الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْكَ أَيْ لَا أُطِيقُهُ وَلَا أَبْلُغُهُ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي جَوَازِ إِضَافَةِ الشَّرِّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ الْخَيْرُ لِقَوْلِهِ أَعُوذُ بك من سخطك وعن عُقُوبَتِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ
(بَاب الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ)
[880]
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) وَمِنْهُ شِدَّةُ الضغطة ووحشة الوحدة
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ وَفِيهِ أَبْلَغُ الرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي إِنْكَارِهِمْ لَهُ وَمُبَالَغَتِهِمْ فِي الْحَطِّ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِهِمْ لَهُ حَتَّى وَقَعَ لِسُنِّيٍّ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مُعْتَزِلِيٍّ فَقَالَ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ فَإِنَّهُ كَانَ لا يؤمن به ويبالغ في نفيه ويخطىء مُثْبِتَهُ انْتَهَى
(وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْفِتْنَةُ الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ قَالَ عِيَاضٌ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي الْعُرْفِ لِكَشْفِ مَا يُكْرَهُ انْتَهَى
وَتُطْلَقُ عَلَى الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ وَالنَّمِيمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
وَالْمَسِيحُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ يُطْلَقُ عَلَى الدَّجَّالِ وعلى عيسى بن مريم عليه السلام لَكِنْ إِذَا أُرِيدَ الدَّجَّالُ قُيِّدَ بِهِ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ الْمِسِّيحُ عَلَى وَزْنِ سِكِّينٍ مُثَقَّلٌ الدَّجَّالُ وَمُخَفَّفٌ عِيسَى وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا مَا نَقَلَ الْفِرَبْرِيُّ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ عَنْهُ عَنْ خَلَفِ بْنِ عَامِرٍ وَهُوَ الْهَمْدَانِيُّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ أَنَّ الْمِسِّيحَ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَاحِدٌ يُقَالُ لِلدَّجَّالِ وَيُقَالُ لِعِيسَى وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى لَا اخْتِصَاصَ لِأَحَدِهِمَا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَهُوَ رَأْيٌ ثَالِثٌ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مَنْ قَالَهُ بِالتَّخْفِيفِ فَلِمَسْحِهِ الْأَرْضَ وَمَنْ قَالَهُ بِالتَّشْدِيدِ فَلِكَوْنِهِ مَمْسُوحَ الْعَيْنِ
وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَالَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فِي الدَّجَّالِ وَنُسِبَ قَائِلُهُ إِلَى التَّصْحِيفِ
وَاخْتُلِفَ فِي تَلْقِيبِ الدَّجَّالِ بِذَلِكَ فَقِيلَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّ أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ خُلِقَ مَمْسُوحًا لَا عَيْنَ فِيهِ وَلَا حَاجِبَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الْأَرْضَ إِذَا خَرَجَ
وَأَمَّا عِيسَى فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّ زَكَرِيَّا مَسَحَهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذا عاهة إلا بريء وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ الْأَرْضَ بِسِيَاحَتِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ رِجْلَهُ كَانَتْ لَا إِخْمَصَ لَهَا قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ الفيروز آبادي في القاموس المسيح عيسى عليه
السلام لِبَرَكَتِهِ وَذَكَرْتُ فِي اشْتِقَاقِهِ خَمْسِينَ قَوْلًا فِي شَرْحِي لِمَشَارِقِ الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ وَالدَّجَّالُ لِشُؤْمِهِ انْتَهَى
(وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ) مَنْسَلِ الحياة والموت
قال بن دقيق العيد فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مُدَّةَ حَيَاتِهِ مِنَ الِافْتِتَانِ بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَالْجَهَالَاتِ وَأَعْظَمُهَا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ أَمْرُ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَفِتْنَةُ الْمَمَاتِ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْفِتْنَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِفِتْنَةِ الْمَحْيَا عَلَى هَذَا مَا قَبْلَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا فِتْنَةُ الْقَبْرِ
وَقَدْ صَحَّ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدجال ولا يكون مع هذا الوجه متكررا مَعَ قَوْلِهِ عَذَابُ الْقَبْرِ لِأَنَّ الْعَذَابَ مُرَتَّبٌ عَنِ الْفِتْنَةِ وَالسَّبَبُ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ
وَقِيلَ أَرَادَ بِفِتْنَةِ الْمَحْيَا الِابْتِلَاءَ مَعَ زَوَالِ الصَّبْرِ وَبِفِتْنَةِ الْمَمَاتِ السُّؤَالَ فِي الْقَبْرِ مَعَ الْحِيرَةِ وَهَذَا مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ لِأَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ دَاخِلٌ تَحْتَ فِتْنَةِ الْمَمَاتِ وَفِتْنَةُ الدَّجَّالِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَأَخْرَجَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا سُئِلَ مَنْ رَبُّكَ تَرَاءَى لَهُ الشَّيْطَانُ فَيُشِيرُ إِلَى نَفْسِهِ أَنِّي أَنَا رَبُّكَ فَلِهَذَا وَرَدَ سُؤَالُ التَّثَبُّتِ لَهُ حِينَ يُسْأَلُ
