الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد تمت له الظهر والخامسة تطوع وَعَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهَا رَكْعَةً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لِلسَّهْوِ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ
قَالَ الشَّيْخُ الْخَطَّابِيُّ وَمُتَابَعَةُ السُّنَّةِ أَوْلَى فَإِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فِي الْجَوْدَةِ مِنْ إِسْنَادِ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ مَنْ صَارَ إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَعَدَ فَإِنْ كَانَ قَعَدَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَمْ يُضِفْ إِلَيْهَا السَّادِسَةَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَأْنِفِ الصَّلَاةَ وَلَكِنِ احْتَسَبَ بِهَا وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِلسَّهْوِ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا يَدْخُلُ الْفَسَادُ عَلَى الْكُوفَةِ فِيمَا قَالُوهُ
انْتَهَى كَلَامُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[1023]
(وعن معاوية بن خديج) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ
6 -
(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ)
[1024]
من قال يلقي بصيغة للمجهول
(الشَّكُّ) وَيَلْزَمُهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ الْأَقَلُّ فَيَأْتِي بِمَا بَقِيَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فَمَنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا مَثَلًا يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَهُوَ الثَّلَاثُ وَمَنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوِ اثْنَتَيْنِ يَبْنِي عَلَى اثْنَتَيْنِ
وَأَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَمَا سَيَأْتِي
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي وُجُوبِ الْبِنَاءِ على اليقين وحملوا التحري في حديث بن مَسْعُودٍ عَلَى الْأَخْذِ بِالْيَقِينِ قَالُوا وَالتَّحَرِّي هُوَ القصد ومنه قوله تعالى تحروا رشدا فمعنى حديث عبد الله فليقصد الصواب فليعمل
به وقصد الصواب هو ما بينه فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ
انْتَهَى وَسَيَجِيءُ تَوْضِيحُهُ مِنْ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ وَسَلَفَ آنِفًا كَلَامُ الْبَيْهَقِيِّ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ) هُوَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ (إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ) أَيْ تَرَدَّدَ بِلَا رُجْحَانٍ فَإِنَّهُ مَعَ الظَّنِّ يَبْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِلشَّافِعَيِّ (فَلْيُلْقِ الشَّكَّ) أَيْ مَا يَشُكُّ فِيهِ وَهُوَ الرَّكْعَةُ الرَّابِعَةُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلْيَبْنِ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِهِ (عَلَى الْيَقِينِ) أَيْ عَلِمَ يَقِينًا وَهُوَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ (كَانَتِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ) أَيْ نَافِلَتَانِ أَيْضًا (مُرْغِمَتَيِ الشَّيْطَانِ) مُرْغِمَةٌ اسْمُ فَاعِلٍ عَلَى وَزْنِ مُكْرِمَةٍ مِنَ الْإِفْعَالِ أَيْ مُذِلَّتَيْنِ
وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَنَحْنُ نَسْرُدُهَا فَأَقُولُ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُلْغِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ فَإِذَا اسْتَيْقَنَ بِالتَّمَامِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعَتَا لَهُ صَلَاتَهُ وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فِي الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً حَتَّى يَكُونَ الشَّكُّ فِي الزِّيَادَةِ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعَتَا لَهُ صَلَاتَهُ وَإِنْ كَانَ أَتَمَّهَا فَهُمَا تُرْغِمَانِ أَنْفَ الشَّيْطَانِ وَفِي رِوَايَةِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ أَيْضًا إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ لِيَقُمْ فَيُصَلِّي رَكْعَةً ثم سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعًا وَقَدْ زَادَ رَكْعَةً كَانَتْ هَاتَانِ السَّجْدَتَانِ تَشْفَعَانِ الْخَامِسَةَ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَةً كَانَتِ الرَّابِعَةُ تَمَامَهَا وَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ
وَمِنْ أحاديث الباب ما أخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَبْنِ
عَلَى ثَلَاثٍ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ قال الترمذي حسن صحيح
ولفظ بن مَاجَهْ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالْوَاحِدَةِ فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً وَإِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فَلْيَجْعَلْهَا ثِنْتَيْنِ وَإِذَا شَكَّ فِي الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ فَلْيَجْعَلْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ لِيُتِمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى تَكُونَ الْوَهْمُ فِي الزِّيَادَةِ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَلَفْظُهُ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ خَيْرٌ مِنَ النُّقْصَانِ
(وَحَدِيثُ أَبِي خَالِدٍ أَشْبَعُ) أَيْ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مسلم والنسائي وبن ماجه
[1025]
(المرغمتين) قال بن الْأَثِيرِ يُقَالُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ أَيْ أَلْصَقَهُ بِالرَّغَامِ وَهُوَ التُّرَابُ
