الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِلَابَةَ الرَّاوِي عَنْهُ هُنَا (رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَفِي آخِرِهِ قَافٌ لَقَبُهُ أَوِ اسْمُهُ
قال بن حَجَرٍ أَسْلَمَ فِي أَوَاخِرِ زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَاشَ حَتَّى رَوَى عَنْهُ متأخروا التَّابِعِينَ وَهُوَ ذُو الْيَدَيْنِ السَّابِقُ كَمَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَغَيْرُ ذِي الشِّمَالَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ كَالزُّهْرِيِّ (مُغْضَبًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ) وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ هَذَا فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ وَقَوَاعِدُ مُهِمَّةٌ مِنْهَا جَوَازُ النِّسْيَانِ فِي الْأَفْعَالِ وَالْعِبَادَاتِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَأَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا الْوَاحِدُ إِذَا ادَّعَى شَيْئًا جَرَى بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ سُئِلُوا عَنْهُ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ مَنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَمِنْهَا إِثْبَاتُ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَنَّهُ سَجْدَتَانِ وَأَنَّهُ يُكَبِّرُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَأَنَّهُمَا عَلَى هَيْئَةِ سُجُودِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ السُّجُودَ فَلَوْ خَالَفَ الْمُعْتَادَ لَبَيَّنَهُ وَأَنَّهُ يُسَلَّمُ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَنَّهُ لَا تَشَهُّدَ لَهُ وَأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الزِّيَادَةِ يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ سُجُودِ السَّهْوِ كَانَ نِسْيَانًا لَا عَمْدًا وَمِنْهَا أَنَّ كَلَامَ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَالَّذِي يُظَنُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لَا يُبْطِلُهَا وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ والخلف وهو قول بن عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَخِيهِ عُرْوَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمِيعِ الْمُحَدِّثِينَ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ وَالْخُطُوَاتِ إِذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا لَا تُبْطِلُهَا كَمَا لَا تبطلها الْكَلَامُ سَهْوًا وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي لَا يُبْطِلُهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَشَى إِلَى الْجِذْعِ وَخَرَجَ السَّرَعَانُ وَفِي رِوَايَةٍ دَخَلَ الْحُجْرَةَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَجَعَ النَّاسُ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ صَعْبٌ عَلَى مَنْ أَبْطَلَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ مُخْتَصَرًا
قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بن مَاجَهْ
5 -
(بَاب إِذَا صَلَّى خَمْسًا)
[1019]
(قَالَ حَفْصٌ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ) بْنُ الْحَجَّاجِ (عَنِ الْحَكَمِ) بِفَتْحَتَيْنِ بن عتيبة (عن
إِبْرَاهِيمَ) بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ (عَنْ عَلْقَمَةَ) بْنِ قَيْسٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ مَسْعُودٍ (فَقِيلَ لَهُ) عليه السلام لَمَّا سَلَّمَ (أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ الِاسْتِخْبَارِيِّ (قَالَ) عليه الصلاة والسلام (وَمَا ذَاكَ) أَيْ وَمَا سُؤَالُكُمْ عَنِ الزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ (قَالَ صَلَّيْتَ خَمْسًا فَسَجَدَ) عليه الصلاة والسلام بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ (سَجْدَتَيْنِ) لِلسَّهْوِ (بَعْدَ مَا سَلَّمَ) أَيْ بَعْدَ سَلَامِ الصَّلَاةِ لِتَعَذُّرِ السُّجُودِ قَبْلَهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالسَّهْوِ
وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ هَلِ انْتَظَرَهُ الصَّحَابَةُ أَوِ اتَّبَعُوهُ فِي الْخَامِسَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمُ اتَّبَعُوهُ لِتَجْوِيزِهِمُ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ كَانَ زَمَانُ تَوَقُّعِ النَّسْخِ
أَمَّا غَيْرُ الزَّمَنِ النَّبَوِيِّ فَلَيْسَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتْبَعَ إِمَامَهُ فِي الْخَامِسَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِسَهْوِهِ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ اسْتَقَرَّتْ فَلَوْ تَبِعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الْعُذْرِ بِخِلَافِ مَنْ سَهَا كَسَهْوِهِ
وَاسْتَدَلَّ الْحَنَفِيَّةُ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ كُلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ
وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ يَقْتَضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ السَّهْوُ بِالنُّقْصَانِ أَوِ الزِّيَادَةِ فَفِي النُّقْصَانِ يَسْجُدِ قبل السلام وفي الزيادة يسجد بعده وبذلك لِمَا ذَكَرَ قَالَ مَالِكٌ وَالْمُزَنِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَحَمَلَ فِي الْجَدِيدِ السَّهْوَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ تَدَارُكٌ لِلْمَتْرُوكِ قَبْلَ السَّلَامِ سَهْوًا لِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْأَمْرُ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلزِّيَادَةِ وَلَفْظُهُ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ ثَانٍ لِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا يَتَخَيَّرُ إِنْ شَاءَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ شَاءَ بَعْدَهُ لِثُبُوتِ الْأَمْرَيْنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا مَرَّ وَرَجَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ
وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَلِذَا أَطْلَقَ النَّوَوِيُّ وَذَهَبَ أَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ كُلَّ حَدِيثٍ فِيمَا يَرِدُ فِيهِ وَمَا لَمْ يَرِدُ فِيهِ شَيْءٌ يَسْجُدُ فِيهِ قَبْلَ السَّلَامِ ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[1020]
(فَلَا أَدْرِي زَادَ أَمْ نَقَصَ) بِالشَّكِّ
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا فَقِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِي
الصلاة أصح مِنْ رِوَايَةِ زَادَ أَوْ نَقَصَ بِالشَّكِّ (فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي) فَكَانَ حَقُّهُمْ أَنْ يُذَكِّرُوهُ بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا عِنْدَ إِرَادَةِ قِيَامِهِ إِلَى الْخَامِسَةِ (فَلْيَتَحَرَّ) التَّحَرِّي طَلَبُ الْحَرِيَّ وَهُوَ اللَّائِقُ وَالْحَقِيقُ وَالْجَدِيرُ أَيْ فَلْيَطْلُبْ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ وَاجْتِهَادِهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ التَّحَرِّي الْقَصْدُ وَالِاجْتِهَادُ فِي الطَّلَبِ وَالْعَزْمُ عَلَى تَحْصِيلِ الشَّيْءِ بِالْفِعْلِ وَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ فِي (فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ) رَاجِعٌ إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ فليتحر والمعنى فليتم وَالْمَعْنَى فَلْيُتِمَّ عَلَى ذَلِكَ مَا بَقِيَ مِنْ صلاته بأن الضم إليه ركعة أو ركعتين أو ثلاثا وَلْيَقْعُدْ فِي مَوْضِعٍ يَحْتَمِلُ الْقَعْدَةَ الْأُولَى وُجُوبًا وَفِي مَكَانٍ يَحْتَمِلُ الْقَعْدَةَ الْأُخْرَى فَرْضًا
وَبَقِيَ حُكْمٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ اجْتِهَادٌ وَغَلَبَةُ ظَنًّ فَلْيَبْنِ عَلَى الْأَقَلِّ الْمُسْتَيْقَنِ كَمَا سَبَقَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ) وَثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّعْقِيبِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ وَلَوْ وَقَعَ تَرَاخٍ يَجُوزُ مَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ مُنَافٍ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ
[1021]
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا قَالَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ تَحَوَّلَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ) أَيْ لِلسَّهْوِ (رَوَاهُ حُصَيْنٌ نَحْوَ الْأَعْمَشِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْجُمْلَةِ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ فَحُصَيْنٌ وَالْأَعْمَشُ مَا ذَكَرَا هَذِهِ الْجُمْلَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَمَّا مَنْصُورٌ فَذَكَرَهَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَحَدِيثُ مَنْصُورٍ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ إِلَّا التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ أَصْلًا وَإِلَّا النَّسَائِيَّ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظِ الْبُخَارِيِّ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ وَقَالَ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ
وَهَذَا اللَّفْظُ فِي جُمْلَةِ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَهَا فَصَلَّى خَمْسًا
وَقَدْ رَوَى الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَالْأَعْمَشُ تِلْكَ الْقِصَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ دُونَ لَفْظِ
التَّحَرِّي وَرَوَاهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ عَلْقَمَةَ عن عبد الله دون لفظ وَرَوَاهَا الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ دُونَ لَفْظِ التَّحَرِّي
فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّحَرِّي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جهة بن مَسْعُودٍ أَوْ مَنْ دُونَهُ فَأُدْرِجَ فِي الْحَدِيثِ
وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى تَصْحِيحِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَثِقَاتِهِمْ وَقَدْ رَوَى الْقِصَّةَ بِتَمَامِهَا وَرَوَى فِيهَا لَفْظَ التَّحَرِّي غَيْرَ مُضَافٍ إِلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَاهَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مِسْعَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَوَهْبُ بْنُ خَالِدٍ وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَغَيْرُهُمْ وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا خِلَافُ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ مَعْنَاهُ فَلْيَتَحَرَّ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ نَقَصَهُ فَيُتِمَّهُ حَتَّى يَكُونَ التَّحَرِّي أَنْ يُعِيدَ مَا شَكَّ فِيهِ وَيَبْنِيَ عَلَى حَالٍ يَسْتَيْقِنُ فِيهَا
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّ التَّحَرِّي يَكُونُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا انْتَهَى كَلَامُ الْبَيْهَقِيِّ مُخْتَصَرًا
[1022]
(فَلَمَّا انْفَتَلَ) أَيِ انْصَرَفَ (تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ) الْوَشْوَشَةُ كَلَامٌ خَفِيٌّ مُخْتَلِطٌ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ وَرُوِيَ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَيُرِيدُ بِهِ الْكَلَامَ الْخَفِيَّ كَمَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ
وَقَالَ الْقَاضِي رُوِيَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ تَحَرَّكُوا وَمِنْهُ وَسْوَاسُ الْحُلِيِّ بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ تَحَرُّكُهُ وَوَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْوَشْوَشَةُ بِالْمُعْجَمَةِ صَوْتٌ فِي اخْتِلَاطٍ
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَيُقَالُ رَجُلٌ وَشْوَاشٌ أَيْ خَفِيفٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَلْقَمَةُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِنْ كَانَ لَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّابِعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَسَجَدَ فِي الْخَامِسَةِ فَصَلَاتُهُ فاسدة وعليه أن يستقبل الصلاة وإن كان قد قعد في الرابعة قدر التشهد