المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترهيب من أذى الجار وما جاء في تأكيد حقه] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٠

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة]

- ‌[الترهيب من شهادة الزور]

- ‌[كتاب الحدود وغيرها]

- ‌[الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما]

- ‌[الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله]

- ‌[الترغيب في ستر المسلم والترهيب من هتكه وتتبع عورته]

- ‌[الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم]

- ‌[الترغيب في إقامة الحدود والترهيب من المداهنة فيها]

- ‌[الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلك والترغيب في تركه والتوبة منه]

- ‌[الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج]

- ‌فصل

- ‌[الترهيب من اللواط وإتيان البهيمة والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية]

- ‌[الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق]

- ‌[الترهيب من قتل الإنسان نفسه]

- ‌[الترهيب أنه يحضر الإنسان قتل إنسان ظلما أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق]

- ‌[الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالم والترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم]

- ‌[الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها]

- ‌[كتاب البر والصلة وغيرهما]

- ‌[الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما]

- ‌[الترهيب من عقوق الوالدين]

- ‌[الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت والترهيب من قطعها]

- ‌[الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين]

- ‌[الترهيب من أذى الجار وما جاء في تأكيد حقه]

- ‌[الترغيب زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكراه الزائرين]

- ‌[الترغيب في الضيافة وإكراه الضيف وتأكيد حقه وترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل]

- ‌[الترهيب أن يحقر المرء ما قدم إليه، ويحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف]

- ‌[الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة]

- ‌[الترهيب من البخل والشح والترغيب في الجود والسخاء]

- ‌[الترهيب من عود الإنسان في هبته]

- ‌[الترغيب في قضاء حوائج المسلمين وإدخال السرور عليهم وما جاء فيمن شفع فأهدي إليه]

- ‌فصل

- ‌[كتاب الأدب وغيره

- ‌الترغيب في الحياء وما جاء في فضله والترهيب من الفحش والبذاء]

الفصل: ‌[الترهيب من أذى الجار وما جاء في تأكيد حقه]

[الترهيب من أذى الجار وما جاء في تأكيد حقه]

3851 -

عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره وَمن كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه وَمن كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرًا أَو لِيَسْكُت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(1)

.

3852 -

وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَمن كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فليحسن إِلَى جَاره

(2)

.

قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام على ترجمته.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يؤذي جاره" الحديث، هكذا وقع في الأصول، يؤذي: بالياء في آخره، قال النووي: وروينا في غير مسلم "فلا يؤذ" بحذفها، وهما صحيحان فحذفها للنهي وإثباتها على أنه خبر يراد به النهي فيكون أبلغ ليفهم أن هذا أقل المراتب وهو كف الأذى فإن دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة، فإن اجتمعا فهي الغاية، وهلذا جمع بينهما في هذا بقوله:"فلا يؤذي جاره" وفي الآخر بقوله: "فليكرم".

وقوله: "فليكرم" نكرة في سياق الإثبات فلا تعم بل تصدق بمرة واحدة في كف الأذى فتكره في سياق النفي تعم جميع أنواع الأذى فليتفطن لهذا

(1)

أخرجه البخاري (5185) و (6018) و (6136) و (6475)، ومسلم (75 - 47)، وأبو داود (5154).

(2)

أخرجه مسلم (74 و 76 - 47).

ص: 574

الدقيقة فإنها من النفائس واللّه أعلم، قاله في شرح الإلمام ومنه قوله تعالى:{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا}

(1)

على قراءة من رفع، ومنه قوله:"لا يبع أحدكم على بيع أخيه" ونظائره كثيرة واللّه أعلم، فالإيذاء معصية ولا يلزم منها نفي الإيمان، قلت: إشارة إلى المبدأ والمعاد يعني إذا آمن باللّه الذي خلقه والذي يجازيه يوم القيامة بالخير والشر لا يؤذي جاره" فإن قلت: الْأَمر بالإكرام للوجوب أم لا؟

قلت: يختلف بحسب المقامات فربما يكون فرض عين أو فرض كفاية وأقله أنه من باب مكارم الأخلاق واللّه أعلم.

قال القاضي عياض وغيره: معنى الحديث أن من التزم شرائع الإسلام لزمه إكرام جاره وبره وكل ذلك تعريف بحق الجار وحث على حفظه وقد أوصى اللّه بالإحسان إليه في كتابه العزيز فقال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} إلى قوله: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ}

(2)

الآية، أ. هـ، وفي الحديث:"ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" قال الراغب: والجار من يقرب مسكنه منك وهو من الأسماء المتضايفة فإن الجار لا يكون جارا لغيره إلا وذلك الخير جار له كالأخ والصديق ولما استعظم حق الجار عقلا وشرعا عبر عن كلّ من يعظم حقه أو يستعظم حق غيره بالجار قال اللّه تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} أ. هـ.

(1)

سورة البقرة، الآية:233.

(2)

سورة النساء، الآية:36.

ص: 575

واعلم أن الزوجة أحق باسم الجار من كلّ أحد لملاصقته بالبدن فمعنى الجوار القرب ولهذا سمت العرب الزوجة جارة لقربها، وقد قال بعضهم في قوله صلى الله عليه وسلم:"أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة" أنها الزوجة وفسر بعضهم الصاحب بالجنب بها فهي أحق بالإحسان من الجار الجنب، أ. هـ.

فقوله: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليفعل كذا وكذا" يدلّ على أن هذه الخصال المذكورة في الحديث من خصال الإيمان وقد سبق أن الأعمال تدخل في الإيمان وأعمال الإيمان تارة تتعلق بحقوق اللّه تعالى كأداء الواجبات وترك المحرمات ومن ذلك قول الخير والصمت عن غيره وتارة يتعلق بحقوق عباده كإكرام الضيف وإكرام الجار أو الكف عن أذاه فهذه ثلاثة أشياء يؤمن بها المؤمن أحدها قول الخير والصمت عما سواه، الثاني: مما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث للمؤمنين إكرام الجار، وفي بعض الروايات النهي عن أذى الجار فأما أذى الجار فمحرم فإن الأذى بغير حق محرم لكل أحد ولكن في حق الجار هو أشد تحريما، وأما إكرام الجار والإحسان إليه فمأمور به كما تقدم.

وقوله: "ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه" الحديث، قال القاضي عياض: معنى الحديث أن من التزم شرائع الإسلام لزمه إكرام ضيفه وبره كما سبق في الجار والضيافة من آداب الإسلام وخلق النبيين والصالحين وسيأتي الكلام على الضيافة قريبا، واختلاف العُلماء فيها مبسوطا في بابه إن شاء اللّه تعالى.

ص: 576

وقوله: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فيلقل خيرا أو ليسكت" معناه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلمك به خيرا محققًا يثاب عله واجبا كان أو مندوبا فليتكلم وإن لم يظهر له أنه خير يتاب عليه فليمسك عن الكلام سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورا بتركه مندوبا إلى الإمساك عنه مخافة من انجراره إلى الكلام المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا، واللّه أعلم.

3853 -

وَعَن الْمِقْدَاد بن الأسود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لأصْحَابه مَا تَقولُونَ فِي الزِّنَا قَالُوا حرَام حرمه اللّه وَرَسُوله فَهُوَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لِأن يَزْنِي الرجل بِعشر نسْوَة أيسر عَلَيْهِ من أَن يَزْنِي بِامْرَأَة جَاره قَالَ مَا تَقولُونَ فِي السّرقَة قَالُوا حرمهَا اللّه وَرَسُوله فَهِيَ حرَام قَالَ لِأن يسرق الرجل من عشرَة أَبْيَات أيسر عَلَيْهِ من أَن يسرق من جَاره رَوَاهُ أَحْمد وَاللَّفْظ لَهُ وَرُوَاته ثِقَات وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط

(1)

.

