الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوَوِيُّ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ السُّنَّةَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَكَرَاهَةُ التَّطْبِيقِ إِلَّا بن مَسْعُودٍ وَصَاحِبَيْهِ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ السُّنَّةَ التَّطْبِيقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّاسِخُ وَهُوَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِثُبُوتِ النَّاسِخِ الصَّرِيحِ
انْتَهَى
قُلْتُ تَقَدَّمَ آنِفًا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَشَوَاهِدُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
(بَاب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ فِي ركوعه وسجوده)
[869]
(عن موسى) هو بن أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عامر وعنه الليث بن المبارك وثقه بن مَعِينٍ (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ) كُنْيَةُ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ (مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ) أَيْ نِسْبَةٌ إِلَى أبيه (اجعلوها) أَيْ مَضْمُونُهَا وَمَحْصُولُهَا (فِي رُكُوعِكُمْ) يَعْنِي قُولُوا سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ مَعْنَى الْعَظِيمِ الْكَامِلُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَعْنَى الْجَلِيلِ الْكَامِلُ فِي صِفَاتِهِ وَمَعْنَى الْكَبِيرِ الْكَامِلُ فِي ذَاتِهِ (اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ) يَعْنِي قُولُوا سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى
وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الرُّكُوعِ بِالْعَظِيمِ وَالسُّجُودِ بِالْأَعْلَى أَنَّ السُّجُودَ لَمَّا كَانَ فِيهِ غَايَةُ التَّوَاضُعِ لِمَا فِيهِ مِنْ وَضْعِ الْجَبْهَةِ التي هي أشرف الأعضاء على مواطىء الْأَقْدَامِ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الرُّكُوعِ فَحَسُنَ تَخْصِيصُهُ بِمَا فِيهِ صِيغَةُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ وَهُوَ الْأَعْلَى بِخِلَافِ الْعَظِيمِ جَعْلًا لِلْأَبْلَغِ مَعَ الْأَبْلَغِ وَالْمُطْلَقِ مَعَ الْمُطْلَقِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَبَيَانُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَتَرْتِيبُهُ فِي مَوْضِعِهِ فِي الصَّلَاةِ فَتَرْكُهُ غَيْرُ جَائِزٍ
وَإِلَى إِيجَابِهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَرِيبٌ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عن الحسن البصري نحو مِنْ هَذَا فَأَمَّا عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا تَرْكَهُ مُفْسِدًا للصلاة
انتهى
[870]
(عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى أَوْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ) أَيْ وَبِحَمْدِهِ (نَخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ مَحْفُوظَةً) أَيْ نَخَافُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا رَوَاهُ الْمَقْبُولُ مُخَالِفًا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ الشَّاذُّ وَمُقَابِلُهُ يُقَالُ لَهُ الْمَحْفُوظُ وَمَا رَوَاهُ الضَّعِيفُ مُخَالِفًا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ يُقَالُ لَهُ الْمُنْكَرُ وَمُقَابِلُهُ يُقَالُ لَهُ الْمَعْرُوفُ
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّاذِّ وَالْمُنْكَرِ بِحَسَبِ غَالِبِ الِاسْتِعْمَالِ وَقَدْ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وهذه الزيادة للدارقطني من حديث بن مَسْعُودٍ أَيْضًا قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ
وَفِيهِ السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْهُ وَالسَّرِيُّ ضَعِيفٌ
وَقَدَ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الشَّعْبِيِّ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ضَعِيفٌ
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ وَلَيْسَ فِيهِ وَبِحَمْدِهِ
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ وَهِيَ فِيهِ وَأَحْمَدُ مِنْ حديث بن السَّعْدِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ وَبِحَمْدِهِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ فِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ وَهِيَ فِيهِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
وَفِي هَذَا جميعه رد لأنكار بن الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ بن حنبل عنه فيما حكاه بن الْمُنْذِرِ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَقُولُ بِحَمْدِهِ
قُلْتُ وَأَصْلُ هَذِهِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ الْحَدِيثَ
