المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة والترهيب من التأخير عنهما] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٣

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في تنظيف المساجد وتطهيرها وما جاء في تخميرها]

- ‌[الترهيب من البصاق في المسجد وإلى القبلة، الباب إلى آخره]

- ‌[الترغيب في المشي إلى المساجد سيما في الظهر وما جاء في فضلها]

- ‌[الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها]

- ‌[الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراتًا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة]

- ‌[ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومها وترهيبهن من الخروج منها]

- ‌[الترغيب في الصلوات الخمس والإيمان بوجوبها]

- ‌[الترغيب في الصلاة مطلقا وفضل الركوع والسجود]

- ‌[الترغيب في الصلاة في أول وقتها]

- ‌[الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعة فوجد الناس قد صلوا]

- ‌[الترغيب في كثرة الجماعة]

- ‌[التَّرْغِيب فِي الصَّلاة فِي الفلاة

- ‌[الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة والترهيب من التأخير عنهما]

- ‌[الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر]

- ‌[الترغيب في صلاة النافلة في البيوت]

- ‌[الترغيب في انتظار الصلاة بعد الصلاة]

- ‌[الترغيب على المحافظة على الصبح والعصر]

- ‌[الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر]

- ‌[الترغيب في أذكار يقولها بعد صلاة الصبح وصلاة العصر والمغرب]

- ‌[الترهيب من فوات العصر]

- ‌الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسان والترهيب منها عند عدمها

- ‌[الترهيب من إمامة الرجل القوم وهم له كارهون]

- ‌[الترغيب في الصف الأول وما جاء في تسوية الصفوف والتراص فيها وفضل ميامنها ومن صلى في الصف المؤخر]

- ‌[الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج]

- ‌فرعان لهما تعلق بوصل الصفوف:

- ‌الترهيب من تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهم

- ‌[الترغيب في التأمين خلف الإمام وفي الدعاء وما يقوله في الاستفتاح والاعتدال]

- ‌[الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود]

- ‌[الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجود، وإقامة الصلب بينهما وما جاء في الخشوع]

الفصل: ‌[الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة والترهيب من التأخير عنهما]

[الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة والترهيب من التأخير عنهما]

601 -

عَن عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من صلى الْعشَاء فِي جمَاعَة فَكَأَنمَا قَامَ نصف اللَّيْل وَمن صلى الصُّبْح فِي جمَاعَة فَكَأنمَا صلى اللَّيْل كُله" رَوَاهُ مَالك وَمُسلم وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُد وَلَفظه من صلى الْعشَاء فِي جمَاعَة كَانَ كقيام نصف لَيْلَة وَمن صلى الْعشَاء وَالْفَجْر فِي جمَاعَة كَانَ كقيام لَيْلَة" وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ كَرِوَايَة أبي دَاوُد وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح

(1)

قَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه بَاب فضل صَلَاة الْعشَاء وَالْفَجْر فِي جمَاعَة وَبَيَان أَن صَلَاة الْفجْر فِي الْجَمَاعَة أفضل من صَلَاة الْعشَاء فِي الْجَمَاعَة وَأَن فَضلهَا فِي الْجَمَاعَة ضعفا فضل الْعشَاء فِي الْجَمَاعَة

(2)

ثمَّ ذكره بِنَحْوِ لفظ مُسلم وَلَفظ أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ يدافع مَا ذهب إِلَيْهِ وَالله أعلم.

قوله: عن عثمان بن عفان يجوز الصرف وعدمه في عفان وتقدم الكلام على مناقب عثمان.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى العشاء في جماعة يحصل له ثواب قيام جميع الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله" يعني مع صلاة العشاء في

(1)

أخرجه مالك (348)، ومسلم (260 - 656)، وأبو داود (555)، والترمذى (221)، وابن خزيمة (1473)، وابن حبان (2058) و (2059) و (2060).

(2)

صحيح ابن خزيمة (2/ 365).

ص: 362

جماعة يحصل له ثواب ثواب قيام جميع الليل وفي سنن الدارقطني من حديث كعب "من توضأ فأحسن الوضوء وصلى العشاء الأخرة وصلى بعدها أربع ركعات فأتم ركوعهن وسجودهن كان له بمنزله ليلة القدر" رواه النسائي عن تبيع بن عامر الحميري عن كعب الأحبار موقوف على كعب وفيه ويعلم ما يقرأ فيهن الحديث

(1)

وللعشاء اسمان الأول العشاء سميت بذلك أما لأنها تفعل وقت العشاء غالبا فإنها في كتاب الله العشاء قال: الله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}

(2)

ينبغي لكم أن تسموها العشاء

(3)

أو ما يتم الزمان التي تصلى فيه والثاني العتمة والعتمة شدة الظلمة الأعراب يسمونها العتمة لكونهم يعتمون بحلاب الإبل أي يؤخرونها إلى شدة الظلام ولهذا كره تسميتها بالعتمة لأن الصلاة نور فيكره اطلاق اسم الظلمة عليها

(4)

وقد جاء في الأحاديث التى تسميتها بالعتمة لحديث لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا أو غير ذلك عنه من وجهين: أحدهما لأنه استعمل لبيان الجواز وأن النهي عن العتمة للتنزيه لا للتحريم، والثاني: أنه يحتمل أنه خوطب بالعتمة من لا يعرف العشاء فخوطب بما يعرفه أو

(1)

أخرجه النسائى في المجتبى 7/ 492 (4998) والكبرى (7400)، والدارقطنى في السنن (3434)، والبيهقى في الكبرى (2/ 671 رقم 4189) و (8/ 449 رقم 17176) و (12/ 388 رقم 17122). وضعفه الألباني في الضعيفة (5053).

(2)

سورة النور، الآية:58.

(3)

إكمال المعلم (2/ 607) وشرح النووي على مسلم (5/ 143).

(4)

القول التمام (ص 182).