قوله: وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "ما تقولون في الزنا؟ " قالوا: حرام حرمه اللّه عز وجل ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة، الحرام تقدم في الزنا.

(1)

أخرجه أحمد 6/ 8 (23854)، والبخاري في الأدب المفرد (103)، وفي التاريخ الكبير 8/ 54، والبزار (2115)، والطبراني في الكبير 20/ 256 (605)، وفي الأوسط (6/ 554 - 252 رقم 6333)، والبيهقى في الشعب (12/ 99 - 100 رقم 9105)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (881). قال الهيثمي في المجمع 8/ 168: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (65) وصحيح الترغيب (2549).

ص: 577

3854 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ وَاللّه لا يُؤمن وَاللّه لا يُؤمن وَاللّه لَا يُؤمن قيل من يَا رَسُول اللّه قَالَ الَّذِي لا يَأْمَن جَاره بوائقه رَوَاهُ أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَزَاد أَحْمد قَالُوا يَا رَسُول اللّه وَمَا بوائقه قَالَ شَره

(1)

.

3855 -

وَفِي رِوَايَة لمُسلم لا يدْخل الْجنَّة من لا يُؤمن جَاره بوائقه

(2)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "واللّه لا يؤمن واللّه لا يؤمن واللّه لا يؤمن" قيل: من يا رسول اللّه؟ قال: "الذي لا يأمن جاره بوائقه" الحديث، أي: غوائله وشروره جمع بائقه وهي الداهية يقال باقتهم بائقة بوقا أ. هـ، ومنه حديث المغيرة ينام عن الحقائق ويستيقظ للبوائق قاله ابن الأثير.

وقوله في رواية لمسلم "لا يدخل الجنة من لا يؤمن جاره بوائقه" وفي معنى: "لا يدخل الجنة" جوابان يجريان في كلّ ما أشبه أحدهما أنه محمول على من يستحل الإيذاء مع علمه بالتحريم فهذا كافر لا فدخلها أصلا، والثاني: معناه جزاؤه أن لا يدخلها وقت دخول الفائزين إذا فتحت أبوابها لهم بل يؤخر ثم قد يجازي وقد يعفي عنه فيدخلها أولا وإنما تأولنا هذين التأويلين لأنه تقدم أن مذهب أهل الحق إن مات على التوحيد مما على

(1)

أخرجه أحمد 2/ 288 (7878) و 2/ 336 (8432) و 2/ 372 (8855) و 4/ 31 (16372)، والبخارى (6016) تعليقًا، والحاكم (1/ 10 و 4/ 165). وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2550).

(2)

أخرجه مسلم (73 - 46).

ص: 578

الكبائر فهو إلى اللّه تعالى إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولا، وإن شاء عاقبه ثم أدخله الجنة واللّه أعلم قاله النووي في شرح مسلم.

3856 -

وَعَن أبي شُرَيْح الكعبي رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَاللّه لا يُؤمن وَاللّه لَا يُؤمن وَاللّه لَا يُؤمن قيل يَا رَسُول اللّه لقد خَابَ وخسر من هَذَا قَالَ من لَا يَأْمَن جَاره بوائقه قَالُوا وَمَا بوائقه قَالَ شَره رَوَاهُ البُخَارِيّ

(1)

.

قوله: وعن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه اسمه [هو أبو شريح الخزاعي، وفي الآخرين: أبو شريح الكعبي، وهو واحد، يقال فيه: الكعبي، والخزاعي، والعدوى. واختلف في اسمه، فقيل: خويلد بن عمرو بن صخر بن عبد العزى بن معاوية، وفيل: اسمه عبد الرحمن بن عمرو، وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: هانئ بن عمرو، وقيل: كعب.

أسلم قبل فتح مكة، وكان يوم فتح مكة حاملا أحد ألوية بنى كعب. قال محمد بن سعد: توفي أبو شريح بالمدينة سنة ثمان وستين، رضى اللّه عنه. روى له عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عشرون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على حديثين، وانفرد البخاري بحديث. روى عنه نافع بن جبير، وسعيد المقبرى

(2)

].

قوله: "واللّه لا يؤمن ثلاثًا، قيل: يا رسول اللّه، لقد خاب وخسر، من هو؟ قال: "من لا يأمن جاره بوائقه" جمع بوائقه، جمع بائقة وهي الغائلة، وأكثر ما يوسف بها الْأَمر الشديد، وتقدم تفسيرها أيضًا.

(1)

أخرجه البخاري (6016).

(2)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 243).

ص: 579

3857 -

وَعَن أنس رضي الله عنه: قَالَ سَمِعت رَسول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا هُوَ بِمُؤْمِن من لم يَأْمَن جَاره بوائقه رَوَاهُ أَبُو يعلى من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق والأصبهاني أطول مِنْهُ وَلَفظه قَالَ رَسول اللّه صلى الله عليه وسلم إِن الرجل لا يكون مُؤمنا حَتَّى يَأْمَن جَاره بوائقه يبيت حِين يبيت وَهُوَ آمن من شَره فَإن الْمُؤمن الَّذِي نَفسه مِنْهُ فِي غناء وَالنَّاس مِنْهُ فِي رَاحَة

(1)

.

قوله: وعن أنس رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن المؤمن الذي نفسه منه في غناء والناس منه في راحة" الحديث، العناء بالمد التعب والنصب.

3858 -

وَعنهُ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسول اللّه صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لا يُؤمن عبد حَتَّى يحب لجاره أَو قَالَ لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ رَوَاه مسلم

(2)

.

قوله: وعنه رضي الله عنه: تقدم الكلام على ترجمته. وأن كنيته أبو حمزة وهو بحاء مهملة وزاي معجمة وهي بقلة كنى بها، وأنس خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فلذلك قيل خادم النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو قال لأخيه ما يحب لنفسه" هكذا هو في مسلم "لأخيه أو لجاره" على الشك وكذلك هو على الشك في

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 5/ 220 (25422)، وأبو يعلى (4252)، والحاكم في المستدرك 4/ 165، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (52). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 168: رواه أبو يعلى، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2552) من رواية ابن أبي شيبة وأبى يعلى. وضعفه في ضعيف الترغيب (1517) من رواية الأصبهاني.

(2)

أخرجه مسلم (72 - 45)، وابن ماجة (66).

ص: 580

مسند عبد بن حميد وهي في البخاري وغيره "لأخيه" من غير شك، قال العُلماء: معناه: لا يؤمن الإيمان التام وإلا فالأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة، والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث:"حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه"

(1)

أ. هـ.

وأما معنى الحديث فمقصوده ائتلاف قلوب الناس وانتظام أحوالهم وهي قاعدة الإسلام الكبرى التي أوصى اللّه عز وجل بقوله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} مهو

(2)

وبيان ذلك أنه إذا أحب كلّ واحد من الناس لباقيهم ما يحب لنفسه أحسن إليهم ولم يؤذهم لأنه هو يحب لنفسه أن يحسن إليه ولا يؤذي، وإذا أحسن إليهم ولم يؤذهم أحبوه فتسرى بذك المحبة بين الناس ويسريان المحبة بينهم يسري الخير ويرتفع الشر وبذلك ينتظم أمر المعاش والمعاد وتصلح أحوال العباد، أ. هـ، ذكره الطوفي في شرح الأربعين النواوية

(3)

.

3859 -

وَرُوِيَ عَن كَعْب بن مَالك رضي الله عنه قَالَ أَتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل فَقَالَ يَا رَسُول اللّه إِنِّي نزلت فِي محلّة بني فلَان وَإِن أَشَّدهم إِلَيَّ أَذَى أقربهم لي جوارا فَبعث رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَبَا بكر وَعمر وعليا رضي الله عنهم يأْتونَ الْمَسْجِد فَيقومُونَ على

(1)

شرح النووي على مسلم (2/ 16).

