الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 -
(بَاب رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ)
[923]
(عَنْ عَبْدِ الله) هو بن مَسْعُودٍ (فَيَرُدُّ عَلَيْنَا أَيِ السَّلَامَ بِاللَّفْظِ (فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ ثُمَّ يَاءٌ ثَقِيلَةٌ كَيَاءِ النَّسَبِ وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ وَرَجَّحَهُ الصَّغَانِيُّ وَهُوَ لَقَبٌ مِنْ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وَحَكَى الْمُطَّرِّزِيُّ تَشْدِيدَ الْجِيمِ عَنْ بعضهم وخطأه
قال بن الْمَلِكِ كَانَ هَاجَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ حِينُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ فَارِّينَ مِنْهَا لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنْ إِيذَاءِ الْكُفَّارِ فَلَمَّا خَرَجَ عليه الصلاة والسلام مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَسَمِعَ أُولَئِكَ بِمُهَاجَرَتِهِ هَاجَرُوا مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَجَدُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ ومنهم بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ (فَلَمْ يَرُدَّ علينا) أي السلام
روى بن أبي شيبة من مرسل بن سِيرِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ على بن مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ
كَذَا فِي الْفَتْحِ (إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا) بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَبِضَمِّهِمَا وَالتَّنْكِيرُ فِيهِ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَوْ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ شُغْلًا وَأَيَّ شُغْلٍ لِأَنَّهَا مُنَاجَاةٌ مَعَ اللَّهِ تَسْتَدْعِي الِاسْتِغْرَاقَ بِخِدْمَتِهِ فَلَا يَصْلُحُ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ وَظِيفَةَ الْمُصَلِّي الِاشْتِغَالُ بِصَلَاتِهِ وَتَدَبُّرُ مَا يَقُولُهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْرُجَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَنَحْوِهِ
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الرَّدِّ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ رَدَّهُ حَتَّى يُسْمَعَ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُ ذَلِكَ
وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَرُدُّ السَّلَامَ
وروي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يَرُدُّ إِشَارَةً وَقَالَ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ رَدَّ السَّلَامَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُشِيرُ
قُلْتُ رَدُّ السَّلَامَ قَوْلًا وَنُطْقًا مَحْظُورٌ وَرَدُّهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ
وَقَدْ رَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على بن مَسْعُودٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ السَّلَامَ وَالْإِشَارَةُ حَسَنَةٌ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَشَارَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ
انْتَهَى
قلت استدل
الْمَانِعُونَ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ بِحَدِيثِ بن مَسْعُودٍ هَذَا لِقَوْلِهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَلَكِنَّهُ ينبغي أن يحمل الرد المنفي ها هنا عَلَى الرَّدِّ بِالْكَلَامِ لَا الرَّدِّ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّ بن مَسْعُودٍ نَفْسَهُ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ
وَلَوْ لَمْ تُرْوَ عَنْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَكَانَ الْوَاجِبُ هُوَ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ بِجَوَازِ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ لَفْظًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[924]
(كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ وَنَأْمُرُ بِحَاجَتِنَا) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَرُدُّ عَلَيْنَا السَّلَامَ حَتَّى قَدِمْنَا مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ (فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّهَا لِمُشَاكَلَةِ قَدُمَ يَعْنِي هُمُومَهُ وَأَفْكَارَهُ الْقَدِيمَةَ وَالْحَدِيثَةَ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ الْحُزْنُ وَالْكَآبَةُ قَدِيمُهَا وَحَدِيثُهَا يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ عَاوَدَهُ قَدِيمُ الْأَحْزَانِ وَاتَّصَلَ بِحَدِيثِهَا
وَفِي النِّهَايَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ عَاوَدَهُ أَحْزَانُهُ الْقَدِيمَةُ وَاتَّصَلَتْ بِالْحَدِيثَةِ
وَقِيلَ مَعْنَاهُ غَلَبَ عَلَيَّ التَّفَكُّرِ فِي أَحْوَالِي الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ أَيِّهَا كَانَ سَبَبًا لِتَرْكِ رَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ (فَلَمَّا قَضَى) أَيْ أَدَّى (إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحْدِثُ) أَيْ يُظْهِرُ (مِنْ أَمْرِهِ) أَيْ شَأْنِهِ أَوْ أَوَامِرِهِ (قَدْ أَحْدَثَ) أَيْ جَدَّدَ مِنَ الْأَحْكَامِ بِأَنْ نَسَخَ حِلَّ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ نَاهِيًا عَنْهُ (أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ) وَيَحْتَمِلُ كَوْنَ الْإِحْدَاثِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَهَا (فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ) يَعْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ
وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَرُدَّ السَّلَامَ إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ
وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي ذر وعطاء والنخعي والثوري
قال بن رَسْلَانَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يرد السلام في الصلاة بالإشارة
وقال بن الْمَلِكِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ رَدِّ جَوَابِ السَّلَامِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[925]
