المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٣

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(179) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(180) باب القراءة في الصبح والمغرب

- ‌(181) باب القراءة في العشاء

- ‌(182) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام

- ‌(183) باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام

- ‌(184) باب متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌(185) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(186) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌(187) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(188) باب فضل السجود والحث عليه

- ‌(189) باب أعضاء السجود، والنهي عن كف الشعر والثوب

- ‌(190) باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض

- ‌(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول

- ‌(192) باب سترة المصلي والندب إلى الصلاة خلف سترة والنهي عن المرور بين يدي المصلي، وحكم المرور ودفع المار وجواز الاعتراض بين يدي المصلي، والصلاة إلى الراحلة والأمر بالدنو من السترة، وبيان قدر السترة وما يتعلق بذلك

- ‌(193) باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه

- ‌كتاب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌(194) باب الأرض كلها مسجد وتربتها طهور

- ‌(195) بناء مسجد المدينة - والصلاة في مرابض الغنم

- ‌(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة

- ‌(197) باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌(198) باب فضل بناء المساجد والحث عليها

- ‌(199) باب وضع الأيدي على الركب في الركوع

- ‌(200) باب جواز الإقعاء على العقبين

- ‌(201) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان

- ‌(202) باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل القليل في الصلاة

- ‌(203) باب جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم محمولة على الطهارة حتى تتحقق نجاستها وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وكذا إذا فرق الأفعال

- ‌(204) باب الخطوة والخطوتين في الصلاة، وأنه لا كراهة في ذلك إذا كان لحاجة وجواز صلاة الإمام على موضع أرفع من المأمومين للحاجة كتعليمهم الصلاة أو غير ذلك

- ‌(205) باب كراهة الاختصار في الصلاة

- ‌(206) باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في الصلاة

- ‌(207) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها والنهي عن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه

- ‌(208) باب جواز الصلاة في النعلين

- ‌(209) باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام

- ‌(210) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الحدث ونحوه

- ‌(211) باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كراثًا أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى تذهب تلك الريح، وإخراجه من المسجد

- ‌(212) باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد

- ‌(213) باب السهو في الصلاة والسجود له

- ‌(214) باب سجود التلاوة

- ‌(215) باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين

- ‌(216) باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته

- ‌(217) باب الذكر بعد الصلاة

- ‌(218) باب استحباب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم بين التشهد والتسليم

- ‌(219) باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته

- ‌(220) باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة

- ‌(221) باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيًّا

- ‌(222) باب متى يقوم الناس للصلاة

- ‌(223) باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة

- ‌(224) باب أوقات الصلوات الخمس

- ‌(225) باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى الجماعة ويناله الحر في طريقه

- ‌(226) باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر

- ‌(227) باب استحباب التبكير بالعصر

- ‌(228) باب التغليظ في تفويت صلاة العصر

- ‌(229) باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر

- ‌(230) باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما

- ‌(231) باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس

- ‌(232) باب وقت العشاء وتأخيرها

- ‌(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها

- ‌(234) باب كراهة تأخير الصلاة عن وقتها المختار وما يفعله المأموم إذا أخرها الإمام

- ‌(235) باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها وأنها فرض كفاية

- ‌(236) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر

- ‌(237) باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات [وأين يقف الصبي والمرأة من الإمام]

- ‌(238) باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة، وفضل انتظار الصلاة، وكثرة الخطا إلى المساجد، وفضل المشي إليها، وفضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد

- ‌(239) باب من أحق بالإمامة

- ‌(240) باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة والعياذ بالله واستحبابه في الصبح دائمًا

- ‌(241) باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌(242) باب قصر الصلاة

- ‌(243) باب الصلاة في الرحال في المطر

- ‌(244) باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت به

- ‌(245) باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌(246) باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال واستحباب وقوف المأموم يمين الإمام

- ‌(247) باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في الإقامة

- ‌(248) باب ما يقول إذا دخل المسجد

- ‌(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه

- ‌(250) باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان

- ‌(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما

- ‌(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن

- ‌(253) باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا

- ‌(254) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة

- ‌(255) باب الترغيب في قيام الليل وهو التراويح وباب الندب الأكيد إلى قيام ليلة القدر وبيان دليل من قال: إنها ليلة سبع وعشرين

- ‌(256) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل

- ‌(257) باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل

- ‌(258) باب الحث على صلاة الوقت وإن قلت

- ‌(259) باب استحباب صلاة النافلة في البيت

- ‌(260) باب فضيلة العمل الدائم والأمر بالاقتصاد في العبادة وأمر من لحقه نوم أو ملل أن يترك حتى يذهب عنه

- ‌(261) باب فضائل القرآن وما يتعلق به وباب الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها

- ‌(262) باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن

- ‌(263) باب نزول السكينة لقراءة القرآن

- ‌(264) باب فضيلة حافظ القرآن

- ‌(265) باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل

- ‌(266) باب فضل استماع القرآن والبكاء والتدبر عنده

- ‌(267) باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وفضل قراءة سورة البقرة وآل عمران والفاتحة والكهف وآية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وفضل قراءة القرآن في الصلاة وغيرها

- ‌(268) باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه

الفصل: ‌(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه

(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه

1420 -

عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس".

1421 -

عن أبي قتادة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس. قال فجلست. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟ " قال فقلت: يا رسول الله رأيتك جالسًا والناس جلوس. قال "فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين".

1422 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دين. فقضاني وزادني. ودخلت عليه المسجد. فقال لي "صل ركعتين".

1423 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: اشترى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا. فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين.

1424 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة. فأبطأ بي جملي وأعيى. ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلي. وقدمت بالغداة. فجئت المسجد فوجدته على باب المسجد. قال "الآن حين قدمت؟ " قلت: نعم. قال "فدع جملك. وادخل فصل ركعتين" قال فدخلت فصليت. ثم رجعت.

ص: 482

1425 -

عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارًا في الضحى. فإذا قدم بدأ بالمسجد، فصلى فيه ركعتين، ثم جلس فيه.

-[المعنى العام]-

جعل اللَّه المساجد في الأرض مكان تعبد وصلاة، فكان حقها أن يبدأ الداخل إليها بالشعار الذي بنيت من أجله وهو الصلاة، فشرع اللَّه تحية للمساجد ركعتين فأكثر، لا يليق بالمؤمن أن يدخل المسجد فيجلس دون أن يصلي فرضًا أو نفلاً، فإن لم يكن عليه فرض أو نافلة فليصل ركعتين بنية تحية المسجد هذه هي السنة، وقد وضحها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للأمة قولاً وتبليغًا وراعى تطبيق الأمة لها وتابع قيامهم بها فكان إذا رأى من ترك هذه السنة نبهه إليها ودعاه أن يؤديها.

فهذا أبو قتادة يدخل المسجد فيرى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أصحابه يعظهم ويعلمهم، فيقع في نفسه أن الأدب يدعوه إلى سرعة لقاء النبي صلى الله عليه وسلم والجلوس عنده مع الجالسين فجلس، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تصلي تحية المسجد قبل أن تجلس؟ قال: بادرت بالجلوس إليك يا رسول اللَّه. قال: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين.

وكان جابر بن عبد اللَّه في غزوة مع رسول اللهَّ صلى الله عليه وسلم وفي العودة تأخر به جمله عن مرافقة القوم لضعفه وكان صلى الله عليه وسلم يرعى الضعفاء، ويتأخر عن القوم ليصاحبهم فقال لجابر: ما لجملك يا جابر؟ قال: أبطأ بي وأعيا، قال له: بعنيه. قال هو لك يا رسول اللَّه دون بيع، قال: لا، بعنيه بأوقية. قال: بعتكه على أن أركبه حتى أصل، قال: كذلك الأوقية عندما تصل. ونخس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجمل، فصار أسرع من غيره من الجمال، وأسرع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم السير. ووصل قبل جابر، فصلى ركعتين بالمسجد، وانتظر جابرًا حتى جاء، فقال له: ادخل المسجد فصل ركعتين، وكلما جئت من سفر ابدأ بالمسجد وصل ركعتين، فصلى جابر، ونقده صلى الله عليه وسلم ثمن الجمل، فلما وصل جابر داره دعاه صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: خذ جملك هبة مني، ولك ثمنه، صلى اللَّه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

-[المباحث العربية]-

(عن أبي قتادة) بفتح القاف والتاء.

ص: 483

(بين ظهراني الناس) في القاموس: هو بين ظهريهم - وظهرانيهم ولا تكسر النون - وبين أظهرهم أي وسطهم وفي معظمهم.

(فلا يجلس حتى يركع ركعتين) أي حتى يصلي، من إطلاق الجزء وإرادة الكل، وهذا العدد لا مفهوم لأكثره باتفاق، واختلف في أقله، والصحيح أن الركعتين حد أدنى، فلا تتأدى السنة بأقل منه.

(كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دين) هذا الدين هو ثمن البعير المتحدث عنه في الرواية الثالثة.

(فقضاني وزادني) الثابت من الروايات أن الثمن كان أوقية من ذهب فلما قدموا المدينة قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: أعطه أوقية من ذهب وزده، فأعطاه أوقية وقيراطًا، فلما انصرف دعاه فقال له: خذ جملك ولك ثمنه. يقول جابر: فمررت برجل من اليهود فأخبرته فجعل يعجب ويقول: اشترى منك البعير ودفع إليك الثمن، ثم وهبه لك؟ قلت: نعم.

(ودخلت عليه المسجد) في الرواية الرابعة "فوجدته على باب المسجد" ولا تخالف. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم على باب المسجد من الداخل فدخل عليه جابر وقوله: دخلت عليه المسجد مراد به قصدت وأردت دخول المسجد لتتوافق مع الرواية الثالثة، وفيها "أمرني أن آتي المسجد" أي أدخل المسجد - فأصلي ركعتين، وبذلك تصرح الرواية الرابعة، وفيها "فدع جملك وادخل فصل ركعتين".

(اشترى مني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعيرًا) الثابت في الصحيح أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال له: بعنيه بأوقية. قال: هو لك يا رسول اللَّه. قال: لا، بعنيه بأوقية - وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلم حاجة جابر إلى المال - قال جابر: بل أهبه لك يا رسول اللَّه. قال: قد أخذته بأوقية. قال جابر: فاستثنيت حملانه لي إلى أهلي. أي استثنيت حمله إياي حتى أصل أهلي بالمدينة.

(خرجت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزاة) قيل في غزوة تبوك، وجزم ابن إسحاق بأنها غزوة ذات الرقاع.

(فأبطأ بي جملي وأعيا) أي أبطأ عن اللحاق بالقوم وتعب فلا يكاد يسير كما جاء في بعض الروايات، وفي الصحيح "فمر بي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فضربه فدعا له فمشي مشية ما مشي قبل ذلك مثلها".

(ثم قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبلي) أي قدم المدينة قبله، والرواية الخامسة تصرح بأن عادته صلى الله عليه وسلم مقصورة على القدوم في الضحى، فهي متعارضة مع قدوم جابر في الغداة بعده.

(وقدمت بالغداة) الغداة من الفجر حتى طلوع الشمس، وقيل أول النهار مطلقًا.

(كان لا يقدم من سفر)"يقدم" في الأصل بفتح الدال، وفي القاموس: وقدم من سفره كعلم قدومًا وفيه: قدم كنصر وعلم وأقدم وتقدم.

ص: 484

-[فقه الحديث]-

هذان بابان في شرح النووي لصحيح مسلم. باب استحباب تحية المسجد بركعتين وباب استحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه. وظاهر صنيع النووي أن الرواية الأولى لجابر وهي روايتنا الثانية من باب استحباب تحية المسجد مع أنها نفس واقعة الرواية الثالثة والرابعة، وقد ذهب النووي إلى أن الركعتين للقادم من السفر غير تحية المسجد، فقال: في هذه الأحاديث استحباب ركعتين للقادم من سفره في المسجد أول قدومه، وهذه الصلاة مقصورة للقدوم من السفر، لا أنها تحية المسجد، والأحاديث المذكورة صريحة فيما ذكرته. اهـ.

ونقل الحافظ ابن حجر عنه قوله: ينوي بها صلاة القدوم .. لكن تحصل التحية بها. اهـ.

وأعتقد أن المستحب على القادم من سفر أن يبدأ بالمسجد، وأن المستحب لمن دخل المسجد مطلقًا أن يصلي تحية المسجد، فليست الصلاة مستحبة للقدوم من السفر، وإلا لاستحبت ولو بدون المسجد، إذ لم يقل أحد أن المسجد شرط لصحة الصلاة، لهذا لم أقتنع بترجمة البخاري بقوله: باب الصلاة إذا قدم من سفر، ولهذا ضممت أحاديث البابين تحت باب واحد. واللَّه أعلم.

قال النووي: أجمع العلماء على استحباب تحية المسجد، ويكره أن يجلس من غير تحية بلا عذر، لحديث أبي قتادة المصرح بالنهي، وسواء عندنا - أي عند الشافعية - دخل في وقت النهي عن الصلاة أم في غيره، قال أصحابنا: وتحية المسجد ركعتان للحديث، فإن صلى أكثر من ركعتين بتسليمة واحدة جاز وكانت كلها تحية، لاشتمالها على الركعتين، ولو صلى على جنازة أو سجد لتلاوة أو لشكر أو صلى ركعة واحدة لم تحصل التحية، لصريح الحديث الصحيح. هذا هو المذهب. وحكى الرافعي وجهًا أنها تحصل لحصول العبادة وإكرام المسجد، والصواب الأول، وإذا جلس والحالة هذه كان مرتكبًا للنهي. قال أصحابنا: ولا يشترط أن ينوي بالركعتين التحية، بل إذا صلى ركعتين بنية الصلاة مطلقًا، أو نوى ركعتين نافلة راتبة أو غير راتبة أو صلاة فريضة مؤداة أو مقضية أو منذورة أجزأه ذلك، وحصل له ما نوى، وحصلت تحية المسجد ضمنًا، ولا خلاف في هذا، قال أصحابنا: وكذا لو نوى الفريضة وتحية المسجد أو الراتبة وتحية المسجد حصلا جميعًا بلا خلاف. ثم قال: ولو تكرر دخوله المسجد في الساعة الواحدة مرارًا. قال صاحب التتمة: تستحب التحية كل مرة، وقال المحاملي في اللباب: أرجو أن تجزيه التحية مرة واحدة. والأول أقوى وأقرب إلى ظاهر الحديث.

ولو جلس في المسجد قبل التحية وطال الفصل فاتت ولا يشرع قضاؤها فإن لم يطل الفصل فالذي قاله الأصحاب أنها تفوت بالجلوس، والذي يقتضيه حديث سليك أنه إذا ترك التحية جهلاً بها أو سهوًا يشرع له فعلها ما لم يطل الفصل.

وقال: قال أصحابنا: تكره التحية في حالتين: إحداهما إذا دخل والإمام في المكتوبة، أو قد شرع المؤذن في الإقامة: الثانية إذا دخل المسجد الحرام فلا يشتغل بها عن الطواف.

ص: 485

وقال: استحباب تحية المسجد في أي وقت دخل هو مذهبنا، وكرهها أبو حنيفة والأوزاعي والليث في وقت النهي، وأجاب أصحابنا أن النهي إنما هو عما لا سبب له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين قضاء سنة الظهر فخص وقت النهي، وصلى به ذات السبب، ولم يترك التحية في حال من الأحوال، بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية. فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت الآن، لأنه قعد وهي مشروعة قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وكلمه وأمره أن يصلي التحية، فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم بها عليه الصلاة والسلام هذا الاهتمام. اهـ.

وسيأتي الكلام عن تحية المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة في الباب الخاص بذلك إن شاء اللَّه.

-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-

1 -

يؤخذ من قول جابر في الرواية الثانية "كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دين" جواز التحديث بالعمل الصالح، للإتيان بالقصة على وجهها، لا على وجه التزكية للنفس وإرادة الفخر.

2 -

يؤخذ من قوله في الرواية الرابعة "فدع جملك وادخل فصل ركعتين" جواز إدخال الدواب والأمتعة إلى رحاب المسجد وحواليه. قاله الحافظ ابن حجر.

3 -

ويؤخذ من قوله في الرواية الثانية "فقضاني وزادني" جواز الزيادة في الثمن عند الأداء، قال الحافظ: وهي هبة مستأنفة، حتى لو ردت السلعة بعيب مثلاً لم يجب ردها.

وقيل: هي تابعة للثمن فترد.

ونحب أن ننبه إلى أن هذا ليس زيادة في القرض حتى يقاس عليه زيادة المدين في القرض، ثم إن هذه الزيادة من ولي الأمر، ثم إنها في الحقيقة ليست زيادة، إذ الرد كان للبعير ولثمنه وزيد أكثر من الثمن. واللَّه أعلم.

4 -

وفيه تفقد الإمام للرعية وأحوالهم وإعانته للمحتاج بما تيسر.

5 -

وفيه كرمه صلى الله عليه وسلم وحسن معاملته.

6 -

ويؤخذ من الرواية الخامسة استحباب القدوم من السفر أوائل النهار.

7 -

وأنه يستحب للرجل الكبير في المرتبة ومن يقصده الناس إذا قدم من سفر للسلام عليه أن يقعد أول قدومه قريبًا من داره في موضع بارز سهل على زائريه إما المسجد وإما غيره. ذكره النووي.

واللَّه أعلم

ص: 486