الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّطْوِيلِ فِي قِرَاءَةِ الْمَغْرِبِ
وَقَدِ اخْتَلَفَتْ حَالَاتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ وَالصَّافَّاتِ وأنه قرأ فيها بحم الدُّخَانِ وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَأَنَّهُ قَرَأَ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَأَنَّهُ قَرَأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَأَنَّهُ قَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ وَأَنَّهُ قَرَأَ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ
وَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ رضي الله عنه كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَأَنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ الْحَافِظُ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَحْيَانًا يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ إِمَّا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِمَّا لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ قَالَ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَكَرَّرَ مِنْهُ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَنْكَرَ عَلَى مَرْوَانَ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَلَوْ كَانَ مَرْوَانُ يَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ لَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى زَيْدٍ لَكِنْ لَمْ يُرِدْ زَيْدٌ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالطِّوَالِ وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ ذَلِكَ كَمَا رَآهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الصِّحَّةِ بِأَطْوَلَ مِنَ الْمُرْسَلَاتِ لِكَوْنِهِ كَانَ فِي شِدَّةِ مَرَضِهِ وَهُوَ مَظِنَّةُ التَّخْفِيفِ
8 -
(بَاب مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا)
[813]
(هذا يدل أَنَّ ذَاكَ مَنْسُوخٌ) أَيْ قِرَاءَةُ عُرْوَةَ فِي الْمَغْرِبِ بِنَحْوِ وَالْعَادِيَاتِ وَشَبَهِهَا مِنَ السُّوَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّطْوِيلَ فِي قِرَاءَةِ الْمَغْرِبِ مَنْسُوخٌ
وَلَمْ يُبَيِّنِ الْمُؤَلِّفُ وَجْهَ الدِّلَالَةِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا رأى عروة أوى الْخَبَرِ عَمِلَ بِخِلَافِهِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى نَاسِخِهِ
قَالَ الْحَافِظُ وَلَا يَخْفَى بَعْدُ هَذَا الْحَمْلُ وَكَيْفَ تَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ وَأُمُّ الْفَضْلِ تَقُولُ إِنَّ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِهِمْ قَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ
انْتَهَى
قُلْتُ إِنْ سَلَكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسْلَكَ النَّسْخِ يَثْبُتُ نَسْخُ قِرَاءَةِ الْقِصَارِ بِحَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ لَا الْعَكْسُ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ عَلَى الْقَائِلِينَ بِاسْتِحْبَابِ الْقِصَارِ فِي الْمَغْرِبِ أَنَّهُمْ كَيْفَ قَالُوا بِهِ مَعَ ثُبُوتِ طُوَالِ الْمُفَصَّلِ بَلْ أَطْوَلَ مِنْهَا عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَجَابُوا عَنْهُ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ
الْأَوَّلُ أَنَّ تَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ لَعَلَّهُ كَانَ أَوَّلًا نَسَخَ ذَلِكَ وَتُرِكَ بِمَا وَرَدَ فِي قِرَاءَةِ الْمُفَصَّلِ
وَالثَّانِي أَنَّهُ لَعَلَّهُ فَرَّقَ
السُّورَةَ الطَّوِيلَةَ فِي رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَقْرَأْهَا بِتَمَامِهَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَصَارَ قَدْرُ مَا قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ بِقَدْرِ الْقِصَارِ
وَالثَّالِثُ أَنَّ هَذَا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ قَرَأَ بِالطِّوَالِ لِتَعْلِيمِ الْجَوَازِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مُمْتَدٌّ وَعَلَى أَنَّ قِرَاءَةِ الْقِصَارِ فِيهِ لَيْسَ بِأَمْرٍ حَتْمِيٍّ
وَأَقُولُ الْجَوَابَانِ الْأَوَّلَانِ مَخْدُوشَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى احْتِمَالِ النَّسْخِ وَالنَّسْخُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَلِأَنَّ كَوْنَهُ مَتْرُوكًا إِنَّمَا يَثْبُتُ لَوْ ثَبَتَ تَأَخُّرُ قِرَاءَةِ الْقِصَارِ عَلَى قِرَاءَةِ الطِّوَالِ مِنْ حَيْثُ التَّارِيخُ وَهُوَ لَيْسَ بِثَابِتٍ وَلِأَنَّ حَدِيثَ أُمِّ الْفَضْلِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا آخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ فِي الْمَغْرِبِ
فَحِينَئِذٍ إِنْ سَلَكَ مَسْلَكَ النَّسْخِ يَثْبُتُ نَسْخُ قِرَاءَةِ الْقِصَارِ لَا الْعَكْسُ
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ إِثْبَاتَ التَّفْرِيقِ فِي جَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي قِرَاءَةِ الطِّوَالِ مُشْكِلٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ سَمِعَ الطُّورَ بِتَمَامِهِ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَغْرِبِ فَلَا يُفِيدُ ح لَيْتَ وَلَعَلَّ وَلِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي الْمَغْرِبِ فَرَّقَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ نِصْفَ الْأَعْرَافِ لَا يَبْلُغُ مَبْلَغَ الْقِصَارِ فَلَا يُفِيدُ التفريق لإثبات القصار فإذن الْجَوَابُ الصَّوَابُ هُوَ الثَّالِثُ
كَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ
قُلْتُ هَذَا الْجَوَابُ الثَّالِثُ أَيْضًا مَخْدُوشٌ لِمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ إِنْكَارِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى مَرْوَانَ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى قِصَارِ الْمُفَصَّلِ فِي الْمَغْرِبِ وَلَوْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ صلى الله عليه وسلم السُّوَرَ الطَّوِيلَةَ فِي الْمَغْرِبِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ لَمَا كَانَ مَا فَعَلَهُ مَرْوَانُ مِنَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى قِصَارِ الْمُفَصَّلِ إِلَّا مَحْضُ السُّنَّةِ وَلَمْ يَحْسُنُ مِنْ هَذَا الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ إِنْكَارُ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَفْعَلْ غَيْرَهُ إِلَّا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمَا سَكَتَ مَرْوَانُ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَقَامِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ
وَأَيْضًا بَيَانُ الْجَوَازِ يَكْفِي فِيهِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ قَرَأَ بِالسُّوَرِ الطَّوِيلَةِ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ
فَالْحَقُّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَسَائِرِ السُّوَرِ سُنَّةٌ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ إِنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ اعْتِقَادٌ أَنَّهُ السُّنَّةُ دُونَ غَيْرِهِ مُخَالِفٌ لِهَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[814]
(عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ) أَيْ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
قَالَ بن حَجَرٍ وَلَا يَحْتَمِلُ هُنَا عَوْدُ الضَّمِيرِ لِجَدِّ شُعَيْبٍ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ عَنْ عَمْرٍو لِأَنَّ