الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم]
3532 -
عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول أَنا آخذ بِحُجزِكُمْ أَقَول إيَّاكُمْ وجهنم إيَّاكُمْ وَالْحُدُود إيَّاكُمْ وجهنم إيَّاكُمْ وَالْحُدُود إيَّاكُمْ وجهنم إيَّاكُمْ وَالْحُدُود ثَلَاث مَرَّات فَإِذا أَنا مت تركتكم وَأَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض فَمن ورد أَفْلح الحَدِيث رَوَاهُ الْبَزَّار من رِوَايَة لَيْث بن أبي سليم
(1)
.
قوله: عن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا آخذ بحجزكم أقول إياكم وجهنم إياكم والحدود" الحديث، الحجز: جمع حجزة وهي معقد الإزار وموضع التكة من السراويل والمراد بالحدود ما نهى الله عنه.
قوله: "وأنا فرطكم على الحوض" والفرط: هو الذي يتقدم القوم إلى المنزلى ليهيء مصلحهم فيه قبل قدومهم، وتقدم تفسيره مرات أبسط من هذا والمراد بالحوض حوضه الذي ترده أمته في القيامة وسيأتي الكلام عليه في أهوال القيامة إن شاء الله تعالى.
(1)
أخرجه البزار (5110)، والطبراني في الكبير (11/ 33 رقم 10953) و (12/ 71 رقم 12508) والأوسط (3/ 185 رقم 2874). قال البزار: وهذا الحديث قد روي نحو منه بغير لفظه من غير وجه، ولا نعلم رواه عن عبد الملك بن سعيد، عن أبيه إلا ليث بن أبي سليم. قال الهيثمي في المجمع 6/ 254: رواه البزار، وفيه ليث بن أبي سليم والغالب عليه الضعف. وحسنه الألباني في الصحيحة (3087) و (2344).
قوله: رواه البزار من رواية ليث بن أبي سليم [هو أبو بكر، ويقال: أبو بكير ليث بن أبي سليم بن أبي زنيم الكوفى القرشي، مولاهم مولى عتبة أو عنبسة بن أبي سفيان، واسم أبي سليم أيمن، ويقال: أنس روى ليث عن مجاهد، وطاوس، وعطاء بن أبي رباح، وابن الزبير، وابن أبي مليكة، والشعبي، وطلحة بن مصرف، وأبى بردة، وآخرين. روى عنه الثوري، وشعبة، وزائدة، وشريك، وزهير بن معاوية، والحسن بن صالح، وإسماعيل بن علية، وأبو إسحاق الفزاري، واتفق العلماء على ضعفه، واضطراب حديثه، واختلال ضبطه. توفى سنة ثلاث وأربعين ومائة، رحمه الله تعالي].
3533 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله عز وجل يغار وغيرة الله أَن يَأْتِي الْمُؤمن مَا حرم الله عَلَيْهِ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "إن الله عز وجل يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه".
الغيرة [بفتح الغين وهي في حقنا الأنفة وأما في حق الله تعالى فقد فسرها هنا في حديث عمرو الناقد بقوله صلى الله عليه وسلم وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه أي غيرته منعه وتحريمه
(2)
].
(1)
أخرجه البخاري (5223)، ومسلم (36 - 2761)، والترمذي (1168)، والبزار (8604 و 8605 و 8691)، وابن حبان (293)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1010) والكبرى (10/ 381 رقم 21022) والشعب (13/ 259 رقم 10307).
(2)
شرح النووي على مسلم (17/ 77).
3534 -
وَعَن ثَوْبَان رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لأعلمن أَقْوَامًا من أمتِي يأْتونَ يَوْم الْقِيَامَة بأعمال أَمْثَال جبال تهَامَة بَيْضَاء فيجعلها الله هباء منثورا قَالَ ثَوْبَان يَا رَسُول الله صفهم لنا حلهم لنا لَا نَكُون مِنْهُم وَنحن لَا نعلم قَالَ أما إِنَّهُم إخْوَانكُمْ وَمن جلدتكم وَيَأْخُذُونَ من اللَّيْل كَمَا تأخذون وَلَكنهُمْ قوم إِذا خلوا بمحارم الله انتهكوها رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَرُوَاته ثِقَات
(1)
.
قوله: وعن ثوبان رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا" الهباء المنثور هو الذي يرى كهيئة الغبار إذا دخل ضوء الشمس من كوة يحسبه الناظر غبارا وليس بشيء يقبض عليه ولا يرى ذلك في الظل
(2)
وقال آخرون: هو ما ذرته الريح من التراب وتذره من حطام الشجرة
(3)
وقال آخرون هو الغبار
(4)
.
