المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومها وترهيبهن من الخروج منها] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٣

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في تنظيف المساجد وتطهيرها وما جاء في تخميرها]

- ‌[الترهيب من البصاق في المسجد وإلى القبلة، الباب إلى آخره]

- ‌[الترغيب في المشي إلى المساجد سيما في الظهر وما جاء في فضلها]

- ‌[الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها]

- ‌[الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراتًا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة]

- ‌[ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومها وترهيبهن من الخروج منها]

- ‌[الترغيب في الصلوات الخمس والإيمان بوجوبها]

- ‌[الترغيب في الصلاة مطلقا وفضل الركوع والسجود]

- ‌[الترغيب في الصلاة في أول وقتها]

- ‌[الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعة فوجد الناس قد صلوا]

- ‌[الترغيب في كثرة الجماعة]

- ‌[التَّرْغِيب فِي الصَّلاة فِي الفلاة

- ‌[الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة والترهيب من التأخير عنهما]

- ‌[الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر]

- ‌[الترغيب في صلاة النافلة في البيوت]

- ‌[الترغيب في انتظار الصلاة بعد الصلاة]

- ‌[الترغيب على المحافظة على الصبح والعصر]

- ‌[الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر]

- ‌[الترغيب في أذكار يقولها بعد صلاة الصبح وصلاة العصر والمغرب]

- ‌[الترهيب من فوات العصر]

- ‌الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسان والترهيب منها عند عدمها

- ‌[الترهيب من إمامة الرجل القوم وهم له كارهون]

- ‌[الترغيب في الصف الأول وما جاء في تسوية الصفوف والتراص فيها وفضل ميامنها ومن صلى في الصف المؤخر]

- ‌[الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج]

- ‌فرعان لهما تعلق بوصل الصفوف:

- ‌الترهيب من تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهم

- ‌[الترغيب في التأمين خلف الإمام وفي الدعاء وما يقوله في الاستفتاح والاعتدال]

- ‌[الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود]

- ‌[الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجود، وإقامة الصلب بينهما وما جاء في الخشوع]

الفصل: ‌[ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومها وترهيبهن من الخروج منها]

[ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومها وترهيبهن من الخروج منها]

510 -

عَن أم حميد امْرَأَة أبي حميد السَّاعِدِيّ رضي الله عنهما أنَهَا جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي أحب الصَّلَاة مَعَك قَالَ قد علمت أَنَّك تحبين الصَّلَاة معي وصلاتك فِي بَيْتك خير من صَلَاتك فِي حجرتك وصلاتك فِي حجرتك خير من صَلَاتك فِي دَارك وصلاتك فِي دَارك خير من صَلَاتك فِي مَسْجِد قَوْمك وصلاتك فِي مَسْجِد قَوْمك خير من صَلَاتك فِي مَسْجِدي قَالَ فَأمرت فَبني لَهَا مَسْجِد فِي أقْصَى شَيْء من بَيتهَا وأظلمه وَكَانَت تصلي فِيهِ حَتَّى لقِيت الله عز وجل، رَوَاهُ أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا

(1)

وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْن خُزَيْمَة بَاب اخْتِيَار صَلَاة الْمَرْأَة فِي حُجْرَتهَا على صلَاتهَا فِي دارها وصلاتها فِي مَسْجِد قَومهَا على صلَاتهَا فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِن كَانَت صَلَاة فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم تعدل ألف صَلَاة فِي غَيره من الْمَسَاجِد وَالدَّلِيل على أَن قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 157 (7620)، وأحمد 6/ 371 (27090)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير - السفر الثانى (2/ 802)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3379) و (3380)، والرويانى (1115)، وابن خزيمة (1689)، وابن حبان (2217)، والطبراني في الكبير 25/ 148 (356). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 34: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سويد الأنصاري ووثقه ابن حبان، ورواه الطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (340).

ص: 172

أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ صَلَاة الرِّجَال دون صَلَاة النِّسَاء هَذَا كَلَامه.

