الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت والترهيب من قطعها]
3790 -
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه وَمن كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَليصل رَحمَه وَمن كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(1)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام على ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليصل رحمه" الحديث، الإيمان في اللغة هو التصديق، فأهل البر والصلة هم المؤمنون باللّه واليوم الآخر، قال القاضي عياض
(2)
: ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية كبيرة والأحاديث في الباب تشهد لهذا ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض فأدناها ترك المهاجرة وأدنى صلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة عليها والحاجة إليها فمنها ما يجب ويتعين ومنها ما يستحب ويرغب فيه، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لم يسم واصلا، واختلف في حد الرحم التي تجب صلتها فقيل كلّ ذي رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر اثنى حرمت مناكحتها فعلى
(1)
أخرجه البخاري (6138)، ومسلم (74 - 47).
(2)
إكمال المعلم (8/ 20 - 21).
هذا لا تدخل أولاد الأعمام والعمات وأولاد الأخوال والخالات، واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها في النكاح ونحوه وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال وقيل هو عام في كلّ رحم محرما كان أو غير محرم وارثا كان أو غير وارث، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"ثم أدناك فأدناك" هذا كلام القاضي عياض وهذ القول الثاني هو الصَّواب وهذا أصح
(1)
وسيأتي الكلام على إكرام الضيف وعلى الصمت في ابهما إن شاء اللّه تعالى.
3791 -
وَعَن أنس رضي الله عنه: أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ من أحب أَن يبسط لَهُ فِي رزقه وينسأ لَهُ فِي أثره فَليصل رَحمَه رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم ينسأ بِضَم الْيَاء وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة مهموزا أَي يُؤَخر لَهُ فِي أَجله
(2)
.
قوله: وعن أنس رضي الله عنه. تقدم الكلام على ترجمته.
قوله: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" الحديث، بسط الرزق توسعه وكثرته وقيل بالبركة فيه
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "وينسأ له في أثره فليصل رحمه" وينسأ له في أثره بضم الياء وتشديد السين المهملة مهموز أي يؤخر له في أجله، أ. هـ قاله المنذري.
ينسأ من الإنساء وهو التأخير ومنه النسيء يقال نسأته أي أخرته وكذلك أنسأته فعلت وأفعلت بمعنى
(4)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (16/ 113).
(2)
أخرجه البخاري (2067) و (5986)، ومسلم (20 و 21 - 2557).
(3)
شرح النووي على مسلم (16/ 114).
(4)
شرح المشكاة (10/ 3159) للطيبي، والكواكب الدرارى (9/ 196).
والأثر الأجل سمي بذلك لأنه يتبع العمر فالأثر باقي العمر وأنه من أثر مشيه في الأرض فإن مات فلا يبقي لأقدامه أثر في الأرض، قال زهير:
والمرء ما عاش ممدودا له أمل
…
لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر
ومنه قوله للذي مر بين يديه وهو يصلي: "قطع صلاتنا قطع اللّه أثره"
(1)
دعا عليه بالزمانة لأنه إذا زمن انقطع مشيه فانقطع أثره واللّه أعلم
(2)
.
ويجوز أن يكون المعنى أن اللّه تعالى يبقى أثر واصل الرحم في الدنيا أطويلا وأنه، لا يضحل [سريعا]
(3)
.
ففي هذا الحديث فوائد عاجلة وهي بسط الرزق وإطالة العمر
(4)
.
3792 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول من سره أَن يبسط لَهُ فِي رزقه وَأَن ينسأ لَهُ فِي أَثَره فَليصل رَحمَه رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَلَفظه قَالَ تعلمُوا من أنسابكم مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم فَإِن صلَة الرَّحِم محبَّة فِي الْأهْل مثراة فِي المَال منسأة فِي الْأَثر وَقَالَ حَدِيث غَرِيب
(1)
أخرجه أحمد (16608)، والبخاري في التاريخ الكبير 8/ 365 و 366، وأبو داود (705) و (706) و (707)، والطبرى في تهذيب الآثار - الجزء المفقود (560 و 561)، وأبو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة (189)، والبيهقي في السنن 2/ 390، وفي الدلائل 6/ 241.
وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (112 و 113).
(2)
النهاية (1/ 23).
(3)
الفائق (1/ 23)، والميسر (3/ 1066)، وشرح المشكاة (10/ 3160)، وفتح البارى (15/ 416).
(4)
الإفصاح (5/ 13) و (7/ 326).
وَمعنى منسأة فِي الأثر يَعْنِي بِهِ الزِّيَادَة فِي الْعُمر انْتهى رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْعَلَاء بن خَارِجَة كَلَفْظِ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام على ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه" تقدم تفسيره في الحديث قبله.
وقوله صلى الله عليه وسلم في رواية الترمذي "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم" أي تعلموا من أسماء آبائكم وأجدادكم وأخوالكم وأعمامكم وجميع أقاربكم لتعرفوهم وليمكنكم صلة الرحم بهم فإن معنى صلة الرحم مقاربة الأقارب والإحسان إليهم
(2)
.
قوله: "فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر"
(1)
أخرجه البخاري (5985)، والترمذى (1979)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (252)، والبزار (8220)، والطبراني في الأوسط (8/ 172 - 173 رقم 8308)، والحاكم (1/ 89) و (4/ 161)، والبغوى (3430). وأخرجه الطبراني في الكبير (18/ 98 رقم 176) عن العلاء بن خارجة. قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه ومعنى قوله: منسأة في الأثر يعني زيادة في العمر. وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 192 و 8/ 152: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أبو الأسباط، بشر بن رافع، وقد أجمعوا على ضعفه. وقال في 1/ 190 و 8/ 152 عن حديث العلاء: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثقون. وصححهما الألباني في الصحيحة (276) وصحيح الترغيب (2520) و (2521).
(2)
المفاتيح (5/ 211)، وشرح المصابيح (5/ 286) لابن ملك.
الحديث، ومثراة في المال أي مكثرة له ومعنى منسأة في الأثر يعني به الزيادة في العمر، أ. هـ قاله المنذري.
3793 -
وَعَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ من سره أَن يمد لَهُ فِي عمره ويوسع لَهُ فِي رزقه وَيدْفَع عَنهُ ميتَة السوء فليتق اللّه وَليصل رَحمَه رَوَاهُ عبد اللّه ابْن الإمَام أَحْمد فِي زوائده وَالْبَزَّار بِإِسْنَاد جيد وَالْحَاكم
(1)
.
قوله: وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يمد له في عمره ويوسمع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق اللّه وليصل رحمه" تقدم الكلام على الزيادة في العمر وتوسعة الرزق في الأحاديث قبله وتقدم أيضًا الكلام على ميتة السوء في الصدقات.
3794 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة من أحب أَن يُزَاد فِي عمره وَيُزَاد فِي رزقه فَليصل رَحمَه رَوَاهُ الْبَزَّار بإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ وَالْحَاكم وَصَححهُ
(2)
.
(1)
أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند 1/ 143 (1213)، والبزار كما في كشف الأستار (1879)، والخرائطى في مكارم الأخلاق (270)، والمحاملى في الأمالي (201)، والطبرانى في الأوسط (3/ 233 - 234 رقم 3014) و (7/ 70 رقم 6881)، وابن عدى (7/ 45) و (10/ 342)، والحاكم (4/ 160)، والضياء في المختارة 8/ 152 - 159 (537 و 538).
وصححه الضياء. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 152 - 153: رواه عبد اللّه بن أحمد والبزار والطبراني في الأوسط، ورجال البزار رجال الصحيح غير عاصم بن ضمرة وهو ثقة. وضعفه الألباني في الضعيفة (5372) وضعيف الترغيب (1488).
(2)
أخرجه البزار كما في كشف الأستار (1880)، والطبراني في الشاميين (2634) والكبير (11/ 307 رقم 11822)، والحاكم في المستدرك (4/ 160). وصححه الحاكم ووافقه =
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يزاد في عمره ويزاد في رزقه فليصل رحمه" الحديث.
سؤال: فإن قيل ما معنى قوله: "صلة الرحم تزيد في العمر والرزق" ومعلوم أن الآجال والأرزاق مقدرة وقد قال اللّه تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}
(1)
والجواب عنه من وجوه: أحدها وهو الصحيح منها: أن الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانته عن الضياع في غير ذلك
(2)
بدليل قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}
(3)
بالتوفيق والإيمان والمعرفة، وفي هذا الباب ما أوحى اللّه تعالى إلى موسى عليه السلام "أول من مات من خلقي إبليس لأنه أول من عصاني فقد سماه اللّه تعالى أول من مات"
(4)
وإن كان من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم لأنه أول من عصى فلما كان الخذلان والمعصية موتا من وجه كان التوفيق وزيادة الخير زيادة في العمر من وجه.