هَذَا هُوَ الْأَصْلُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الذُّلِّ وَالْعَجْزِ عَنِ الِانْتِصَافِ وَالِانْقِيَادِ عَلَى كُرْهٍ انْتَهَى
وَالْمَعْنَى الْمُذِلَّتَيْنِ لِلشَّيْطَانِ وَسَيَجِيءُ بَيَانُهُ أَيْضًا
[1026]
(وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ) هُوَ مِنْ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ السُّجُودَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ (شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَةِ لِأَنَّهُمَا رُكْنَاهَا فَكَأَنَّهُ بِفِعْلِهِمَا قَدْ فَعَلَ رَكْعَةً سَادِسَةً فَصَارَتْ شَفْعًا فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ التَّلْبِيسَ عَلَى المصلي وإبطال صلاته كان السَّجْدَتَانِ لِمَا فِيهِمَا مِنَ الثَّوَابِ تَرْغِيمًا لَهُ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ مُجَرَّدَ حُصُولِ الشَّكِّ مُوجِبٌ لِلسَّهْوِ وَلَوْ زَالَ وَحَصَلَتْ مَعْرِفَةُ الصَّوَابِ
قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ قَوْلُهُ شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ أَيْ رَدَّهَا إِلَى الشَّفْعِ
قَالَ الْبَاجِيُّ يَحْتَمِلُ أن الصلاة
مَبْنِيَّةٌ عَلَى الشَّفْعِ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَا يُوتِرُهَا مِنْ زِيَادَةٍ وَجَبَ إِصْلَاحُ ذَلِكَ بِمَا يَشْفَعُهَا (وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ) أَيْ إِغَاظَةٌ وَإِذْلَالٌ (لِلشَّيْطَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّغَامِ وَهُوَ التُّرَابُ وَمِنْهُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ لَبَّسَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَتَعَرَّضَ لِإِفْسَادِهَا وَنَقْضِهَا فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُصَلِّي طَرِيقًا إِلَى جَبْرِ صَلَاتِهِ وَتَدَارُكِ مَا لَبَّسَهُ عَلَيْهِ وَإِرْغَامِ الشَّيْطَانِ وَرَدِّهِ خَاسِئًا مُبْعَدًا عَنْ مراده وكملت صلاة بن آدَمَ وَامْتَثَلَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي عَصَى بِهِ إِبْلِيسُ مِنِ امْتِنَاعِهِ مِنَ السُّجُودِ
انْتَهَى
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي أَبْوَابِ السَّهْوِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ فِي أَكْثَرِ أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ وَالصَّحِيحُ مِنْهَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَهِيَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلًا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبٍي سَلَمَةَ وَحَدِيثُ عبد الله بن بُحَيْنَةَ
فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُجْمَلٌ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَا يَصْنَعُهُ مِنْ شَيْءٍ سِوَى ذَلِكَ وَلَا فِيهِ بَيَانُ مَوْضِعِ السَّجْدَتَيْنِ مِنَ الصلاة وحاصل الأمر على حديث بن مسعود
فأما حديث بن مَسْعُودٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَتَحَرَّى فِي صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ فَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ
وَمَعْنَى التَّحَرِّيِ عِنْدَهُمْ غَالِبُ الظَّنِّ وَأَكْبَرُ الرَّأْيِ كَأَنَّهُ شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ مِنَ الظُّهْرِ هَلْ صَلَّاهَا أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا أَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ صَلَّاهَا أَتَمَّهَا وَلَمْ يُضِفْ إِلَيْهَا رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ هَذَا إِذَا كَانَ الشَّكُّ يَعْتَرِيهِ فِي الصَّلَاةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا سَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الصَّلَاةَ عِنْدَهُمْ
وأما حديث بن بُحَيْنَةَ وَذِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّ مَالِكًا اعْتَبَرَهُمَا جَمِيعًا وَبَنَى مَذْهَبَهُ عَلَيْهِمَا فِي الْوَهْمِ إِذَا وَقَعَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ زَادَهَا فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثِنْتَيْنِ وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ نُقْصَانٍ سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّ في حديث بن بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ وَهَذَا نُقْصَانٌ فِي الصَّلَاةِ
وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ مِنْهَا تُتَأَمَّلُ صِفَتُهُ وَيُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْخِلَافِ وَكَانَ يَقُولُ تَرْكُ الشَّكِّ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إِلَى الْيَقِينِ وَالْآخَرُ إِلَى التَّحَرِّي
فَمَنْ رَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ فَهُوَ أَنْ يُلْقِيَ الشَّكَّ وَيَسْجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَإِذَا رَجَعَ إِلَى التَّحَرِّي وَهُوَ أَكْثَرُ لِتَوَهُّمٍ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حديث بن مَسْعُودٍ
فَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَعَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ
الْأَخْبَارِ وَرَدِّ الْمُجْمَلِ مِنْهَا عَلَى الْمُفَسَّرِ وَالتَّفْسِيرُ إِنَّمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام فَلْيُلْقِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ وَقَوْلُهُ إِذَا لَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ عليه السلام فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّاهَا خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمُ الشَّيْطَانِ قَالَ وَهَذَا فُصُولٌ فِي الزِّيَادَاتِ حَفِظَهَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لَمْ يَحْفَظْهَا غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَبُولُ الزِّيَادَاتِ وَاجِبٌ فَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَى حَدِيثِهِ أولى
