الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[931]
(مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ شُزْرٍ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ جمع شزر وهو النظر عن اليمين والشمال وقيل هو النظربمؤخر الْعَيْنِ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي حَالِ الْغَضَبِ وَإِلَى الْأَعْدَاءِ (فَإِذَا كُنْتَ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ (فَلْيَكُنْ ذَلِكَ) إِشَارَةً إِلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَذِكْرِ اللَّهِ (شَأْنَكَ) بِالنَّصْبِ خَبَرُ فَلْيَكُنْ أَيْ حَالَكَ
(بَاب التَّأْمِينِ وَرَاءَ الْإِمَامِ)
[932]
(أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ (عَنْ حُجْرٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ (أَبِي الْعَنْبَسِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ (إِذَا قَرَأَ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ) قَالَ الْحَافِظُ في
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله حَدِيث وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ فَأَمَّا سُفْيَانُ فَقَالَ وَرَفَعَ بِهَا صَوْته وَأَمَّا شُعْبَةُ فَقَالَ خَفَضَ بِهَا صَوْته ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ
قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثُ سُفْيَانَ أَصَحّ وَأَخْطَأَ شُعْبَةُ فِي قَوْله خَفَضَ بِهَا صَوْته
وَفِي هَذَا الْحَدِيث أُمُور أَرْبَعَة أَحَدهَا اِخْتِلَاف شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ فِي رَفَعَ وَخَفَضَ
الثَّانِي اِخْتِلَافهمَا فِي حُجْرٍ فَشُعْبَةُ يَقُول حُجْرٌ أَبُو الْعَنْبَسِ وَالثَّوْرِيُّ يقول حجر بن عنبس وَصَوَّبَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ قَوْل الثَّوْرِيِّ
الثَّالِث أَنَّهُ لَا يُعْرَف حَال حُجْرٍ
الرَّابِع أَنَّ الثَّوْرِيَّ وَشُعْبَةَ اِخْتَلَفَا
فَجَعَلَهُ الثَّوْرِيُّ مِنْ رِوَايَة حُجْرٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَشُعْبَةُ جَعَلَهُ مِنْ رِوَايَة حُجْرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ وَائِلٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ ذَكَرَ رِوَايَة الثَّوْرِيِّ وَصَحَّحَهَا وَلَمْ يَرَهُ مُنْقَطِعًا بِزِيَادَةِ شُعْبَةَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ فِي الْوَسَط وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِهَذِهِ الْعِلَّة لَمْ يُصَحِّحهُ التِّرْمِذِيُّ
وَاللَّهُ أَعْلَم
التلخيص سنده صحيح وصححه الدارقطني وأعله بن الْقَطَّانِ بِحُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ وَأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ بَلْ هُوَ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ قيل له صحبته وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَتَصَحَّفَ اسْمُ أبيه على بن حَزْمٍ فَقَالَ فِيهِ حُجْرُ بْنُ قَيْسٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ انْتَهَى
قَالَ المنذري وأخرجه والترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ
قُلْتُ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ مَكَانَ رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَدِّ إِلَّا رَفْعَ الصَّوْتِ بِهَا
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُحَدِّثُ الدِّهْلَوِيُّ فِي اللُّمَعَاتِ قَوْلُهُ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ أَيْ بِكَلِمَةِ آمِينَ يَحْتَمِلُ الْجَهْرَ بِهَا وَيَحْتَمِلُ مَدَّ الْأَلِفِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحِ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ بِقَرِينَةِ الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ فَفِي بَعْضِهَا يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ هَذَا صَرِيحٌ فِي مَعْنَى الجهر
وفي رواية بن مَاجَهْ حَتَّى يَسْمَعَهَا الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَيَرْتَجَّ بِهَا الْمَسْجِدُ وَفِي بَعْضِهَا يَسْمَعُ مَنْ كَانَ فِي الصف الأول رواه أبو داود وبن مَاجَهْ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ احْتَجَّ الرَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ وَائِلٍ أَيِ الَّذِي بِلَفْظِ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ بِآمِينَ
وَقَالَ فِي أَمَالِيهِ يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى لُغَةِ الْمَدِّ دُونَ الْقَصْرِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَلَكِنْ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ رَفَعَ صَوْتَهُ تُبْعِدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ
وَلِهَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ عَقِبَهُ وَبِهِ يَقُولُ غَيْرُ وَاحِدٍ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ
انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِنَانِ الْجَهْرِ بِآمِينَ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَبِهِ يَقُولُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النبي وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَرَوْنَ أَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ صَوْتَهُ بِالتَّأْمِينِ وَلَا يُخْفِيهَا وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ انْتَهَى
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَالْحَنَفِيَّةُ بِالسِّرِّ بِهَا وَحُجَّتُهُمْ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رسول الله لما بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين قَالَ آمِينَ وَأَخْفَى بِهِ صَوْتَهُ وَلَفْظُ الْحَاكِمِ خَفَضَ صَوْتَهُ لَكِنْ قَدْ أَجْمَعَ الْحُفَّاظُ مِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ شُعْبَةَ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ خَفَضَ صَوْتَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَدَّ صَوْتَهُ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ حَدِيثُ سُفْيَانَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ فِي هَذَا وَأَخْطَأَ شُعْبَةُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ عَنْ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ وَإِنَّمَا هُوَ حُجْرُ بْنُ عَنْبَسٍ وَيُكَنَّى أَبَا السَّكَنِ وَزَادَ فِيهِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ وَلَيْسَ فِيهِ عَنْ عَلْقَمَةَ وَإِنَّمَا هُوَ حُجْرُ بْنُ عَنْبَسٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَقَالَ وَخَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ حَدِيثُ سُفْيَانَ فِي هَذَا أَصَحُّ
قَالَ رَوَى الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ الْأَسَدِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ نَحْوَ رِوَايَةِ سُفْيَانَ انْتَهَى
وَطَعَنَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ
فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ هَذَا بِأَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ خِلَافَهُ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ سَمِعْتُ حُجْرًا أَبَا عَنْبَسِ يُحَدِّثُ عَنْ وَائِلٍ
الحضرمي أنه صلى خلف النبي فلما قال ولا الضالين قَالَ آمِينَ رَافِعًا بِهِ صَوْتَهُ قَالَ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُوَافِقُ رِوَايَةَ سُفْيَانَ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ إِسْنَادُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ صَحِيحٌ وَكَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ سُفْيَانُ أَحْفَظُ وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِذَا خَالَفَ شُعْبَةُ سُفْيَانَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ سُفْيَانَ
قَالَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْحُفَّاظُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ شُعْبَةَ أَخْطَأَ فَقَدْ رَوَى مِنْ أَوْجُهٍ فَجَهَرَ بِهَا انْتَهَى
وَقَالَ الْإِمَامُ بن الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ إِذَا اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ سُفْيَانَ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ شُعْبَةَ وَلَا يعد له عِنْدِي أَحَدٌ وَإِذَا خَالَفَهُ سُفْيَانُ أَخَذْتُ بِقَوْلِ سُفْيَانَ وَقَالَ شُعْبَةُ سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنِّي انْتَهَى
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ بَعْدَ إِخْرَاجِ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَيُقَالُ إِنَّهُ وَهِمَ فِيهِ لِأَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَغَيْرَهُمَا رَوَوْهُ عَنْ سَلَمَةَ فَقَالُوا وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِآمِينَ وهو الصواب انتهى وقال الحافظ في التلخيص وَقَدْ رَجَحَتْ رِوَايَةُ سُفْيَانَ بِمُتَابَعَةِ اثْنَيْنٍ لَهُ بِخِلَافِ شُعْبَةَ فَلِذَلِكَ جَزَمَ النُّقَّادُ بِأَنَّ رِوَايَتَهُ أَصَحُّ
انْتَهَى
فَقَدْ تَحَصَّلَ لَكَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أُمُورٌ الْأَوَّلُ أَنَّ شُعْبَةَ خَالَفَ سُفْيَانَ فِي قَوْلِهِ خَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ اتَّفَقَ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى أَنَّ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ إِذَا اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ سُفْيَانَ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ رَوَى شُعْبَةُ نَفْسُهُ مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ سُفْيَانَ بِلَفْظِ فَلَمَّا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ رَافِعًا بِهِ صَوْتَهُ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ تَابَعَ سُفْيَانَ فِي الرَّفْعِ الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَلَمَةَ وَالْخَامِسُ أَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ شُعْبَةَ أَحَدٌ فِي الْخَفْضِ فَهَذِهِ الْأُمُورُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ شُعْبَةَ شَاذَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى الْإِسْرَارِ بِآمِينَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ
