المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الخطبة قائما) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٣

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي نُقْصَانِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب تخفيف الصلاة)

- ‌(بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ)

- ‌(بَاب تَخْفِيفِ الْأُخْرَيَيْنِ بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ تَثْنِيَةُ الْأُخْرَى)

- ‌(بَاب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ)

- ‌(بَاب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بَاب الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي صَلَاتِهِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَرْ)

- ‌(بَاب مَا يُجْزِئُ الْأُمِّيَّ وَالْأَعْجَمِيَّ مِنْ الْقِرَاءَةِ)

- ‌(بَاب تَمَامِ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ)

- ‌(بَاب النُّهُوضِ فِي الْفَرْدِ)

- ‌(باب الإقعاء بين السجدتين)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ)

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)

- ‌(باب رفع النساء إذا كن مع الإمام رؤوسهن مِنْ السَّجْدَةِ)

- ‌(بَاب طُولِ الْقِيَامِ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)

- ‌(بَاب صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صلبه في الركوع والسجود)

- ‌(بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُتِمُّهَا صَاحِبُهَا تُتَمُّ مِنْ تَطَوُّعِهِ)

- ‌كتاب الركوع والسجود

- ‌(بَاب تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ووَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ فِي ركوعه وسجوده)

- ‌(باب الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ)

- ‌(بَاب أَعْضَاءِ السُّجُودِ)

- ‌(بَاب السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ)

- ‌(بَاب صِفَةِ السُّجُودِ)

- ‌(بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ أَيْ فِي تَرْكِ التَّفْرِيجِ)

- ‌(هَذَا الْوَجْهِ مُرْسَلًا وَكَأَنَّهُ أَصَحُّ)

- ‌(بَاب الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الْوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ التَّلْقِينِ)

- ‌(بَاب الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ)

- ‌(بَاب النَّظَرِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ [916] يَعْنِي الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ أَوِ النَّظَرَ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب التَّأْمِينِ وَرَاءَ الْإِمَامِ)

- ‌(بَاب التَّصْفِيقِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(باب مسح الحصا فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي صَلَاةِ الْقَاعِدِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْجُلُوسُ فِي التَّشَهُّدِ)

- ‌(بَاب مَنْ ذَكَرَ التَّوَرُّكَ فِي الرَّابِعَةِ)

- ‌(بَاب التَّشَهُّدِ)

- ‌(باب الصلاة على النبي بَعْدَ التَّشَهُّدِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ)

- ‌(بَاب إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ)

- ‌(بَاب الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي تَخْفِيفِ الْقُعُودِ)

- ‌(بَاب فِي السَّلَامِ)

- ‌(بَاب الرَّدِّ على الإمام)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ)

- ‌(باب حذف السلام)

- ‌(باب إذا أحدث في صلاته)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ)

- ‌(بَاب السَّهْوِ فِي السَّجْدَتَيْنِ)

- ‌(بَاب إِذَا صَلَّى خَمْسًا)

- ‌(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ يُتِمُّ عَلَى أَكْثَرِ ظَنِّهِ)

- ‌(باب من قال يسجد بعد التسليم)

- ‌(بَاب مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ)

- ‌(باب من نسي أن يتشهد وهو جالس يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ)

- ‌(بَابٌ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ)

- ‌(بَاب انْصِرَافِ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ مِنْ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الِانْصِرَافُ مِنْ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب صَلَاةِ الرَّجُلِ التَّطَوُّعَ فِي بَيْتِهِ)

- ‌(بَاب مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ)

- ‌باب تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ

- ‌(بَاب فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب الْإِجَابَةِ أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب فَضْلِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب كَفَّارَةِ مَنْ تَرَكَهَا)

- ‌(بَاب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ)

- ‌(بَاب الْجُمُعَةِ فِي الْيَوْمِ الْمَطِيرِ)

- ‌(بَاب التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي الليلة الباردة)

- ‌(بَاب الْجُمُعَةِ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَرْأَةِ)

- ‌(بَاب الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى)

- ‌(باب إذا وافق يوم الجمعة)

- ‌(بَاب مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب اللُّبْسِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب التَّحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ)

- ‌(باب اتخاذ المنبر)

- ‌(بَابُ مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ [1082] أَيْنَ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(باب الصلاة [1083] مِنَ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ تَجُوزُ)

- ‌(باب وَقْتِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب النِّدَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ)

- ‌(بَاب الْجُلُوسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ)

- ‌(بَاب الْخُطْبَةِ قَائِمًا)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ)

- ‌(بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ [1104] مَا حُكْمُهُ)

- ‌(بَاب إِقْصَارِ الْخُطَبِ)

- ‌(بَاب الدُّنُوِّ مِنْ الْإِمَامِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(بَاب الِاحْتِبَاءِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ)

- ‌(بَاب الْكَلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ)

- ‌(بَاب استئذان المحدث للإمام)

