الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترغيب في صلاة النافلة في البيوت]
633 -
عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ اجعلوا من صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ وَلا تتخذوها قبورا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
(1)
.
قوله: عن ابن عمر تقدم الكلام على ابن عمر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا" الحديث، "من" هنا للتبعيض ويعني به: النوافل
(2)
بدليل قوله في الحديث "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل فى بيته نصيبا"
(3)
أي: اتخذوا النوافل في بيوتكم
(4)
، وقال القاضي عياض: قيل هذا في الفرائض ومعناه: اجعلوا فرائضكم في بيوتكم ليقتدي بكم من لا يصلي في المسجد من نسوة وعبيد ومريض ونحوهم، قال: وقال الجمهور بل هو في النافلة لإخفائها وقال الآخر: "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"
(5)
، قال النووي: قلت
(1)
أخرجه البخاري (432) و (1187)، ومسلم (208 و 209 - 777)، وابن ماجه (1377)، وأبو داود (1043)، والترمذى (451)، والنسائى في المجتبى 3/ 359 (1614).
(2)
المفهم (7/ 45).
(3)
أخرجه مسلم (210 - 778)، وابن حبان (2490).
(4)
شرح المشكاة (3/ 938)، والكواكب الدراري (7/ 11).
(5)
أخرجه البخاري (731) و (6113) و (7290)، ومسلم (213 و 214 - 781) عن زيد بن ثابت.
الصواب أن المراد النافلة وجميع أحاديث الباب تقتضيه ولا يجوز حمله على الفريضة، وإنما يحمل على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد عن الرياء وأصون من المحبطات وليتبرك البيت به ويترك فيه الرحمة والملائكة وتنفر منه الشياطين كما جاء في الحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى "فإن الله جاعل من صلاته في بيته خيرًا"
(1)
، وبالغ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فرأى أن سنة المغرب لا يجزئ فعلها في المسجد حكاه عبد الله بن الإمام أحمد في المسند عقب حديث محمود بن لبيد فقال: قلت لأبي إن رجلا قال: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم تجزئه إلا أن يصليهما في بيته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هذه من صلاة البيوت" قال: من هذا قلت محمد بن عبد الرحمن قال: ما أحسن ما قال أو قال ما أحسن ما نقل
(2)
والله أعلم.
واتفق العلماء على أفضلية فعل النوافل المطلقة في البيت، واختلفوا في الرواتب فقال الجمهور: الأفضل فعلها في البيت أيضًا وسواء في راتبة الليل والنهار، قال النووي: ولا خلاف عندنا، وقال جماعة من السلف: الاختيار فعلها في المسجد كلها، وقال مالك والثوري: الأفضل فعل نوافل النهار الراتبة في المسجد وراتبة الليل في البيت، ودليل الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم:"أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"
(3)
، ويستثنى من ذلك فعل من يقتدى به فإن
(1)
شرح النووي على مسلم (6/ 67 - 68).
(2)
أحمد في المسند 5/ 420 (23967).
(3)
طرح التثريب (3/ 36).
الأفضل في حقه أن يفعلها في المسجد لإظهار السنة ولقصد تعليمها للناس، وعلى ذلك يحمل صلاته صلى الله عليه وسلم النافلة في المسجد والله أعلم.
قوله: "ولا تتخذوها قبورا" أي لا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة
(1)
، قال الخطابي: فيه دليل على أن الصلاة لا تجوز في المقابر، ويحتمل أن يكون معناه: لا تجعلوا بيوتكم أقطانا للنوم لا تصلوا فيها فإن النوم أخو الموت، وأما من أوله على النهي عن دفن الموتى في البيوت فليس بشيء فقد دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته الذي كان يسكنه أيام حياته [أقول هو شيء ودفن الرسول صلى الله عليه وسلم فيه لعله من خصائصه سيما وقد روي الأنبياء يدفنون حيث يموتون] قاله الكرماني
(2)
، وسبب الكراهة في الصلاة في المقبرة عند العراقيين ما تحت مصلاه من النجاسة وبذلك عللها الإمام الشافعي قدس الله روحه وكلام القاضي يدل على أن سببها حرمة الموتى، وكذلك تكره الصلاة في المقبرة النجسة وهي المحققة النبش إذا بسط شيئا وصلى عليه فإن لم يبسط شيئا لم تصح صلاته، وأما المشكوك في نبشها فالأصح صحة الصلاة فيها بغير حائل والتيمم بترابها لأن الأصل عدم النبش والمقبرة بتثليث الباء حكاه ابن مالك ولم يحك الجوهري الكسر، وقال ابن الرفعة: ولا فرق في الكراهة بين أن يصلي على القبر أو بجانبه، قال: ومنه
(1)
شرح النووي على مسلم (6/ 67).
