثْلَ مَا فَعَلَ
وَأَخْرَجَ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ رُكُوعٌ فَمَشَى حَتَّى إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ وَهُوَ رَاكِعٌ كَبَّرَ فَرَكَعَ ثُمَّ دَبَّ وَهُوَ رَاكِعٌ حَتَّى وَصَلَ الصَّفَّ
وَأَخْرَجَ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَرْكَعُ عَلَى عَتَبَةِ الْمَسْجِدِ وَوَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ يَمْشِي معترضا على شقة الأيمن ثم يعتد بهاإن وَصَلَ إِلَى الصَّفِّ أَوْ لَمْ يَصِلْ
انْتَهَى
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بَابُ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَرَكَعَ ثُمَّ دَبَّ رَاكِعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا نَقُولُ وَقَدْ فَعَلَ هَذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ثُمَّ سَاقَ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبَى أُمَامَةَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ رُوِّينَا فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثُ أَبِي بكرة أنه دخل المسجد والنبي رَاكِعٌ فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى إِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بإدراك الركوع وقد روي صريحا عن بن مسعود وزيد بن ثابت وبن عمر وفي خبر مرسل عن النبي وَفِي خَبَرٍ مَوْصُولٍ عَنْهُ غَيْرِ قَوِيٍّ
أَمَّا الْمُرْسَلُ فَرَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ رجل عن النبي وَأَمَّا الْمَوْصُولُ فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الْحَدِيثَ وَتَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ
انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا
وَفِي كَنْزِ الْعُمَّالِ فِي سُنَنِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ أخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ عن النبي أَنَّهُ سَمِعَ خَفْقَ نَعْلِي وَهُوَ سَاجِدٌ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ مَنْ هَذَا الَّذِي سَمِعْتُ خَفْقَ نَعْلِهِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَا صَنَعْتَ قَالَ وَجَدْتُكَ سَاجِدًا فَسَجَدْتُ فَقَالَ هَكَذَا فَاصْنَعُوا وَلَا تَعْتَدُّوا بِهَا مَنْ وَجَدَنِي رَاكِعًا أَوْ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا فَلْيَكُنْ مَعِي عَلَى حَالَتِي الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ زَيْدَ بن ثابت وبن عُمَرَ كَانَا يُفْتِيَانِ الرَّجُلَ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْقَوْمِ وَهُمْ رُكُوعٌ أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً وَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ قَالَا وَإِنْ وَجَدَهُمْ سُجُودًا سَجَدَ مَعَهُمْ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِذَلِكَ وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ بن مَسْعُودٍ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَمَنْ فَاتَهُ الرُّكُوعُ فَلَا يَعْتَدَّ بِالسُّجُودِ انْتَهَى
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ تَحْتَ حَدِيثِ وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا اسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ لِلْأَمْرِ بِإِتْمَامِ مَا فَاتَهُ وَقَدْ فَاتَهُ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ فِيهِ وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ بن خُزَيْمَةَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَكُونُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ حَيْثُ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِعَادَةِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله لَا تُبَادِرُونِي بِرُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ فَإِنَّهُ مَهْمَا أَسْبِقُكُمْ بِهِ إِذَا رَكَعْتُ تُدْرِكُونِي بِهِ إِذَا رَفَعْتُ وَإِنِّي قَدْ بَدَنْتُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ إِذَا لَحِقَ الْإِمَامَ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ فَلَوْ شَرَعَ مَعَهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ يَصِيرُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فَإِذَا شَرَعَ وَقَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَوْ رَكَعَ الْمُقْتَدِي قَبْلَ الْإِمَامِ فَلَحِقَهُ الْإِمَامُ قَبْلِ قِيَامِهِ يَجُوزُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ رحمه الله
انْتَهَى كَلَامُ الْعَيْنِيِّ
