الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثالث ترجمة الشارح
عاش الفيومي في بداية القرن التاسع الهجري، وقد شهدت مصر والشام في عهد سلاطين المماليك نشاطًا علميًا فريدًا في كميته ونوعيته
(1)
، ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل خارجية وداخلية.
أما العوامل الخارجية، فأهمها: سقوط بغداد، حيث اتجهت الأنظار بعد ذلك إلى مصر والشام، ولاذ إليهما من نجا من العلماء والأدباء، وكذلك سقوط أجزاء كثيرة من الأندلس في أيدي الأسبان، فهاجر منها كثير من العلماء إلى مصر، وبهذا انتقل النشاط العلمي من العراق والأندلس إلى مصر، فأصبحت القاهرة تتبوأ مركز القيادة في كل شيء حتى في مختلف العلوم وصنوف المعارف زهاء الثلاثة القرون التي عاشت فيها دولة المماليك
(2)
.
وأما العوامل الداخلية، فأهمها:
ما شعر به العلماء من عظم المسؤولية التي تحتِّم عليهم تعويض الخسارة الكبرى التي لحقت بالمكتبة الإسلامية من جرَّاء غزو التتار، فقاموا بالتدوين والتأليف، وتنافسوا في ذلك تنافسًا شديدًا كان له أثره الفعال في قيام تلك
(1)
الأيوبيون والمماليك في مصر والشام لسعيد عاشور، ص 354.
(2)
عصر سلاطين المماليك لمحمود رزق 3/ 9.
الحركة العلمية الناهضة.
ما أبداه السلاطين والأمراء من رعاية واضحة للعلم وأهله تمثَّلت في الأمور التالية:
تعظيم أهل العلم، وتقديمهم في مسائل كثيرة، واستشارتهم في أمور الدولة.
إنشاء دور التعليم وتنظيمها ورصد الأوقاف عليها، وتزويدها بمساكن؛ لإيواء شيوخها وطلابها. إنشاء دور الكتب، وتزويدها بالمراجع المهمة التي تعين المدرسين وطلاب العلم في تحصيلهم العلمي.
وقد نتج عن هذا النشاط العلمي في عصر السلاطين المماليك نبوغ عدد كبير من العلماء في كل فن من فنون العلم والمعرفة فازدان العصر بكبار العلماء، وحسبُ القارئ أن ينظر في واحد من كتب التراجم لذلك العصر ليقف مبهورًا أمام تلك الكثرة الكاثرة من أساطين العلم والمعرفة.
كما نتج عن هذا النشاط العلمي كثرة المؤلفات الموسوعية في كل المجالات العلمية من تفسير، وحديث، وفقه، وأدب، وتاريخ، وجغرافيا، وفلك، وفلاحة، ومعارف عامة.
ومن يستعرض بعض هذه الموسوعات يجد أنها عنوان لتحد كبير من هذه الأمة لأعدائها، ورد فعل للمحاولات التي بذلها المغول والصليبيون لطمس الحضارة الإسلامية، كما أنَّ الباحث في هذه الموسوعات يخيل إليه كأنَّ العلوم قد نسيت فوقف أهل هذا العصر أنفسهم على جمعها وتبويبها وعرضها من جديد، وتحمل هذه الموسوعات بين طياتها الثقافة المتكاملة