الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَابِ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ عَلِيٌّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا فِي بَابِ احتلاب المواشي إِذْنِ الْأَرْبَابِ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُهَا فَلْيَسْتَأْذِنْهُ الْحَدِيثَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَقَالُوا إِنَّمَا يُحَدِّثُ عَنْ صَحِيفَةِ سَمُرَةَ انتهى
لكن قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الدَّلَالَةِ بَعْدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ شَرْحِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ
(باب الصلاة على النبي بَعْدَ التَّشَهُّدِ)
[976]
الصَّلَاةُ الدُّعَاءُ وَالرَّحْمَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَحُسْنُ الثناء من الله تعالى على رسوله وَهُوَ مِنَ الْعِبَادِ طَلَبُ إِفَاضَةِ الرَّحْمَةِ الشَّامِلَةِ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَقِيلَ يَجِبُ كُلَّمَا جَرَى ذِكْرُهُ وَقِيلَ الْوَاجِبُ الَّذِي بِهِ يَسْقُطُ الْمَأْثَمُ هُوَ الْإِتْيَانُ بِهَا مرة كالشهادة بنبوته وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ كَذَا فِي اللُّمَعَاتِ
وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما هَلْ هُوَ لِلنَّدَبِ أَوْ لِلْوُجُوبِ ثُمَّ هَلِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ ثُمَّ هَلْ تَتَكَرَّرُ كُلَّمَا سُمِعَ ذِكْرُهُ أَمْ لَا وَإِذَا تَكَرَّرَ هَلْ تَتَدَاخَلُ فِي الْمَجْلِسِ أَمْ لَا فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَرْضٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا الْوُجُوبُ وَالتَّدَاخُلُ انْتَهَى
وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَوِيلٌ وَقَدْ أَجَادَ وَأَحْسَنَ وَأَطَالَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْخَفَاجِيُّ فِي نَسِيمِ الرِّيَاضِ شرح شفاء القاضي عياض والإمام بن الْقَيِّمِ فِي جِلَاءِ الْأَفْهَامِ
(عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْجِيمِ (فَقَدْ عَرَفْنَاهُ) يَعْنِي بِمَا تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ التَّشَهُّدِ وَهُوَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَأْخِيرِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَنِ التَّشَهُّدِ (فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ) فِيهِ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ كَيْفِيَّةُ مَا فَهِمَ جُمْلَتَهُ أن
يَسْأَلَ عَنْهُ مَنْ لَهُ بِهِ عِلْمٌ (قُولُوا اللَّهُمَّ إِلَخْ) اسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عليه بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ عُمَرُ وَابْنُهُ عبد الله وبن مَسْعُودٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بن حنبل وإسحاق وبن الْمَوَّازِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَآخَرُونَ
قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ
إِنَّهُ أَجْمَعَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ مِنَ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ لِمَا عَرَفْتَ مِنْ نِسْبَةِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَلَكِنَّهُ لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْأَمْرِ بِهَا وَبِمَا فِي سَائِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ لأن غايتها الأمر بمطلق الصلاة عليه وَهُوَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فِي الْجُمْلَةِ فَيَحْصُلُ الِامْتِثَالُ بِإِيقَاعِ فَرْدٍ مِنْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الصَّلَاةِ بما أخرجه بن حبان والحاكم والبيهقي وصححوه وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ بِزِيَادَةِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا وَفِي رِوَايَةٍ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا وَغَايَةُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أن يتعين بها محل الصلاة عليه وَهُوَ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُعَيِّنُ مَحَلَّ النِّزَاعِ وَهُوَ إِيقَاعُهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ
وَيُمْكِنُ الِاعْتِذَارُ عَنِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ بِأَنَّ الْأَوَامِرَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْأَحَادِيثِ تَعْلِيمُ كَيْفِيَّةٍ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْوُجُوبَ فَإِنَّهُ لَا يَشُكُّ مَنْ لَهُ ذَوْقٌ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ إِذَا أَعْطَيْتُكَ دِرْهَمًا فَكَيْفَ أُعْطِيكَ إِيَّاهُ أَسِرًّا أَمْ جَهْرًا فَقَالَ لَهُ أَعْطِنِيهِ سِرًّا كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا بِالْكَيْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ السِّرِّيَّةُ لَا أَمْرًا بِالْإِعْطَاءِ وَتَبَادُرُ هَذَا الْمَعْنَى لُغَةً وَشَرْعًا وَعُرْفًا لَا يُدْفَعُ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي السُّنَّةِ وَكَثُرَ فَمِنْهُ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمُ اللَّيْلَ فَلْيَفْتَتِحِ الصَّلَاةَ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ الْحَدِيثَ
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ (وَآلِ مُحَمَّدٍ) بِحَذْفِ عَلَى وَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ بِإِثْبَاتِهَا وَقَدْ ذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى وُجُوبِ زِيَادَتِهَا كَذَا فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ
وَفِي الْمِرْقَاةِ قِيلَ الْآلُ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ كَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَقِيلَ كُلُّ تَقِيٍّ آلُهُ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْآلِ جَمِيعُ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْآلِ الْأَزْوَاجُ وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِمُ الذُّرِّيَّةُ وبذلك يجمع بين الأحاديث
وقال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ هُمْ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَقِيلَ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ وَنَسْلُهُمْ وَقِيلَ أَزْوَاجُهُ وَذُرِّيَّتُهُ
لِأَنَّهُمْ ذُكِرُوا جُمْلَةً فِي رِوَايَةٍ وَرُدَّ بِأَنَّهُ ثَبَتَ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمَالَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَاخْتَارَهُ الزُّهْرِيُّ وَآخَرُونَ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِالْأَتْقِيَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى تَمَامٌ فِي فَوَائِدِهِ وَالدَّيْلَمِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ الله مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ كُلُّ تَقِيٍّ مِنْ آل محمد زاد الديملي ثم قرأ إن أولياؤه إلا المتقون
(كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) ذُكِرَ فِي وَجْهِ تَخْصِيصِهِ مِنْ بَيْنِ الْأَنْبِيَاءِ وُجُوهٌ أَظْهَرُهَا كَوْنُهُ جد النبي وَقَدْ أُمِرْنَا بِمُتَابَعَتِهِ فِي أُصُولِ الدِّينِ أَوْ فِي التَّوْحِيدِ الْمُطْلَقِ وَالِانْقِيَادِ الْمُحَقَّقِ انْتَهَى كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ وَاسْتَشْكَلَ جماعة من العلماء التشبيه للصلاة عليه بِالصَّلَاةِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَمَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَوْ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَةِ مَعَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ دُونَ الْمُشَبَّهِ به في الغالب وهو أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ الْمُشَبَّهَ مَجْمُوعُ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ بِمَجْمُوعِ الصَّلَاةِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ وَفِي آلِ إِبْرَاهِيمَ مُعْظَمُ الْأَنْبِيَاءِ فَالْمُشَبَّهُ بِهِ أَقْوَى مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَمِنْهَا أَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بِأَصْلِ الصَّلَاةِ لَا لِلْقَدْرِ بِالْقَدْرِ وَمِنْهَا أَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ فِي الصَّلَاةِ على الآل لا على النبي وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمِنْهَا أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ منه قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ ومنها أن مراده أَنْ يُتِمَّ النِّعْمَةَ عَلَيْهِ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى إبراهيم وآله ومنها أن مراده أَنْ يَبْقَى لَهُ لِسَانُ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ كَإِبْرَاهِيمَ وَمِنْهَا أَنَّهُ سَأَلَ أَنْ يَتَّخِذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا كَإِبْرَاهِيمَ (وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ) الْبَرَكَةُ هِيَ الثُّبُوتُ وَالدَّوَامُ مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَكَ الْبَعِيرُ إِذَا ثَبَتَ وَدَامَ أَيْ أَدِمْ شَرَفَهُ وَكَرَامَتَهُ وَتَعْظِيمَهُ (إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) أَيْ مَحْمُودُ الْأَفْعَالِ مُسْتَحِقٌّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ لِمَا فِي الصِّيغَةِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِطَلَبِ الصَّلَاةِ مِنْهُ وَالْمَجِيدُ الْمُتَّصِفُ بِالْمَجْدِ وَهُوَ كَمَالُ الشَّرَفِ وَالْكَرْمِ وَالصِّفَاتِ الْمَحْمُودَةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[978]
(بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا) أَيِ الْحَدِيثُ (وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) أَصْلُ آلِ أَهْلُ فَأُبْدِلَتِ الْهَاءُ هَمْزَةً ثم الهمزة ألفا بدل عَلَيْهِ تَصْغِيرُهُ عَلَى أُهَيْلٍ وَيَخْتَصُّ بِالْأَشْهَرِ الْأَشْرَفِ كَقَوْلِهِمُ الْقُرَّاءُ آلُ مُحَمَّدٍ وَلَا يُقَالُ آلُ الْخَيَّاطِ وَالْإِسْكَافِ اخْتَلَفُوا فِي الْآلِ مَنْ هُمْ قِيلَ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ كَبَنِي هَاشِمٍ
وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَالْفَاطِمَةِ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيٍّ وَأَخَوَيْهِ جعفر وعقيل وأعمامه الْعَبَّاسِ وَالْحَارِثِ وَحَمْزَةَ وَأَوْلَادِهِمْ وَقِيلَ كُلُّ تَقِيٍّ آله ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَتَقَدَّمَ آنِفًا بَيَانُهُ (كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ) هُمْ إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَهُمُ الرَّحْمَةَ وَالْبَرَكَةَ بِقَوْلِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حميد مجيد ولم يجمعا لغيرهم فسأل النبي إعطاء ما تضمنته الآية قال بن تَيْمِيَةَ فِي الْمُنْتَقَى تَحْتَ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ أَيْ بِلَفْظِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَكَمَا بَارَكَتْ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَالَ فِيهِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَمْ يَذْكُرْ آلَهُ
انْتَهَى
[979]
(أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ (قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نصلي عليك) قال علي القارىء جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ سبب هذا السؤال وَلَفْظُهُ لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عليه وسلموا تسليما قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَلِمْنَا مَا هُوَ فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا أَنْ نصلي عليك (قولوا اللهم) أي ياالله فَالْمِيمُ عِوَضٌ عَنْ يَاءٍ وَمِنْ ثَمَّ شَذَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ الْمِيمُ مُقْتَطَعَةٌ مِنْ جُمْلَةٍ أخرى أي ياالله أُمَّنَا بِخَيْرٍ وَقِيلَ زَائِدَةٌ لِلتَّفْخِيمِ وَقِيلَ دَالَّةٌ عَلَى الْجَمْعِ كَالْوَاوِ أَيْ يَا مَنِ اجْتَمَعَتْ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ اللَّهُمَّ مُجْتَمَعُ الدُّعَاءِ وَقَوْلُ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ مَنْ قَالَ اللَّهُمَّ فَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَقَوْلُ أَبِي رَجَاءٍ الْمِيمُ مَفْعُولُ الْمُضَعَّفِ سُمِّيَ بِهِ بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ لِجَدِّهِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِيَحْمَدَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ يَقُولُ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ وَهُوَ أَشْهَرُ أَسْمَائِهِ لِأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ لَهُ مِنَ الْمَحَامِدِ وَصِفَاتِ الْحَمْدِ مَا لَمْ يَجْمَعْهُ لِغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ بِيَدِهِ لِوَاءُ الْحَمْدِ وَكَانَ صَاحِبَ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ وَأُلْهِمَ مِنْ مَجَامِعِ الْحَمْدِ حِينَ يَسْجُدُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ لِلشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ الَّتِي هِيَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مَا لَمْ يُفْتَحْ بِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَسُمِّيَتْ أُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ لِحَمْدِهِمْ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
وَأَمَّا أَحْمَدُ فَلَمْ يُسَمِّ بِهِ غَيْرُهُ قَطُّ
وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَكَذَلِكَ قَبْلَ أَوَانِ ظُهُورِهِ وَبَعْدَهُ مَدَّ أُنَاسٌ أَعْنَاقَهُمْ إِلَى رَجَائِهِمْ غَفْلَةً عَنْ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ فَسَمَّوْا أبنائهم مُحَمَّدًا حَتَّى بَلَغُوا خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا
هَذَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ زِيَادَةٌ وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ كَمَا رَحِمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ وَرُبَّمَا يَقُولُونَ تَرَحَّمْتَ بِالتَّاءِ لَمْ يَرِدْ بَلْ غَيْرُ صَحِيحٍ إِذْ لَا يُقَالُ رَحِمْتَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ التَّرَحُّمَ فِيهِ مَعْنَى التَّكَلُّفِ وَالتَّصَنُّعِ فَلَا يَحْسُنُ إِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ بِدْعَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا وَوَافَقَهُ الْعُلَمَاءُ بَعْدَهُ (وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ) بضم المعجمة
وقال بن حَجَرٍ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا مِنَ الذَّرْءِ أَيِ الْخَلْقِ وَسَقَطَتِ الْهَمْزَةُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهِيَ نَسْلُ الْإِنْسَانِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إِلَّا أَوْلَادَ بَنَاتِهِ عليه السلام لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إليه في الكفاءة وَغَيْرِهَا فَهُمْ هُنَا أَوْلَادُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ بَنَاتِهِ لَكِنَّ بَعْضَهُنَّ لَمْ يُعْقِبْ وَبَعْضَهُنَّ انْقَطَعَ عَقِبُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
[980]
(عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ أتانا رسول الله) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أبو داود بن خزيمة وبن حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ
وصححه وزاد والنبي الأمي بعد قوله قولوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ بَعْدَ قَوْلِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ لَفْظَ فِي الْعَالَمِينَ وَفِي الْبَابِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ وَعَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَفِي رِوَايَةٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِمَا وَآلِ إِبْرَاهِيمَ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ والنسائي بن مَاجَهْ بِلَفْظِ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ وَعَنْ بُرَيْدَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا جَعَلْتَهَا عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَفِيهِ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى نُفَيْعٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ بِلَفْظِ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَعَنْ رُوَيْفِعِ بن ثابت وجابر وبن عَبَّاسٍ عِنْدَ الْمُسْتَغْفِرِيِّ فِي الدَّعَوَاتِ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يَنْبَغِي أَنْ تَجْمَعَ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَتَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
قَالَ الْعِرَاقِيُّ بَقِيَ عَلَيْهِ مِمَّا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَلْفَاظٌ أُخَرُ وَهِيَ خَمْسَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ انْتَهَى
وَهَذِهِ الزِّيَادَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْعِرَاقِيُّ ثابتة في أحاديث الباب التي ذكرها بن تَيْمِيَةَ فِي الْمُنْتَقَى
وَقَدْ وَرَدَتْ زِيَادَاتٌ غَيْرُ هذه في أحاديث أخر عن علي وبن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَكِنْ فِيهَا مَقَالٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
وَفِي رِوَايَةِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ تَمَّ كَلَامُهُ