المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٣

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(179) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(180) باب القراءة في الصبح والمغرب

- ‌(181) باب القراءة في العشاء

- ‌(182) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام

- ‌(183) باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام

- ‌(184) باب متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌(185) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(186) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌(187) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(188) باب فضل السجود والحث عليه

- ‌(189) باب أعضاء السجود، والنهي عن كف الشعر والثوب

- ‌(190) باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض

- ‌(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول

- ‌(192) باب سترة المصلي والندب إلى الصلاة خلف سترة والنهي عن المرور بين يدي المصلي، وحكم المرور ودفع المار وجواز الاعتراض بين يدي المصلي، والصلاة إلى الراحلة والأمر بالدنو من السترة، وبيان قدر السترة وما يتعلق بذلك

- ‌(193) باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه

- ‌كتاب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌(194) باب الأرض كلها مسجد وتربتها طهور

- ‌(195) بناء مسجد المدينة - والصلاة في مرابض الغنم

- ‌(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة

- ‌(197) باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌(198) باب فضل بناء المساجد والحث عليها

- ‌(199) باب وضع الأيدي على الركب في الركوع

- ‌(200) باب جواز الإقعاء على العقبين

- ‌(201) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان

- ‌(202) باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل القليل في الصلاة

- ‌(203) باب جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم محمولة على الطهارة حتى تتحقق نجاستها وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وكذا إذا فرق الأفعال

- ‌(204) باب الخطوة والخطوتين في الصلاة، وأنه لا كراهة في ذلك إذا كان لحاجة وجواز صلاة الإمام على موضع أرفع من المأمومين للحاجة كتعليمهم الصلاة أو غير ذلك

- ‌(205) باب كراهة الاختصار في الصلاة

- ‌(206) باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في الصلاة

- ‌(207) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها والنهي عن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه

- ‌(208) باب جواز الصلاة في النعلين

- ‌(209) باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام

- ‌(210) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الحدث ونحوه

- ‌(211) باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كراثًا أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى تذهب تلك الريح، وإخراجه من المسجد

- ‌(212) باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد

- ‌(213) باب السهو في الصلاة والسجود له

- ‌(214) باب سجود التلاوة

- ‌(215) باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين

- ‌(216) باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته

- ‌(217) باب الذكر بعد الصلاة

- ‌(218) باب استحباب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم بين التشهد والتسليم

- ‌(219) باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته

- ‌(220) باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة

- ‌(221) باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيًّا

- ‌(222) باب متى يقوم الناس للصلاة

- ‌(223) باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة

- ‌(224) باب أوقات الصلوات الخمس

- ‌(225) باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى الجماعة ويناله الحر في طريقه

- ‌(226) باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر

- ‌(227) باب استحباب التبكير بالعصر

- ‌(228) باب التغليظ في تفويت صلاة العصر

- ‌(229) باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر

- ‌(230) باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما

- ‌(231) باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس

- ‌(232) باب وقت العشاء وتأخيرها

- ‌(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها

- ‌(234) باب كراهة تأخير الصلاة عن وقتها المختار وما يفعله المأموم إذا أخرها الإمام

- ‌(235) باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها وأنها فرض كفاية

- ‌(236) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر

- ‌(237) باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات [وأين يقف الصبي والمرأة من الإمام]

- ‌(238) باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة، وفضل انتظار الصلاة، وكثرة الخطا إلى المساجد، وفضل المشي إليها، وفضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد

- ‌(239) باب من أحق بالإمامة

- ‌(240) باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة والعياذ بالله واستحبابه في الصبح دائمًا

- ‌(241) باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌(242) باب قصر الصلاة

- ‌(243) باب الصلاة في الرحال في المطر

- ‌(244) باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت به

- ‌(245) باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌(246) باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال واستحباب وقوف المأموم يمين الإمام