ص: 363

استعمل لفظ العتمة لأنه أشهر عند العرب وإنما كانوا يطلقون العشاء على المغرب ففي صحيح البخاري فلا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب قال: وتقول الأعراب العشاء فلو قال يعلمون ما في الصبح والعشاء لتوهموا أن المراد المغرب

(1)

والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله" للصبح خمسة أسماء، الأول: الصبح سميت بذلك لأن وقتها أصبح، والأصبح الذي يكون فيه بياض مختلط بحمرة قيل وهو أحسن الألوان قيل وظل الجنة أصبح، الثاني الفجر وهو تسمية لها باسم وقتها أيضا، الثالث: الصلاة الوسطى والوسطى تأنيث الأوسط كالفضلى تأنيث الأفضل واختلف العلماء في الصلاة الوسطى على أقوال كثيرة وما من صلاة من الخمس إلا قيل: إنها الوسطى ومذهب الشافعي ومالك أنها الصبح لأنها قرنت بالقنوت قال الله تعالى: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}

(2)

ولا يكون القنوت إلا في الصبح وضعف هذا بأن المراد في الآية بالقنوت السكوت لأن الصحابة كانوا يتكلمون في الصلاة حتى نزل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فأمروا بالسكوت ونهوا عن الكلام ومعنى قانتين ساكتين عن كلام الناس، ومذهب أبي حنيفة أنها العصر لقوله صلى الله عليه وسلم:"شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر" هكذا استدلوا به ولا حجة فيه بل فيه حجة على أن الوسطى التي جاء بها

(1)

شرح النووي على مسلم (5/ 143).

(2)

سورة البقرة، الآية:238.

ص: 364

القرآن العزيز غير العصر وذلك بطريق الدليل في ذلك أنطق وكان المراد بالوسطى المذكورة في الآية هي العصر لاقتصر صلى الله عليه وسلم على قوله: "شغلونا عن الصلاة الوسطى" لم يحتج صلى الله عليه وسلم على أن ينص على أنها العصر فلما أن قال صلاة العصر وأتى بعطف البيان الذي يؤتى به للتوضيح والتمييز عن غيره دل على أن لنا وسطى غير الوسطى التي في الآية فصلاة الصبح وسطى وصلاة العصر وسطى والوسطى تأنيث الأوسط كما تقدم بمعنى الخيار والأفضل لا بمعنى التوسط وخصت صلاة الصبح والعصر باسم الوسطى لزيادة فضلهما قال صلى الله عليه وسلم: "من صلى البردين دخل الجنة" يعني الصبح والعصر وقد يطلق لفظ الوسطى على غير الواحدة بالاشتراك وقد ذكر الرافعي رحمه الله فرعًا يوضح ذلك فقال: لو قعد نساؤه الأربع فقال: وسطاكن طالق فوجهان أحدهما لا يقع الطلاق لأنه ليس فيهن وسطى أي متوسطة وصحح في الروضة أنه يعين واحدة من الوسطيين لصدق اسم الوسطى على كل واحدة منهما فظهر بذلك أن الوسطى في الحديث غير الوسطى في الآية فلا تعارض بين الحديث والآية والله أعلم وهذا الاسم وما قبله في القرآن قال الله تعالى {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ}

(1)

أي صلاة الفجر وقال تعالى: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}

(2)

في قوله تعالى {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34)}

(3)

وتقدم أنها سميت

(1)

سورة الإسراء، الآية:78.

(2)

سورة البقرة، الآية:238.

(3)

سورة المدثر، الآية:34.

ص: 365

باسم الوقت الرابع قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى البردين دخل الجنة" يعنى الصبح والعصر سميت البردين لأنها تفعل في وقت البرد، الخامس: الغداة قال النووي في شرح المهذب يكره تسميتها غداة

(1)

قاله ابن العماد في كتاب القدوة

(2)

.

فائدة: فيها بشرى روى الإمام ابن رجب: قال عقبة بن عبد الغافر صلاة العشاء في جماعة تعدل حجة وصلاة الغداة في جماعة تعدل عمرة

(3)

، وقال أبو هريرة لرجل بكورك إلى المسجد أحب إلى من غزوتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

.

602 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن أثقل صَلَاة على الْمُنَافِقين صَلَاة الْعشَاء وَصَلاة الْفجْر وَلَو يعلمُونَ مَا فيهمَا لأتوهما وَلَو حبوا وَلَقَد هَمَمْت أَن آمُر بِالصَّلاةِ فتقام ثمَّ آمر رجلا فَيصَلي بِالنَّاسِ ثمَّ أَنطلق معي بِرِجَال مَعَهم حزم من حطب إِلَى قوم لا يشْهدُونَ الصَّلَاة فَأحرق عَلَيْهِم بُيُوتهم بالنَّار رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(5)

.

(1)

قاله الشيرازى في المهذب (1/ 103) وصحح النووي عدم الكراهة في شرح المهذب (3/ 46).

(2)

القول التمام (ص 179 - 180).

(3)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 261) وذكره ابن رجب في اللطائف (ص 250).

(4)

اللطائف (ص 250).

(5)

أخرجه البخاري (657)، ومسلم (252 - 651).

ص: 366

603 -

وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فقد نَاسا فِي بعض الصَّلَوَات فَقَالَ لقد هَمَمْت أَن آمُر رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثمَّ أُخَالِف إِلَى رجال يتخلفون عَنْهَا فآمر بهم فيحرقوا عَلَيْهِم بحزم الْحَطب بُيُوتهم وَلَو علم أحدهم أَنه يجد عظما سمينا لشهدها يَعْنِي صَلَاة الْعشَاء وَفِي بعض رِوَايَات الإِمَام أَحْمد لهَذَا الحَدِيث لَوْلا مَا فِي الْبيُوت من النِّسَاء والذرية أَقمت صَلَاة الْعشَاء وَأمرت فتياني يحرقون مَا فِي الْبيُوت بالنَّار

(1)

.