(2)

سورة آل عمران، الآية:103.

(3)

التعيين (ص 124 - 125).

ص: 581

بَابه فيصيحون أَلا إِن أَرْبَعِينَ دَارا جَار وَلَا يدْخل الْجنَّة من خَافَ جَاره بوائقه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ البوائق جمع بائقة وَهِي الشَّرّ وغائلته كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَقَدّم

(1)

.

قوله: وروي عن كعب بن مالك رضي الله عنه: تقدم.

قوله: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول اللّه إني نزلت في محلة بني فلان؛ المحلة بفتح الميم والحاء المهملة [المنزل الذي يحل به أي ينزل والجميع المحال].

قوله: "ألا إن أربعين دارا جار" الحديث، قال الزهري: أربعون هكذا وأربعون هكذا وأربعون هكذا، يعني بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، قاله ابن رجب

(2)

وكذا قاله الطوفى

(3)

أربعون عن يمينه وأربعون عن شماله وأربعون عن خلفه وأربعون أمامه. أ. هـ.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه" فيه التأويلان السابقان في أحاديث الباب.

3860 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لا يَسْتَقِيم إِيمَان عبد حَتَّى يَسْتَقِيم قلبه وَلَا يَسْتَقِيم قلبه حَتَّى يَسْتَقِيم لِسَانه وَلَا يدْخل الْجنَّة

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 73 رقم 143). قال الهيثمي في المجمع 8/ 169: رواه الطبراني، وفيه يوسف بن السفر، وهو متروك. وضعفه جدًّا الألباني في الضعيفة (275) وضعيف الترغيب (1518).

(2)

جامع العلوم والحكم (1/ 347).

(3)

كذا هو وإنما قاله أيضًا الطرطوشى كما في سراج الملوك (ص 94).

ص: 582

حَتَّى يَأْمَن جَاره بوائقه رَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت كِلَاهُمَا من رِوَايَة عَليّ بن مسْعدَة

(1)

.

3861 -

وَعنهُ رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم الْمُؤمن من أَمنه النَّاس وَالْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده وَالْمُهَاجِر من هجر السوء وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يدْخل الْجنَّة عبد لا يَأْمَن جَاره بوائقه رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار وَإسْنَاد أَحْمد جيد تَابع عَليّ بن زيد حميد وَيُونُس بن عبيد

(2)

.

قوله: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه" الحديث، تقدم معنى الاستقامة في الوضوء.

3862 -

وَعَن عبد اللّه بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِن اللّه عز وجل قسم بَيْنكُم أخلاقكم كَمَا قسم بَيْنكُم أرزاقكم وَإِن اللّه عز وجل يُعْطي الدُّنْيَا من يحب وَمن لا يحب وَلَا يُعْطي الدّين إِلَّا من أحب فَمن أعطَاهُ الدّين

(1)

أخرجه أحمد 3/ 198 (13048)، وابن أبي الدنيا في الصمت (9)، وفي مكارم الأخلاق (342) و (343)، والقضاعي في مسند الشهاب (887). وقال الهيثمي في المجمع 1/ 53: رواه أحمد، وفي إسناده علي بن مسعدة وثقه جماعة، وضعفه آخرون. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2554) والصحيحة (2841).

(2)

أخرجه أحمد 3/ 154 (12561) و (12562)، والبزار (7432)، وأبو يعلى (4187) والمعجم (246)، والبغوى في جزئه (26)، وابن حبان (510)، وابن أبي الدنيا في الصمت (28)، والقضاعي في مسند الشهاب (874)، والحاكم 1/ 11. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 54: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجاله رجال الصحيح إلا علي بن زيد، وقد شاركه فيه حميد ويونس بن عبيد. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2555).

ص: 583

فقد أحبه وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لا يسلم عبد حَتَّى يسلم قلبه وَلسَانه وَلَا يُؤمن حَتَّى يَأْمَن جَاره بوائقه قلت يَا رَسُول اللّه وَمَا بوائقه قَالَ غشمه وظلمه وَلَا يكْسب مَالا من حرَام فينفق مِنْهُ فيبارك فِيهِ وَلَا يتَصَدَّق بِهِ فَيقبل مِنْهُ وَلَا يَتْركهُ خلف ظَهره إِلَّا كَانَ زَاده إِلَى النَّار إِن اللّه لَا يمحو السئ بالسيئ وَلَكِن يمحو السيئ بالْحسنِ إِن الْخَبيث لَا يمحو الْخَبيث رَوَاهُ أَحْمد وَغَيره من طَرِيق أبان بن إِسْحَاق عَن الصَّباح بن مُحَمَّد عَنهُ

(1)

.

قوله: وعن عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: "إن اللّه لا يمحو السيئ بالسئ ولكن يمحو السئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث" المحو عبارة عن [الإعفاء والاندراس والنسخ] والمراد بالخبيث الحرام.

قوله: رواه أحمد وغيره من طريق أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد [أبان بن إسحاق المدني: لين الحديث قال أبو الفتح الأزدي متروك وثقه

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (344)، وأحمد 1/ 387 (3672)، والعدنى في الإيمان (64)، والبخاري في التاريخ الكبير 4/ 313، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (42)، والجرجانى في مجالس من أماليه (181)، وابن أبي عاصم في الزهد (209)، والبزار (2026)، وابن المنذر في الأوسط (8279)، والعقيلي (2/ 213)، والشاشي (877)، والطبراني في الكبير (10/ 196 رقم 10442) و (10/ 227 رقم 10553)، والحاكم 1/ 33 و 2/ 447 و 4/ 165، وأبو نعيم في الحلية 4/ 166، والبيهقي في الشعب (5524)، والبغوي (2030). قال البزار: الصباح بن محمد ليس بالمشهور. وقال الهيثمي: رواه أحمد وإسناده بعضهم مستور وأكثرهم ثقات المجمع 1/ 53. وقال في موضع آخر: رواه البزار وفيه من لم أعرفهم المجمع 10/ 292. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1076) و (1519).

ص: 584

أحمد والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، والصباح بن محمد البجلى ذكره أبو حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات، وقال أحمد العجلي صباح بن محمد كوفي ثقة].

3863 -

وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من آذَى جَاره فقد آذَانِي وَمن آذَانِي فقد آذَى اللّه وَمن حَارب جَاره فقد حاربني وَمن حاربني فقد حَارب اللّه عز وجل رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ ابْن حيّان فِي كتاب التوبيخ

(1)

.

قوله: وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من حارب جاره فقد حاربني" الحديث، المحاربة معناها واللّه أعلم: المعاداة.

قوله: رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب التوبيخ، وهو الحافظ: أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حيان بمهملة وياء آخر الحروف ثقيلة، أ. هـ، قاله الحافظ العسقلاني الشهير بابن حجر تغمده اللّه برحمته.

3864 -

وَرُوِيَ عَن عبد اللّه بن عَمْرو رضي الله عنه قَالَ خرج رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فِي غزَاة قَالَ لا يصحبنا الْيَوْم من آذَى جَاره فَقَالَ رجل من الْقَوْم أَنا بلت فِي أصل حَائِط جاري فَقَالَ لَا تصحبنا الْيَوْم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَفِيه نَكَارَة

(2)

.

(1)

أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق (240). وأورده الذهبي في حقوق الجار (ص 47) وقال: يرويه داود بن أيوب عن داود بن بشير العبدى عن أنس. وقال: هذا حديث منكر. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1520).

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 181 رقم 9479). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 170: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، وهو ضعيف. وقال الألباني: منكر الضعيفة (5274) وضعيف الترغيب (1521).

ص: 585

قوله: وروي عن عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما، تقدمت ترجمته.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يصحبنا اليوم من آذى جاره" وتقدم الكلام على أذى الجار في الأحاديث المتقدمة.