(1)
أخرجه ابن ماجه (4245)، والروياني في مسنده (651)، والطبراني في الأوسط (5/ 46 رقم 4632) والصغير (1/ 396 رقم 662) ومسند الشاميين (680). قال الطبراني: لا يروى عن ثوبان إلا بهذا الإسناد تفرد به عقبة، واسم أبي عامر عبد الرحمن بن يحيي، ويقال: عبد الله بن يحيى. قال البوصيري في الزجاجة 4/ 246: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات وأبو عامر الألهاني اسمه عبد الله بن غابر. وصححه الألباني في الصحيحة (505) وصحيح الترغيب (2346).
(2)
تفسير الطبري (17/ 431) ورواه عن الحسن ومجاهد.
(3)
المصدر السابق (17/ 432) وقاله ابن عباس وقتادة.
(4)
قاله عكرمة تفسير الطبري (17/ 431).
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" والمحارم هي الأشياء التي حرمها الله تعالى على عباده، النهك المبالغة في كل شيء
(1)
.
3535 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ الطابع معلقَة بقائمة عرش الله عز وجل فَإِذا انتهكت الْحُرْمَة وَعمل بِالْمَعَاصِي واجترئ على الله بعث الله الطابع فيطبع على قلبه فَلَا يعقل بعد ذَلِك شَيْئًا رَوَاهُ الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ وَاللَّفْظ لَهُ
(2)
.
قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: "الطابع معلقة بقائمة عرش الله عز وجل فإذا انتهكت الحرمة وعمل بالمعاصي واجترئ على الله بعث الله تعالى الطابع فيطبع على قلبه فلا يعقل بعد ذلك شيئا" الحديث، الطابع: بفتح الباء وكسرها والكسر لغة قليلة هو الخاتم يختم به على الشيء
(3)
والحرمة ما لا يحل انتهاكه
(4)
.
(1)
غريب الحديث (2/ 598) للحربي، وتهذيب اللغة (6/ 17)، وغريب الحديث (2/ 360) للخطابي.
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في التوبة (23)، والبزار (5981)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 139)، وابن حبان في المجروحين (1/ 332)، وابن عدى في الكامل (4/ 286 - 287)، ومن طريقه البيهقي في الشعب (9/ 378 رقم 6818). قال البزار: وهذان الحديثان لا نعلم رواهما، عن التيمي، عن نافع إلا سليمان بن مسلم، وهو بصري مشهور. وقال ابن عدي: حديث منكر جدا، وسليمان بن مسلم الخشاب قليل الحديث وشبه المجهول، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما. وقال الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (3/ 449): تفرد به سليمان بن مسلم العجلي عن التيمي عنه. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (1270) وضعيف الترغيب (1402).
(3)
كشف المناهج (3/ 332).
(4)
قاله الليث كما في مدارج السالكين (2/ 73) والصحاح (5/ 1895) والنهاية (1/ 373).
3536 -
وَعَن النواس بن سمْعَان رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله ضرب مثلا صراطا مُسْتَقِيمًا على كنفي الصِّرَاط داران لَهما أَبْوَاب مفتحة على الْأَبْوَاب ستور وداع يَدْعُو فَوْقه {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)}
(1)
والأبواب الَّتِي على كنفي الصِّرَاط حُدُود الله فَلَا يَقع أحد فِي حُدُود الله حَتَّى يكْشف السّتْر وَالَّذِي يَدْعُو من فَوْقه واعظ ربه عز وجل رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة بَقِيَّة عَن بجير بن سعد وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب كنفا الصِّرَاط بالنُّون جانباه
(2)
.
قوله: وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه تقدم الكلام عليه في الورع وترك الشبهات.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ضرب صراطًا مستقيمًا وعلى كنفي الصراط داران لهما أبواب مفتحة على الأبواب ستور وداع يدعو فوقه {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)} "
(3)
الحديث، كنفا
(1)
سورة يونس، الآية:25.
(2)
أخرجه أحمد 4/ 182 (17634) و 4/ 183 (17636)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 3/ 414، والترمذي (2859)، وابن أبي عاصم في السنة (18 و 19)، والمروزى في السنة (17 و 18)، والطبري في التفسير 1/ 75، والطحاوي في مشكل الآثار (2041) و (2142 و 2143)، والآجري ص 12 - 13، والطبراني في الشاميين (1147) و (2024)، والرامهرمزي في الأمثال (3)، وأبو الشيخ في الأمثال (280)، والحاكم 1/ 73. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2347).
(3)
سورة يونس، الآية:25.
الصراط بالنون جانباه قاله المنذري، أ. هـ.
