الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهادات أعداء الإسلام بأن القرآن من عند الله
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أكتب لكم هذه الرسالة ويداي لا تقويان على تحمل الحزن الذي يملأ قلبي وتفكيري. أريد أن أعلمكم أنني في يوم 12 من مارس كنت أبحث في التلفاز في قنوات القمر الصناعي الأوروبي وتوقفت على قناة تدعى تي سي تي مسيحية تبشيرية واستغربت من وجود رجل دين يهودي فيه يقدم برنامجاً عن الحرب الروحية. ما صدمني هو كيف أن هذا الشخص ويدعى رابيا موشي يحاول أن يثبت أن القرآن ليس كلام الله وأن من كتبه هم أشخاص عديدون بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وأن الإسلام لم يتنشر في عهده وإنما بدأ من بغداد وهنالك ظهر القرآن! وذكر أن كتاب التوراة غير محرف لأنه بحسب قوله أن على كل أسرة يهودية أن تكتب وتحفظ كتاب التوراة، وأن التوراة نزلت في قوالب. وكان يستشهد بآيات من القرآن ولم أتذكرها وأنها متناقضة عن كيفية كتابة القرآن. ما أثار غضبي هو قوله أن المسلمين لا يحبون النقد في دينهم وأنهم يقتلون من يشكك في دينهم! وأن الله يدعو إلى الحب والعدل والسلام لا للقتل والظلمة في إشارة ساخرة منه للإسلام! هذه صفحة القناة على الإنترنت: لماذا لا يقوم علماؤنا بالرد على مثل هؤلاء الأشخاص؟ هم لا يبدؤون بذلك ويتعللون بأننا لا نسمع الآخر وأننا ضعفاء وسلاحنا الدفاعي هو الغضب. لماذا لا يتم تخصيص حوار بين الأديان بين رجالات الدين للرد والتوضيح؟ الأفضل أن يكون عبر الإنترنت لا عن طريق ندوات لا تصل للعالم. أرجو أن يكون هنالك تواصل وحوار فعال وجاد معهم من قبل رجالنا، وأن تخصص قنوات إعلامية للتعريف بالإسلام وتوضيحه للعالم بلغاتهم. وأسأل الله لنا النصر على هؤلاء الذين لا يريدون أن تظهر كلمة الحق. واللهم صل وسلم على محمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لقد شهد أعداء الإسلام بأن القرآن من عند الله، وعجز عن الإتيان بمثله أهل البلاغة والفصاحة، ووقعت حوارات بين الأديان، وخصصت قنوات للتعريف بالإسلام باللغات الأجنبية، فلم يزد الكافرين كل ذلك إلا ضلالا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أن أعداء الإسلام لن يفتروا عن إلقاء الشبهات في القرآن وفي شريعة الإسلام، وغرضهم من ذلك هو تشكيك المسلمين في دينهم وثوابتهم.
والقرآن الكريم قد شهد ألد أعداء الرسالة النبوية وأعتى خصومها بصدقه، وأنه لا يستطيع أن يقول مثله بشر. يقول الوليد بن المغيرة: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما يقول هذا بشر.
وقال لقومه: والله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئاً من هذا.
وشهد أعداء الإسلام من النصارى وغيرهم أن القرآن لم يوجد فيه تبديل بخلاف الكتب الأخرى. ذكر العيني في شرحه للبخاري أن بعض علماء النصارى سأل محمد بن الوضاح، فقال: ما بال كتابكم معشر المسلمين لا زيادة فيه ولا نقصان، وكتابنا بخلاف ذلك؟ فقال: لأن الله وكل حفظ كتابكم إليكم فقال: ُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللهِ {المائدة:44} فلما وكله إلى مخلوق دخله الخرم والنقصان، وقال في كتابنا: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون. {سورة الحجر: 9} .
ولقد عجز كفار قريش –وهم أهل البلاغة والفصاحة- عن الإتيان بسورة واحدة من مثل القرآن. قال الله تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ {الطور: 34} ، وقال الله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {هود: 13} .
وقال سبحانه وتعالى: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. {البقرة: 23} .
وقال عز وجل: قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا. {الإسراء: 88} .
وهذا التحدي بالآيتان بسورة مثل أي سورة من سوره تحد قائم ولن يزال قائما، فيكفي فيمن ادعى أنه من عند غير الله أن يقال له إيت بمثل سورة من سورة لو كانت أقصر سورة، ومعلوم أن هؤلاء الأعداء يدركون عجزهم وفيهم نصارى عرب بلغاء فصحاء.
والإسلام هو الدين الذي قامت الدلائل العقلية والنقلية على أنه دين الحق المنزل من عند الله القائم على توحيده، وهو منهج الحياة الذي ينظم علاقة الإنسان بربه وبأخيه الإنسان وبالحيوان وبالمادة وبالكون، وبالجملة فهو منهج يحكم تصرفات الإنسان من المهد إلى اللحد، منهج يربط كل الأنظمة والتشريعات التي تحكم الفرد والمجتمع بما يريده الله من خلقه ويرتب على ذلك الثواب والعقاب.
ثم إن الإسلام قد حث على انتهاج الحكمة في الدعوة إلى الله. قال تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين {النحل: 125} .
وقال: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {يوسف: 108} .
وهذا لعمري هو عين الحوار
…
ولقد خصصت قنوات إعلامية للتعريف بالإسلام وتوضيحه للعالم باللغات الأجنبية، ولكن من كتب الله له الشقاء في الأزل فلن يهتدي إلى الحق أبدا. قال تعالى: فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ. {الأنعام: 125} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429