المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٣

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(179) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(180) باب القراءة في الصبح والمغرب

- ‌(181) باب القراءة في العشاء

- ‌(182) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام

- ‌(183) باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام

- ‌(184) باب متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌(185) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(186) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌(187) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(188) باب فضل السجود والحث عليه

- ‌(189) باب أعضاء السجود، والنهي عن كف الشعر والثوب

- ‌(190) باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض

- ‌(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول

- ‌(192) باب سترة المصلي والندب إلى الصلاة خلف سترة والنهي عن المرور بين يدي المصلي، وحكم المرور ودفع المار وجواز الاعتراض بين يدي المصلي، والصلاة إلى الراحلة والأمر بالدنو من السترة، وبيان قدر السترة وما يتعلق بذلك

- ‌(193) باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه

- ‌كتاب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌(194) باب الأرض كلها مسجد وتربتها طهور

- ‌(195) بناء مسجد المدينة - والصلاة في مرابض الغنم

- ‌(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة

- ‌(197) باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌(198) باب فضل بناء المساجد والحث عليها

- ‌(199) باب وضع الأيدي على الركب في الركوع

- ‌(200) باب جواز الإقعاء على العقبين

- ‌(201) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان

- ‌(202) باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل القليل في الصلاة

- ‌(203) باب جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم محمولة على الطهارة حتى تتحقق نجاستها وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وكذا إذا فرق الأفعال

- ‌(204) باب الخطوة والخطوتين في الصلاة، وأنه لا كراهة في ذلك إذا كان لحاجة وجواز صلاة الإمام على موضع أرفع من المأمومين للحاجة كتعليمهم الصلاة أو غير ذلك

- ‌(205) باب كراهة الاختصار في الصلاة

- ‌(206) باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في الصلاة

- ‌(207) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها والنهي عن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه

- ‌(208) باب جواز الصلاة في النعلين

- ‌(209) باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام

- ‌(210) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الحدث ونحوه

- ‌(211) باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كراثًا أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى تذهب تلك الريح، وإخراجه من المسجد

- ‌(212) باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد

- ‌(213) باب السهو في الصلاة والسجود له

- ‌(214) باب سجود التلاوة

- ‌(215) باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين

- ‌(216) باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته

- ‌(217) باب الذكر بعد الصلاة

- ‌(218) باب استحباب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم بين التشهد والتسليم

- ‌(219) باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته

- ‌(220) باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة

- ‌(221) باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيًّا

- ‌(222) باب متى يقوم الناس للصلاة

- ‌(223) باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة

- ‌(224) باب أوقات الصلوات الخمس

- ‌(225) باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى الجماعة ويناله الحر في طريقه

- ‌(226) باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر

- ‌(227) باب استحباب التبكير بالعصر

- ‌(228) باب التغليظ في تفويت صلاة العصر

- ‌(229) باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر

- ‌(230) باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما

- ‌(231) باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس

- ‌(232) باب وقت العشاء وتأخيرها

- ‌(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها

- ‌(234) باب كراهة تأخير الصلاة عن وقتها المختار وما يفعله المأموم إذا أخرها الإمام

- ‌(235) باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها وأنها فرض كفاية

- ‌(236) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر

- ‌(237) باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات [وأين يقف الصبي والمرأة من الإمام]

- ‌(238) باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة، وفضل انتظار الصلاة، وكثرة الخطا إلى المساجد، وفضل المشي إليها، وفضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد

- ‌(239) باب من أحق بالإمامة

- ‌(240) باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة والعياذ بالله واستحبابه في الصبح دائمًا

- ‌(241) باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌(242) باب قصر الصلاة

- ‌(243) باب الصلاة في الرحال في المطر

- ‌(244) باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت به

- ‌(245) باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌(246) باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال واستحباب وقوف المأموم يمين الإمام

- ‌(247) باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في الإقامة

- ‌(248) باب ما يقول إذا دخل المسجد

- ‌(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه

- ‌(250) باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان

- ‌(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما

- ‌(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن

- ‌(253) باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا

- ‌(254) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة

- ‌(255) باب الترغيب في قيام الليل وهو التراويح وباب الندب الأكيد إلى قيام ليلة القدر وبيان دليل من قال: إنها ليلة سبع وعشرين

- ‌(256) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل

- ‌(257) باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل

- ‌(258) باب الحث على صلاة الوقت وإن قلت

- ‌(259) باب استحباب صلاة النافلة في البيت

- ‌(260) باب فضيلة العمل الدائم والأمر بالاقتصاد في العبادة وأمر من لحقه نوم أو ملل أن يترك حتى يذهب عنه

- ‌(261) باب فضائل القرآن وما يتعلق به وباب الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها

- ‌(262) باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن

- ‌(263) باب نزول السكينة لقراءة القرآن

- ‌(264) باب فضيلة حافظ القرآن

- ‌(265) باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل

- ‌(266) باب فضل استماع القرآن والبكاء والتدبر عنده

- ‌(267) باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وفضل قراءة سورة البقرة وآل عمران والفاتحة والكهف وآية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وفضل قراءة القرآن في الصلاة وغيرها

- ‌(268) باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه

الفصل: ‌(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما

(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما

1439 -

عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح وبدا الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.