قوله: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} ، ودار السلام الجنة فالجنة ضيافة الله تعالى أعدها للمؤمنين نزلا فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا إليها بالإيمان والإسلام والإحسان فمن أجابه دخل الجنة وأكل من تلك الضيافة ومن لم تجب حرم، وخرج الترمذي عن جابر رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل يوما فقال: رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي فقال: أحدهما لصاحبه اضرب له مثلا فقال اسمع سمعت أذناك وأعقل عقل قلبك إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ درارا ثم بنى فيها بيتا وجعل فيها مائدة ثم نصب رسولا يدعوا الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من ترك فالله هو الملك والدار هي الإسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد رسوله فمن أجابك دخل الإسلام ومن دخل الإسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل ما فيها
(1)
وخرجه البخاري بمعناه ولفظه مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة والدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم، طوبى لمن أجاب مولاه: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا
(1)
أخرجه الترمذي (2860)، والحاكم (2/ 338 - 339) و (4/ 393). قال الترمذي: هذا حديث مرسل، سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابر بن عبد الله. وهو عند الحاكم موصولا وصححه ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (3595).
دَاعِيَ اللَّهِ}
(1)
(2)
أ. هـ قاله ابن رجب
(3)
، ذكر في المثل أربعة أشياء الدار والمأدبة والداعي وال [ملك] فالدار الجنة والمأدبة صنيعة يصنعه الرجل يدعوا الناس إليه ويسمى القيامة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم فمن أطاع محمد دخل الجنة والـ[ملك] هو الله عز وجل.
3537 -
وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ضرب الله مثلا صراطا مُسْتَقِيمًا وَعَن جنبتي الصِّرَاط سوران فيهمَا أَبْوَاب مفتحة وعَلى الْأَبْوَاب ستور مرخاة وَعند رَأس الصِّرَاط يَقُول اسْتَقِيمُوا على الصِّرَاط وَلَا تعوجوا وَفَوق ذَلِك دَاع يَدْعُو كلما هم عبد أَن يفتح شَيْئا من تِلْكَ الْأَبْوَاب قَالَ وَيحك لَا تفتحه فَإنَّك إِن تفتحه تلجه ثمَّ فسره فَأخْبر أَن الصِّرَاط هُوَ الْإِسْلَام وَأَن الْأَبْوَاب المفتحة محارم الله وَأَن الستور المرخاة حُدُود الله والداعي على رَأس الصِّرَاط هُوَ الْقُرْآن والداعي من فَوْقه هُوَ واعظ الله فِي قلب كل مُؤمن ذكره رزين وَلم أره فِي أُصُوله إِنَّمَا رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار مُخْتَصرا بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ بِإِسْنَاد حسن
(4)
.
(1)
سورة الأحقاف، الآية:31.
(2)
أخرجه البخاري (7281).
(3)
لطائف المعارف (ص 293 - 294).
(4)
لم أجده بهذا اللفظ عن ابن مسعود: وإنما أخرجه الطيالسي (241)، وسعيد بن منصور في التفسير (935)، وأحمد 1/ 435 (4142) و 1/ 265 (4437)، والدارمي (220)، وابن أبي عاصم في السنة (17)، والبزار (1677) و (1694) و (1718)، والمروزي في السنة (11 و 12)، والنسائي في الكبرى (11109 و 11110)، وابن حبان (6 و 7)، =
قوله: وعن ابن مسعود رضي الله عنه تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ضرب مثلا صراطا مستقيما وعن جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة" فذكر الحديث إلى أن قال "ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه" الحديث، الولود: الدخول فضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثل الإسلام في هذا الحديث بصراط مستقيم وهو الطريق الواسع الموصل سالكه إلى مطلوبه وهو مع هذا مستقيم لا عوج فيه، فيقتضي ذلك قربه وسهولته، وعلى جنبتي الصراط يمنة ويسرة سوران وهما حدود الله تعالى فكما أن السور يمنع من كان داخله من تعديه ومجاورته فكذلك الإسلام يمنع من دخله من الخروج عن حدوده ومجاوزتها وليس وراء ما حد الله من المأذون فيه إلا ما نهى الله عنه ولهذا مدح الله سبحانه الحافظين لحدوده وذم من لا يعرف حد الحلال من الحرام كما قال الله تعالى:{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ} إلى قوله: {رَسُولِهِ}
(1)
فمن استجاب لذلك الداعي وهو القرآن واتقى المحارم ولم يتعد تلك الحدود دخل الصراط، ومن دخل الصراط أمن ولما تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي
= والحاكم في المستدرك (2/ 318) و (2/ 239) بلفظ: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا خطا ثم قال: "هذا سبيل الله" ثم خط خطوطا عن يمينه، وعن شماله، ثم قال:"هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم تلا {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال الألباني: حسن صحيح - ظلال الجنة (16 و 17).