انْتَهَى
قَالَ المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ بِدُونِ الزِّيَادَةِ
[871]
(أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ) أَيْ شُعْبَةُ (بِآيَةِ تَخَوُّفٍ) مَصْدَرٌ مِنَ التَّفَعُّلِ أَيْ بِآيَةٍ مُخَوِّفَةٍ (عَنْ صِلَةَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ (بْنِ زفر) بضم الزاء وَفَتْحِ الْفَاءِ الْعَبْسِيِّ بِالْمُوَحَّدَةِ كُنْيَتُهُ أَبُو الْعَلَاءِ أَوْ أَبُو بَكْرٍ الْكُوفِيُّ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مِنَ الثَّانِيَةِ ثِقَةٌ جَلِيلٌ (إِلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا) أَيْ عِنْدَ تِلْكَ الْآيَةِ (فَسَأَلَ) أَيِ الرَّحْمَةَ (فَتَعَوَّذَ) أي من العذاب وشر العقاب
قال بن رَسْلَانَ وَلَا بِآيَةِ تَسْبِيحٍ إِلَّا سَبَّحَ وَكَبَّرَ وَلَا بِآيَةِ دُعَاءٍ وَاسْتِغْفَارٍ إِلَّا دَعَا وَاسْتَغْفَرَ وَإِنْ مَرَّ بِمَرْجُوٍّ سَأَلَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ أَوْ بِقَلْبِهِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ التَّسْبِيحُ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ نَسِيَهُ لَمْ تَبْطُلْ
وَقَالَ الظَّاهِرِيُّ وَاجِبٌ مُطْلَقًا وَأَشَارَ الْخَطَّابِيُّ إِلَى اخْتِيَارِهِ كَمَا مَرَّ وَقَالَ أَحْمَدُ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَوْلُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَالذِّكْرُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَجَمِيعُ التَّكْبِيرَاتِ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ نَسِيَهُ لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ
وَاحْتَجَّ الْمُوجِبُونَ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْمَذْكُورِ وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَبِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَبِّحُوهُ وَلَا وُجُوبَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا
وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاءَةِ
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتِهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ هَذِهِ الْأَذْكَارَ مَعَ أَنَّهُ عَلَّمَهُ تَكْبِيرَاتِ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَذْكَارُ وَاجِبَةً لَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ فَيَكُونُ تَرْكُهُ لِتَعْلِيمِهِ دَالًّا عَلَى أَنَّ الْأَوَامِرَ الْوَارِدَةَ بِمَا زَادَ عَلَى مَا عَلَّمَهُ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلْوُجُوبِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَكُونُ بِهَذَا اللَّفْظِ فَيَكُونُ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
[872]
(يَقُولُ فِي سُجُودِهِ وَرُكُوعِهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَفَتْحِهِمَا وَالضَّمُّ أَكْثَرُ وَأَفْصَحُ
قَالَ ثَعْلَبٌ كُلُّ اسْمٍ عَلَى فَعُّولٍ فَهُوَ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ إِلَّا السُّبُّوحَ وَالْقُدُّوسَ فَإِنَّ الضَّمَّ فِيهِمَا أَكْثَرُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ سُبُّوحٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَقَالَ بن فَارِسٍ وَالزُّبَيْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا سُبُّوحٌ هُوَ اللَّهُ عز وجل وَالْمُرَادُ الْمُسَبَّحُ وَالْمُقَدَّسُ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مُسَبَّحٌ مقدس
ومعنى سبوح المبرأ من النقائض والشريك وكل ما لا يليق بالإلهية وَقُدُّوسٌ الْمُطَهَّرُ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بالخالق وهما خبران مبتدأهما مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ رُكُوعِي وَسُجُودِي لِمَنْ هُوَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ قِيلَ الْقُدُّوسُ الْمُبَارَكُ
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقِيلَ فِيهِ سُبُّوحًا قُدُّوسًا عَلَى تَقْدِيرِ أُسَبِّحُ سُبُّوحًا أَوْ أَذْكُرُ أَوْ أُعَظِّمُ أَوْ أَعْبُدُ (رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ الرُّوحَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَكُونُ إِذَا وَقَفَ كَجَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ وَقِيلَ خَلْقٌ لَا تَرَاهُمُ الْمَلَائِكَةُ كَنِسْبَةِ الْمَلَائِكَةِ إِلَيْنَا
كَذَا فِي النَّيْلِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[873]
