الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلك والترغيب في تركه والتوبة منه]
3546 -
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَزَاد مُسلم وَفِي رِوَايَة وَأَبُو دَاوُد بعد قَوْله وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن وَلَكِن التَّوْبَة معروضة بعد
(1)
.
3547 -
وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر وَهُوَ مُؤمن وَذكر رَابِعَة فنسيتها فَإذا فعل ذَلِك فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ
(2)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن" هذا الحديث
(1)
أخرجه البخاري (2475) و (5578) و (6772) و (6810)، ومسلم (100 و 101 و 102 و 103 و 104 و 105 - 57)، وأبو داود (4689)، والترمذي (2625)، وابن ماجه (3936)، والنسائي في المجتبى 7/ 447 (4914) و 7/ 448 (4915) و 8/ 458 (5705) و 8/ 459 (5706) والكبرى (5149) و (5150) و (7088 - 709) و (7315 و 7316).
(2)
أخرجه النسائي في المجتبى 7/ 449 (4916) والكبرى (7316). وقال الألباني: منكر الصحيحة تحت الحديث (3000) وضعيف الترغيب (1404).
مما اختلف العلماء في معناه فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشي ويراد به نفي كماله ومختاره كما يقال: لا علم إلا ما نفع ولا مال إلا الإبل ولا عيش إلا عيش الآخرة وإنما تأولناه على ما ذكرناه لما في حديث أبي ذر وغيره "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق" وحديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم بايعوه صلى الله عليه وسلم على أنهم لا يسرقوا ولا يزنوا ولا يعصوا إلا آخره ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن وفى منكم فأجره على الله تعالى ومن فعل شيئا من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارته ومن فعل ولم يعاقب فهو إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه" فهذا الحديثان مع نظائرهما في الصحيح مع قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}
(1)
الآية مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أهل الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك بل هم مؤمنون ناقصوا الإيمان إن تابوا سقطت عقوبتهم وإن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة فإن شاء عفا عنهم وأدخلهم الجنة أو لا وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة وكل هذه الدلائل تضطر إلى تأويل هذا الحديث وشبهه وتأول بعض العلماء هذا الحديث على من فعل ذلك مستحلا مع علمه بورود الشرع بتحريمه وقال الحسن وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري معناه ينزع منه اسم المدح الذي يسمى به أولياء الله المؤمنين ويستحق اسم الذم فيقال سارق وزان وفاجر وفاسق، وحكي عن ابن عباس أن معناه ينزع منه نور الإيمان
(1)
سورة النساء، الآية:48.
وفيه حديث مرفوع، أ. هـ قاله النووي في شرح مسلم
(1)
.
وقال ابن قيم الجوزية
(2)
: وليس المراد تقييد نفي الإيمان المطلق عنه حالة مباشرة تلك الأفعال فقط بحيث إذا كملت مباشرته وانقطع فعله عاد إليه الإيمان بل هذا النفي مستمرا إلى حين التوبة وإلا فما دام مصرا وإن لم يباشر الفعل فالنفي لا حق به ولا يزوال عنه اسم الذم والأحكام المترتبة على المباشرة إلا بالتوبة النصوح والله أعلم، أ. هـ.
وقوله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم وأبي داود بعد قوله: "ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن""ولكن التوبة معروضة بعد" أي بعد مواقعته للذنب فلما قطعه عن الإضافة بناه على الضم والمراد بكونها معروضة أن الله تعالى عرضها على العباد فأمرهم بها ووعد بقبولها وقد أجمع العلماء على قبول توبة العبد ما لم يغرغر كما ورد في الحديث الصحيح ولها ثلاثة أركان، الأول: الإقلاع عن المعصية، والثاني: الندم على فعلها، والثالث: العزم على أن لا يعود لها وأهمل أصحابنا أي الشافعية ركنا رابعا وهو النية والإخلاص فيها كغيرها من العبادات، قال أصحابنا وغيرهم: فإن تاب من ذنب ثم عاد إلهي لم تطبل توبته وإن تاب من ذنب وهو متلبس بآخر صحت توبته هذا مذهب أهل الحق وخالفت المعتزلة في المسألتين قاله العراقي في شرح الأحكام
(3)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (2/ 41 - 42).
(2)
الوابل الصيب (ص 30).
(3)
طرح التثريب (7/ 264).
قوله: "فإذا فعل ذلك فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه فإن تاب تاب الله عليه" الربقة واحدة الربق وهي عرى في حبل يشد إليها البهم.
3548 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله الْخمر وشاربها وساقيها ومبتاعها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إِلَيْهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن مَاجَه وَزَاد وآكل ثمنهَا
(1)
.
قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الخمر وشاربها" الحديث، لعنت الخمرة على عشرة أوجه، لعنت الخمرة نفسها وعاصرها ومعتصرها إلى آخره، وفي حديث أنس بعده:"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة عاصرها والمعصورة له وحاملها والمحمولة له والمبيوعة له وساقيها والمسقاة له" حتى عد عشرة من هذا الضرب، أخذ الأئمة من هذه الأحاديث أنه يحرم بيع العنب والرطب لعاصر الخمر وهذا يدل على أن السبب في المعصية حرام وهذا منه وكذلك بيع السلاح من الحربي وأجمعوا على أنه حرام ولا يحرم بيعه من الذمي في دار الإسلام وبيع الحديد من الحربي صحيح فإن غلب على الظن أنه يعملون سلاحا فينبغي أن يكون كبيع العنب من الخمار وبيع السلاح من قاطع
(1)
أخرجه سعيد بن منصور في التفسير (816)، وابن أبي شيبة في المصنف 4/ 413 (21625)، وأحمد 2/ 25 (4787) و 2/ 71 (5390) و (6391) و 2/ 97 (5716)، وأبو داود (3674)، وابن ماجه (3380)، وأبو يعلى (5583) و (5591)، والحاكم (2/ 31 - 32). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2356)، والروض النضير (216)، الإرواء (1529)، والمشكاة (2777).
الطريق والبغاة ونحوهما وإن لم يتحقق منه ذلك فهو مكروه وإن غلب على الظن أنه يعصي به فالأصح حرام والثاني مكروه كراهة تنزيه شديدة، وعلى الوجهين البيع صحيح وهكذا بيع العصير أو العنب ممن يتخذه خمرا أو الزبيب أو التمر أو الرطب ممن يتخذه نبيذا وكذلك بيع الغلمان المرد الحسان ممن عرف باللواط وبيع الخشب لمن يستعمله في الملاهي وبيع الجارية ممن يتخذها للغناء المحرم والعمدة في جميع ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة
(1)
، أ. هـ قاله في الديباجة.
الخمر عند أهل اللغة من مخامرة العقل والمخامرة التغطية ومنه خمار المرأة وهو ما يغطي به رأسها فسميت خمرا لسترها العقل
(2)
وقال ابن الأنباري: سميت خمرا لأنها تخامر العقل أي تخالطه
(3)
وقال ابن الأعرابي
(4)
: سميت خمرا لأنها تركت فاختمرت واختمارها تغير ريحها فالخمر يقع على كل مسكر لما روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام" وصح عن عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس فقال: يأيها الناس إن الله أنزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير
(5)
، وعن النعمان بن
(1)
روضة الطالبين (2/ 418)، والابتهاج شرح المنهاج - رسالة علمية من أول البيوع (ص 183 - 185 ومن ص 459)، ومغنى المحتاج (2/ 392).
(2)
شرح النووي على مسلم (3/ 210)، وعمدة القارى (21/ 163).
(3)
الزاهر (1/ 435).
(4)
الصحاح (2/ 649)، ومجمل اللغة (1/ 302).
(5)
أخرجه البخاري (4619)، ومسلم (33 - 3032) عن ابن عمر عن عمر.
بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الحنطة خمرا ومن الشعير خمرا ومن الزبيب خمرا ومن التمر خمرا ومن العسل خمرا"
(1)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه في هذا الحديث وغيره في صحيح مسلم وغيره تصريح بتحريم جميع الأنبذة المسكرة وأنها كلها تسمى خمرا وسواء في ذلك النضيج وتنبيذ التمر والرطب والبسر والزبيب والشعير والذرة والعسل وغيرها فكلها محرمة وتسمى خمرا هذا مذهبنا وبه قال مالك وأحمد والجماهير من السلف والخلف، وقال قوم من أهل البصرة إنما يحرم عصير العنب ونقيع الزبيب النيئ فأما المطبوخ منهما والنيئ المطبوخ مما سواهما فحلال ما لم يسكر، وقال أبو حنيفة: إنما يحرم عصير تمرات النخيل والأعناب فسلافة العنب يحرم قليلها وكثيرها إلا أن تطبخ حتى ينقص ثلثاها وأما نقيع التمر والزبيب فلا يحل مطبوخها بتفصيل عنه فهو هذا كله ما لم يشرب ويسكر فإن أسكر فهو حرام بإجماع المسلمين
(2)
، أ. هـ قاله في الديباجة، والخمر ما خامر العقل وهي محرمة بالإجماع وقد كانت مباحة في أول الإسلام وكان الخمر مباحا ونزل تحريم الخمر في السنة الثالثة من الهجرة.
(1)
أخرجه أحمد 4/ 267 (18350) و 4/ 273 (18407)، وابن ماجه (3379)، وأبو داود (3776) و (3677)، والترمذي (1872)، والنسائي في الكبرى (6756)، والبزار (3255)، وابن حبان (5398)، والحاكم في المستدرك 4/ 148، وأبو نعيم في الحلية 7/ 327. قال الألباني: صحيح لغيره - المشكاة (3647)، الصحيحة (1593).
(2)
شرح النووي على مسلم (13/ 148)، والعدة شرح العمدة (3/ 1646 - 1647).
فرع: وما سوى عصير العنب [الخمر] هل يسمى خمرا حقيقة ومجازا فيه وجهان الأكثرون كما قال الرافعي لأنها تسمى خمرا مجازا وأن الخمر حقيقة في ماء العنب، أ. هـ.
واختلف العلماء في شرب النبيذ وهو ما سوى عصير العنب من الأنبذة المسكرة وهي من التمر والعسل والحنطة والشعير وسواء في ذلك الفضيخ وهو ما يفضخ أي يدق من البسر ويصب عليه الماء ويتكر حتى يشتد ونبيذ التمر والرطب والزبيب والشعير والذرة والعسل وغيرها فكلها محرمة وتسمى خمرا وبذلك قال الشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء من السلف والخلف وقال قوم من أهل البصرة إنما يحرم عصير العنب ونقيع الزبيب النيء فأما المطبوخ منهما والمطبوخ مما سواهما فحلال ما لم يشرب ويسكر وقال أبو حنيفة إنما يحرم عصير ثمرات النخل والعنب قال فسلافة العنب يحرم قليلها وكثيرها فقال يحل مطبوخهما وإن مسته النار شيئا قليلا من غيرا اعتبار لحد كما اعتبر في سلافة العنب قال: والنيئ منه حرام ولكن لا يحد شاربه هذا كله ما لم يشرب ويسكر فإن أسكر فهو حرام بإجماع المسلمين، أهـ، قاله ابن العماد في شرح عمدة الأحكام
(1)
.
وأجمعت الأمة على أن شارب الخمر يحد سواء سكر أم لا واختلف العلماء في شرب النبيذ وهو ما سوى عصير العنب من الأنبذة المسكرة فقال الشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء من السلف والخلف هو حرام
(1)
هذا كلام مكرر لما سبق.
يجلد فيه شارب الخمر الذي هو عصير العنب سواء كان يعتقد إباحته أو تحريمه، وقال أبو حنيفة والكوفيون لا يحرم ولا يحد شاربه، قال أبو ثور هو حرام يجلد بشربه من يعتقد تحريمه دون من يعتقد إباحته
(1)
.
فائدة: واختلف العلماء في قدر حد الخمر فقال الشافعي وأبو ثور وداود وأهل الظاهر وآخرون حده أبعون، قال الشافعي: وللإمام أن يبلغ به ثمانين وتكون الزيادة على الأربعين تعزيرات على تسببه في إزالة عقله، وفي تعرضه للقذف والقتل وأنواع الأذى وترك الصلاة وغير ذلك، ونقل القاضي عياض عن الجمهور من السلف والخلف منهم مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق أنهم قالوا: حده ثمانون واحتجوا بأنه الذي استقر عليه إجماع الصحابة، وحجة الشافعي وموافقيه فعله عليه السلام، وأما زيادة عمر فتعزير وهو راجع إلى رأي الإمام إن شاء فعله وإن شاء تركه بحسب المصلحة ولو كانت الزيادة حدا لم يتركها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا علي بعد أن فعلها عمر في آخر عمره ولهذا [قال] علي وكل سنة [معناه الاقتصار على الأربعين وبلوغ الثمانين] فهذا الذي قاله الشافعي الظاهر الذي تقتضيه الأحاديث، ثم هذا هو حد الحر، أما العبد فعلى النصف منها كما في [الزنا والقذف]
(2)
.
واختلف العلماء في شرب النبيذ وهو ما سوى عصير العنب مما يسكر فقال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور هو حرام يجلد فيه كما في الخمر من
(1)
شرح النووي على مسلم (11/ 218).
(2)
شرح النووي على مسلم (11/ 218).
العنب سواء اعتقد إباحته أو تحريمه، وقال أبو حنيفة والكوفيون: لا يحرم ولا يحد وقال أبو ثور: يحد من يعتقد تحريمه دون غيره
(1)
.
وقد أجمع العلماء على أنه من وجب عليه حد فجلده الإمام أو جلاده الحد الشرعي فمات فلا دية فيه ولا كفارة على أحد ولا في بيت المال وأما من مات من التعزير فمذهبنا وجوب ضمانه بالدية والكفارة وفي محل ضمانه قولان للشافعي أصحهما تجب ديته على عاقبة الإمام والكفارة في مال الإمام والصاني تجب الدية في بيت المال وفي الكفارة على هذا وجهان عندنا أحدهما في بيت المال أيضا والثاني في مال الإمام وقال جماهير العلماء: لا ضمان فيه على الإمام ولا على عاقلته ولا في بيت المال
(2)
، أ. هـ قاله في شرح الإلمام والله تعالى أعلم.
فائدة: روى الحكيم الترمذي في كتاب العلل
(3)
: أن الشيطان حين خرج من السفينة سرق معه شجرة الكرم فزرعها ثم ذبح خنزيرا فسقاها بدمه ثم ذبح كلبا فسقاها بدمه ثم ذبح قردا فسقاها بدمه فحصلت لها النجاسة من دم الخنزير وحصل لشاربها العربدة من دم القرد فمن ثم ترى السكران يعربد وحصل لها الحمية من دم الكلب فمن ثم ترى السكران تأخذه الحمية ويغضب، بخلاف السكر بالبنج والحشيش والشيكران وجوز الطيب
(1)
العدة شرح العمدة (3/ 1491).
(2)
شرح النووي على مسلم (11/ 221).
(3)
العلل (ص 233 - 234) بنحوه ونقله عنه ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى (4/ 231).
والأفيون فإن هذه الأشياء مسكرة ولا يحصل للبدن معها نشاط ولا عربدة بل يعتريه تخدر وفتور وممن نص على أن الحشيشة ونحوها مسكر النووي في شرح المهذب والشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتاب التذكرة في الخلاف، والشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، وقال ابن البيطار أن الحشيش يسكر جدا والسكر معناه تغطية العقل ومنه قوله تعالى:{لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا}
(1)
ذكره ابن العماد.
تنبيه: روى أنه قال: "لا تجالسوا شربة الخمر، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم فإن شارب الخمر يجيء يوم القيامة مسودًا وجهه مدلعا لسانه على صدره يسيل لعابه على بطنه يقذره كل من رآه"
(2)
خرجه أبو منصور الديلمي وقال في حياة الحيوان للدميري: حكي أن آدم لما غرس الكرمة، جاء إبليس فذبح عليها طاوسا، فشربت دمه فلما طلعت أوراقها، ذبح عليها قردا فشربت دمه، فلما طلعت ثمرتها ذبح عليها أسدا فشربت دمه، فلما انتهت ثمرتها ذبح عليها خنزيرا فشربت دمه، فلهذا شارب الخمر تعتريه هذه الأوصاف
(1)
سورة الحجر، الآية:15.
(2)
أخرجه ابن عدى في الكامل (2/ 502) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 42 - 43)، والنسفي في القند (1/ 461)، والديلمي كما في الغرائب الملتقطة (2897). قال ابن عدي، وأبو مطيع بين الضعف في أحاديثه وعامة ما يرويه، لا يتابع عليه. وقال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه جماعة ضعفاء، منهم ليث. قال ابن حبان: اختلط في آخر عمره فكان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات ما ليس من حديثهم. ومنهم جعفر بن الحارث. قال يحيى: ليس بشيء. ومنهم أبو مطيع البلخي. قال أحمد بن حنبل: لا ينبغي أن يروى عنه شيء. وقال يحيى: ليس بشيء.
الأربعة، وذلك أنه أول ما يشربها وتدب في أعضائه، يزهو لونه ويحسن كما يحسن الطاوس فإذا جاءت مبادي السكر لعب وصفق ورقص، كما يفعل القرد فإذا قوي سكره جاءت الصفة الأسدية، فيعبث ويعربد ويهذي بما لا فائدة فيه ثم يتقعص كما يتقعص الخنزير، ويطلب النوم وتنحل عرى قوته
(1)
.
تنبيه: روى أنه قال: "لا تجالسوا شربة الخمر ولا تعودوا مرضاهم ولا تشهدوا جنائزهم فإن شارب الخمر يوم القيامة مسودًا وجهه مزرقة عيناه مدلى لسانه على صدره يسيل لعابه على بطنه يقذره كل من رآه" خرجه أبو منصور الديلمي.