(2)
هذا كلام الخطابى كما في أعلام الحديث (1/ 393) ورد عليه الكرمانى في الكواكب الدراري (4/ 94) فقال ما أدرجناه.
تؤخذ كراهة الصلاة إلى جانب النجاسة وخلفها وفيما قاله نظر، وأما الصلاة على القبر فكالجلوس عليه حرام على الأصح
(1)
.
تنبيه: لا يجوز استقبال القبر إلا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يحرم التوجه إلى رأسه كما جزم به النووي في التحقيق ونقله فى شرح المهذب عن المتولي، ويستثنى من المقبرة مقابر الأنبياء عليه الصلاة والسلام فلا كراهة في الصلاة فيها لأنهم في قبورهم أحياء يصلون والله أعلم قاله الكمال الدميري
(2)
.
634 -
وَعَن جَابر هُوَ ابْن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا قضى أحدكُم الصَّلَاة فِي مَسْجده فليجعل لبيته نَصِيبا من صلَاته فَإِن الله جَاعل فِي بَيته من صلَاته خيرا رَوَاهُ مُسلم وَغَيره
(3)
وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي سعيد
(4)
.
قوله: عن جابر، هو ابن عبد الله تقدم الكلام على ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته" الحديث، معنى الحديث: لا تتركوا بيوتكم خالية عن الصلاة بل صلوا فيها النوافل أو السنن فإن الله يجعل البركة في بيت يصلي فيه بصلاة
(5)
،
(1)
النجم الوهاج (2/ 246).
(2)
النجم الوهاج (2/ 246).
(3)
أخرجه مسلم (210 - 778)، وابن ماجه (1376).
(4)
أخرجه ابن خزيمة (1206). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (437).
(5)
المفاتيح (2/ 296).
وإنما حث على الصلاة في البيت لكونه أخفى وأبعد عن الرياء وتتنزل الرحمة في ذلك المكان وسواء ذلك مسجد مكة والمدينة وغيرهما لعموم الحديث لكن تستثنى النافلة يوم الجمعة لفضيلة البكور وركعتا الطواف وركعتا الإحرام إذا كان الميقات مسجد، وقال القاضي أبو الطيب: إذا أخفى نافلته في المسجد كانت أفضل من البيت
(1)
.
قوله. "فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا""من" هنا سببية يعني: من أجل، والخير الذي يجعل في البيت بسبب التنفل فيه هو عمارته بذكر الله تعالى وبطاعته وبالملائكة وبدعائهم واستغفارهم وبما يحصل لأهله من الثواب والبركة
(2)
.
635 -
وَعَن أبي مُوسَى الأشْعَرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مثل الْبَيْت الَّذِي يذكر الله فِيهِ وَالْبَيْت الَّذِي لَا يذكر الله فِيهِ مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت" رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(3)
.
قوله: عن أبي موسى، واسمه عبد الله بن قيس، تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت" الحديث، ففيه الحث إلى ذكر الله تعالى في البيت وأنه لا يخلو من الذكر، وفيه: جواز التمثيل، وفيه: أن طول العمر في الطاعة فضيلة
(1)
النجم الوهاج (2/ 184).
(2)
المفهم (7/ 45).
(3)
أخرجه البخاري (6407)، ومسلم (211 - 779)، وابن حبان (854).
وإن كان الميت ينتقل إلى خير لأن الحي سيلحق به ويزيد عليه بما يفعله من الطاعات
(1)
، هذا التشبيه المذكور في الحديث واقع بأهل البيت وبالبيت ووجهه أن أهل الميت إذا لم يصلوا فيه ولم يذكروا الله فيه نوما أو غفلة فهم منزلة الموتى والبيت بمنزلة القبر، وعلى هذا ففي الحديث حذف مضاف تقديره: مثل أهل البيت
(2)
.
636 -
وَعَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَيّمَا أفضل الصَّلَاة فِي بَيْتِي أَو الصَّلاة فِي الْمَسْجِد قَالَ: "أَلا ترى إِلَى بَيْتِي مَا أقربه من الْمَسْجِد فَلِأن أُصَلِّي فِي بَيْتِي أحب إِلَيّ من أَن أُصَلِّي فِي الْمَسْجِد إِلَّا أَن تكون صَلَاة مَكتُوبَة" رَوَاهُ أحْمد وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيمَة في صحِيحه
(3)
.