قوله: عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي، أم حميد اسمها

(1)

، وأبو حميد الساعدي هو الأنصاري قيل اسمه عبد الرحمن وقيل المنذر بن سعد وقيل إنه سهل بن سعد الخزرجي المدني له صحبه وأحاديث توفي في آخر خلافة معاوية وأول خلافة يزيد

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك" الحديث قال البيهقي وفيه دلالة على أن الأمر بألا يمنعن أمر ندب واستحباب لا أمر فرض وإيجاب وهو قول العامة من أهل العلم

(3)

انتهي، وكذا جزم به ابن بطال فقال نهيه صلى الله عليه وسلم عن منعها من الصلاة في المساجد نهي أدب لا أنه واجب عليه أن لا يمنعها

(4)

قاله في شرح الأحكام، قال الحافظ شرف الدين الدمياطي في كتابه: المتجر الرابح في العمل الصالح قلت كان النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرجن من بيوتهن إلى الصلاة يخرجن متبذلات متلفعات بالأكسية لا يعرفن من الغلس وكان إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم يقال للرجال مكانكم حتى ينصرف النساء ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن صلاتهن في بيوتهن

(1)

بياض بمقدار كلمة واحدة.

(2)

أسد الغابة (5/ 78 ترجمة 5822).

(3)

السنن الكبرى (3/ 190).

(4)

شرح الصحيح (2/ 474).

ص: 173

أفضل لهن" فما ظنك بمن تخرج متزينة متبخرة متبرجة لابسة أحسن ثيابها، وقد قالت عائشة رضي الله عنها لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المساجد هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر الأول فما ظنك لو رأت نساء زماننا هذا

(1)

والله أعلم انتهي، أشارت رضي الله عنها إلى ما أحدّثنه من الفتن بالتطيب واللباس عند خروجهن قال الحافظ رحمه الله: وبوب على هذا ابن خزيمة باب اختيار صلاة المرأة في حجرتها على صلاتها في دارها وصلاتها في قومها على صلاتها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره.

511 -

وَعَن أم سَلمَة رضي الله عنها عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ خير مَسَاجِد النِّسَاء قَعْر بُيُوتهنَّ رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم من طَرِيق دراج أبي السَّمْح عَن السَّائِب مولى أم سَلمَة عَنْهَا وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة لا أعرف السَّائِب مولى أم سَلمَة بعدالة وَلا جرح وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الإِسْنَاد

(2)

.

(1)

المتجر الرابح (ص 121).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة كما في اتحاف الخيرة (2/ 64 رقم 1044/ 1)، وأحمد 6/ 294 (26542) و 6/ 301 (26570)، وأبو يعلى (7025)، وابن خزيمة (1683)، والطبراني في الكبير (23/ 313 رقم 709)، والحاكم (1/ 209). وقال الدارقطني في العلل (3977): يرويه ابن لهيعة، واختلف عنه؛ فرواه ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن رجل، عن أم سلمة وقال موسى بن أعين: عن عمرو، عن دراج، عن السائب، عن أم سلمة وكذلك قال: ابن لهيعة، وهو الصَّواب. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 33: =

ص: 174

قوله عن أم سلمة هي أم المؤمنين إحدى زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو الفرج بن الجوزي اسمها هند بنت أبي أمية كانت عند أبي سلمة فهاجر بها إلى أرض الحبشة الهجرتين ومات أبو سلمة سنة أربع من الهجرة فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ثابت حدّثتني أم سلمة أن أبا سلمة قال لها قد سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تصيب أحدا مصيبة فيسترجع عند ذلل ويقول اللهم عنك أحتسب مصيبتي هذه اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خير منها" ثم قالت: قلت من خير من أبي سلمة ثم قالت لم انقضت عدتي أرسل إلى أبي بكر يخطبني فأبيت فأرسل إلى عمر يخطبني فأبيت فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبني فقلت بلى يا رسول الله ثم أرسلت إليه فقلت يا رسول الله أن امرأة شديدة الغيرة فادع الله يذهب الغيرة عني فدعا لها فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في النساء كأنها ليست منه لا تجد ما تجدن من الغيرة وذلك ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم توفيت رضي الله عنها سنة تسع وخمسين ودفنت بالبقيع وهي بنت أربع وثمانين سنة وقيل دخل عليه السلام وكلها فقالت له ذلك زوجة فقال: أن لي زوجين أحدهما سوداء أو الأخرى بيضاء أوى إليها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجتاه الليل والنهار

(1)

قاله في مختصر مجمع الأحباب.