حكاية: عن معروف الكرخي رحمة الله عليه أنه كان بشاطئ دجلة في جماعة من أصحابه وهناك جماعة من الشطار يشربون الخمر ويضربون الأوتار فمرت بهم سفينة فيها شاب وقيان ومعهم منكر وهم يشربون بالمعازف فقالوا: يا شيخ أما تراهم مجاهرين الله بالمعاصي ادع الله عليهم فبسط معروف يده وقال: اللهم كما طيبت عيشهم في الدنيا فطيب عيشهم في الآخرة قالوا: يا شيخ سألناك الدعاء عليهم دعوت لهم، قال: نعم إذا طيب عيشهم في الآخرة تاب عليهم ونقلهم إلى طاعته في الدنيا وهذا مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم أهل البلاء فسألوا الله العافية" ومعناه فسألوا الله لهم العافية، أ. هـ.
حكاية أخرى أيضا: سكن بعض المتقدمين ليلة فعاتبته زوجته على ترك الصلاة فحلف بطلاقها ثلاثا لا يصلي أيام فاشتد عليه فراق زوجته فاستمر
(1)
حياة الحيوان (2/ 122).
على ترك الصلاة مدة الأيام الثلاث فمات فيها على حاله وهو مصر على الخمر تارك الصلاة، كان بعض المصرين على الخمر يكنى أبا عمرو فنام ليلة وهو سكران فرأى في منامه قائلا يقول له:
جد بك الأمر أبا عمرو
…
وأنت معكوف على الخمر
تشرب صهباء صراحية
…
سال بك السيل ولا تدري
فاستيقظ منزعجا وأخبر من عنده بما رأى ثم غلبه سكره فنام فلما كان وقت الصبح مات فجأة، قال يحيى بن معاذ: الدنيا خمر الشيطان من سكر منها لم يفق إلا في عسكر الموتى نادما مع الخاسرين، شعر:
أتامن أيها السكران جهلا
…
بأن تفجاك في السكر المنية
فتضحى عبرة للناس طرا
…
وتلقى الله من شر البرية
ذكره ابن رجب الحنبلي
(1)
.
3549 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرةً: عاصرها ومعتصرها، وشاربها وحاملها، والمحمولة إليه وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشترِيَ لها، والمشترى له" رواه ابن ماجه والترمذي واللفظ له وقال حديث غريب
(2)
. [قال الحافظ]: ورواته ثقات.
(1)
لطائف المعارف (ص 338 - 339).
(2)
أخرجه ابن ماجه (3381)، والترمذي (1341)، والطبراني في الأوسط (2/ 93 رقم 1355) والضياء في المختارة (2187 - 2190). وقال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أنس. وقال الطبراني: لم يروه عن شبيب إلا أبو عاصم. وقال الضياء: حديث أنس إسناده حسن. وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (2357)، غاية المرام (60).
قوله: وعن أنس، تقدم الكلام عليه. وعلى معنى هذا الحديث.
3550 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله حرم الْخمر وَثمنهَا وَحرم الْميتَة وَثمنهَا وَحرم الْخِنْزِير وثمنه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم الخمر وثمنها وحرم الميتة وثمنها وحرم الخنزير وثمنه" الحديث، فيه أحكام، منها: تحريم بيع الخمر ولا فرق بين المحترمة وغيرها للإجماع على نجاستها ولسلب منافعها حين حرمت وإن نفعت ظاهرا فهي تضر باطنا، وقد علم أن شرط المبيع أن يكون طاهرا ومنتفعا به ولا فرق بين الممزوجة والصرف ولا بين القليل والكثير
(2)
لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فملئ الكف منه حرام"
(3)
ولحديث: "إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه"
(4)
قاله في شرح الإلمام.
(1)
أخرجه أبو داود (3485) وعنه أبو عوانة في المستخرج (5798)، والطبراني في الأوسط (1/ 43 رقم 116) وفي مسند الشاميين (2074)، وابن عدى في الكامل (8/ 144)، والدارقطني في السنن (2816)، والبيهقي في الكبرى (6/ 21 رقم 11049). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2358).
(2)
العدة شرح العمدة (2/ 1136 - 1137).
(3)
أخرجه أحمد (24423) و (24432) و (24992)، وأبو داود (3687)، والترمذي (1866)، وابن حبان (5383) من حديث عائشة. وقال الألباني: صحيح - "الإرواء"(2376)، "غاية المرام"(59).
(4)
أخرجه أحمد 1/ 247 (2221) و 1/ 293 (2678) و 1/ 322 (2961)، وأبو داود (3488)، وابن حبان (4938)، والطبراني في الكبير (12887) من حديث عبد الله بن عباس. وصححه الألباني في غاية المرام (318).
واختلفوا في جواز الانتفاع به فكرهت طائفة ذلك، وممن منع منه ابن سيرين والحكم وحماد والشافعي وأحمد وإسحاق ورخص فيه الحسن والأوزاعي ومالك وأصحاب الرأي وهو نجس العين والكلب يغسل ما نجس بملاقاة شئ من أجزائه سبعا إحداهن بالتراب ويحرم أكله لقوله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} إلى قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}
(1)
والرجس النجس، قال الماوردي: الضمير في قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} عائد على الخنزير لكونه أقرب مذكور ونازعه في ذلك الشيخ أبو حيان وقال إنه عائد على اللحم لأنه إذا كان في الكلام مضاف ومضاف إليه عاد الضمير على المضاف لأن المضاف هو المحدث عنه والمضاف إليه وقع ذكره بطريق العرض وهو تعريف المضاف أو تخصيصه قال شيخنا وما ذكره الماوردي أولى من حيث المعنى وذلك أن تحريم اللحم قد استفيد من قوله: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ}
(2)
فلو عاد الضمير عليه لزم خلو الكلام من فائدة التأسيس فوجب عوده إلى الخنزير ليفيد تحريم الشحم والكبد والطحال وسائر أجزائه ونقل ابن المنذر الإجماع على نجاسته وفي دعواه ذلك نظر لأن مالكا يخالف فيه، نعم هو أسوأ حالا من الكلب فإنه يستحب قتله ولا يجوز الانتفاع به في حالة بخلاف الكلب، أ. هـ قاله الكمال الدميري
(3)
.
(1)
سورة الأنعام، الآية:145.
(2)
سورة الأنعام، الآية:45.
(3)
حياة الحيوان (1/ 426).
أما الخمر والميتة فأجمع المسلمون على تحريم بيع كل واحد منها، قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: تضمن هذا الحديث أن ما لا يحل أكله والانتفاع به لا يجوز بيعه وأكل ثمنه كما في الشحوم
(1)
.
وفي بعض الراويات الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها ففي هذه الرواية تحريم بيع الخمر وهو مجمع عليه والعلة فيها عند الشافعي وموافقيه كونها نجسة أو ليس فيها منفعة مباحة مقصودة فيلحق بها جميع النجاسات كالسرجين وذرق الحمام وغيره وكذلك يلحق بها ما ليس فيه منفعة مقصودة كالسباع التي لا تصلح للاصطياد والحشرات والحبة الواحدة من الحنطة ونحو ذلك ولا يجوز شيء من ذلك
(2)
، أ. هـ والله أعلم.
3551 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لعن الله الْيَهُود ثَلَاثًا إِن الله حرم عَلَيْهِم الشحوم فَبَاعُوهَا فَأَكَلُوا أثمانها إِن الله إِذا حرم على قوم أكل شَيْء حرم عَلَيْهِم ثمنه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
(3)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (11/ 8).
(2)
المصدر السابق (11/ 3).
(3)
أخرجه أحمد 1/ 322 (2221) و 1/ 247 (2678) و 1/ 293 (2961)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 147، وأبو داود (3488)، وابن المنذر في الأوسط (868) و (7808)، وابن حبان (4938)، والطبراني في الكبير (12/ 29 رقم 12378) و (12/ 200 رقم 12887)، والبيهقي في الصغير (2/ 279 رقم 1990) والكبرى (6/ 21 - 23 رقم 11051) و (9/ 594 رقم 19624)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 402) والاستذكار (8/ 376)، والضياء في المختارة (493 - 496). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2359).
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: [انظر بعض ما يتعلق بهذا الحديث في القولة المنبه عليها بحوله]"لعن الله اليهود ثلاثًا إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها فأكلوا أثمانها" فالمحرم من الشحوم عليهم شحم الكلأ والكرش والأمعاء وأما شحم الظهر والألية فلا قال الله تعالى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا}
(1)
وفي الرواية الأخرى: "قاتل الله اليهود إن الله حرم عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها" يقال: أجمل الشحم وجمله أي أذابه
(2)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه" هذا محمول على ما المقصود منه الأكل بخلاف المقصود منه غير ذلك كالعبد والبغل والحمار الأهلي فإن أكل ثمنها وبيعها جائز بالإجماع، فالحاصل من هذه الأحاديث كلها أن ما حرم الانتفاع به فإنه يحرم الانتفاع ببيعه وأكل ثمنه كما جاء مصرحا به في الحديث:"إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه" وهذه كلمة عامة جامعة تطرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراما وهو قسمان أحدهما: ما كان الانتفاع به حاصلا مع بقاء عينه كالأصنام فإن منفعتها المقصودة منها هو الشرك بالله وهو أعظم أنواع المعاصي على الإطلاق ويلتحق بذلك ما كانت منفعته محرمة ككتب الشرك والسحر والبدع والضلالات وكذلك الصور المحرمة وآلات الملاهي المحرمة كالطنبور وكذلك شراء الجواري للغناء، القسم الثاني: ما ينتفع به مع إتلاف عينه فإذا
(1)
سورة الأنعام، الآية:146.
(2)
شرح النووي على مسلم (11/ 6).
كان المقصود الأعظم منه محرما فإنه يحرم بيعه كما يحرم بيع الخنزير والخمر والميتة مع أن في بعضها منافع غير محترمة كأكل الميتة للمضطر ودفع الغصة بالخمر وإطفاء الحريق به ولكن لما كانت هذه المنافع غير مقصودة ولم يعبؤا بها وحرم البيع، أ. هـ قاله ابن رجب الحنبلي
(1)
.
3552 -
وَعَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من بَاعَ الْخمر فليشقص الْخَنَازِير رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا قَالَ الْخطابِيّ معنى هَذَا توكيد التَّحْرِيم والتغليظ فِيهِ يَقُول من اسْتحلَّ بيع الْخمر فيستحل أكل الْخَنَازِير فَإِنَّهُمَا فِي الْحُرْمَة وَالْإِثْم سَوَاء فَإِذا كنت لَا تستحل أكل لحم الْخِنْزِير فَلَا تستحل ثمن الْخمر انْتهى
(2)
.
قوله: وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من باع الخمر فليشقص الخنازير" قال الخطابي: معناه فليستحل أكلها، والشقيص على وجهين أحدهما أن يذبحها بالمشقص وهو نصل عريض والوجه الآخر: أن يجعلها أشقاصا وأعضاء بعد
(1)
جامع العلوم والحكم (2/ 1211 - 1214).
(2)
أخرجه الطيالسي (735)، والحميدى (778)، وابن أبي شيبة في المصنف 4/ 412 (21619)، وأحمد 4/ 253 (18214)، والدارمي (2269)، وأبو داود (3489)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (608)، والطبراني في الكبير (20/ 379 رقم 844)، والأوسط (8/ 245 رقم 8532)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 20 رقم 11046). قال أبو حاتم في العلل (1152): حفص بن عمر هذا: هو ابن بيان، وحفص مجهول، وأبوه معروف. قال الطبراني:"لا يروى هذا الحديث عن المغيرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به طعمة ابن عمرو". وضعفه الألباني في الضعيفة (4566) وضعيف الترغيب (1405).
ذبحها كما تفصل أعضاء الشاة إذا أرادوا إصلاحها للأكل، قال الحافظ نقلا عن الخطابي: معنى الكلام إنما هو توكيد التحريم والتغليظ، يقول: من استحل بيع الخمر فليستحل أكل الخنازير فإنهما في الحرمة والإثم سواء إذا كنت لا تستحل أكل لحم الخنزير فلا تستحل ثمن الخمر
(1)
، أ. هـ.
وقال في النهاية: معناها فليقطعها قطعا وليفصلها أعضاء كما تفصل الشاة، يقال شقصه يشقصه. وبه سمي القصاب مشقصا. المعنى: من استحل بيع الخمر فليستحل بيع الخنزير، فإنهما في التحريم سواء. وهذ لفظ أمر معناه النهى، تقديره: من باع الخمر فليكن للخنازير قصابا. جعله الزمخشري من كلام الشعبي
(2)
، أ. هـ.
3553 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله لعن الْخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها والمحمولة إِلَيْهِ وبائعها ومبتاعها وساقيها ومسقاها رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
(3)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
(1)
معالم السنن (3/ 134).
(2)
النهاية (2/ 490).
(3)
أخرجه ابن وهب في الجامع (53)، وأحمد 1/ 316 (2897) وعبد بن حميد (686)، وابن المنذر في الأوسط (7804)، وابن حبان (5356)، والطبراني في الدعاء (2092) والكبير (12/ 233 رقم 12976)، والحاكم (2/ 33) و (4/ 145). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (839) وصحيح الترغيب (2360).
قوله صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريل فقال: يا محمد إن الله لعن الخمر وعاصرها" فذكر الحديث إلى أن قال: "ومبتاعها" أي مشتريها، ففيه دليل على أن شرب الخمر من الكبائر فإن الكبيرة عند العلماء ما لعن فاعلها أو توعد فاعلها بالنار
(1)
.
قوله: "قاتل الله اليهود إن الله حرم عليهم الشحوم فجملوها" الحديث، قاتل الله اليهود أي قتلهم الله، وقيل: لعنهم، وقيل: عاداهم وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث ولا تخرج عن هذه المعاني وقد ترد لمعنى التعجب من الشيء كقولهم تربت يداه وقد ترد ولا يراد بها وقوع الأمر.
قوله: "حرمت عليهم الشحوم فجملوها" وفي حديث آخر: "فأجملوه" يعني الشحم، وجملت الشحم وأجملته إذا أذبته واستخرجت دهنه وجملت الشيء أفصح من أجملت وكذلك يجملون الودك بفتح الياء وضمها أي يذيبونه
(2)
.
قوله: "إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه" هو عام إلا ما خرج بدليل كالبغل والحمار الأهلى إلى آخره.
تنبيه: قال الشافعي وأحل الله تعالى طعام أهل الكتاب وهو ذبائحهم ولم يستثن منها شيئا لا شحما ولا غيره فدل على جواز أكل جميع الشحوم من ذبائحهم وذبائح المسلمين فالشحوم التي كانت محرمة على اليهود حلال لنا
(1)
في الهامش: هذا يتعلق بحديث ابن عباس بحوله أخره المصنف رحمه الله ونبه عليه. قلت: يعنى ما يأتى بعده من كلام فهو تتمة للكلام على حديث ابن عباس قبله.
(2)
النهاية (1/ 398)، ومشارق الأنوار (1/ 152).
ليست مكروهة وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وجماهير العلماء وبعض أصحاب أحمد وهو قول الخرقي منهم، وقال مالك مكروهة ليست محرمة، وقال ابن القاسم وأشهب وبعض أصحاب أحمد عنها محرمة، قال القاضي عياض: وهو قول كبراء أصحاب مالك
(1)
، أ. هـ قاله في الديباجة.
3554 -
وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يبيت قوم من هَذِه الْأمة على طعم وَشرب وَلَهو وَلعب فيصبحوا قد مسخوا قردة وَخَنَازِير وليصيبهم خسف وَقذف حَتَّى يصبح النَّاس فَيَقُولُونَ خسف اللَّيْلَة ببني فلَان وَخسف اللَّيْلَة بدار فلَان خَواص ولترسلن عَلَيْهِم حِجَارَة من السَّمَاء كمَا أرْسلت على قوم لوط على قبائل فِيهَا وعَلى دور ولترسلن عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم الَّتِي أهلكت عادا على قبائل فيها وعلى دور بشربهم الْخمر ولبسهم الْحَرِير واتخاذهم الْقَيْنَات وأكلهم الرِّبَا وقطيعتهم الرَّحِم وخصلة نَسِيَهَا جَعْفَر رَوَاهُ أَحْمد مُخْتَصرا وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ
(2)
.
(1)
المجموع شرح المهذب (9/ 71).
(2)
أخرجه الطيالسي (1223)،، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية 6/ 295 - 296، وأحمد في المسند 5/ 259 (22661) وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند 5/ 329 (23237 و 23238 و 23239 و 23240)، وابن أبى الدنيا في ذم الملاهى (3)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (271)، والحاكم 4/ 515، وأبو نعيم في الحلية 6/ 295 - 296، والطبراني في الكبير (8/ 256 رقم 7997)، والبيهقي في الشعب (7/ 420 - 421 رقم 5226)، والشجري في الأمالى (2/ 371). وصححه الحاكم ووأفقه الذهبي. قال البوصيري في إتحاف الخيرة 8/ 91: رواه أبو داود الطيالسي واللفظ له وأبو يعلى الموصلي وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائده على المسند ومدار أسانيدهم على =
قوله: وعن أبي أمامة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو ولعب فيصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير وليصيبهم خسف وقذف" الحديث، وروى ابن أبي الدنيا عن محمد بن المنكدر عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في أمتي مسخ وخسف وقذف" قالت: يا رسول الله وهم يقولون لا إله إلا الله، فقال:"إذا ظهرت القيان وظهر الزنا وشربت الخمر ولبس الحرير كان ذا عند ذا"
(1)
ففيه أن المسخ قد يكون في هذه الأمة خلاف من زعم أنه لا يكون وإنما مسخها بقلوبها
(2)
، وروي الطبراني في معجمه الأوسط من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في آخر الزمان تأتي المرأة فتجد زوجها قد مسخ قردا لأنه لا يؤمن بالقدر"
(3)
.
= عاصم بن عمرو البجلي، وهو ضعيف. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 10: رواه عبد الله، وروى الطبراني منه حديث أبي أمامة فقط، وفرقد ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1406).
(1)
أخرجه ابن أبى الدنيا في ذم الملاهى (4) من طريق أبى معشر عن محمد بن المنكدر، عن عائشة. وأبو معشر هو نجيح بن عبد الرحمن السندي وهو ضعيف.
