الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاطع الصف دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على فعل ذلك لا يكون إلا عن أمر.
فرعان لهما تعلق بوصل الصفوف:
أحدهما: ما يفعله بعض المتكبرين إذا صلى لا يصل صفه أحد وإن صلى في صف أحد فبعيد عنه بحيث يبقي بينه وبينه فرجة تتسع جماعة، وهذه بدعة تخالف السنة لأن السنة التراص في الصف فإن كان ذلك بأمره حرم عليه إذ ليس للمرء من المسجد إلا موضع قيامه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات الشيطان"، "ومن وصل صفًّا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله" وغير ذلك من الأحاديث، ويكفي أن فاعل ذلك قاطع للصف وأن الله يقطعه، قال ابن حبيب: أدركت الناس بالمدينة ورجال موكلون بالصلاة إذا رأوا أحدا صلى في صف والصف الذي يليه إلى القبلة يحتمل أن يدخله ذهبوا به بعد الصلاة إلى الحبس.
الثاني: ما يفعله الناس بعد الصلاة من فرش بساط يسع جماعة ولا يصلي عليه غيره، وهذا لا يجوز لما فيه من غصب المكان المشترك بين المسلمين سيما عند ضيق المسجد في الأعياد والجمع، ويخشى عليه أن يدخل بذلك تحت الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم:"من غصب شبرًا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين" مع ما ينضاف إلى ذلك من المحرمات الحاملة له على ذلك مثل الكبر والخيلاء والإعجاب واحتقار الناس ونحو ذلك، ذكرهما ابن النحاس في تنبيهه وهو كتاب نفيس في الأمر بالمعروف.
فائدة: في صلاة الرجل وحده خلف الصف: عن علي بن شعبان، وكان من
الوفد، قال: خرجنا حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا خلفه قال: ثم صلينا وراءه صلاة أخرى فقضى الصلاة فرأى رجلا فردا يصلي خلف الصف قال: فوقف عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى انصرف ثم قال: "استقبل صلاتك لا صلاة للذي خلف الصف" رواه ابن ماجه وأحمد، وفي حديث آخر أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي فقال: صلى رجل خلف الصف وحده فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد، وفي رواية: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل صلى خلف الصفوف وحده فقال: "يعيد الصلاة"، وقال أحمد: صلاة المنفرد خلف الصف صحيحة عندنا مع الكراهة، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري ومالك والأوازعي وأصحاب الرأي وحكاه أصحابنا أيضًا عن زيد بن ثابت الصحابي والثوري وابن المبارك وداود، وقالت طائفة: لا يجوز ذلك حكاه ابن المنذر عن النخعي والحكم والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق، قال: وبه أقول؛ والمشهور عن أحمد وإسحاق أن المنفرد خلف الصف قبل الركوع صحت قدوته وإلا بطلت صلاته، وقوله في الحديث:"لا صلاة للذي خلف الصف" أي: لا صلاة كاملة كقوله: "لا صلاة بحضرة طعام".
718 -
وَعَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "خياركم ألينكم مناكب فِي الصَّلَاة وَمَا من خطْوَة أعظم أجرًا من خطْوَة مشاها رجل إِلَى فُرْجَة فِي الصَّفّ فسدها" رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن وَابْن حبَان فِي صَحِيحه كِلَاهُمَا بالشطر الأول وَرَوَاهُ بِتَمَامِهِ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط
(1)
.
(1)
أخرجه البزار (5922)، والطبراني في الأوسط (5/ 246 - 247 رقم 5217) و (5/ 254 رقم 5240) و (5/ 272 رقم 5291) والكبير (12/ 405 رقم 13494)، وابن شاهين =
قوله: عن عبد الله بن عمر تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من خطوة أعظم أجرا من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف فسدها" الفرجة تقدم ضبطها وتفسيرها في أول الباب.
719 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "من سد فُرْجَة رَفعه الله بهَا دَرَجَة وَبنى لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة مُسلم بن خَالِد الزنْجِي
(1)
وَتقدم عِنْد ابْن مَاجَه فِي أول الْبَاب دون قَوْله وَبنى لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَرَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ بِالزِّيَادَةِ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَفِي إِسْنَاده عصمَة بن مُحَمَّد قَالَ أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِقَوي وَقَالَ غَيره مَتْرُوك
(2)
.
قوله: عن عائشة تقدم الكلام على فضائلها.
قوله: "من سد فرجة رفعها الله بها درجة" رفع الدرجات أعلى المنازل في
= في الترغيب في الفضائل (474). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 90: رواه الطبراني في الأوسط كما ها هنا والبزار خلا من قوله: وما من خطوة إلى آخره وإسناد البزار حسن، وفي إسناد الطبراني ليث بن حماد ضعفه الدارقطني. وصححه الألباني في الصحيحة (2533) وصحيح الترغيب (504). وقوله: وابن حبان مشعر أنه أخرجه من طريق ابن عمر وإنما أخرجه من طريق ابن عباس، أخرجه أبو داود (672)، وابن خزيمة (1566) وابن حبان (1756). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (676)، الصحيحة (2533).
