المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترهيب من فوات العصر] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٣

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في تنظيف المساجد وتطهيرها وما جاء في تخميرها]

- ‌[الترهيب من البصاق في المسجد وإلى القبلة، الباب إلى آخره]

- ‌[الترغيب في المشي إلى المساجد سيما في الظهر وما جاء في فضلها]

- ‌[الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها]

- ‌[الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراتًا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة]

- ‌[ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومها وترهيبهن من الخروج منها]

- ‌[الترغيب في الصلوات الخمس والإيمان بوجوبها]

- ‌[الترغيب في الصلاة مطلقا وفضل الركوع والسجود]

- ‌[الترغيب في الصلاة في أول وقتها]

- ‌[الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعة فوجد الناس قد صلوا]

- ‌[الترغيب في كثرة الجماعة]

- ‌[التَّرْغِيب فِي الصَّلاة فِي الفلاة

- ‌[الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة والترهيب من التأخير عنهما]

- ‌[الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر]

- ‌[الترغيب في صلاة النافلة في البيوت]

- ‌[الترغيب في انتظار الصلاة بعد الصلاة]

- ‌[الترغيب على المحافظة على الصبح والعصر]

- ‌[الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر]

- ‌[الترغيب في أذكار يقولها بعد صلاة الصبح وصلاة العصر والمغرب]

- ‌[الترهيب من فوات العصر]

- ‌الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسان والترهيب منها عند عدمها

- ‌[الترهيب من إمامة الرجل القوم وهم له كارهون]

- ‌[الترغيب في الصف الأول وما جاء في تسوية الصفوف والتراص فيها وفضل ميامنها ومن صلى في الصف المؤخر]

- ‌[الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج]

- ‌فرعان لهما تعلق بوصل الصفوف:

- ‌الترهيب من تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهم

- ‌[الترغيب في التأمين خلف الإمام وفي الدعاء وما يقوله في الاستفتاح والاعتدال]

- ‌[الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود]

- ‌[الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجود، وإقامة الصلب بينهما وما جاء في الخشوع]

الفصل: ‌[الترهيب من فوات العصر]

[الترهيب من فوات العصر]

686 -

عَن بُرَيْدَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من ترك صَلَاة الْعَصْر فقد حَبط عمله رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَلَفظه قَالَ بَكرُوا بِالصَّلَاةِ فِي يَوْم الْغَيْم فَإِنَّهُ من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر حَبط عمله

(1)

.

قوله: عن بريدة الصحابي هو أبو عبد الله ويقال أبو سهل ويقال سهيل ويقال أبو الحصيب بضم الحاء ويقال أبو ساسان بريدة بن الحصيب بضم الحاء المهملة بن عبد الله بن الحارث بن سعد الأسلمي سكن المدينة ثم البصرة ثم مرو وتوفي بها سنة اثنتين وستين وهو آخر من توفي من الصحابة بخراسان روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وأربعة وستون حديثًا اتفق البخاري ومسلم منها على حديث وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بأحد عشر أسلم بريدة قبل بدر ولم يشهدها وقيل أسلم بعدها روى عنه ابناه عبد الله وسليمان ومناقبه كثيرة مشهورة

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله" الحديث المراد ببطلان العمل بطلان الثواب

(3)

وقال النووي المراد به نقصان الإيمان وإبطال بعض

(1)

أخرجه البخاري (553) و (594)، وابن ماجه (694)، والنسائي في المجتبى 1/ 573 (481).

(2)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 133 ترجمة 81).

(3)

الميسر (1/ 183).

ص: 516

العبادات لا الكفر فإن الإنسان لا يكفر إلا بما يعتقده أو يفعله عالمًا بأنه يوجب الكفر

(1)

وقال ابن بطال إنما يحبط عمل المؤمن وهو لا يشعر إذا عد الذنب يسيرًا فاحتقره وكان عند الله عظيما وليس الحبط بمخرج عن الإيمان وإنما هو نقصان منه

(2)

ورواه ابن ماجه ولفظه "بكروا في الصلاة في يوم الغيم فإنه من فاتته صلاة العصر حبط عمله" قال الطبري: فإن قيل: فما معنى قوله: "بكروا بالصلاة في يوم الغيم" ولا سبيل إلى معرفة أوقات النهار لارتفاع الأدلة على ذلك بالغيم الساتر عين الشمس، قيل ذلك أمر منه عليه السلام بالبكور بها على التحري، والأغلب عند المتحري لا على يقين العلم بإصابة أول وقتها لأن أوقات الصلاة لا تدرك في يوم الغيم إلا بالتحري والعلم الظاهر

(3)

والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه من فاتته صلاة العصر حبط عمله" أي قارب أن يحبط عمله كقوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}

(4)

أي: قاربن بلوغ أجلهن قال الشاعر:

قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا

من البلاد فقد جئنا خراسانا

أي: قاربناها، وقال بعضهم: حبط عمله أي حبط كمال عمله في ذلك اليوم من الصلوات لأن صلاة العصر هي صلاة آخر اليوم وترفع ملائكة النهار

(1)

الكواكب الدراري (1/ 187)، وعمدة القارى (1/ 274).