قوله: عن أبي هريرة تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أثقل صلاتين على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر" الحديث وإنما كانت هاتان الصلاتان ثقيلتين على المنافقين لأمرين أحدهما المشقة الموجودة في حضور المساجد فيهما من الظلمة وكون وقتهما وقت راحة أو وقت الاشتغال بحلب الإبل أو وقت استحلاء النوم أو خلوهم بأهليهم فلا يحتمل تلك المشاق إلا من وثق بثواب الله تعالى والمنافق إما شاك في ذلك أو لا يصدقه فيشق عليه ذلك والمعنى والثاني أن المنافقين كما قال الله تعالى: {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}

(2)

وهاتان الصلاتان في ليل فربما خفي من غاب عنهما للستر عنهما بخلاف باقي الصلوات فإنها بحيث تراه الناس ويتفقدون غيبته فكأن من يراه يحضه على حضورها ليراه الناس والمعنى الأول أظهر لقوله تعالى

(1)

أخرجه مسلم (251 - 651).

(2)

سورة النساء، الآية:142.

ص: 367

{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى}

(1)

ولا مانع أن يكون الأمران المذكوران في الآية كلاهما حامل لهم على ترك الجماعة في الصلاتين المذكورتين فمن صلى هاتين الصلاتين في وقتها كان تاركا لتلك الراحة والاستراحة فيجوز جزيل الأجر والثواب قاله في شرح الأحكام

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا" أهـ معناه لو يعلمون ما فيهما من الخير والفضل ثم لم يستطيعوا الإتيان إليهما إلا حبوا لحبوا إليهما ولم يفوتوا جماعتهما في المسجد

(3)

وقيل لو علموه مشاهدة أو اعتقادا لأتوهما لو كانوا قادرين على المشى على الركب عاجزين عن المشي على الأرجل وتقدم تفسير حبوا وفيه دليل على أن من قدر على إتيان الصلاة حبوا لا يعذر في التخلف عنها إذا لو عذر لكتب له أجر الجماعة وهو جالس في بيته ويدل عليه ما روي في الحديث "ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف"

(4)

وتقدم الكلام على الرجلين من هما.

قوله: "ولقد هممت أن آمره الصلاة فتقام" الحديث فيه دليل على أن الجماعة فرض عين إذا لو كانت فرض كفاية لسقطت عنهم بفعل غيرهم وللعلماء خلاف في ذلك سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى وإنما هم بإتيانهم بعد

(1)

سورة النساء، الآية:142.

(2)

طرح التثريب (2/ 312).

(3)

الكواكب الدراري (5/ 44).

(4)

طرح التثريب (2/ 213).

ص: 368

إقامة الصلاة لأن ذلك الوقت تتحقق مخالفتهم وتخلفهم فيتوجه اللوم عليهم

(1)

.

وقوله: ثم أمر رجلا فيصلي بالناس فيه أن الإمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس وفيه أيضا جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر

(2)

.

قوله: صلى الله عليه وسلم "وينطلق معي برجال معهم حزم من حطب فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" فيه جواز العقوبة بالنار لقوله صلى الله عليه وسلم "أحرق عليهم بيوتهم بالنار" وإليه ذهب الإمام أحمد وقال بعضهم هذا الحديث دليل على أن العقوبة كانت في أول الأمر بالمال لأن يحرق بيوتهم عقوبة مالية

(3)

وقال غيرهم أجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة والغال من الغنيمة ففيه اختلف العلماء

(4)

والذي ذهب إليه الجمهور أن العقوبات بالمال منسوخة بنهيه صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال ونحو ذلك

(5)

فقد البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال "إن وجدتم فلانا أو فلانا فحرقوهم بالنار" ثم

(1)

شرح النووي على مسلم (5/ 154)، والعدة (1/ 350).

(2)

شرح النووي على مسلم (5/ 154)، والعدة (1/ 354).

(3)

الإعلام (2/ 381).

(4)

شرح النووي على مسلم (5/ 153)، والنفح الشذى (4/ 179)، والإعلام (2/ 381).

(5)

طرح التثريب (2/ 308).

ص: 369

قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حين أردنا الخروج إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا ولا يعذب بالنار إلا الله فإن وجدتموهم فاقتلوهم"

(1)

وفي الحديث أيضا دليل على جواز التحريق وإنما تركه عليه السلام أدبا مع الله، وقد صح تحريق جرير ذي الخلصة حتى صارت كأنها جمل أجرب وقد حرق علي في خلافته وقال المهلب ليس نهيه عليه السلام عن التحريق بالنار على معنى التحريم وإنما هو على سبيل التواضع لله عز وجل

(2)

، واعلم أن التحريق لا يجوز إلا في نصب القتال مع الكفار وأما هذا أو غيره فقد كان قبل النسخ بقوله إن النار لا يعذب بها إلا ربها انتهى.

وفيه تأكد الجماعة والحض عليها والتهديد لمن تركها واحتج بهذا الحديث، من ذهب إلى أن الجماعة فرض عين

(3)

وهو مذهب عطاء والأوزاعي والإمام أحمد بن حنبل وأبي ثور وابن المنذر وابن خزيمة وداود

(4)

وأنها لو كانت سنة أو فرض كفاية لما هم بتحريقهم وبوب البخاري في صحيحه فقال: باب وجوب صلاة الجماعة

(5)

، وقال: الجمهور ليست فرض عين واختلفوا هل هي سنة أو فرض كفاية والذي صححه النووي

(1)

أخرجه البخاري (2954) و (3016)، وأبو داود (2673) و (2674)، والترمذى (1571)، والنسائى في الكبرى (8752).

(2)

شرح الصحيح (5/ 172).

(3)

طرح التثريب (2/ 308).

(4)

شرح النووي على مسلم (5/ 153).

(5)

طرح التثريب (2/ 308).

ص: 370

ونقله عن النص أنها فرض كفاية

(1)

والقائلون بفرض الكفاية والاستحباب أجاب عن هذا الحديث بأن هؤلاء المتخلفين كانوا منافقين وقد كان التخلف عن صلاة الجماعة علامة من علامات النفاق عندهم، وسياق الحديث يقتضيه فإنه لا يظن بالمؤمنين من التخلف أنهم يؤثرون العظم السمين على حضور الجماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مسجده كما في الحديث لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا لشهدها يعني صلاة العشاء ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يحرق بل هم ثم ترك ولو كانت فرض عين لما تركهم والله أعلم

(2)

.