1440 -

عن حفصة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين.

1441 -

عن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين.

1442 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما.

1443 -

- عن هشام بهذا الإسناد وفي حديث أبي أسامة إذا طلع الفجر.

1444 -

عن عائشة رضي الله عنها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح.

1445 -

عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخفف حتى إني أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن.

ص: 496

1446 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر صلى ركعتين أقول: هل يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب.

1447 -

عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح.

1448 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من النوافل أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر.

1449 -

عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".

1450 -

عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأن الركعتين عند طلوع الفجر "لهما أحب إلي من الدنيا جميعًا".

1451 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: {قل يا أيها الكافرون} ، و {قل هو الله أحد}

1452 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} [البقرة: 136] وفي الآخرة منهما {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} [آل عمران: 52].

1453 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} والتي في آل عمران: {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} [64].

ص: 497

-[المعنى العام]-

لا شك أن صلاة الصبح من أفضل الصلوات، تجتمع فيها ملائكة النهار وملائكة الليل فيشهدون للمصلين عند ربهم، ولما كانت ركعتين فقط كانت أقصر فرض في الصلوات الخمس، فكانت راتبتها أحق الرواتب بالاهتمام والمحافظة، يزيدها أهمية أنها فاتحة النهار، ومن خير المسلم أن يفتتح يومه بالتطوع بركعتين. ولذلك واظب عليهما صلى الله عليه وسلم، وكان يقول عنهما: إنهما خير من الدنيا وما فيها من متاع.

وكان صلى الله عليه وسلم يبالغ في تخفيفهما مع إتمام الركوع والسجود إنما كان يخفف القراءة حتى يظن المشاهد أنه يكتفي فيهما بقراءة فاتحة الكتاب، لكنه كان يقرأ بعد الفاتحة سورة قصيرة، {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} أو آيتين قصيرتين. والمتدبر لما واظب عليه من سور أو آيات القرآن في ركعتي الفجر، يجده صلى الله عليه وسلم قد اعتمد السور أو الآيات التي تعتني بالمعبود الواحد الحق، سواء في ذلك السورتان المذكورتان أو الآية 136 من سورة البقرة {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} والآيتان 52، 53 من سورة آل عمران {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} أو الآية 64 من سورة آل عمران {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} أعاننا اللَّه على ذكره وشكره وحسن عبادته.

-[المباحث العربية]-

(وبدا الصبح) أي ظهر وتأكد من دخول الوقت.

(هل قرأ فيهما بأم القرآن)؟ في الرواية السابعة "هل يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب"؟ على الاستفهام، وفي رواية "أقول" لم يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب" وليس المراد الشك في قراءته صلى الله عليه وسلم الفاتحة، وإنما معناه أنه كان يطيل في النوافل، فلما خفف في قراءتي ركعتي الفجر صار وكأنه لم يقرأ بالنسبة إلى غيرها من الصلوات.

(لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة) في رواية "أشد تعاهدًا" والتعاهد التعهد، والتعهد بالشيء التحفظ به وتجديد العهد به.

(خير من الدنيا وما فيها) أي وما فيها من متاعها، لئلا يشمل العبادات والطاعات الأخروية.

ص: 498

(أحب إلي من الدنيا جميعًا)"جميعًا" منصوب على الحالية، أي مجتمعة.

(في الأولى منهما {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا}){وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} الآية (136) من سورة البقرة.

(وفي الآخرة منهما {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون}) هكذا الرواية في مسلم وفي سنن أبي داود، وهذه جزء الآية رقم (52) من سورة آل عمران، وأولها {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون}

وفي رواية لأبي داود عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} وفي الركعة الأخرى بهذه الآية {ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} وهذه الآية هي رقم (53) من سورة آل عمران، فكأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الثانية بالآيتين (52، 53) من سورة آل عمران.

(والتي في آل عمران {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}){ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} الآية رقم (64) من سورة آل عمران، والجمع بين هذه الروايات بقراءة هذه تارة وتلك أخرى. واللَّه أعلم.

-[فقه الحديث]-

من مجموع الروايات تؤخذ أحكام فقهية نعرض لها:

1 -

من قوله في الرواية الأولى (كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح" ومن قوله في الرواية الرابعة "كان يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان" أخذ بعض الحنفية أنه لا يؤذن للصبح قبل طلوع الفجر، ويرد عليهم بأن المراد هنا الأذان الثاني، للحديث الصحيح "إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".