= الذهبي. قال الهيثمي في المجمع 8/ 153: رواه البزار، وفيه سعيد بن بشير وثقه شعبة وجماعة، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (4526)، وضعيف الترغيب (1489).
(1)
سورة الأعراف، الآية:34.
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 114).
(3)
سورة الأنعام، الآية:122.
(4)
تفسير التسترى (ص 172).
الثاني: أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة في اللوح المحفوظ بالمحو والإثبات فيه: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}
(1)
فكان الأثر ما يتبع الشيء فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم اللّه سبحانه وتعالى بما سيفعل من ذلك وهو معنى قوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} ، فبالنسبة إلى علم اللّه وما قدره لا زيادة ولا نقصان بل هي مستحيلة، وبالنسبة إلى ما يظهر للمخلوقين تصور والزيادة وهو مراد الحديث أو المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت
(2)
وهذا أظهر فإن الأثر ما يتبع الشيء واعتضد القائلون من العُلماء بأنها زيادة بهذه الآية، ورووا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه كان يقول في دعائه: اللهم إنك تمحو ما تشاء وتثبت فإن كنت أثبتني في الأشقياء فامحني وأثبتني في السعداء
(3)
.
والثالث: ما قاله القتيبى
(4)
: أن زيادة العمر هي من زيادة العافية والسعة والرزق وقد قيل الفقر الموت الأكبر وقد روى في معناه أن اللّه عز وجل وعد موسى عليه السلام أن يميت له عدوه فلانًا ثم رآه فعد ذلك موسى عليه السلام يحمل الخوض فقال يا رب وعدتني فلانًا قال: قد فعلت به وأفقرته والفقر موت،
(1)
سورة الرعد، الآية:39.
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 114 - 115).
(3)
أخرجه الطبرى في التفسير (13/ 564).
(4)
تأويل مختلف الحديث (ص 293 - 294).
فلما كان الفقر موتا من وجه كان الغنا وسعة الرزق والعافية في البدن زيادة في العمر فمعنى قوله عليه السلام: يزيد في العمر يعني في العافية والسعة.
والرابع: أن المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت حكاه القاضي عياض
(1)
وهو ضعيف أو باطل
(2)
.
الخامس: وهو أحسن ما قيل في هذا الباب وذلك ما روي عن الحسن أنه قال في قوله تعالى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}
(3)
قال الحسن: {قَضَى أَجَلًا} ما بين أن يخلق إلى أن يموت: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} ما بين أن يموت إلى أن يبعث، فمن وصل رحمه فيزيد من أجل البعث في أجل الحياة، والدليل عليه قوله عز وجل:{وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ}
(4)
فكأنه إذا قطع رحمه أن ينقص من عمره قال سمعتُ أن اللّه عز وجل قدر لعبد أجلين ثم قضى إن قطع رحمة أن يستوفي الأجل الأقصى بدلالة قوله عز وجل: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}
(5)
ا. هـ ذكره النعيمي وغيره.
فصلة الرحم تشريك ذوي القرابات في الخيرات، واختلفوا فقيل هو عام
(1)
إكمال المعلم (8/ 21).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 113 - 114).
(3)
سورة الأنعام، الآية:2.
(4)
سورة فاطر، الآية:11.
(5)
تفسير القرطبي (9/ 330) ونسبه لابن عباس وانظر أيضًا شرح النووي على مسلم (16/ 213) وشرح المشكاة (4/ 1378) للطيبي.
في المحرم وغيره وقيل خاص بالمحرم وهو الذي لا تحل مناكحته أبدًا، وقيل: الوارث، وقيل: هو القريب محرما وغيره وارثا وغيره ثم لها مراتب في البر والإكرام وقد يكون بالمال وبالخدمة وبالزيارة ونحوها وأقلها السَّلام
(1)
، أ. هـ.
3795 -
وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَمعه يَقُول إِن الصَّدَقَة وصلَة الرَّحِم يزِيد اللّه بهما فِي الْعُمر وَيدْفَع بهما ميتَة السوء وَيدْفَع بهما الْمَكْرُوه والمحذور رَوَاهُ أَبُو يعلى
(2)
.
قوله: وعن أنس رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الصدقة وصلة الرحم يزيد اللّه بهما في العمر ويدفع بهما ميتة السوء" الحديث، تقدم الكلام عليه.
3796 -
وَعَن رجل من خثعم قَالَ أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي نفر من أَصْحَابه فَقلت أَنْت الَّذِي تزْعم أنك رَسُول اللّه قَالَ نعم قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه أَي الأعْمَال أحب إِلَى اللّه قَالَ الإِيمَان بِاللّه قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه ثمَّ مَه قَالَ ثمَّ صلَة الرَّحِم قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه ثمَّ مَه قَالَ ثمَّ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه أَي الأعْمَال أبْغض إِلَى اللّه قَالَ الإِشْرَاك بِاللّه قَالَ
(1)
الكواكب الدرارى (21/ 155).
(2)
أخرجه أبو يعلى (4104) وعنه ابن عدى في الكامل (6/ 218). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 151: رواه أبو يعلى، وفيه صالح المري، وهو ضعيف. وضعفه الألباني جدًّا في ضعيف الترغيب (1490).
قلت يَا رَسُول اللّه ثمَّ مَه قَالَ ثمَّ قطيعة الرَّحِم قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه ثمَّ مَه قَالَ ثمَّ الْأَمر بالمنكر وَالنَّهْي عَن الْمَعْرُوف رَوَاهُ أَبُو يعلى بِإِسْنَاد جيد
(1)
.
قوله: وعن رجل من خثعم، وخثهم بفتح المعجمة وسكون المثلثة وفتح المهملة قبيلة من اليمن.
قوله في الحديث: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه، تقدم الكلام على النفر في مواضع من هذا التعليق.
قوله: فقلت أنت الذي تزعم أنك رسول اللّه قال نعم، الحديث، زعم ويزعم والزعم قول من لم يوثق به ليس مخصوصا بالكذب والقول المشكوك فيه بل يكون أيضًا في القول المحق والصدق الذي لا شك فيه وقد جاء من هذا كثير في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم زعم جبريل عليه السلام كذا وقد أكثر سيبويه وهو إمام العربية في كتابه من قوله زعم الخليل [كذا وزعم] أبو الخطاب يريد بذلك القول المحقق وقد نقل ذلك جماعات من أهل اللغة وغيرهم وفعله أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح عن شيخه أبي العبَّاس ثعلب عن العُلماء باللغة من الكوفيين والبصريين
(2)
أ. هـ.
(1)
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (2901)، وأبو يعلى (6839). قال الهيثمي في المجمع 8/ 151: رواه أبو يعلي، ورجاله رجال الصحيح غير نافع بن خالد الطاحي وهو ثقة. قال البوصيرى في الإتحاف (1/ 67): هذا إسناد فيه مقال، نافع ما علمته، ولم أره في شيء من كتب الجرح. والتعديل، وباقي رجال الإسناد ثقات على شرط مسلم. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2522).
(2)
شرح النووي على مسلم (1/ 170).
قوله: قلت يا رسول اللّه: أي الأعمال أحب إلى اللّه؟ تقدم الكلام على الإيمان باللّه في حديث جبريل المطول وغيره.
قوله: قلت يا رسول اللّه: "ثم مه قال ثم صلة الرحم" الحديث، مه: معناها [الاستفهام أي ماذا؟]، وصلة الرحم تقدم الكلام عليها.
3797 -
وَعَن أبي أَيُّوب رضي الله عنه أَن أَعْرَابِيًا عرض لرَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي سفر فَأخذ بِخِطَام نَاقَته أَو بزمامها ثمَّ قَالَ يَا رَسُول اللّه أَو يَا مُحَمَّد أَخْبرنِي بِمَا يقربنِي من الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي من النَّار قَالَ فَكف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثمَّ نظر فِي أَصْحَابه ثمَّ قَالَ لقد وفْق أَو لقد هدي قَالَ كيفَ قلت قَالَ فَأَعَادَهَا فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تعبد اللّه وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وَتصل الرَّحِم. دع النَّاقة
(1)
.
3798 -
وَفِي رِوَايَة وَتصل ذَا رَحِمك فَلَمَّا أدبر قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِن تمسك بِمَا أَمرته بِهِ دخل الْجنَّة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَاللَّفْظ لَهُ
(2)
.
قوله: وعن أبي أيوب رضي الله عنه تقدمت ترجمته.
قوله: أن أعرابيا عرض لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو في سفر فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها، الحديث، الأعرابي: بفتح الهمزة هو الذي يسكن البادية
(3)
وتقدم الكلام عليه في مواضع والخطام هو ما يوضع على أنف الدابة وتقاد به وتقدم في السؤال.
(1)
أخرجه البخاري (1396) و (5982) و (5983)، ومسلم (12 و 13 - 13).
(2)
أخرجه مسلم (14 - 13).
(3)
شرح النووي على مسلم (1/ 172).