= رواه أحمد وأبو يعلى ولفظه: "خير صلاة النساء في قعر بيوتهن". رواه الطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وفيه كلام. وصححه الألباني في الصحيحة (1396) وصحيح الترغيب (341).

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 361 - 363 ترجمة 1197).

ص: 175

فائدة: ذكر أبو سعيد في شرف النبوة أن جملة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إحدى وعشرين امرأة طلق منهن ست ومات عنده منهن خمس وتوفي صلى الله عليه وسلم عن عشر منهن واحدة لم يدخل بها، وكان يقسم لتسع وكان صداقه لنسائه خمسمائة درهم لكل واحدة، هذا أصح ما قيل إلا صفية فإن صداقها عتقها لم يرو لها صداق غيره وأم حبيبة أصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينار أ. هـ. قاله في تاريخ كنز الدرر وهو تسعة أجزاء في قطع

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "خير مساجد النساء قعر بيوتهن" تقدم الكلام على ذلك.

قوله: رواه ابن خزيمة من طريق دراج أبي السمح عن السائب مولى أبي سلمة تقدم الكلام على مناقب دراج، وأما السائب مولى أم سلمة فهو السائب بن عبد الله مولى أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن أم سلمة روى عنه دراج أبو السمح

(2)

.

512 -

وعنها رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْمَرْأَة فِي بَيتهَا خير من صلَاتهَا فِي حُجْرَتهَا وصلاتها فِي حُجْرَتهَا خير من صلَاتهَا فِي دارها وصلاتها فِي دارها خير من صلَاتهَا فِي مَسْجِد قَومهَا، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد جيد

(3)

.

(1)

انظر: شرف النبوة (3/ 245)، وكنز الدرر (3/ 25).

(2)

"الثقات": (4/ 326).

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 48 رقم 9101). وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، تفرد به إبراهيم بن المنذر. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 34: رواه =

ص: 176

قوله: وعنها، تقدم الكلام على مناقبها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في بيتها" الحديث، وأما النساء فصلاتهن في بيوتهن أفضل من المسجد لهذا الحديث والحجرة صحن الدار والمخدع بيت داخل البيت تخبئ فيه ثيابها، وقيل: المخدع أيضًا بيت في بيت وذلك لستر أراد بها الحجرة أيضًا ما يشتمل على بيتها وغيرها

(1)

.

513 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تمنعوا نساءكم الْمَسَاجِد وبيوتهن خير لَهُنَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

(2)

.

قوله: عن ابن عمر، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن" أي: سواء صلين جامعة أو فرادى لأنه أستر لهن بل الخزانة أفضل من صحن الدار كما جاء في حديث ابن عباس، واعلم أنه لا يلزم من الخيرية أن يكون الثواب أكثر فقد تكون البيوت خيرا من جهة السلامة وعدم التعرض للفتن وطاعة

= الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح خلا زيد بن المهاجر فإن ابن أبي حاتم لم يذكر عنه راويا غير ابنه محمد بن زيد. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (342).

(1)

انظر: المفاتيح (2/ 219)، وشرح المشكاة (4/ 1131)، والنجم الوهاج (2/ 327)، وشرح المصابيح (2/ 97)، وشرح أبي داود (3/ 56) للعينى.

(2)

أخرجه أحمد 2/ 76 (5468)، وأبو داود (567)، وابن خزيمة (1684)، والحاكم (1/ 209). وصححه الحاكم ووافقه الذهبى. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (576) وصحيح الترغيب (343).

ص: 177

الزوج ورضاه وغير ذلك لكن قال ابن مسعود: المرأة عورة وأقرب ما تكون إلى الله في قعر بيتها

(1)

، قاله في شرح الإلمام.

