الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد أن انتهيت من تحقيق "كتاب التنوير شرح الجامع الصغير" للصنعاني قبل أكثر من عشر سنوات بحثتُ عن كتاب مفيد اشتغل عليه فوقع اختياري على كتاب: "الفتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب" وهو كتاب مفيد يستفيد منه الخاصة والعامة، وبدأت بالبحث عن نُسَخه المخطوطة فاهتديت بحمد الله وتوفيقه إلى نُسَخ متفرقة كوّنت من مجموعها نسخة كاملة، فاقتنيتها جميعها وسيأتي وصف تفصيلي لها قريبًا إن شاء الله.
أهمية هذا الكتاب:
يعتبر هذا الكتاب هو الشرح الوحيد المفصل المطول المستوعب الجامع لكتاب: الترغيب والترهيب للمنذري.
عاش المؤلف طول حياته يشتغل في كتاب الترغيب والترهيب، جمعًا وقراءةً وتدريسًا واستشارةً، وتظهر شخصيته شارحًا بارعًا يقظًا مدققًا واسع الإطلاع على كل ما يخص الحديث رواية ودراية، فهذا الشرح عصارة حياته العلمية. قال السخاوي في الضوء اللامع: وكان ممن اعتنى بالترغيب للمنذري وأتقنه مع النواجي
(1)
وغيره، وكذا قرأ فيه وفي غيره على شيخنا ابن خضر
(2)
والشهاب المحلي
(3)
خطيب جامع ابن ميالة والبرهان
(1)
هو: محمد بن محمد بن حسن بن علي البدر أبو الفضل ت: 859 هـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي (9/ 74).
(2)
هو: محمد بن أبي بكر بن خضر الصفدي ت: 862 هـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي (7/ 167).
(3)
هو: محمد بن أحمد بن محمد أبو عبد الله بن الشهاب المحلي ت: 864 هـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي (7/ 39).
الكركي
(1)
بل سمع فيه على شيخنا - يعني: ابن حجر - وأقرأ وكتب منه عدة نسخ بخطه المنسوب الذي جوَّده ظنا على البسراطي المقسي، قرأه على العامة بالجامع المشار إليه، وزاد اعتناؤه به حتى حصل فوائد في شرح كثير من أحاديثه التقطها في طول عمره من بطون الكتب
(2)
. وقال في الجواهر والدرر: إن هذا الكتاب لم ينتشر إلا مِنْ قِبَلِه، فقد حكى البدر حسن الفيومي، إمام جامع الزاهد بالمقسم وكان أكثر أهل العصر اعتناءً بهذا الكتاب.
(3)
.
وَفْرة الأحاديث النبوية والآثار التي حرص المؤلف على إضافتها لتوضيح معاني الأحاديث وشرحها لإبراز الأمر الذي يعالجه كل حديث بوضوح تام.
وكون الشرح يتعلق بأهم مصدر في موضوع الترغيب والترهيب وهو كنز ثمين أودع فيه المؤلف نقولات من أمهات المصادر بعضها مفقود حتى الآن حاول خلالها كشف اللثام عما رأى أنه بحاجة إلى ذلك.
لم يقتصر المؤلف على تخريج الأحاديث والآثار وشرحها فقط بل تطرق كثيرًا إلى شرح الغريب من أَلفاظ الحديث، ويتعرض لضبط أسماء الأعلام والأمكنة، ويتعرض كثيرًا للحكم الفقهي للحديث وخلاف العلماء فيه، وإزالة ما يتوهم من تعارض بين حديثين، فجاء شرحًا زاخرًا مكتمل
(1)
هو: إبراهيم بن موسى بن بلال الكركي ت: 853 هـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي (1/ 75).
(2)
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي 3/ 111.
(3)
الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر للسخاوي، ص 713.
الجوانب في غالب مادته.
خدم الفيومي "كتاب الترغيب والترهيب" خدمة جليلة ففيه روايات زائدة على ما في الترغيب وزيادات في متون الأحاديث، وأحكام على الأحاديث مغايرة لكثير مما أضافه من الروايات مع ذكر أسباب ورود أحاديث لم يرد ذكر سبب ورودها في كتاب المنذري، وفيه من الفوائد النافعة المهمة، ولم يكتف بذلك بل ذكر قصصًا كثيرة لتوضيح معنى الحديث، ومن هنا يعتبر هذا الكتاب ديوانًا ضخمًا للأحاديث النبوية ذات الدلالات العلمية في موضوعات مختلفة، ويكاد ينفرد بنصوص نادرة ثمينة تعتبر شاهدًا على كتب فُقِدَت من تراثنا.
وجعلت خطة الدراسة والتحقيق والتعليق تنقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: ترجمة موجزة للحافظ الإمام المنذري.
القسم الثاني: دراسة موجزة لكتابه الترغيب والترهيب.
القسم الثالث: ترجمة للشارح الفيومي.
القسم الرابع: التعريف بكتاب فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب ثم بيان خدمتي للكتاب تحقيقًا وتعليقًا وشرحًا وتوضيحًا.
ثم الفهارس الفنية التي تُيسِّر الاستفادة من الكتاب.
وإني لأرجو أن أكون قد وُفِّقْتُ في خدمة هذا الشرح وإحيائه.
وأهدي عملي هذا لوالديّ: أمي رحمها الله تعالى رحمة واسعة وغفر لها وأسكنها فسيح جناته، ووالدي أطال الله عمره وأحسن عمله وألبسه لباس الصحة والعافية ورزقني بره، وختم له بالحسنى.
وَفِي الختام أسأَل الله الْكَرِيم رب الْعَرْش الْعَظِيم أَن يَجْعَل هَذَا الْعَمَل خَالِصا لوجهه وسببا للفوز بِأَعْلَى دَرَجَات الْجنَّة وَأَن ينفع بِهِ الْمُسلمين وَأَن يَجعله فِي ميزَان حسناتي يَوْم الدّين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتبه
أ. د. محمد إسحاق محمد آل إبراهيم
الرياض، حي الريان.
aal_ibrahim@yahoo.com