قوله: فقال رجل من القوم أنا بُلتُ في أصل حائط جاري فقال: "لا تصحبنا اليوم"، ولذلك يحرم التجمر في حائط الغير ويكره في حائط نفسه.

3865 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جَار السوء فِي دَار المقامة فَإِن جَار الْبَادِيَة يتَحَوَّل رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول" الحديث، دار المقامة هي الجنة، وقيل: الجار السوء الزوجة كما قاله بعضهم وتقدم.

وقوله: "فإن جار البادية يتحول" هو الذي يكون في البادية ومسكنه [المضارب] والخيام وهو غير مقيم في موضعه بخلاف جار المقام في المدن، ويروي "جار النادي" بالنون

(2)

.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المُصَنف 5/ 220 (25421)، وهناد في الزهد (2/ 504)، والبخارى في الأدب المفرد (117)، والبزار (8496)، والنسائي في المجتبى 8/ 371 (5546) والكبرى (7886)، وأبو يعلى (6536)، وابن حبان (1033)، والحاكم 1/ 532. وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1443) و (3943) وصحيح الترغيب (2556).

(2)

النهاية (1/ 109).

ص: 586

3866 -

وَعَن عقبَة بن عَامر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أول خصمين يَوْم الْقِيَامَة جاران رَوَاهُ أَحْمد وَاللَّفْظ لَهُ وَالطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا جيد

(1)

.

قوله: وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه تقدم.

قوله: "أول خصمين يوم القيامة جاران".

جاز أن المخاصمة هو المحاججة والاختلاف.

3867 -

وَعَن أبي جُحَيْفَة رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يشكو جَاره قَالَ اطرَح متاعك على طَرِيق فطرحه فَجعل النَّاس يَمرونَ عَلَيْهِ ويلعنونه فجَاء إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول اللّه لقِيت من النَّاس قَالَ وَمَا لقِيت مِنْهُم قَالَ يلعنونني قَالَ قد لعنك اللّه قبل النَّاس فَقَالَ إِنِّي لا أَعُود فجَاء الَّذِي شكاه إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ارْفَعْ متاعك فقد كفيت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنه قَالَ ضع متاعك على الطَّرِيق أَو على ظهر الطَّرِيق فَوَضعه فَكَانَ كلّ من مر بِهِ قَالَ مَا شَأْنك قَالَ جاري يُؤْذينِي قَالَ فيدعو عَلَيْهِ فجَاء جَاره فَقَالَ رد متاعك فَإِنِّي لا أوذيك أبدًا

(2)

.

(1)

أخرجه أحمد 4/ 151 (17372)، وابن أبي عاصم في الأوائل (45)، والطبرانى في الكبير 17/ 303 (836) و 17/ 309 (852). قال الهيثمي في المجمع 8/ 170: رواه أحمد والطبراني بنحوه، وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح، غير أبي عشانة، وهو ثقة. وقال في 10/ 349: رواه أحمد بإسناد حسن. وحسنه الألباني في المشكاة (5000)، وصحيح الترغيب (2557).

(2)

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (125)، والبزار (4235)، والطبراني في الكبير (22/ 134 رقم 356) ومكارم الأخلاق (236)، والحاكم (4/ 166)، والبيهقى في =

ص: 587

قوله: وعن أبي جحيفة رضي الله عنه: اسمه: وهب بن عبد اللّه السواءي، هذا هو المشهور، وقيل: وهب بن جابر، وقيل: وهب بن وهب بن وهب، والسواءي بضم السين المهملة وبالمد نسبة إلى سواءة بن عامر بن صعصعة، مات في خلافة بشر بن مروان بالكوفة قيل: في سنة أربع وسبعين قاله ابن العماد في شرحه.

قوله: جاء رجل إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال: "اطرح متاعك على طريق فطرحه فجعل الناس يمرون عليه ويلعنونه" الحديثن الطرح: عبارة عن النبذ والنبذ الرمي.

قوله: فجاء (الذي شكاه) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارفع متاعك فقد كفيت" الحديث، الرفع هو الشيل والمتاع معروف.

وقوله: "كفيت" معناه فقد كفيت شر ما يؤذيك.

3868 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يشكو جَاره فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فاصبر فَأَتَاهُ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَقَالَ اذْهَبْ فاطرح متاعك فِي الطَّرِيق فَفعل فَجعل النَّاس يَمرونَ ويسألونه فيخبرهم خبر جَاره فَجعلُوا

= الشعب (12/ 96 - 97 رقم 9101) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 170: رواه الطبراني والبزار بنحوه إلا أنه قال: "ضع متاعك على الطريق، أي على ظهر الطريق". فوضعه، فكان كلّ من مر قال: ما شأنك؟ قال: جاري يؤذيني. فيدعو عليه، فجاء جاره فقال: رد متاعك، فلا أؤذيك أبدًا. وفيه أبو عمر المنبهي تفرد عنه شريك، وبقية رجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2558).

ص: 588

يلعنونه فعل اللّه بِهِ وَفعل وَبَعْضهمْ يَدْعُو عَلَيْهِ فجَاء إِلَيْهِ جَاره فَقَالَ ارْجع فَإنَّك لن ترى مني شيْئا تكرههُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم

(1)

.

3869 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول اللّه إِن فُلَانَة تكْثر من صلَاتهَا وصدقتها وصيامها غير أَنَّهَا تؤذي جِيرَانهَا بلسانها قَالَ هِيَ فِي النَّار قَالَ يَا رَسُول اللّه فَإِن فُلَانَة يذكر من قلَّة صيامها وصلاتها وَأنَّهَا تَتَصَدَّق بالأثوار من الأقط وَلَا تؤذي جِيرَانهَا قَالَ هِيَ فِي الْجنَّة رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح أَيْضًا وَلَفظه وَهُوَ لفظ بَعضهم قَالُوا يَا رَسُول اللّه فُلَانَة تَصُوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل وتؤذي جِيرَانهَا قَالَ هِيَ فِي النَّار.

قَالُوا يَا رَسُول اللّه فُلَانَة تصلي المكتوبات وَتصدق بالأثوار من الأقط وَلَا تؤذي جِيرَانهَا. قَالَ هِيَ فِي الْجنَّة الأثوار بِالْمُثَلثَةِ جمع ثَوْر وَهِي قِطْعَة من

(1)

أخرجه أبو سعيد الأشج في حديثه (67)، البخاري في الأدب المفرد (124)، وأبو داود (5153)، والبزار (8344)، وأبو يعلى (6630)، وابن حبان (520)، والطبرانى في مكارم الأخلاق (237) والحاكم في المستدرك 4/ 165 - 166، والبيهقى في الشعب (12/ 94 - 95 رقم 9100).

قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد وقد روى في هذا الكلام ونحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة بهذا الإسناد، ورواه أبو جحيفة وهب بن عبد اللّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه أيضًا يوسف بن عبد اللّه بن سلام عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وصححه الحاكم. وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (2559).

ص: 589

الأقط والأقط بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْقَاف وَبِضَمِّهَا أَيْضًا وبكسر الْهمزَة وَالْقَاف مَعًا وبفتحهما هُوَ شَئ يتَّخذ من مخيض اللَّبن الغنمي

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله في الحديث: فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تتصدق بالأثوار من الأقط، الحديث، الأثوار بالمثلثة جمع ثور وهي القطعة من الأقط

(2)

، والأقط بفتح الهمزة وكسر القاف وبضمها أيضًا وبكسر الهمزة والقاف معا وبفتحهما هو شيء يتخذ من مخيض اللبن قاله المنذري، وقال بعضهم هو جبن اللبن المستخرج زبده

(3)

، وقال بعضهم أيضًا: الأقط هو لبن جامد مستحجر

(4)

، أ. هـ.