ثُمَّ أَخْرَجَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ أَنْ يَقُولُوا اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (مِنَ الْمَأْثَمِ) إِمَّا مَصْدَرُ أَثِمَ الرَّجُلُ أَوْ مَا فِيهِ الْإِثْمُ أَوْ مَا يُوجِبُ الْإِثْمَ (وَالْمَغْرَمِ) أَيِ الدَّيْنِ يُقَالُ غَرِمَ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيِ ادَّانَ قِيلَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُسْتَدَانُ فِيمَا لَا يَجُوزُ أَوْ فِيمَا يَجُوزُ ثُمَّ يَعْجِزُ عَنْ أَدَائِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَقَدِ اسْتَعَاذَ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْمَغْرَمُ الْغُرْمُ وَقَدْ نَبَّهَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الضَّرَرِ اللَّاحِقِ مِنَ الْمَغْرَمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَقَالَ قَائِلٌ) أَيْ عَائِشَةُ كَمَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ (مَا أَكْثَرَ) بِالنَّصْبِ وَمَا تَعَجُّبِيَّةٌ (مَا تَسْتَعِيذَ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيِ اسْتِعَاذَتُكَ (إِنَّ الرَّجُلَ) الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ (إِذَا غَرِمَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ لَزِمَهُ دَيْنٌ وَالْمُرَادُ اسْتَدَانَ وَاتَّخَذَ ذَلِكَ دَأْبَهُ وَعَادَتَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ (حَدَّثَ) أَيْ أَخْبَرَ عَنْ مَاضِي الْأَحْوَالِ لِتَمْهِيدِ عُذْرٍ فِي التَّقْصِيرِ (فَكَذَبَ) لِأَنَّهُ إِذَا تَقَاضَاهُ رَبُّ الدَّيْنِ وَلَمْ يَحْضُرْهُ مَا يُؤَدِّي بِهِ دَيْنَهُ يَكْذِبُ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ يَدهِ ويقول لي ما لغائب إذا حضر أؤدي دينك
وقال بن حَجَرٍ أَيْ حَدَّثَ النَّاسَ عَنْ حَالِهِ وَمُعَامَلَتِهِ فَكَذَبَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَحْمِلَهُمْ عَلَى إِدَانَتِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا أَوِ الصَّبْرِ عَلَيْهِ لِيَرْبَحَ فِيهِ شَيْئًا يَبْقَى لَهُ قَبْلَ وَفَائِهِ (وَوَعَدَ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ يَقُولَ أُعْطِيكَ غَدًا أَوْ فِي الْمُدَّةِ الْفُلَانِيَّةِ (فَأَخْلَفَ) أَيْ فِي وَعْدِهِ وقال بن حَجَرٍ وَوَعَدَ بِالْوَفَاءِ
أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَأَخْلَفَ طَمَعًا فِي بَقَاءِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ لِسُوءِ تَدْبِيرِهِ أَوْ تَصَرُّفِهِ
وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ غَرِمَ شَرْطٌ وَحَدَّثَ جَزَاءٌ وَكَذَبَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْجَزَاءِ وَوَعَدَ عَطْفٌ عَلَى حَدَّثَ لَا عَلَى غَرِمَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَخْلَفَ مُتَرَتِّبًا عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[881]
(فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ وَيْلٌ لِأَهْلِ النَّارِ) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ سَمِعْتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي صَلَاةٍ لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ فَمَرَّ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ إِلَخْ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ مِنَ النَّارِ عِنْدَ الْمُرُورِ بِذِكْرِهَا وَقَدْ قَيَّدَهُ الرَّاوِي بِصَلَاةٍ غَيْرِ فَرِيضَةٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ مُقَيَّدٌ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ
قَالَ المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَأَبُو لَيْلَى لَهُ صُحْبَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ يَسَارٌ وَقِيلَ دَاوُدُ وَقِيلَ أَوْسٌ وَقِيلَ أَخُوهُ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ
[882]
(لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا) أَيْ ضَيَّقْتَ مَا وَسَّعَهُ اللَّهُ وَخَصَصْتَ بِهِ نَفْسَكَ دُونَ إِخْوَانِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ هَلَّا سَأَلْتَ اللَّهَ لَكَ وَلِكُلِّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَشْرَكْتَهُمْ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى تَرْكِ هَذَا الدُّعَاءِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالرَّحْمَةِ وَالْهِدَايَةِ وَنَحْوِهِمَا
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ دَعَا بِمَا لَا يَجُوزُ جَاهِلًا لِعَدَمِ أَمْرِ هَذَا الدَّاعِي بِالْإِعَادَةِ (يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ عز وجل قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَسِعَتْ فِي الدُّنْيَا الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ وَهِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمُتَّقِينَ خَاصَّةً جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ وَسِعَتْهُ رَحْمَتُهُ فِي الدَّارَيْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[883]
(كَانَ إِذَا قَرَأَ) إِلَخْ
قَالَ الْمُظْهِرُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ مِثْلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي غَيْرِهَا قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ وَكَذَا عِنْدَ مَالِكٍ يَجُوزُ فِي النَّوَافِلِ انْتَهَى