- ‌(247) باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في الإقامة

- ‌(248) باب ما يقول إذا دخل المسجد

- ‌(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه

- ‌(250) باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان

- ‌(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما

- ‌(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن

- ‌(253) باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا

- ‌(254) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة

- ‌(255) باب الترغيب في قيام الليل وهو التراويح وباب الندب الأكيد إلى قيام ليلة القدر وبيان دليل من قال: إنها ليلة سبع وعشرين

- ‌(256) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل

- ‌(257) باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل

- ‌(258) باب الحث على صلاة الوقت وإن قلت

- ‌(259) باب استحباب صلاة النافلة في البيت

- ‌(260) باب فضيلة العمل الدائم والأمر بالاقتصاد في العبادة وأمر من لحقه نوم أو ملل أن يترك حتى يذهب عنه

- ‌(261) باب فضائل القرآن وما يتعلق به وباب الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها

- ‌(262) باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن

- ‌(263) باب نزول السكينة لقراءة القرآن

- ‌(264) باب فضيلة حافظ القرآن

- ‌(265) باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل

- ‌(266) باب فضل استماع القرآن والبكاء والتدبر عنده

- ‌(267) باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وفضل قراءة سورة البقرة وآل عمران والفاتحة والكهف وآية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وفضل قراءة القرآن في الصلاة وغيرها

- ‌(268) باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه

الفصل: ‌(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول

(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول

919 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائمًا وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسًا وكان يقول في كل ركعتين التحية وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وكان ينهى عن عقبة الشيطان وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع وكان يختم الصلاة بالتسليم وفي رواية ابن نمير عن أبي خالد وكان ينهى عن عقب الشيطان.

-[المعنى العام]-

كان حرص الصحابة على متابعة أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله شديدًا، بل عجيبًا خصوصًا في أركان الصلاة وهيئاتها.

وكانت مراقبتهم لتنفيذ تعاليمه صلى الله عليه وسلم دقيقة وناقدة وكانت توجيهاتهم عند رؤية الأخطاء واضحة وسديدة، وكان تبليغهم ما تحملوه من شريعة لمن لم يعلموا وافيًا وصافيًا.

رأينا منهم من كان يتوضأ أمام أصحابه أكمل وضوء، ثم يقول: كان هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان منهم من يصلي أتم صلاة، ثم يقول: إني أشبهكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان منهم من يصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقوالها وأفعالها وحركاتها، وسكناتها وصفًا لا يدع منها شيئًا.

وكان منهم من يصف ركنًا خاصًا يرى تقصيرًا أو قصورًا في أداء المسلمين له، وكان منهم من يصف بعض الهيئات والأركان.

والحديث الذي معنا من هذا القبيل. تصف عائشة رضي الله عنها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فتترك من الصلاة أركانًا وسننًا، وتتعرض لأركان وسنن، لعلها رأت تقصيرًا فيها أو قصورًا.

ص: 71

تحكي كيف كان يفتتح صلى الله عليه وسلم الصلاة بتكبيرة الإحرام وكيف كان يفتتح القراءة فيها بالفاتحة {الحمد لله رب العالمين} وكان يضع رأسه في استقامة مع ظهره في الركوع بحيث لا يخفضها ولا يرفعها، بل كان بين ذلك قوامًا، وكيف كان يعتدل بعد الرفع من الركوع حتى يطمئن واقفًا، وكيف كان يعتدل بعد السجود الأول حتى يطمئن جالسًا، وكيف كان يقرأ التشهد "التحيات للَّه" إلخ بعد الركعتين الأوليين في الصلاة الرباعية والثلاثية، وكيف كان يقرأ التشهد الأخير؟ وكيف كان يجلس بين السجدتين وعند التشهد، كيف كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى، وكيف كان يكره وينهى عن أن يجلس المصلى على إليتيه وينصب رجليه كما يفعل الكلب والسباع، وكيف كان يكره وينهى عن أن يفرش الإنسان ذراعيه في السجود افتراش السبع وكيف كان يختم الصلاة بالتسليم.

فاللَّهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه ودعا بدعوته إلى يوم الدين، ورضي اللَّه عمن بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وأحيا السنة وأمات البدعة السيئة، وقام على شرع اللَّه القويم.