(1)
أخرجه المحاملى في الأمالى (221)، والطبراني في الأوسط (6/ 61 - 62 رقم 5797).
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن المقبري إلا ابن أبي ذئب، ولا عن ابن أبي ذئب إلا مسلم بن خالد، تفرد به أحمد بن محمد القواس. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 91: رواه الطبراني في الأوسط وفيه مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف وقد وثقه ابن حبان. وصححه الألباني في الصحيحة (1892) وصحيح الترغيب (505).
(2)
أخرجه الأصبهانى في الترغيب والترهيب (2009). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (505).
الجنة كما تقدم، يستحب أن تسد الفرج في الصفوف لينال هذا الفضل العظيم، ويستحب الاعتدال في الصفوف فإذا وقفوا في صف لا يتقدم بعضهم بصدره ولا غيره ولا يتأخر عن الناس، ويستحب توسط الإمام لما روي أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"وسطوا الإمام وسدوا الخلل"، ويستحب أن يفسح لمن يريد الدخول في الصف لحديث عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب" الحديث تقدم.
قوله: رواه الطبراني من رواية مسلم بن خالد الزنجي، هو: الزنجي المكي شيخ الشافعي كان من الفقهاء وهو مولى بني مخزوم، وإنما لقب الزنجي على العكس فإنه كان أشقر، وكنيته أبو خالد، روى عن ابن أبي مليكة والزهري وعمرو، وروى عنه: مسدد والحميدي، وثق وضعفه أبو داود لكثرة غلطه، وقال ابن معين: ليس به بأس وقال مرة: ثقة، وقال ابن عدي: أرجوا أنه لا بأس به وهو حسن الحديث، وقال الأزرقي: كان فقيها عابدا يصوم الدهر، وقال الحربي: كان فقيه مكة ولقب بالزنجي لسواده، والزنجي بفتح الزاي وسكون النون نسبة إلى الزنج وهم نوع من السودان، وقال ابن سعد: كان أشقر، والصواب أنه إمام صدوق ولكنه كتير الوهم، وقال ابن حبان: كان من الفقهاء، ومنه تعلم الشافعي الفقه، وإياه كان يجالس قبل أن يلقى مالكًا، قاله في الديباجة.
قوله: في رواية الأصبهاني من حديث أبي هريرة، وفي إسناده عصمة بن محمد، قال أبو حاتم: ليس بقوي.
720 -
وَعَن أبي جُحَيْفَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من سد فُرْجَة فِي الصَّفّ غفر لَهُ رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن وَاسم أبي جُحَيْفَة وهب بن عبد الله السوَائِي
(1)
.
قوله: عن أبي جحيفة، قال الحافظ: واسم أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي، انتهي، والسوائي بضم المهملة وتخفيف الواو وبالمد الكوفي الصحابي، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وأربعون حديثًا، ذكر البخاري منها أربعة وكان علي رضي الله عنه يكرم أبا جحيفة ويسميه وهب الخير ووهب الله وكان يحبه ويثني عليه وجعله على بيت المال بالكوفة، توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يبلغ الحلم، ومات بها سنة اثنتين وسبعين ومناقبه كثيرة مشهورة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من سد فرجة في الصف غفر له" الحديث، غفران الذنوب هو سترها، والمراد بذلك في هذا الحديث الصغائر والله أعلم.
فرع: إذا وجد الداخل في الصف فرجة أو سعة دخلها وله أن يخرق الصف المتأخر إذا لم يكن فيه فرجة وكانت في صف قدامه لتقصيرهم بتركها فإن لم يجد فرجة ولا سعة ففيه قولان أحدهما: يقف منفردًا ولا يجذب أحدًا نص عليه في البويطي لئلا يحرم غيره فضيلة الصف السابق وهذا اختيار القاضي أبي الطيب.
والثاني: وهو الصحيح وقطع به جمهور الأصحاب أنه يستحب أن يجذب إلى نفسه واحدًا من الصف ويستحب للمجذوب أن يساعده، قالوا: ولا
(1)
أخرجه البزار (4232). وقال البزار: وهذا الحديث لم نسمعه إلا من عبد الرحمن بن الأسود، وكان من أفاضل الناس. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 91: رواه البزار وإسناده حسن. وضعفه الألباني في الضعيفة (5047) وضعيف الترغيب (261).
يجذبه إلا بعد إحرامه لئلا يخرجه من الصف إلى صفه، وبهذا قال عطاء والنخعي وحكي عن مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق فعل ذلك وبه قال أبو حنيفة وداود والله أعلم قاله في الديباجة.