(2)
قاله مجاهد كما في تفسير الطبري (2/ 65) وتفسير ابن أبى حاتم (1/ 133 رقم 672). وقد رده الطبري والمفسرون فقال: وهذا القول الذي قاله مجاهد، قول لظاهر ما دل عليه كتاب الله مخالف.
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 158 رقم 7150). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن دينار إلا أبو مصلح، تفرد به بشار بن قيراط. وقال الهيثمي في المجمع =
واختلف العلماء في الممسوخ هل يعقب أو لا على قولين، أحدهما: نعم، وهو قول الزجاج والقاضي أبو بكر بن العربي المالكي وقال الجمهور لا يكون ذلك قال ابن عباس: لم يعش ممسوخ قط أكثر من ثلاثة أيام ولا يأكل ولا يشرب واحتج الأولن بأحاديث منها حديث الضب الذي رواه مسلم عن أبي سعيد وجابر أن النبي أتي بضب فأبى أن يأكله وقا [ل:] لا [أدرى] لعله من القرون التي مسخت
(1)
، فأما حديث الضب والفأر فكان ذلك قبل أن يوحى إليه أن الله لم يجعل ممسوخ نسلا فلما أوحى عليه زال عنه ذلك التخوف وعلم أن الضب والفأر ليسا مما مسخ فعند ذلك أخبرنا بقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن القردة والخنازير هي مما مسخ، فقال: إن الله لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا
(2)
وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك وهذا نص صريح وعن مجاهد في تفسير آية المسخ في بني إسرائيل إنما مسخت قلوبهم فقط، وردت أفهامهم كأفهام القردة وهذا قول تفرد به عن جميع المسلمين
(3)
، أ. هـ.
3555 -
وَرُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا فعلت أمتِي خمس عشرَة خصْلَة حل بهَا الْبلَاء قيل مَا هن يَا رَسُول الله قَالَ إِذا كانَ الْمغنم دولا وَالْأَمَانَة مغنما وَالزَّكاة مغرما وأطاع الرجل زَوجته وعق أمه
= 7/ 206: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه بشار بن قيراط وهو ضعيف. وقال الألباني: منكر الضعيفة (6564).
(1)
أخرجه مسلم (48 - 1949) من حديث جابر، و (50 و 51 - 1951) عن أبي سعيد الخدري.
(2)
أخرجه مسلم (33 - 2663) عن ابن مسعود.
(3)
حياة الحيوان (2/ 333 - 334).
وبر صديقه وجفا أَبَاهُ وَارْتَفَعت الْأَصْوَات فِي الْمَسَاجِد وَكَانَ زعيم الْقَوْم أرذلهم وَأكْرم الرجل مَخَافَة شَره وشربت الْخُمُور وَلبس الْحَرِير واتخذت الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف وَلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا فليرتقبوا عِنْد ذَلِك ريحًا حَمْرَاء أَو خسفا ومسخا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب
(1)
.
قوله: وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان المغنم دولا والأمانة مغنما" أي: يرى من في يده أمانة أن الخيانة فيها غنيمة قد غنمها، "والزكاة مغرمًا" الحديث سيأتي الكلام على ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.
قوله: "واتخذت القينات" وفي رواية "القينات والمعازف" والقينات جمع قينة وهي الأمة المغنية كذا قاله الحافظ في غير ما موضع من هذا الكتاب، قال الشافعي رحمه الله تعالى وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو
(1)
أخرجه الترمذي (2210)، وابن أبى الدنيا في ذم الملاهى (5)، وابن حبان في المجروحين (2/ 206 - 207)، والطبراني في الأوسط (1/ 150 - 151 رقم 469)، وابن بشران في الأمالى (1248)، والدانى في الفتن (320)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 265)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1239). وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث علي بن أبي طالب إلا من هذا الوجه ولا نعلم أحدا رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه، وقد رواه عنه وكيع، وغير واحد من الأئمة.
وقال الطبراني في: وقال الدارقطني في العلل (3673): غير محفوظ. وقال في سؤالات البرقاني (ص 50/ 12): هذا باطل. وضعفه الألباني في الضعيفة (1170)، المشكاة (5451)، ضعيف الترغيب (1407) و (1773).
سفيه ترد شهادتاه وغلظ القول فيه، وقال هو دياثة فمن فعل ذلك كان ديوثا، قال القاضي أبو الطيب: وإنما جعل صاحبها سفيها لأنه دعا الناس إلى الباطل ومن دعا الناس إلى الباطل كان سفيها فاسقًا
(1)
.
قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}
(2)
الآية، قال الواحدي وغيره
(3)
: أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث الغناء قاله ابن عباس في رواية ابن جبير ومقسم عنه.
قال الواحدي: وأما غناء القينات فذلك أشد ما في الباب وذلك لكثرة الوعيد الوارد فيه وهو ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة" الآنك الرصاص المذاب وقد جاء في تفسير لهو الحديث بالغناء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند الإمام أحمد ومسند الحميدي وجامع الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا غير في تجارة فيهن وثمنهن حرام في مثل هذا نزلت هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}
(4)
(5)
قال أبو
(1)
الرد على من يحب السماع (ص 28)، وتلبيس إبليس ص 215، وإغاثة اللهفان 1/ 230.
(2)
سورة لقمان، الآية:6.
(3)
التفسير الوسيط (18/ 94).
(4)
سورة لقمان، الآية:6.
(5)
أخرجه أحمد 5/ 252 (22169) و 5/ 264 (22280)، والترمذي (1282) و (3195)، وابن ماجه (2168). قال الترمذي: هذا حديث غريب إنما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقة، وعلي بن يزيد يضعف في الحديث، سمعت محمدا يقول: القاسم ثقة، وعلي بن يزيد يضعف. وقال الألباني: حسن، الصحيحة (2922).
الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ، فقال: والذي لا إله غيره هو الغناء، قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتابه المستدرك: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسند، وقال في موضع آخر من كتابه هو عندنا في حكم المرفوع
(1)
، أ. هـ، وقال ابن رجب الحنبلي: ومن يحرم الغناء كأحمد ومالك فإنهما يقولان: إذا بيعت الأمة المغنية تباع على أنها [صادحة] ولا يؤخذ لغنائهن ثمن ولو كانت الجارية ليتيم ونص على ذلك أحمد، ولا يمنع الغناء من أصل بيع العبد والأمة لأن الانتفاع به في غير الغناء حاصل بالخدمة وغيرها، وهي من أعظم مقاصد الرقيق، نعم إن كان المشتري لا يشتريه إلا للمنفعة المحرمة لا يجوز بيعه عند الإمام أحمد وغيره من العلماء كما لا يجوز بيع العصير ممن يتخذ خمرا ولا بيع السلاح في الفتنة ولا بيع الرياحين والأقداح لمن يعلم أنه يشرب عليها الخمر أو الغلام لمن يعلم منه الفاحشة، انتهى
(2)
.
تنبيه: قال ابن مسعود رضي الله عنه: إياكم والغناء فإنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، أ. هـ.
قوله: "والمعازف" قال الجوهري
(3)
: المعازف آلات الملاهي وقال غيره الدفوف وغيرها مما يضرب به، أ. هـ.
(1)
إغاثة اللهفان (1/ 239 - 240).
(2)
جامع العلوم والحكم (3/ 1214).
(3)
الصحاح (4/ 1403)، ومشارق الأنوار (2/ 80)، وشرح المشكاة (8/ 2557 - 2558) للطيبي.
وقال النووي: المعازف الملاهي ويشمل الأوتار والمزامير والعازف اللاعب بها حكاه الرافعي
(1)
.
قوله: "ولعن آخر هذه الأمة أولها" يعني بذلك الروافض تقدم الكلام على ذلك في كتاب العلم أو قبله.
3556 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من زنى أَو شرب الْخمر نزع الله مِنْهُ الْإِيمَان كَمَا يخلع الْإِنْسَان الْقَمِيص من رَأسه رَوَاهُ الْحَاكِم وَتقدم فِي بَاب الْحمام حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من كَانَ يُؤمن بِالله وَالْيَوْم الآخر فَلَا يشرب الْخمر من كانَ يُؤمن بالله وَالْيَوْم الآخر فَلَا يجلس على مائدة يشرب عَلَيْهَا الْخمر الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(2)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه، قوله صلى الله عليه وسلم:"من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان" الحديث، المراد بنزع الإيمان من قلبه وخروجه منه كمال الإيمان لا أصله والله أعلم، قاله العراقي في شرح الأحكام
(3)
.
(1)
العزيز شرح الوجيز (13/ 19)، وتهذيب الأسماء واللغات (4/ 21).
(2)
أخرجه الحاكم (1/ 22). وقال الحاكم: على شرط مسلم، فقد احتج بعبد الرحمن بن حجيرة وعبد الله بن الوليد وهما شاميان ووافقه الذهبي. وضعفه الألباني في الضعيفة (1274) وضعيف الترغيب (1408) و (1433).
وأما حديث ابن عباس: أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 191 رقم 11462). وقال الهيثمي في المجمع 1/ 278 - 279: رواه الطبراني في الكبير، وفيه يحيى بن أبي سليمان المدني، ضعفه البخاري وأبو حاتم، ووثقه ابن حبان. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (172) و (2360).
(3)
طرح التثريب (7/ 264).
3557 -
وَرُوِيَ عَن خباب بن الْأَرَت رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ إياك وَالْخمر فَإِنَّهَا تفرع الْخَطَايَا كَمَا أَن شَجَرهَا يفرع الشّجر رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَلَيْسَ فِي إِسْنَاده من ترك
(1)
.
قوله: وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "إياك والخمر فإنها تفرع الخطايا كما أن شجرها يفرع الشجر" قال عبد اللطيف البغدادي: معنى تفرع تطول يقال فرع فلان الرجال وفلانة النساء إذا طالهم، فمعناه: أن خطيئة شارب الخمر تطول سائر الخطايا وتعلوها وتزيد عليها كما أن شجرتها تطول سائر الشجر التي تتعلق بها وتتسلق إليها، قال: وفي الحديث معنيان لطيفان عجيبان أحدهما: تشبيه المعقول بالمحسوس وجعل الأحكام الشرعية في حكم الأعيان المرئية، والآخر: أن الخمر طريق إلى الفواحش ومحسنة لها ودرجة إلى كل خبيثة ولذلك سميت أم الخبائث، فقال: إنها مفتاح كل شر وكذلك شجرتها فإنها تتعلق بالشجر الدانية منها وتفرعها وتعلوها وتصير درجة وسلما وطريقا ومسلكا ومرقاة فشرب الخمر وصلة إلى الخطايا كما أن شجرتها وصلة إلى كل شجرة تعلوها
(2)
، وقال غيره: معناه أن شجرتها إذا غرست بإزاء شجرة الزيتون أو التين ارتفعت معها وازدادت وكذلك خطيئتها تعلق جميع الخطايا يقال فرع فلان الرجل إذا طالهم، أ. هـ قاله في الديباجة.
(1)
أخرجه ابن ماجه (3372). قال البوصيري في الزجاجة 4/ 37: هذا إسناد فيه منير بن الزبير الأزدي الشامي وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1409).
(2)
مصباح الزجاجة (ص 241) للسيوطي.
3558 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كل مُسكر خمر وكل مُسكر حرَام وَمن شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يدمنها لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيِ وَالْبَيْهَقِيّ وَلَفظه فِي إِحْدَى رواياته قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا وَلم يتب لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة وَإِن دخل الْجنَّة
(1)
.
3559 -
وَفِي رِوَايَة لمُسلم قَالَ من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا ثمَّ لم يتب مِنْهَا حرمهَا فِي الْآخِرَة قَالَ الْخطابِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي شرح السّنة وَفِي قَوْله حرمهَا فِي الْآخِرَة وَعِيد بِأَنَّهُ لَا يدْخل الْجنَّة لِأَن شراب أهل الْجنَّة خمر إِلَّا أَنهم لَا يصدعون عَنْهَا وَلَا ينزفون وَمن دخل الْجنَّة لَا يحرم شرابها انْتهى
(2)
.
قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر" خمر سميت بذلك لسترها العقل، أو لمخامرتها إياه في مخالطتها وقد جاء في الحديث:"والخمر ما خامر العقل" أي خالطه، وقال عياض: الخمر مؤنثة [أي: باعتبار معاد الضمير والإشارة وإسناد الأفعال] وتذكر على ضعف ويقال في لغة قليلة خمرة بالهاء، سميت بذلك لتخميرها العقل أي تغطيتها إياه وهي حقيقة في المعتصر من ماء العنب ولا تطلق على غيره إلا مجازًا
(3)
.
(1)
أخرجه مسلم (73 و 74 و 75 - 200.)، وأبو داود (3679)، والترمذي (1861) و (1864)، والنسائي في المجتبى 8/ 469 (5719 و 5720) والكبرى (5163 و 5164).
(2)
أخرجه مسلم (78 - 2003)، وابن ماجه (3373).
(3)
النجم الوهاج (1/ 418)، وتحرير ألفاظ التنبيه (ص 46).
قوله: "ومن شرب الخمر [في الدنيا] فمات وهو يدمنها" وفي رواية: "ولم يتب لم يشربها في الآخرة" يدمنها: أي يداوم على شربها.
وقوله: "لم يشربها في الآخرة" يعني لا يدخل الجنة ولا يشربها حتى يطهر من دنس ذنب شرب الخمر بأن يعفو الله عنه أو يعذب بعد ذلك، وإذا طهر فدخل الجنة شرب من خمر الجنة.
قوله: "وكل مسكر حرام" قال ابن رجب وإلى هذا القول ذهب جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار وهو مذهب مالك والشافعي والليث والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق ومحمد بن الحسن وغيرهم وهو مما اجتمع على القول به أهل المدينة كلهم وخالف فيه طوائف من علماء أهل الكوفة وقالوا إن الخمر إنما هي خمر العنب خاصة وما عداها فإنما يحرم منه القدر الذي يسكر ولا يحرم ما دونه وما زال علماء الأمصار ينكرون ذلك عليهم وإن كانوا في ذلك مجتهدين مغفورًا لهم وفيه خلق من أئمة العلم ومما يدل على أن كل مسكر خمر أن تحريم الخمر إنما نزل بالمدينة بسبب سؤال أهل المدينة عما عندهم من الأشربة ولم يكن بها خمر العنب فلو لم يكن أنه تحريم الخمر شاملة لما عندهم لما كان بيان ما سألوا عنه ولكان مجمل السبب خارجا من عموم الكلام
(1)
، أ. هـ.
تنبيه: واختلفوا في السكران، فقيل: هو من اختلط كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم وقيل هو من لا يعرف السماء من الأرض ولا الطول
(1)
جامع العلوم والحكم (3/ 1227 - 1228).
من العرض
(1)
،. هـ.
فائدة: قال الشيخ الإمام السبكي: كل ما يقوله الأطباء وغيرهم في الخمر من المنافع هو شيء كان بشهادة القرآن بأن فيها منافع للناس قبل تحريمها وأما بعد نزول آية التحريم فإن الله الخالق لكل شيء سلبها المنافع جملة فليس فيها شيء من المنافع قال: وبهذا تسقط مسألة التداوي بالخمر وعلى هذا يدل قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها" انتهى
(2)
.
وقال النووي في الحديث تصريح بأنها ليست بدواء فكأنه تناولها بلا سبب وهذا هو الصحيح عند أصحابنا أنه يحرم التداوي بها وكذا يحرم شربها وأما إذا غص بلقمة ولم يجد ماء يسيغها به إلا الخمر فيلزمه الإساغة بها لأن حصول الشفاء حينئذ مقطوع به بخلاف التداوي
(3)
، أ. هـ قاله في الديباجة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة" وفي رواية: "لم يتب منها حرمها في الآخرة" وفي رواية: "من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة إلا أن يتوب" رواه الجماعة إلا الترمذي معناه أنه يحرم شربها في الجنة وإن دخلها فإنها من فاخر شراب الجنة فمنعها هذا العاصي بشربها في الدنيا قيل: إنه ينسى شهوتها لأن الجنة فيها كل ما
(1)
المجموع (3/ 7) وروضة الطالبين (8/ 62)، والكواكب الدراري (20/ 152) وزهر العريش في تحريم الحشيش (ص 103).
(2)
النجم الوهاج (9/ 228).
(3)
شرح النووي على مسلم (13/ 153).
يشتهي وقيل لا يشتهيها وإن ذكرها ويكون هذا نقص نعيم في حقه تمييزا بيه وبين تارك شربها
(1)
.
وقيل: معنى الحديث أن حرمانه الخمر إنما هو في الوقت الذي يعذب فيه في النار ويسقي من طينة الخبال فإذا خرج من النار بالشفاعة أو بالرحمة العامة أدخل الجنة ولم يحرم شيئا منها لا خمرًا ولا حرير ولا غيره
(2)
.
وفي هذا الحديث دليل على أن التوبة تكفر المعاصي الكبائر وهو مجمع عليه واختلف متكلموا أهل السنة في أن تكفيرها قطعي أو ظني وهو الأقوى
(3)
.
وقال القرطبي: فيه دليل على أن التوبة من الذنب مكفرة له وهو ما صرحت به آيات الكتاب والسنة لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}
(4)
(5)
وغير ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم:"التائب من الذنب كمن لا ذنب له" وهو مقطوع به في التوبة من الكفر وقيل [هل] هو مقطوع [به][أو مظنون] في التوبة من غير الكفر؟ اختلف فيه أهل السنة، قال: والذي أقول به أن من استقرأ الشريعة كتابا وسنة
(1)
المصدر السابق (13/ 173).
(2)
المفهم (17/ 11).
(3)
شرح النووي على مسلم (13/ 173).
(4)
سورة الشورى، الآية:25.
(5)
سورة الفرقان، الآية:70.
وتتبع ما فيهما من هذا المعنى لعم على القطع واليقين أن الله يقبل توبة الصادقين
(1)
، أ. هـ قاله في الديباجة.