قوله: عن عبد الله بن مسعود، تقدم الكلام على مناقبه.
قوله: "فلأن أصلي في بيتي أحب إليَّ من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة" أي: مفروضة، وتقدم الكلام على صلاة النافلة في البيت في الأحاديث قبله.
637 -
وَعَن أبي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: خرج نفر من أهل الْعرَاق إِلَى عمر فَلَمَّا قدمُوا عَلَيْهِ سَأَلُوهُ عَن صَلَاة الرجل فِي بَيته فَقَالَ عمر: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
شرح النووي على مسلم (6/ 68).
(2)
المفهم (7/ 45 - 46).
(3)
أخرجه أحمد 4/ 342 (19007)، وابن ماجه (1378)، وابن خزيمة (1202). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (439).
فَقَالَ: "أما صَلاة الرجل فِي بَيته فنور فنوروا بُيُوتكُمْ" رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صحِيحه
(1)
.
عن أبي موسى، تقدم.
قوله: خرج نفر من أهل العراق إلى عمر فلما قدموا عليه سألوه عن صلاة الرجل في بيته، الحديث، النفر من الثلاثة إلى العشرة، وتقدم الكلام على ذلك في أول هذا التعليق في حديث الغار مبسوطا، والعراق: إقليم يشتمل على بلاد شتى معروف.
قوله: "أما صلاة الرجل في بيته فنور فنوروا بيوتكم" المراد بذلك صلاة النافلة في البيوت، قال ابن عساكر في الأطراف: قال القرطبي: قوله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة نور" معناه أن الصلاة إذا فعلت بشروطها الصحيحة والمكملة نورت القلب بحيث تشرق فيه أنوار المعارف والمكاشفات حتى ينتهي أمر من يراعيها حق رعايتها أن يقول: وجعلت قرة عيني في الصلاة، وأيضًا فإنها تنور بين يدي مراعيها يوم القيامة في تلك.
الظلم وتنور وجه المصلي يوم القيامة فيكون ذا غرة وتحجيل كما ورد في حديث عبد الله بن بسر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء"
(2)
قال النووي: معنى قوله: "الصلاة نور" تمنع من
(1)
أخرجه أحمد 1/ 14 (86)، وابن ماجه (1375). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (237).
(2)
المفهم (3/ 102).
المعاصي وتنهي عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به، وقيل: معناه أن أجرها يكون نورًا لصاحبها يوم القيامة، وقيل: لأنها سبب لإشراق أنوار المعارف وانشراح الصدر ومكاشفات الحقائق لفراغ القلب فيها وإقباله على الله تعالى بظهره وباطنه، وقد قال الله تعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}
(1)
، وقيل: إنها تكون نورًا ظاهرًا على وجهه يوم القيامة وتكون في الدنيا أيضًا كذلك بخلاف من لم يصل
(2)
انتهى قاله في الديباجة.
638 -
وَعَن زيد بن ثَابت رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "صلوا أَيهَا النَّاس فِي بُيُوتكُمْ فَإِن أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة" رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه
(3)
.
قوله: عن زيد بن ثابت تقدم الكلام على مناقبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس صلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته" الحديث، هذا عام في جميع النوافل الراتبة مع الفرائض والمطلقة، وظاهره أنها في البيوت أفضل وإن كانت بمكة أو المدينة كما تقدم.
(1)
سورة البقرة، الآية:45.
(2)
شرح النووي على مسلم (3/ 101).
(3)
أخرجه البخاري (731) و (6113) و (7290)، ومسلم (213 و 214 - 781)، وأبو داود (1044) و (1447)، والنسائى في المجتبى 3/ 359 (1615)، وابن خزيمة (1203) و (1204).
واعلم أن المراد بالنافلة ما سوى ركعتي الطواف فإن فعلها في المسجد أفضل وما سوى النفل يوم الجمعة قبلها فإنه في المسجد الجماعة وغيره أفضل كما نص عليه الشافعي في الأم، وما سوى الشعار الظاهر كالعيدين والكسوفين وما سوى ركعتي الضحى قاله الزركشي في إعلام الساجد بأحكام المساجد
(1)
، وزاد عليه غيره كذلك صلاة التراويح على الأصح فإنها في جماعة المسجد والاستسقاء في الصحراء وكذا العيد إذا ضاق المسجد أفضل
(2)
والله أعلم.
