الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِئَلَّا يَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ أَوْ فَتَحَ عَلَى إِمَامِهِ أَوْ سَبَّحَ لِمَنْ مَرَّ بِهِ أَوْ رَدَّ السَّلَامَ أَوْ أَجَابَ دَعْوَةَ أَحَدِ وَالِدَيْهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ أَوْ تَقَرَّبَ بِقُرْبَةٍ كَأَعْتَقْتُ عَبْدِي لِلَّهِ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ خِلَافٌ محل بسطه كتب الفقه
قال بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ قَلِيلِ الْفِعْلِ لِلْعَامِدِ فَلَا يُبْطِلُ وَبَيْنَ قَلِيلِ الْكَلَامِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا تَخْلُو مِنْهُ الصَّلَاةُ غَالِبًا لِمَصْلَحَتِهَا وَتَخْلُو مِنَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ غَالِبًا مُطَّرِدٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
8 -
(بَاب فِي صَلَاةِ الْقَاعِدِ)
[950]
(قَالَ حُدِّثْتُ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ حَدَّثَنِي النَّاسُ مِنَ الصَّحَابَةِ (صَلَاةَ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ) أَيْ قَائِمًا
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَ الْقَاعِدِ فِيهَا نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ فَيَتَضَمَّنُ صِحَّتَهَا وَنُقْصَانَ أَجْرِهَا
قَالَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةِ النَّفْلِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ فَهَذَا لَهُ نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ وَأَمَّا إِذَا صَلَّى النَّفْلَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ فَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ بَلْ يَكُونُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَأَمَّا الْفَرْضُ فَإِنَّ الصَّلَاةَ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ يَصِحَّ فَلَا يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ بَلْ يَأْثَمُ
قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنِ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ وَجَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ كَمَا لَوِ اسْتَحَلَّ الرِّبَا وَالزِّنَا أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الشَّائِعَةِ التَّحْرِيمِ وَإِنْ صَلَّى الْفَرْضَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ أَوْ مُضْطَجِعًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا لَا يَنْقُصُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا فَيَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْحَدِيثِ فِي تَنْصِيفِ الثَّوَابِ عَلَى مَنْ صَلَّى النَّفْلَ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ
هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ منهم الثوري وبن الْمَاجِشُونِ وَحُكِيَ عَنِ الْبَاجِيِّ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْمُصَلِّي فَرِيضَةً لِعُذْرٍ أَوْ نَافِلَةً لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ
قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَنْ لَهُ عُذْرٌ يُرَخِّصُ فِي الْقُعُودِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ وَيُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِمَشَقَّةٍ
انْتَهَى (فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِي) أَيْ بِالتَّعَجُّبِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِهِ قال علي القارىء أَيْ لِيَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ أَنْ يَحْضُرَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُسَمَّي خِلَافُ الْأَدَبِ عِنْدَ طَائِفَةِ الْعَرَبِ لِعَدَمِ تَكَلُّفِهِمْ وَكَمَالِ
تَأَلُّفِهِمْ (وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجُعِلَتْ نَافِلَتُهُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ كَنَافِلَتِهِ قَائِمًا تَشْرِيفًا لَهُ كَمَا خُصَّ بِأَشْيَاءَ مَعْرُوفَةٍ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ مِنَ الْقِيَامِ بِحُطَمِ النَّاسِ وَلِلسِّنِّ فَكَانَ أَجْرُهُ تَامًّا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ هَذَا كَلَامُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّ غَيْرَهُ صلى الله عليه وسلم إِنْ كَانَ مَعْذُورًا فَثَوَابُهُ أَيْضًا كَامِلٌ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فَلَيْسَ هُوَ كَالْمَعْذُورِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ تَخْصِيصٌ فَلَا يَحْسُنُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ وَإِطْلَاقُ هَذَا الْقَوْلِ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا إِنَّ نَافِلَتَهُ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ثَوَابُهَا كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَهُوَ مِنَ الْخَصَائِصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[951]
(أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ) ذِكْرُ الرَّجُلِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ بَلِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (وَصَلَاتُهُ قَاعِدًا عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاتِهِ قَائِمًا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا هُوَ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي قَاعِدًا وَالْمُصَلِّي يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَوَازٌ لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَجْرِ ثَبَاتٌ (وَصَلَاتُهُ نَائِمًا عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاتِهِ قَاعِدًا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ لَا أَعْلَمُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ رَخَّصَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ نَائِمًا كَمَا رَخَّصَ فِيهَا قَاعِدًا فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَكُنْ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَدْرَجَهُ فِي الْحَدِيثِ وَقَاسَهُ عَلَى صَلَاةِ الْقَاعِدِ أَوِ اعْتَبَرَ بِصَلَاةِ الْمَرِيضِ نَائِمًا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ فَإِنَّ التَّطَوُّعَ مُضْطَجِعًا لِلْقَادِرِ عَلَى الْقُعُودِ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ إِذَا تَطَوَّعَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ فَلَا تَجُوزُ أَنْ يُصَلِّي قَاعِدًا لِأَنَّ الْقُعُودَ شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ الِاضْطِجَاعُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَشْكَالِ الصَّلَاةِ
انْتَهَى
وَقَالَ بن بَطَّالٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ مَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ فَلَا يَصِحُّ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ أَنَّ النَّافِلَةَ لَا يُصَلِّيهَا الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ إِيمَاءً قَالَ وَإِنَّمَا دَخَلَ الوهم على
نَاقِلِ الْحَدِيثِ
وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ فَقَالَ أَمَّا نفي الخطابي وبن بَطَّالٍ لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ التَّطَوُّعِ مُضْطَجِعًا لِلْقَادِرِ فَمَرْدُودٌ فَإِنَّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهَيْنِ الْأَصَحُّ مِنْهُمَا الصِّحَّةُ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ أَحَدُهَا الْجَوَازُ مُطْلَقًا فِي الِاضْطِرَارِ وَالِاخْتِيَارِ لِلصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ جَوَازَهُ فَكَيْفَ يَدَّعِي مَعَ هَذَا الْخِلَافِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ الِاتِّفَاقَ
اه
قَالَ الطِّيبِيُّ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّطَوُّعَ نَائِمًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ أَوِ الْقُعُودِ فَذَهَبَ بَعْضٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى جَوَازِهِ وَأَجْرُهُ نِصْفُ الْقَاعِدِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْأَوْلَى لِثُبُوتِهِ فِي السُّنَّةِ
انْتَهَى
قُلْتُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْجَوَازِ هُوَ الْحَقُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ فِي النَّيْلِ وَاخْتَلَفَ شُرَّاحُ الْحَدِيثِ فِي الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّطَوُّعِ أَوْ عَلَى الْفَرْضِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْقَادِرِ فَحَمَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ مَحْمَلٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَرِيضَ الْمُفْتَرِضَ الَّذِي أَتَى بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ يُكْتَبُ له جميع الأجر لا نصفه
قال بن بَطَّالٍ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الشَّيْءِ لَكَ نِصْفُ أَجْرِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ بَلِ الْآثَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ مَنَعَهُ اللَّهُ وَحَبَسَهُ عَنْ عَمَلِهِ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَهُوَ صحيح
انتهى
وحمله سفيان الثوري وبن الْمَاجِشُونِ عَلَى التَّطَوُّعِ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ وَقَالَ إِنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[952]
(كَانَ بِي النَّاصُورُ) قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ أَهْلُ اللُّغَةِ ذَكَرُوا النَّاسُورَ بِالسِّينِ خَاصَّةً
كَذَا ذَكَرَهُ الْأَقْلَشِيُّ انْتَهَى
وفي رواية البخاري كانت بن بَوَاسِيرُ قَالَ فِي الْفَتْحِ الْبَوَاسِيرُ جَمْعُ بَاسُورٍ يُقَالُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَبِالنُّونِ وَالَّذِي بِالْمُوَحَّدَةِ وَرَمٌ فِي بَاطِنِ الْمَقْعَدَةِ وَالَّذِي بِالنُّونِ قُرْحَةٌ فَاسِدَةٌ لَا تَقْبَلُ الْبُرْءَ مَا دَامَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَسَادُ (فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ) أَيِ الْقِيَامَ (فَقَاعِدًا) أَيْ فَصَلِّ قَاعِدًا
وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْحَدِيثِ كَيْفِيَّةَ الْقُعُودِ فَيُؤْخَذُ مِنْ إِطْلَاقِهِ جَوَازُهُ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ شَاءَ الْمُصَلِّي وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ فَعَنِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا وَقِيلَ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ
وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَقِيلَ مُتَوَرِّكًا وَفِي كُلٍّ مِنْهَا أَحَادِيثُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ) أَيِ الْقُعُودَ (فَعَلَى جَنْبٍ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ وَهُوَ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ فِي الِانْتِقَالِ مِنَ الْقُعُودِ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنْبِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ يَسْتَلْقِي عَلَى ظَهْرِهِ وَيَجْعَلُ رِجْلَيْهِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّ حَالَةَ الِاسْتِلْقَاءِ تَكُونُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ حَالَةِ الِاضْطِجَاعِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ لَا يَنْتَقِلُ الْمَرِيضُ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنِ الِاسْتِلْقَاءِ إِلَى حَالَةٍ أُخْرَى كَالْإِشَارَةِ بِالرَّأْسِ ثُمَّ الْإِيمَاءِ بِالطَّرْفِ ثُمَّ إِجْرَاءِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ عَلَى اللِّسَانِ ثُمَّ عَلَى الْقَلْبِ لِكَوْنِ جَمِيعِ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ
[953]
(حَتَّى دَخَلَ فِي السِّنِّ) أَيْ حَتَّى كَبِرَ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ حَتَّى أَسَنَّ (حَتَّى إِذَا بَقِيَ أَرْبَعِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ آيَةً قَامَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ جَوَازُ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ بَعْضِهَا مِنْ قِيَامٍ وَبَعْضِهَا مِنْ قُعُودِ وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَسَوَاءٌ قَامَ ثُمَّ قَعَدَ أَوْ قَعَدَ ثُمَّ قَامَ وَمَنَعَهُ بَعْضُ السَّلَفِ وَهُوَ غَلَطٌ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ صَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي آخَرِينَ كَرَاهَةَ الْقُعُودِ بَعْدَ الْقِيَامِ وَلَوْ نَوَى الْقِيَامَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ جَازَ عِنْدَنَا وعند الجمهور
وجوزه من المالكية بن الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[954]
(فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وَهُوَ قَائِمٌ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ يَقْرَؤُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ أَكْثَرُ لِأَنَّ الْبَقِيَّةَ تُطْلَقُ فِي الْغَالِبِ عَلَى الْأَقَلِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِمَنِ افْتَتَحَ النَّافِلَةَ قَاعِدًا أَنْ يَرْكَعَ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا أَنْ يَرْكَعَ قَائِمًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوُهُ) وَصَلَهُ مُسْلِمٌ قال حدثنا بن نُمَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَالَتْ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ لَكِنْ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَيَقْرَأُ وَيُتِمُّ الْقِرَاءَةَ جَالِسًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ يَقُومُ فَيَرْكَعُ وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَيَقْرَأُ لَكِنْ لَا يُتِمُّ الْقِرَاءَةَ جَالِسًا بَلْ إِذَا بَقِيَ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً يَقُومُ وَيَقْرَأُ قَائِمًا ثُمَّ يَرْكَعُ
[955]
(فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا رَكَعَ قَائِمًا وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا رَكَعَ قَاعِدًا) هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ لِمَنْ قَرَأَ قَائِمًا أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ مِنْ قِيَامٍ وَمَنْ قَرَأَ قَاعِدًا أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ مِنْ قُعُودٍ
وَالْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ لِمَنْ قَرَأَ قَاعِدًا وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[956]
(قَالَتِ الْمُفَصَّلُ) أَيْ قَالَتْ عَائِشَةُ نَعَمْ يَقْرَأُ فِي رَكْعَةٍ السُّورَةَ مِنَ الْمُفَصَّلِ وَهُوَ مِنْ ق إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ سُوَرَهِ بِالْبَسْمَلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ (حِينَ حَطَمَهُ النَّاسُ) قَالَ الْهَرَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ يُقَالُ حَطَمَ فُلَانٌ أَهْلَهُ إِذَا كَبِرَ فِيهِمْ كَأَنَّهُ لَمَّا حَمَلَهُ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأَثْقَالِهِمْ وَالِاعْتِنَاءِ بِمَصَالِحِهِمْ صَيَّرُوهُ شَيْخًا مَحْطُومًا وَالْحَطْمُ كَسْرُ الشَّيْءِ الْيَابِسِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