(عَنْ نَابِلٍ صَاحِبِ الْعَبَاءِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ نابل صاحب العبا والأكسية والشمال
مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ انْتَهَى
وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ
وَقِيلَ لِلدَّارَقُطْنِيِّ أَثِقَةٌ هُوَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ لَا (فَرَدَّ إِشَارَةً) أَيْ بِالْإِشَارَةِ (قَالَ) أَيْ نَابِلٌ (ولا أعلمه إلا قال) أي بن عُمَرَ (إِشَارَةً بِأُصْبُعِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَحَدِيثُ صُهَيْبٍ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ بُكَيْرٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ نَابِلٌ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَنَابِلٌ أَوَّلُهُ نُونٌ وَبَعْدَ الألف بالواحدة وآخر لَامٌ هُوَ صَاحِبُ الْعَبَاءِ وَيُقَالُ صَاحِبُ الشِّمَالِ سمع من بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَوَى عَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وَصَالِحُ بْنُ عُبَيْدٍ
[926]
(فَأَتَيْتُهُ) أَيْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فَكَلَّمْتُهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ (فَقَالَ لِي بِيَدِهِ هَكَذَا) زَادَ فِي مُسْلِمٍ وَأَوْمَأَ زُهَيْرٌ بِيَدِهِ نَحْوَ الْأَرْضِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ قَالَ الْحَافِظُ قَوْلُهُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ أَيْ بِاللَّفْظِ وَكَأَنَ جَابِرًا لَمْ يَعْرِفْ أَوَّلًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ الرَّدُّ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ قَالَ
فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ أَيْ مِنَ الْحُزْنِ (وَيُومِي بِرَأْسِهِ) أَيْ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعنِي أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه رَدَّ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ وَأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْإِشَارَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْحَرَكَاتِ الْيَسِيرَةِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ مَانِعٌ أَنْ يَعْتَذِرَ إِلَى الْمُسَلِّمِ وَيَذْكُرَ لَهُ ذَلِكَ الْمَانِعَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
[927]
(إِلَى قُبَاءَ) بِضَمِّ قَافٍ وَخِفَّةِ مُوَحَّدَةٍ مَعَ مَدٍّ وَقَصْرٍ مَوْضِعٌ بِمِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ (يُصَلِّي فِيهِ) أَيْ فِي مَسْجِدِهِ (وَبَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ وَجَعَلَ بَطْنَهُ) أَيْ بَطْنَ الْكَفِّ (أَسْفَلَ) أَيْ إِلَى جَانِبِ السُّفْلِ (وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقُ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ الْإِشَارَةُ لِرَدِّ السَّلَامِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِجَمِيعِ الْكَفِّ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ بِالْيَدِ وَفِي حَدِيثِ بن عمر عن صهيب بالإصبع وفي حديث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ وَفِي رواية له قفال بِرَأْسِهِ يَعْنِي الرَّدَّ وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً فَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ جَائِزًا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[928]
(لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمَ) يُرْوَى بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الصَّلَاةِ وَبِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى غِرَارَ
قَالَهُ فِي الْمَجْمَعِ
قُلْتُ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ تُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْجَرِّ
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ أَصْلُ الْغِرَارِ نُقْصَانُ لَبَنِ النَّاقَةِ يُقَالُ غَارَتِ النَّاقَةُ غِرَارًا فَهِيَ مُغَارًا إِذْ نَقَصَ لَبَنُهَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا غِرَارَ أَيْ لَا نُقْصَانَ فِي التَّسْلِيمِ وَمَعْنَاهُ أَنْ تَرُدَّ كَمَا يُسَلَّمُ عَلَيْكَ وَافِيًا لَا تَنْقُصُ فِيهِ مِثْلَ أَنْ يُقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَتَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَلَا تَقْتَصِرُ عَلَى أَنْ تَقُولَ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَلَا تَرُدَّ التَّحِيَّةَ كَمَا سَمِعْتَهَا مِنْ صَاحِبِكَ فَتَبْخَسُهُ حَقَّهُ مِنْ جَوَابِ الْكَلِمَةِ
وَأَمَّا الْغِرَارُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَتِمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَالْآخَرُ أَنْ يَشُكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَيَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ وَيَتْرُكُ الْيَقِينَ وَيَنْصَرِفُ بِالشَّكِّ وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنْ يَطْرَحَ الشَّكَّ وَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَيُصَلِّي رَكْعَةً رَابِعَةً حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَهَا أَرْبَعًا
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْغِرَارُ فِي الصَّلَاةِ نُقْصَانُ هَيْئَاتِهَا وَأَرْكَانِهَا وَقِيلَ أَرَادَ بِالْغِرَارِ النَّوْمَ أَيْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ نَوْمٌ
قَالَ وَقَوْلُهُ وَلَا تَسْلِيمَ يُرْوَى بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ فَمَنْ جَرَّهُ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى صَلَاةٍ وَغِرَارُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُجِيبُ وَعَلَيْكَ وَلَا يَقُولَ السَّلَامُ وَمَنْ نَصَبَهُ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى غِرَارٍ وَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا نَقْصَ وَتَسْلِيمَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