الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ) وَهُوَ سَهْلُ بْنُ الرَّبِيعِ وَقِيلَ سَهْلُ بْنُ عَمْرٍو وَالْحَنْظَلِيَّةُ أُمُّهُ وَقِيلَ أُمُّ جَدِّهِ وَقِيلَ عُرِفَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّ أَبِيهِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ (ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ) أَيْ أُقِيمَتْ (وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ) بِكَسْرِ الشِّينِ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَحَسَّنَهُ الْحَازِمِيُّ
وَأَخْرَجَ الْحَازِمِيُّ فِي الاعتبار عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ مُتَّصِلًا وَأَرْسَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ
قَالَ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى هَذَا وَقَالَ لَا بَأْسَ بِالِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يلو عنه وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ ثُمَّ سَاقَ الْحَازِمِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ بِإِسْنَادِهِ وَجَزَمَ بِعَدَمِ الْمُنَاقَضَةِ بَيْنَ حَدِيثِ الباب وحديث بن عَبَّاسٍ قَالَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الشِّعْبَ كَانَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ وَاسْتُدِلَّ عَلَى نَسْخِ الِالْتِفَاتِ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سِيرِينَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ نَظَرَ هَكَذَا وَهَكَذَا فَلَمَّا نَزَلَ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الذين هم في صلاتهم خاشعون نظر هكذا قال بن شِهَابٍ بِبَصَرِهِ نَحْوَ الْأَرْضِ
قَالَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَلَهُ شَوَاهِدُ وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خاشعون ذَكَرَهُ فِي النَّيْلِ
9 -
(بَاب الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ)
[917]
(وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ) قَالَ الْحَافِظُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ بِالتَّنْوِينِ وَنَصْبِ أُمَامَةَ وَرُوِيَ بِالْإِضَافَةِ كَمَا قُرِئَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أمره بِالْوَجْهَيْنِ وَأُمَامَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ
وَتَخْفِيفِ الْمِيمَيْنِ كَانَتْ صَغِيرَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ بَعْدَ وَفَاةِ فَاطِمَةَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا وَلَمْ تُعْقِبْ (فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا) قَالَ الْحَافِظُ كَذَا لِمَالِكٍ أَيْضًا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طريق الزبيدي وأحمد من طريق بن جريج وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعُمَيْسِ كُلُّهُمْ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخِ مَالِكٍ فَقَالُوا إِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا وَلِأَبِي دَاوُدَ يَعْنِي الْمُؤَلِّفَ مِنْ طَرِيقِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ (وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا) أَيْ أُمَامَةَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَالْمُنْفَرِدِ وَالْمُؤْتَمِّ وَالْإِمَامِ لِمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بِلَفْظِ بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلَاةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ الْحَدِيثَ وَلِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ وَهُوَ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْإِمَامَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ جار فِي غَيْرِهَا بِالْأَوْلَى
قَالَ النَّوَوِيُّ الْحَدِيثُ حَمَلَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ رحمه الله عَلَى النَّافِلَةِ وَمَنَعُوا جَوَازَ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ فَاسِدٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَؤُمُّ النَّاسَ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ
وَادَّعَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَةٍ
وَكُلُّ هَذِهِ الدَّعَاوَى بَاطِلَةٌ وَمَرْدُودَةٌ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهَا بَلِ الْحَدِيثُ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِرٌ وَمَا فِي جَوْفِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِكَوْنِهِ فِي مَعِدَتِهِ وَثِيَابُ الْأَطْفَالِ وَأَجْسَادُهُمْ عَلَى الطَّهَارَةِ وَدَلَائِلُ الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى هَذَا وَالْأَفْعَالُ فِي الصَّلَاةِ لَا تُبْطِلُهَا إِذَا قَلَّتْ أَوْ تَفَرَّقَتْ وَفَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَتَنْبِيهًا بِهِ عَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا
انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[918]
(بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسًا) جَمْعُ جَالِسٍ وَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِيَّةِ (بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ) اسْمُ أَبِي الْعَاصِ لَقِيطٌ وَقِيلَ مِقْسَمٌ وَقِيلَ الْقَاسِمُ وَقِيلَ مُهَشِّمٌ وَقِيلَ هُشَيْمٌ وَقِيلَ يَاسِرٌ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَهَاجَرَ وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ وَمَاتَتْ مَعَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (وهي صبية
الصَّبِيَّةُ مَنْ لَمْ تُفْطَمْ بَعْدُ (عَلَى عَاتِقِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ إِلَى أَصْلِ الْعُنُقِ (يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ فِعْلَ الْحَمْلِ وَالْوَضْعِ كَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لَا مِنْ أمامة قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ لَفْظَ حَمَلَ لَا يُسَاوِي لَفْظَ وَضَعَ فِي اقْتِضَاءِ فِعْلِ الْفَاعِلِ لِأَنَّا نَقُولُ فُلَانٌ حَمَلَ كَذَا وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَمَلَهُ بِخِلَافِ وَضَعَ فَعَلَى هَذَا فَالْفِعْلُ الصَّادِرُ مِنْهُ هُوَ الْوَضْعُ لَا الرَّفْعُ فَيَقِلُّ الْعَمَلُ
قَالَ وَقَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ هَذَا حَسَنًا إِلَى أَنْ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ فَإِذَا قَامَ أَعَادَهَا
انْتَهَى
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (يَفْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ وَضَعَهَا حِينَ الرُّكُوعِ وَحَمَلَهَا حِينَ الْقِيَامِ (بِهَا) أَيْ بِأُمَامَةَ
[919]
(يُصَلِّي لِلنَّاسِ) أَيْ يَؤُمُّهُمْ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى النَّافِلَةِ (لَمْ يسمع مخرمة) يعني بن بُكَيْرٍ (مِنْ أَبِيهِ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا) وَهُوَ حَدِيثُ الْوِتْرِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلَّا حَدِيثَ الْوِتْرِ
انْتَهَى
فَثَبَتَ أَنَّ رِوَايَةَ الْبَابِ هَذِهِ مُنْقَطِعَةٌ
[920]
(لِلصَّلَاةِ فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ إِمَامَتَهُ صلى الله عليه وسلم حَامِلًا أُمَامَةَ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ (وَهِيَ) أَيْ أُمَامَةُ (فِي مَكَانِهَا) يَعْنِي عُنُقَهُ صلى الله عليه وسلم (الَّذِي هِيَ) أَيْ أُمَامَةُ (فِيهِ) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ يَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهَا وَجُمْلَةُ وَهِيَ فِي مَكَانِهَا إِلَخْ حَالِيَّةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَامَ لِلصَّلَاةِ فِي مُصَلَّاهُ وَقُمْنَا خَلْفَهُ وَالْحَالُ أَنَّ أُمَامَةَ ثَبَتَتْ فِي مَكَانِهَا أَيْ عُنُقُهُ صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَانَتْ أُمَامَةُ مُسْتَقِرَّةً فِيهِ قَبْلَ قِيَامِهِ فِي مُصَلَّاهُ (قَالَ) أَبُو قَتَادَةَ (حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْكَعَ
أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا إِلَى قَوْلِهِ فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا) هَذَا يَرُدُّ تَأْوِيلَ الْخَطَّابِيِّ حَيْثُ قَالَ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الصَّبِيَّةُ قَدْ أَلِفَتْهُ فَإِذَا سَجَدَ تَعَلَّقَتْ بِأَطْرَافِهِ وَالْتَزَمَتْهُ فَيَنْهَضُ مِنْ سُجُودِهِ فَتَبْقَى مَحْمُولَةً كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَرْكَعَ فَيُرْسِلَهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا وَقَوْلُهُ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّفْعَ صَادِرٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم
ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَإِذَا كَانَ عَلَمُ الْخَمِيصَةِ يَشْغَلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ يَسْتَبْدِلُ بِهَا الْأَنْبِجَانِيَّةَ فَكَيْفَ لَا يُشْغَلُ عَنْهَا بِمَا هَذِهِ صِفَتُهُ مِنَ الْأَمْرِ
انْتَهَى
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ وَأَمَّا قَضِيَّةُ الْخَمِيصَةِ فَلِأَنَّهَا تَشْغَلُ الْقَلْبَ بِلَا فَائِدَةٍ وَحَمْلُ أُمَامَةَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَإِنْ شَغَلَهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَوَائِدُ وَبَيَانُ قَوَاعِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا وَغَيْرِهِ فَاحْتَمَلَ ذَلِكَ الشَّغْلُ لِهَذِهِ الْفَوَائِدِ بِخِلَافِ الْخَمِيصَةِ فَالصَّوَابُ الَّذِي لَا مَعْدِلَ عَنْهُ أَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى هَذِهِ الْفَوَائِدِ فَهُوَ جَائِزٌ لَنَا وَشَرْعٌ مُسْتَمِرٌّ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
انْتَهَى