قوله صلى الله عليه وسلم: "وتصل ذا رحمك" وصلة الرحم هو الإحسان إلى الأقارب.
وقوله في الحديث: "إن تمسك بما أمرته به دخل الجنة" الحديث، ففي هذه الرِّواية أن صلة الرحم تدخل الجنة.
3799 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِن اللّه ليعمر بالقوم الديار ويثمر لَهُم الأمْوَال وَمَا نظر إِلَيْهِم مُنْذُ خلقهمْ بغضا لَهُم قيل وَكَيف ذَاك يَا رَسُول اللّه قَالَ بصلتهم أرحامهم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن وَالْحَاكِم وَقَالَ تفرد بِهِ عمرَان بن مُوسَى الرَّمْلِيّ الزَّاهِد عَن أبي خَالِد فَإِن كَانَ حفظه فَهُوَ صَحِيح
(1)
.
قوله: وعن عبد اللّه بن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ترجمته.
قوله: "إن اللّه ليعمر بالقوم الديار ويثمر لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا لهم" الحديث، تثمير المال تكثيره.
قوله في آخر الحديث: تفرد به عمران بن موسى الرملي الزاهد [عن أبي
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 85 رقم 12556)، والسلمى في طبقات الصوفية (ص 270)، وتمام (1764)، والواحدي في الوسيط (1/ 147 - 148)، والحاكم (4/ 161)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 331)، والبيهقى في الشعب (10/ 341 - 342 رقم 7596 و 7597). قال الحاكم ووافقه الذهبي: عمران الرملي من زهاد المسلمين وعبادهم، فإن كان حفظ الحديث، فإنه غريب صحيح. قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث داود والشعبي، تفرد به عمران الرملي عن أبي خالد. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 152: رواه الطبراني وإسناده حسن. وضعفه الألباني في الضعيفة (2425) وضعيف الترغيب (1491).
خالد، فإن كان حفظه فهو صحيح وعمران قال أبو زرعة: صدوق. وقال ابن يونس: في حديثه لين. وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وقال: يخطئ ويخالف].
3800 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لهَا إِنَّه من أعطي حَظه من الرِّفْق فقد أعطي حَظه من خير الدُّنْيَا وَالآخِرَة وصلَة الرَّحِم وَحسن الْجوَار أَو حسن الْخلق يعمرَانِ الديار وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَار رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا أَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم لم يسمع من عَائِشَة
(1)
.
قوله: وعن عائشة رضي الله عنها، تقدمت ترجمتها.
قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: "إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة" الحديث، الرفق ضد العنف والحظ هو النصيب.
قوله: ورواته ثقات إلا أن عبد الرحمن بن القاسم [لم يسمع من عائشة وإنما هو من روايتُه عن أبيه].
3801 -
وَرُوِيَ عَن درة بنت أبي لَهب رضي الله عنها قَالَت قلت يَا رَسُول اللّه من خير النَّاس قَالَ أَتْقَاهُم للرب وأوصلهم للرحم وَآمرهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وأنهاهم
(1)
أخرجه أحمد 6/ 159 (25259)، وعبد بن حميد (1523)، وابن أبي الدنيا في المكارم (328 و 339)، وأبو يعلى (4530)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2/ 1186)، والعقيلي (2/ 325)، وابن الأعرابي (44)، وأبو نعيم في الحلية 9/ 159، والقضاعي في مسند الشهاب (444) و (446)، والبغوي في شرح السنة (3491).
قال الهيثمي في المجمع 8/ 153: رواه أحمد، ورجاله ثقات إلا أن عبد الرحمن بن القاسم لم يسمع من عائشة. وقال الحافظ في الفتح: رجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (519) وصحيح الترغيب (2524).
عَن الْمُنكر رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ ابْن حيّان فِي كتاب الثَّوَاب وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الزّهْد وَغَيره
(1)
.
قوله: وروي عن درة بنت أبي لهب رضي الله عنها[درة بنت أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت إلى المدينة، وكانت عند الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، فولدت له عقبة والوليد وأبا مسلم
(2)
].
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في المُصَنف 5/ 218 (25397) و 7/ 504 (37580) وعنه عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد (1174) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (3166)، وأحمد 6/ 432 (27434)، وابن أبي الدنيا في الْأَمر بالمعروف (22)، والخرائطى في المكارم (271)، والطبراني في الكبير 24/ 257 (657)، وأبو نعيم في المعرفة (7625) و (7626)، والبيهقى في الشعب (10/ 331 رقم 7578) والزهد (877).
وقال الدارقطني في العلل (4114): يرويه شريك، عن سماك واختلف عنه؛ فرواه أبوبكر، وعثمان، عن شريك، عن سماك، عن زوج درة، عن درة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال منجاب، عن شريك، عن سماك، عن رجل، عن زوج درة، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل عن درة، وقال يحيى الحِمَّاني، وابن الأصبهاني، عن شريك، عن سماك، عن عبد اللّه بن عميرة، عن زوج درة بنت أبي لهب، عن درة وهو الصَّواب.
وقال الهيثمي في المجمع 7/ 263: رواه أحمد وهذا لفظه والطبراني، وزاد: قالت: كنت عند عائشة، فجيء برجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأنه ناداه وهو على المنبر فقال: يا رسول اللّه، أي الناس خير؟ قالت: فأتى الرجل فأخذ فقال: يا رسول الله، ليس لي ذنب أمرني فلان، والباقي بنحوه. ورجالهما ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر. وضعفه الألباني في الضعيفة (2093)، وضعيف الترغيب (1389) و (1492).
(2)
أسد الغابة (7/ 103 ترجمة 6905).
قوله: قلت يا رسول اللّه: من خير الناس؟ قال: "أتقاهم للرب وأوصلهم للرحم" تقدم معناه.
3802 -
وَعَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ أَوْصَانِي خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من الْخَيْر أَوْصَانِي أَن لا أنظر إِلَى من هُوَ فَوقِي وَأَن أنظر إِلَى من هُوَ دوني وأوصاني بحب الْمَسَاكين والدنو مِنْهُم وأوصاني أَن أصل رحمي وَإِن أَدْبَرت وأوصاني أَن لا أَخَاف فِي اللّه لومة لائم وأوصاني أَن أقول الْحق وَإِن كَانَ مرا وأوصاني أَن أَكثر من لا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللّه فَإِنَّهَا كنز من كنوز الْجنَّة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ
(1)
.
قوله: وعن أبي ذر رضي الله عنه: تقدم الكلام على ترجمته.
(1)
أخرجه ابن سعد في الطبقات (4/ 229)، وأحمد في الزهد (401) والمسند 5/ 159 (21415) و وأحمد وعبد اللّه بن أحمد 5/ 173 (21517)، والحارث (467) والنسائي في عمل اليوم والليلة (354)، والبزار (3309)، وابن حبان (449)، والطبراني في الأوسط (7/ 364 - 365 رقم 7739) وفى الصغير (2/ 48 رقم 758) والكبير (2/ 156 رقم 1648 و 1649) والدعاء (1648 - 1652)، والبيهقى في الكبرى (10/ 155 - 156 رقم 20186 و 20187) والشعب (5/ 104 - 105 رقم 3156) و (10/ 68 - 69 رقم 7176).
وقال الهيثمي في المجمع 3/ 93: رواه الطبراني في الكبير والصغير بنحوه، وأظنه رواه أحمد، وله طريق تأتي في مواضعها إن شاء الله، ورجاله ثقات، إلا أن الشعبي لم أجد له سماعا من أبي ذر. وقال في 4/ 217: رواه الطبراني، وفيه أبو الجودي، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وقال في 7/ 265: رواه الطبراني في الصغير والكبير بنحوه، وزاد:"وأن لا أسأل الناس شيئًا"، ورجاله رجال الصحيح غير سلام أبي المنذر وهو ثقة، ورواه البزار. وصححه الألباني في الصحيحة (2166) وصحيح الترغيب (811) و (2525)، (3195).
قوله: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من الخير"، تقدم الكلام على الخليل في صلاة الضحى وغيرها.
قوله: "وأوصاني أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا باللّه" الحديث، تقدم الكلام على الحوقلة وعلى معنى الكنز في باب لا حول وولا قوة إلا باللّه.
3803 -
وَعَن مَيْمُونَة رضي الله عنها أنَهَا أعتقت وليدة لهَا وَلم تستأذن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَ يَوْمهَا الَّذِي يَدُور عَلَيْهَا فِيهِ قَالَت أشعرت يَا رَسُول اللّه أَنِّي أعتقت وليدتي قَالَ أَو فعلت قَالَت نعم قَالَ أما أنَك لَو أعطيتهَا أخوالك كَانَ أعظم لأجرك رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَتقدم فِي الْبر حَدِيث ابْن عمر قَالَ أَتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل فَقَالَ إِنِّي أذنبت ذَنبا عَظِيما فَهَل لي من تَوْبَة فَقَالَ هَل لَك من أم قَالَ لا قَالَ فَهَل لَك من خَالَة قَالَ نعم قَالَ فبرها رَوَاهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم
(1)
.