3870 -

وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جدّه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ من أغلق بَابه دون جَاره مَخَافَة على أَهله وَمَاله فَلَيْسَ ذَلِك بِمُؤْمِن وَلَيْسَ بِمُؤْمِن من لم يَأْمَن جَاره بوائقه أتدْرِي مَا حق الْجَار إِذا استعانك أعنته وَإِذا

(1)

أخرجه ابن وهب في الجامع (315)، وإسحاق (293) و (294)، وأحمد 2/ 440 (9675)، البخاري في الأدب المفرد (119)، والبزار (9713)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (385) و (616)، وابن حبان (5764)، والحاكم 4/ 166، والبيهقي في الشعب (12/ 94 - 95 رقم 9098 و 9099). قال الهيثمي في المجمع 8/ 169: رواه أحمد والبزار، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (190)، وصحيح الترغيب (2560).

(2)

شرح النووي على مسلم (4/ 44).

(3)

مشارق الأنوار (1/ 48).

(4)

النهاية (1/ 57).

ص: 590

استقرضك أَقْرَضته وَإِذا افْتقر عدت عَلَيْهِ وَإِذا مرض عدته وَإِذا أَصَابَهُ خير هنأته وَإِذا أَصَابَته مُصِيتة عزيته وَإِذا مَاتَ اتبعت جنَازَته وَلَا تستطيل عَلَيْهِ بالبنيان فتحجب عَنهُ الرّيح إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تؤذه بِقُتَارِ ريح قدرك إِلَّا أَن تغرف لَهُ مِنْهَا وَإِن اشْتريت فَاكهَة فأهد لَهُ فَإِن لم تفعل فَأدْخلهَا سرا وَلَا يخرج بهَا ولدك ليغيظ بهَا وَلَده رَوَاهُ الخرائطي من مَكَارِم الأخْلَاق قَالَ الْحَافِظ وَلَعَلَّ قَوْله أَتَدْرِي مَا حق الْجَار إِلَى آخِره فِي كَلَام الرَّاوِي غير مَرْفُوع لَكِن قد روى الطَّبَرَانِيّ عَن مُعَاوِيَة بن حيدة قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه مَا حق الْجَار عَليّ قَالَ إِن مرض عدته وَإِن مَاتَ شيعته وَإِن استقرضك أَقْرَضته وَإِن أعوز سترته فَذكر الحَدِيث بِنَحْوِهِ

(1)

.

قوله: وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، هو: أبو إبراهيم عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن العاصي القرشي السهمي المدني، ويقال المكي، ويقال الطائفي، سمع أباه ومعظم رواياته عنه وسعيد بن المسيب وطاوسا وعروة ومجاهد وسليمان بن يسار وغيرهم روي عنه

(1)

أما حديث عبد اللّه بن عمرو: أخرجه الخرائطى في مكارم الأخلاق (247)، والطبراني في مسند الشاميين (2430)، وابن عدى في الكامل (6/ 292)، والبيهقى في الشعب (12/ 504 - 101 رقم 9113). وضعفه الألباني في الضعيفة (5391) وضعيف الترغيب (1522). وأما حديث معاوية بن حيدة: أخرجه الطبرانى في الكبير (19/ 419). (1014) وابن مردويه في جزء ما انتقى على الطبراني (155)، والبيهقى في الشعب (12/ 106 رقم 9114).

وقال الهيثمي في المجمع 8/ 165: رواه الطبراني، وفيه أبو بكر الهذلي، وهو ضعيف.

وقال الحافظ الذهبي في حقوق الجار (1/ 15 - 2). مسند واه. وضعفه الألباني في الضعيفة (2587) وضعيف الترغيب (1523).

ص: 591

عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار والزهري ويحيى الأنصاري وثابت البناني وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم، وكل هؤلاء المذكورين تابعيون وهذا مما استدلوا به على جلالته فإنه ليس بتابعي بل من تابع التابعين وروي عنه نيف وعشرون من التابعين، قال الأوزاعي: ما رأيتُ قرشيا أكمل من عمرو بن شعيب، وقال البخاري: رأيتُ أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه

(1)

، أ. هـ.

قوله: "ولا تؤذه بقتار ريح قدرك إلا أن تغرف له منها" القتار بضم القاف وفتح التاء المثناة فوق ريح القدر والشواء ونحوهما، وعن أبي ذر قال:"إن خليلي أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءها ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف" أخرجه مسلم، ففيه الحث على إكرام الجار وتفقده ولا شك في عظم حقه وذكر المرق على سبيل التمثيل، وإلا فغير المرق كذلك ينبغي أن يوسعه ويرسل منه إليهم وإنما خص المرق لغلبته في أطبخة العرب وبه يظهر الإكرام والكرم فلا يتركه وإن قل، قال في المفهم

(2)

: وهذا الْأَمر على جهة الندب والحض على مكارم الأخلاق وإرشاد إلى محاسنها لما يترتب عليه من المحبة وحسن العشرة والألفة، ولما يحصل من المنفعة ودفع الحاجة والمفسدة فقد يتأذى بقتار قدره جارُه وعيالُه وصغار ولده ولا يقدر على ذلك فيهيج من ضعفائهم الشهوة ويعظم على القائم عليهم الألم والكلفة، وربما يكون يتيما أو أرملة ضعيفة فتعظم عليهم المشقة ويشتد عليهم الألم والحسرة،

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 28 - 29).

(2)

المفهم (21/ 138).

ص: 592

وكل ذلك يندفع بتشريكهم في شيء من الطبيخ يدفع إليهم فلا أقبح من مثع النذر اليسير الذي يترتب عليه هذا الخطر الكبير.

وقوله: "فأكثر ماءه" فيه تنبيه لطيف على تيسير الْأَمر على البخيل إذ الزيادة المأمور بها إنما هي فيما ليس له ثمن وهو الماء، ولذلك لم يقل إذا طبخت مرقا فأكثر لحمه أو طبيخه إذ لا يسهل ذلك على أحد.

وقوله: "فأصبهم منها بمعروف" الحديث، أي بشيء يهدي مثله عرفا تحرزا من القليل المحتقر وإنت كان مما لا يهدي فهو لا يقع ذلك الموقع فلو لم يتيسر إلا القليل المحتقر فليهده ولا يحتقره كما جاء في حديث آخر:"لا تحقرن من المعروف شيئًا" أ. هـ.

قوله: رواه الخرائطي، الخرائطي اسمه [محمد بن جعفر بن محمد بن سهل بن شاكر أبو بكر الخرائطي السامري الحافظ صاحب التصانيف].

قوله: لكن قد روى الطبراني عن معاوية بن حيدة [- بفتح الحاء المهملة وإسكان المثناة تحت - ابن معاوية بن قيس بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة القشيرى البصرى الصحابى: وهو جد بهز بن حكيم بن معاوية الراوى عن أبيه، عن جدّه، مذكور في المهذب في الزكاة، وغزا خراسان ومات بها، سئل يحيى بن مَعين، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، فقال: إسناد صحيح إذا كان من دونهم ثقة.].

قوله: "وإن أعوز سترته" الذي يظهر واللّه أعلم أي بدت منه عورة وهي ما يستحي منه ستره أي ستر عليه.

ص: 593

3871 -

وروى أَبُو الشَّيْخ ابْن حيّان فِي كتاب التوبيخ عَن معَاذ بن جبل قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول اللّه مَا حق الْجوَار قَالَ إِن استقرضك أَقْرَضته وَإِن استعانك أعنته وَإِن احْتَاجَ أَعْطيته وَإِن مرض عدته فَذكر الحَدِيث بِنَحْوِهِ وَزَاد فِي آخِره هَل تفقهون مَا أَقُول لكم لن يُؤَدِّي حق الْجَار إِلَّا قَلِيل مِمَّن رحم اللّه أَو كلمة نَحْوهَا

(1)

.

