الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَصْرٍ عَنْ أَبٍي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي نَصَبَتْ لَهُ الْحَصِيرَ عَلَى بَابِ بَيْتِهَا فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّعَدُّدِ أَوْ عَلَى الْمَجَازِ فِي الْجِدَارِ وَفِي نِسْبَتِهِ الْحُجْرَةَ إِلَيْهَا (يَأْتَمُّونَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ وَهُوَ دَاخِلَ الْحُجْرَةِ وهم خارجها
وأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوْقَ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَالِحٌ فِيهِ ضَعْفٌ لَكِنْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَاعْتَضَدَ
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ أَوْ فَوْقَ السَّطْحِ يَأْتَمُّ بِهِ لا بأس بذلك
وأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سَلِيمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ نَحْوَهُ وَلَيْثٌ ضعيف لكن أخرجه عبد الرزاق عن بن التَّيْمِيِّ وَهُوَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مَضْبُوطًا فَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِنَحْوِهِ
8 -
(بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ)
[1127]
(فِي مَقَامِهِ) أَيِ الْمَقَامِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ (فَدَفَعَهُ) أَيْ مَنَعَهُ
[1128]
(يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ) وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَتَمَسَّكً الْمَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ وَقْتَ الزَّوَالِ وَهُوَ مَعَ كَوْنِ عُمُومِهِ مُخَصَّصًا بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَغَايَةُ مَا فِيهِ الْمَنْعُ فِي وَقْتِ الزَّوَالِ وَهُوَ غَيْرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ مُرَغَّبٌ فِيهَا عُمُومًا وَخُصُوصًا فَالدَّلِيلُ عَلَى مُدَّعِي الْكَرَاهَةِ عَلَى الْإِطْلَاقٍ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فصلى
مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ أَنْصَتَ الْحَدِيثَ
وَأَخْرَجَ بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطِيَّةَ العوفي عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْكَعُ مِنْ قَبْلِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ وَمُبَشِّرٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَ أَحْمَدُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ تركه يحيى القطان وبن مَهْدِيٍّ وَعَطِيَّةُ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِ الْبَاعِثِ وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ انْقَلَبَ عَلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءِ لِعَدَمِ ضَبْطِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ فَقَالَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ انْتَهَى
وقال الترمذي وروي عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وبعدها أربعا وإليه ذهب الثوري وبن الْمُبَارَكِ (كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي الْبَاعِثِ عَلَى إِنْكَارِ الْبِدَعِ وَالْحَوَادِثِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الركعتين بعد الجمعة في بيته ولا يصليهما فِي الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ هُوَ الْمُسْتَحَبُّ وَقَدْ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَرْشَدَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ لا سنة للجمعة قبلها
وأما إطالة بن عُمَرَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَذَلِكَ مِنْهُ وَمِنْ أَمْثَالِهِ تَطَوُّعًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُبَكِّرُونَ إِلَى حُضُورِ الْجُمُعَةِ فَيَشْتَغِلُونَ بِالصَّلَاةِ وَكَذَا المراد من صلاة بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ
فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا سُنَّةُ الْجُمُعَةِ
وَقَدْ جَاءَ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو بكر بن المنذر روينا عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ اثْنَتَيْ عشرة ركعة
وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ بَابِ التَّطَوُّعِ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ الْمَرْوِيُّ عَنْهُمْ وَبَابُ التَّطَوُّعِ مَفْتُوحٌ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ يَقَعُ مِنْهُمْ أَوْ مُعْظَمُهُ قَبْلَ الْأَذَانِ وَدُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُبَكِّرُونَ وَيُصَلُّونَ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ
وَجَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُتَنَفِّلِينَ بِرَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَمُبَاحٌ وَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ صَلَّاهُ وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ اعتقاد العامة منهم ومعظم المتفقهه مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَهَا كَمَا يُصَلُّونَ السُّنَّةَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلَكَ ذَلِكَ بِمَعْزِلٍ عَنِ التَّحْقِيقِ وَالْجُمُعَةُ لَا سُنَّةَ لَهَا قَبْلَهَا كَالْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ وَكَذَا الْعَصْرُ انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا
قلت حديث بن عُمَرَ الَّذِي نَشْرَحُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شرح الترمذي إسناده صحيح وقال الحافظ بن الملقن في رسالته
إسناده صحيح لا جزم وأخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ انْتَهَى
وَأَمَّا الْمُشَارُ إِلَيْهِ في قول بن عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ
وَقَالَ الْحَافِظُ احتج النووي بحديث بن عُمَرَ عَلَى إِثْبَاتِ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَأَمَّا قَوْلُهُ كَانَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَيَشْتَغِلُ بِالْخُطْبَةِ ثُمَّ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَذَلِكَ مُطْلَقُ نَافِلَةٍ لَا صَلَاةُ رَاتِبَةٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِسُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بَلْ هُوَ تَنَفُّلٌ مُطْلَقٌ وَقَدْ وَرَدَ التَّرْغِيبُ فِيهِ وَوَرَدَ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَحَادِيثُ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ انْتَهَى
وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ الْحَافِظِ مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ معاذ عن بن عون عن نافع قال كان بن عُمَرَ يَهْجُرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِمَعْنَاهُ
[1129]
(صَلَّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَصَرْتُهُ قصر أحبسته ومنه حور مقصورات في الخيام وَمَقْصُورَةُ الدَّارِ الْحُجْرَةُ مِنْهَا وَمَقْصُورَةُ الْمَسْجِدِ أَيْضًا انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِهَا فِي الْمَسْجِدِ إِذَا رَآهَا وَلِيُّ الْأَمْرِ مَصْلَحَةً
قَالُوا وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ ضَرَبَهُ الْخَارِجِيُّ
قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَقْصُورَةِ فَأَجَازَهَا كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَصَلَّوْا فِيهَا مِنْهُمُ الْحَسَنُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وسالم وغيرهم وكرهها بن عمر والشعبي وأحمد وإسحاق وكان بن عُمَرَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَقْصُورَةِ خَرَجَ مِنْهَا إِلَى الْمَسْجِدِ
قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ إِنَّمَا يَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ إِذَا كَانَتْ مُبَاحَةً لِكُلِّ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَتْ مَخْصُوصَةً بِبَعْضِ النَّاسِ مَمْنُوعَةً مِنْ غَيْرِهِمْ لَمْ تَصِحَّ فِيهَا الْجُمُعَةُ لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ الْجَامِعِ (لَا تَعُدْ) مِنَ الْإِعَادَةِ (فَلَا تَصِلْهَا) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَسُكُونِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ مِنَ الْوَصْلِ أَيْ لَا تَصِلِ الْجُمُعَةُ بِصَلَاةٍ أُخْرَى (حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّافِلَةَ الرَّاتِبَةَ وَغَيْرَهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَحَوَّلَ لَهَا عَنْ مَوْضِعِ الْفَرِيضَةِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَأَفْضَلُهُ التَّحَوُّلُ إِلَى بَيْتِهِ وَإِلَّا فَمَوْضِعٌ آخَرُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ لِيُكْثِرَ مَوَاضِعَ سُجُودِهِ وَلِتَنْفَصِلَ صُورَةُ النَّافِلَةِ عَنْ صُورَةِ الْفَرِيضَةِ وَقَوْلُهُ حَتَّى تَتَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا يَحْصُلُ بِالْكَلَامِ أَيْضًا وَلَكِنْ بِالِانْتِقَالِ أَفْضَلُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[1130]
(فَصَلَّى الْجُمُعَةَ تَقَدَّمَ) لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْمَشْيِ وَاخْتِلَافِ الْمَكَانِ (فَقِيلَ لَهُ) أَيْ سَأَلُوهُ عَنْ سَبَبِ ذلك