721 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على الَّذين يصلونَ الصُّفُوف وَلَا يصل عبد صفًّا إِلَّا رَفعه الله بِهِ دَرَجَة وذرت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة من الْبر" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَلَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ
(1)
.
قوله: عن أبي هريرة، تقدم.
قوله: "ولا يصل عبد صفا إلا رفعه الله به درجة ودرت عليه الملائكة من البر" تقدم الكلام على صلة الصفوف ورفع الدرجات، وأما قوله "ودرت عليه الملائكة من البر" فمعناه أي نزلت
(2)
.
722 -
وَعَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه: قَالَ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على الَّذين يصلونَ الصُّفُوف الأول وَمَا من خطْوَة أحب إِلَى الله من خطْوَة يمشيها العَبْد يصل بهَا صفا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي حَدِيث وَابْن خُزَيْمَة بِدُونِ ذكر الخطوة وَتقدم
(3)
.
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 123 رقم 3771). وقال الطبراني: لم يرو غانم بن الأحوص، عن أبي صالح غير هذا الحديث، تفرد به: ابن أبي أويس. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 91: رواه الطبراني في الأوسط وفيه غانم بن أحوص قال الدارقطني: ليس بالقوي. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (262).
(2)
بياض بمقدار 9 كلمات.
(3)
أخرجه أبو داود (543)، وابن خزيمة (1556) و (1557). وضعفه الألباني فيضعيف أبي داود (86) وصححه في صحيح الترغيب (507).
قوله: عن البراء بن عازب، تقدم.
قوله: "إن الله وملائكته يصلون على الذين الصفوف الأول" تقدم معناه.
723 -
وَعَن معَاذ رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ خطوتان إِحْدَاهمَا أحب الخطا إِلَى الله وَالأُخْرَى أبْغض الخطا إِلَى الله فَأَما الَّتِي يُحِبهَا الله عز وجل فَرجل نظر إِلَى خلل فِي الصَّفّ فسده وَأما الَّتِي يبغضها الله فَإِذا أَرَادَ الرجل أَن يقوم مد رجله الْيُمْنَى وَوضع يَده عَلَيْهَا وَأثبت الْيُسْرَى ثمَّ قَامَ رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم
(1)
.
قوله: عن معاذ هو ابن جبل، تقدم.
قوله: "خطوتان إحداهما أحب الخطى إلى الله والأخرى أبغض الخطى إلى الله، فأما التي يحبها الله عز وجل فرجل نظر إلى خلل في الصف فسده، وأما الخطوة التي يبغضها الله فإذا أراد الرجل أن يقوم مد رجله اليمنى ووضع يده عليها وأثبت اليسرى ثم قام" تقدم الكلام على سد الخلل في الصفوف، وتقدم الكلام أيضا على الخطوة وضبطها للمشي إلى المساجد وسيأتي الكلام على الحب والبغض في بابهما.
724 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن ميسرَة الْمَسْجِد قد تعطلت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من عمر ميسرَة الْمَسْجِد كتب لَهُ كفلان
(1)
أخرجه الحاكم (1/ 272)، والبيهقى في الكبرى (2/ 409 رقم 3569). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: لا، فإن خالدا عن معاذ منقطع. وضعفه الألباني في الضعيفة (5283) وضعيف الترغيب (263).
من الْأجر رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَغَيره
(1)
.
قوله: عن ابن عمر تقدم. قوله: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن ميسرة المسجد قد تعطلت من المصلين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمر ميسرة المسجد كتب له كفلان من الأجر" أي: نصيبان من الأجر، والكفل: النصيب من الأجر أو الوزر.
725 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من عمر جَانب الْمَسْجِد الْأَيْسَر لقلَّة أَهله فَلهُ أَجْرَانِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة بَقِيَّة بن الْوَليد
(2)
.
قوله: عن ابن عباس، تقدم الكلام على ترجمته. قوله صلى الله عليه وسلم:"من عمر جانب المسجد الأيسر لقلة أهله فله أجران" أي: نصيبان من الأجر، وإنما تعطلت الميسرة بسبب أنهم كانوا يعني الصحابة أحرص الناس على تحصيل القربات فلما حث صلى الله عليه وسلم على ميمنة الصف ازدحموا عليها فتعطلت الميسرة فقال ذلك، قال الغزالي وغيره: ينبغي لداخل المسجد أن يأتي ميمنة الصفوف فإنهن بمن وبركة والله سبحانه وتعالى يصلي على أهلها والله أعلم.
قوله: بقية بن الوليد [تقدم الكلام عليه].
(1)
أخرجه أبو أمية الطرسوسي في المسند (95)، وابن ماجه (1007)، والطبراني في الأوسط (5/ 64 رقم 4678). وقال البوصيري في الزجاجة 1/ 122: هذا إسناد ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (264).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 190 رقم 11459). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 94: رواه الطبراني في الكبير، وفيه بقية وهو مدلس وقد عنعنه ولكنه ثقة. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (265).