-[المباحث العربية]-

(يستفتح الصلاة بالتكبير) أي يدخل فيها بقوله: اللَّه أكبر.

(والقراءة بـ {الحمد لله رب العالمين})"والقراءة" بالنصب، عطفًا على "الصلاة" و"الحمد للَّه رب العالمين" بضم دال الحمد على الحكاية، فالباء حرف جر، والحمد للَّه إلخ مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، والمعنى: كان يستفتح القراءة بهذا اللفظ، أو بهذا اللفظ وما يليه، أي سورة الفاتحة، كما سيأتي في فقه الحديث.

(لم يشخص رأسه ولم يصوبه)"يشخص" بضم الياء وسكون الشين وكسر الخاء، أي يرفع، و"يصوب" بضم الياء وفتح الصاد وكسر الواو المشددة، أي يخفضه خفضًا بليغًا. أي لم يكن يرفع رأسه عن مستوى ظهره ولم يخفض رأسه عن مستوى ظهره.

(ولكن بين ذلك) بين الرفع والخفض، أي مستويًّا.

(وكان يقول في كل ركعتين التحية) أي التشهد، التحية للَّه، أو التحيات للَّه

إلخ.

(وكان يفرش رجله اليسرى)"يفرش" بضم الراء وكسرها، والضم أشهر. أي يبسطها ويمدها على الأرض.

(وكان ينهى عن عقبة الشيطان)"عقبة" بضم العين، وفي الرواية الثانية "عقب الشيطان" بفتح العين وكسر القاف. هذا هو الصحيح المشهور، وحكي بضم العين، وهو ضعيف، وفسره

ص: 72

أبو عبيد وغيره بالإقعاء المنهي عنه، وهو أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض، كما يفرش الكلب وغيره من السباع.

-[فقه الحديث]-

أكثر أحكام هذا الحديث قد مرت مفصلة في بابها من الكتاب، وسنعرض هنا لما هو ضروري ثم نحيل التفصيل إلى بابه، وقد اشتمل هذا الحديث على:

1 -

افتتاح الصلاة بالتكبير.

2 -

وقراءة الفاتحة.

3 -

واستواء الرأس في الركوع.

4 -

والاعتدال والاستواء قائمًا بعد الرفع من الركوع.

5 -

والاعتدال والاستواء في الجلوس بين السجدتين.

6 -

والتشهد بعد الركعة الثانية.

7 -

وصفة جلسة التشهد وجلسة ما بين السجدتين.

8 -

والتسليم آخر الصلاة.

1 -

أما عن تكبيرة الإحرام فيقول النووي: في الحديث إثبات التكبير في أول الصلاة، وأنه يتعين لفظ التكبير، لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وأنه صلى الله عليه وسلم قال:"صلوا كما رأيتموني أصلي" وهذا الذي ذكرناه من تعيين التكبير، هو قول مالك والشافعي وأحمد - رحمهم اللَّه تعالى - وجمهور العلماء من السلف والخلف، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه يقوم غيره من ألفاظ التعظيم مقامه. اهـ.

وللموضوع تفصيل وأدلة مبسوطة في باب رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام من هذا الكتاب.

2 -

وقولها: ويستفتح القراءة بالحمد للَّه رب العالمين يحتمل أن مرادها ويستفتح قراءة الفاتحة بالحمد للَّه رب العالمين ولا يقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم فيكون دليلاً للمالكية وغيرهم ممن يقول: إن البسملة ليست من الفاتحة، ويحتمل أن مرادها ويستفتح القراءة في الصلاة بالفاتحة المسماة بالحمد للَّه رب العالمين لا بالسورة الأخرى المطلوبة مع الفاتحة، فيسقط استدلال المالكية وغيرهم به في هذا الشأن.

وللموضوع بحث واف في باب قراءة الفاتحة وباب الجهر بالبسملة.