قوله: وعن ميمونة رضي الله عنه، تقدمت ترجمتها.
قوله: أنها أعتقت وليدة لها ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث، الوليدة الجارية الصغيرة والولائد الوصائف
(2)
أ. هـ وقد تطلق الوليدة على الجارية والأمة وإن كانت كبيرة كذا في النهاية
(3)
، وقال الجوهري
(4)
: الوليدة الصبية
(1)
أخرجه البخاري (2592) و (2594)، ومسلم (44 - 999)، وأبو داود (1690)، والنسائي في الكبرى (4910 - 4914).
(2)
المجموع المغيث (3/ 451).
(3)
النهاية (5/ 225).
(4)
الصحاح (2/ 554).
والأمة، أ. هـ وقيل هي كناية عما ولد من الإماء في ملك الرجل
(1)
قاله المنذري في الحواشي والوليد الطفل فعيل بمعنى مفعول.
قوله: "لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك" الحديث، هكذا وقعت هذه اللفظة في صحيح البخاري ومسلم "أخوالك" باللام، ووقعت في غير رواية الأصيلي في البخاري، وفي رواية الأصيلي:"أخواتك" بالتاء قال القاضي عياض ولعله أصح بدليل رواية مالك في الموطأ "أعطيتها لأختك" وصلتها بها ترعى عليها فهو خير لك
(2)
. قلت: الجميع صحيح ولا تعارض وقد قال صلى الله عليه وسلم ذلك كلّه فهذا الحديث يدلّ على أن صلة الأخوال والأخوات أعظم أجرا وأفضل من عتق الرقاب العظيم أجره وهو قول مالك وفيه أن الاعتناء بحق الأم إكراما لحقها وهو زيادة في برها
(3)
.
قال بعضهم: لم يكن لميمونة قرابة إلا من جهة الأم فلذلك خص الأخوال فإن للأم ثلاثة أرباع البر وإن كان لها قرابة من جهة الأب فيحتمل أنه رآهم أولى لأن الأم لما كانت أولى بالبر كانت قراباتها أولى بالصدقة ويحتمل أنهم كانوا أحوج فخصهم لذلك
(4)
.
وفيه جواز تبرع المرأة بمالها بغير إذن زوجها
(5)
.
(1)
مشارق الأنوار (2/ 286).
(2)
إكمال المعلم (3/ 519).
(3)
شرح النووي على مسلم (7/ 86).
(4)
كشف المناهج (2/ 146 - 147).
(5)
شرح النووي على مسلم (7/ 86).
3804 -
وَرُوِيَ عَن ثَوْبَان رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم ثَلَاث متعلقات بالعرش الرَّحِم تَقول اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أقطع وَالأمَانَة تَقول اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أخان وَالنعْمَة تَقول اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أكفر رَوَاهُ الْبَزَّار
(1)
.
قوله: وعن ثوبان رضي الله عنه: هو مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، تقدمت ترجمته.
قوله: "ثلاث متعلقات بالعرش الرحم تقول اللهم إني بك فلا أقطع" الحديث، الرحم عبارة عن القرابة والقطيعة الهجران والصد وهي فعلية من القطع ويريد به ترك البر والإحسان إلى الأهل والأقارب وهي ضد صلة الرحم
(2)
.
لطيفة: ذكروا أن بعض أرباب المعرفة نزل [بموضع] ببغداد فقال يا ملاح احملني فقال إلى أين قال إلى دار الملك فقال معي ركاب إلى القطيعة فصاح لا باللّه لا باللّه يا ملاح إنا نفر من القطيعة منذ سبعين سنة، والقطيعة موضع معروف
(3)
، ا. هـ.
(1)
أخرجه البزار (4181). قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن ثوبان بهذا الإسناد، وقد روي بعض كلامه بغير لفظه من غير وجه فذكرنا حديث ثوبان هذا لأنه جمع معنيين اختلاف لفظه وزيادة في حديث لا يحفظ إلا من هذا الوجه، وقد تقدم ذكرنا ليزيد بن ربيعة ولأبي عثمان هذا فاستغنينا عن إعادة ذكرهما.
قال الهيثمي في المجمع 8/ 149: رواه البزار، وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي وهو متروك، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وضعفه الألباني جدًّا في الضعيفة (6481) وضعيف الترغيب (1493) و (1775).
(2)
النهاية (4/ 82).
(3)
لطائف المعرف (ص 191).
3805 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الرَّحِم مُتَعَلقَة بالعرش تَقول من وصلني وَصله اللّه وَمن قطعني قطعه اللّه رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(1)
.
قوله: وعن عائشة رضي الله عنها، تقدمت ترجمتها.
قوله: "الرحم متعلقة بالعرش" الرحم مشتقة من الرحمن الرحيم موجودة في حروف لفظة الرحمن وكلا الاسمين من الرحمة فمعنى صلة الرحم رحمة من اللّه تعالى الرحيم الكريم على عباده لأنه يحصل لواصل الرحم رحمة من اللّه تعالى.
قوله: تقول: "من وصلني وصله اللّه ومن قطعني قطعه اللّه" الحديث، قال العُلماء: وحقيقة الصلة العطف والرحمة وصلة اللّه على عباده لطفه بهم ورحمته إياهم وعطفه بإحسانه ونعمه أوصلتهم بأهل ملكوته الأعلى وشرح صدورهم لمعرفته وطاعته
(2)
، أ. هـ.
قال بعض العُلماء: فخاصة الصلة صلة الرب تبارك وتعالى، فيا سعادة من [حصلت] له وأربح معاملته
(3)
.
وفي هذا الحديث ما يشعر بأن الصلة أرجح من صنائع المعروف لأن الرحم معقلة بالعرش وأي قرب هكذا ثم هي على مر الأنفاس تقول من وصلني وصله اللّه، وأي دعاء أجمع من هذا أو يسمع له أو يستجاب مثله
(1)
أخرجه البخاري (5989)، ومسلم (17 - 2555).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 112 - 113).
(3)
حدائق الأولياء (1/ 514).
وهل في معروف آخر هكذا، أ. هـ، قاله صاحب الحدائق
(1)
.
تنبيه: اختلف العُلماء في قول الرحم: "من وصلني وصله اللّه" الحديث، هل هو في الدنيا أو يوم القيامة واختار أبو حاتم أن ذلك في يوم القيامة وأورد فيه حديثًا وترجمه بباب بيان أن تشكي الرحم إنما هو يوم القيامة لا في الدنيا وروي "الرحم شجنة من الرحمن، فإذا كان يوم القيامة تقول"
(2)
الحديث، وسيأتي قريبا في أحاديث الباب.
3806 -
وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول قَالَ اللّه عز وجل أَنا اللّه وَأَنا الرَّحْمَن خلقت الرَّحِم وشققت لَهَا اسْما من اسْمِي فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته أَو قَالَ بتته رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من رِوَايَة أبي سَلمَة عَنهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح قَالَ الْحَافِظ عبد الْعَظِيم وَفِي تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ لَهُ نظر فَإِن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن لم يسمع من أَبِيه شَيْئا قَالَه يحيى بن معِين وَغَيره وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن رواد اللَّيْثِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقد أَشَارَ التِّرْمِذِيّ إِلَى هَذَا ثمَّ حكى عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ وَحَدِيث معمر خطأ وَاللّه أعلم
(3)
.
(1)
حدائق الأولياء (1/ 517).
(2)
كشف المناهج (4/ 280).
(3)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (53)، وأبو داود (1694) و (1695)، والترمذى (1907)، وابن حبان (443)، والحاكم 4/ 157 و 158. وقال الترمذي: حديث صحيح.
وقال الألباني: صحيح - "صحيح أبي داود"(1487)، وصحيح الترغيب (2528).
قوله: وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: تقدمت ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: قال "يقول اللّه تعالى: أنا اللّه وأنا الرحمن" وفي الرِّواية الأخرى: "الرحيم خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته" أو قال: "بتته" دل هذا الحديث على أن الرحم مشتقة من اسم الرحمن لقوله: "شققت لها اسما من اسمي" ويؤيد ذلك الحديث الآخر: "الرحم شجنة من الرحمن" أي اسم مشتق من رحمة اللّه الرحمن وأثر من آثار رحمته مشتبكة بها، فالقاطع منها قاطع من رحمة اللّه تعالى
(1)
.
3807 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إِن اللّه تَعَالَى خلق الْخلق حَتَّى إِذا فرغ مِنْهُم قَامَت الرَّحِم فَقَالَت هَذَا مقَام العائذ بك من القطيعة قَالَ نعم أما ترْضينَ أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك قَالَت بلَى قَالَ فَذَاك لَك ثمَّ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)}
(2)
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(3)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه: تقدَّم الكلام على ترجمته.