3560 -
وَعَن أبي مُوسَى رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة مدمن الْخمر وقاطع الرَّحِم ومصدق بِالسحرِ وَمن مَاتَ مدمن الْخمر سقَاهُ الله جلّ وَعلا من نهر الغوطة قيل وَمَا نهر الغوطة قَالَ نهر يجْرِي من فروج المومسات يُؤْذِي أهل النَّار ريح فروجهم رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَصَححهُ فِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يدْخل الْجنَّة مدمن خمر وَلَا مُؤمن بِسحر وَلَا قَاطع رحم المومسات هن الزانيات
(2)
.
قوله: وعن أبي موسى رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن الخمر" الحديث، معناه: لا يدخلون الجنة من أول وهلة وقت دخول الفائزين إذا فتحت أبوابها لهم بل يؤخرون فيتأول الحديث ولا يحمل على ظاهره والله أعلم.
(1)
المفهم (17/ 9 - 10).
(2)
أخرجه أحمد 4/ 399 (19569)، وبحشل في تاريخ واسط (ص 161)، وأبو يعلى (7248)، وابن حبان (5346) و (6137)، والمخلص في المخلصيات (740)، والحاكم 4/ 146، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1237) و (1247). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 74: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، ورجال أحمد وأبي يعلى ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (1463) وضعيف الترغيب (2157)، وصححه في صحيح الترغيب (2539).
3561 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَربع حق على الله أَن لَا يدخلهم الْجنَّة وَلَا يذيقهم نعيمها مدمن الْخمر وآكل الرِّبَا وآكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق والعاق لوَالِديهِ رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد قَالَ الْحَافِظ فِيهِ إِبْرَاهِيم بن خثيم بن عرَاك وَهُوَ مَتْرُوك.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة، ولا يذيقهم نعيمها مدمن الخمر" هذا الحديث أيضا لا يحمل على ظاهره بل يتأول والله أعلم.
3562 -
وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يلج حَائِط الْقُدس مدمن خمر وَلَا الْعَاق وَلَا المنان عَطاء رَوَاهُ أَحْمد من رِوَايَة عَليّ بن زيد وَالْبَزَّار إِلَّا أَنه قَالَ لَا يلج جنان الفردوس
(1)
.
قوله: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "لا يلج حائط القدس مدمن خمر" وفي رواية "حظيرة القدس" الحديث، الولوج: هو الدخول أراد بحظيرة القدس الجنة لأنها محل الطهارة
(1)
أخرجه أحمد 3/ 226 (13360)، والبزار (2931 - كشف الأستار)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (230) و (670)، والطبراني في الأوسط (8/ 265 رقم 8592). قال البزار: لا نعلم رواه عن علي بن زيد إلا محمد بن العمي. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن علي بن زيد إلا محمد بن عبد الله العمي، تفرد به: أبو النضر. وقال الهيثمي في المجمع 5/ 74: رواه أحمد والبزار إلا أنه قال: "لا يلج جنان الفردوس". والطبراني في الأوسط وقال: "حظيرة القدس". وفيه علي بن زيد وفيه ضعف لسوء حفظه. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2363).
من أدناس الدنيا والحظيرة في الأرض الموضع الذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم والإبل يقيها البرد والريح ومنه الحديث: "لا حمى في الأراك" فقال له رجل: أراكة في حظارى، أراد الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها كالحظيرة وتفتح حاؤه وتكسر وكانت تلك الأراكة التي ذكرها في الأرض التي أحياها قبل أن يجيئها فلم يملكها بالإحياء وملك الأرض دونها إذا كانت مرعى للسارحة، أ. هـ قاله في النهاية
(1)
.
3563 -
وَعَن ابْن الْمُنْكَدر قَالَ حدثت عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مدمن الْخمر إِن مَاتَ لَقِي الله كعابد وثن رَوَاهُ أَحْمد هَكَذَا وَرِجَاله رجال الصَّحِيح وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن سعيد بن جُبَير
(2)
.
(1)
النهاية (1/ 404).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (17070)، وأحمد 1/ 272 (2453)، وعبد بن حميد (708)، والبزار (2934)، وابن حبان (5347)، الطبراني في الكبير (12/ 36 رقم 12428)، وأبو نعيم في الحلية 9/ 253، وابن بشران في الأمالي (1346) وابن الجوزي في العلل (1116) و (1119)، والضياء في المختارة 10/ 330 (356). قال أبو حاتم الرازي في العلل (1591): هو كما رواه حسن بن صالح، عن محمد بن المنكدر، قال: حدثت عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، ولا نحفظه عن غير ابن عباس أيضا من وجه صحيح وحكيم بن جبير كان رجلا يغلو في التشيع، وقد توقف بعض أهل العلم في الرواية عنه وحدث بغير حديث لم يتابع عليه وروى عنه الأعمش والثوري وإسرائيل وغيرهم.
قال الدارقطني: تفرد به حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير ولم يرو المعلي بن هلال. قال ابن الجوزي: قلت هذا القول من الدارقطني وهم فإنا قد رويناه عن العوام عن سعيد =
3564 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لَقِي الله مدمن خمر لقِيه كعابد وثن
(1)
.
قوله: وعن ابن المنكدر، محمد بن المنكدر، تقدم الكلام على ترجمته في الحج في شرب ماء زمزم.
قوله: حدثت عن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ابن عباس.
قوله صلى الله عليه وسلم: "مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن" الحديث، فإنه يتعلق قلبه بها لا يكاد يمكنه أن يدعها كما لا يدع عابد الوثن عبادته، وهذا مضاد لما خلق الله العباد لأجله من تفريغ قلوبهم لمعرفته ومحبته وخشيته وذكره ومناجاته ودعائه والابتهال إليه فما حال بين العبد وبين ذلك ولم يكن بالعبد إليه ضرورة بل كان ضررا محضا عليه كان محرما والله أعلم قاله ابن رجب في شرح النواوية أو في اللطائف على الشك
(2)
.
= وهذا الحديث لا يصح قال أحمد: حكيم بن جبير ضعيف الحديث مضطرب وقال السعدي هو والمعلي كذابان قال ابن المديني والنسائي المعلي بن هلال كان يضع الحديث.
وقال الهيثمي في المجمع 5/ 74: رواه أحمد، والبزار، والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، إلا أن ابن المنكدر قال: حدثت عن ابن عباس. وفي إسناد الطبراني يزيد بن أبي فاختة ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (677) وصحيح الترغيب (2364).
(1)
انظر ما قبله.
(2)
جامع العلوم والحكم (3/ 1226).
3565 -
وَعَن أبي مُوسَى رضي الله عنه أَنه كَانَ يَقُول مَا أُبَالِي شربت الْخمر أَو عَبَدْتُ هَذِه السَّارِيَةَ مِنْ دُونِ اللّهِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ
(1)
.
قوله: وعن أبي موسى رضي الله عنه اسمه: عبد الله بن قيس، تقدم الكلام عليه.
قوله رضي الله عنه: أنه كان يقول ما أبالي شربت الخمر أو عبدت هذه السارية دون الله تعالى، السارية [هي الأسطوانة].
3566 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يدْخل الْجنَّة مدمن خمر وَلَا عَاق وَلَا منان قَالَ: ابْن عَبَّاس فشق ذَلِك عَليَّ لِأَن الْمُؤمنِينَ يصيبون ذنوبًا حَتَّى وجدت ذَلِك فِي كتاب الله عز وجل فِي الْعَاق: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}
(2)
وَفِي المنان: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}
(3)
الْآيَة وَفِي الْخمر {إِنَّمَا
(1)
أخرجه ابن أبى شيبة في المصنف 5/ 97 (24064)، والنسائي في المجتبى 8/ 460 (5709) والكبرى (5153)، والدولابى في الكنى (684)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 196). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2365).
(2)
سورة محمد، الآية:22.
(3)
أخرجه البزار مقتصرًا على المرفوع منه (4932)، والنسائي في الكبرى (4900)، والخرائطي في المساوئ (546) و (671)، وابن أبى حاتم في التفسير (2738)، والطبراني في الكبير (11/ 98 رقم 11168) و (11/ 99 رقم 11170) وعنه أبو نعيم في الحلية (3/ 309). قال البزار: وهذا الحديث قد رواه غير روح، عن عتاب، عن خصيف، عن مجاهد، ولم يقل: عن ابن عباس، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه.
وقال الخرائطي: قال خصيف: وزاد أبو سلمة في هذا الحديث: "ولا من زنى بذات محرم".
وقال أبو نعيم: رواه مسكين بن دينار عن مجاهد، فخالف مجاهد فيه، فقال: عن أبى زيد الحرمي. قال الهيثمي في المجمع 5/ 74: رواه الطبراني ورجاله ثقات، إلا أن عتاب بن بشير لم أعرف له من مجاهد سماعا. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1412).
الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}
(1)
الْآيَة.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا أَن عتاب بن بشير لَا أرَاهُ سمع من مُجَاهِد
(2)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}
(3)
الحديث، تقدم الكلام على الخمر والميسر وهو القمار، والأنصاب والنصب حجر كانوا ينصبونه في الجاهلية فيعبدونه والجمع أنصاب.
وقوله: والأزلام، هي القداح واحدها زلم بالتحريم واحد الأزلام وهي القداح التي كانت في الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهي افعل ولا تفعل فالاستقسام بالأزلام معرفة ما قسم له مما لم يقسم له بالأزلام وكان في الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرًا أو نكاحًا أو تجارة أو أمر من معاظم الأمور
(1)
سورة المائدة، الآية:90.
(2)
أخرجه البزار مقتصرا على المرفوع منه (4932)، والنسائي في الكبرى (4900)، والخرائطي في المساوئ (546) و (671)، وابن أبى حاتم في التفسير (2738)، والطبراني في الكبير (11/ 98 رقم 11168) و (11/ 99 رقم 11170) وعنه أبو نعيم في الحلية (3/ 309). قال البزار: وهذا الحديث قد رواه غير روح، عن عتاب، عن خصيف، عن مجاهد، ولم يقل: عن ابن عباس، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه.
وقال الخرائطي: قال خصيف: وزاد أبو سلمة في هذا الحديث: "ولا من زنى بذات محرم".
وقال أبو نعيم: رواه مسكين بن دينار عن مجاهد، فخالف مجاهد فيه، فقال: عن أبى زيد الحرمي. قال الهيثمي في المجمع 5/ 74: رواه الطبراني ورجاله ثقات، إلا أن عتاب بن بشير لم أعرف له من مجاهد سماعا. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1412).
(3)
سورة المائدة، الآية:90.
ضرب بالقداح وهي مكتوب على بعضها نهاني ربي وعلى بضعها أمرني ربي تعالى الله عن ذلك وأنه من عمل الشيطان وبعضها غفل فإذا خرج الأمر مضى لشأنه وإذا خرج الناهي أمسك أي كف عنه ولم يفعله وإذا خرج الغفل ضرب أخرى إلا أن يخرج الآمر أو الناهي
(1)
، أ. هـ.
قال في النهاية
(2)
: الفرق بين الصنم والوثن أن الوثن كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي تعمل وتنصب فتعبد والصنم الصورة بلا جثة ومنهم من لم يفرِّق بينهما وأطلقهما على المعنيين وقد يطلق الوثن على غير الصورة ومنه حديث عدي بن حاتم الطائي: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي الق هذا الوثن عنك.
وجه التشبيه أن الخمر لما كانت أم الخبائث وأنها من عمل الشيطان أن شبه شربها بعبادة الأوثان ومدمن الخمر ملازمها الذي لا ينفك عن شربها وذلك يخشى عليه من سوء الخاتمة فلا يدخل الجنة بسبب ذلك أو أنه لا يدخلها مع أول داخل حتى يطهر بعفو الله تعالى عنه.
قوله: رجس، الرجس النجس.
قوله: في آخر الحديث: إلا أن عتاب بن بشير [لَا أرَاهُ سمع من مُجَاهِد].
(1)
المفاتيح (1/ 291) و (4/ 281).
(2)
النهاية (5/ 151).
3567 -
وَعَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاثَة حرَّم الله تبارك وتعالى عَلَيْهِم الْجنَّة مدمن الْخمر والعاق والديوث الَّذِي يقر فِي أَهله الْخبث رَوَاهُ أَحْمد وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
(1)
.
قوله: وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: "ثلاثة حرم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة مدمن الخمر" الحديث، هذا الحديث أيضا لا يحمل على ظاهره بل يتأول.
3568 -
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يراح ريح الْجنَّة من مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَلَا يجد رِيحهَا منان بِعَمَلِهِ وَلَا عَاق وَلَا مدمن خمر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير.
(1)
أخرجه أحمد 2/ 69 (5372) و 2/ 128 (6113) و 2/ 134 (6180)، والبزار (6050) و (6051)، والنسائي في المجتبى 4/ 561 (2581) والكبرى (2354)، وأبو يعلى (5556)، وابن خزيمة في التوحيد (2/ 859 - 861)، والطوسي في مختصر الأحكام (1505)، والحاكم 1/ 72، والطبراني في الكبير (12/ 302 رقم 13180) والأوسط (3/ 51 رقم 2443)، والبيهقي في الشعب (10/ 224 - 225 رقم 7417) والكبرى (10/ 381 - 382 رقم 21025). قال البزار: وحديث محمد بن عمرو لا نعلم رواه عنه إلا عمران القطان، ولا رواه عن عبد الله بن يسار إلا عمر بن محمد. قال الطوسي: هذا حديث حسن. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والقلب إلى رواية أيوب بن سليمان أميل حيث لم يذكر في إسناده عمر. وقال الذهبي: صحيح الإسناد.
وقال الهيثمي في المجمع 4/ 327 و 8/ 147: رواه أحمد، وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات. وقال في 8/ 148: رواه البزار بإسنادين ورجالهما ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (674) و (1397) و (3099) وصحيح الترغيب (2070) و (2366) و (2512).
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يراح ريح الجنة من مسيرة خمسمائة عام" أي: يشم [رائحتها من مسيرة خمسمائة عام].
3569 -
وَعَن عمار بن يَاسر رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ثَلَاَثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة أبدا الديوث والرجلة من النِّسَاء ومدمن الْخمر قَالُوا يَا رَسُول الله أما مدمن الْخمر فقد عَرفْنَاهُ فَمَا الديوث قَالَ الَّذِي لَا يُبَالِي من دخل على أَهله قُلْنَا فَمَا الرجلة من النِّسَاء قَالَ الَّتِي تشبه بِالرِّجَالِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته لَا أعلم فيهم مجروحا وشواهده كَثِيرَة
(1)
.
قوله: وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا الديوث والرجلة من النساء" تقدم الكلام عليه في اللباس.
3570 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا الْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ رَوَاهُ الْحَاكم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
(2)
.
(1)
أخرجه الطبراني كما في جامع المسانيد (6/ 341 - 342 رقم 7851) وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة (5209)، والبيهقي في الشعب (13/ 261 - 262 رقم 10310). قال الهيثمي في المجمع 4/ 327: رواه الطبراني، وفيه مساتير وليس فيهم من قيل إنه ضعيف. وصححه الألباني في الصحيحة (1397) وصحيح الترغيب (2071) و (2367).
(2)
أخرجه الحاكم (4/ 145)، وعنه البيهقي في الشعب (7/ 408 رقم 5199). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وحسنه الألباني في الصحيحة (2498) وصحيح الترغيب (2368).
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: "اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر" والخمر مأخوذ من خمر إذا ستر ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمروا الإناء" ومنه خمار المرأة فلما كانت الخمر تستر العقل وتغطيه سميت بذلك وهي اسم لعصير العنب وإن لم يقذف بزبدة واشترط أبو حنيفة في التسمية أن يقذف بزبدة فحينئذ يكون مجمعا عليه
(1)
.
وأما عصير الرطب النيء إذا اشتد وغلا وقذف بالزبد فقال المزني والقاضي حسين والبغوي وغيرهم: هو خمر حقيقة لأن الاشتراك في الصفة يقتضي الاشتراك في الاسم وهو قياس في اللغة وهو جائز عند الأكثرين وهو ظاهر الأحاديث، ونسب الرافعي إلى الأكثرين أنه لا يقع عليها إلا مجازا أما في التحريم والحد فهي كالخمر لا يكفر مستحلها للخلاف فيها وشربها من أكبر المحرمات بالإجماع وكان المسلمون يشربونها في أول الإسلام واختلف أصحابنا في أن ذلك كان استصحابا منهم لحكم الجاهلية أو لشرع في إباحتها ورجح الماوردي الأول والنووي الثاني وكان تحريمها في السنة الثالثة من الهجرة بعد أحد، ورد في تحريمها أربع آيات قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}
(2)
الآية، وما كبر إثمه لا يكون مباحا، وقوله:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}
(3)
وقوله: {إِنَّمَا الْخَمْر
(1)
النجم الوهاج (9/ 221).
(2)
سورة البقرة، الآية:219.
(3)
سورة النساء، الآية:43.
وَالْمَيْسِرُ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}
(1)
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ}
(2)
والمراد بالإثم الخمر عند الأكثرين كقول الشاعر:
شربت الإثم حتى ضل عقلي
…
كذاك الإثم يذهب بالعقول
قيل: وبهذه الآية استقر التحريم لما فيها من صريح التحريم وفي غيرها محتمل لكن وقع التحريم بالأولى عند الحسن البصري وبالثالثة عند الأكثرين لقول عمر اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الأول فأعاد دعاءه فنزلت الثانية فأعاد الدعاء فنزلت الثالثة فحين سمعها قال: انتهينا انتيهنا رواه عنه أبو داود والترمذي
(3)
.
تتمة: قال أبو العباس القرطبي في حديث الإسراء أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرض عليه الخمر واللبن اختار اللبن فقال له جبريل عليه السلام: "الحمد لله الذي هداك للفطرة" يعني فطرة دين الإسلام كما قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}
(4)
فجعل الله تعالى ذلك لجبريل علامة على هداية هذه [الأن اللبن] أول ما يتغذ به الإنسان وهو [قوت خال] عن المفاسد وبه قوام الأجسام ودين الإسلام هو أول ما
(1)
سورة المائدة، الآية:90.