3 -

وتسوية الظهر والرأس في الركوع من سنن الصلاة، بحيث يستوي رأس المصلي ومؤخرته. قال النووي: أقل الركوع أن ينحني بحيث تنال راحتاه ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما، ولا يجزيه دون

ص: 73

هذا بلا خلاف عند الشافعية ما دام معتدل الخلقة سليم اليدين والركبتين وليست بظهره علة. وأما أكمل الركوع في الهيئة فإنه ينحني بحيث يستوي ظهره وعنقه ويمدهما كالصفيحة، وينصب ساقيه، ولا يثني ركبتيه، فإن رفع رأسه عن ظهره، أو ظهره عن رأسه، أو جافى ظهره حتى يكون كالمحدودب به فهو مكروه.

هذا مذهب الشافعي، وبهذا قال مالك وأحمد. وقال أبو حنيفة: يكفيه في الركوع أدنى انحناء، وتجب الطمأنينة. اهـ. ولكن أبا حنيفة يتفق مع الجمهور في هيئة كمال الركوع، واستحباب الانحناء التام واستواء الظهر والرأس، كما هو وارد في الحديث.

4 -

وفي الحديث وجوب الاعتدال إذا رفع من الركوع، وأنه يجب أن يستوي قائمًا، والاعتدال من الركوع ركن الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به وبهذا قال أحمد وأكثر العلماء، مستدلين بحديث المسيء صلاته، وبتعليمه صلى الله عليه وسلم المروى في هذا الحديث، وقوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي".

وقال أبو حنيفة: لا يجب الاعتدال، لكن يستحب، فلو انحط من الركوع إلى السجود أجزأ، واحتج له بقوله تعالى {اركعوا واسجدوا} [الحج: 77] وعن مالك روايتان، وللاعتدال وما يقال فيه من أذكار باب مضى في هذا الكتاب.

5 -

وفي الحديث وجوب الجلوس بين السجدتين: والاستواء فيه.

قال النووي: والجلوس بين السجدتين فرض، والطمأنينة فيه فرض، وينبغي أن لا يطوله طولاً فاحشًا. ثم قال: هذا مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء. وقال أبو حنيفة: لا تجب الطمأنينة، ولا الجلوس، بل يكفي أن يرفع رأسه عن الأرض أدنى رفع، ولو كحد السيف، وعنه وعن مالك أنهما قالا: يجب أن يرتفع بحيث يكون إلى القعود أقرب منه، ويحملون حديث الباب على الاستحباب، وليس لهما دليل يصح التمسك به، ودليلنا حديث المسيء صلاته الذي طلب منه إعادة الصلاة، وقال له:"ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا" انتهى بتصرف.

6 -

وقول عائشة: "وكان يقول في كل ركعتين التحية" دليل لأحمد ومن وافقه من فقهاء أصحاب الحديث أن التشهد الأول والأخير واجبان، وقال مالك وأبو حنيفة والأكثرون: هما سنتان ليسا واجبين وقال الشافعي: الأول سنة، والثاني واجب.

واحتج أحمد بهذا الحديث وبحديث "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن" وبقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليقل التحيات" والأمر للوجوب.

واحتج مالك وأبو حنيفة والأكثرون بأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك التشهد الأول وجبره بسجود السهو، ولو وجب لم يصح جبره كالركوع وغيره من الأركان قالوا: وإذا ثبت هذا في الأول فالأخير بمعناه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه الأعرابي حين علمه فروض الصلاة.

واحتج الشافعية للتشهد الأول بما احتج به الأكثرون. واحتجوا للتشهد الأخير بحديث ابن مسعود

ص: 74

قال: "كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: السلام على اللَّه قبل عباده. السلام على جبريل وميكائيل. والسلام على فلان. فقال صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا: السلام على اللَّه، فإن اللَّه هو السلام، ولكن قولوا: التحيات للَّه" وهو حديث صحيح فقوله: "قبل أن يفرض التشهد" دليل على أنه فرض، وقوله:"ولكن قولوا: التحيات للَّه" أمر والأمر للوجوب، ولم يثبت شيء صريح في خلافه. قالوا: ولأن التشهد شبيه بالقراءة، لأن القيام والقعود لا تتميز العبادة منهما عن العادة، فوجب فيهما ذكر، ليتميز، بخلاف الركوع والسجود. قاله النووي. واللَّه أعلم.

