الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَقْرَبُ مِنْ قِيَامِهِ مِنَ الرُّكُوعِ لِلِاعْتِدَالِ ثُمَّ رأيت بن حجر قال أي من اعتداله قاله القارىء
(وَكَانَ يَقْعُدُ فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ) أَيْ سُجُودِهِ الْأَوَّلِ (وَكَانَ يَقُولُ) أَيْ فِي جُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (فَقَرَأَ فِيهِنَّ) أَيْ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ (شَكَّ شُعْبَةُ) أَيْ رَاوِي الْحَدِيثِ وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ الْمُقَرَّرِ مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي جَمِيعِ السُّوَرِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْآنَ مَصَاحِفُ الزَّمَانِ لَيْسَ بِتَوْقِيفِيٍّ كَمَا بَوَّبَ لِذَلِكَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَالْقِرَاءَةُ بِالْخَوَاتِيمِ وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ
وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي الْإِتْقَانِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ تَوْقِيفِيٌّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ أَبُو حَمْزَةَ اسْمُهُ طَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَبُو حَمْزَةَ عِنْدَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ وَهَذَا الرَّجُلُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صِلَةَ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَطَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو حَمْزَةَ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَصِلَةُ هو بن زُفَرَ الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو بَكْرٍ وَيُقَالُ أَبُو الْعَلَاءِ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رضي الله عنهم
انتهى
(باب الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)
[875]
(أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ) أَسْنَدَ الْقُرْبَ إِلَى الْوَقْتِ وَهُوَ لِلْعَبْدِ مَجَازًا أَيْ هُوَ فِي السُّجُودِ أَقْرَبُ مِنْ رَبِّهِ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ وَالْمَعْنَى أَقْرَبُ أَكْوَانِ الْعَبْدِ وَأَحْوَالِهِ مِنْ رِضَا رَبِّهِ وَعَطَائِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَقِيلَ أَقْرَبُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ لِسَدِّ الْحَالِ مَسَدَّهُ وَهِي وَهُوَ سَاجِدٌ أَيْ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ حَالَةَ السُّجُودِ تَدُلُّ عَلَى غَايَةِ تَذَلُّلٍ وَاعْتِرَافٍ بِعُبُودِيَّةِ نَفْسِهِ وَرُبُوبِيَّةِ رَبِّهِ فَكَانَ مظنة
الْإِجَابَةِ فَأَمَرَهُمْ بِإِكْثَارِ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ
قَالَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ كَثْرَةِ السُّجُودِ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[876]
(سليمان بن سحيم) بمهلتين مصغر وثقه بن مَعِينٍ (كَشَفَ السِّتَارَةَ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ السِّتْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ وَالدَّارِ (لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ مَا يَبْدُو مِنْهَا مَأْخُوذٌ مِنْ تَبَاشِيرِ الصُّبْحِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَبْدُو مِنْهُ وَهُوَ كقول عائشة أول ما بدىء بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ الرُّؤْيَا مِنَ الْمُبَشِّرَاتِ سَوَاءٌ رَآهَا الْمُسْلِمُ أَوْ رَآهَا غَيْرُهُ (أَوْ تُرَى لَهُ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ رَآهَا غَيْرُهُ لَهُ (وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا) أَيْ إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي هَذَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَالنَّهْيُ لَهُ صلى الله عليه وسلم نَهْيٌ لِأُمَّتِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَمَّا الرُّكُوعُ إِلَخْ وَيُشْعِرُ بِهِ أَيْضًا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَهَذَا النَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ حَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ خِلَافٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمَّا كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَهُمَا غَايَةُ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ مَخْصُوصَيْنِ بِالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ نهى عليه السلام عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ الْخَلْقِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَيَكُونَانِ سَوَاءً
ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ
وَفِيهِ أنه ينتفض بالجمع بينهما في حال القيام
وقال بن الْمَلِكِ وَكَأَنَّ حِكْمَتَهُ أَنَّ أَفْضَلَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْقِيَامُ وَأَفْضَلَ الْأَذْكَارِ الْقُرْآنُ فَجَعَلَ الْأَفْضَلَ لِلْأَفْضَلِ وَنَهَى عَنْ جَعْلِهِ فِي غَيْرِهِ لِئَلَّا يُوهِمَ استوائه مَعَ بَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ
وَقِيلَ خُصَّتِ الْقِرَاءَةُ بِالْقِيَامِ أَوِ الْقُعُودِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ لِأَنَّهُمَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْعَادِيَةِ وَيَتَمَحَّضَانِ لِلْعِبَادَةِ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهُمَا بِذَوَاتِهِمَا يُخَالِفَانِ الْعَادَةَ وَيَدُلَّانِ عَلَى الْخُضُوعِ وَالْعِبَادَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ حَالَانِ دَالَّانِ عَلَى الذُّلِّ وَيُنَاسِبُهُمَا الدُّعَاءُ وَالتَّسْبِيحُ فَنَهَى عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَتَكْرِيمًا لِقَارِئِهِ الْقَائِمِ مَقَامَ الْكَلِيمِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا الرَّبَّ فِيهِ) أَيْ قُولُوا سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ (وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ (فَقَمِنٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فَمَنْ فَتَحَ فَهُوَ عِنْدَهُ مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا
يُجْمَعُ وَمَنْ كَسَرَ فَهُوَ وَصْفٌ يُثَنَّى وَيُجْمَعُ قَالَ وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ قَمِينٌ بِزِيَادَةِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَمَعْنَاهُ حَقِيقٌ وَجَدِيرٌ وَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحِ الْمُتَقَدِّمِ لِيَكُونَ الْمُصَلِّي عَامِلًا بِجَمِيعِ مَا وَرَدَ وَالْأَمْرُ بِتَعْظِيمِ الرَّبِّ فِي الرُّكُوعِ وَالِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَدْ نُقِدَ ذِكْرُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ والسجود
قال المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
[877]
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ) مِنَ الْإِكْثَارِ (أَنْ يَقُولَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَدْ بَيَّنَ الْأَعْمَشُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي الضُّحَى فِي التَّفْسِيرِ ابْتِدَاءَ هَذَا الْفِعْلِ وَأَنَّهُ وَاظَبَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَلَفْظُهُ مَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عليه إذا جاء نصر الله والفتح إِلَّا يَقُولُ فِيهَا الْحَدِيثَ (سُبْحَانَكَ) هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ (وَبِحَمْدِكَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ التَّسْبِيحُ أَيْ وَبِحَمْدِكَ سَبَّحْتُكَ وَمَعْنَاهُ بِتَوْفِيقِكَ لِي وَهِدَايَتِكَ وَفَضْلِكَ عَلَيَّ سَبَّحْتُكَ لَا بِحَوْلِي وَقُوَّتِي
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَيَظْهَرُ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ إِبْقَاءُ مَعْنَى الْحَمْدِ عَلَى أَصْلِهِ وَتَكُونُ الْبَاءُ بَاءَ السَّبَبِيَّةِ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ بِسَبَبِ أَنَّكَ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ سَبَّحَكَ الْمُسَبِّحُونَ وَعَظَّمَكَ الْمُعَظِّمُونَ وَقَدْ رُوِيَ بِحَذْفِ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ وَبِحَمْدِكَ وَبِإِثْبَاتِهَا (يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ) قَالَ الْحَافِظُ أَيْ يَفْعَلُ مَا أُمِرَ بِهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْآنِ بَعْضُهُ وَهُوَ السُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ انْتَهَى
قَالَ الْقَاضِي جُمْلَةٌ وَقَعَتْ حَالًا عَنْ ضَمِيرِ يَقُولُ أَيْ يَقُولُ مُتَأَوِّلًا لِلْقُرْآنِ أَيْ مُبَيِّنًا مَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَسَبِّحْ بحمد ربك واستغفره آتِيًا بِمُقْتَضَاهُ
ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
[878]
(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ) لِلتَّأَكُّدِ وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لِأَنْوَاعِهِ أَوْ بَيَانُهُ وَيُمْكِنُ نَصْبُهُ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي (دِقَّهُ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ دَقِيقَهُ وَصَغِيرَهُ (وَجِلَّهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَقَدْ تُضَمُّ أَيْ جَلِيلَهُ وَكَبِيرَهُ قِيلَ
إِنَّمَا قَدَّمَ الدِّقَّ عَلَى الْجِلِّ لِأَنَّ السَّائِلَ يَتَصَاعَدُ فِي مَسْأَلَتِهِ أَيْ يَتَرَقَّى وَلِأَنَّ الْكَبَائِرَ تَنْشَأُ غَالِبًا مِنَ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهَا فَكَأَنَّهَا وَسَائِلُ إِلَى الْكَبَائِرِ وَمِنْ حَقِّ الْوَسِيلَةِ أَنْ تُقَدَّمَ إِثْبَاتًا وَرَفْعًا (وَأَوَّلَهُ واخره) المقصود الإحاطة (زاد بن السَّرْحِ) أَيْ فِي رِوَايَتِهِ (عَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ) أَيْ عِنْدَ غَيْرِهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَهُ تَعَالَى يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[879]
(عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (فَقَدْتُ) ضِدَّ صَادَفْتُ أَيْ طَلَبْتُ فَمَا وَجَدْتُّ (فَلَمَسْتُ الْمَسْجِدَ) أَيْ مَسِسْتُ بِيَدَيَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ (وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ) أَيْ قَائِمَتَانِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ وَهُوَ الْمَسْجَدُ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ الْمَسْجَدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ فِي السُّجُودِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أَوْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فِي حُجْرَتِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَسْجِدَ الْبَيْتِ بِمَعْنَى مَعْبَدِهِ وَالْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ
انْتَهَى (أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ) أَيْ مِنْ فِعْلٍ يُوجِبُ سَخَطَكَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى أُمَّتِي (وَبِمُعَافَاتِكَ) أَيْ بِعَفْوِكَ وَأَتَى بِالْمُغَالَبَةِ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ بِعَفْوِكَ الْكَثِيرِ (مِنْ عُقُوبَتِكَ) وَهِيَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ السُّخْطِ وَإِنَّمَا اسْتَعَاذَ بِصِفَاتِ الرَّحْمَةِ لِسَبْقِهَا وَظُهُورِهَا مِنْ صِفَاتِ الْغَضَبِ (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ) إِذْ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مَعَكَ شَيْئًا فَلَا يُعِيذُهُ مِنْكَ إِلَّا أَنْتَ (لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ الْأَصْلُ فِي الْإِحْصَاءِ الْعَدُّ بِالْحَصَى أَيْ لَا أُطِيقُ أَنْ أُثْنِي عَلَيْكَ كَمَا تَسْتَحِقُّهُ (أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ) مَا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ وَالْكَافُ بِمَعْنَى مِثْلِ
قَالَ الطِّيبِيُّ (عَلَى نَفْسِكَ) أَيْ عَلَى ذَاتِكَ
سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَيْفَ شُبِّهَ ذَاتُهُ بِثَنَائِهِ وَهُمَا فِي غَايَةِ التَّبَايُنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ ثَنَاؤُكَ الْمُسْتَحَقُّ كَثَنَائِكَ عَلَى نَفْسِكَ فَحُذِفَ الْمُضَافُ مِنَ الْمُبْتَدَأِ فَصَارَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ مَرْفُوعًا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْكَلَامِ مَعْنَى لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّهُ قَدِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ أَنْ يُجِيرَهُ بِرِضَاهُ مِنْ سَخَطِهِ وَبِمُعَافَاتِهِ مِنْ عُقُوبَتِهِ وَالرِّضَى وَالسُّخْطُ ضِدَّانِ مُتَقَابِلَانِ وَكَذَلِكَ الْمُعَافَاةُ وَالْمُؤَاخَذَةُ بِالْعُقُوبَةِ فَلَمَّا صار إلى ذكر مالا ضِدَّ لَهُ وَهُوَ اللَّهُ سبحانه وتعالى اسْتَعَاذَ بِهِ مِنْهُ لَا غَيْرَ وَمَعْنَى ذَلِكَ الِاسْتِغْفَارُ مِنَ التَّقْصِيرِ مِنْ بُلُوغِ الْوَاجِبِ مِنْ حَقِّ عِبَادَتِهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ
وَقَوْلُهُ لَا أُحْصِي ثَنَاءً