(2)

قاله أبو الزناد كما في شرح الصحيح (1/ 112) لابن بطال.

(3)

شرح الصحيح (2/ 177) لابن بطال.

(4)

سورة الطلاق، الآية:2.

ص: 517

عمل الرجل إلى حضرة الله تعالى في صلاة العصر فإذا لم يصل العصر لم يختم له عمل ذلك اليوم

(1)

.

فائدة: اختلفوا في تسميته عصرًا قال الحموي: لأنها تعاصر وقت المغرب، وقال بعضهم: إنما سميت عصرًا لأنها تعصر بمعنى تؤخر إلى آخر النهار، ولهذا قال أبو حنيفة: لا يدخل وقتها إلا بمقدار الظل مثلين وكأنه أخذ من عصارة الشيء وهو بقيته، وقيل: سميت عصرًا للمبالغة لأنها صلاة العصر كلّه والعصر الدهر للمبالغة كقوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" والليل والنهار يسميان العصران والصريمان والملوان قاله ابن العماد

(2)

.

فائدة أخرى: فإن قلت: قالت الشافعية للعصر خمسة أوقات وقت الفضيلة وهو أول الوقت، ووقت الاختيار وهو أن يصير ظل الشيء مثليه، ووقت الجواز بلا كراهة وهو قبل الاصفرار، ووقت الجواز مع الكراهة وهو زمان الاصفرار إلى الغروب، ووقت العذر وهو وقت الظهر عند الجمع بينهما بالتقديم فالفضيلة الواردة في حق صلاة العصر هل هي مختصة بمن صلاها أول الوقت أو عامة لجميع أحوالها، قلت: لما كانت هي أداء إلى الغروب صادقا عليها صلاة العصر في جميع أحوالها كانت عامة والله أعلم، قاله الكرماني

(3)

.

(1)

القول التمام (ص 181 - 182).

(2)

القول التمام (ص 181).

(3)

الكواكب الدراري (4/ 200).

ص: 518

687 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من ترك صَلَاة الْعَصْر مُتَعَمدا فقد حَبط عمله رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح

(1)

.

قوله: عن أبي الدرداء، واسمه عويمر، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: "من ترك العصر متعمدا فقد حبط عمله" الحديث، احترز بالمتعمد عن الساهي، وتقدم الكلام على إحباط العمل في الحديث قبله وقبل قبله.

688 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الَّذِي تفوته صَلاة الْعَصْر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله. رَوَاهُ مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَزَاد فِي آخِره قَالَ مَالك تَفْسِيره ذهَاب الْوَقْت

(2)

.

قوله: عن ابن عمر، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "الذي تفوته صلاة العصر" الحديث، قال القاضي عياض

(3)

: واختلفوا في المراد بفوات العصر في هذا الحديث فقال ابن خزيمة في صحيحه في آخر الحديث: قال مالك تفسيره ذهاب الوقت، وقال في شرح الأحكام: الظاهر أن المراد الوقت، ويحتمل أن المراد به المفاحشة في

(1)

أخرجه أحمد 6/ 442 (27492). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 295: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (479).

(2)

أخره مالك (21)، والبخاري (552)، ومسلم (200 و 201 - 626)، وابن ماجه (685)، وأبو داود (414)، والترمذى (175)، والنسائي في المجتبى 1/ 577 (486) و 2/ 22 (522).

(3)

شرح صحيح مسلم للنووي (5/ 126).

ص: 519

التأخير، وقال العراقي في شرح الأحكام قال ابن وهب وغيره: هو فيمن لم يصلها في وقتها المختار، وقال سحنون والأصيلي هو أن يفوته بغروب الشمس، وقيل: هو يفوتها إلى أن تصفر الشمس، وقد ورد ذلك مفسرًا من رواية الأوزاعي في هذا الحديث، قال فيه: وفواتها أن يدخل الشمس صفرة، وروي عن سالم أنه قال: هذا فيمن فاتته ناسيا، وعلى قول الداوودي: هو في العامد وهذا هو الأظهر ويؤيده حديث البخاري في صحيحه عن بريدة: "بكروا بصلاة العصر في يوم الغيم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صلاة العصر حبط عمله" وهذا إنما يكون في العامد، وهذا محمول على من استحل ذلك أو على من اعتاد ترك هذه الصلاة أن المراد حبط الأجر إذا أخرها عن وقتها، قال ابن عبد البر: ويحتمل أن يلحق بالعصر باقي الصلوات ويكون نبه بالعصر على غيرها، وخصها بالذكر لأنها تأتي في وقت تعب الناس من مقاسات أعمالهم، وفيما قاله ابن عبد البر مراد الحديث ورد العصر، والله أعلم

