الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 -
(بَاب النُّهُوضِ فِي الْفَرْدِ)
[842]
(عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَخِفَّةِ اللَّامِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ (وَاللَّهِ إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ) اسْتَشْكَلَ نَفْيَ هَذِهِ الْإِرَادَةِ لِمَا يَزِيدُ عَلَيْهَا مِنْ وُجُودِ صَلَاةٍ غَيْرِ قُرْبَةٍ وَمِثْلُهَا لَا يَصِحُّ
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَفْي الْقُرْبَةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بَيَانَ السَّبَبِ الْبَاعِثِ لَهُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ جَمَاعَةً وَكَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْبَاعِثُ لِي عَلَى هَذَا الْفِعْلِ حُضُورَ صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ أَدَاءٍ أَوْ إِعَادَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْبَاعِثُ لِي عَلَيْهِ قَصْدُ التَّعْلِيمِ وَكَأَنَّهُ كَانَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ أَحَدُ مَنْ خُوطِبَ بِقَوْلِهِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي (أُصَلِّي) وَرَأَى أَنَّ التَّعْلِيمَ بِالْفِعْلِ أَوْضَحُ مِنَ الْقَوْلِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّشْرِيكِ فِي الْعِبَادَةِ (قَالَ) أَيْ أَيُّوبُ (قُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ كَيْفَ صَلَّى) أَيْ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ (قَالَ) أَيْ أَبُو قِلَابَةَ (يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ) بِكَسْرِ اللَّامِ كُنْيَتُهُ أَبُو يَزِيدَ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ صَبِيٌّ رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَنْهُ أَبُو قِلَابَةَ (إِمَامُهُمْ) بَيَانٌ لِعَمْرٍو أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ (ذَكَرَ أَنَّهُ) أَيْ ذَكَرَ أَبُو قِلَابَةَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ (إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ) أَيْ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ (قَعَدَ ثُمَّ قَامَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَامَ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَأَخَذَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الرَّابِع أَنَّهُ ثَابِت عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَمَّا حَدِيث عَبْدِ اللَّهِ اِبْنِهِ فَالْمَرْفُوع مِنْهُ ضَعِيف وَأَمَّا الْمَوْقُوف فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْمَشْهُور عَنْهُ إِذَا سَجَدَ أَحَدكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ فَإِذَا رَفَعَ فَلْيَرْفَعْهُمَا فَإِنَّ الْيَدَانِ تَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُد الْوَجْه فَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عَنْهُ
الْحَدِيثِ
وَمِنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا الْأَكْثَرُ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِخُلُوِّ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْهَا فَإِنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا كَذَلِكَ قَالَ فَلَمَّا تَخَالَفَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ فَقَعَدَ لِأَجْلِهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَوِيَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَةً لَشُرِعَ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلَّةِ وَبِأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ هُوَ رَاوِي حَدِيثِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَحِكَايَاتُهُ لِصِفَاتِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْأَمْرِ
وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ الْمَذْكُورِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فَكَأَنَّهُ تَرَكَهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَتَمَسَّكَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِاسْتِحْبَابِهَا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا تُبَادِرُونِي بِالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَإِنِّي قَدْ بَدَنْتُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهَا لِهَذَا السَّبَبِ فَلَا يُشْرَعُ إِلَّا فِي حَقِّ مَنِ اتَّفَقَ لَهُ نَحْوُ ذَلِكَ
وَأَمَّا الذِّكْرُ الْمَخْصُوصُ فَإِنَّهَا جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ جِدًّا اسْتَغْنَى فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ الْمَشْرُوعِ لِلْقِيَامِ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النُّهُوضِ إِلَى الْقِيَامِ وَمَنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ السَّاجِدَ يَضَعُ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَرَأْسَهُ مُمَيِّزًا لِكُلِّ عُضْوٍ وُضِعَ فَكَذَا يَنْبَغِي إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ أَنْ يُمَيِّزَ رَفْعَ رُكْبَتَيْهِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِأَنْ يَجْلِسَ ثُمَّ يَنْهَضَ قَائِمًا نَبَّهَ عَلَيْهِ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ
وَلَمْ تَتَّفِقِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ عَلَى نَفْي هَذِهِ الْجِلْسَةِ كَمَا يَفْهَمُهُ صَنِيعٌ الطَّحَاوِيِّ بَلْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ بِإِثْبَاتِهَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِهِ بَعْدَ بَابَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ فَيُقَوِّي أَنَّهُ فَعَلَهَا لِلْحَاجَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السُّنَنَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ وَصَفَ وَإِنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعُهَا عَنْ مَجْمُوعِهِمْ
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[843]
(قَالَ) أَيْ أَبُو قِلَابَةَ (فَقَعَدَ) أَيْ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ) كَذَا قَيَّدَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْمُتَقَدِّمَةِ الرَّكْعَةَ بِالْأُولَى لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْآتِيَةَ بِلَفْظِ إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ عَامٌّ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنَ الرَّكَعَاتِ