3872 -

وروى أَبُو الْقَاسِم الأصْبَهَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم جَاره قَالُوا يَا رَسُول اللّه وَمَا حق الْجَار على الْجَار قَالَ إِن سَأَلَك فأعطه فَذكر الحَدِيث بِنَحْوِهِ وَلم يذكر فِيهِ الْفَاكهَة وَلَا يخفى أَن كثْرَة هَذِه الطّرق تكسبه قُوَّة وَاللّه أعلم

(2)

.

3873 -

وَعَن فضَالة بن عبيد رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم ثَلَاثة من الفواقر إِمَام إِن أَحْسَنت لم يشْكر وَإِن أَسَأْت لم يغْفر وجار سوء إِن رأى خيرا دَفنه وَإِن رأى شرا أذاعه وَامْرَأَة إِن حضرت آذتك وَإِن غبت عَنْهَا خانتك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد لا بَأْس بِهِ

(3)

.

(1)

أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ والتنبيه (ص 26)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (417). وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1524): ضعيف جدًّا.

(2)

أخرجه الأصبهانى في الترغيب والترهيب (863). قال الذهبي في حق الجار (ص 38): إسماعيل واه وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1525).

(3)

أخرجه وكيع في الزهد (457)، وعنه هناد (2/ 645) ومن طريقه الخلال في السنة (31)، والطبراني في الكبير 18/ 318 (824)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 253) و (2/ 92)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 291). وقال الهيثمي في المجمع =

ص: 594

قوله: وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه هو فضالة بن عبيد بن ناقد بن قيس، كنيته: أبو محمد الأنصاري من الطبقة الثانية من الأنصار من الأوس، وأم فضالة: عفرة بنت محمد بن عقبة، وفضالة هو الذي بشر الأنصار بقدوم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان ابن ست سنين وكان فضالة شاعرا وهو أحد الذين بايعوا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة وشهد أحدًا والخندق والمشاهد مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثم نزل الشام وكان له شرف، وولاه عمر بن الخطاب وولاه معاوية قضاء دمشق، استخلف فضالة عليها في صفين وغيره واستعمله على الطوائف غير مرة، وقال الليث بن سعد: وفي سنة إحدى وخمسين [مات] فضالة بأرض الروم، وقال ابن سعد عن الواقدي: كان فضالة قاضيا بالشام ونزل دمشق وبني بها دارا وحكي ابن عساكر عن ابن مَعين قال: مات فضالة في دمشق سنة ثلاث وخمسين، وقال ابن يونس: شهد فضالة فتح مصر وولي البحر بها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة من الفواقر إمام إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر" الحديث، أي من الدواهي، واحدتها فاقرة كأنها تحكم فقار الظهر كما يقال قاصمة الظهر أ. هـ قاله في النهاية

(1)

.

قوله: في الحديث: "وجار سوء إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شرًّا أذاعه" الحديث، الدفن: التغطية، والإذاعة بالذال المعجمة، قال اللّه تعالى: {وَإِذَا

= 8/ 168: رواه الطبراني، وفيه محمد بن عصام بن يزيد، ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله وثقوا. وضعفه الألباني في الضعيفة (3087) وضعيف الترغيب (1526).

(1)

النهاية (3/ 463).

ص: 595

{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}

(1)

الآية، فالإذاعة هي الإشاعة.

قوله: "وامرأة إن حضرت آذتك" أي: بلسانها "وإن غبت عنها خانتك" أي: في فرجها.

3874 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: مَا آمن بِي من بَات شبعانا وجاره جَائِع إِلَى جنبه وَهُوَ يعلم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار وَإِسْنَاده حسن

(2)

.

قوله: وعن أنس، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم" الحديث، الإيمان في اللغة هو التصديق بالقلب وتقدم.

3875 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْمُؤمن الَّذِي يشْبع وجاره جَائِع رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو يعلى وَرُوَاته ثِقَات وَرَوَاهُ الْحَاكم من حَدِيث عَائِشَة وَلَفظه لَيْسَ الْمُؤمن الَّذِي يبيت شبعانًا وجاره جَائِع إِلَى جنبه

(3)

.

(1)

سورة النساء، الآية:83.

(2)

أخرجه البزار (7429)، والطبراني في الكبير (1/ 259 رقم 751). قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا حسين بن علي، ولا نعلمه يروى عن أنس من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه. وقال الهيثمي في المجمع (8/ 167): رواه الطبراني والبزار، وإسناد البزار حسن. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2561).

(3)

أخرجه هناد في الزهد (2/ 507)، وعبد بن حميد (694)، والبخارى في الأدب المفرد (112)، وابن أبي الدنيا في المكارم (347)، والمروزى في تعظيم قدر الصلاة (629)، وأبو =

ص: 596

3876 -

وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول اللّه اكسني فَأَعْرض عَنهُ، فَقَالَ: يَا رَسُول اللّه اكسني، فَقَالَ: أما لَك جَار لَهُ فضل ثَوْبَيْنِ قَالَ: بلَى غير وَاحِد قَالَ: فَلَا يجمع اللّه بَيْنك وَبَينه فِي الْجنَّة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط

(1)

.

3877 -

وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: كم من جَار مُتَعَلق بجاره يَقُول: يَا رب سل هَذَا لم أغلق عني بَابه وَمَنَعَنِي فَضله رَوَاهُ الأصْبَهَانِيّ

(2)

.

3878 -

وَعَن أبي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ رضي الله عنه أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: من كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فليحسن إِلَى جَاره وَمن كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه وَمن كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرًا أَو لِيَسْكُت رَوَاهُ مُسلم

(3)

.

= يعلى (2699)، والطبراني في الكبير (12/ 154 رقم 12741). قال الهيثمي في المجمع 8/ 167: رواه الطبراني وأبو يعلى، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (149) وصحيح الترغيب (2562). وأخرجه الحاكم (2/ 12) عن عائشة. وقال الذهبي: فيه عبد العزيز بن يحيى وليس بثقة. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2563).

(1)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (7/ 170 رقم 7185). وقال الطبرانى: لم يرو هذا الحديث عن ثابت البناني إلا المنذر بن زياد، ولا يروى عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 168: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه المنذر بن زياد الطائي، وهو متروك. وضعفه الألباني جدًّا في ضعيف الترغيب (1527).

(2)

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (111)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (346)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (875)، والصريفينى في المنتخب من السياق (ص 34). وحسنه الألباني في الصحيحة (2646) وصحيح الترغيب (2564).

(3)

أخرجه مسلم (77 - 47).

ص: 597

3879 -

وَعَن عبد اللّه بن عَمْرو رضي الله عنهما أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، قَالَ: من كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل: خيرًا أَو ليصمت وَمن كَانَ يُؤمن بِاللّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيَحْفَظْ جَاره رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن

(1)

.

قوله: وعن عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" الحديث، قال أهل اللغة: يقال صمت يصمت بضم الميم سمتا وصموتا وصماتا أي سكت تقدم هذا الحديث.

3880 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من يَأْخُذ عني هَذِه الْكَلِمَات فَيعْمل بِهن أَو يعلم من يعْمل بِهن فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة قلت أَنا يَا رَسُول اللّه فَأخذ بيَدي فعد خمْسا فَقَالَ اتَّقِ الْمَحَارِم تكن أعبد النَّاس وَارْضَ بمَا قسم اللّه لَك تكن أدنى النَّاس وَأحسن إِلَى جَارك تكن مُؤمنا وَأحب للَنَّاس مَا تحب لنَفسك تكن مُسلما وَلَا تكْثر الضحك فَإِن كثْرَة الضحك تميت الْقلب رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره من رِوَايَة الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ الْحسن لم يسمع من أبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ بِنَحْوِهِ فِي كتاب الزّهْد عَن مَكْحُول عَن وَاثِلَة عَنهُ وَقد سمع مَكْحُول من وَاثِلَة قَالَه التِّرْمِذِيّ وَغَيره لَكِن بَقِيَّة أَمْضَاهُ وَفِيه ضعف

(2)

.

(1)

أخرجه أحمد 2/ 174 (6621)، أبو إسحاق الحربي في إكرام الضيف (34)، والطبرانى في الكبير (14/ 73 رقم 14675). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 167 و 8/ 177: رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2566).

(2)

أخرجه هناد في الزهد (1031) و (1148)، والبخاري في الأدب المفرد (252)، وابن =

ص: 598

3881 -

وَعَن عبد اللّه بن عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم خير الْأَصْحَاب عِنْد اللّه خَيرهمْ لصَاحبه وَخير الْجِيرَان عِنْد اللّه خَيرهمْ لجاره رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا وَالْحَاكم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم

(1)

.

قوله: وعن عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "خير الأصحاب عند اللّه خيرهم لصاحبه"[الأصحاب عند اللّه خيرهم لصاحبه]، الأصحاب بمعنى الصحبة [الصاحب يقع على الأدنى والأعلى والمساوي في صحبة دين أو دنيا سفرا أو حضرا فخيرهم عند اللّه منزلة وثوابا فيما اصطحبا أكثرهما نفعا لصاحبه وإن كان الآخر قد يفضله في خصائص آخر (وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره) فكل من كان أكثر خيرا لصاحبه أو جاره فهو الأفضل عند اللّه تعالى وفي إفهامه أن شرهم عند اللّه شرهم لصاحبه أو جاره وبه صرح في عدة أخبار قال الحرالي: ويبنى على ذلك أنه ينبغي أن يخدم من يصحبه ومن شيخ عليه تلمذة له فإن كان ذلك

= ماجة (4217)، والترمذى (2305)، وأبو يعلى (5865) و (6240)، والبيهقى في الزهد (822). وحسنه الألباني في الصحيحة (930) وصحيح الترغيب (2567). وصححه في الصحيحة من طريق واثلة (927) وصحيح الترغيب (1741).

(1)

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (115)، والترمذى (1944)، وابن خزيمة (2539)، وابن حبان (518 و 519) والحاكم في المستدرك 1/ 443 و 2/ 151 و 4/ 164. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب وأبو عبد الرحمن الحبلي اسمه عبد اللّه بن يزيد.

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (103) وصحيح الترغيب (2568) و (3015).

ص: 599

بحق لم يخطئ وإن كان بهرجا تزيف في أيسر مدّة فإن المزخرف من القول والفعل في أيسر زمان يتبهرج].

3882 -

وَعَن مطرف يَعْنِي ابْن عبد اللّه قَالَ كَانَ يبلغنِي عَن أبي ذَر حَدِيث وَكنت أشتهي لقاءه فَلَقِيته فَقلت يَا أَبَا ذَر كَانَ يبلغنِي عَنْك حَدِيث وَكنت أشتهي لقاءك قَالَ للّه أَبوك قد لقيتني فهات قلت حَدِيث بَلغنِي أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم حَدثَك قَالَ إِن اللّه عز وجل يحب ثَلَاثَة وَيبغض ثَلَاثَة قَالَ فَمَا إخالني أكذب على رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ فَقلت فَمن هَؤُلاءِ الثَلَاثَة الَّذين يُحِبهُمْ اللّه عز وجل قَالَ رجل غزا فِي سَبِيل اللّه صَابِرًا محتسبا فقاتل حَتَّى قتل وَأَنْتُم تجدونه عنْدكُمْ فِي كتاب اللّه عز وجل ثمَّ تَلا {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] قلت وَمن قَالَ رجل كَانَ لَهُ جَار سوء يُؤْذِيه فيصبر على أَذَاهُ حَتَّى يَكْفِيهِ اللّه إِيَّاه بحياة أَو موت فَذكر الحَدِيت رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَأحد إسنادي أَحْمد رجالهما مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَغَيره بِنَحْوِهِ وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم

(1)

.

(1)

أخرجه ابن المبارك في الجهاد (47)، والطيالسى (470) ومن طريقه ابن أبي عاصم في الجهاد (128) والبيهقى في الكبرى (9/ 269 - 270 رقم 18501)، وعبد الرزاق (20282)، وابن أبي شيبة في المُصَنف 4/ 203 (19318) و 7/ 204 (19355)، وأحمد 5/ 151 (21340) و 5/ 176 (21530)، وأحمد بن منيع كما في إتحاف الخيرة (5/ 130 رقم 4380/ 2)، وابن أبي عاصم في الجهاد (127)، والبزار (3908)، والمروزى في مختصر قيام الليل (ص 193)، والطحاوى في مشكل الآثار (2782 و 2783)، والخرائطى في المساوئ (121)، والطبراني في الكبير (2/ 152 رقم =

ص: 600

قوله: وعن مطرف يعني ابن عبد اللّه، هو [أبو عبد اللّه مطرف بن عبد اللّه بن الشخير، العامري، البصري، وقد تقدم تمام نسبه عند ذكر أبيه في حرف العين، روى عن أبي ذر، وعثمان بن أبي العاص، روى عنه أخوه يزيد، وعلي بن زيد، وقتادة، مات بعد سنة سبع وثمانين، مطرف: بضم الميم، وفتح الطاء المهملة، وتشديد الراء المكسورة، وبالفاء، والشخير: بكسر الشين المعجمة، وكسر الخاء المعجمة المشددة].

قوله: كان يبلغني عن أبي ذر حديث وكنت أشتهي لقاءه فلقيته فقلت يا أبا ذر كان يبلغني عنك حديث وكنت أشتهي لقاءك، وفي حديث آخر على الخبير بها سقطت يعني على العارف به وقعت وهو مثل سائر للعرب.

فقوله: للّه أبوك قد لقيتني فهات، الحديث، هذه كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها فإن الإضافة إلى الشيء العظيم الشريف تكتسي عظما وشرفا ولهذا يقال بيت اللّه وناقة اللّه ونحوها تشريفا لها، قال صاحب التحرير: فإذا وجد من الولد ما يحسن موقعه ويحمد قيل للّه أبوك في معرض المدح والتعجب أي أبوك للّه خالصاتهما أنجب بك وأتى بمثلك أي كان شريفا نجيبا.

= 1637)، وابن منده في التوحيد (684)، والحاكم (2/ 88 - 89)، والبيهقى في الشعب (12/ 98 - 97 رقم 9152)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (541).

قال البزار: وهذا الكلام قد روي بعضه، عن أبي ذر من غير وجه ولا نعلمه يروى عنه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ولا روى مطرف عن أبي ذر إلا هذا الحديث. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 170 - 171: رواه أحمد والطبراني، واللفظ له، وإسناد الطبراني وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2569).

ص: 601

قوله: فما إخالني أكذب على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، الحديث، إخالني معناها.

3883 -

وَعَن ابْن عمر وَعَائِشَة رضي الله عنهم قَالا قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ جِبْرِيل عليه السلام يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَة من حَدِيث عَائِشَة وَحدهَا وَابْن مَاجَة أَيْضًا وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة

(1)

.

قوله: وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، تقدم الكلام عليهما.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" الحديث، جبريل هو رسول رب العالمين، تقدم الكلام عليه في الجمعة وغيرها قال القرطبي في جمع الأحاديث: الوصية بالجار وبيان عظيم حقه وفضائله الإحسان إليه، قال: فلما أكد جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم حق الجوار وكثر عليه من ذلك [

]

(2)

النبي صلى الله عليه وسلم أن اللّه سيكم بالميراث [

]

(3)

الجارين، هذا يدلّ على أن المراد بهذا الجار جار الدار لا جار العهد لأن الجار بالعهد قد كان في أول الإسلام يرث ثم نسخ ذلك أ. هـ.