(2)
سورة الأعراف، الآية:33.
(3)
كفاية النبيه (17/ 396 - 398)، وتحفة المحتاج (9/ 166) ومغنى المحتاج (5/ 513 - 515).
(4)
سورة الروم، الآية:30.
أخذ على ابن آدم وهم كالذر وهو قوت الأرواح به قوامها وحياتها الأبدية وصار اللبن عبادة مطابقة لمعنى دين الإسلام من جميع جهاته والخمر على النقيض من ذلك في جميع جهاتها إذ هي مفتاح كل شر
(1)
، أ. هـ قاله في الديباجة.
3571 -
وَعَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول الْخمر جماع الْإِثْم وَالنِّسَاء حبائل الشَّيْطَان وَحب الدُّنْيَا رَأس كل خَطِيئه ذكره رزين وَلم أره فِي شَيْء من أُصُوله
(2)
.
قوله: وعن حذيفة رضي الله عنه هو ابن اليمان تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الخمر جماع الإثم" أي مجمعه ومظنته ومنه حديث الحسن: اتقوا هذه الأهواء فإن جماعها الضلالة، قاله ابن الأثير
(3)
.
قوله: "والنساء حبائل الشيطان" الحبائل المصائد.
قوله: "وحب الدنيا رأس كل خطيئة" قال الشافعي رحمه الله تعالى:
حب الدنيا رأس كل خطيئة
…
فاحذر تحب من الخطيئة رأسها
كم جاهل قد جاء يقبل ثغرها
…
لو كان يعلم بأسها ما باسها
(1)
المفهم (17/ 16).
(2)
لم أعثر عليه عن حذيفة ولا عن غيره مرفوعًا. وقال الألباني في المشكاة (5212): لا أصل لَهُ مَرْفُوعا. قلت بعضه من كلام ابن مسعود أخرجه أبو داود في الزهد (160). وروى مرفوعًا من حديث زيد بن خالد: أخرجه الدارقطني (4611) والقضاعى في مسند الشهاب (54). وضعفه الألباني في الضعيفة (2059).
(3)
النهاية (1/ 295).
حب الدنيا رأس كل خطيئة [
…
]
(1)
والله لا يحب الخطايا ولا أهلها، وإن الدنيا لهو ولعب والله لا يحب اللهو [ولا] اللعب ولأن القلب [بيت الرب] عز وجل [لا شريك له] فلا يجب أن يشركه [في بيته حب ا] لدنيا ولا غيره، وبالجملة فنحن نعلم قطعا أن محب الدنيا مبغوض عند الله عز وجل فالزاهد فيها الرغب عنها محبوب له عز وجل ومحبة الدنيا المكروهة هي إيثارها [لقضاء] شهوات النفس وأوطارها لأن ذلك يشغل عن الله عز وجل أما محبتها لفعل الخير وتقديم الآخرة بها عند الله عز وجل ونحو ذلك فهي عبادة كقوله صلى الله عليه وسلم:"نعم المال الصالح للرجل الصالح"[يصل به] رحما ويصنع فيه معروفًا [أو كما قال وفي الإثر إذا] كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الذهب والفضة كالجبلين العظيمين ثم يقول: هذا مالنا عاد إلينا سعد [به قوم] وشقى به قوم آخرون وإنما كان الزهد سببا لمحبة اناس فلأن الناس يتهافتون على الدنيا بطباعهم إذ الدنيا جيعة والناس كلابها فمن زاحمهم عليها أبغضوه ومن زهد فيها ووفرها عليهم أحبوه وعدوه المؤمن من يعمل عمله ومما يروي من شعر الشافعي في المعنى قوله:
وَمَا هِيَ إلاجِيفَةٌ مُسْتَحِيْلَةٌ
…
عَلَيْهَا كِلَابٌ هَمُّنَّ اجتِذَابُهَا
فَإِن تَجْتَنِبْهَا كُنْتَ سِلْمًا لأَهْلِها
…
وَإِن تَجْتَذِبْهَا نَازَعَتْكَ كِلَابُهَا
(2)
أ. هـ
وسيأتي الكلام على حب الدنيا في الزهد إن شاء الله تعالى.
(1)
بياض بالأصل.
(2)
التعيين في شرح الأربعين (ص 231 - 232).
3572 -
وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ: أَوْصَانِي خليلي صلى الله عليه وسلم أَن لَا تشرك بِالله شَيْئا وَإِن قطعت وَإِن حرقت وَلَا تتْرك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فَمن تَركهَا مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة وَلَا تشرب الْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا عَن شهر بن حَوْشَب عَن أم الدَّرْدَاء عَنهُ
(1)
.
قوله: وعن أبي الدرداء رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا تشرك بالله شيئا، الحديث، تقدم الكلام على معنى الخليل في صلاة الضحى أو الوتر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدًا فمن تركها متعمدًا فقد برئت منه الذمة" الصلاة المكتوبة المفروضة.
وقوله: "فقد برئت منه الذمة" المراد بالذمة هنا [الأمان والحفظ].
3573 -
وَعَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه أَن أَبَا بكر وَعمر وناسا جَلَسُوا بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكرُوا أعظم الْكَبَائِر فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا علم فأرسلوني إِلَى عبد الله بن عَمْرو أسأله فَأَخْبرنِي أَن أعظم الْكَبَائِر شرب الْخمر فأتيتهم فَأَخْبَرتهمْ فَأَكْثرُوا ذَلِك ووثبوا إِلَيْهِ جَمِيعًا حَتَّى أَتَوْهُ فِي دَاره فَأخْبرهُم أَن
(1)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (18)، وابن ماجه (3371) و (4034)، والبزار (4147 و 4148)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (911)، وتمام (1791)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (1524)، والبيهقي في الشعب (7/ 408 رقم 5200). وقال الهيثمي في المجمع 4/ 216 - 217: رواه الطبراني، وفيه شهر بن حوشب، وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات. وقال البوصيري في الزجاجة 4/ 37: هذا إسناد حسن. وحسنه الألباني في المشكاة (580) وصحيح الترغيب (567) و (2369).
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن ملكا من مُلُوك بني إِسْرَائِيل أَخذ رجلا فخيره بَين أَن يشرب الْخمر أَو يقتل نفسا أَو يَزْنِي أَو يَأْكل لحم خِنْزِير أَو يقتلوه فَاخْتَارَ الْخمر وَإنَّهُ لما شرب الْخمر لم يمْتَنع من شَيْء أرادوه مِنْهُ وَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من أحد يشْربهَا فَتقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَلَا يَمُوت وَفِي مثانته مِنْهُ شَيْء إِلَّا حرمت بهَا عَلَيْهِ الْجنَّة فَإِن مَاتَ فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَة مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم
(1)
.
قوله: وعن سالم بن عبد الله عن أبيه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة" الحديث، قيل: لأن الخمر إذا شربها الإنسان تبقى في عظمه ولحمه أربعين يومًا وبعد الأربعين تقبل منه صلاته لأن بعد الأربعين تذهب عنه آثار الخمر، أ. هـ.
قوله: عن أبي هريرة، تقدم.
قوله: إذا سكر فاجلدوه، إلى أن قال: فإن عاد في الرابعة فاقتلوه، وعند النسائي وابن ماجه:"فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه" يتأول الحديث على رأي الحسن على غير معنى الإيجاب ويراه نوعا من الزجر ليرتدع ولا يقدم عليه
(2)
.
(1)
أخرجه ابن أبى عاصم في الآحاد والمثانى (810)، وابن المنذر في التفسير (1662)، والطبراني في الأوسط (1/ 116 رقم 363)، والحاكم في المستدرك (4/ 147). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع 5/ 67 - 68: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح خلا داود بن صالح التمار وهو ثقة. وصححه الألباني في الصحيحة (2695) وصحيح الترغيب (2370).
(2)
معالم السنن (4/ 8).
وقال بعضهم ولم يجمعوا على قتل شارب الخمر في الرابعة وهو مذهب لبعض السلف معروف
(1)
.
وقال بعضهم أيضا: هذا على وجه الوعيد وقد توعد بما لا يفعل كما قال في شرب الخمر في الرابعة فاقتلوه وهو مذهب ابن قتيبة ولذلك جاء في حديث جابر في السارق وأنه قطع في الأولى والثانية والثالثة إلى أن جيء به في الخامسة فقال اقتلوه فقتلناه [وفي إسناده مقال] ولم يذهب أحد من العلماء إلى قتل السارق وإن تكررت منه السرقة، قال الحافظ: قد جاء قتل شارب الخمر في المرة الرابعة وهو منسوخ
(2)
، أ. هـ.
والنسخ عبارة عن رفع الشارع حكما متقدما بحكم متأخر كذا قال بعض العلماء والله تعالى أعلم
(3)
.
وقال في الديباجة: ظهر لي والله أعلم أن الأربعين لها أثر في الخمر لأن أطوار الإنسان في بطن أمه التي يطورها أربعين يوما علقة وأربعين مضغة ثم بعد الأربعين الثالث يصور، فأربعيناته الثلاثة تشبه عوده ثلاث مرات ثم بعد ذلك يصور ويشكل فصار غير ما كان عليها في تلك الأطوار وأيضا فلما تتنجس باطنه أربعين يوما طهر ما في الإنسان فمنع بذلك قبول أفضل عبادات البدن وأشرفها وهي الصلاة وإنما لم يكثر حده لأن العقل الزائل بالخمر لا
(1)
شرح النووي على مسلم (11/ 217).
(2)
النهاية (4/ 14).
(3)
كشف المناهج (1/ 59).
يمكن إقامة الحد عليه فرجعنا إلى الجسد لأنه وعاء العقل فلذلك خف حده بخلاف القتل فإنه إعدام نفس فأعدمت فيه النفس لا مكان المساواة والزنا جناية على الأنساب فغلظ فيه الحد بحسبه.
تنبيه: وروي هذا الحديث النسائي من حديث عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن عمرو بن العاص وليس لعبد الله بن فيروز الديلمي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي سوى هذا الحديث وحديث أن سليمان لما بنى بيت المقدس.
قوله: في رواية النسائي: "من شرب الخمر فلم ينتش" الحديث، "لم تقبل له صلاة وإن انتشى" الإنتشاء أول السكر، وقيل: هو السكر نفسه ورجل نشوان بين النشوة قاله في النهاية
(1)
.
قوله: سقاه الله من طينة الخبال" وفي الحديث "ردغة الخبال"جاء تفسيرها في الحديث: "أنها عصارة أهل النار" والردغة بسكون الدال.
اللوحة
وفتحها طين ووحل كثير، ويجمع على ردغ ورداغ، والخبال في الأصل الفساد ويكون في الأفعال والأبدان والعقول، ومنه الحديث:"وبطانة لا تألوه خبالا" أي لا تقصر في إفساد أمره ومنه حديث ابن مسعود: إن قوما بنوا مسجدا بظهر الكوفة فأتاهم فقال: جئت لأكسر مسجد الخبال، أي: الفساد قاله في النهاية
(2)
.
(1)
النهاية (5/ 60).
(2)
النهاية (2/ 8 - 9) و (2/ 215).
قوله: "لم تقبل له صلاة أربعين صباحا أو ليلة" انتفاء القبول قد ورد في مواضع مع ثبوت الصحة منها صلاة شارب الخمر في هذا الحديث، ومنها: صلاة العبد الآبق، ومنها: صلاة من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول وغير ذلك من الأحاديث والذي ينبغي أن يقال أنه لا يلزم من نفي القبول نفي الصحة فصلاة هؤلاء صحيحة في نفس الأمر لاجتماع الشروط والأركان فيها لكن لا ثواب فيها فهؤلاء إنما لم تقبل صلاتهم قبول رضي للمعصية التي ارتكبوها مع صحة صلاتهم والله أعلم
(1)
.
قوله: "ولا يموت وفي مثانته منه شيء إلا حرمت بها عليه الجنة" المثانة [مستقر البول من الرجل والمرأة].
قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن مات في أربعين ليلة مات ميتة جاهلية" الميتة الجاهلية بكسر الميم الحالة التي يموت عليها أي كما يموت أهل الجاهلية من الضلال والفرقة.
3574 -
وَعَن عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول اجتنبوا أم الْخَبَائِث فَإِنَّهُ كَانَ رجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يتعبد ويعتزل النَّاس فعلقته امْرَأَة فَأرْسلت إِلَيْهِ خَادِمًا إِنَّا ندعوك لشهادة فَدخل فطفقت كلما يدْخل بَابا أغلقته دونه حَتَّى إِذا أفْضى إِلَى امْرَأَة وضيئة جالسة وَعِنْدهَا غُلَام وباطية فِيهَا خمر فَقَالَت إِنَّا لم نَدعك لشهادة وَلَكِن دعوتك لقتل هَذَا الْغُلَام أَو تقع عَليّ أَو تشرب كأسا من الْخمر فَإِن أَبيت صحت بك وفضحتك قَالَ فَلَمَّا رأى أَنه لَا بُد لَهُ من
(1)
طرح التثريب (2/ 412).
ذَلِك قَالَ اسقيني كأسا من الْخمر فسقته كأسا من الْخمر فَقَالَ زيديني فَلم تزل حَتَّى وَقع عَلَيْهَا وَقتل النَّفس فَاجْتَنبُوا الْخمر فَإِنَّهُ وَالله لَا يجْتَمع إِيمَان وإدمان الْخمر فِي صدر رجل أبدا وليوشكن أَحدهمَا يخرج صَاحبه رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ مَرْفُوعا مثله وموقوفا وَذكر أَنه الْمَحْفُوظ
(1)
.
قوله: وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "فإنه كان رجل ممن كان قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة" بفتح العين وكسر اللام المخففة ويجوز ضم العين وتشديد اللام ومعناه تعلق حبه بقلبها.
قوله: "فطفقت كلما يدخل بابا أغلقته دونه" طفق معناه جعل.
قوله: "أو تشرب كأسا من الخمر" الكأس في اللغة الإناء فيه الشراب ولا يقال لها كأس إلا إذا كان فيها شراب وقيل هو إناء الشراب ونفس الشراب
(1)
أخرجه ابن أبى الدنيا في ذم المسكر (1)، وابن حبان (5348)، والبيهقي في شعب الإيمان (7/ 406 رقم 5197)، والضياء في المختارة (370 و 371)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1122) مرفوعا. وأخرجه ابن وهب في الجامع (80)، وعبد الرزاق (17060)، وسعيد بن منصور في التفسير (823)، وابن أبى شيبة 5/ 97 (24068)، وابن أبى الدنيا في ذم المسكر (2)، والنسائي في المجتبى 8/ 462 - 464 (5712 و 5713) والكبرى (5156 و 5157)، والبيهقي في الكبرى (8/ 500 رقم 17339) والشعب (7/ 407 رقم 5198) موقوفا.
قال أبو زرعة في العلل (1586): رواه إبراهيم بن سعد ومعمر ويونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن عثمان، موقوفا؛ وهو الصحيح. وقال الدارقطني في العلل (274): والموقوف هو الصواب. وضعف الألباني المرفوع في ضعيف الترغيب (5712).
هو اسم لهما على الانفراد والاجتماع والجمع أكئوس ثم كؤوس واللفظة مهموزة وقد تترك الهمز تخفيفا قاله في النهاية
(1)
.
3575 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن آدم لما أهبط إِلَى الأَرْض قَالَت الْمَلَائِكَة أَي رب {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الْبَقَرَة: 30] قَالُوا رَبنَا نَحن أطوع لَك من بني آدم قَالَ الله لملائكته هلموا ملكَيْنِ من الْمَلَائِكَة فَنَنْظُر كَيفَ يعملان قَالُوا رَبنَا هاروت وماروت قَالَ فاهبطا إِلَى الأَرْض فتمثلت لَهما الزهرة امْرَأَة من أحسن الْبشر فجاءاها فَسَأَلَاهَا نَفسهَا فَقَالَت لَا وَالله حَتَّى تتكلما بِهَذِهِ الْكَلِمَة من الْإِشْرَاك قَالَا وَالله لَا نشْرك بِالله أبدا فَذَهَبت عَنْهُمَا ثمَّ رجعت إِلَيْهِمَا وَمَعَهَا صبي تحمله فَسَأَلَاهَا نَفسهَا فَقَالَت لَا وَالله حَتَّى تقتلا هَذَا الصَّبِي فَقَالَا وَالله لَا نَقْتُلهُ أبدا فَذَهَبت ثمَّ رجعت بقدح من خمر تحمله فَسَأَلَاهَا نَفسهَا فَقَالَت لَا وَالله حَتَّى تشربا هَذِه الْخمر فشربا فسكرا فوقعا عَلَيْهَا وقتلا الصَّبِي فَلَمَّا أفاقا قَالَت الْمَرْأَة وَالله مَا تركتما من شَيْء أبيتماه عَليّ إِلَّا فعلتماه حِين سكرتما فخيرا عِنْد ذَلِك بَين عَذَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من طَرِيق زُهَيْر بن مُحَمَّد وَقد قيل إِن الصَّحِيح وَقفه على كَعْب وَالله أعلم
(2)
.
(1)
النهاية (4/ 137).
(2)
أخرجه أحمد 2/ 134 (6178)، وعبد بن حميد (787)، وابن أبى الدنيا في العقوبات (222)، والبزار (5996)، وابن حبان (6186)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (657)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 7 رقم 19677)، وفي الشعب (1/ 39 - 322 رقم 160 و 161)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1238). =
قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: "هاروت وماروت، قال الله تعالى:{وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ}
(1)
اسما ملكين من الملائكة وبابل اسم موضع بالعراق قريبا من الكوفة ينسب إليها السهر وهو غير منصرف.
قوله: "فتمثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر" الزهرة بفتح الهاء بإسكانها.