قوله: وزاد أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعًا ولكن ليخرجن وهن تفلات أي غير متطيبات لئلا يحركن الرجال بطيبهن

(2)

، وقال الجوهري: تفل يتفل وتتفل، وفي حديث:"لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنوكم" وفي بعضها: "إذا استأذنكم"

(3)

ففيه دليل على أنه يستحب للرجل أن يأذن لها في الخروج إلى صلاة الجماعة وإلى سماع الوعظ، ففي هذه الأحاديث دلالة على حضور النساء المساجد وأنهن لا يمنعن المساجد لكن بشروط ذكرها العُلماء مأخوذة من الأحاديث، أحدها: أن لا تكون متطيبة فقد روي البزار بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إيما امرأة تطيب ثم أتت المسجد لم تقبل لها الصلاة حتى تغتسل كاغتسالها"

(4)

، وقد استنبط الخطابي رحمه الله من هذه الأحاديث أنه ليس للزوج منع زوجته من الحج لأنها طلبت الخروج إلى أشرف المساجد

(5)

، والأصح عند الشافعية خلاف

(1)

انظر: بحر المذهب (2/ 287 - 288) و (2/ 493)، والمجموع (4/ 198)، وكفاية النبيه (3/ 527 - 528)، وتسهيل المقاصد (لوحة 91)، والنجم الوهاج (2/ 327 - 328).

(2)

مشارق الأنوار (1/ 123).

(3)

أخرجه مسلم (140 - 442) عن ابن عمر.

(4)

أخرجه ابن ماجه (4002)، وأبو داود (4174)، والبزار (8254 و 8255 و 9367) عن أبي هريرة. وقال الألبانى: حسن صحيح في الصحيحة (1031).

(5)

معالم السنن (1/ 162).

ص: 178

ما ذكره الخطابي، ويخصون الحديث بمساجد البلد لعموم المشقة إذ يشق على الزوج خروج زوجته إلى مكة مع بعد المسافة وتخصيص العموم بالقياس جائز عند أكثر العُلماء والله أعلم.

ثانيهما: أن لا تكون متزينة.

ثالثها: أن لا تكون ذات خلاخل يسمع صوتها.

رابعها: أن لا يكون ذات ثياب فاخرة.

خامسها: أن لا يكون مختلطة بالرجال.

سادسها: أن لا تكون شابة ونحوها ممن يفتتن لها.

سابعها: أن لا يكون في الطريق ما تخاف منه مفسدة ونحوها

(1)

، فإذا وجدت هذه الشروط كره منعهن من الزوج كراهة تنزيه، والخطاب لا يتعلق بالأزواج والسادات، فإذا لم يكن لها زوج أو سيد حرم منعهن من الخروج إذا وجدت الشروط، هذا في الخروج إلى الجماعة أما خروجها للاستفتاء فيجوز بغير إذن السيد والزوج إلا أن يكون من أهل الاستفتاء فتستفتي منهما أو يقول نحن نستفتي لك العُلماء فلا تخرج حينئذ ولو أعسر الزوج أو السيد بالنفقة فلها الخروج بغير الإذن لتحصيل النفقة

(2)

، وقد اختلف العُلماء في العجائز فذهب أبو حنيفة أنه لا بأس لهن بالخروج إلى الفجر والمغرب والعشاء، وذهب أبو يوسف ومحمد إلى أنهن يخرجن للصلوات كلها وهذا

(1)

لهذه الشروط انظر: شرح النووي على مسلم (4/ 161 - 162)، وإحكام الأحكام (1/ 197)، والعدة (1/ 356)، ورياض الأفهام (1/ 640).

(2)

قاله ابن العماد كما في تسهيل المقاصد (لوحة 92).

ص: 179

كله في زمانهم أما في زماننا فمكروه بالاتفاق

(1)

، وقال النووي في شرح مسلم: وهذا النهي عن منعهن من الخروج محمول على كراهة التنزيه إذا كانت المرأة ذات زوج أو سيد ووجدت الشروط المذكورة، فإن كانت خلية حرم المنع إذا وجدت الشروط، ومراده بالشروط أن لا تكون متزينة ولا ذات جلاجل ولا ثياب فاخرة ولا مختلطة بالرجال

(2)

كما تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وبيوتهن خير لهن" في هذا الحديث حجة لمن لم يستحب لهن شهود الجماعة وهو قول أهل الكوفة

(3)

. وكان إبراهيم النخعي يمنع نساءه الجمعة والجماعة

(4)

.