تنبيه: قال العُلماء: والجيران ثلاثة كافر فله حق واحد بالجوار ومسلم أجنبي فله حقان بالجوار والإسلام ومسلم قريب فله ثلاثة حقوق بالجوار

(1)

أخرجه البخاري (6015)، ومسلم (141 - 2625) عن ابن عمر. وأخرجه البخاري (6014) ومسلم (140 - 2624) وابن ماجة (3673)، وأبو داود (5151)، والترمذى (1942) عن عائشة. وأخرجه ابن ماجة (3674) وابن حبان (512) و (5854) عن أبي هريرة. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب"(2571)، "آداب الزفاف"(102 - 108).

(2)

بياض بالأصل.

(3)

بياض بالأصل.

ص: 602

والإسلام والقرابة، أ. هـ، وقد ورد ذلك في حديث في مسند البزار من حديث جابر مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم:"الجيران ثلاثة جار له حق واحد وهو أدنى الجيران حقا وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق وهو أفضل الجيران، فأما الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له له حق الجوار، وأما الذي له حقان فجار مسلم له حق الجوار وحق الإسلام، وأما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الجوار وحق الإسلام وحق الرحم" وقد روي هذا الحديث من وجوه آخر متصلة ومرسلة، ذكره ابن رجب الحنبلي.

3884 -

وَعَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ خرجت مَعَ أَهلِي أُرِيد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَإِذا بِهِ قَائِم وَإِذا رجل مقبل عَلَيْهِ فَظَنَنْت أَن لَهُ حَاجَة فَجَلَست فوَاللّه لقد قَامَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم حَتَّى جعلت أرثي لَهُ من طول الْقيام ثمَّ انْصَرف فَقُمْت إِلَيْهِ فَقلت يَا رَسُول اللّه لقد قَامَ بك هَذَا الرجل حَتَّى جعلت أرثي لَك من طول الْقيام قَالَ أَتَدْرِي من هَذَا قلت لَا قَالَ جِبْرِيل صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنَّه سيورثه أما إِنَّك لَو سلمت عَلَيْهِ لرد عَلَيْك السَّلَام رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح

(1)

.

قوله: وعن رجل من الأنصار، الأنصار: هم الذين نصروا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة وتقدم الكلام عليهم.

قوله: خرجت مع أهلي أريد النبي صلى الله عليه وسلم وإذا به قائم وإذا رجل مقبل عليه فظننت أن له حاجة فجلست فواللّه لقد قام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى جعلت أرثي

(1)

أخرجه أحمد 5/ 32 (2035) و 5/ 365 (23093). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 164: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2572).

ص: 603

له من طول القيام، أي: توجعا وإشفاقا، من رثى إذا رق وتوجع.

3885 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَهُوَ على نَاقَته الجدعاء فِي حجَّة الْوَدَاع يَقُول أوصيكم بالجار حَتى أَكثر فَقلت إِنَّه يورثه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد

(1)

.

قوله: وعن أبي أمامة رضي الله عنه تقدم.

قوله: سمعتُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته الجدعاء، الحديث، الجدعاء تأنيث الأجدع وهو المقطوع الأنف أو الأذن أو الشفة أو اليد والمراد به في الحديث قطع طرف أذنها، قاله شارح الأربعين الودعانية.

3886 -

وَعَن مُجَاهِد أَن عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما ذَبحت لَهُ شَاة فِي أَهله فَلَمَّا جَاءَ قَالَ أهديتم لجارنا الْيَهُودِيّ أهديتم لجارنا الْيَهُودِيّ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب قَالَ الْحَافِظ وَقد رُوِيَ هَذَا الْمَتْن من طرق كثِيرَة وَعَن جمَاعَة من الصَّحَابَة رضي الله عنهم

(2)

.

(1)

أخرجه أحمد 5/ 267 (22298)، والخرائطى في المكارم (225)، والأصم في مجموعه (164)، والطبرانى في الكبير (8/ 111 رقم 7523) والشاميين (823) والمكارم (209) وابن منده في الفوائد (50)، وابن عساكر في المعجم (1533). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 165: رواه الطبراني، وإسناده جيد. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2573).

(2)

أخرجه أحمد 2/ 160 (6496)، والبخاري في الأدب المفرد (105) و (128)، وأبو داود (5152)، والترمذى (1943)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (321)، والبزار (2388). وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2574)، الإرواء (891).

ص: 604

3887 -

وَعَن نَافِع بن الْحَارِث رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من سَعَادَة الْمَرْء الْجَار الصَّالح والمركب الهنيء والمسكن الْوَاسِع رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح

(1)

.

قوله: وعن نافع بن الحارث رضي الله عنه هو: نافع بن الحارث بن [

]

(2)

.

قوله: "من سعادة المرء الجار الصالح" تقدم، وكذلك حديث سعد بن أبي وقَّاص في أوائل النكاح ثم قرأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}

(3)

الحديث، وقد قيل في تأويل قوله تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} الآية، أنه يدخل فيها دفعه عن العصاة بأهل الطاعة وجاء في الأثر:"إن اللّه يدفع بالرجل الصالح عن أهله وولده وذريته ومن حوله" وفي بعض الآثار يقول اللّه عز وجل: "أحب العباد إليّ المتحابون بجلالي المشاءون في الأرض بالنصيحة المشاءون على أقادمهم إلى الجمعات" وفي رواية "المتعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرون بالأسحار، فإذا

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (741)، وأحمد 3/ 407 (15372) و 3/ 408 (15372)، والمروزى في البر (240 و 241)، وعبد بن حميد (385)، والبخاري في الأدب المفرد (116) و (457)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2336)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2772) و (2773)، والحاكم (4/ 166 - 167).

وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 163: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2575).

(2)

بياض بالأصل.

(3)

سورة البقرة، الآية:251.

ص: 605

أردت إنزال عذاب بأهل الأرض فنظرت إليهم صرفت العذاب عن الناس" والآثار في هذا المعنى كثيرة جدًّا، قاله ابن رجب الحنبلي.

3888 -

وَعَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَربع من السَّعَادَة الْمَرْأَة الصَّالِحَة والمسكن الْوَاسِع وَالْجَار الصَّالح والمركب الهنيء وَأَرْبع من الشَّقَاء الْجَار السوء وَالْمَرْأَة السوء والمركب السوء والمسكن الضّيق رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

(1)

.

3889 -

وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِن اللّه عز وجل ليدفع بِالْمُسلمِ الصَّالح عَن مائَة أهل بَيت من جِيرَانه الْبلاء ثمَّ قَرَأَ {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}

(2)

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط

(3)

.

(1)

أخرجه ابن حبان (4032) ومن طريقه الضياء في المختارة 3/ 240 - 241 (1048)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 388 - 389)، والبيهقى في الشعب (12/ 102 رقم 9109 و 9110) والخطيب في التاريخ (12/ 99). وقال الضياء: إسناده صحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (282) وصحيح الترغيب (1914) و (2576).

(2)

سورة البقرة، الآية:251.

(3)

أخرجه الطبري في تفسيره (4/ 516)، والعقيلى في الضعفاء (4/ 403)، والطبراني في الأوسط (4/ 239 رقم 4080) والكبير (13/ 215 رقم 13940)، وابن عدي في الكامل (2/ 382 - 383)، والبغوي في تفسيره (1/ 265). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سوقة إلا حفص بن سليمان، ولا عن حفص إلا يحيي، تفرد به: أبو حميد الحمصي. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 163 - 164: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه يحيى بن سعيد العطار؛ وهو ضعيف. وضعفه جدًّا الألباني في الضعيفة (815) وضعيف الترغيب (1528).

ص: 606