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فكأنما وتر أهله وماله" يروى بنصب اللامين ورفعهما والنصب هو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور، قاله عياض وهو الذي سمعناه وضبطناه عن أشياخنا في كتاب أبي عبيد وغيره، ويكون المعنى: فكأنما وتر في أهله وماله فلما حذف الخافض انتصب، وقال الخطابي على رواية النصب أي: نقص هو أهله وماله وسلبه فيبقى وترًا بلا أهل ولا مال

(2)

(1)

إكمال المعلم (2/ 590 - 591)، وشرح النووي على مسلم (5/ 126).

(2)

إكمال المعلم (2/ 590)، وشرح النووي على مسلم (5/ 126).

ص: 520

يقال: وترته إذا، نقصته فكأنك جعلته وترا بعد أن كان كثيرًا

(1)

، وقيل: هو من الوتر الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل أو نهب أو سبي

(2)

ومنه قوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}

(3)

أي: لن ينقصكم

(4)

فشبه ما يلحق من فاتته صلاة العصر من قتل حميمه أو سلب أهله وماله

(5)

، والقول الثاني: أنهما مرفوعان على ما لم يسم فاعله ومعناه: انتزع منه أهله وماله، وهذا تفسير مالك بن أنس فيكون معنى الحديث: فليحذر من يفوتها وليكن ذلك كحذره من ذهاب أهله وماله

(6)

، ويحتمل أن يقال: إنما خص الأهل والمال بالذكر لأن الاشتغال في وقت العصر إنما هو بالسعي على الأهل أو الشغل بالمال فذكر عليه السلام أن تفويت هذه الصلاة نازل منزلة فقد الأهل والمال فلا معنى لتفويتها بالاشتغال بهما مع كون تفويتها كفواتهما أصلا ورأسا

(7)

، وقال ابن عقيل الحنبلي: قيل المراد به أنه ينبغي لمن فاتته العصر أن يحزن على فراقها كما يحزن على عدم أهله وماله

(8)

وأبعد ابن

(1)

النهاية (5/ 148)، وجامع الأصول (5/ 204).

(2)

النهاية (5/ 148)، وجامع الأصول (5/ 204).

(3)

سورة محمد، الآية:35.

(4)

كشف المشكل (2/ 540).

(5)

النهاية (5/ 148)، وجامع الأصول (5/ 204).

(6)

إكمال المعلم (2/ 590)، وشرح النووي على مسلم (5/ 126).

(7)

طرح التثريب (2/ 179).

(8)

إكمال المعلم (2/ 590).

ص: 521

عبد البر حيث قال: لا يخص هذا بالعصر بل يتعدى إلى غيرها من المكتوبات وتقدم ذلك عنه، وخصت العصر بالذكر نفسها على غيرها، وهذا الذي قاله خلاف الظاهر، فإن تخصيص الغير بالذكر إنما كان لفضيلتها على غيرها

(1)

، وقد ثبت أنها الصلاة الوسطى فلا يلزم أن يثبت لغيرها ما يثبت لها لقيام الفارق، فالصلاة الوسطى أفضل الصلوات وأعظمها أجرا وبها تختم صلوات النهار، ولذلك خصت بالمحافظة عليها

(2)

، وقيل: لأنها وسط بين صلاتي الليل وصلاتي النهار، ولذلك وقع الخلاف فيها

(3)

، وتقدم ذلك.

689 -

وَعَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة رضي الله عنه أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله وَفِي رِوَايَة قَالَ نَوْفَل صَلَاة من فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله.

قَالَ ابْن عمر: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هِيَ الْعَصْر رَوَاهُ النَّسَائِيّ

(4)

.

قوله: عن نوفل بن معاوية، هو نوفل بن معاوية [بن عروة، وقيل: نوفل بن معاوية ابن عمرو الدؤلي، من بني الدؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. أسلم وشهد مكة، وهو أول مشاهده، ونزل المدينة وتوفي بها أيام يزيد بن معاوية.

(1)

فتح البارى (4/ 301 - 302)، وطرح التثريب (2/ 179).

(2)

كشف المشكل (2/ 540).

(3)

القول التمام (ص 180).

(4)

أخرجه النسائي في المجتبى 1/ 575 - 577 (485 و 486) و (487 و 488). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (481).

ص: 522

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وعبد الرحمن بن مطيع، وعراك بن مالك

(1)

].

قوله صلى الله عليه وسلم: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" وتقدم الكلام على ذلك في الحديث قبله.

قوله: وفي رواية قال نوفل: صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله، قال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي العصر"، وتقدم أسماء العصر في الأحاديث المذكورة في الباب والله أعلم.

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 134 ترجمة 641).

ص: 523