وَأَنْتَ رَأَيْتَ كَلَامَ الْعَلَّامَةِ الشَّوْكَانِيِّ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ أَنَّهُ رَجَّحَ مَذْهَبَ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ اعْتِدَادِ الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ وَأَجَابَ عَنْ أَدِلَّةِ الْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ فِي الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ وَحَقَّقَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْكَانِيُّ فِي الْفَتْحِ الرَّبَّانِيِّ فِي فَتَاوَى الشَّوْكَانِيِّ خِلَافَ ذَلِكَ وَرَجَّحَ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَلْخِيصٍ وَلَا اخْتِصَارٍ مَا قَوْلُ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ رضي الله عنهم فِي قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ هَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَحِقَ إِمَامَهُ فِي الرُّكُوعِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَهُ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ مَفْهُومُ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَفِي رِوَايَةٍ فَاقْضُوهَا وَكَمَا وَافَقَهُ زِيَادَةُ الطَّبَرَانِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ بَعْدَ قَوْلِ النبي لَهُ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ زَادَ الطبراني
صَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ انْتَهَى
وكما في مصنف بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ لَا أَجِدُهُ عَلَى حَالَةٍ إِلَّا كُنْتُ عَلَيْهَا وَقَضَيْتُ مَا سَبَقَنِي فَوَجَدَهُ قد سبقه يعني النبي بِبَعْضِ الصَّلَاةِ أَوْ قَالَ بِبَعْضِ رَكْعَةٍ فَوَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ السَّلَامِ فقال إِنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا أَوْ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ قراءة الفاتحة بمقتضى ما أخرجه بن خزيمة في صحيحه أن رسول الله قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَتَرْجَمَ لَهُ بن خُزَيْمَةَ بَابَ ذِكْرِ الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَأْمُومُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ وَلِمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ وإن كان الحافظ بن حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَالَ طُرُقُهُ كُلُّهَا ضعاف عند جميع الحفاظ وقال بن تَيْمِيَةَ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ طُرُقٍ كُلِّهَا ضِعَافٌ والصحيح أنه مرسل وقد قواه بن الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِكَثْرَةِ طُرُقِهِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ صَالِحُ الْمَقْبِلِيُّ فِي الْأَبْحَاثِ الْمُسَدَّدَةِ بَحْثًا زَادَ السَّائِلَ تَرَدُّدًا فَأفْضُلُوا بِمَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْخَاطِرُ جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ
الْجَوَابُ لِبَقِيَّةِ الْحُفَّاظِ الْقَاضِي الْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ قَدْ تَقَرَّرَ بِالْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ إِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ أَمَّا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِمَا صَحَّ مِنْ طُرُقٍ مِنْ نَهْيهِ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا ولما ورد في حديث المسىء صلاته من قوله ثُمَّ كَذَلِكَ فِي كُلِّ رَكَعَاتِكَ فَافْعَلْ بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهُ الْقِرَاءَةَ لِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْمُصَرِّحَةَ بِأَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا أَنَّهَا تَكْفِي الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فَقَدْ دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ عَلَى وُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ دَلَالَةً وَاضِحَةً ظَاهِرَةً بَيِّنَةً
إِذَا تَقَرَّرَ لَكَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ عَلَى حَالِهِ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْإِمَامُ فَمَنْ وَصَلَ وَالْإِمَامُ فِي آخِرِ الْقِيَامِ فَلْيَدْخُلْ مَعَهُ فَإِذَا رَكَعَ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ فَقَدْ وَرَدَ الأمر بمتابعة لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا كَمَا فِي حديث إنما جعل الإمام ليأتم بِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فَلَوْ تَوَقَّفَ الْمُؤْتَمُّ عَنِ الرُّكُوعِ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَأَخَذَ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لَكَانَ مُخَالِفًا لِهَذَا الْأَمْرِ فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَتَقَرَّرَ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ وَيَرْكَعُ بِرُكُوعِهِ ثُمَّ ثَبَتَ بِحَدِيثِ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا أَنَّ هَذَا الدَّاخِلَ مَعَ الْإِمَامِ الَّذِي لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ قَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ بِمُجَرَّدِ إِدْرَاكِهِ لَهُ رَاكِعًا
فَعَرَفْتَ بِهَذَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحَالَةِ مُخَصَّصَةٌ مِنْ عُمُومِ إِيجَابِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِمَا قِيلَ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيَلْحَقُ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَأَنَّ الْمُرَادَ الْإِدْرَاكُ الْكَامِلُ وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ إِدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ
فَإِنَّ هَذَا يُؤَدِّي إِلَى إِهْمَالِ حَدِيثِ إِدْرَاكِ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ بَلْ صَرِيحَهُ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ إِذَا وَصَلَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ وَكَبَّرَ وَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ فَقَدْ صَارَ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ فَهَذَا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ مَنْ عَرَضَتْ لَهُ الشُّكُوكُ لِأَنَّهُ إِذَا وَصَلَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ أَوْ فِي آخِرِ الْقِيَامِ ثُمَّ أَخَذَ يَقْرَأُ وَيُرِيدُ أَنْ يَلْحَقَ الْإِمَامَ الَّذِي قَدْ صَارَ رَاكِعًا فَقَدْ حَاوَلَ مَا لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي غَالِبِ الْحَالَاتِ فَمِنْ هَذِهِ الْحَيْثَيَّةِ مُهْمِلًا لِحَدِيثِ إِدْرَاكِ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ
الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ صَارَ مُخَالِفًا لِأَحَادِيثِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَإِيجَابِ الرُّكُوعِ بِرُكُوعِهِ وَالِاعْتِدَالِ بِاعْتِدَالِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ وَصَلَ حَالَ رُكُوعِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَ رُكُوعِهِ ثُمَّ أَخَذَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ مِنْ أَوَّلهَا إِلَى آخِرِهَا وَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِمَامِهِ لَمْ يَرْكَعْ بِرُكُوعِهِ وَقَدْ يَفُوتُهُ أَنْ يَعْتَدِلَ بِاعْتِدَالِهِ وَامْتِثَالُ الْأَمْرِ بِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبٌ وَمُخَالَفَتُهُ حَرَامٌ
الْأَمْرُ الثَّالِثُ أَنَّ قوله من أدرك الإمام على حاله فليصنع كما يَصْنَعُ الْإِمَامُ يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ الْكَوْنِ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي أَدْرَكَهُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ يَصْنَعُ مِثْلَ صُنْعِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ إِلَّا إِذَا رَكَعَ بِرُكُوعِهِ وَاعْتَدَلَ بِاعْتِدَالِهِ فَإِذَا أَخَذَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ عَلَى حَالَةٍ وَلَمْ يَصْنَعْ كَمَا صَنَعَ إِمَامُهُ فَخَالَفَ الْأَمْرَ الَّذِي يَجِبُ امْتِثَالُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ
وَإِذَا اتَّضَحَ لَكَ مَا فِي إِيجَابِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمُؤْتَمِّ الْمُدْرِكِ لِإِمَامِهِ حَالَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ مِنَ الْمَفَاسِدِ الَّتِي حَدَثَتْ بِسَبَبِ وُقُوعِهِ فِي مُخَالَفَةِ ثَلَاثِ سُنَنٍ صِحَاحٍ كَمَا ذَكَرْنَا تَقَرَّرَ لَكَ أَنَّ الْحَقَّ مَا قَدَّمْنَا لَكَ مِنْ أَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ الَّتِي وَقَعَتْ لِلْمُؤْتَمِّ وَهِيَ إِدْرَاكُ إِمَامِهِ مُشَارِفًا لِلرُّكُوعِ أو ركعا أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ مُخَصَّصَةٌ مِنْ أَدِلَّةِ إِيجَابِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا الْحَدِيثُ الْوَارِدُ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ سَاجِدًا فَلْيَسْجُدْ مَعَهُ وَلَا يَعُدُّ ذَلِكَ شَيْئًا فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ لَاحِقًا بِتِلْكَ الثَّلَاثَةِ الْأُمُورِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَيَكُونَ رَابِعًا لَهَا فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَفِي كَوْنِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ وَيَعْتَدُّ بِذَلِكَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ
وَفِي هَذَا الْمِقْدَارِ الَّذِي ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ فَاشْدُدْ بِذَلِكَ وَدَعْ عَنْكَ مَا قَدْ وَقَعَ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ مِنَ الْخَبْطِ وَالْخَلْطِ وَالتَّرَدُّدِ وَالتَّشَكُّكِ وَالْوَسْوَسَةِ
وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ
انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ بِلَفْظِهِ وَحُرُوفِهِ مِنَ الْفَتْحِ الرَّبَّانِيِّ
قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ حُسَيْنُ بْنُ مُحْسِنٍ الْأَنْصَارِيُّ وَقَدْ كَتَبَ فِي هَذِهِ فِي فَتَاوَاهُ أَرْبَعَةَ سُؤَالَاتٍ وَقَدْ أَجَابَ عَنْهَا وَهَذَا آخِرُهَا وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ كَمَا تَرَاهُ وَاسْمُ الْفَتَاوَى الْفَتْحُ الرَّبَّانِيُّ فِي فَتَاوَى الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيِّ سَمَّاهُ بِذَلِكَ وَلَدُهُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُنَا أَحْمَدُ بْنُ