ومعنى التحري المذكور في حديث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ عَلَى مَا جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
وَحَقِيقَةُ التَّحَرِّي هُوَ طَلَبُ إِحْدَى الْأَمْرَيْنِ وَأَوْلَاهُمَا بِالصَّوَابِ وَأَحْرَاهُمَا مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنَ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَمَالِ الصَّلَاةِ وَالِاحْتِيَاطِ لَهَا
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحَرِّيَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ قَوْلُهُ تَعَالَى فَمَنْ أَسْلَمَ فأولئك تحروا رشدا وَأَمَّا حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ وَسُجُودُهُ فِيهَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّهْوِ فِي مَذْهَبِهِمْ لِأَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ قَدْ نُسِبَتْ إِلَى السَّهْوِ فِي مَذْهَبِهِمْ فَجَرَى حُكْمُ أَحَدِهِمَا عَلَى مُشَاكَلَةِ حُكْمِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ كُلٌّ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنَّ تَقْدِيمَ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ أَحْرَى الْأَمْرَيْنِ
وَقَدْ ضَعَّفَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ قَوْمٌ زَعَمُوا أَنَّ مَالِكًا أَرْسَلَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ
قَالَ الشَّيْخُ وَهَذَا مِمَّا لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ وَمَعْلُومٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُرْسِلُ الْأَحَادِيثَ وَهِيَ عِنْدَهُ مُسْنَدةٌ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْ عَادَتِهِ وقد رواه أبو داود من طريق بن عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَذَكَرَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ سَعِيدٍ أَسْنَدَهُ فَبَلَغَ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ الشَّيْخُ وَقَدْ أَسْنَدَهُ أَيْضًا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنَاهُ حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ زَيْرَكٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبَّاسُ الدُّورِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ في صلاته فلم يدركم صَلَّى أَثْلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا كَانَتَا شَفْعًا وَإِنْ كَانَ صَلَّى تَمَامَ الْأَرْبَعِ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ
قَالَ الشَّيْخُ وَرَوَاهُ بن عَبَّاسٍ كَذَلِكَ أَيْضًا حَدَّثُونَا بِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بن إسماعيل الصائغ قال أخبرنا بن قَعْنَبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَقُمْ
فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ
قَالَ الشَّيْخُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ فَسَادِ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ فِيمَنْ صَلَّى خَمْسًا إِلَى أَنَّهُ يُضِيفُ إِلَيْهَا سَادِسَةً إِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ النَّافِلَةَ لَا تَكُونُ رَكْعَةً وَقَدْ نَصَّ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ بن عَجْلَانَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الرَّابِعَةَ تَكُونُ نَافِلَةً ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِضَافَةِ أُخْرَى إِلَيْهَا
انتهى كلامه بحروفه
[1027]
(عبد الرحمن القاريء) أَيْ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي قَارَةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَلٌ (كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا رَوَى القعنبي مرسلا (رواه بن وهب عن مالك) بن أنس مرسلا كَذَا رَوَى (حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ) كُلُّهُمْ مِنْ أَقْرَانِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا إِلَّا أن هاشما أي بن سَعْدٍ (بَلَغَ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ) فَهِشَامٌ مِنْ بَيْنِ أَقْرَانِ مَالِكٍ جَعَلَهُ مُتَّصِلًا بِذِكْرِ أبي سعيد الخدري ورواية بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ وَدَاوُدِ بْنِ قَيْسٍ وَهِشَامِ بْنِ سَعْدٍ أَخْرَجَهَا البيقهي فِي الْمَعْرِفَةِ
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ هَكَذَا مُرْسَلًا عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ وَتَابَعَ مَالِكًا عَلَى إِرْسَالِهِ الثَّوْرِيُّ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ فِي رِوَايَةٍ وَوَصَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ الْمَازِنِيُّ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
وَقَدْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَدَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ كِلَاهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَلَهُ طُرُقٌ عند النسائي وبن مَاجَهْ عَنْ زَيْدٍ مَوْصُولًا وَلِذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ الْإِرْسَالَ فَإِنَّهُ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ مَنْ تُقْبَلُ زِيَادَتُهُ لِأَنَّهُمْ حُفَّاظٌ فَلَا يَضُرُّهُ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ فِي وَصْلِهِ
وَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَتَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ إِنَّهُمْ