قوله: رواه ابن حبان من طريق زهير بن محمد [هو: التميمى ثقة يغرب
= وقال الخلال في العلل (ص 295 - 296): قال أبو عبد الله (يعنى أحمد بن حنبل): هذا منكر، إنما يروى عن كعب. وقال البزار: وهذا الحديث رواه غير موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر موقوفا. وموسى بن جبير ليس به بأس، وإنما أتى رفع هذا الحديث عندي من زهير بن محمد لأنه لم يكن بالحافظ على أنه قد روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، وابن وهب، وأبو عامر وغيرهم.
قال أبو حاتم في العلل (1699): هذا حديث منكر. وقال الدارقطني في العلل (2792): اختلف فيه على نافع: فرواه موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وخالفه موسى بن عقبة، فرواه عن نافع، عن ابن عمر، عن كعب الأحبار، من رواية الثوري، عن موسى بن عقبة. وقال إبراهيم بن طهمان: عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه، عن كعب.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 53 - 54)، وابن جرير الطبري في تفسيره (2/ 343 - 344)، وابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 190 رقم 1006)، والبيهقي في الشعب 1/ 322 (162) من طرق عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر، عن كعب، قوله. وضعف الألباني المرفوع في ضعيف الترغيب (1416) وقال: منكر، وقال في الضعيفة (170): باطل.
(1)
سورة البقرة، الآية:102.
وثقه أحمد وابن معين واحتج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال النسائي: ليس بالقوي وضعفه ابن معين في رواية، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حفظه سوء وحديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق].
3576 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ لما حرمت الْخمر مَشى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَعضهم إِلَى بعض وَقَالُوا حرمت الْخمر وَجعلت عدلا للشرك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: لما حرمت الخمر مشى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض وقالوا حرمت الخمر وجعلت عدلا للشرك" العدل بفتح العين وبكسرها المثل وتقدم ذلك في الأذكار بعد الصبح من كلام المنذري.
3577 -
وَعَن أبي تَمِيم الجيشاني أَنه سمع قيس بن سعيد بن عبَادَة الْأنْصَارِيّ وَهُوَ على مصر يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من كذب عَليّ كذبة مُتَعَمدا فَليَتبَوَّأ مضجعًا من النَّار أَو بَيْتا فِي جَهَنَّم وَسمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من شرب الْخمر أَتَى عطشان يَوْم الْقِيَامَة أَلا فَكل مُسكر خمر وكل خمر حرَام وَإِيَّاكُم والغبيراء وَسمعت عبد الله بن عَمْرو بعد ذَلِك يَقُول مثله
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 37 رقم 12399)، والحاكم في المستدرك (4/ 144)، وأبو الشيخ في جزء من حديثه (131)، ومن طريق الطبراني الضياء في المختارة 10/ 191 (192). وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع (5/ 52): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2371).
لم يخْتَلف إِلَّا فِي بَيت أَو مَضْجَع رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى كِلَاهُمَا عَن شيخ من حمير لم يُسَمِّيَاهُ عَن أبي تَمِيم
(1)
.
قوله: وعن أبي تميم الجيشاني، والجيشاني بفتح الجيم وإسكان الياء وبلاشين المعجمة منسوب إلى جيشان قبيلة معروفة من اليمن واسم أبي تميم: عبد الله بن مالك.
قوله: أنه سمع قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري وهو على مصر [
…
]
(2)
.
قوله: "من كذب علي كذبة متعمدا فليتبوأ مضجعا من النار" المضجع بفتح الجيم، وتقدم الكلام على الكذب على رسول الله، وما قاله العلماء في ذلك في سماع الحديث في أوائل هذا التعليق.
قوله: "وإياكم والغبيراء" والغبيراء فسرها الإمام أبو القاسم البغوي بشراب تعمله الحبشة من الذرة يقال له السكركة بضم السين والكاف الأولى وسكون الراء أي نوع من الخمر يتخذ من الذرة ذكره في التنقيح على المصابيح
(3)
.
(1)
أخرجه ابن وهب في الجامع (77)، وأحمد 3/ 422 (15481 و 15482)، وأحمد بن منيع كما في إتحاف المهرة (4/ 387 رقم 3802/ 2)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 299)، وأبو يعلى (1436)، والطحاوي في معانى الآثار (6453)، والطبراني في جزء من كذب على متعمدا (154) والكبير (18/ 352 رقم 896 و 897 و 898). وقال الهيثمي في المجمع 5/ 70: رواه أحمد، وأبو يعلى وفيه راو لم يسم. وضعفه الألباني الألبانى في ضعيف الترغيب والترهيب (1417).
(2)
بياض في الأصل.
(3)
كشف المناهج (4/ 58).
3578 -
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من شرب الْخمر خرج نور الْإيمَان من جَوْفه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "من شرب الخمر خرج نور الإيمان من جوفه" المراد بالجوف البطن [قال جدع بن سنان:] إنّ إبليس من خلق الجن من مارج من نار وكان عظيم الخلق حسنه وكان يسكن الأرض وسبب اتصاله بمحل الملائكة أنه كان خادما للزهرة وكانت الزهرة خلقا حسنا في الأرض من جملة مخلوقات الله تعالى وكانت أنثى ذات جمال فائق [ونور] ساطع وبهاء وافر وكانت الحروب يومئذ بين قبائل الجن متصلة فلما قال الله تعالى للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}
(2)
وقرئت (خليقة): {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}
(3)
لما فعلوا الجن والبر والطم والدم والجن، قال جدع بن سنان: فقال الله تعالى -وهو أعلم بما يكون وبما هو كائن وبما كان وما هو كائن-: فاختاروا أيتها الملائكة من بينكم من ينزل إلى الأرض فيحكم بين مخلوقاتي ويأخذ القصاص فمن بغي لمن بغي عليه فإني لا أحب الظلم وأنا القوي العزيز،
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 110 رقم 341). وقال الهيثمي في المجمع 5/ 72: رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم. وضعفه اللباني في ضعيف الترغيب (1418) وقال: منكر.
(2)
سورة البقرة، الآية:30.
(3)
سورة البقرة، الآية:30.
قال: واختاروا من بينهم الملكين هارون وماروت وكانا أشد أهل السماوات عبادة وأكثرهم تسبيحا وتقديسا فكانا ينزلان إلى الأرض فيحكمان فيها بين مخلوقات الله عز وجل على اختلاف أنواعهم وتغاير أجناسهم وتباين خلقهم من عدة لا تحصى وخلائق لا تدرك في البر والبحر حتى أن الذر لتأتي إليهما وتقول أن الذرة مثلى عدت على قوت لي كنت قد ادخرته لمشتاي فيحكمان بينهما بما ألهمهما الله تعالى من فصل الخطاب وحتى أن السمكة الصغير تستغيث بهما من أذى الكبيرة فيغيثانها ويمنعاها من أذاها ولا يزال كذلك ولا يزالا كذلك طول نهارهما إلى آخره فإذا جنحت الشمس للغروب نهضا وقالا: سبحانك اللهم وبحمدك فيكون ذلك منتهى حكمهما ذلك اليوم ثم يتليان أسماء الصعود فيصعدان إلى محل عبادتهما قال: فركب الله فيهما حب الشهوة وأتت الزهرة تستعينهما من حادث حدث عليها فامتحنا بها لما عايناها وعادا يرددانها في حكومتها ذلك اليوم أجمع وقد اشتغلا بها على سائر الحكم بين الخلائق ولم يحكما ذلك اليوم بين أحد من خلق الله تعالى حتى نصراها على غريمها وحكما عليه بغير الحق، قال جدع بن سنان: فلما كان وقت صعودهما قالت لهما الزهرة وقد تحققت ميلهما لو علمتماني الأسماء حتى كنت أصعد معكما ولا أفارقكما، قالت: قد علمت مرادكما قال: فعلماها الأسماء وكان إبليس قائما معها فاسترق الأسماء وسبقها صعودا ثم تبعته فمسخت كوكبا في السماء الثالثة وذلك محل عبادة هاروت وماروت، وصعد إبليس إلى محل عبادة هاروت في السماء الدنيا وتقرب
بالعبادة والتسبيح والتقديس حتى تعجب منه ملائكة السماء فاشتاق إليه أهل السماء الثالثة فصعد إليهم وفعل.
كذلك فلم يزل يتقرب بالعبادة وكثرة التسبيح والتقديس حتى سمي طاووس الملائكة وعاد قريبا القدوة ونديم الحضرة وعلم بإرادة الله عز وجل وبما سبق له في غامض علمه الذي لا يعلمه سواه جميع المخلوقات في السماوات السبع والأرضين السبع وأما الزهرة فمسخت كوكبا وأما هاروت وماروت فإنهما لما علما الزهرة وإبليس الأسماء سلباها وعلما أنهما قد عصيا فسألا الله عز وجل عذاب الدنيا دون عذاب الآخرة فهما يعذبان بأرض بابل [ويعلمان] الناس السحر كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}
(1)
الآية، وقد عنوهما الشعراء وكذروهما في أشعارهم ونسبوا إليهما السحر ولذلك عرفت بابل بالسحر، أ. هـ قاله في تاريخ كنز الدرر وهو تاريخ مطول تسع مجلدات
(2)
.
تنبيه: قوله تعالى: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}
(3)
إلى قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
(4)
روى يحيى بن أبي كثير قال: الذين قالوا
(1)
سورة البقرة، الآية:102.
(2)
كنز الدرر (1/ 237 - 240)
(3)
سورة البقرة، الآية:30.
(4)
سورة البقرة، الآية:30.
هذا كانوا عشرة آلاف ملك فأرسل الله تعالى نارا فأحرقتهم، فإن قيل: فهلا احترق إبليس لما خالف؟ قلنا: لما سبق في الأزل من امتحان بني آدم وقوله: {إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}
(1)
وقال قتادة: غضب الله عليهم فطافوا بالعرش سبع سنين يقولون لبيك اللهم لبيك اعتذارا إليك فتاب عليهم فذلك بدوا التلبية ثم في مرادهم بذلك أقوال، أحدها: أنه استفهموا وجه الحكمة فكأنهم قالوا: كيف يعصونك وقد استخلفتهم وإنما ينبغي أن يسبحوا كما نسبح، والثاني: أنه قالوه تعجبا من استخلاف من يفسدوا، الثالث: أنهم استفهموا عن حال أنفسهم وتقديره: أتجعل فيها من يفسد فيها ونحن نسبه أم لا، ذكره ابن الأنباري والحسين بن الفضل. فإن قيل: فكيف نطقوا على بني آدم بالفساد وما رأوهم وذكر الغائب غيبة، وهل علموا الغيب حتى قالوا ذلك؟ فالجواب: من وجوه، أحدها: ما روي عن ابن عباس أنه قال لما قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}
(2)
قالوا: وما يكون من ذلك، قال: ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا فقالوا عند ذلك: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}
(3)
، الثاني: أنهم قاسوا على فعل من من تقدمهم من الجن الذين أفسدوا في الأرض فقاسوا بالشاهد الغائب، الثالث: كان لهم علم التجربة وعلم الفراسة والظن فتحقق ظنهم، والرابع: أنهم لما أخبروه بوجود
(1)
سورة الأعراف، الآية:15.
(2)
سورة البقرة، الآية:30.
(3)
سورة البقرة، الآية:30.
هذا الخليفة وأنه مخلوق من الطبائع الأربع المختلفة والهوى والغضب إنما يثوران من الحرارة والهوى يفسد والغضب يفسد فحكموا بذلك والمراد بالفساد العمل بالمعاصي وسفك الدم صبه وإراقته والتسبيح التنزيه لله من كل سوء والتقديس التطهير والمعنى ننزهك ونعظمك، أ. هـ قاله في التاريخ المذكور
(1)
.
قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
(2)
اختلف فيه على أقوال أحدها: أنه علم أنه سيكون من ذريته أنبياء وعلماء وصالحون، قاله ابن عباس، الثاني: أنه علم أنه سيكون من ذريته من يذنب فيتوب فاغفر له، قاله مقاتل، والثالث: إني أعلم بوجوه المصالح في استخلافي إياهم فلا تعترضوا على حكمي وتدبيري قاله الحسين بن الفضل، الرابع: إني أعلم أنهم سيسفكون الدماء ولكن بجور [رئيسكم] أ. هـ قاله في التاريخ
(3)
.
تتمة: تكلم الناس أي العلماء [في أمر] الزهرة وزهير وهما نجمان قال بعضهم ممسوخان وقد روى ذلك عن ابن عباس وروي عطاء عن ابن عمر أنه كان إذا رأى سهيلا شتمه وإذا رأى الزهرة شتمها روى أن سهيلا كان عشارا باليمن فظلم الناس وأن الزهرة كانت صاحبة هاروت وماروت فمسخها الله شهابا قال مجاهد كان ابن عمر إذا قيل له طلعت
(1)
المصدر السابق (2/ 25 - 26).
(2)
سورة البقرة، الآية:30.
(3)
المصدر السابق (2/ 27).
الزهرة قال: لا مرحبا ولا أهلا يعني الزهرة وقال بعضهم: هذا لا يصح لأن هذه النجوم خلقت حين خلقت السماء لأنه روي في الخبر أنه لما خلقت السماء خلق سبعة داورة: زحل ومشترى وبهرام وعطارد والشمس والقمر والزهرة، وجعل مصلحة الدنيا بهذه السبعة الدوراة وجعل لكل واحد منها سلطان في سبح من المصلحة فثبت بهذا أن من قال أنهما ممسوخان لا يصح، والزهرة وسهيل قد كانا قبل خلق آدم والذي روي عن ابن عمر وغيره أن سهيلا كان عشارا باليمن وأن الزهرة فتنت هاروت وماروت فمسخهما الله شهابا ولكنهما لم يبقيا وقد هلكا وصارا إلى النار وأما الذي روي أنه كان يشتمه فاحتمل أنه لم يشتم الكوكب وإنما شتم سهيلا الذي كان عشارا وكذلك في الزهرة إنما شتم المرأة التي كان اسمها زهرة ولم يشتم الكوكب، أ. هـ قاله أبو الليث السمرقندي
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: لما حرمت الخمر مشى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض وقالوا حرمت الخمر وجعلت عدلا للشرك" العدل بفتح العين وبكسرها المثل وتقدم ذلك في الأذكار بعد الصبح من كلام المنذري.
قوله: وعن أبي تميم الجيشاني، والجيشاني بفتح الجيم وإسكان الياء وبلاشين المعجمة منسوب إلى جيشان قبيلة معروفة من اليمن واسم أبي تميم: عبد الله بن مالك.
(1)
بستان العارفين (ص 396).
قوله: أنه سمع قيس بن سعيد بن عبادة الأنصاري وهو على مصر
(1)
[هو أبو الفضل، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الملك قيس بن سعد بن عبادة بن دليم، وسبق باقى نسبه في ترجمة أبيه. وهو أنصارى، ساعدى، مدنى، صحابى ابن صحابى، جواد ابن جواد، وهم أربعة مشهورون بالكرم، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر حديثا. روى عنه الشعبي، وابن أبى ليلى، وعمرو بن شرحبيل، وغيرهم. وكان من فضلاء الصحابة، وأحد دهاة العرب وذوى الرأى الصائب والمكيدة في الحرب والنجدة، وكان شريف قومه غير مدافع، ومن بيت سيادتهم، قال الزهري: كان قيس يحمل راية الأنصار مع النبى صلى الله عليه وسلم، وله في جوده أخبار كثيرة مشهورة، ورووا أنه كان في سرية فيها أبو بكر، وعمر، رضى الله عنهما، فكان يستدين ويطعم الناس، فقالا: إن تركناه أهلك مال أبيه، فهما يمنعه، فسمع سعد، فقال للنبى صلى الله عليه وسلم: من يعذرنى منهما، يبخلان على ابنى، وصحب قيس بعد ذلك عليا في خلافته، وكان معه في حروبه، واستعمله على مصر. توفى سنة ستين، وقيل: تسع وخمسين، ولم يكن في وجهه لحية ولا شعر، وكانت الأنصار تقول: وددنا أن نشترى لقيس لحية بأموالنا. وكان جميلا. قال ابن عبد البر: وخبره في السراويل عند معاوية باطل لا أصل له. روينا في صحيح البخاري، عن أنس، قال: كان قيس بن سعد بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة الشرطى من الأمير. قال الأنصاري: يعنى يلى أموره. وفي كتاب الترمذي، عن قيس، أن أباه دفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم ليخدمه].
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (2/ 61 - 62 رقم 513).
قوله: "من كذب علي كذبة متعمدًا فليتبوأ مضجعًا من النار" المضجع بفتح الجيم، وتقدم الكلام على الكذب على رسول الله، وما قاله العلماء في ذلك في سماع الحديث في أوائل هذا التعليق.
قوله: "وإياكم والغبيراء" والغبيراء فسرها الإمام أبو القاسم البغوي بشراب تعمله الحبشة من الذرة يقال له السكركة بضم السين والكاف الأولى وسكون الراء أي نوع من الخمر يتخذ من الذرة ذكره في التنقيح على المصابيح.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "من شرب الخمر خرج نور الإيمان من جوفه" المراد بالجوف البطن [وقيل أراد بالجوف القلب].
3579 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من شرب الْخمر أسقاه الله من حميم جَهَنَّم رَوَاهُ الْبَزَّار
(1)
.
قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ابن عمر.
قوله: "من شرب الخمر أسقاه الله من حميم جهنم" الحميم هو المذكور في القرآن: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}
(2)
.
(1)
أخرجه أحمد بن منيع وأبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (4/ 382 رقم 3791/ 1 و 2) والمطالب (1809/ 1 و 2)، والبزار كما في كشف الأستار (2928). قال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عمر بهذا اللفظ، إلا من هذا الوجه، وقد روي نحوه من غير طريقه. وقال الهيثمي في المجمع 5/ 71: رواه البزار وفيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1419).
(2)
سورة محمد، الآية:15.
3580 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه أَن رجلال قدم مش جيشان وجيشان من الْيمن فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن شراب يشربونه بأرضهم من الذّرة يُقَال لَهُ المزر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو مُسكر هُوَ قَالَ نعم قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كل مُسكر حرَام وَإِن عِنْد الله عهدا لمن يشرب الْمُسكر أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا طِينَة الخبال قَالَ عرق أهل النَّار أَو عصارة أهل النَّار رَوَا مسلم وَالنَّسَائِيّ.