وفي النيل وكون بن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرْبَعًا وَإِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ وَلَا ظَنٌّ أَنَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ يَفْعَلُ بِمَكَّةَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَرَادَ رَفْعَ فِعْلِهِ بِالْمَدِينَةِ فَحَسْبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ صَلَّى الْجُمُعَةَ بِمَكَّةَ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِهِ بِمَكَّةَ مِنْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ بَلْ نَادِرًا أَوْ رُبَّمَا كَانَتِ الْخَصَائِصُ فِي حَقِّهِ بِالتَّخْفِيفِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ الْحَدِيثَ فَرُبَّمَا لَحِقَهُ تَعَبٌ مِنْ ذَلِكَ فَاقْتَصَرَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَكَانَ يُطِيلُهُمَا كَمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ أَيِ الْقِيَامِ فَلَعَلَّهَا كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ أَرْبَعٍ خِفَافٍ أَوْ مُتَوَسِّطَاتٍ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرَ الْأُمَّةَ مُخْتَصًّا بِهِمْ بِصَلَاةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَأَطْلَقَ ذَلِكَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهَا فِي الْبَيْتِ وَاقْتِصَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى ركعتين كما في حديث بن عُمَرَ لَا يُنَافِي مَشْرُوعِيَّةَ الْأَرْبَعِ لِعَدَمِ الْمُعَارَضَةِ بَيْنَهُمَا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
[1131]
(فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا) قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ
فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَالْأَمْرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبَ إِلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْهُ مَا وَقَعَ فِي لَفْظِهِ مِنْ رواية بن الصَّبَّاحِ مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالْأَرْبَعُ أَفْضَلُ مِنَ الِاثْنَتَيْنِ لِوُقُوعِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ وَكَثْرَةِ فِعْلِهِ لَهَا صلى الله عليه وآله وسلم
قَالَ فِي الْهَدْي النَّبَوِيِّ وَكَانَ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ سُنَّتَهَا وَأَمَرَ مَنْ صَلَّاهَا أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أربعا
قال شيخنا بن تَيْمِيَةَ إِنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى أَرْبَعًا وإن صلى في بيته صَلَّى أَرْبَعًا وَإِذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَّى ركعتين وفي الصحيحين عن بن عمر أنه صلى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
(وَتَمَّ حَدِيثُهُ) أَيْ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ (وقال بن يُونُسَ) عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ (إِذَا صَلَّيْتُمُ الْجُمُعَةَ إِلَخْ) هذه اللفظة في رواية بن يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ وَتَابَعَ زُهَيْرًا عَلَى ذَلِكَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلٍ وَرِوَايَتُهُمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَمَّا الْجُمْلَةُ مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا هِيَ لَفْظَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا وَتَابَعَ إِسْمَاعِيلَ عَلَى هَذِهِ سُفْيَانُ وَجَرِيرٌ كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلٍ وَرِوَايَتُهُمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ زَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَتِهِ لَفْظَ مِنْكُمْ أَيْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا وَبِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ كَمَا عَرَفْتَ آنِفًا مِنْ كَلَامِ الْأَمِيرِ الْيَمَانِيُّ (قَالَ) أَيْ سُهَيْلٌ (فَقَالَ لِي أَبِي) أَبُو صَالِحٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ في رواية بن يونس فقط دون بن الصَّبَّاحِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ قَالَ سُهَيْلٌ فَإِنْ عُجِّلَ بِكَ شَيْءٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْنِ إِذَا رَجَعْتَ
[1132]
(يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَقَدْ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ
قَالَ الْعِرَاقِيُّ لَمْ يُرِدِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بِذَلِكَ إِلَّا بَيَانَ أَقَلِّ مَا يُسْتَحَبُّ وَإِلَّا فَقَدِ اسْتَحَبَّا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