واختلف في هم النبي صلى الله عليه وسلم بما هم من التحريق هل هو لكونهم لا يعلم أنهم صلوا صلاة فهو من باب التخويف على ترك الصلاة رأسا أو هو لترك الجماعة وإن علم أنهم صلوا في بيوتهم والقول الثانى أظهر لأنه قال لا يشهدون الصلاة وقد ورد أنهم كانوا يصلون في بيوتهم فيما ذكر أبو داود

(3)

.

واختلف أيضا في الذين توعدهم صلى الله عليه وسلم بالتحريق هل هم منافقين أو قوم من المؤمنين وممن حكي الخلاف في ذلك ابن بطال والقاضي عياض واستدل ابن بطال للقول بأنهم منافقون بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم أنه لو يعلم أحدهم أنه يجد عظام لشهدها يعني العشاء وليس هذا من صفات المؤمنين ورجحه أيضا بأن همه بالتحريق يدل على الجواز وترك للتحريق يدل على جواز الترك وهذا

(1)

شرح النووي على مسلم (5/ 153)، والمجموع (4/ 184).

(2)

شرح النووي على مسلم (5/ 153).

(3)

طرح التثريب (3/ 310).

ص: 371

يكون في المؤمنين وقال: قبل ذلك ترك عقاب المنافقين وعقابهم كان مباحا للنبي صلى الله عليه وسلم مخيرا فيه

(1)

.

قوله "ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها" ومعنى أخالف إلى رجال يتخلفون عنها أي أذهب إليهم وقال في النهاية وكذا قال عياض أي آتيهم من خلفهم أو أخالف ما أظهرت من إقامة الصلاة وظنهم أني فيها ومشتغل عنهم بها وأرجع إليهم فآخذهم على غفلة أو يكون أخالف بمعنى أتخلف عن الصلاة لمعاقبتهم

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم في روايات الإمام أحمد "وآمر فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار" الفتيان بكسر الفاء جمع فتى وهو الشاب والأنثى فتاة، وقد اختلف العلماء في تعيين الصلاة التي هم بذلك لأجلها فقيل العشاء وهو ظاهر الحديث وقيل الجمعة لأنها جاءت في بعض الطرق، وقيل جنس الصلاة وهو أولى وقيل: إن الحديث وسياقه في المنافقين فإن أوله أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر الصبح، ويحتمل أنه ذكرهم إنما سيق للتحذير من التشبه بهم فيكون أبلغ في التنفير عن التخلف عن الجماعة

(3)

.

وفي الحديث فوائد منها: تقديم الوعيد في العقوبة استعمالا للأخف

(1)

طرح التثريب (3/ 310 - 311).

(2)

مشارق الأنوار (1/ 238)، والنهاية (2/ 68).

(3)

انظر: إحكام الأحكام (1/ 196)، والعدة (1/ 350)، والإعلام (2/ 379 - 380)، وطرح التثريب (2/ 309).

ص: 372

فالأخف، ومنها: استخلاف الإمام للعذر من يصلي بالناس، ومنها: أن الأذان بنظر الإمام وأنه للجماعة؛ ومنها: المبادرة بالصلاة، ومنها: أن من ترك الصلاة تهاونا قتل فإن الهم بالتحريق للتخلف عن الجماعة فكيف بالترك بالكلية، ومنها: تقديم الدين وأموره على الدنيا ولذاتها وأن ذلك التاني لا يعد شيئا بالنسبة إلى الباقي، ومنها: تقديم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على فضيلة الجماعة وفعلها في أول الوقت لوجوبه، ومنها: أن ذلك مما يقام فيه بالنفس لمن قدر حلية دون غيرها إذ الغضب لله في الكاملين أقوى من غيرهم، ومنها: الاستعانة على المقاصد الدينية بالإخوان لقوله: "لقد هممت أن آمر فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار"، ومنها: جواز ذكر الشخص بما يكره لمصلحة إذا كان غير معين فإنه عليه السلام ذكر تكالبهم على شهوة النفس وتقدمها على العبادة

(1)

والله أعلم قاله في شرح الإلمام.

604 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ كُنَّا إِذا فَقدنَا الرجل فِي الْفجْر وَالْعشَاء أسأنا بِهِ الظَّن رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه

(2)

.

(1)

انظر: العدة (1/ 351 - 353)، وطرح التثريب (2/ 307 - 314).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1/ 292 (3353)، والبزار (5847) و (5848)، وابن خزيمة (1485)، وابن حبان (2099)، والطبراني في الكبير (12/ 271 رقم 13085)، والدارقطنى في العلل (13/ 18)، والحاكم (1/ 211). قال الدارقطنى في العلل (3070): يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري، واختلف عنه؛ فرواه الفريابي، عن الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ووهم في ذكر: سعيد بن المسيب. والمحفوظ: عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر. وكذا رواه عبيد الله بن =

ص: 373

قوله: عن ابن عمر، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والفجر أسأنا به الظن" إساءة الظن هو أن يذكر الشخص بالشيء المذموم.

605 -

وَعَن رجل من النخع قَالَ سَمِعت أَبَا الدَّرْدَاء رضي الله عنه حِين حَضرته الْوَفَاة قَالَ أحدثكُم حَدِيثا سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول اعبد الله كَأنك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك واعدد نَفسك فِي الْمَوْتَى وَإِيَّاك ودعوة الْمَظْلُوم فَإِنَّهَا تستجاب وَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يشْهد الصَّلَاتَيْنِ الْعشَاء وَالصُّبْح وَلَو حبوا فَلْيفْعَل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وسمى الرجل الْمُبْهم جَابِرا وَلا يحضرني حَاله

(1)

.

= عمر، وموسى بن عقبة، وإسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، وهو الصواب. وصححه الحاكم ووافقه الذهبى.

قال الهيثمي في المجمع 2/ 40: رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورجال الطبراني موثقون. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (417).

(1)

أخرجه الطيالسى كما في تاريخ دمشق (68/ 113)، ومسدد كما في المطالب العالية (3130/ 1)، والطبراني في الكبير كما في تاريخ دمشق (72/ 5)، والبيهقى في الشعب (13/ 127 - 128 رقم 10060)، وابن عساكر (68/ 112 - 113). قال ابن عساكر: يحتمل أن يكون جابر روى هذا مرسلا، ويحتمل أن يكون شهد وفاة أبي الدرداء بدمشق كانت.

وقال الهيثمي في المجمع 2/ 40: رواه الطبراني في الكبير والرجل الذي من النخع لم أجد من ذكره وسماه جابرًا. وحسنه الألباني في الصحيحة (1474) وصحيح الترغيب (418) و (3351).

ص: 374

قوله: عن رجل من النخع، وسماه الطبراني: جابرا، والنخع: قبيلة من اليمن رهط إبراهيم النخعي.

قوله: "اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" الحديث، هذا مقام المراقبة الجامع لمقامات الإسلام والإيمان والإحسان، ثم قال:"فإن لم تكن تراه فإنه يراك" فحطه عند العجز عن هذا إلى مقام العلم بإطلاعه ورؤيته ومشاهدته عبده وسيأتي الكلام على مقام المراقبة في حديث جبريل المطول مبسوطا.

قوله: "واعدد نفسك من الموتى" سيأتي الكلام إن شاء الله على ذلك في حديث ابن عمر: "كن في الدنيا كأنك غريب واعدد نفسك من الموتى".

قوله: "وإياك ودعوة المظلوم فإنها تستجاب" الحديث، وفي الحديث الآخر:"ثلاثة لا ترد دعوتهم المظلوم حتى ينتصر" وفي حديث آخر "دعوة المظلوم مستجابة ولو كانت من كافر" وسيأتي الكلام على ذلك في بابه إن شاء الله.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم أن يشهد صلاتي العشاء والصبح ولو حبوا فليفعل" تقدم الكلام على ذلك في أوائل الباب والله أعلم.

605 -

م - وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من صلى الْعشَاء فِي جمَاعَة فقد أَخذ بحظه من لَيْلَة الْقدر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير

(1)

.

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 179 رقم 7745) والشاميين (889)، والضياء في المنتقى (90). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 40: رواه الطبراني في الكبير وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف. وقال الألبانى: موضوع الضعيفة (2445) وضعيف الترغيب (226).

ص: 375

قوله: عن أبي أمامة تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر" الحظ هو النصيب.

606 -

وَعَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه كانَ يَقُول من صلى فِي مَسْجِد جمَاعَة أَرْبَعِينَ لَيْلَة لا تفوته الرَّكْعَة الأولى من صَلَاة الْعشَاء كتب الله لَهُ بهَا عتقا من النَّار رَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة إِسْمَاعِيل عَن عمَارَة بن غزيَّة عَن أنس بن مَالك عَن عمر وَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ وَلم يذكر لَفظه وَقَالَ هُوَ حَدِيث مُرْسل يَعْنِي أَن عمَارَة بن غزيَّة وَهُوَ الْمَازِني الْمدنِي لم يدْرك أنسا

(1)

.

قوله: وعن عمر بن الخطاب، تقدم الكلام على عمر رضي الله عنه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى في مسجد جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء كتب الله له بها عتقا من النار" وفي حديث تقدم: "كتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق" وروى البزار في مسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل شيء صفوة وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى فحافظوا عليها"

(2)

قال الأصحاب: إدراك تكبيرة الإحرام

(1)

أخرجه ابن ماجه (798)، وأبو يعلى في المسند الكبير كما في مسند الفاروق لابن كثير 1/ 197، وأبو أحمد الحاكم في الفوائد (24)، والبيهقي في شعب الإيمان (4/ 346 - 347 رقم 2616). وقال الدارقطنى في العلل (151): وإنما رواه أبو العلاء الخفاف، عن حبيب أبي عميرة الإسكاف الكوفي، عن أنس. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (223) و (227).

(2)

أخرجه البزار (9675)، وأبو يعلى (6143)، والعقيلى في الضعفاء (1/ 244)، وابن =

ص: 376

فضيلة تستحب المواظبة عليها مع الإمام بأن يتقدم إلى المسجد قبل وقت الإقامة ويدل لذلك ما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا"

(1)

لأن الفاء مدلولها التعقب والحديث صحيح في الأمر بذلك، واختلفوا بما تدرك هذه الفضيلة على خمسة أوجه أصحها بأن تشتغل بالتحرم عقب تحرم إمامه من غير وسوسة ظاهرة فإن أخر لم يدركها

(2)

؛ والثاني: يدركها ما لم يشرع الإمام في الفاتحة فقط

(3)

، والثالث: بأن يدركها في الركوع في الركعة الأولى

(4)

، والرابع: بأن يدرك شيئا من القيام

(5)

، والخامس: إن شغله أمر دنيوي لم يدرك بالركوع فإن منعه عذر أو سبب الصلاة كالطهارة أدرك به

(6)

، وقال في الإحياء بعد ذكر هذا الحديث إن

= عدى (3/ 174)، والبيهقى في الشعب (4/ 364 - 365 رقم 2649 و 2650). قال البزار: فذكر عمرو بن علي على الإنكار منه على الحسن بن السكن وحفظته عنه فكتبته من غير أن يمله على عمرو بن علي ولم يكن يرضى هذا الشيخ. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 103: رواه البزار، وفيه: الحسن بن السكن، ضعفه أحمد، وذكره ابن حبان في الثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (4323).

(1)

أخرجه البخاري (378) و (689) و (732) و (733) و (805) و (1114)، ومسلم (77 و 78 و 79 و 80 و 81 - 411) عن أنس.

(2)

القول التمام (ص 17)، والنجم الوهاج (2/ 329).

(3)

النجم الوهاج (2/ 330).

(4)

القول التمام (ص 38)، والنجم الوهاج (2/ 330).

(5)

النجم الوهاج (2/ 330).

(6)

النجم الوهاج (2/ 330).

ص: 377

السلف كانوا يعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم تكبيرة الإحرام

(1)

وتقدم ذلك.

تنبيه: كان الشيخ أبو العباس المرسي يلقن للوسواس سبحان الملك الخلاق: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)}

(2)

(3)

وتكبيرة الإحرام واجبة عند الأئمة الأربعة والنووي والعلماء كافة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم لا تصح الصلاة إلا بها فلو تركها الإمام أو المأموم عمدًا أو سهوًا لم تنعقد صلاته ولا تجزئ عنها تكبيرة الركوع ولا غيرها هذا مذهبنا وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود والجمهور

(4)

، ولفظ التكبير: الله أكبر، فهذا يجزئ بالإجماع، قال الشافعي: ويجزئ الله أكبر لا يجزئ غيرهما، وقال مالك لا تجزئ إلا بالله أكبر وأجاز أبو يوسف الله الكبير وأجاز أبو حنيفة الاقتصار على لفظ فيه التعظيم لله كقوله الرحمن أكبر والله الأجل أو الأعظم وخالفه الجمهور

(5)

وتقدم شيء من هذا.

قوله: في حديث عمر رواه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن عياش عن

(1)

الإحياء (1/ 149).

(2)

سورة إبراهيم، الآيتان: 19 - 20.

(3)

ذكره ابن حجر الهيتمى في الفتاوى الكبرى (1/ 150) عن أبي الحسن الشاذلى.

(4)

المجموع (3/ 291).

(5)

شرح النووي على مسلم (4/ 96).

ص: 378

عمارة بن حزم وهو المازني المدني صدوق مشهور أنصاري، توفي سنة أربعين ومائة.

فرع: لو خاف قاصد الجماعة فوت فضيلة التحرم لم يستحب له الإسراع عند الجمهور خلافا لأبي إسحاق المروزي، قال الفارقي: ويظهر أنه لو خشي فوات الجماعة بجملتها يسرع لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالمشي مع إمكان إدراك الصلاة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" فدل على أنه خطاب لمن يعلم أنه يدرك بعض الصلاة، وقيل: إذا خاف فوت بعض الجماعة أو كلها أسرع كل هذا ما لم يضق الوقت فإن ضاق وخشي فواته أسرع لا محالة قاله الكمال الدميري

(1)

.

607 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من تَوَضَّأ ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فصلى رَكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر ثمَّ جلس حَتَّى يُصَلِّي الْفجْر كتبت صلَاته يَوْمئِذٍ فِي صَلَاة الأبْرَار وَكتب فِي وَفد الرَّحْمَن رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَن الْقَاسِم أبي عبد الرَّحْمَن عَن أبي أُمَامَة

(2)

.

قوله: عن أبي أمامة تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم جلس يصلي الفجر كتبت صلاته يومئذ في صلاة الأبرار وكتب في وفد الرحمن" تقدم الكلام على صلاة الفجر وأنها الصبح وعلى

(1)

النجم الوهاج (2/ 179).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 185 رقم 7766). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 41: رواه الطبراني في الكبير وفيه القاسم أبو عبد الرحمن وهو مختلف في الاحتجاج به. وقال الألبانى: منكر الضعيفة (6723) وضعيف الترغيب (228).

ص: 379

أسمائها، الأبرار جمع ["بر"، وهم الذين بروا الله تبارك وتعالى بطاعتهم إياه وخدمتهم له، حتى أرضوه فرضي عنهم]؛ والوفد: الجماعة المختارة من القوم، واحدهم وافد

(1)

.

608 -

وَعَن أبي بن كَعْب رضي الله عنه قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا الصُّبْح فَقَالَ أشاهد فلَان قَالُوا لا قَالَ أشاهد فلَان قَالُوا لا قَالَ إِن هَاتين الصَّلَاتَيْنِ أثقل الصَّلَوَات على الْمُنَافِقين وَلَو تعلمُونَ مَا فيهمَا لأتيتموهما وَلَو حبوا على الركب الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا وَالْحَاكِم وَتقدم بِتَمَامِهِ فِي كثْرَة الْجَمَاعَة

(2)

.

قوله: عن أبي بن كعب، تقدم.

قوله: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الصبح فقال: "أشاهد فلان، إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين" الحديث، إنما كانت هاتان الصلاتان أثقل عليهما وقت العشاء وقت الإيواء إلى البيوت والاجتماع مع الأهل وطلب الراحة من متابع السعي بالنهار، وأما الصبح فإنها في وقت لذة

(1)

شرح النووي على مسلم (1/ 181).

(2)

أخرجه أحمد 5/ 140 (21265) و (21266) و 5/ 141 (21269)، وعبد الله بن أحمد في الزوائد 5/ 140 (21267) و (21268) و 5/ 141 (21270) و (21271)، وعبد بن حميد (173)، والدارمى (1305 - 1308)، وأبو داود (554)، والنسائى في المجتبى 2/ 284 (855) والكبرى (1005)، وابن خزيمة (1476 و 1477)، وابن حبان (2056) و (2057)، والحاكم (1/ 247 - 248). وحسنه الألباني في المشكاة (1476) وصحيح أبي داود (563)، وصحيح الترغيب (411) و (419).

ص: 380

النوم وإن كان في الشتاء كان في وقت شدة البرد وإن كان في الصيف كانت في وقت الراحة من ألم الحر ولأن وقتهما داخل في وقت الظلمة، فلما قوي الصارف عن الفعل ثقلت على المنافقين، وأما المؤمن الكامل الإيمان فهو عالم بزيادة الأجر لزيادة المشقة فتكون هذه الأمور داعية إلى الفعل كما كانت صارفة للمنافقين

(1)

انتهى.

تنبيه: قال الحافظ: واسم المنافق لم يكن معروفا عند العرب ولكن الله تعالى اشتق له ذلك من نافق اليربوع فلما كان المنافق يظهر الإسلام ويبطن الكفر اشتق له هذا الاسم من نافقا اليربوع والله أعلم.

609 -

وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من صلى الصُّبْح فِي جمَاعَة فَهُوَ فِي ذمَّة الله تَعَالَى رَوَاهُ ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد صَحِيح

(2)

.

610 -

وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث أبي بكر الصّديق رضي الله عنه وَزَاد فِيهِ فَلَا تخفروا الله فِي عَهده فَمن قَتله طلبه الله حَتَّى يكبه فِي النَّار على وَجهه

(3)

رَوَاهُ مُسلم

(1)

إحكام الأحكام (1/ 193).

(2)

أخرجه أحمد (20113)، وابن ماجه (3946)، والبزار (4597)، والرويانى (792) و (832)، والطبراني في الكبير (7/ 224 رقم 6934)، قال البزار: وهذا الحديث قد رواه قتادة وداود عن الحسن عن جندب، وهو الصواب عندنا. قال البوصيرى في الزجاجة 4/ 168: هذا إسناد صحيح إن كان الحسن سمع من سمرة وأشعث هو ابن عبد الملك. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (420).

(3)

أخرجه ابن ماجه (3945)، والفسوى في المعرفة والتاريخ (2/ 308)، والضياء المقدسي في المختارة (64). وقال البوصيرى في الزجاجة 4/ 167: هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (421) و (461).

ص: 381

من حَدِيث جُنْدُب وَتقدم فِي الصَّلَوَات الْخمس

(1)

.

يُقَال: أخفرت الرجل بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة إِذا نقضت عَهده.

قوله: عن سمرة بن جندب تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله تعالى" الحديث معناه في أمانه وضمانه، فالمراد بالذمة هنا الضمان

(2)

، وقيل: الذمة الأمان والعهد

(3)

.

وقوله: وزاد في حديث أبي بكر "فلا تخفروا الله في عهده فمن نقله طلبه الله حتى يكبه الله النار على وجهه" يقال: أخفرت الرجل بالخاء المعجمة إذا نقضت عهده قاله المنذري، ومنه الحديث:"من صلي الصبح فهو في خفرة الله فهو في ذمته وجواره" والخفرة والخفارة سواء، وقال الخطابي رحمه الله في قوله صلى الله عليه وسلم:"فلا تخفروا الله" معناه: لا تخونوا الله في تضييع حق من هذا سبيله يقال: أخفرت الرجل إذا حميته وأخفرته إذا غدرت به ولم تف بما ضمنته من حفظه وحمايته

(4)

انتهى.

611 -

وَرُوِيَ عَن سلمَان رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من غَدا إِلَى صَلَاة الصُّبْح غَدا براية الإِيمَان وَمن غَدا إِلَى السُّوق غَدا براية الشَّيْطَان رَوَاهُ ابْن مَاجَه

(5)

.

(1)

أخرجه مسلم (261 - 657) و (262 - 657).

(2)

شرح النووي على مسلم (5/ 158).

(3)

كشف المشكل (1/ 195)، والمفاتيح (1/ 80).

(4)

أعلام الحديث (1/ 375).

(5)

أخرجه ابن ماجه (2234)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في العلل 2/ 342، والعقيلي في الضعفاء 3/ 418، والطبراني في الكبير (6/ 255 رقم 6146)، والمخلص في =

ص: 382

قوله: عن سلمان هو الفارسي تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من غدا إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان ومن غدا إلى السوق غدا براية الشيطان" رواه ابن ماجه، وروى الطبراني من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من خارج يخرج من بيته إلا ببابه رايتان راية بيد ملك وراية بيد شيطان فإن خرج لما يحب الله تعالى اتبعه الملك برايته فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته وإن خرج لما يسخط الله تعالى اتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته"

(1)

ا. هـ.

612 -

وَرُوِيَ عَن مَيْثَمٍ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بَلغنِي أَن الْملك يَغْدُو برايته مَعَ أول من يَغْدُو إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يزَال بهَا مَعَه حَتَّى يرجع فَيدْخل بهَا منزله وَإِن الشَّيْطَان يَغْدُو برايته إِلَى السُّوق مَعَ أول من يَغْدُو فَلَا يزَال بهَا مَعَه حَتَّى يرجع فيدخلها منزله رَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم وَأَبُو نعيم فِي معرفَة الصَّحَابَة وَغَيرهَا

(2)

.

= المخلصيات (1055). وقال أحمد في العلل 2/ 342: حديث منكر.

وقال الهيثمي في المجمع 4/ 77: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عبيس بن ميمون، وهو ضعيف متروك. وضعفه الألباني في المشكاة (640) وضعيف الترغيب (229).

(1)

أخرجه أحمد 2/ 323 (8286)، والطبراني في الأوسط (5/ 99 رقم 4786). وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: عثمان بن محمد الأخنسي. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 122: رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وثقه مالك، وضعفه أحمد ويحيى في رواية.

(2)

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (2715) ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة (6354). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (422).

ص: 383

قوله: وروي عن ميثم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هو: ميثم [رجل من الصحابة، حديثه عند عبد الله بن الحارث، ذكره ابن أبي عاصم في الوحدان

(1)

].

قوله: بلغني أن الملك يغدو برايته مع أول من يغدو إلى المسجد فلا يزال بها معه حتى يرجع. الحديث، وروى مسلم في باب فضل أم سلمة عن سلمان قال:"لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته" رواه مسلم موقوفا على سلمان من قوله، وقد رواه أبو بكر البزار مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريق صحيح

(2)

وهو الذي يليق بسياق الحديث لأن معناه ليس مما يدرك بالرأي والقياس، إنما يدرك بالوحي

(3)

، ففي هذه الأحاديث ذم السوق فإنها معركة الشيطان، والمعركة والمعترك موضع القتال أي: موطن الشيطان ومحله الذي يأوي إليه ويكثر منه

(4)

، سميا بذلك لتعارك الأبطال فيه ومصارعة بعضهم بعضا في السوق، وفعل الشيطان بأهلها ونيله منهم لما يجري فيه من

(1)

الاستيعاب ت (2617)، أسد الغابة ت (5152).

(2)

أخرجه أحمد في الزهد (821)، ومسلم (100 - 2451) موقوفًا. وأخرجه البزار (2541)، والطبراني في الكبير (6/ 248 رقم 6118) و (6/ 252 رقم 6131) مرفوعا.