وَكَذَا الْحُكْمُ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ
كَذَا قال ملا علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ
قُلْتُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُوَافِقُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ
لِأَنَّ قَوْلَهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ عَامٌّ يَشْمَلُ الصَّلَاةَ وَغَيْرَهَا وَحَدِيثُ حُذَيْفَةَ مُقَيَّدٌ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ كَمَا مَرَّ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُجَوِّزِ التَّسْبِيحَ وَالسُّؤَالَ وَالتَّعَوُّذَ عِنْدَ الْمُرُورِ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ أَوْ سُؤَالٌ أَوْ تَعَوُّذٌ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا
[884]
(عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ) هُوَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ مَوْلَى آل جعدة بْنِ هُبَيْرَةَ الْمَخْزُومِيُّ
قَالَ فِي التَّقْرِيبِ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الْخَامِسَةِ وَكَانَ يُرْسِلُ وَمَنْ دُونَهُ هُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ (كَانَ رَجُلٌ) جَهَالَةُ الصَّحَابِيِّ مُغْتَفَرَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْحَقُّ (يُصَلِّي فَوْقَ بَيْتِهِ) فِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ وَالْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِمَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا عِنْدَ مَنْ جعل فعل الصحابي حجة أخذا بهذا
وَالْأَصْلُ الْجَوَازُ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنَ الْأَمْكِنَةِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِهِ (سُبْحَانَكَ) أَيْ تَنْزِيهًا لَكَ أَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى غَيْرَكَ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ
وَقَالَ الْكِسَائِيُّ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مُنَادَى مُضَافٌ (فَبَلَى) بِاللَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ سُنَنِ أَبِي داود فبكي بالكاف قال بن رَسْلَانَ وَأَكْثَرُ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ بِاللَّامِ بَدَلَ الْكَافِ وَبَلَى حَرْفٌ لِإِيجَابِ النَّفْي وَالْمَعْنَى أَنْتَ
قَادِرٌ عَلَى أَنْ تُحْيِيَ الْمَوْتَى
كَذَا فِي النَّيْلِ (يُعْجِبُنِي) مِنَ الْإِعْجَابِ أَيْ يُفْرِحُنِي وَيَسُرُّنِي (أَنْ يَدْعُوَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ) فِي مَعْنَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ الْفَرِيضَةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِالْأَدْعِيَةِ الَّتِي هِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ نَحْوَ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَمِثْلَ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أن آمنوا بربكم فآمنا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ وَثَانِيهُمَا أَنْ يَدْعُوَ فِي الْفَرِيضَةِ بِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ آيَاتِ الرَّحْمَةِ وَغَيْرِهَا أَيْ إِذَا يَمُرُّ الْمُصَلِّي بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا يَمُرُّ بِسُؤَالٍ سأل وإذا يمر بآية يُتَعَوَّذُ فِيهَا تَعَوَّذَ
وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ
فَالْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَخُصُّ هَذَا في النوافل بل يستحبه فِي الْفَرَائِضِ أَيْضًا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ آيَةِ الرحمة وآية العذاب
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ أُحِبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا قَرَأَ آيَةَ الرَّحْمَةِ أَنْ يَقِفَ فَيَسْأَلَ اللَّهَ وَيَسْأَلَ النَّاسُ وَإِذَا قَرَأَ آيَةَ الْعَذَابِ أَنْ يَقِفَ فَيَسْتَعِيذَ وَيَسْتَعِيذَ النَّاسُ بَلَغَنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ سَاقَ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ثُمَّ قَالَ وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعْنَاهُ فِي آيَةِ الرَّحْمَةِ وَفِي آيَةِ الْعَذَابِ ثُمَّ روى من طريق عبدخير أَنَّ عَلِيًّا قَرَأَ فِي الصُّبْحِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فَقَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُمْ يَكْرَهُونَ هَذَا وَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ هَذَا
وَيُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُشْبِهُهُ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَوْ أَرَادَ مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بن جبير عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَرَأَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى إِلَّا أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَرَأَ مِنْكُمْ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فَانْتَهَى إِلَى آخِرِهَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ فَلْيَقُلْ وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَمَنْ قرأ لا أقسم بيوم القيامة فَانْتَهَى إِلَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أن يحيى الموتى فليقل بلى ومن قرأ والمرسلات فبلغ فبأي حديث بعده يؤمنون فَلْيَقُلْ آمَنَّا بِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْبَيْهَقِيِّ