الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(205) باب كراهة الاختصار في الصلاة
1035 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يصلي الرجل مختصرًا. وفي رواية أبي بكر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-[المعنى العام]-
لما كانت الصلاة مناجاة بين العبد وربه، ولما كان الخشوع ومظاهر الخضوع والتسليم صورتها وحقيقتها وجب أن تكون أعضاء المسلم على هيئة تنطق بتلك الحقيقة، ومن هنا نهي عن الالتفات فيها، وعن كثرة التحرك، وتحريك الأيدي ورفع الرأس والبصر إلى أعلى إلى آخره.
ومن الصور المنهي عنها وضع اليد في الخاصرة، سواء أكانت يدًا واحدة أو اليدين معًا، وهي هيئة ذميمة تعد في عرف المخاطبين قلة أدب خصوصًا إذا حصلت أمام كبير، فما بالنا بالوقوف بين يدي الخالق البارئ المصور العزيز الجبار المتكبر؟ الذي تذل لعظمته الجباه، وتسكن في ذلة وخشوع جميع الجوارح في مناجاته.
-[المباحث العربية]-
(أن يصلي الرجل مختصرًا) في رواية البخاري "نهي عن الخصر في الصلاة" قال النووي: اختلف العلماء في معناه، فالصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون من أهل اللغة والغريب والمحدثين أن المختصر هو الذي يصلي ويده على خاصرته، وقال الهروي قيل: هو أن يأخذ بيده عصا يتوكأ عليها والعصا تسمى مخصرة، وقيل: أن يختصر السورة، فيقرأ من آخرها آية أو آيتين، وقيل: هو أن يحذف فلا يؤدي قيامها وركوعها وسجودها وحدودها، والصحيح الأول. قيل لأنه فعل اليهود، وقيل لأنه فعل المتكبرين. اهـ.
-[فقه الحديث]-
قال الشوكاني بعد أن ذكر المعاني للاختصار: وقد اختلف في المعنى الذي نهى عن الاختصار في الصلاة لأجله على أقوال: الأول التشبه بالشيطان قاله الترمذي في سننه، والثاني أنه تشبه
باليهود، قالته عائشة فيما رواه البخاري عنها في صحيحه، والثالث: أنه راحة أهل النار، روى ذلك ابن أبي شيبة عن مجاهد ورواه أيضًا عن عائشة، وروى البيهقي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الاختصار في الصلاة راحة أهل النار" قال العراقي: وظاهر إسناده الصحة ورواه أيضًا الطبراني. الرابع: أنه فعل المتكبرين والمختالين. قاله المهلب بن أبي صفرة. والخامس: أنه شكل من أشكال أهل المصائب يضعون أيديهم على الخواصر إذا قاموا في المأتم. قاله الخطابي. اهـ
وهذه العلل كلها يمكن أن تكون حكمة وسببًا مجتمعة وهي قاصرة على المعنى الأول في الاختصار. وحكمه بهذا المعنى مكروه متفق على كراهته للرجال والنساء كما يقول النووي، وقال الشوكاني: والحديث يدل على تحريم الاختصار، وقد ذهب إلى ذلك أهل الظاهر، وذهب ابن عباس وابن عمر وعائشة ومالك والشافعي وأهل الكوفة وآخرون إلى أنه مكروه، والظاهر ما قاله أهل الظاهر لعدم قيام قرينة تصرف النهي عن التحريم الذي هو معناه الحقيقي كما هو الحق. اهـ. والحق مع الجمهور لأن العلل التي استنبطت لهذا الحكم رغم عدم ثبوتها لا تعطي الحرمة.
والله أعلم