قال الهيثمي في المجمع 4/ 77: رواه الطبراني في الكبير، وفي الرواية الأولى: القاسم بن يزيد، فإن كان هو الجرمي فهو ثقة، وبقية رجاله رجال الصحيح. وفي الثانية: يزيد بن سفيان، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في الضعيفة تحت حديث (7073).

(3)

المفهم (20/ 96).

(4)

النهاية (3/ 222).

ص: 384

الحرام والمكر والخداع والتساهل في البيوع الفاسدة والربا والغصب والكذب والإيمان الكاذبة واختلاط النساء وغير ذلك بمعركة الحرب

(1)

، ولذلك قال:"وبها تنصب رايته" كناية عن قوة طمعه في إغوائهم لأن الرايات في الحرب لا تنصب إلى مع قوة الطمع في الغلبة وإلا فهي مع اليأس تحط ولا ترفع انتهى قاله ابن الأثير

(2)

.

وقيل: "وبها تنصب رايته" إعلام بأذانه في الأسواق وجمع أعوانه إليه فيها

(3)

، ويفيد هذا الحديث أن الأسواق إذا كانت موطن الشياطين ومواضع إهلاك الناس فينبغي للإنسان أن لا يدخلها إلا بحكم الضرورة كالمراحيض التي هي مأوي الشياطين، ولذلك قال:"لا تكن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها" لأن من كان أول داخل بها وآخر خارج منها يكون من استحوذ عليه الشيطان فأنساه ذكر الله وصرفه عن أمر دينه وجعل همه السوق وما يفعل فيها، فحق من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل محل الشيطان ومحل جنوده وأنه إن أقام هنالك هلك، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر الضرورة ويحذر من سوء عاقبته وبليته

(4)

والله أعلم.

(1)

المفهم (20/ 96)، وشرح النووي على مسلم (16/ 7).

(2)

النهاية (3/ 222).

(3)

شرح النووي على مسلم (16/ 7)، والمفهم (20/ 96).

(4)

المفهم (20/ 97).

ص: 385

تنبيه: ليس في هذه الأحاديث التي ذكر فيها الأسواق معارضة لحديث: "بورك لأمتي في بكورها" وسيأتي هذا الحديث في الترغيب في التبكير في طلب الرزق، فإن ذاك في التبكير وهذا في السبق إلى السوق فالسابق إليها مذموم والمبكر إلى حوائجه محمود وذاك عام وهذا خاص، لأن ذلك في كل مقصود دنيوي وديني وهذا في قضية خاصة، فإن المبكر إلى السوق مبادر إلى طلب الدنيا والمبكر إلى المسجد مبادر إلى طلب الأخرى، وفي حديث الجمعة:"من بكر وابتكر" المراد بالتبكير أداء الصلاة في أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه، وأما بكر فمعناه أدرك أول الخطبة وأول كل شيء باكورته، وقيل: معنى اللفظين واحد انتهى قاله الكمال الدميري

(1)

.

613 -

وَعَن أبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه فقد سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة فِي صَلَاة الصُّبْح وَإِن عمر غَدا إِلَى السُّوق ومسكن سُلَيْمَان بَين الْمَسْجِد والسوق فَمر على الشِّفَاء أم سُلَيْمَان فَقَالَ لَهَا لم أر سُلَيْمَان فِي الصُّبْح فَقَالَت لَهُ إِنَّه بَات يُصَلِّي فغلبته عَيناهُ قَالَ عمر لَهُ لأن أشهد صَلَاة الصُّبْح فِي جمَاعَة أحب إِلَيّ من أَن أقوم لَيْلَة" رَوَاهُ مَالك

(2)

.

قوله: عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح وأن عمر غدا إلى السوق ومسكن سليمان بين المسجد والسوق فمر على الشفاء أم سليمان فقال لها

(1)

انظر: النهاية (1/ 148)، والنجم الوهاج (2/ 491).

(2)

أخرجه مالك (347). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (423).

ص: 386

: لم أر سليمان في الصبح، فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه، الحديث، والشفاء أم سليمان هذه قرشية عدوية أسلمت قبل الهجرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيها ويقيل في بيتها، واسمها ليلى بنت عبد الله بن هاشم، ويقال: ابن عبد شمس، والشفاء لقب غلبها وهي بكسر الشين وبالفاء والمد، وحكى الدارقطني في كتاب العلل أن ابن عفير يقول: الشفاء بفتح الشين وتشديد الفاء، وقال هي جدتي

(1)

.

وقولها: فغلبته عيناه، المراد بذلك أنه نام عن صلاة الصبح والنوم من الأعذار.

قوله: قال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أقوم ليلة، معناه: لأن أحضر صلاة الصبح في جماعة أحب من أن أقوم ليلة.

614 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من مَشى فِي ظلمَة اللَّيْل إِلَى الْمَسَاجِد لَقِي الله عز وجل بِنور يَوْم الْقِيَامَة" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد حسن وَلابْن حبَان فِي صَحِيحه نَحوه

(2)

.

(1)

العلل (15/ 309)، وتهذيب الكمال (35/ 207 - 208 ترجمة 7869).

(2)

أخرجه الدارمي (1429)، وابن حبان (2046)، والطبراني في الأوسط (5/ 69 رقم 4697) و (6/ 370 - 371 رقم 6644) والشاميين (3513)، والمخلص في المخلصيات (2351). وقال الطبراني في الموضع الثانى: لم يرو هذا الحديث عن مكحول إلا جنادة، تفرد به زيد بن أبي أنيسة. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 30: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. وقال: وفيه جنادة بن أبي خالد ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (318) و (424).

ص: 387

615 -

وَعَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بشر الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلم إِلَى الْمَسَاجِد بالنورِ التَّام يَوْم الْقِيَامَة" رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَتقدم مَعَ غَيره

(1)

.

وتقدم الكلام على حديث أبي الدرداء وحديث سهل بن سعد قريبا والله أعلم.

(1)

أخرجه ابن ماجه (780) وابن خزيمة (1498) و (1499)، والطبراني في الكبير (6/ 147 رقم 5800)، والحاكم 1/ 212 و 2/ 211. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وصححه الألباني في المشكاة (722) وصحيح الترغيب (425).

ص: 388