(قُمْتُ) أَيْ مُصَلِّيًا (فَسَأَلَ) أَيِ الرَّحْمَةَ (فَتَعَوَّذَ) أَيْ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِهِ (سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ) فَعَلُوتٌ مِنَ الْجَبْرِ بِمَعْنَى الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَفِي الْحَدِيثِ يَكُونُ مُلْكٌ وَجَبَرُوتٌ أَيْ عُتُوٌّ وَقَهْرٌ (وَالْمَلَكُوتُ) فَعَلُوتٌ مِنَ الْمُلْكِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَالْكِبْرِيَاءُ) الْكِبْرِيَاءُ الْعَظَمَةُ وَالْمُلْكُ أَوْ كَمَالُ الذَّاتِ وَكَمَالُ الْوُجُودِ قَوْلَانِ وَلَا يُوصَفُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ مِنَ الْكِبْرِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْعَظَمَةُ (ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ) أَيْ لِلْقِرَاءَةِ (ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِآلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَرَأَ سُورَةً سُورَةً) قَالَ بن رَسْلَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ ثُمَّ قَرَأَ سُورَةَ النِّسَاءِ ثُمَّ سُورَةَ الْمَائِدَةِ
[874]
(عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ كَأَنَّهُ صِلَةُ بْنُ زُفَرَ (يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَكَانَ) الْفَاءُ لِلتَّفْصِيلِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ (يَقُولُ) أَيْ بَعْدَ النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ (اللَّهُ أَكْبَرُ) أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَيْ أَعْظَمُ وَتَفْسِيرُهُمْ إِيَّاهُ بِالْكَبِيرِ ضَعِيفٌ
كَذَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ كُنْهُ كِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ لَهُ ذَلِكَ وَأُوِّلَ لِأَنَّ أَفْعَلَ فُعْلَى يَلْزَمُهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَوِ الْإِضَافَةُ كَالْأَكْبَرِ وَأَكْبَرِ الْقَوْمِ
كَذَا فِي النِّهَايَةِ (ذُو الْمَلَكُوتِ) أَيْ صَاحِبُ الْمُلْكِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالصِّيغَةُ لِلْمُبَالَغَةِ (وَالْجَبَرُوتِ) قَالَ الطِّيبِيُّ فَعَلُوتٌ مِنَ الجبر القهر وَالْجَبَّارُ الَّذِي يَقْهَرُ الْعِبَادَ عَلَى مَا أَرَادَ وَقِيلَ هُوَ الْعَالِي فَوْقَ خَلْقِهِ (وَالْكِبْرِيَاءُ وَالْعَظَمَةُ) أَيْ غَايَةُ الْكِبْرِيَاءِ وَنِهَايَةُ الْعَظَمَةِ وَالْبَهَاءِ وَلِذَا قِيلَ لَا يُوصَفُ بِهِمَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَمَعْنَاهُمَا التَّرَفُّعُ عَنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ مَعَ انْقِيَادِهِمْ لَهُ وَقِيلَ عِبَارَةٌ عَنْ كَمَالِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَقِيلَ الْكِبْرِيَاءُ التَّرَفُّعُ وَالتَّنَزُّهُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ وَالْعَظَمَةُ تُجَاوِزُ الْقَدْرَ عَنِ الْإِحَاطَةِ
وَالتَّحْقِيقُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لِلْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ فِي الصَّحِيحِ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي فِيهِمَا فَصَمْتُهُ أَيْ كَسَرْتُهُ وَأَهْلَكْتُهُ (ثُمَّ اسْتَفْتَحَ) أَيْ قَرَأَ الثَّنَاءَ فَإِنَّهُ يُسَمَّى دُعَاءَ الِاسْتِفْتَاحِ أَوِ اسْتَفْتَحَ بِالْقِرَاءَةِ أَيْ بَدَأَ بِهَا مِنْ غَيْرِ الْإِتْيَانِ بِالثَّنَاءِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوْ بَعْدَ الثَّنَاءِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَحَمْلًا عَلَى أَكْمَلِ الْحَالَاتِ (فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ) أَيْ كُلَّهَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (فَكَانَ رُكُوعُهُ) أَيْ طُولُهُ (نَحْوًا) أَيْ قَرِيبًا (مِنْ قِيَامِهِ) قَالَ مَيْرَكُ وَالْمُرَادُ أَنَّ رُكُوعَهُ مُتَجَاوِزٌ عَنِ الْمَعْهُودِ كَالْقِيَامِ (وَكَانَ يَقُولُ) حِكَايَةً لِلْحَالِ الْمَاضِيَةِ استحضارا
قاله بن حَجَرٍ (سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيُسْكَنُ (فَكَانَ قِيَامُهُ) أَيْ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَعْنِي اعْتِدَالَهُ (نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ نَحْوًا من ركوعه
قال بن حَجَرٍ وَفِيهِ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ مَعَ أَنَّهُ رُكْنٌ قَصِيرٌ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ طَوِيلٌ بَلْ جَزَمَ بِهِ جَزْمَ الْمَذْهَبِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ انْتَهَى
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (فَكَانَ سُجُودُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ) أَيْ لِلْقِرَاءَةِ
قَالَهُ عِصَامُ الدِّينِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ سُجُودُهُ أَقَلَّ مِنْ رُكُوعِهِ وَالْأَظْهَرُ