514 -

وَعنهُ رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمَرْأَة عَورَة وَإِنَّهَا إِذا خرجت من بَيتهَا استشرفها الشَّيْطَان وَإِنَّهَا لا تكون أقرب إِلَى الله مِنْهَا فِي قَعْر بَيتهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرِجَاله رجال الصَّحِيح

(5)

.

قوله: وعنه، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة" الحديث جعلها نفسها عورة لأنها إذا ظهرت

(1)

شرح الصحيح (2/ 471) لابن بطال.

(2)

شرح النووي على مسلم (4/ 161 - 162).

(3)

طرح التثريب (2/ 317).

(4)

شرح الصحيح (2/ 472) والمسالك (3/ 359) وطرح التثريب (2/ 317).

(5)

أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 189 رقم 2890). قال الهيثمي في المجمع 4/ 314: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (2688) وصحيح الترغيب (344).

ص: 180

يستحيى منها كما يستحى من العورة إذا ظهرت

(1)

، والعورة في الأصل كل ما يستحيى منه إذا ظهر

(2)

، وقال أهل اللغة: سميت العورة عورة لقبح ظهورها ولغض الأبصار عنها مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين، والكلمة العوراء هي القبيحة

(3)

، وجاء في رواية:"لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة"

(4)

، وفي ضبطها ثلاثة أوجه، ضم العين وفتح الراء وتشديد الياء، وضم العين وإسكان الراء، وكسر العين وإسكان الراء، وهي متجردة

(5)

، وستر العورة واجب بالإجماع وهي من الرجل ما بين السرة والركبة، ومن المرأة الحرة جميع جسدها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين، ومن الأمة مثل الرجل، وما يبدوا منها في حال البيع كالرأس والرقبة والساعد فليس بعورة وستر العورة في الصلاة وغير الصلاة واجب، وفيه: عند الخلوة [خلاف]، قاله في النهاية

(6)

.

قوله: "وأنها إذا خرجت استشرفها الشيطان" أي يتنصب ويرفع بصره إليها ويهم بها لأنها قد تعاطت سببا من أسباب تسلطه عليها وهو خروجها من بيتها، قاله الحافظ.

(1)

النهاية (3/ 319)، وكشف المناهج (2/ 311).

(2)

كشف المناهج (2/ 311).

(3)

المجموع (3/ 165)، وتحرير ألفاظ التنبيه (ص 55).

(4)

أخرجه مسلم (338) م عن أبي سعيد.

(5)

شرح النووي على مسلم (4/ 30).

(6)

النهاية (3/ 318).

ص: 181

515 -

وَعَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلَاة الْمَرْأَة فِي بَيتهَا أفضل من صلَاتهَا فِي حُجْرَتهَا وصلاتها فِي مخدعها أفضل من صلَاتهَا فِي بَيتهَا" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَتردد فِي سَماع قَتَادَة هَذَا الْخَبَر من مُورق

(1)

والمخدع بِكَسْر الْمِيم وَإِسْكَان الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الدَّال الْمُهْملَة هُوَ الخزانة فِي الْبَيْت

قوله: عن عبد الله بن مسعود، تقدم.

قوله: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها" قال الحافظ شرف الدين الدمياطي تلميذ الحافظ المنذري في كتابه المتجر الرابح في العمل الصالح: والمراد أن المرأة كلما استقرت وبعد منظرها عن أعين الناس كان أفضل لصلاتها فصلاتها في الخزانة داخل البيت أفضل من صلاتها في البيت وصلاتها في البيت أفضل من صلاتها في حجرة البيت وصلاتها في الحجرة أفضل من صلاتها في الدار خارج الحجرة وصلاتها في الدار أفضل من صلاتها في المسجد، وقد صرح ابن خزيمة وجماعة من العُلماء بأن صلاتها في دارها أفضل من صلاتها في المسجد وإن كان مسجد مكة أو المدينة أو بيت المقدس، والإطلاق في الأحاديث يدل على ذلك، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حديث أم حميد المتقدم في أول

(1)

أخرجه أبو داود (570)، ومن طريقه البغوي (865)، والبزار (2060) و (2063)، وابن خزيمة (1688)، والحاكم (1/ 209). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (579) وصحيح الترغيب (345).