(1)
سورة التوبة، الآية:97.
مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}
(1)
خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا فقال: "هذا سبيل الله تعالى ثم خط عن يمين الخط وعن شماله خطوطا فقال: هذه سبل الشيطان" وروى هذا المعنى من حديث جابر بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فخط خطا وخط خطين عن يساره ثم وضع يده في الخط الأوسط وقال: "هذه سبيل الله" ثم تلا الآية: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} الآية
(2)
، وفي حديث آخر: خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: "هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعوا إليها" ثم قرأ الآية المشار إليها، قال أبو العالية: الصراط المستقيم النبي صلى الله عليه وسلم[وصاحباه من بعده] أبو بكر وعمر فقيل ذلك للحسن: فقال: صدق أبو العالية
(3)
، قال الطبري وابن عطية
(4)
: وهذه السبل تعم اليهودية والنصرانية وسائر أهل الملل وأهل البدع والضلالات من أهل الأهواء وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام وهذه كلها عرضة للزلل ومطية لسوء المعتقد، وقال مجاهد في قوله:{وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} البدع
(5)
، قال ابن شهاب: هذا
(1)
سورة الأنعام، الآية:153.
(2)
أخرجه أحمد 3/ 397 (15277)، وعبد بن حميد (1141)، وابن ماجه (11)، وابن أبي عاصم في السنة (16)، ومحمد ابن نصر المروزي في السنة (13)، والآجري في الشريعة (13)، وابن بطة في الإبانة (129)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (95). وقال الألباني: صحيح ظلال الجنة (16).
(3)
تفسير الطبري (1/ 175).
(4)
المحرر الوجيز (2/ 364)، وتفسير الطبري (9/ 669)، وتفسير القرطبي (7/ 138).
(5)
تفسير الطبري (9/ 670).
لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا}
(1)
الآية، فالهرب الهرب والنجاء والنجاء والتمسك بالصراط المستقيم والسنن القويم الذي سلك السلف الصالح ففيه المتجر الرابح، والصراط المستقم دين الله تعالى الذي لا يقبل من العباد غيره
(2)
، وقال الفضيل بن عياض
(3)
: الصراط المستقيم طريق الحج وهذا خاص والعموم أولى وأصل الصراط في كلام العرب الطريق المستقيم الذي لا اعوجاجا فيه، قاله في الديباجة.
قوله: "وعن جنبتي الصراط" أي جانبيه وجنبة الوادي جانبه وناحيته وهي بفتح النون وبسكون النون الناحية، يقال نزل فلان جنبة أي ناحية ومنه حديث عمر رضي الله عنه:"عليكم بالجنبة فإنها [عفاف] " قال الهروي: يقول: اجتنبوا النساء والجلوس إليهن ولا تقربوا ناحيتهن، يقال رجل ذو جنبة أي ذو اعتزال عن الناس مجتنب لهم قاله ابن الأثير
(4)
.
قوله: "فصراط الله هو الصراط المستقيم وصراط الشيطان الذي جعله الله لإغواء بني آدم هو الصراط المعوج" ولصراط الله شعب ولصراط الشيطان اللعين شعب، وكل شعبة من صراط الله تعالى يفضي سالكها إلى الجنة وكل شعبة من شعب الشيطان تفضي صاحبها إلى النار وإلى شعب الصراط المستقيم أشار عليه الصلاة والسلام بقوله في الحديث الصحيح
(1)
سورة الأنعام، الآية:159.
(2)
تفسير القرطبي (7/ 138).
(3)
تفسير القرطبي (1/ 147).
(4)
النهاية (1/ 303).
"الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله" الحديث، ولما كانت شعب الصراط المستقيم بضعا وسبعين كانت أيضا شعب الصراط للعوج الذي هو صراط الشيطان اللعين بضعا وسبعين، كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:"تفرقت بنو إسرائيل على سبعين فرقة وستفترق أمتي على نيف وسبعين فرقة كلها في النار إلا ما أنا وأصحابي عليه"
(1)
الحديث، ففي هذا المثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم أن الإسلام هو الصراط المستقيم الذي أمر الله تعالى بالاستقامة عليه ونهي عن تجاوز حدوده وأن من ارتكب شيئا من المحرمات فقد تعدى حدوده، أ. هـ قاله ابن رجب
(2)
.