قوله: "إن اللّه تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة" الحديث، هذا إشارة إلى المقام أي قيامي
(1)
الكواكب الدرارى (21/ 158)، وكشف المناهج (4/ 279 - 280).
(2)
سورة محمد، الآيتان: 22 - 23.
(3)
أخرجه البخاري (4830 و 4831) و (5987) و (7502)، ومسلم (16 - 2554).
هذا قيام العائذ بك من قطع الرحم ووصل اللّه إيصال الرحمة إليه وقطعه قطعها قاله الكرماني
(1)
.
قال البيضاوي
(2)
: لما كان من عادة المستجيران أن يأخذ بذيل المستجار به أو بطرف إزاره تقطيعا للأمر ومبالغة في الاستجارة فكأنه يشير إلى ان المطلوب أن يحرسه ويذب عنه ما يؤذيه كما يحرس ما تحت إزاره ويذب عنه فإنه لاصق به لا ينفك استعير ذلك للرحم واستعاذتها باللّه من القطيعة، أ. هـ.
قال القاضي عياض رحمه الله
(3)
: الرحم التي توصل وتقطع وتبر إنما هي معنى من المعاني ليست بجسم وإنما هي قرابة ونسب يجمعه رحم والدة ويتصل بعضهم ببعض فسمي ذلك الاتصال رحما والمعاني لا يتأتي منها القيام ولا الكلام لأنه تقريب لفهم عظيم حقها ووجوب صلة المتصفين بها فيكون ذكر قيامها هنا وتعلقها ضرب مثل وحس استعارة على عادة العرب في استعمال الاستعارات والمراد تعظيم شأنها وفضيلة واصليها وعظيم إثم قاطعيها بعقوقهم ولهذا سمي العقوق قطعا والعق الشق كأنه قطع ذلك السبب المتصل قال: ويحتمل أن اللّه تعالى يجعل ملكا من الملائكة وتعلق بالعرش وتكلم على لسانها بهذا بأمر اللّه تعالى، هذا كلام القاضي.
(1)
الكواكب الدرارى (18/ 93).
(2)
تحفة الأبرار (3/ 250).
(3)
مشارق الأنوار (1/ 286)، وشرح النووي على مسلم (16/ 112).
قوله: "هذا مقام العائذ بك" والعائذ المستعيذ وهو المعتصم بالشيء الملتجيء إليه المستجير به واللّه أعلم
(1)
.
3808 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن تَقول يَا رب إِنِّي قطعت يَا رب إِنِّي أُسِيء إِلَيّ يَا رب إِنِّي ظلمت يَا رب فيجيبها أَلا ترْضينَ أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد قوي وَابْن حبَان فِي صَحِيحه
(2)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الرحم شجنة من الرحمن تقول يا رب إني قطعت يا رب إني أسيء إليّ يا رب إني ظلمت" الحديث، قال بعضهم ظاهر الكلام مخاطبتها اللّه تعالى، ويحتمل ردها على من استعاذت منه، وقد قيل في الحقيقة أنه ضرب مثل واستعارة، إذ الرحم إنما هي من المعاني لا يتأتي منها القيام ولا الكلام، فالمراد تعظيم شأنها وفضيلة واصلها وإثم قاطعها.
الشجنة: قال أبو عبيد يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق وفيها لغتان،
(1)
شرح النووي على مسلم (16/ 112).
(2)
أخرجه أحمد 2/ 295 (7931) و 2/ 383 (8975) و 2/ 406 (9273) و 2/ 455 (9871)، والمروزى في البر والصلة (133)، والبخارى في الأدب المفرد (65)، والبزار (8404)، وابن حبان (442) و (444). قال البزار: ولا نعلم أسند محمد بن كعب، عن أبي هريرة، إلا هذا الحديث. قال الهيثمي في المجمع 8/ 150: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن عبد الجبار وهو ثقة. وصححه الألباني في غاية المرام (ص 231) وصحيح الترغيب (2530).
شجنة: بكسر الشين وبضمها وإسكان الجيم [وفيها لغة ثالتة بفتحها]، أ. هـ قاله المنذري.
وقال الجوهري
(1)
: الشجنة عروق الشجرة المشتبكة، وبيني وبينه شجنة الرحم أي: قرابة كاشتباك العروق، أ. هـ شبهه بذلك مجازا واتساعا وأصل الشجنة شعبة من غصن من غصون الشجرة، ومنهم قولهم: الحديث ذو شجون، أي ذو شعب وامتساك بعضهم ببعض
(2)
.
وقال الإمام شهاب الدين التُّورِبِشْتِي
(3)
: كأنهم يريدون أنها موهوب من الرحمن أو مجعولة لذلك، وهذا المعنى صحيح فإن الأشياء من اللّه تعالى خلقا ولكنه ليس بمعنى الحديث، وإنما المراد من الرحمن أي من هذا الاسم والمعنى الرحم أثر من آثار رحمته مشتبكة بها فالقاطع منها قاطع.
قوله: "تتكلم بلسان ذلق" وفي حديث "طلق" أي: فصيح بليغ هكذا جاء في الحديث على فعل بوزن صُرَد ويقال طُلَق ذلق، وطَلْق ذلق، وطليق ذليق، وقال في النهاية: يقال رجل ذلق اللسان وطلقه وطلقه وطلقه وطلقه وطليقه أي ماضي القول سريع النطق
(4)
.
3809 -
وَعَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ الرَّحِم حجنة متمسكة بالعرش تكلم بِلِسَان ذلق اللَّهُمَّ صل من وصلني واقطع من قطعني فَيَقُول اللّه
(1)
الصحاح (5/ 2143).
(2)
النهاية (2/ 447).
(3)
الميسر (2/ 1067).
(4)
النهاية (2/ 165).
تبَارك وَتَعَالَى أَنا الرَّحْمَن الرَّحِيم وَإِنِّي شققت للرحم من اسْمِي فَمن وَصلهَا وصلته وَمن بتكها بتكته رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن الحجنة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْجِيم وَتَخْفِيف النُّون هِيَ صنارة المغزل وَهِي الحديدة العقفاء الَّتِي يعلق بهَا الْخَيط ثمَّ يفتل الْغَزل وَقَوله من بتكها بتكته أَي من قطعهَا قطعته
(1)
.
قوله: وعن أنس رضي الله عنه: تقدمت ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الرحم حجنة متمسكة بالعرش تكلم بلسان ذلق" الحديث، الحجنة قد ضبطها الحافظ وفسرها فقال هي صنارة المغزل وهي الحديدة العقفا التي يعلق بها الخيط ثم يقتل المغزل أ. هـ.
وقوله: "ومن بتكها بتكته" البتك: القطع أي من قطعها قطعته، أ. هـ قاله المنذري أيضًا.
3810 -
وَعَن سعيد بن زيد رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: "إِن من أربى الرِّبَا الاستطالة فِي عرض الْمُسلم بِغَيْر حق وَإِن هَذِه الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن عز وجل فَمن قطعهَا حرم اللّه عَلَيْهِ الْجنَّة" رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار ورواة أَحْمد ثِقَات قَوْله شجنة من الرَّحْمَن قَالَ أَبُو عبيد يَعْنِي قرَابَة مشتبكة كاشتباك الْعُرُوق وفيهَا لُغَتَانِ شجنة بِكَسْر الشين وَبِضَمِّهَا وَإِسْكَان الْجِيم
(2)
.
(1)
أخرجه البزار (6495)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 29). قال البزار: زائدة بن أبي الرقاد لا يكتب من حديثه إلا ما ليس عند غيره، يعني: لضعفه. قال الهيثمي في المجمع 8/ 151: رواه البزار وإسناده حسن. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2531).
(2)
أخرجه أحمد 1/ 190 (1651)، والبخارى في الأوسط (1/ 200) والكبير (8/ 108) معلقا، وأبو داود (4876)، ويعقوب بن سفيان في تاريخه 1/ 292، والبزار في مسنده (1264)، والشاشي في مسنده (208) و (230)، والطبراني في الكبير (1/ 154 رقم =
قوله: وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه[هو أحد العشرة، رضي الله عنهم، هو أبو الأعور، وقيل: أبو ثور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح، بالمثناة، ابن عبد اللّه بن قرط بن رزاح، براء مفتوحة ثم زاى وحاء مهملة، ابن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى العدوى المكى المدني، أحد العشرة الذين شهد لهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو راض عنهم، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وتزوج أخت عمر فاطمة بنت الخطاب، أسلمت هي وزوجها سعيد قبل عمر، وكانا سبب إسلام عمر، رضي الله عنهم، وأسلم سعيد قديمًا، وكان من المهاجرين الأولين، وآخى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بن كعب، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها بعد بدر، واختلفوا في شهوده بدرًا، فقال الأكثرون: لم يشهدها لعذره، فإنه كان غائبا عن المدينة، وضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه منها وأجره. وقال جماعة: شهد بدرًا. وذكره البخاري في صحيحه فيمن شهد بدرًا، وشهد اليرموك، وحصار دمشق، وكان مجاب الدعوة روى له عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثمانية وأربعون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخاري بحديث
(1)
].