قوله: وعن جابر رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر، هو بكسر الميم وهو يتخذ من نبيذ الشعير والحنطة ويكون أيضا من الذرة.
3581 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ ثَلَاثَة لَا تقربهم الْمَلائِكَة الْجنب والسكران والمتضمخ بالخلوق رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد صَحِيح.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: "ثلاثة لا تقربهم الملائكة الجنب والسكران" المراد بالملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة دون الحفظة فإنه لا يفارقون الإنسان على حال من الأحوال وتقدم الكلام على ذلك أبسط من هذا في باب تأخير الغسل.
3582 -
وَعَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم-ثَلَاثَة لَا يقبل الله لَهُم صَلَاة وَلَا تصعد لَهُم إِلَى السَّمَاء حَسَنه العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع إِلَى موَالِيه فَيَضَع يَده فِي أَيْديهم وَالْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا حَتَّى يرضى والسكران حَتَّى يصحو رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا وَالْبَيْهَقِيّ.
قوله: وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، تقدم.
قوله: "ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة" الحديث، تقدم الكلام على معنى قبول الطاعة في أماكن من هذا التعليق.
3583 -
وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله بَعَثَنِي رَحْمَة وَهدى للْعَالمين وَأَمرَنِي أَن أمحق المزامير والكبارات يَعْني البرابط وَالْمَعَازِف والأوثان الَّتِي كَانَت تعبد فِي الْجَاهِلِيَّة وَأقسم رَبِّي بعزته لَا يشرب عبد من عَبِيدِي جرعة من خمر إِلَّا سقيته مَكَانهَا من حميم جَهَنَّم معذبا أَو مغفورا لَهُ وَلَا يسقيها صَبيا صَغِيرا إِلَّا سقيته مَكَانهَا من حميم جَهَنَّم معذبا أَو مغفورا لَهُ وَلَا يَدعهَا عبد من عَبِيدِي من مخافتي إِلَّا سقيتها إِيَّاه من حَظِيرَة الْقُدس رَوَاهُ أَحْمد من طَرِيق عَليّ بن زيد البرابط جمع بربط بِفَتْح الباءين الموحدتين وَهُوَ الْعود
(1)
.
قوله: وعن أبي أمامة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين" والعالمون جمع عالم وهو في الأصل ما سوى الله عز وجل والمراد بالعالمين ها هنا أصناف
(1)
أخرجه الطيالسي (1230)، وأحمد 5/ 257 (22218)، وأحمد بن منيع كما في إتحاف الخيرة (4/ 373 رقم 3772/ 2)، والحارث (771)، وابن أبى الدنيا في ذم الملاهى (69)، والروياني (1230)، والآجرى في تحريم النرد (60 و 61)، والطبراني في الكبير (8/ 196 - 197 رقم 7803 و 7804) و (8/ 211 رقم 7852)، والحسن بن رشيق في جزئه (15)، وابن عبد البر في الجامع (1025) و (1028)، وابن عساكر في ذم الملاهى (4). وقال الهيثمي في المجمع 5/ 69: رواه كله أحمد، والطبراني، وفيه علي بن يزيد، وهو ضعيف. ورواه أبو يعلى باختصار إلا أنه قال: فإن مات دخل النار. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1421).
المخلوقات، سمى كل صنف عالما كما يقال عالم الغيب وعالم الشهادة وعالم العقل وعالم الطبيعة وعالم الحس وعالم الخيال وعالم العلوي وعالم السفلي ونحو ذلك، وروي عن قتادة أو غيره من أهل العلم: أن لله عز وجل ثمانين ألف عالم كل عالم كالدنيا وما فيها
(1)
.
وقوله عز وجل: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}
(2)
، {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}
(3)
وقوله عليه الصلاة والسلام: "فاطمة سيدة نساء العالمين" أراد به خصوص العقلاء
(4)
.
وقوله عز وجل: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(5)
أراد به عموم هذه الموجودات بدليل قوله: {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ}
(6)
وكذلك و {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)}
(7)
لأن بركته عليه الصلاة والسلام عمت الموجودات لأنه عرف الناس أحكامها وما ينبغي فيها وما لا ينبغي قاله الطوفي في شرح الأربعين النواوية
(8)
.
(1)
التعيين في شرح الأربعين (ص 5).
(2)
سورة الفرقان، الآية:1.
(3)
سورة الجاثية، الآية:16.
(4)
المصدر السابق (ص 5).
(5)
سورة الفاتحة، الآية:2.
(6)
سورة الأنعام، الآية:164.
(7)
سورة الأنبياء، الآية:107.
(8)
المصدر السابق (ص 5).
قوله: "وأمرني أن أمحق المزامير والكبارات [يعني البرابط] والمعازف والأوثان" الحديث، المحق إذهاب الشيء والمزامير جمع مزمار، والكبارات يعني البرابط جمع بربط وهو العود، قاله المنذري، والمعازف هي آلات اللهو كلها، وتقدم ذلك عن الجوهري لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها، ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر وقد توعد مستحلي المعازف في الأحاديث بأن يخسف الله بهم الأرض ويمسخهم قردة وخنازير وإن كان للوعيد على جميع هذه الأفعال فكل واحد منها قسط في الذم والوعيد والله أعلم.
تنبيه: وبالجملة فالمعروف من مذاهب الأئمة الأربعة أن الضرب بذوات الأوتار والاستماع إليها حرام ولا يجوز بيعها ولا أجرة لصانعها ولا غرم على كاسرها لصنعتها ولا يقطع سارقها ما لم يبلغ رضاضها نصابا، وقال الغزالي رحمه الله تعالى
(1)
: المنع منها لعلل، إحداها: أنها تدعو إلى مجالس الخمر وإلى شربه وأن الاجتماع إليها قد صار من عادة الفسقة ومن تشبه بقوم فهو منهم وأيضًا فإن للمحارم حمى ينسحب التحريم عليه كما حرمت الخلوة بالأجنبية لكونها مقدمة الجماع وحرم النظر إلى الفخذ لكونه متصلا بالسوءتين وحرم قليل الخمر وإن كان لا يسكر لأنه يدعوا إلى المسكر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "وأقسم ربي بعزته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته مكانها من حميم جهنم معذبًا أو مغفورًا له" والقسم الحلف وتقدم الكلام
(1)
إحياء علوم الدين (2/ 272).
على الجرعة في الصوم وتقدم الكلام أيضا على جهنم وأنها سبع طباق.
قوله: "ولا يسقيها صبيا صغيرا إلا سقيته مكانها من حميم جهنم" تقدم الكلام على حميم جهنم.
تنبيه: إنما يتناول هذا الوعيد المذكور في هذه الأحاديث شارب الخمر في حال التكليف اختيارا منه فأما الصبي والمجنون والمكره فلا يدخلون في هذا الوعيد، وقد دل ذلك قوله في الحديث:"ثم لم يتب منها" لأن التوبة إنما تكون من ذنب صدر، وهؤلاء لا ذنب عليهم بما صدر منهم وقد ورد في هذا الحديث وغيره على ساقيها للصغير ففي سنن أبي داود عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ومن سقاه صغيرًا لا يعرف حلاله من حرامه كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال" وترتب هذا الوعيد على مجرد شرب الخمر وإن لم يسكر بذلك عملا بمقتضى الحديث، وقد أجمع المسلمون على تحريم ما كان منها من عصير العنب بمجرد الشرب وإن قل وتقدم ذلك، واختلفوا في غيرها فمذهبنا ومذهب الأكثرين أن حكمها كذلك، وقال الحنفية: إنما يحرم من غيرها القدر المسكر ما لم يصل به إلى السكر والله أعلم، أ. هـ قاله شيخ الإسلام في شرح الأحكام
(1)
.
قوله في الحديث: "ولا يدعها عبد من عبيدي من مخافتي إلا سقيتها إياه من حظيرة القدس" الحديث، حظيرة القدس: بالظاء المشالة الجنة لأنها محل الطهارة من أدناس الدنيا وتقدم ذلك.
(1)
طرح التثريب (8/ 41 - 42).
3584 -
وَعَن أنس رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من ترك الْخمر وَهُوَ يقدر عَلَيْهِ لأسقينه مِنْهُ فِي حَظِيرَة الْقُدس وَمن ترك الْحَرِير وَهُوَ يقدر عَلَيْهِ لأكسونه إِيَّاه فِي حَظِيرَة الْقُدس رَوَاهُ الْبَزَّار بِإسْنَاد حسن
(1)
.
3585 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سره أَن يسْقِيه الله الْخمر فِي الْآخِرَة فليتركها فِي الدُّنْيَا وَمن سره أَن يكسوه الله الْحَرِير فِي الْآخِرَة فليتركه فِي الدُّنْيَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا شَيْخه الْمِقْدَام بن دَاوُد وَقد وثق وَله شَوَاهِد
(2)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يسقيه الله الخمر في الآخرة فليتركها في الدنيا [
…
]
(3)
.
قوله: ورواته ثقات إلا [شيخه] المقدام بن داود [وقد وثق وقال النسائي في الكنى: ليس بثقة، وقال الدارقطني: ضعيف].
3586 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من شرب حسوة من خمر لم يقبل الله مِنْهُ ثَلَاثَة أَيَّام صرفا وَلَا عدلا وَمن شرب كأسا لم
(1)
أخرجه البزار (7381). وقال الهيثمي في المجمع 5/ 76: رواه البزار، وفيه شعيب بن بيان قال الذهبي: صدوق، وضعفه الجوزجاني، والعقيلي، وبقية رجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2064) ووصححه في (2375).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 363 رقم 8879)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 413). قال الطبراني: لم يرو هذا عن ابن ثوبان إلا أسد بن موسى. قال الهيثمي في المجمع 5/ 76: رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه المقدام بن داود وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات. قال العراقي في تخريج الإحياء (1927): رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2376).
(3)
بياض بالأصل.
يقبل الله صلَاته أَرْبَعِينَ صباحا ومدمن الْخمر حَقًا على الله أَن يسْقِيه من نهر الخبال قيل يَا رَسُول الله وَمَا نهر الخبال قَالَ صديد أهل النَّار رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة حكم بن نَافِع
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من شرب حسوة من خمر لم يقبل الله منه ثلاثة أيام صرفا ولا عدلا" الحسوة من الخمر وغيره بالفتح المرة وبالضم الجرعة من الشراب بقدر ما يحسى مرة واحدة
(2)
، وتقدم الكلام على القبول، وتقدم أيضا الكلام على الفريضة والنافلة في مواضع من هذا التعليق وتقدم تفسير الكأس في أحاديث الباب.
3587 -
وَرُوِيَ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدهِ ليبيتن أنَاس من أمتِى على أشر وبطر وَلعب وَلَهو فيصبحوا قردة وَخَنَازِير باستحلالهم الْمَحَارِم واتخاذهم الْقَيْنَات وشربهم الْخمر وبأكلهم الرِّبَا ولبسهم الْحَرِير رَوَاهُ عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة وَتقدم حَدِيث أبي أُمَامَة فِي مَعْنَاهُ
(3)
.
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 192 رقم 11465). قال الهيثمي في المجمع 5/ 71: رواه الطبراني، وفيه حكيم بن نافع وهو ضعيف، وقد وثقه ابن معين وغيره. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1422).
(2)
النهاية (1/ 387).
(3)
أخرجه عبد الله في زوائد المسند 5/ 329 (22790)، وابن شاذان في الثامن من أجزائه (138)، وابن أبى الدنيا في العقوبات (347)، وابن عساكر في ذم الملاهى (1). وقال ابن =
قوله: وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه تقدم الكلام عليه وعلى تفسير هذا الحديث.
3588 -
وَعَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول يشرب نَاس من أمتِي الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا يضْرب على رؤوسهم بالمعازف والقينات يخسف الله بهم الأَرْض وَيجْعَل مِنْهُم القردة والخنازير رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه
(1)
.
قوله: وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها" تقدم الكلام عليه وعلى تفسير ألفاظ هذا الحديث.
3589 -
وَعَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي هَذِه الْأمة خسف ومسخ وَقذف قَالَ رجل من الْمُسلمين يَا رَسُول الله مَتى ذَلِك قَالَ إِذا ظَهرت القيان وَالْمَعَازِف وشربت الْخُمُور رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة عبد الله بن
= عساكر: تفرد به فرقد. وقال الهيثمي في المجمع 5/ 75: رواه عبد الله بن أحمد. وفرقد ضعيف. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1864) و (2377).
(1)
أخرجه ابن وهب في الجامع (47)، وأحمد 5/ 423 (22900)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 304) و (7/ 221)، وابن ماجه (4020) وابن حبان (6758)، والطبراني في الكبير (3/ 283 رقم 3419)، وفي مسند الشاميين (2061)، والبيهقي في الكبرى (8/ 512 رقم 17383) و (10/ 373 - 374 رقم 20989)، وفي الشعب (7/ 421 رقم 5227) والآداب (627). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2378) وغاية المرام (402).
عبد القدوس وَقد وثق وَقَالَ حَدِيت غَرِيب وَقد رُوِيَ عَن الْأَعْمَش عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط مُرْسلا
(1)
.
قوله: وعن عمران بن حصين رضي الله عنه تقدم الكلام عليه وعلى تفسير ألفاظ هذا الحديث.
3590 -
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من مَاتَ من أمتِي وَهُوَ يشرب الْخمر حرم الله عَلَيْهِ شربهَا فِي الْجنَّة وَمن مَاتَ من أمتِي وَهُوَ يتحلى الذَّهَب حرم الله عَلَيْهِ لِبَاسه فِي الْجنَّة رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ ورواة أَحْمد ثِقَات
(2)
.
قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
(1)
أخرجه الترمذي (2212)، وابن أبى الدنيا (2)، والروياني (142)، والدانى في الفتن (340)، وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (18/ 169)، والشجري في الأمالى (2/ 359) و (2/ 376). قال الترمذي: هذا حديث غريب. وصححه الألباني في الصحيحة (1604) وصحيح الترغيب (2379).
(2)
أخرجه أحمد 2/ 166 (6556) و 2/ 208 (6947) و 2/ 209 (6948)، والبزار (2935/ كشف الأستار)، وأبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (4/ 497 - 498 رقم 4012/ 3 و 4 و 5)، والطبراني في الكبير (13/ 600 رقم 14517)، وابن شاهين في الناسخ (587). قال عبد الله بن أحمد:"ضرب أبي على هذا الحديث، فظننت أنه ضرب عليه لأنه خطأ، وإنما هو ميمون بن أستاذ، عن عبد الله بن عمرو، ليس فيه: "عن الصدفي"، ويقال: إن ميمون هذا هو الصدفي؛ لأن سماع يزيد بن هارون من الجريري في آخر عمره، والله أعلم".
قال الهيثمي في المجمع 5/ 74: "رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجاله ثقات". وقال الألباني في صحيح الترغيب (2380): حسن صحيح.
قوله: "من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة" الحديث، هذا إذا لم يتب من ذلك.
3591 -
وَعَن مُعَاوِيَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الْخمر فاجلدوه فَإِن عَاد فِي الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَلَفظه إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا شربوا الْخمر فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِن شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِن شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِن شربوا فاقتلوهم وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِنَحْوِهِ
(1)
.
قوله: وعن معاوية رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه" الحديث، تقدم الكلام على جلد شارب الخمر، واختلاف العلماء في ذلك، هذا من باب التعليق في [الباب] أراد أنه لم يدخل الجنة لأن الخمر من شراب أهل الجنة فإذا لم يشربها في الآخرة لم يكن قد دخل الجنة، وقال الكرماني: قوله "حرمها" أي لا يشربها في الجنة كما قال تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}
(2)
(3)
.
(1)
أخرجه أحمد 4/ 95 (16859)، وأبو داود (4482)، والترمذي (1444)، وابن ماجه (2573)، والنسائي في الكبرى (5278) و (5279)، والطحاوى في معانى الآثار (4920 و 4921)، وابن حبان (4446)، والطبراني في الكبير (19/ 334 رقم 768 و 769) و (19/ 360 رقم 844 و 845)، والحاكم 4/ 372، والبيهقي في الكبرى (8/ 544 رقم 17501). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (1360) وصحيح الترغيب (2381).
(2)
سورة محمد، الآية:15.
(3)
الكواكب الدرارى (20/ 138).
فإن قلت: المعصية لا توجب الجنة؟ قلت: يدخلها ولا يشرب من نهرها فإنها من فاخر شراب أهلها؟ قلت: فيها كل ما تشتهيه النفس، قلت: قيل: إنه ينسى شهوتها، وقيل: لا يشتهيها وإن ذكرها، وقيل: دليل على أن التوبة تكفر المعاصي
(1)
، أ. هـ.
3592 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا سكر فاجلدوه ثمَّ إِن سكر فاجلدوه ثمَّ إِن سكر فاجلدوه فَإِن عَاد فِي الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَعِنْدَهُمَا فَإِن عَاد فِي الرَّابِعَة فاضربوا عُنُقه قَالَ الْحَافِظ قد جَاءَ قتل شَارِب الْخمر فِي الْمرة الرَّابِعَة من غير مَا وَجه صَحِيح وَهُوَ مَنْسُوخ وَالله أعلم
(2)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله في هذا الحديث: "فإن عاد في الرابعة فاضربوا عنقه" وفي حدي معاوية "فاقتلوه" قال الحافظ المنذري: قد جاء قتل شارب الخمر في المرة الرابعة من غير ما وجه صحيح وهو ومنسوخ والله أعلم.
تنبيه: والمختار في النسخ أنه عبارة عن رفع الشارع صلى الله عليه وسلم حكما منه متقدما بحكم منه [بحكم منه]صلى الله عليه وسلم متأخرا قاله في التنقيح على المصابيح
(3)
.
