الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ) الشَّامِيَّ مِنَ التَّابِعِينَ لَكِنْ أخرج بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ مَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَحْتَبُوا وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ أَوْ ثَبَتَ لَكِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ نَسْخُهُ بِفِعْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ النَّهْيِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
9 -
(بَاب الْكَلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ)
[1112]
(إِذَا قُلْتَ) أَيْ لِصَاحِبِكَ كَمَا فِي رِوَايَةِ (أَنْصِتْ) مِنَ الْإِنْصَاتِ بِمَعْنَى السُّكُوتِ مَقُولُ الْقَوْلِ (وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِنْصَاتِ مِنَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ نَعَمِ الْأَحْسَنُ الْإِنْصَاتُ (فَقَدْ لَغَوْتَ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَعْنَى فَقَدْ لَغَوْتَ أَيْ قُلْتَ اللَّغْوَ وَهُوَ الْكَلَامُ الْمَلْغِيُّ السَّاقِطُ الْبَاطِلُ الْمَرْدُودُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ قُلْتَ غَيْرَ الصَّوَابِ وَقِيلَ تَكَلَّمْتَ بِمَا لَا يَنْبَغِي فَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ حَالَ الْخُطْبَةِ وَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى مَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ أَنْصِتْ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَسَمَّاهُ لَغْوًا فَغَيْرُهُ مِنَ الْكَلَامِ أَوْلَى وَإِنَّمَا طَرِيقُهُ إِذَا أَرَادَ بِهِ نَهْيَ غَيْرِهِ عَنِ الْكَلَامِ أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ بِالسُّكُوتِ إِنْ فَهِمَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَهْمُهُ فَلْيُفْهِمْهُ بِكَلَامٍ مُخْتَصَرٍ وَلَا يَزِيدُ عَلَى أَقَلِّ مُمْكِنٍ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكَلَامِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَهُمَا قولان الشافعي
قَالَ الْقَاضِي قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يَجِبُ الْإِنْصَاتُ لِلْخُطْبَةِ
وَحُكِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَبَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلا إذا تلي فِيهَا الْقُرْآنَ قَالَ وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْإِمَامَ هَلْ يَلْزَمُهُ الْإِنْصَاتُ كَمَا لَوْ سَمِعَهُ فَقَالَ الْجُمْهُورُ يَلْزَمُهُ وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ لَا يَلْزَمُهُ
وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الْإِنْصَاتِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجِبُ الْإِنْصَاتُ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
[1113]
(يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ) أَيِ اتَّصَفُوا بِأَوْصَافِ ثَلَاثَةٍ (فَرَجُلٌ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بالفاء
وَفِي بَعْضِهَا رَجُلٌ بِحَذْفِهَا وَالْفَاءُ تَفْصِيلِيَّةٌ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ حَاصِرٌ فَإِنَّ حَاضِرِي الْجُمُعَةِ ثَلَاثَةٌ فَمِنْ رَجُلٍ لَاغٍ مُؤْذٍ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَحَظُّهُ مِنَ الْحُضُورِ اللَّغْوُ وَالْأَذَى وَمِنْ ثَانٍ طَالِبٍ حَظَّهُ غَيْرِ مُؤْذٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ بِكَرْمِهِ فَيُسْعِفَ مَطْلُوبَهُ وَمِنْ ثَالِثٍ طَالِبٍ رِضَا اللَّهِ عَنْهُ مُتَحَرٍّ احْتِرَامَ الْخَلْقِ فَهُوَ هُوَ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (حَضَرَهَا يَلْغُو) حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ (وَهُوَ) اللَّغْوُ (حَظُّهُ) أَيْ حَظُّ ذَلِكَ الرَّجُلِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ حضورها
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ أَيْ لَا حَظَّ لَهُ كَامِلَ لِأَنَّ اللَّغْوَ يَمْنَعُ كَمَالَ ثَوَابِ الْجُمُعَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِاللَّغْوِ مَا يَشْمَلُ التَّخَطِّيَ وَالْإِيذَاءَ بِدَلِيلِ نَفْيِهِ عَنِ الثَّالِثِ أَيْ فَذَلِكَ الْأَذَى حَظُّهُ (وَرَجُلٍ حَضَرَهَا يَدْعُو) أَيْ مُشْتَغِلًا بِهِ حَالَ الْخُطْبَةِ حَتَّى مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ أَوْ كَمَالِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الثَّالِثِ بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ (إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ) أَيْ مُدَّعَاهُ لِسَعَةِ حِلْمِهِ وَكَرْمِهِ (وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ) عِقَابًا عَلَى مَا أَسَاءَ بِهِ مِنْ اشْتِغَالِهِ بِالدُّعَاءِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (وَرَجُلٍ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ) أَيْ مُقْتَرِنًا بِسُكُوتٍ مَعَ اسْتِمَاعٍ (وَسُكُوتٍ) أَيْ مُجَرَّدٌ فَالْأَوَّلُ إِذَا كَانَ قَرِيبًا وَالثَّانِي إِذَا كَانَ بَعِيدًا وَهُوَ يُؤَيِّدُ قول محمد بن أبي سلمة وبن الْهُمَامِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِنْصَاتَ وَالسُّكُوتَ بِمَعْنًى وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ وَمَحَلُّهُ إِذَا سَمِعَ الْخُطْبَةَ فَفِي النِّهَايَةِ الْإِنْصَاتُ أَنْ يَسْكُتَ سُكُوتَ مُسْتَمِعٍ وَفِي الْقَامُوسِ أَنْصَتَ سَكَتَ وَأَنْصَتَ لَهُ سَكَتَ لَهُ وَاسْتَمَعَ لِحَدِيثِهِ وَأَنْصَتَهُ أَسْكَتَهُ
انْتَهَى
فَيَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِأَنَّهُ يُسْكِتُ النَّاسَ بِالْإِشَارَةِ فَإِنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ بِإِنْصَاتٍ لِلْخَطِيبِ وَسُكُوتٍ عَنِ اللَّغْوِ (وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ) أَيْ لَمْ يَتَجَاوَزْ عَنْهَا (وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا) أَيْ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنَ الْأَذَى كَالْإِقَامَةِ مِنْ مَكَانِهِ أَوِ الْقُعُودِ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهِ أَوْ عَلَى سَجَّادَتِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ بِنَحْوِ رَائِحَةِ ثُومٍ أَوْ بَصَلٍ (فَهِيَ) أَيْ جُمْعَتُهُ الشَّامِلَةُ لِلْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ (كَفَّارَةٌ) أَيْ لَهُ
قَالَهُ الطِّيبِيُّ أَيْ لِذُنُوبِهِ مِنْ حِينِ انْصِرَافِهِ (إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي) أَيْ إِلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ الْجُمُعَةِ التي (تليها) أي تقر بِهَا وَهِيَ الَّتِي قَبْلَهَا عَلَى مَا وَرَدَ مَنْصُوصًا (وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْجُمُعَةِ (وَذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ كَفَّارَةِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ مِنَ السَّبْعَةِ وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةٍ (بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عز وجل يَقُولُ) أَيْ بِسَبَبِ مُطَابَقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