= 357)، وفي الشاميين (2937) والحاكم 4/ 157. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في المجمع 8/ 150: رواه الطبراني وأبو يعلى بنحوه والبزار إلا أنه لم يقل: قال اللّه. وفيه عاصم بن عبيد اللّه ضعفه الجمهور وقال العجلي: لا بأس به. وصححه الألباني في المشكاة (5045/ التحقيق الثاني)، الصحيحة (1433 - 1871)، وصحيح الترغيب (2532).
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 217 ترجمة 209).
قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن هذه الرحم شجنة من الرحمن عز وجل فمن قطعها حرم اللّه عليه الجنة" الشجنة تقدم الكلام عليها.
وقوله: "حرم اللّه عليه الجنة" فيه التأويلان السابقان في أمثاله في شرب الخمر وغيره.
3811 -
وَعَن عبد اللّه بن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِل بالمكافئ وَلَكِن الْوَاصِل الَّذِي إِذا قطعت رَحمَه وَصلهَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ
(1)
.
قوله: وعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، تقدمت ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس الواصل بالمكافئ" الحديث أي ليس واصل الرحم من يفعل بأقاربه ما فعلوه به يعني إذا وصلوه وصلهم وإذا قطعوه قطعهم بل الواصل من إذا وصلوه أكد وصلهم وإذا قطعوه اجتهد في وصلهم
(2)
.
وقال بعضهم أيضًا في قوله: ليس الواصل بالمكافئ، الواصل التعريف فيه للجنس أي: ليس حقيقة الواصل من يكافئ صاحبه بمثل فعله إذ ذاك نوع معاوضة واللّه أعلم
(3)
. وصلة الرحم كناية عن الإحسان إلى الأقارب وإن بعدوا وأساؤوا وقطع الرحم ضد لك فكأنه بالإحسان إليهم وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة
(4)
ويقال كافأت فلانًا بالشيء إذا قابلته به
(5)
أ. هـ.
(1)
أخرجه البخاري (5991)، وأبو داود (1697)، والترمذى (1908).
(2)
المفاتيح (5/ 207).
(3)
الكواكب الدرارى (21/ 160).
(4)
النهاية (5/ 191 - 192).
(5)
مجمل اللغة (1/ 788).
3812 -
وَعَن حُذَيْفَة رضي الله عنه: قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لا تَكُونُوا إمعة تَقولُونَ إِن أحسن النَّاس أحسنا وَإِن ظلمُوا ظلمنَا وَلَكِن وطنوا أَنفسكُم إِن أحسن النَّاس أَن تحسنوا وَإِن أساؤوا أَن لا تظلموا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن قَوْله إمعة هُوَ بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد الْمِيم وَفتحهَا وبالعين الْمُهْملَة قَالَ أَبُو عبيد الإمعة هُوَ الَّذِي لا رَأْي مَعَه فَهُوَ يُتَابع كلّ أحد على رَأْيه.
(1)
قوله: وعن حذيفة رضي الله عنه تقدمت ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمَّعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا" الحديث، الإمعة قد ضبطها الحافظ وفسرها فقال قال أبو عبيد الإمعة هو الذي لا رأي معه فهو يتابع كلّ أحد على رأيه أ. هـ.
قوله: "ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا" الحديث، التوطين: العزم الجازم على الفعل
(2)
أي لا تكونوا تابعين للناس في أفعالهم بالمكافأة إن أحسنوا إليكم تحسنون إليهم وإن أساءوا إليكن تسيئون إليهم ولكن وطنوا أنفسكم على أنه إذا أحسن إليكم تحسنوا إليهم وإن أساءوا إليكم فلا تظلموهم هذا معنى قوله تعالى: {فَمَن عَفَا وَأَصْلَحَ
(1)
أخرجه الترمذي (2007)، والبزار (2802).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولم نسمعه إلا من أبي هشام. وقال المناوى في كشف المناهج 4/ 355: وسند الحديث جيد. وضعفه الألباني في المشكاة (5129) وضعيف الترغيب (1494).
(2)
المفاتيح (5/ 260)، وشرح المصابيح (5/ 362) لابن ملك.
فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}
(1)
أ. هـ.
3813 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رجلًا قَالَ يَا رَسُول اللّه إِن لي قرَابَة أصلهم ويقطعوني وَأحسن إِلَيْهِم ويسيئون إِلَيّ وأحلم عَلَيْهِم ويجهلون عَليّ فَقَالَ إِن كنت كَمَا قلت فَكَأَنَّمَا تسفهم المل وَلَا يزَال مَعَك من اللّه ظهير عَلَيْهِم مَا دمت على ذَلِك رَوَاه مسلم المل بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد اللَّام هُوَ الرماد الْحَار
(2)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدمت ترجمته.
قوله: أن رجلًا قال يا رسول اللّه: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليّ وأحلم عليهم ويجهلون عليَّ، الحديث، أحلم بضم اللام مأخوذ من الحلم وهو عدم المؤاخذة بالذنب ويجهلون عليّ أي يسيئون.
وقوله: فقال إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، المل قد ضبطه الحافظ وفسره فقال: هو الرماد الحار، أ. هـ وقال غيره المل الرماد الحار الذي يخبز فيه الخبز أراد صلى الله عليه وسلم أنك تجعل الملة لهم سفوفا يستفونه، والمعنى أن عطاءك لهم حرام عليهم ونار في بطونهم كذا فسره ابن الأثير
(3)
وقيل: أراد أن يجعل وجوههم كلون الرماد
(4)
وروي بعضهم كأنما تسفهم المل أي
(1)
سورة الشوري، الآية:40.
(2)
أخرجه مسلم (22 - 2558)، وابن حبان (450 و 451).
(3)
النهاية (4/ 361).
(4)
النهاية (2/ 375).
يرمي التراب أو الرماد في وجوههم
(1)
، وقيل: تسقيهم التراب أو الرماد الحار
(2)
، قال الطبري في الأحكام
(3)
: ولا وجه له فإن عطاءه لا يكون عليهم حراما بالإجماع وإنما معناه واللّه أعلم أن عطاءك لهم بعد قطيعتهم وإحسانك بعد إساءتهم وحلمك بعد جهلهم يعقب حرارة الأسف في قلوبهم على ما سلف منهم وأن عليهم سوء صنيعهم أ. هـ.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يزال معك من اللّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك" والظهير هو النصير والمعين والدافع لأذاهم والمظاهرة المعاونة
(4)
أ. هـ.
3814 -
وَعَن أم كُلْثُوم بنت عقبَة رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أفضل الصَّدَقَة الصَّدَقَة على ذِي الرَّحِم الْكَاشِح رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَمعنى الْكَاشِح أَنه الَّذِي يضمر عداوته فِي كشحه وَهُوَ خصره يَعْنِي أَن أفضل الصَّدَقَة الصَّدَقَة على ذِي الرَّحِم الْمُضمر الْعَدَاوَة فِي بَاطِنه وَهُوَ فِي معنى قَوْله صلى الله عليه وسلم وَتصل من قَطعك
(5)
.
(1)
مشارق الأنوار (2/ 227).
(2)
مشارق الأنوار (2/ 227).
(3)
كشف المناهج (4/ 281).
(4)
كشف المناهج (4/ 281).
(5)
أخرجه الحميدى (330)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (3173)، وابن خزيمة (2386)، والخرائطى في المكارم (294)، والطبراني في الكبير 25/ 80 (204)، والحاكم (1/ 406)، والقضاعى (1282)، والبيهقى في الآداب (9) والكبرى (7/ 43 =
قوله: وعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنهما، أم كلثوم: بضم الكاف وسكون اللام وضم المثلثة بنت عقبة الأموية أخت عثمان لأمه وهي أول مهاجرة من مكة إلى المدينة
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح" ومعنى الكاشح أنه العدو الذي يضمر العداوة في كشحه وهو خصره يعني أن أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه وهو في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "وتصل من قطعك" أ. هـ قاله المنذري.
3815 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم ثَلَاث من كن فِيهِ حَاسبه اللّه حسابا يَسِيرا وَأدْخلهُ الْجنَّة برحمته قَالُوا وَمَا هِيَ يَا رَسُول اللّه بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ تُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك فَإِذا فعلت ذَلِك يدْخلك اللّه الْجنَّة رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد قَالَ الْحَافِظ وَفِي أسانيدهم سُلَيْمَان بن دَاوُد الْيَمَانِيّ واه
(2)
.
= رقم 13223) والشعب (5/ 103 رقم 3154) ومعرفة السنن (9/ 328 - 329 رقم 13378). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في صحيح الجامع (1121)، وصحيح الترغيب (894) و (2535)، والإرواء (892).