2 -

ومن قوله في الرواية الثانية "إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين": أخذ أن الراتبة في الفجر ركعتان، لا زيادة عليهما، قال النووي: قد يستدل به من يقول: تكره الصلاة من طلوع الفجر إلا سنة الصبح وما له سبب، ولأصحابنا في المسألة ثلاثة أوجه. أحدها هذا، ونقله القاضي عن مالك والجمهور، والثاني لا تدخل الكراهة حتى يصلي سنة الصبح، والثالث لا تدخل الكراهة حتى يصلي فريضة الصبح، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، وليس في هذا الحديث دليل ظاهر على الكراهة، إنما فيه الإخبار بأنه كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي غير ركعتي السنة، ولم ينه عن غيرهما. اهـ.

3 -

ومن قوله في الرواية الرابعة "كان يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان" أخذ استحباب تقديمهما في أول دخول الوقت.

ص: 499

4 -

ومن قوله في الرواية الثامنة "لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح" أخذ فضل ركعتي الصبح على غيرهما من النوافل، وهو قول الشافعي في القديم، وفي الجديد: أفضلها الوتر، وقال بعض الشافعية: أفضلها صلاة الليل: قال النووي في المجموع: وهذا الوجه قوي. ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" وفي رواية لمسلم أيضًا "الصلاة في جوف الليل" وقال في شرح صحيح مسلم: لا دلالة في الحديث على ترجيح سنة الصبح على الوتر، لأن الوتر كان واجبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يتناوله هذا الحديث. اهـ

5 -

ومن النص السابق أخذ بعضهم وجوب ركعتي الفجر، وهو منقول عن الحسن البصري، ونقل مثله عن أبي حنيفة، إذ نقل عنه: لو صلاهما قاعدًا من غير عذر لم يجز. وجمهور العلماء على أنهما من أشرف التطوع لمواظبته صلى الله عليه وسلم عليهما، وليستا واجبتين، لأنه صلى الله عليه وسلم ساقهما مع النوافل، ونص "لم يكن على شيء من النوافل" دليل على أنهما من النوافل.

نعم ورد في تعظيم شأنهما كثير من الأحاديث تحث على الاستمساك بهما والمواظبة عليهما.

فبالإضافة إلى رواياتنا خصوصًا العاشرة والحادية عشرة جاء في أبي داود "لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل" أي الفرسان، وجاء فيه أيضًا عن بلال رضي الله عنه "أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليؤذنه بصلاة الغداة، فقال له: أصبحت جدًا قال أصبحت جدًا؟ ثم قال: لو أصبحت أكثر مما أصبحت لركعتهما وأحسنتهما وأجملتهما" وفي قول للمالكية أنهما من الرغائب، وهو خلاف الصحيح عندهم. واللَّه أعلم.

6 -

ومن ذكر التخفيف في الروايات الأولى والثانية والرابعة والسادسة والسابعة قال العلماء بتخفيف ركعتي الصبح. واختلفوا في ركعتي الفجر على أربعة مذاهب حكاها الطحاوي:

أحدها: لا قراءة فيهما أصلاً، وتمسك هذا القائل بقول عائشة في الرواية السادسة "فيخفف حتى إني أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن"؟ وفي الرواية السابعة "أقول هل يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب"؟

قال النووي: وهذا القول غلط بين، فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيهما بعد الفاتحة بسورة أو آية [رواياتنا الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة].

المذهب الثاني: يخفف القراءة فيهما بأم القرآن خاصة، روي ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو مشهور مذهب مالك. ويستدل له بقول عائشة في الروايتين السادسة والسابعة.

المذهب الثالث: يخفف بقراءة أم القرآن وسورة قصيرة أو آية، وهو قول الشافعي ورواية عن مالك، ويؤيده رواياتنا الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة.

المذهب الرابع: لا بأس بتطويل القراءة فيهما. وهو قول أكثر الحنفية، وقد روي عن أبي حنيفة قوله: ربما قرأت فيهما حزبين من القرآن.

وفي سر تخفيفهما قيل: المبادرة إلى صلاة الصبح في أول الوقت، وقيل استفتاح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما يستفتح قيام الليل بركعتين خفيفتين ليتأهب ويستعد للفرض أو لقيام الليل.

ص: 500

7 -

ومن قول عائشة في الروايتين السادسة والسابعة أخذ بعضهم استحباب الإسرار بالقراءة فيهما، ومن قول أبي هريرة وابن عباس في الروايات الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة أخذ بعضهم استحباب الجهر بالقراءة فيهما. وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يسر فيهما بالقراءة وروي أنه كان يسمعهم الآية أحيانًا.

8 -

ومن التشديد في العناية بهما قال العلماء بقضائهما إن فاتتا، ثم اختلفوا في الوقت الذي يقضيهما فيه، فأظهر أقوال الشافعي يقضيهما ولو بعد الصبح، وقالت طائفة: يقضيهما بعد طلوع الشمس، وهو قول أحمد ومالك. وقال أبو حنيفة: لا يقضيهما.

واللَّه أعلم

ص: 501