قوله: "وعلى الصراط واعظ الله على كلّ مسلم" يعنى حجة الذي تنهاه عن الدخول فيما منعه الله وحرمه عليه والبصائر التي جعلها فيه، أ. هـ قاله ابن الأثير
(3)
.
3538 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من يَأْخُذ مني هَذِه الْكَلِمَات فَيعْمل بِهن أَو يعلم من يعْمل بِهن فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَة قلت أَنا يَا رَسُول الله فَأخذ بيَدي وعد خمْسًا قَالَ: اتَّقِ الْمَحَارِم تكن أعبد النَّاس وَارْضَ بِمَا قسم الله لَك تكن أغْنى النَّاس وَأحسن إِلَى جَارك تكن مُؤمنًا وَأحب للنَّاس مَا تحب لنَفسك تكن مُسلما وَلَا تكْثر الضحك فَإِن كثْرَة الضحك تميت الْقلب
(1)
أخرجه الترمذي (2641). وحسنه الألباني في المشكاة (171/ التحقيق الثاني)، الصحيحة (1348).
(2)
جامع العلوم والحكم (1/ 104).
(3)
النهاية (5/ 206).
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث جَعْفَر بن سُلَيْمَان وَالْحسن لم يسمع من أبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث وَاثِلَة عَن أبي هُرَيْرَة وَتقدم فِي هَذَا الْكتاب أَحَادِيث كَثِيرَة جدا فِي فضل التَّقْوَى وَيَأْتِي أَحَادِيث أخر وَالله أعلم
(1)
.
(1)
أخرجه أحمد 2/ 310 (8095)، والترمذي (2305)، وابن أبي الدنيا في الورع (2)، وأبو يعلى (6240)، والخرائطى في اعتلال القلوب (275) ومكارم الأخلاق (255) والطبراني في الأوسط (7/ 125 رقم 7054)، وتمام (50)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 295)، والبيهقي في الشعب (12/ 92 - 93 رقم 9096) و (13/ 458 - 459 رقم 10616) من طريق الحسن عن أبي هريرة.
قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان والحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئا. هكذا روي عن أيوب، ويونس بن عبيد، وعلي بن زيد، وروى أبو عبيدة الناجي، عن الحسن، هذا الحديث قوله: ولم يذكر فيه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الحسن إلا أبو طارق، تفرد به: جعفر بن سليمان. وقال أبو نعيم: غريب من حديث الحسن تفرد به جعفر، عن أبي طارق. وحسنه الألباني في الصحيحة (930) وصحيح الترغيب (2349) و (2567).
وأخرجه أبو عبيد في المواعظ (129)، وهناد في الزهد (1031) و (1148)، والبخاري في الأدب المفرد (252)، وابن ماجه (4217)، وابن أبي الدنيا في الورع (3)، وأبو يعلى (5865)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (242)، والطبراني في الشاميين (385) و (3408)، وأبو نعيم في الحلية 10/ 365، وفي أخبار أصبهان 2/ 352، والبيهقي في الآداب (323) و (831) والزهد (818) والشعب (7/ 499 - 500 رقم 5366)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (2493) من طريق واثلة عن أبي هريرة. وقال الدارقطني في العلل (1339): يرويه أبو رجاء محرز بن عبد الله الخراساني، وقيل الجزري واختلف عنه؛ فرواه إسماعيل بن زكريا، عن أبي رجاء، عن بردة بن سنان، عن مكحول، =
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: "اتق المحارم تكن أعبد الناس" الحديث، أصل التقوى الاجتناب والمراد هنا اجتناب المعاصي وكان المتقي يتخذ له وقاية من عذاب الله بترك المخالفة والمراد بالمحارم الأشياء التي حرمها الله تعالى.
= عن واثلة بن الأسقع، عن أبي هريرة. وتابعه المحاربي، عن أبي رجاء، واختلف عن المحاربي، فرواه الأحمسي، وأبو السكين زكريا بن يحيى الطائي، عن المحاربي، عن أبي رجاء، عن برد، عن مكحول، عن واثلة، عن أبي هريرة.
ورواه هناد بن السري، عن المحاربي، فأسقط من الإسناد مكحولا. وكذلك رواه أبو معاوية الضرير، عن أبي رجاء، عن برد، عن واثلة، عن أبي هريرة. وقال مجاهد بن موسى عن أبي معاوية، عن محمد بن راشد، عن برد، عن مكحول، عن واثلة، عن أبي هريرة. وليس هذا القول بمحفوظ، والحديث غير ثابت.
وقال البوصيري في الزجاجة (4/ 240): هذا إسناد حسن وأبو رجاء اسمه محرز بن عبد الله. وصححه الألباني في الترغيب (1741)، الصحيحة (506 و 927 و 2046).