- ‌(بَاب إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ)

- ‌(بَاب تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَنْعَسُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ)

- ‌(باب الإمام يتكلم بعد ما يَنْزِلُ مِنْ الْمِنْبَرِ)

- ‌(بَاب مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً)

- ‌(باب ما يقرأ فِي الْجُمُعَةِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يَأْتَمُّ [1126] مِنَ الِائْتِمَامِ أَيْ يَقْتَدِي (بِالْإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا جِدَارٌ))

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ)

- ‌(باب في القعود بين الخطبتين)

- ‌(بَاب صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ)

- ‌(بَاب وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ)

- ‌(بَاب خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدِ)

- ‌(بَاب الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ)

- ‌(بَاب يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ)

الفصل: ‌(باب الخطبة قائما)

الْخُطْبَةَ عَلَى مِنْبَرِهَا بِدْعَةٌ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ كَمَا فَعَلَهُ عليه الصلاة والسلام يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَإِنَّمَا أَحْدَثَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه وَفِيهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَأَقَرَّهُ السَّلَفُ مَعَ اعْتِرَاضِهِمْ عَلَيْهِ فِي وَقَائِعَ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (حَتَّى يَفْرُغَ أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (الْمُؤَذِّنَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِأُرَاهُ وَبِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ لِيَفْرُغَ أي قال الراوي عن بن عمر أظن بن عُمَرَ قَالَ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ قَالَ الرَّاوِي أظن أن بن عمر أراد بإطلاق قوله حتى يفرغ تقيده بِالْمُؤَذِّنِ وَالْمَعْنَى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِقْدَارَ مَا يَفْرُغُ الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَذَانِهِ (ثُمَّ يَجْلِسُ) أَيْ جِلْسَةً خَفِيفَةً (فَلَا يَتَكَلَّمُ) أَيْ حَالَ جُلُوسِهِ بِغَيْرِ الذِّكْرِ أَوِ الدُّعَاءِ أَوِ الْقِرَاءَةِ سِرًّا والأولى القراءة لرواية بن حِبَّانَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي جُلُوسِهِ كِتَابَ اللَّهِ وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ الْإِخْلَاصِ كَذَا فِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ الْعُمَرِيُّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمر حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِيهِ مَقَالٌ

2 -

(بَاب الْخُطْبَةِ قَائِمًا)

[1093]

(كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا) فِيهِ أَنَّ الْقِيَامَ حَالَ الْخُطْبَةِ مَشْرُوعٌ

قال بن الْمُنْذِرِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ انْتَهَى وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْوُجُوبِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِيَامَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَهُ الشوكاني

وأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقْعُدَانِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَوَّلُ من جلس على المنبر معاوية

وروى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ إِنَّمَا خَطَبَ مُعَاوِيَةُ قَاعِدًا حَيْثُ كَثُرَ شَحْمُ بَطْنِهِ وَلَحْمِهِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْطُبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ قِيَامًا يَفْصِلُونَ بَيْنَهُمَا بِالْجُلُوسِ حَتَّى جَلَسَ مُعَاوِيَةُ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى فَخَطَبَ جَالِسًا وَخَطَبَ فِي الثَّانِيَةِ قَائِمًا

قُلْتُ إِنَّ الثَّابِتَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ الْوُجُوبَ (أَكْثَرَ من ألفي صلاة) قال النووي المراد الصلوات

ص: 310

الْخَمْسُ لَا الْجُمُعَةُ انْتَهَى

وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِأَنَّ الْجُمَعَ الَّتِي صَلَّاهَا صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ عِنْدِ افْتِرَاضِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِلَى عِنْدِ مَوْتِهِ لَا تَبْلُغُ الْمِقْدَارَ وَلَا نِصْفَهُ

وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ ظَاهِرُ الْمَقَامِ يُفِيدُ أَنَّهُ أَرَادَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فَالْعَدَدُ مُشْكِلٌ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْكَثْرَةُ وَالْمُبَالَغَةُ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَالْأَمْرُ سَهْلٌ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[1094]

(خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَا تَصِحُّ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ إِلَّا قَائِمًا فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا يَصِحُّ حَتَّى يَجْلِسَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِخُطْبَتَيْنِ

قَالَ الْقَاضِي ذَهَبَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ إِلَى اشْتِرَاطِ الْخُطْبَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَرِوَايَةِ بن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَصِحُّ بِلَا خُطْبَةٍ

وحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا قَائِمًا لِمَنْ أَطَاقَهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ قَاعِدًا وَلَيْسَ الْقِيَامُ بِوَاجِبٍ

وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ وَاجِبٌ وَلَوْ تُرِكَ أَسَاءَ وَصَحَّتِ الْجُمُعَةُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا شرط ومذهب الشافعي أنه فرض وشرط وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فَرْضٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ

قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَقُلْ هَذَا غَيْرُ الشَّافِعِيِّ

دَلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ ثَبَتَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي انْتَهَى كَلَامُهُ

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَاظَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا انْتَهَى

واستشكل بن الْمُنْذِرِ إِيجَابَ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ

وَقَالَ إِنِ اُسْتُفِيدَ مِنْ فِعْلِهِ فَالْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَوِ اقْتَضَاهُ لَوَجَبَ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى إِبْطَالِ الْجُمُعَةِ بِتَرْكِهِ (يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ) فِيهِ دَلِيلٌ لِلشَّافِعَيَّ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَةِ الْوَعْظُ وَالْقِرَاءَةُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ الْخُطْبَتَانِ إِلَّا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمَا وَالْوَعْظِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَاجِبَاتٌ فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَتَجِبُ قِرَاءَةُ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي أحديهما عَلَى الْأَصَحِّ وَيَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ يَكْفِي مِنَ الْخُطْبَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَكْفِي تَحْمِيدَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى خُطْبَةً وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُهَا مَعَ مُخَالَفَتِهِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

قَالَهُ النَّوَوِيُّ

قُلْتُ وَقَوْلُهُ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِيهِ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ وَعْظٌ وَتَذْكِيرٌ لِلنَّاسِ وأن

ص: 311

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ فِي خُطْبَتِهُ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعَهُ وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ فِي خُطْبَتِهِ إِذَا عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ أَوْ نَهْي كَمَا أَمَرَ الدَّاخِلَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَنَهَى الْمُتَخَطِّيَ رِقَابَ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ وَكَانَ يَدْعُو الرَّجُلَ فِي خطبته تعال اجلس يافلان وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِمُقْتَضَى الْحَالِ فِي خُطْبَتِهِ فَلَا بُدَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَيَعِظَ بِهِ وَيَأْمُرَ وَيَنْهَى وَيُبَيِّنَ الْأَحْكَامَ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا فَإِنْ كان السامعون أعجميا يُتَرْجِمُ بِلِسَانِهِمْ فَإِنَّ أَثَرَ التَّذْكِيرِ وَالْوَعْظِ فِي غَيْرِ بِلَادِ الْعَرَبِ لَا يَحْصُلُ وَلَا يُفِيدُ إِلَّا بِالتَّرْجَمَةِ بِلِسَانِهِمْ

وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا هُوَ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ

وَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بلسان قومه ليبين لهم الْآيَةَ

قَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ أَيْ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا أُمِرُوا بِهِ فَيَفْهَمُوهُ بِلَا كُلْفَةٍ

وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ بُعِثَ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ بِصَرَائِحِ الدَّلَائِلِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِلُغَةِ مَنْ هُوَ فِيهِمْ حَتَّى يَفْهَمُوا ثُمَّ يَنْقُلُوهُ وَيُتَرْجِمُوهُ انْتَهَى

فَإِنْ قُلْتَ إِنْ كَانَتْ التَّرْجَمَةُ تَجُوزُ فِي الْخُطْبَةِ فَتَجُوزُ قِرَاءَةُ تَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ صَلَّى وَاحِدٌ وَقَرَأَ تَرْجَمَةَ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ مَثَلًا مَكَانَ الْفَاتِحَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ

قُلْتُ كَلَّا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ قَطُّ

وَالْقِيَاسُ عَلَى الْخُطْبَةِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَ فِيهَا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ وَأَذْكَارٌ مُعَيَّنَةٌ بَلْ إِنَّمَا هِيَ التَّذْكِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالصَّلَاةُ لَيْسَتْ بِتَذْكِيرٍ بَلْ إِنَّمَا هِيَ ذِكْرٌ وَبَيْنَ التَّذْكِيرِ وَالذِّكْرِ فَرْقٌ عَظِيمٌ وَلَا بُدَّ فِي الصَّلَاةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فاقرؤوا ما تيسر من القرآن فلفظ اقرؤوا صِيغَةُ أَمْرٍ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا يُمْتَثَلُ الْأَمْرُ إِلَّا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالنَّظْمِ الْعَرَبِيِّ كَمَا أنزل علينا ووصل إلينا بالنقل التواتر لِأَنَّ مَنْ يَقْرَأْ تَرْجَمَتَهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بَلْ هُوَ خَالَفَ الْأَمْرَ الْمَأْمُورَ بِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ قِرَاءَةُ تَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ

وَأَمَّا الْخُطْبَةُ فَهِيَ تَذْكِيرٌ فَلَا بُدَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يُفْهِمَ مَعَانِي الْقُرْآنِ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ وَيُذَكِّرُ السَّامِعِينَ بلسانهم وإلا فيفوت مقصود الْخُطْبَةِ هَكَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ نَذِيرٌ حُسَيْنٌ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ

كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ مُلَخَّصًا

قال المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن ماجه

ص: 312