وللموضوع تفصيل وشرح سبق في باب التشهد في الصلاة.

7 -

أما الجلوس في التشهد وبين السجدتين فمذهب أبي حنيفة في هيئته المستحبة الافتراش، سواء فيه جميع الجلسات [بين السجدتين، وفي التشهد الأول، وفي التشهد الأخير] والافتراش أن يفرش رجله اليسرى بقدمها، وينصب اليمنى.

ومذهب مالك: يسن التورك في جميع الجلسات في الصلاة، والتورك أن يخرج رجله اليسرى من تحته، ويفضي بوركه إلى الأرض.

ومذهب الشافعي: يسن أن يجلس مفترشًا، إلا التي يعقبها السلام، فيسن أن يجلس فيها متوركًا.

وقال أحمد: إن كانت الصلاة ركعتين افترش، وإن كانت أربعًا افترش في الأول، وتورك في الثاني.

واحتج لأبي حنيفة في الافتراش في الصلاة بقول عائشة في حديث الباب "وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى".

واحتج مالك في التورك بحديث عبد اللَّه بن الزبير "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، وفرش قدمه اليمنى" رواه مسلم.

واحتج الشافعية بما رواه البخاري عن أبي حميد أنه وصف بين عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، وينصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته".

قال الشافعي والأصحاب: فحديث أبي حميد وأصحابه صريح في الفرق بين التشهدين، وباقي الأحاديث مطلقة، فيجب حملها على موافقته، فمن روى التورك أراد الجلوس في التشهد الأخير، ومن روى الافتراش أراد الأول، وهذا متعين للجمع بين الأحاديث الصحيحة، ولا سيما وحديث أبي حميد وافقه عليه عشرة من كبار الصحابة رضي الله عنهم. قاله النووي.

ص: 75

ثم قال: قال أصحابنا: الحكمة في الافتراش في التشهد الأول والتورك في الثاني أنه أقرب إلى تذكر الصلاة، وعدم اشتباه عدد الركعات، ولأن السنة تخفيف التشهد الأول، فيجلس مفترشًا ليكون أسهل للقيام، والسنة تطويل الثاني، ولا قيام بعده، فيجلس متوركًا ليكون أعون له وأمكن ليتوفر الدعاء ولأن المسبوق إذا رآه علم أنه في أي التشهدين. اهـ واللَّه أعلم.

أما عقبة الشيطان التي ينهى عنها الحديث فالمراد بها الإقعاء، وهو جلوس الإنسان على إليتيه ناصبًا فخذيه، مثل إقعاء الكلب والسبع.

أما الإقعاء بمعنى أن يضع أطراف أصابع رجليه على الأرض، ويضع إليتيه على عقبيه، ويضع ركبتيه على الأرض فليس بمنهي عنه، فقد كان العبادلة يفعلونه عند الرفع من السجدة الأولى.

وأما افتراش الذراعين فقد سبق الكلام عليه وافيًا في الحديث السابق، واللَّه أعلم.

قال النووي: وجلوس المرأة كجلوس الرجل، وصلاة النفل كصلاة الفرض في الجلوس، هذا مذهب الشافعي ومالك والجمهور، وحكي عن بعض السلف أن سنة المرأة التربع، وعن بعضهم التربع في النافلة. والصواب الأول.

ثم هذه الهيئة التي ذكرناها مسنونة وليست بواجبة، فلو جلس في الجميع مفترشًا، أو متوركًا، أو متربعًا صحت صلاته، وإن كان مخالفًا. اهـ.

8 -

قال النووي: وفي الحديث دليل على وجوب التسليم، واختلف العلماء فيه، فقال مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء من السلف والخلف: السلام فرض، ولا تصح الصلاة إلا به. وقال أبو حنيفة: هو سنة، لو تركه صحت صلاته. وقال أبو حنيفة: لو فعل فعلاً منافيًا للصلاة من حدث أو غيره في آخرها صحت صلاته. اهـ

هذا وقد مر تفصيل القول في حكم السلام آخر الصلاة وأدلة العلماء فيه في باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام.

واللَّه أعلم

ص: 76