[933]
(عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أنه صلى خلف رسول الله فَجَهَرَ بِآمِينَ) رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ عَنْ وَائِلٍ فَتَابَعَ عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ فِي الْجَهْرِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَمَا تَابَعَهُ فِيهِ الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَدْ مَرَّ ذِكْرُهُمَا
[934]
(عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ الْحَرْثِيُّ أَبُو الْأَسْبَاطِ إِمَامُ مَسْجِدِ نَجْرَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وثقه بن معين وبن عدي
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ (إِذَا تَلَا) أَيْ قَرَأَ (قَالَ آمِينَ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيهِ من الصف الأول) وفي رواية بن مَاجَهْ (حَتَّى يَسْمَعَهَا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَيَرْتَجَّ بِهَا الْمَسْجِدُ) وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
قَالَهُ فِي النَّيْلِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى الْجَهْرِ بِالتَّأْمِينِ وَيَشْهَدُ لِحَدِيثِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورِ
[935]
(فَقُولُوا آمِينَ) هُوَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَعَنْ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ وَحَكَى أَبُو نَصْرٍ عَنْ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ الْإِمَالَةَ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أُخَرُ شَاذَّةٌ الْقَصْرُ حكاه ثعلب وأنشد له شاهدا وأنكره بن دُرُسْتُوَيْهِ وَطَعَنَ فِي الشَّاهِدِ بِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَحَكَى عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ عَنْ ثَعْلَبٍ إِنَّمَا أَجَازَهُ فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً وَالثَّانِيَةُ التَّشْدِيدُ مَعَ الْمَدِّ وَالثَّالِثَةُ التَّشْدِيدُ مَعَ الْقَصْرِ وَخَطَّأَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَآمِينَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ وَيُفْتَحُ فِي الْوَصْلِ لِأَنَّهَا مِثْلُ كَيْفَ وَمَعْنَاهُ اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مَا يَرْجِعُ جَمِيعُهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى
وَقِيلَ إِنَّهُ اسْمٌ لِلَّهِ حَكَاهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ عَنِ الْوَاحِدِيِّ
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ مَعْنَى قَوْلِهِ عليه السلام إِذَا قَالَ وَلَا الضالين فَقُولُوا آمِينَ أَيْ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَقَعَ تَأْمِينُكُمْ وَتَأْمِينُهُ مَعًا فَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَهُ عَنْ وَقْتِ تَأْمِينِهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ إِذَا رَحَلَ الْأَمِيرُ فَارْحَلُوا يَعْنِي إِذَا أَخَذَ الْأَمِيرُ لِلرَّحِيلِ فتهيؤا لِلِارْتِحَالِ لِتَكُونَ رِحْلَتُكُمْ مَعَ رِحْلَتِهِ وَبَيَانُ هَذَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ إِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ آمِينَ وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ آمِينَ فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ الْمَلَائِكَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَأُحِبُّ أَنْ يُجْمَعَ التَّأْمِينَانِ فِي وَقْتِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَرَوَى الْحَاكِمُ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمُسْتَدْرَك بِلَفْظٍ آخَر مِنْ حَدِيث الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغَ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْته وَقَالَ آمِينَ
قَالَ الْحَاكِمُ هَذَا حَدِيث حَسَن صحيح
رَجَاءِ الْمَغْفِرَةِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التأمين للمأموم والجهر به وَقَدْ تَرْجَمَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ بَابَ جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ وَأَوْرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ مُتَرْجَمَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْأَمْرَ بِقَوْلِ آمِينَ وَالْقَوْلُ إِذَا وَقَعَ بِهِ الْخِطَابُ مُطْلَقًا حُمِلَ عَلَى الْجَهْرِ وَمَتَى أُرِيدَ بِهِ الْإِسْرَارُ أَوْ حَدِيثُ النَّفْسِ قُيِّدَ بِذَلِكَ