(1)
الأسامى والكنى (1/ 245) و (5/ 367)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 365 - 366 ترجمة 1205).
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (21)، والبزار (8635)، وأبو علي الصواف في الثالث من فوائده (18)، والطبراني في الأوسط (1/ 279 رقم 909) و (5/ 196 رقم 5064)، وابن عدى في الكامل (4/ 271)، والحاكم (2/ 518). قال البزار: سليمان بن داود ليس بالقوي، ولا يتابع على حديثه. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: سليمان بن داود اليمامي ضعيف. =
3816 -
وَعَن عقبَة بن عَامر رضي الله عنه قَالَ ثمَّ لقِيت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَأخذت بِيَدِهِ فَقلت يَا رَسُول اللّه أَخْبَرنِي بفواضل الْأَعْمَال فَقَالَ يَا عقبَة صل من قَطعك وَأعْطِ من حَرمك وَأعْرض عَمَّن ظلمك وَفِي رِوَايَة واعف عَمَّن ظلمك رَوَاهُ أَحْمد وَالْحَاكِم وَزَاد أَلا وَمن أَرَادَ أَن يمد فِي عمره ويبسط فِي رزقه فَليصل رَحمَه ورواة أحد إسنادي أَحْمد ثِقَات
(1)
.
3817 -
وَعَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَلا أدلك على أكْرم أَخْلاق الدُّنْيَا وَالآخِرَة أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَأَن تَعْفُو عَمَّن ظلمك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة الْحَارِث الْأَعْوَر عَنهُ
(2)
.
= وقال الهيثمي في المجمع 8/ 154: رواه البزار والطبراني في الأوسط، وفيه سليمان بن داود اليمامي وهو متروك. وضعفه الألباني جدًّا في الضعيفة (1535) وضعيف الترغيب (1466) و (1495).
(1)
أخرجه ابن وهب في الجامع (486)، وأحمد 4/ 148 (17334) و 4/ 158 (17452)، وابن أبي الدنيا في المكارم (19) و (20)، والرويانى (157)، والطبرانى في الكبير 17/ 269 (739) و 17/ 270 (740) ومكارم الأخلاق (56)، وابن عدى (6/ 281) و (6/ 306)، والحاكم (4/ 161 - 162)، والبيهقى في الشعب (10/ 336 - 337 رقم 7587) و (10/ 417 رقم 7723).
وقال الهيثمي في المجمع 8/ 188: رواه أحمد والطبراني، وأحد إسنادي أحمد رجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (891) و (2861) وصحيح الترغيب (2536).
(2)
أخرجه ابن عمشليق في جزئه (20)، والطبراني في الأوسط (5/ 364 رقم 5567)، والبيهقى في الآداب (131) والكبرى (10/ 398 رقم 21091) والشعب (10/ 335 رقم 7584) و (10/ 415 - 416 رقم 7721). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا يعقوب بن أبي المتئد، تفرد به: ابنه نعيم بن يعقوب. وقال الهيثمي في =
3818 -
وَعَن معَاذ بن أنس رضي الله عنه عَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ إِن أفضل الْفَضَائِل أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وتصفح عَمَّن شتمك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق زبان بن فائد
(1)
.
3819 -
وَرُوِيَ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَلا أدلكم على مَا يرفع اللّه بِهِ الدَّرَجَات قَالُوا نعم يَا رَسُول اللّه قَالَ تحلم على من جهل عَلَيْك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ إِلَّا أَنه قَالَ فِي أَوله أَلا أنبئكم بمَا يشرف اللّه بهِ الْبُنيان وَيَرْفَع بِهِ الدَّرَجَات فَذكره
(2)
.
3820 -
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أسْرع الْخَيْر ثَوابًا الْبر وصلَة الرَّحِم وأسرع الشَّرّ عُقُوبَة الْبَغي وَقَطِيعَة الرَّحِم رَوَاهُ ابْن مَاجَة
(3)
.
= المجمع 8/ 188 - 189: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الحارث وهو ضعيف. وضعفه الألباني في الضعيفة (6660) وضعيف الترغيب (1496).
(1)
أخرجه الخرائطى في مكارم الأخلاق (295)، والطبراني في الكبير 20/ 188 (413) و (414). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 189: رواه الطبراني، وفيه زبان بن فائد وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1497).
(2)
أخرجه البزار (2727)، والطبرانى في الأوسط (3/ 88 رقم 2579). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن موسى إلا أبو أمية، تفرد به حجاج، ولا يروى عن أبي بن كعب إلا بهذا الإسناد. قال الهيثمي في المجمع 8/ 189: رواه الطبراني، وفيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف. وقال أيضًا: رواه البزار، وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو كذاب. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1465).
(3)
أخرجه إسحاق (1777) و (1812)، وابن ماجة (4212)، وأبو يعلى (4512)، والطحاوي في مشكل الآثار (5997)، والطبراني في الأوسط (9/ 149 رقم 9383)، =
3821 -
وَعَن أبي بكرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا من ذَنْب أَجْدَر أَن يعجل اللّه لصَاحبه الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يدّخر لَهُ فِي الْآخِرَة من الْبَغي وَقَطِيعَة الرَّحِم رَوَاهُ ابْن مَاجَة وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
3822 -
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فَقَالَ فِيهِ من قطيعة الرَّحِم والخيانة وَالْكذب وَإِن أعجل الْبر ثَوابًا لصلة الرَّحِم حَتَّى إِن أهل الْبَيْت ليكونون فجرة فتنمو أَمْوَالهم وَيَكثر عَددهمْ إِذا تواصلوا وَرَوَاهُ ابْن حبَان في صَحِيحه ففرقه فِي موضِعين وَلم يذكر الْخِيَانَة وَالْكذب وَزَاد فِي آخِره وَمَا من أهل بَيت يتواصلون فيحتاجون
(2)
.
= والخرائطي في مكارم الأخلاق (269). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن معاوية بن إسحاق إلا صالح بن موسى. وقال البوصيرى في الزجاجة 4/ 239: هذا إسناد فيه صالح بن موسى الصلحي وهو ضعيف. وقال الألباني: ضعيف جدًّا، الضعيفة (2787) وضعيف الترغيب (1499).
(1)
أخرجه أبو داود (4902)، والترمذي (2679)، وابن ماجة (4211) وابن حبان (455) و (456)، والحاكم (2/ 356 و 4/ 162 - 163). وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (918) وصحيح الترغيب (2537).
(2)
أخرجه ابن حبان كما في موارد الظمآن (2038). وقال الألباني: حسن صحيح - الصحيحة (918، 978) وصحيح الترغيب (2537). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 152: رواه الطبراني عن شيخه عبد اللّه بن موسى بن أبي عثمان الأنطاكي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 19 رقم 1092) عن أبي هريرة.
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن عمرو إلا أبو الدهماء، تفرد به: النفيلي. وحسنه الألباني من رواية الطبراني في صحيح الترغيب (2537).
قوله: وعن أبي بكرة رضي الله عنه تقدمت ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنب أجدر أن يعجل اللّه لصاحبه العقوبة في الدنيا" الحديث، أجدر معناه [أولى وأحق].
3823 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما رَفعه قَالَ الطابع مُعَلّق بقائمة الْعَرْش فَإِذا اشتكت الرَّحِم وَعمل بِالْمَعَاصِي واجترئ على اللّه بعث اللّه الطابع فيطبع على قلبه فَلَا يعقل بعد ذَلِك شَيْئا رَوَاهُ الْبَزَّار وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَتقدم لَفظه فِي الْحُدُود وَقَالَ الْبَزَّار لا نعلم رَوَاهُ عَن التَّيْمِيّ يَعْنِي سُلَيْمَان إِلَّا سُلَيْمَان بن مُسلم وَهُوَ بَصرِي مَشْهُور
(1)
.
قوله: وروي عن ابن عُمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الطابع معلق بقائمة العرش فإذا اشتكت الرحم وعمل بالمعاصي واجترئ على اللّه بعث اللّه الطابع فيطبع على قلبه" الحديث، الطابع بفتح الباء وكسرها لغة هو الخاتم الذي يختم به على الشيء
(2)
.
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في التوبة (23)، والبزار (5981)، والعقيلى في الضعفاء (2/ 139)، وابن حبان في المجروحين (1/ 332)، وابن عدى في الكامل (4/ 286 - 287)، ومن طريقه البيهقى في الشعب (9/ 378 رقم 6818). قال البزار: وهذان الحديثان لا نعلم رواهما، عن التيمي، عن نافع إلا سليمان بن مسلم، وهو بصري مشهور. وقال ابن عدي: حديث منكر جدًّا، وسليمان بن مسلم الخشاب قليل الحديث وشبه المجهول، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما. وقال الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (3/ 449): تفرد به سليمان بن مسلم العجلي عن التيمي عنه. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (1270) وضعيف الترغيب (1402).
