الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْفُهُ وَلَا جَبْهَتُهُ وَلَا يَتَأَذَّى بِمُلَاقَاةِ الْأَرْضِ
وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَأَبْلَغُ فِي تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مِنَ الْأَرْضِ مَعَ مُغَايَرَتِهِ لِهَيْئَةِ الْكَسْلَانِ
وَقَالَ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ يَظْهَرَ كُلَّ عُضْوٍ بِنَفْسِهِ وَيَتَمَيَّزَ حَتَّى يَكُونَ الْإِنْسَانُ الْوَاحِدُ فِي سُجُودِهِ كَأَنَّهُ عَدَدٌ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَسْتَقِلَّ كُلُّ عُضْوٍ بِنَفْسِهِ وَلَا يَعْتَمِدُ بَعْضُ الْأَعْضَاءِ عَلَى بَعْضٍ فِي سُجُودِهِ وَهَذَا ضِدُّ مَا وَرَدَ فِي الصُّفُوفِ مِنَ الْتِصَاقِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ إِظْهَارُ الِاتِّحَادِ بَيْنَ الْمُصَلِّينَ حَتَّى كَأَنَّهُمْ جَسَدٌ وَاحِدٌ
كَذَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّفْرِيجِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ
(بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ أَيْ فِي تَرْكِ التَّفْرِيجِ)
[902]
(إِذَا انْفَرَجُوا) أَيْ بَاعَدُوا الْيَدَيْنِ عَنِ الْجَنْبَيْنِ (فَقَالَ اسْتَعِينُوا بالركب) قال بن عَجْلَانَ وَذَلِكَ أَنْ يَضَعَ مِرْفَقَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِذَا طَالَ السُّجُودُ وَاعِيًا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ وَقَالَ قَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَتِهِ إِذَا انْفَرَجُوا فَتَرْجَمَ لَهُ مَا جَاءَ فِي الِاعْتِمَادِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ فَجَعَلَ مَحَلَّ الِاسْتِعَانَةِ بِالرُّكَبِ لِمَنْ يَرْفَعُ مِنَ السُّجُودِ طَالِبًا لِلْقِيَامِ وَاللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ مَا قَالَ لَكِنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ تُعَيِّنُ الْمُرَادَ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُرْسَلًا وَذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ
1 -
(هَذَا الْوَجْهِ مُرْسَلًا وَكَأَنَّهُ أَصَحُّ)
[903]
(زِيَادُ بْنُ صُبَيْحٍ) مُصَغَّرٌ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ (فَوَضَعْتُ يَدَيَّ عَلَى خَاصِرَتِيَّ
الْخَاصِرَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ تهى كاه
قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْخَاصِرَةُ الشَّاكِلَةُ وَمَا بَيْنَ الْحَرْقَفَةِ وَالْقُصَيْرَى وَفَسَّرَ الحرفقة بِعَظْمِ الْحَجَبَةِ أَيْ رَأْسِ الْوِرْكِ (قَالَ هَذَا الصَّلْبُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ شِبْهُ الصُّلْبِ لِأَنَّ الْمَصْلُوبَ يَمُدُّ بَاعَهُ عَلَى الْجِذْعِ وَهَيْئَةُ الصَّلْبِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ وَيُجَافِي بَيْنَ عَضُدَيْهِ فِي الْقِيَامِ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ (يَنْهَى عَنْهُ) أَيْ عَنِ الصَّلْبِ فِي الصَّلَاةِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ الْحَدِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَبِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ التَّخَصُّرِ فِي الصَّلَاةِ وَبِلَفْظِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ الْمُؤَلِّفُ وَبِلَفْظِ نَهَى عَنِ الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
وَمَعْنَى الِاخْتِصَارِ وَالتَّخَصُّرِ وَالْخَصْرِ وَاحِدٌ هُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ
وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلًا آخَرَ فِي تَفْسِيرِهِ الِاخْتِصَارَ فَقَالَ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَارِ هُوَ أَنْ يُمْسِكَ بِيَدَيْهِ مخصرة أي عصا يتوكأ عليها
قال بن الْعَرَبِيِّ وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمِخْصَرَةِ لَا مَعْنَى لَهُ
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ حَكَاهُ الهروي في الغريبين وبن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ أَنْ يَخْتَصِرَ السُّورَةَ فَيَقْرَأَ مِنْ آخِرِهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ
وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ وَهُوَ أَنْ يَحْذِفَ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا يَمُدُّ قِيَامَهَا وَرُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الِاخْتِصَارِ
وَقَدْ ذَهَبَ إلى ذلك أهل الظاهر وذهب بن عباس وبن عمر وعائشة وإبراهيم النخعي ومجاهد وأبو مجاز وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَآخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ لِعَدَمِ قِيَامِ قَرِينَةٍ تَصْرِفُ النَّهْيَ عَنِ التَّحْرِيمِ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ كَمَا هُوَ الْحَقُّ
وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي نَهَى عَنْ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ لِأَجْلِهِ عَلَى أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ التَّشْبِيهُ بِالشَّيْطَانِ
الثَّانِي أَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْيَهُودِ
الثَّالِثُ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ
وَالرَّابِعُ أَنَّهُ فِعْلُ الْمُخْتَالِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ
وَالْخَامِسُ أَنَّهُ شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِ الْمَصَائِبِ يَصُفُّونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْخَوَاصِرِ إِذَا قَامُوا فِي الْمَأْتَمِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ الْإِقْعَاءَ أَيْضًا وَلَمْ يُورِدْ فِيهِ حَدِيثًا مَعَ أَنَّهُ تَرْجَمَ