639 -
وَعَن رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرَاهُ رَفعه قَالَ: "فضل صَلَاة الرجل فِي بَيته على صلَاته حَيْثُ يرَاهُ النَّاس كفضل الْفَرِيضَة على التَّطَوُّع" رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَإِسْنَاده جيد إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(3)
.
قوله: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أراه رفعه، أي: أظنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث المرفوع معروف في اصطلاح المحدثين.
قوله: "فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل الفريضة على التطوع" المراد بذلك النافلة، ولما يخشى عليه من الرياء حيث يراه الناس.
(1)
إعلام الساجد (ص 104).
(2)
شرح النووي على مسلم (6/ 70).
(3)
أخرجه البيهقى في الشعب (4/ 544 رقم 2989) موقوفًا. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (441).
640 -
وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "أكْرمُوا بُيُوتكُمْ بِبَعْض صَلَاتكُمْ" رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه
(1)
.
قوله: عن أنس هو ابن مالك تقدم.
قوله: "أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم" الحديث، اختلف السلف في أن النفل أثر الفرض أفضل أم في البيت على ثلاثة أقوال، أحدها وهو مذهب الشافعي وقال النخعي وغيره: أن فعله في البيت أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" لخشية اختلالها بالفرائض ولسلامتها من الرياء كما تقدم بيانه.
والثاني: أن فعلها في المسجد إثر الفرائض أجمع للخاطر حكاه القاضي عياض عن قوم.
والثالث: الفرق بين الليل والنهار، ففي النهار المسجد أفضل وفي الليل البيت أفضل حكاه القاضي عياض عن مالك والثوري كما تقدم تقريره، واحتج بقول ابن عمر فأما المغرب والعشاء ففي بيته، وهو دال على ذلك المكان في المسجد وما سواهما هو راتب النهار، وهذا لا حجة فيه لأن فيه الجمعة وهي نهارية وهو لا يقول بها، وفصل بعض المتأخرين بين أن يكسل عن فعلها في البيت ففي المسجد أولى وإلا ففي البيت قاله الزركشي
(2)
.
(1)
أخرجه ابن خزيمة (1207)، وابن المنذر في الأوسط (2746)، والحاكم في المستدرك (1/ 313). وضعفه الألباني في الضعيفة (2680) وضعيف الترغيب (238).
(2)
إعلام الساجد (ص 377 - 348).
خاتمة: اعلم أن صلاة النفل في البيت أفضل من فعله في المسجد لما فيه من الخلوص والبعد عن الرياء كما تقدم نقله، لكن هل يأتي مثل ذلك في المسجد الحرام، الظاهر الثاني، نعم إن قلنا إن حرم مكة كمسجدها في المضاعفة كما جزم به الماوردي والنووي وصرح النووي في شرح المهذب بأن صلاة النفل في البيت أفضل من فعلها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وسكت عن المسجد الحرام وجريانه فيه أولى لأن حرم المدينة ليس كمسجدها في المضاعفة بخلاف حرم مكة، وقال ابن أبي الصيف اليمني: جاء في بعض الأخبار أن صلاة النفل في الزاوية من بيته أفضل في الصلاة في المسجد، وينبغي تقييد ذلك بما إذا كان معذورا بعذر يعجز به عن الاستقبال يقينا، وحينئذ فلا يبعد أن يحصل له ألا ترى أن صلاة النافلة قاعدا مع القدرة على القيام تنقص نصف الأجر ومع العجز لا تنقصه، وقد روي أن عبد الله بن عمر كان إذا كان بمكة يصلي الجمعة تقدم فيصلي ركعتين ثم تقدم فصلى أربعا، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصلي في المسجد، فقيل له؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، قال ابن أبي الصيف: وكان الفرق والله أعلم أنه بمكة ليسهل عليه الصلاة مع المشاهدة أو مع المحاذاة التي يتصور عند زوال المانع من المشاهدة بترك ذلك مع الضرر ولا يبعد أن يكون سببا لمنع الزيادة كما قلنا في صلاة النافلة قاعدا، بل للصلاة مع المشاهدة وقع في القلب لا يوجد لغيرها مما فيه من المحاذاة أو
دون المشاهدة كما أن لها إذا جعلت قريبا من البيت فضلا على غيرها ومسجد المدينة وإن كان محراب النبي صلى الله عليه وسلم مقطوع بأنه على الصواب إلا أنه ليس فيه المعنى الذي ذكرناه بمكة انتهى قاله الزركشي
(1)
.
(1)
إعلام الساجد (ص 102 - 103).