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَمْسَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا يُلَابِسُهُ هَذِهِ الْمُلَابَسَةَ إِلَّا وَقَدْ لَمَسَهُ بِبَعْضِ أَعْضَائِهَا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ثِيَابَ الْأَطْفَالِ وَأَبْدَانَهُمْ عَلَى الطَّهَارَةِ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ
وَفِيهِ أَنَّ الْعَمَلَ الْيَسِيرَ لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ
وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى وَفِي كُمِّهِ مَتَاعٌ أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ كَارةٌ وَنَحْوُهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ مُجْزِيَةٌ
قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ
قُلْتُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِدْخَالِ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسَاجِدِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
[921]
(اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ) هُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ كَالْقَمَرَيْنِ وَلَا يُسَمَّى بِالْأَسْوَدِ فِي الْأَصْلِ إِلَّا الْحَيَّةُ (الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ) بَيَانٌ لِلْأَسْوَدَيْنِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ مُوَالَاةَ الْفِعْلِ مَرَّتَيْنِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَذَلِكَ أَنَّ قَتْلَ الْحَيَّةِ غَالِبًا إِنَّمَا يَكُونُ بِالضَّرْبَةِ وَالضَّرْبَتَيْنِ فَأَمَّا إِذَا تَتَابَعَ الْعَمَلُ وَصَارَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ بَطَلَتِ الصَّلَاةُ
وَفِي مَعْنَى
الْحَيَّةِ كُلُّ ضِرَارٍ مُبَاحٍ قَتْلُهُ كَالزَّنَابِيرِ وَالشَّبَّتَانِ وَنَحْوِهَا
وَرَخَّصَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ وَالسُّنَّةُ أَوْلَى مَا اتُّبِعَ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِضَرْبَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَفَاكَ لِلْحَيَّةِ ضَرْبَةٌ أَصَبْتَهَا أَمْ أَخْطَأْتَهَا
وَهَذَا يُوهِمُ التَّقَيُّدَ بِالضَّرْبَةِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا إِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وُقُوعَ الْكِفَايَةِ بِهَا فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ فَقَدْ أَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهَا وَأَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا امْتَنَعَتْ بِنَفْسِهَا عِنْدَ الْخَطَأِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْمَنْعَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ
ثُمَّ اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً أَدْنَى مِنَ الْأَوَّلِ وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً أَدْنَى مِنَ الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
[922]
(وَهَذَا لَفْظُهُ) أَيْ لَفْظُ مُسَدَّدٍ (قَالَ أَحْمَدُ) هُوَ بن حَنْبَلٍ (وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ) فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لِمَنْ صَلَّى فِي مَكَانٍ بَابُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ أَنْ يُغْلِقَ الْبَابَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ سُتْرَةً لِلْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِيَكُونَ أَسْتَرَ وَفِيهِ إِخْفَاءُ الصَّلَاةِ عَنِ الْآدَمِيِّينَ (فَجِئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُ) أَيْ طَلَبْتُ فَتْحَ الْبَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا ظَنَّتْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَّا لَمْ تَطْلُبْهُ مِنْهُ كَمَا هُوَ اللائق بأدبها وعلمها (فمشى) قال بن رَسْلَانَ هَذَا الْمَشْيُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَشَىْ خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ أَوْ مَشَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مُتَفَرِّقًا وَهُوَ مِنَ التَّقْيِيدِ بِالْمَذْهَبِ وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ
قَالَهُ فِي النَّيْلِ (وَذَكَرَ) أَيْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ (أَنَّ الْبَابَ كَانَ فِي الْقِبْلَةِ) أَيْ فَلَمْ يَتَحَوَّلْ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا عِنْدَ مَجِيئِهِ إِلَيْهِ وَيَكُونُ رُجُوعُهُ إِلَى مُصَلَّاهُ عَلَى عَقِبَيْهِ إِلَى خَلْفُ
قَالَ الْأَشْرَفُ هَذَا قَطَعَ وَهْمَ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الْقِبْلَةِ
انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الْمَشْيِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ لِلْحَاجَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَفِي حَدِيثِ النَّسَائِيِّ يُصَلِّي تَطَوُّعًا وَكَذَا تَرْجَمَ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ الله تعالى