وقال بن رَشِيدٍ تُؤْخَذُ الْمُنَاسَبَةُ مِنْهُ مِنْ جِهَاتٍ مِنْهَا أَنَّهُ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ فَقُولُوا مُقَابِلَ الْقَوْلِ بِالْقَوْلِ وَالْإِمَامُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ جَهْرًا فَكَانَ الظَّاهِرُ الِاتِّفَاقُ فِي الصِّفَةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ فَقُولُوا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِجَهْرٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَقَدْ عُمِلَ بِهِ فِي الْجَهْرِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ وَالْمُطْلَقُ إِذَا عُمِلَ بِهِ فِي صُورَةٍ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي غَيْرِهَا بِاتِّفَاقٍ وَمِنْهَا أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَأْمُومَ مَأْمُورٌ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ فَلَزِمَ جَهْرَهُ بِجَهْرِهِ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا الأخير سبق إليه بن بَطَّالٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَجْهَرَ الْمَأْمُومُ بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ جَهَرَ بِهَا لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهُ بِأَنَّ الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ قَدْ نُهِيَ عَنْهُ فَبَقِيَ التَّأْمِينُ دَاخِلًا تَحْتَ عُمُومِ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْإِمَامِ وَيَتَقَوَّى ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ مَنْ خلف بن الزُّبَيْرِ كَانُوا يُؤَمِّنُونَ جَهْرًا
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَدْرَكْتُ مِائَتَيْنِ من أصحاب رسول الله فِي هَذَا الْمَسْجِدِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضالين سَمِعْتُ لَهُمْ رَجَّةً بِآمِينَ انْتَهَى (فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةِ فَقِيلَ هُمُ الْحَفَظَةُ وَقِيلَ غيرهم لقوله (مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ) وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّهُ إِذَا قَالَهُ الْحَاضِرُونَ مِنَ الْحَفَظَةِ قَالَهُ مَنْ فَوْقَهُمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْمُوَافَقَةِ الْمُوَافَقَةُ فِي وَقْتِ التَّأْمِينِ فَيُؤَمِّنُ مَعَ تَأْمِينِهِمْ قَالَهُ النَّوَوِيُّ (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ظَاهِرُهُ غُفْرَانُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الصَّغَائِرِ قَالَهُ الْحَافِظُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[936]
(إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ يُوقِعُ التَّأْمِينَ عِنْدَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا أَنَّهُ يُوقِعُهُ عِنْدَ قَوْلِ الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين وَجَمَعَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ أَيْ أَرَادَ التَّأْمِينَ لِيَقَعَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مَعًا
قَالَ الْحَافِظُ وَيُخَالِفُهُ رِوَايَةُ معمر عن بن شِهَابٍ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّ
الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ آمِينَ وَالْإِمَامُ يَقُولُ آمِينَ قَالَ أخرجها النسائي وبن السَّرَّاجِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْإِمَامِ يُؤَمِّنُ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقُلِ الْإِمَامُ آمِينَ وَقِيلَ الْأَوَّلُ لِمَنْ قَرُبَ مِنَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي لِمَنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ لِأَنَّ جَهْرَ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ أَخْفَضُ مِنْ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ
وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَخْيِيرُ الْمَأْمُومِ فِي قَوْلِهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ وَلَيْسَتْ بِدُونِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرُوهُ يَعْنِي الْجُمْهُورَ كَذَا فِي النَّيْلِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ وَوَجْهُ الدِّلَالَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ التَّأْمِينُ مَسْمُوعًا لِلْمَأْمُومِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقَدْ عَلَّقَ تَأْمِينَهُ بِتَأْمِينِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ مَوْضِعُهُ مَعْلُومٌ فَلَا يَسْتَلْزِمُ الْجَهْرَ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخِلَّ بِهِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ عِلْمَ الْمَأْمُومِ بِهِ وَقَدْ رَوَى رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي هذا الحديث قال بن شهاب وكان رسول الله إذا قال ولا الضالين جَهَرَ بِآمِينَ أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ رواية الزبيدي في حديث الباب عن بن شِهَابٍ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ آمِينَ قَالَهُ الْحَافِظُ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ الله كَانَ يَجْهَرُ بِآمِينَ وَلَوْلَا جَهَرَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ يَتَحَرَّى مُتَابَعَتَهُ فِي التَّأْمِينِ عَلَى سَبِيلِ الْمُدَارَكَةِ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَتِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِهِ جَهْرًا يَسْمَعُهُ مَنْ ورائه
وَقَدْ رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ أَنَّ رَسُولَ الله كان إذا قرأ ولا الضالين قَالَ آمِينَ رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ فِي هَذَا الْبَابِ انْتَهَى
(قال بن شهاب وكان رسول الله يقول منين) هُوَ مُتَّصِلٌ إِلَيْهِ بِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ ثُمَّ هُوَ مِنْ مراسيل بن شِهَابٍ وَرَوَى عَنْهُ مَوْصُولًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الغرائب والعلل من طريق حفص بن عمرو العدني عَنْ مَالِكٍ عَنْهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْحَافِظُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
[937]
(عن بلال) هو بن رَبَاحٍ الْمُؤَذِّنُ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه (قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ) قَالَ الْحَافِظُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ قِيلَ إِنَّ أَبَا عُثْمَانَ لَمْ يَلْقَ بِلَالًا وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِلَفْظِ إِنَّ بِلَالًا قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِرْسَالِ وَرَجَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَوْصُولِ انْتَهَى
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ نَحْوَ قَوْلِ بِلَالٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ كَانَ أَبِو هُرَيْرَةَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ قَامَ الْإِمَامُ فَيُنَادِيهِ فَيَقُولُ لا
تَسْبِقْنِي بِآمِينَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا بِلَفْظِ لَا تَفُتْنِي بِآمِينَ وَهُوَ بِمَعْنَى لَا تَسْبِقْنِي
قَالَ الْحَافِظُ مُرَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنْ يُؤَمِّنَ مَعَ الْإِمَامِ دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ وَقَالَ مَعْنَاهُ لَا تُنَازِعْنِي بِالتَّأْمِينِ الَّذِي هُوَ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَأْمُومِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ انْتَهَى
قُلْتُ وَرِوَايَةُ بِلَالٍ تُضَعِّفُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّ بِلَالًا لَا يَقَعُ مِنْهُ مَا حَمَلَ هَذَا الْقَائِلُ كَلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ
قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُؤَذِّنُ لِمَرْوَانَ فَاشْتَرَطَ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِالضَّالِّينَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّفِّ وَكَأَنَّهُ كَانَ يَشْتَغِلُ بِالْإِقَامَةِ وَتَعْدِيلِ الصُّفُوفِ وَكَانَ مَرْوَانُ يُبَادِرُ إِلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ فَرَاغِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ انْتَهَى
[938]
(عَنْ صَبِيحٍ) قَالَ في الخلاصة صبيح بالفتح بن مُحْرِزٍ آخِرُهُ زَايٌ الْمَقْرَائِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ الْحِمْصِيُّ وقيده بن مَاكُولَا بِالضَّمِّ وَكَذَا عَبْدُ الْغَنِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السُّكُونِيِّ وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفريابي وثقه بن حِبَّانَ (أَبُو مُصَبِّحٍ) بِمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ عَلَى وَزْنِ مُحَدِّثٍ (الْمَقْرَائِيُّ) بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَ رَاءٍ مَمْدُودَةٍ كَذَا ضَبَطَهُ فِي الْخُلَاصَةِ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ بَيْنَهُمَا قَافٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ قَبْلَ يَاءِ النِّسْبَةِ وَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ فِيهِ (فَإِنَّ آمِينَ مِثْلُ الطَّابَعِ عَلَى الصَّحِيفَةِ) الطَّابَعُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْخَاتَمُ يُرِيدُ أَنَّهَا تَخْتِمُ عَلَى الدُّعَاءِ وَتَرْفَعُ كَفِعْلِ الْإِنْسَانِ بِمَا يَعِزُّ عَلَيْهِ (ذَاتَ لَيْلَةٍ) أَيْ سَاعَةً مِنْ سَاعَاتِ لَيْلَةٍ (قَدْ أَلَحَّ فِي الْمَسْأَلَةِ) أَيْ بَالَغَ فِي السُّؤَالِ وَالدُّعَاءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْجَبَ) أَيِ الْجَنَّةَ لِنَفْسِهِ يُقَالُ أَوْجَبَ الرَّجُلُ إِذَا فَعَلَ فِعْلًا وَجَبَتْ لَهُ بِهِ الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ أَوِ الْمَغْفِرَةُ لِذَنْبِهِ أَوِ الْإِجَابَةُ لِدُعَائِهِ
قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ (إِنْ خَتَمَ) أَيِ الْمَسْأَلَةَ (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَخْتِمُ فَقَالَ بِآمِينَ) قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ دَعَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ آمِينَ بَعْدَ دُعَائِهِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَدْعُو وَالْقَوْمُ يُؤَمِّنُونَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَأْمِينِ الْإِمَامِ اكْتِفَاءً بِتَأْمِينِ الْمَأْمُومِ انتهى قال علي القارىء
وَفِيهِ نَظَرٌ إِذِ الْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ أَنْ يُؤَمِّنَ الْإِمَامُ أَيْضًا وَأَمَّا فِي الْخَارِجِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ كُلٌّ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالتَّأْمِينِ (فَأَتَى الرَّجُلُ) أَيِ الَّذِي قَدْ أَلَحَّ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُقْرِيُّ قَبِيلٌ مِنْ حِمْيَرَ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ
وَذَكَرَ أَبُو سعيد المروزي أن هذه النسبة إلى مقرى قَرْيَةٌ بِدِمَشْقَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ
وَيُقَالُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَصَوَّبَ بَعْضُهُمُ الْفَتْحَ
وَقَالَ أَبُو زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيُّ قِيلَ اسْمُهُ فُلَانُ بْنُ شُرَحْبِيلَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ إِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِكُنْيَتِهِ فَكَيْفَ يُعْرَفُ اسْمُهُ وَذَكَرَ لَهُ أَبُو عُمَرَ وَالنَّمَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَائِمِ وَمُصَبِّحٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِهَا وَبَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ انْتَهَى قَالَ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ تَحْتَ قَوْلِهِ
وَالْمُقْرِي قَبِيلٌ مِنْ حِمْيَرَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي تَاجِ الْعَرُوسِ شَرْحِ الْقَامُوسِ مُقْرِءُ بْنُ سَبِيعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدٍ عَلَى وَزْنِ مُكْرِمِ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ وَبِهِ عُرِفَ الْبَلَدُ الَّذِي بِالْيَمَنِ لِنُزُولِهِ وَوَلَدِهِ هُنَاكَ
وَنَقَلَ الرَّشَاطِيُّ عَنِ الْهَمْدَانِيِّ مُقْرِي بْنِ سَبِيعٍ بِوَزْنِ معطي قال فإذا نسبت إليه شددت الباء وَقَدْ شُدِّدَ فِي الشِّعْرِ
قَالَ الرَّشَاطِيُّ وَقَدْ وَرَدَ فِي الشِّعْرِ مَهْمُوزًا أَيْ مُقْرِءٌ
قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي نِسَابِ الْحِمْيَرِيِّينَ وَقَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في كتاب المشتبه والمختلف مقرى بْنُ سَبِيعٍ بَطْنٌ مِنْ بَنِي جُشَمٍ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِفَتْحِهَا وَآخِرُهُ هَمْزَةٌ مَقْصُورَةٌ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ مَقْرَأِيٌّ وَيُكْتَبُ بِأَلِفٍ هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ ليفرق بينه وبين المقرئ من القراءة وقال بن الْكَلْبِيِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ مَقْرَأيٌّ وَالْمُحَدِّثُونَ يضمونة وهو خطأ ومنهم أبو المصبح المرأي حَدَّثَ عَنْهُ صُبَيْحُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمَقْرَأِيُّ الْحِمْصِيُّ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي بَابِ التَّأْمِينِ وَرَاءَ الْإِمَامِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ لِلْبَابِ ظَاهِرَةٌ وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ فَحَيْثُ إنَّ الْمَأْمُومَ أُمِرَ بِاتِّبَاعِ الْإِمَامِ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ إِلَّا فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ وَقَالَ النبي صلوا كما رأيتموني فلما أمن النبي وَكَانَ إِمَامًا ثَبَتَ التَّأْمِينُ لِلْمُقْتَدِي الْمَأْمُومِ وَأَمَّا السَّابِعُ فَحَيْثُ إِنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ دُعَاءٌ فَمَنْ قَرَأَهَا إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا دَاخِلَ الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا يُؤَمِّنُ عَقِبَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