الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43 -
(بَاب الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ)
[1140]
(وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ) الْجَدَلِيِّ أَبُو عَمْرٍو الْكُوفِيُّ أَيْ يَرْوِي الْأَعْمَشُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ وَيَرْوِي عَنْ قيس بن مسلم فلأعمش شَيْخَانِ وَلَهُمَا إِسْنَادَانِ (أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ) لِيَخْطُبَ عَلَيْهِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ عَلَى أَنَّ مَرْوَانَ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ عَنْهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْمُصَلَّى عَلَى مِنْبَرٍ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالَ الْحَافِظُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى أَعَادَهُ مَرْوَانُ (فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) وَقَدِ اعْتَذَرَ مَرْوَانُ عَنْ فِعْلِهِ لَمَّا قَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ بِقَوْلِهِ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَهَا
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مَرْوَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَكِنْ قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِ مَرْوَانَ يَتَعَمَّدُونَ تَرْكَ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ سَبِّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ السَّبَّ وَالْإِفْرَاطِ فِي مَدْحِ بَعْضِ النَّاسِ فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا رَاعَى مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ (فَقَامَ رَجُلٌ) فِي الْمُبْهَمَاتِ أَنَّهُ عُمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَبَا مَسْعُودٍ كما في رواية الرَّزَّاقِ
وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ أَنْكَرَ عَلَى مَرْوَانَ أَيْضًا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْكَارُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَعَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ الْإِنْكَارُ مِنَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ يَعْنِي الْمِنْبَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَذَبَنِي فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لَا أَعْلَمُ وَفِي مُسْلِمٍ فَإِذَا مَرْوَانُ يُنَازِعُنِي يَدَهُ كَأَنَّهُ يَجُرُّنِي نَحْوَ الْمِنْبَرِ وَأَنَا أَجُرُّهُ نَحْوَ الصَّلَاةِ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُ قُلْتُ أَيْنَ الِابْتِدَاءُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ لَا أَبَا سَعِيدٍ قَدْ تُرِكَ مَا تَعْلَمُ فَقُلْتُ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْصَرَفَ وَالْحَدِيثُ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ إِنِ استطاع
ذَلِكَ وَإِلَّا فَبِاللِّسَانِ وَإِلَّا فَبِالْقَلْبِ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ (فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ) مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ (فإن لم يستطع) أي التغير بِيَدِهِ (فَبِلِسَانِهِ) أَيْ فَيُنْكِرَ بِلِسَانِهِ (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أَيِ الْإِنْكَارَ بِلِسَانِهِ (فَبِقَلْبِهِ) أَيْ فَيُنْكِرَ بِقَلْبِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[1141]
(فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ) كَمَا كَانَ دَأْبُهُ صلى الله عليه وسلم (نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ) قَالَ الْقَاضِي هَذَا النُّزُولُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ إِنَّمَا نَزَلَ إِلَيْهِنَّ بَعْدَ فَرَاغِ خُطْبَةِ الْعِيدِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ وَعْظِ الرِّجَالِ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَتَاهُنَّ بَعْدَ فَرَاغِ خُطْبَةِ الرِّجَالِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ وَعْظِ النِّسَاءِ وَتَذْكِيرِهِنَّ الْآخِرَةَ وَأَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَحَثُّهُنَّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ وَخَوْفٌ عَلَى الْوَاعِظِ أَوِ الْمَوْعُوظِ وَغَيْرِهِمَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ خُطْبَتَهُ كَانَتْ عَلَى شَيْءٍ عَالٍ
وَفِيهِ أَنَّ النِّسَاءَ إِذَا حَضَرْنَ صَلَاةَ الرِّجَالِ وَمَجَامِعِهِمْ يَكُنَّ بِمَعْزِلٍ عَنْهُمْ خَوْفًا مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ نَظْرَةٍ أَوْ فِكْرٍ وَنَحْوِهِ
وَفِيهِ أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى إِيجَابٍ وَقَبُولٍ بَلْ تَكْفِي فِيهَا الْمُعَاطَاةُ لِأَنَّهُنَّ أَلْقَيْنَ الصَّدَقَةَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ مِنْهُنَّ وَلَا مِنْ بِلَالٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ تَفْتَقِرُ إِلَى إِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِاللَّفْظِ كَالْهِبَةِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحَقِّقُونَ (وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ أَنَّ الْخَطِيبَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى شَيْءٍ كالقوس والسيف والعنزة والعصا أو يتكىء عَلَى إِنْسَانٍ (وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ بَسَطَهُ لِيَجْمَعَ الصَّدَقَةَ فِيهِ (قَالَ تُلْقِي الْمَرْأَةُ فَتَخَهَا) هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاحِدُهَا فَتَخَةٌ كَقَصَبَةٍ وَقَصَبٍ وَاخْتُلِفَ في
تَفْسِيرِهَا فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ هِيَ الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ هِيَ خواتيم لا فصوص لها وقال بن السكيت خواتيم يلبس في أصابع اليد وقال ثعلب وقد يَكُونُ فِي أَصَابِعِ الْوَاحِدِ مِنَ الرِّجَالِ وَقَالَ بن دُرَيْدٍ وَقَدْ يَكُونُ لَهَا فُصُوصٌ وَتُجْمَعُ أَيْضًا فَتَخَاتٌ وَأَفْتَاخٌ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ صَدَقَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا فَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ
قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا إِلَّا بِرِضَاءِ زَوْجِهَا (وَقَالَ بن بكر فتختها) بِزِيَادَةِ التَّاءِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[1142]
(أَكْبَرُ عِلْمِ شُعْبَةَ) أَيْ أَغْلَبُ ظَنِّ شُعْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَيُّوبَ هَذَهِ الْجُمْلَةَ أَيْضًا يَعْنِي فأمرهن بالصدقة انتهى
[1143]
(قال) بن عَبَّاسٍ (فَظَنَّ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ) لِبُعْدِهِنَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم (فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي القرط) قال بن دُرَيْدٍ كُلُّ مَا عَلِقَ مِنْ شَحْمَةِ الْأُذُنِ فَهُوَ قُرْطٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ خَرَزٍ (وَالْخَاتَمُ) وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ فَتْحُ التَّاءِ وَكَسْرُهَا وَخَاتَامٌ وَخَيْتَامٌ
[1144]
(فَقَسَمَهُ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَاتِ الْعَامَّةِ إِنَّمَا يَصْرِفُهَا فِي مَصَارِفَهَا الْإِمَامُ
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اسْتِحْبَابُ وَعْظِ النِّسَاءِ وَتَعْلِيمِهِنَّ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَتَذْكِيرِهِنَّ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ وَاسْتِحْبَابُ حَثِّهِنَّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَتَخْصِيصِهِنَّ بِذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ مُنْفَرِدٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن ماجة بنحوه