الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[844]
(إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ) أَيْ فَرْدٍ (مِنْ صَلَاتِهِ) أَيْ عَدَدِهَا
قَالَ الْقَاضِي الْمُرَادُ بِالْوِتْرِ الرَّكْعَةُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ (لَمْ يَنْهَضْ) أَيْ لَمْ يَقُمْ (حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ جِلْسَةِ الاستراحة
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ وَدَعْوَى الطَّحَاوِيِّ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي حَدِيثٍ وَهْمٌ عَجِيبٌ مِنْهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ اسْتَوَى قَائِمًا فَغَرِيبٌ وَبِفَرْضِ عَدَمِ غَرَابَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ
وَقَوْلُ أَحْمَدَ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى عَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا لَا يُؤْثَرُ بَعْدَ صِحَّةِ التَّعَرُّضِ لَهَا إِثْبَاتٌ كَمَا عَلِمْتَ
انْتَهَى
قَالَ بن الْهُمَامِ وَلَنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ عليه العمل عند أهل العلم وأخرج بن أبي شيبة عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَكَذَا عن بن عمر وبن الزُّبَيْرِ وَكَذَا عَنْ عُمَرَ وَأَخْرَجَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَضُونَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ
وَأَخْرَجَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ إِذَا رَفَعَ أَحَدُهُمْ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ نَهَضَ كَمَا هُوَ ولم يجلس انتهى كلام القارىء
قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ خَالِدَ بْنَ إِيَاسٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ خَالِدُ بْنُ إِيَاسٍ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ وَصِحَّةِ هَذِهِ الْآثَارِ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ لِأَنَّ التَّرْكَ لَهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ إِنَّمَا يُنَافِي وُجُوبَهَا فَقَطْ وَكَذَلِكَ تَرْكُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لَهَا لَا يَقْدَحُ فِي سُنِّيَّتِهَا لِأَنَّ تَرْكَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ جَائِزٌ
7 -
(باب الإقعاء بين السجدتين)
[845]
(في اقعاء على القدمين في السجود) معنى الإقعاء ها هنا أَنْ يَجْعَلَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَهُ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُلْصِقَ إلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ على الأرض كإقعاء الكلب لكن المراد ها هنا هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُودِ (إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ) قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ أَيْ بِالْإِنْسَانِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ
قَالَ وَضَبَطَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمَنْ ضَمَّ الْجِيمَ فَقَدْ غلط ورد الجمهور على بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالُوا الصَّوَابُ الضَّمُّ وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ إِضَافَةُ الْجَفَاءِ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فقال بن عَبَّاسٍ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْعَاءَ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثَانِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ النَّهْيُ عَنْهُ
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رواية علي وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ رِوَايَةِ سَمُرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَمُرَةَ وَأَنَسٍ وَأَسَانِيدُهَا كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْإِقْعَاءِ وَفِي تَفْسِيرِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالصَّوَابُ الَّذِي لَا مَعْدِلَ عَنْهُ أَنَّ الْإِقْعَاءَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَصَاحِبُهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَآخَرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّهْيُ
وَالنَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يَجْعَلَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ مُرَادُ بن عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السجدتين وحمل حديث بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَآخَرُونَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ قال وكذا جاء مفسرا عن بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُمِسَّ عَقِبَيْكَ إلْيَتَيْكَ
فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي تفسير حديث بن عَبَّاسٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله نَصَّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَهُ نَصٌّ آخَرُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ أَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ الِافْتِرَاشُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ فِيهِ قَوْلَانِ وَأَمَّا جِلْسَةُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ فَسُنَّتُهُمَا الِافْتِرَاشُ وَجِلْسَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ السُّنَّةُ فِيهِ التَّوَرُّكُ
هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله
كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