ص: 182

الباب فالرجل كلما بعد ممشاه وكثرت خطاه زاد أجره وعظمت حسناته، والمرأة كلما بعد ممشاها قل أجرها ونقصت حسناتها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:"خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها" فذكر الحديث إلى أن قال: "وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها"

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها" المخدع: قال الحافظ رحمه الله بكسر الميم وإسكان الخاء المعجمة وفتح الدال لا غير هو الخزانة يكون في البيت والخزانة بكسر الخاء المعجمة اسم المكان الذي يخزن فيه هو يوضع داخل البيت قاله المنذري وقد ذكر الجوهري للمخدع ثلاث لغات ضم الميم وفتحها وكسرها مثاله المصحف

(2)

قوله وتردد في سماع قتادة هذا الخبر من مورق ومُورق بضم الميم وفتح الواو كسر الراء المشددة وهو مورق بن المشمرج بضم الميم الأولى وفتح الشين المعجمة وكسر الراء والجيم.

516 -

(3)

- وَعنهُ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمَرْأَة عَورَة فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا بِلَفْظِهِ وَزَاد وَأقرب مَا تكون من وَجه رَبهَا وَهِي فِي قَعْر بَيتهَا

(4)

.

(1)

المتجر الرابح (ص 119 - 120).

(2)

كشف المناهج (1/ 421).

(3)

الحديثان (517، 518) لم يشرحهما الشارح.

(4)

أخرجه الترمذى (1173)، وابن خزيمة (1685) و (1686)، وابن حبان (5598) و (5599). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (346)، الإرواء (1/ 303/ 273).

ص: 183

قوله: عنه أيضًا تقدم الكلام.

قوله: "ما صلت المرأة من صلاة أحب إلى الله من أشد مكان في بيتها" تقدم الكلام على ذلك في الأحاديث قبله قوله ورواه بن خزيمة في صحيحه من رواية إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص، إبراهيم الهجري ضعفه ابن معين والنسائي وقال أبو حاتم ليس يقوى وكان يلعب بالشطرنج، والهجري بفتح الهاء والجيم وكسر الراء نسبة إلى هجر مدينة من بلاد اليمن معروفة ينسب إليها كثير من الناس لذا قاله في الأنساب

(1)

وقال الجوهري اسم بلد مذكر مصروف والنسبة إليها هاجري على غير قياس

(2)

.

519 -

وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: "ما صلَّتْ امرأةٌ من صلاةٍ أحبَّ إلى الله من أشدَّ مكانٍ في بيتها ظُلْمةً" رواه الطبراني في الكبير، ورواه ابن خزيمة في صحيحه من رواية إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ أحبَّ صلاةِ المرأة إلى الله في أشد مكانٍ في بيتها ظلْمة"

(3)

.

وَفِي رِوَايَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ قَالَ النِّسَاء عَورَة وَإِن الْمَرْأَة لتخرج من بَيتهَا وَمَا بهَا بَأْس فيستشرفها الشَّيْطَان فَيَقُول إِنَّك لَا تمرين بِأحد إِلَّا أَعْجَبته وَإِن الْمَرْأَة

(1)

الأنساب (13/ 384 - 385).

(2)

الصحاح (2/ 852).

(3)

أخرجه ابن خزيمة (1691)، والقضاعى في مسند الشهاب (1307)، والبيهقى في الكبرى (3/ 188 رقم 5362) مرفوعًا. وضعفه الألباني في الضعيفة (4453) وحسنه في صحيح الترغيب (348). وأخرجه البيهقى في الكبرى (3/ 188 رقم 5363) موقوفًا. وحسنه في صحيح الترغيب (347).