(2)
النهاية (3/ 112).
وقوله: "معلق بقائمة العرش" والقائمة في اللغة واحدة قوائم الدابة والمراد ههنا هو كالعمود للعرش واللّه أعلم.
3824 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن أَعمال بني آدم تعرض كل خَمِيس لَيْلَة الْجُمُعَة فَلَا يقبل عمل قَاطع رحم رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته ثِقَات
(1)
.
3825 -
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رضي الله عنها عَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ أَتَانِي جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ هَذِه لَيْلَة النّصْف من شعْبَان وَللّه فِيهَا عُتَقَاء من النَّار بِعَدَد شُعُور غنم كلب لَا ينظر اللّه فِيهَا إِلَى مُشْرك وَلَا إِلَى مُشَاحِن وَلَا إِلَى قَاطع رحم وَلَا إِلَى مُسبل وَلَا إِلَى عَاق لوَالِديهِ وَلَا إِلَى مدمن خمر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث يَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي الهاجر إِن شَاءَ اللّه
(2)
.
3826 -
وَعَن أبي مُوسَى رضي الله عنه أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ثَلَاثَة لا يدْخلُونَ الْجنَّة مدمن الْخمر وقاطع الرَّحِم ومصدق بِالسحرِ رَوَاهُ ابْن حبَان وَغَيره وَتقدم
(1)
أخرجه أحمد 2/ 484 (10272)، والبخارى في الأدب المفرد (61) والتاريخ الكبير (5/ 108)، والخرائطى في مساوئ الأخلاق (268)، والبيهقى في الشعب (10/ 340 رقم 7593) و (10/ 341 رقم 7595). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 151: رواه أحمد، ورجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2538).
(2)
أخرجه الإسماعيلى مختصرا في المعجم (1/ 407)، والببهقى في الشعب (5/ 362 - 364)، والدعوات الكبير (531) وفضائل الأوقات (27). وقال البيهقى: هذا إسناد ضعيف وروي من وجه آخر. وقال في الدعوات: في هذا الإسناد بعض من يجهل وكذلك فيما قبله، وإذا انضم أحدهما إلى الآخر أخذا بعض القوة. وضعفه الألباني جدًّا في ضعيف الترغيب (620) و (1501) و (1651).
بِتَمَامِهِ فِي شرب الْخمر وَتقدم فِيهِ أَيْضًا حَدِيث أبي أُمَامَة يبيت قوم من هَذِه الْأمة على طعم وَشرب وَلَهو وَلعب فيصبحوا قد مسخوا قردة وَخَنَازِير بشربهم الْخمر ولبسهم الْحَرِير واتخاذهم الْقَيْنَات وقطيعتهم الرَّحِم
(1)
.
قوله: وعن أبي موسى رضي الله عنه تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن الخمر" مدمن الخمر الذي يشرب الخمر بالدوام.
قوله: "وقاطع الرحم ومصدق بالسحر" تقدم الكلام على ذلك لأن هؤلاء الثلاثة لا يدخلون الجنة إذا استحلوا أفعالهم المحرمة واعتقدوا حلها فإن من أحل ما حرم اللّه كافر لا يدخل الجنة أبدًا والقول الآخر أن لا يعتقدوا ذلك فيكون معناه أنهم لا يدخلون الجنة وقت دخول الفائزين إذا فتحت أبوابها لهم بل يؤخرون عن الدخول والله أعلم.
3827 -
وَعَن جُبَير بن مطعم رضي الله عنه أَنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُول لا يدْخل الْجنَّة قَاطع قَالَ سُفْيَان يَعْنِي قَاطع رحم رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَتقدم فِي اللبَاس حَدِيث جَابر رضي الله عنه: قَالَ خرج علينا رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَنحن مجتمعون فَقَالَ يَا معشر الْمُسلمين اتَّقوا اللّه وصلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ لَيْسَ من ثَوَاب أسْرع من صلَة
(1)
أخرجه أحمد 4/ 399 (19569)، وأبو يعلى (7248)، وابن حبان (5346) و (6137)، والحاكم 4/ 146. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 74: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، ورجال أحمد وأبي يعلى ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2539).
الرَّحِم وَإِيَّاكم وَالْبَغي فَإِنَّهُ لَيْسَ من عُقُوبَة أسْرع من عُقُبوبَة بغي وَإِيَّاكم وعقوق الْوَالِدين فَإِن ريح الْجنَّة تُوجد من مسيرَة ألف عَام وَاللّه لَا يجدهَا عَاق وَلَا قَاطع رحم وَلَا جَار إزَاره خُيَلاء إِنَّمَا الْكِبْرِيَاء للّه رب الْعَالمين
(1)
.
قوله: وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه: تقدم الكلام على ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة قاطع "قال سفيان: يعني قاطع رحم، الحديث، هذا الحديث يحتمل معنين أحدهما حمله على مستحل قطيعة بلا سبب ولا شبهة مع علمه بتحريمها فهذا كافر مخلد في النار ولا يدخل الجنة أبدًا فإن مستحل الحرام كافر والكافر لا يدخل الجنة أبدًا والثاني معناه لا يدخلها أول الْأَمر مع السابقين بل يعاقب بتأخير القدر الذي يريده اللّه تعالى
(2)
، أ. هـ.
3828 -
وَعَن الأعْمَش قَالَ كَانَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه جَالِسا بعد الصُّبْح فِي حَلقَة فَقَالَ أنْشد اللّه قَاطع رحم لما قَامَ عَنَّا فَإنَّا نُرِيد أَن نَدْعُو رَبنَا وَإِن أَبْوَاب السَّمَاء مرتجة دون قَاطع رحم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح إِلَّا أَن الأعْمَش لم يدْرك ابْن مَسْعُود مرتجة بِضَم الْمِيم وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة فَوق وَتَخْفِيف الْجِيم أَي مغلقة
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري (5984)، ومسلم (18 و 19 - 2556)، والترمذى (1909)، وأبو داود (1696) عن جبير بن مطعم.
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 113 - 114).
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 158 رقم 8793). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 151: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح إلا أن الأعمش لم يدرك زمن ابن مسعود. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1502).
قوله: وعن الأعمش، الأعمش: هو سُليمان بن مهران الكاهلي روى عن أنس بن مالك وروي عن عبد اللّه بن أبي أوفى مرسلا توفي سنة ثمان وأربعين ومائة.
قوله: كان ابن مسعود رضي الله عنه جالسا بعد الصبح في حلقة فقال أنشد اللّه قاطع رحم لما قام عنا فإنا نريد أن ندعو ربنا، الحديث، الحلقة بسكون اللام وتقدم الكلام عليها في كتاب الذكر.
وقوله: وانشد اللّه، الحديث، النشد رفع الصوت والمراد به هنا أي أسأله باللّه وقاطع الرحم المراد به قاطع الصلة بينه وبين أقربائه.
قوله: "وإن أبواب السماء مرتجة دون قاطع رحم" أي مغلقة، قاله المنذري.
3829 -
وَرُوِيَ عَن عبد اللّه بن أبي أوفى رضي الله عنهما، قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَا يجالسنا الْيَوْم قَاطع رحم فَقَامَ فَتى من الْحلقَة فَأتى خَالَة لَهُ قد كَانَ بَينهمَا بعض الشَّيْء فَاسْتَغْفر لَهَا واستغفرت لَهُ ثمَّ عَاد إِلَى الْمجْلس فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِن الرَّحْمَة لَا تنزل على قوم فيهم قَاطع رحم رَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ
(1)
.
(1)
أخرجه وكيع في الزهد (412) مختصرا، وهناد في الزهد (2/ 489)، والبخارى في الأدب المفرد (63) مختصرا، والبيهقى في الشعب (10/ 338 - 339 رقم 7590)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (2317). قال البوصيرى في الإتحاف 5/ 481: رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن منع، والبخاري في الأدب المفرد ومدار أسانيدهم على أبي إدام وهو ضعيف، واسمه سليمان بن زيد المحاربي الأزدي. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1503).
3830 -
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مُخْتَصرا أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الْمَلَائِكَة لا تنزل على قوم فيهم قَاطع رحم
(1)
.
قوله: عن عبد اللّه بن أبي أوفى رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم" اعلم أنه لا تنزل الرحمة على قاطع الرحم لأنه يفسد القوم بالنميمة والافتراء ففعله قبيح وأما القوم فلأنهم ينكرون ويستمعون إلى ما يقوله فمنعوا من الرحمة وقيل المراد بالرحمة المطر معناه أنه تعالى يمنع المطر عن ذلك القوم بشؤم قاطع الرحم واللّه أعلم.
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة كما في المطالب (2520)، ومن طريقه الطبراني كما في جامع المسانيد (6018). قال الهيثمي في المجمع 8/ 151: رواه الطبراني، وفيه أبو إدام المحاربي وهو كذاب. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1503): موضوع.