(1)
المصدر السابق.
(2)
أخرجه أحمد 2/ 280 (7762) و 2/ 391 (7911) و 2/ 504 (10547) و 2/ 519 (10729)، وأبو داود (4484)، وابن ماجه (2572)، والنسائي في المجتبى 8/ 460 (5708) والكبرى (5152)، وابن حبان (4447). وقال الألباني: حسن صحيح، صحيح الترغيب (2382)، الصحيحة (1360).
(3)
كشف المناهج (1/ 59).
3593 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الْخمر لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد فِي الرَّابِعَة لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن تَابَ لم يتب الله عَلَيْهِ وَغَضب الله عَلَيْهِ وسقاه من نهر الخبال قيل يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن وَمَا نهر الخبال قَالَ نهر يجْرِي من صديد أهل النَّار رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مَوْقُوفا عَلَيْهِ مُخْتَصرا وَلَفظه من شرب الْخمر فَلم ينتش لم تقبل لَهُ صَلَاة مَا دَامَ فِي جَوْفه أَو عروقه مِنْهَا شَيْء وَإِن مَاتَ مَاتَ كَافِرًا وَإِن انتشى لم تقبل مِنْهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَإِن مَاتَ فِيهَا مَاتَ كَافِرًا
(1)
.
قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا" الحديث
(1)
أخرجه عبد الرزاق (17058)، والطيالسي (1901)، وأحمد 3/ 35 (4917)، والترمذي (1862)، والنسائي في الكبرى (5158) والمجتبى 8/ 464 (5714)، وأبو يعلى (5686)، والطبراني في الكبير (12/ 390 رقم 13441)، وابن بشران (130)،، والطبراني (12/ 404 رقم 13492)، والبغوي (3016) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1114).
قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقد روي نحو هذا عن عبد الله بن عمرو، وابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه عطاء بن السائب وكان قد اختلط في آخر عمره وقال يحيى بن معين لا يحتج به بحديثه. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2383).
تقدم الكلام على معنى القبول في أحاديث الباب وفي غير ما موضع من هذا الحديث.
فائدة: الصحيح المشهور من مذهب الشافعي صحة إقرار السكران ونفوذ أقواله فيما له وعليه وبه قال مالك وأصحابه وذهبت طائفة إلى عدم اعتبار إقراره وأقواله واحتج مالك وجمهور الحجازيين أنه يحد من وجد منه ريح الخمر وإن لم تقم عليه بينة بشربها ولا أقر به ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرها أنه لا يحد بمجرد ريحها بل لا بد من بينة بشربها أو إقراره
(1)
، أ. هـ.
تنبيه: وأحمق بيت قالته العرب قول القائل:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمةٍ
…
تروي عظامي عند عروقها!
ولا تدفنني في الفلاة فإنني
…
أخاف إذا مت ألا أذوقها
(2)
3594 -
وَفِي رِوَايَة للنسائي عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من شرب الْخمر فَجَعلهَا فِي بَطْنه لم تقبل مِنْهُ صَلَاة سبعا وَإِن مَاتَ فِيهَا مَاتَ كافِرًا فَإِن أذهبت عقله عَن شَيْء من الْفَرَائِض وَفِي رِوَايَة عَن الْقُرْآن لم تقبل مِنْهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَإِن مَاتَ فِيهَا مَاتَ كَافِرًا
(3)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (11/ 200) وفي عبارة الشارح خلل من قوله (وبه قال مالك وأصحابه مع مخالفة آخر كلامه) وكذا هو عنده النووي قال: واحتج أصحاب مالك وجمهور الحجازيين أنه يحد من وجد منه
…
إلى آخره.
(2)
هو الأعشى أبو محجن الثقفي حياة الحيوان الكبرى (2/ 441).
(3)
أخرجه ابن أبى شيبة في المصنف 5/ 97 (24061)، والبزار (2378 و 2379)، والنسائي في المجتبى 8/ 464 (5714) و 8/ 465 (5715) والكبرى (5158) و (5159)، وابن =
قوله صلى الله عليه وسلم في رواية النسائي: "من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاة ما دام في جوفه أو عروقه منها شيء وإن مات مات كافرا وإن انتشى لم تقبل منه صلاة أربعين يوما" الحديث، الظاهر والله أعلم ان المراد بقوله فلم ينتش أي لم تذهب عقله ولقوله وإن انتشى أي أذهبت عقله ويؤيد هذا الرواية الأخرى للنسائي:"من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم تقبل له صلاة أربعين يوما".
تنبيه: وقد روى عن عروة بن الزبير أنه لما وقعت الأكلة في رجلة وأرادوا قطعها قال له الأطباء نسقيك دواء حتى يغيب عقلك ولا تحس بألم القطع فأبي وقال: ما ظننت أن خلقا يشرب شرابا يزول منه عقله حتى لا يعرف ربه
(1)
، أ. هـ.
3595 -
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما قالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الْخمر فَسَكِرَ لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن مَاتَ دخل النَّار فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد فَشرب فَسَكِرَ لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن مَاتَ دخل النَّار فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد فَشرب فَسَكِرَ لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن مَاتَ دخل النَّار فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإن عَاد فِي الرَّابِعَة كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال يَوْم الْقِيَامَة قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا طِينَة الخبال قَالَ عصارة أهل النَّار رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ الْحَاكِم مُخْتَصرا بِبَعْضِه قَالَ لَا يشرب الْخمر رجل من أمتِي فَتقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ
= حبان في المجروحين (3/ 101)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 404 رقم 13492). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1423) والضعيفة (6874) وقال: منكر.
(1)
ابن عساكر في تاريخ دمشق 42/ 211، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 4/ 430، البداية والنهاية لابن كثير (9/ 180)، وجامع العلوم والحكم 3/ 1233.
صباحا وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا
(1)
.
قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه وعلى تفسير هذا الحديث.
3596 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ كل مخمر خمر وكل مُسكر حرَام وَمن شرب مُسكرا بخست صلَاته أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإن عَاد الرَّابِعَة كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال قيل وَمَا طِينه الخبال يَا رَسُول الله قَالَ صديد أهل النَّار وَمن سقَاهُ صَغِيرا لَا يعرف حَلَاله من حرَامه كَانَ حَقًّا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
(2)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: "كل مخمر خمر وكل مسكر حرام" الحديث، تقدم الكلام على ذلك.
(1)
أخرجه أبو إسحاق الفزاري في السير (640)، وأحمد في المسند 2/ 176 (6644) و 2/ 197 (6854)، والدارمى (2258)، وابن ماجه (3377)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 521)، والنسائي في المجتبى 8/ 461 (5710) و 8/ 466 (5716)، والبزار (2469) و (2493)، والفريابي في القدر (70)، وابن خزيمة (939)، وابن حبان (5357)، والطبراني في الكبير (13/ 627 - 628 رقم 14549 - 14552) ومسند الشاميين (531)(533)، والحاكم في المستدرك (1/ 30 - 31) و (1/ 257 - 258)، ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (5/ 8 رقم 5581).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علة. وقال الذهبي: على شرطهما، ولا علة له. وصححه الألباني في الصحيحة (709) وصحيح الترغيب (2383) و (2384)، المشكاة (3644/ التحقيق الثاني).
(2)
أخرجه أبو داود (3680)، والطبراني في الكبير (11/ 26 رقم 10927)، والبيهقي في الكبرى (8/ 501 رقم 17344). وصححه الألباني في الصحيحة (2039) وضعف زيادة:(وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيرًا) كما في الضعيفة (6328) وضعيف الترغيب (1424).
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن شرب مسكرًا بخست صلاته أربعين صباحًا" البخس النقص ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}
(1)
الآية.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن سقاه صغيرا لا يعرف حلاله من حرام" تقدم الكلام على ذلك في أحاديث هذا الباب.
3597 -
وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من شرب الْخمر لم يرض الله عَنهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن مَاتَ مَاتَ كَافِرًا وَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد كَانَ حَقه على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال قيل يَا رَسُول الله وَمَا طِينَة الخبال قَالَ صديد أهل النَّار رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي ذَر بِإِسْنَاد حسن
(2)
.
قوله: وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة" الحديث، معناه يسخط عليه لأن الرضى ضده السخط ويؤيد هذا حديث عائشة بعده:"من شرب الخمر سخط الله عليه أربعين صباحًا" فنعوذ بالله من ذلك ونسأله التوبة إنه قريب سميع الدعاء.
(1)
سورة الأعراف، الآية:85.
(2)
أخرجه ابن أبى شيبة كما في إتحاف الخيرة (4/ 380 رقم 3787/ 1)، وأحمد 3/ 460 (27603)، وابن أبى الدنيا في ذم المسكر (25)، وأبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (4/ 380 رقم 3787/ 2 و 3)، والطبراني في الكبير (24/ 168 - 169 رقم 428 و 429)، والسمرقندي في تنبيه الغافلين (188)، والخطيب في موضح أوهام الجمع (1/ 360). قال الخطيب: وَهَذَا حَدِيث مُتَّصِل الْإِسْنَاد صَالح الرِّجَال. وقال الهيثمي في المجمع 5/ 69: رواه أحمد، والطبراني، وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف، وقد حسن حديثه، وبقية رجال أحمد ثقات. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1425) و (2158): منكر.
3598 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من شرب الْخمر سخط الله عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ صباحًا وَمَا يدريه لَعَلَّ منيته تكون فِي تِلْكَ اللَّيَالِي فَإِن عَاد سخط الله عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ صباحًا وَمَا يدريه لَعَلَّ منيته تكون فِي تِلْكَ اللَّيَالِي فَإِن عَاد سخط الله عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ صباحا فَهَذِهِ عشرُون وَمِائَة لَيْلَة فَإِن عَاد فَهُوَ فِي ردغة الخبال قيل وَمَا ردغة الخبال قَالَ عرق أهل النَّار وصديدهم رَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ وَفِيه إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَمن لَا يحضرني حَاله
(1)
.
3599 -
وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من فَارق الدُّنْيَا وَهُوَ سَكرَان دخل الْقَبْر سَكرَان وَبعث من قَبره سَكرَان وَأمر بِهِ إِلَى النَّار سَكرَان إِلَى جبل يُقَال لَهُ سَكرَان فِيهِ عين يجْرِي مِنْهَا الْقَيْح وَالدَّم وَهُوَ طعامهم وشرابهم مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض رَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ وَأَظنهُ فِي مُسْند أبي يعلى أَيْضا مُخْتَصرا وَفِيه نَكَارَة
(2)
.
قوله: وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر وهو سكران وبعث من قبره وهو سكران" الحديث.
تنبيه: يبعث كل عبد على ما مات عليه وقد ورد ذلك في
(1)
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1526)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1246). قال الذهبي في الميزان ترجمة ثعلبة بن مسلم (1/ 344): عن أبي بن كعب، وعنه إسماعيل بن عياش بخبر منكر. وضعفه الألباني في الضعيفة (5242) وضعيف الترغيب (1427).
(2)
أخرجه أبو يعلى كما في المطالب العالية (1814)، وعنه ابن عدى في الكامل (1/ 343)، ومن طريقه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (1248). قال ابن عدى: وهذه الأحاديث مع غيرها مما رواه أبو هدبة كلها بواطيل، وهو متروك الحديث، بين الأمر في الضعف جدًّا. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (5243) وضعيف الترغيب (1428) و (2158).
الحديث الصحيح من رواية جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه" رواه مسلم
(1)
، ووري صاحب قوت القلوب
(2)
: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات على مرتبة من المراتب بعثه الله عليها يوم القيامة"
(3)
وفي الحديث الصحيح أيضا من رواية عبد الله بن عمر أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على نياتهم" خرجه البخاري
(4)
فالشهيد في سبيل الله يبعث وجرحه يثعب دما اللون لوم دم والعرف عرف المسك ومن مات سكران فإنه يعانق ملك الموت سكران ويعاين منكرا ونكير سكران ويبعث سكران إلى خندق في وسط جهنم يسمى السكران فيه عين يجري ماؤها دم لا يكون له طعما ولا شراب إلا فيه هكذا
(5)
رواه أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أ. هـ.
(1)
أخرجه مسلم (81 - 2877) و (83 - 2878).
(2)
قوت القلوب (1/ 66 و 2/ 129 و 271).
(3)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2303)، وأحمد 6/ 19 (23941) و (23945) و 6/ 20 (23950)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر ص 278، وابن قتيبة في غريب الحديث 1/ 524 - 525، وابن أبى عاصم في الجهاد (302)، والطحاوي في مشكل الآثار (252 و 253)، والطبراني في الكبير 18/ 305 (784 و 785)، والحاكم 1/ 340 و 2/ 144 عن فضالة بن عبيد. وصححه الحاكم على شرطهما. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 113: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات في أحد السندين. وقال البوصيري في الاتحاف (8/ 164): ورواته ثقات. وجوده الألباني في الصحيحة (382).
(4)
أخرجه البخاري (7108) وعنده: ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ. وأخرجه الطيالسي (1932) وعنده "ثُمَّ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّاتِهِمْ، أَوْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ". وعند ابن الأعرابى (492): "ثُمَّ يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
(5)
التذكرة (ص 494). والحديث الأول أخرجه البخاري (2803)، ومسلم (105 - =
وقال في كتاب كشف علوم الآخرة
(1)
: من الناس من يحشر بفتنته الدنيوية فقوم فتنوا بالعود واعلفوا عليه دهرهم فعند قيام أحدهم من قبره يأخذ العود بيمينه فيطرحه من يده ويقول: سحقا لك شغلتني عن ذكر الله تعال فيعود إليه ويقول أنا صاحبك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين وكذلك يبعث السكران سكران والزامر زامر وكل أحد على الحال الذي صده عن سبيل الله، وفي الخبر الصحيح أن شارب الخمر يحشر والكوز معلق في عنقه والقدح بيده وهو أنتن من كل جيفة على وجه الأرض يلعنه كل من مر به من الخلق فنسأل الله بقدرته الباهرة أن يعافينا من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة، والله أعلم.
3600 -
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من ترك الصَّلَاة سكرا مرّة وَاحِدَة فَكَأنَّمَا كَانَت لَهُ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا فسلبها وَمن ترك الصَّلَاة أَربع مَرَّات سكرا كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينه الخبال قيل وَمَا طِينَة الخبال قَالَ عصارة أهل جَهَنَّم رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
(2)
.
= 1876) عن أبى هريرة بلفظ: "لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب، اللون لون دم، والريح ريح مسك".
وحديث أنس: أخرجه ابن عدى في الكامل (1/ 343) من طريق عبد القدوس بن الحواري، حدثنا أبو هدبة، عن الأشعث الحراني، عن أنس بن مالك.
وقال: وهذه الأحاديث مع غيرها مما رواه أبو هدبة كلها بواطيل، وهو متروك الحديث، بين الأمر في الضعف جدًّا.
(1)
الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة (ص 64 - 65) للغزالي، وعنه نقله القرطبي في التذكرة (525 - 526).
(2)
انظر ما بعده.
3601 -
وروى أَحْمد مِنْهُ من ترك الصَّلاة سكرا مرّة وَاحِدَة فَكَأنَّمَا كَانَت لَهُ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا فسلبها وَرُوَاته ثِقَات
(1)
.
قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها" الحديث، السلب عبارة والله أعلم عن الأخذ [مما على القتيل ومعه من ثياب وسلاح ومركب وجنيب يقاد بين يديه].
3602 -
وَعَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا استحلت أمتِي خمْسًا فَعَلَيْهِم الدمار إِذا ظهر التلاعن وَشَرِبُوا الْخُمُور ولبسوا الْحَرِير وَاتَّخذُوا القيان وَاكتفى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَتقدم فِي لبس الْحَرِير
(2)
.
(1)
أخرجه ابن وهب (79)، وأحمد 2/ 178 (6659)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (922)، والطبراني في الأوسط (6/ 266 رقم 6371)، وابن منده في مجالس من أماليه (282)، والحاكم 4/ 146، والبيهقي في الصغير (3/ 330 رقم 2661) والكبرى (1/ 573 رقم 1829) و (8/ 499 رقم 17338) والشعب (7/ 403 رقم 5193)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1229). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. ثم قال الذهبي: سمعه ابن وهب عنه وهو غريب جدا. وقال الهيثمي في المجمع 5/ 70: رواه أحمد ورجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (3419) وصحيح الترغيب (2385).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 17 - 18 رقم 1086) والشاميين (519)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 123)، والبيهقي في الشعب (7/ 328 رقم 5084 و 5085) و (7/ 329 رقم 5086). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عروة إلا عباد، تفرد به: النفيلي. وقال أبو نعيم: غريب من حديث عروة، عن أنس تفرد به عباد بن كثير. قال البيهقي: إسناده وإسناد ما قبله غير قوي، غير أنه إذا ضم بعضه إلى بعض أخذ قوة. وقال الهيثمي في المجمع =
قوله: وعن أنس رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "إذا استحلت أمتي خمسا فعليهم الدمار" الدمار عبارة عن [الهلاك، يقال: دمر القوم يدمرون دمارا: أي هلكوا، ودمرهم مقتهم ودمرهم الله تدميرا. قال الله جل وعز:{فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا}
(1)
يعني به فرعون وقومه الذين مسخوا قردة وخنازير].
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ظهر التلاعن وشربوا الخمور ولبسوا الحرير واتخذوا القينات واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء" التلاعن عبارة عن لعن الناس بعضهم بعضا، وتقدم الكلام على شرب الخمر ولبس الحرير واتخاذ القينات، وأما قوله:"واكتفى الرجال بالرجال" المراد بذلك اللواط، واللواط عمل قوم لوط، وسيأتي الكلام عليه في بابه، وأما قوله "واكتفى النساء بالنساء" المراد بذلك مساحقة النساء بعضهن بعضا والله أعلم.
= 7/ 332: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عباد بن كثير الرملي، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه جماعة. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2054) و (2386).
(1)
سورة الفرقان، الآية:36.