ص: 184

لتلبس ثِيَابهَا فَيُقَال أَيْن تريدين فَتَقول أَعُود مَرِيضا أَو أشهد جَنَازَة أَو أُصَلِّي فِي مَسْجِد وَمَا عبدت امْرَأَة رَبهَا مثل أَن تعبده فِي بَيتهَا وَإسْنَاد هَذِه حسن

(1)

قَوْله فيستشرفها الشَّيْطَان أَي ينْتَصب وَيرْفَع بَصَره إِلَيْهَا ويهم بهَا لِأَنَّهَا قد تعاطت سَببا من أَسبَاب تسلطه عَلَيْهَا وَهُوَ خُرُوجهَا من بَيتهَا.

قوله: في رواية الطبراني و"إن المرأة لتخرج من بيتها وما بها باش فيستشرفها الشيطان" تقدم معناه من كلام المنذري

قوله: فيقول إنك لا تمرين بأحد إلا أعجيتيه

520 -

وَعَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه رأى عبد الله يخرج النِّسَاء من الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَيَقُول اخرجن إِلَى بيوتكن خير لَكن" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبير بِإِسْنَاد لا بَأْس بِهِ

(2)

.

قوله: عن أبي عمرو الشيباني واسمه سعد بن إياس.

قوله أنه رأى عبد الله يخرج النساء من المسجد يوم الجمعة ويقول أخرجن إلى بيوتكن خير لكن الحديث قال النووي قال أصحابنا وصلاتهن

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة 4/ 53 (17710)، والطبراني في الكبير (9/ 185 رقم 8914) و (9/ 294 رقم 9480)، والبيهقى في الشعب (10/ 237 - 238 رقم 7434). وقال الهمِثمي في المجمع 2/ 35: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (348).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 294 رقم 9475). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 35: رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (349).

ص: 185

فيما كان من بيوتهن أستر وأفضل لهذا الحديث

(1)

وفي هذه الأحاديث دليل على أنه لا ينبغي للنساء أن يخرجن إلى المساجد إذا حدث في الناس الفساد

(2)

فإذا أرادت المرأة حضور الجماعة في المسجد قال الأصحاب إن كانت كبيرة تشتهى كره لها وكره لزوجها ووليها تمكينها منه وإن كانت عجوزا لا تشتهى [لم يكره]

(3)

وقال أبو حنيفة أكره للنساء شهود الجمعة وأرخص للعجوز أن تشهد العشاء والفجر وأما غير ذلك من الصلوات فلا وقال أبو يوسف لا بأس للعجائز أن يخرجن في الصلوات وقال الثوري ليس للمرأة خير من بيتها وإن كانت عجوزا

(4)

وقد جاءت أحاديث صحيحة في هذا التفصيل منها حديث ابن عمر إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد ومنها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" فإن منعها لا يحرم عليه هذا مذهبنا قال البيهقي وبه قال عامة العُلماء ويجاب عن حديث لا تمنعوا إماء الله مساجد الله أنه نهي تنزيه لأن حق الزوج بها ملازمة المسكن واجب فلا يترك للفضيلة

(5)

.

(1)

المجموع (4/ 198).

(2)

شرح الصحيح (2/ 471).

(3)

المجموع (4/ 198).

(4)

شرح الصحيح (2/ 471).

(5)

المجموع (4/ 199).

ص: 186

خاتمة: إذا أرادت المرأة حضور المسجد لصلاة الجماعة فإن كان هناك من ينظر إليها بشهوة حرم على الزوج أن يأذن لها في ذلك وكذلك يحرم على الولي وقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السَّلام رحمه الله لو كان لرجل امرأة تنظر من طاقة الغرفة إلى الأجانب أو ينظرون منها إليها وجب عليها بناء الطاقة أو سدها وإن كانت عجوزًا لا تشتهي لم يكره واستحب لزوجها أن يأذن لها في ذلك وليس لها الخروج بغير إذن وإذا حضرت المسجد فلتصل في آخر بنائه وأفضل صفوف النساء إذا صلين مع الرجال آخرها

(1)

والله أعلم.

(1)

القول التمام (ص 112).

ص: 187