المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٣

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(179) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(180) باب القراءة في الصبح والمغرب

- ‌(181) باب القراءة في العشاء

- ‌(182) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام

- ‌(183) باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام

- ‌(184) باب متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌(185) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(186) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌(187) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(188) باب فضل السجود والحث عليه

- ‌(189) باب أعضاء السجود، والنهي عن كف الشعر والثوب

- ‌(190) باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض

- ‌(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول

- ‌(192) باب سترة المصلي والندب إلى الصلاة خلف سترة والنهي عن المرور بين يدي المصلي، وحكم المرور ودفع المار وجواز الاعتراض بين يدي المصلي، والصلاة إلى الراحلة والأمر بالدنو من السترة، وبيان قدر السترة وما يتعلق بذلك

- ‌(193) باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه

- ‌كتاب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌(194) باب الأرض كلها مسجد وتربتها طهور

- ‌(195) بناء مسجد المدينة - والصلاة في مرابض الغنم

- ‌(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة

- ‌(197) باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌(198) باب فضل بناء المساجد والحث عليها

- ‌(199) باب وضع الأيدي على الركب في الركوع

- ‌(200) باب جواز الإقعاء على العقبين

- ‌(201) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان

- ‌(202) باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل القليل في الصلاة

- ‌(203) باب جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم محمولة على الطهارة حتى تتحقق نجاستها وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وكذا إذا فرق الأفعال

- ‌(204) باب الخطوة والخطوتين في الصلاة، وأنه لا كراهة في ذلك إذا كان لحاجة وجواز صلاة الإمام على موضع أرفع من المأمومين للحاجة كتعليمهم الصلاة أو غير ذلك

- ‌(205) باب كراهة الاختصار في الصلاة

- ‌(206) باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في الصلاة

- ‌(207) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها والنهي عن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه

- ‌(208) باب جواز الصلاة في النعلين

- ‌(209) باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام

- ‌(210) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الحدث ونحوه

- ‌(211) باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كراثًا أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى تذهب تلك الريح، وإخراجه من المسجد

- ‌(212) باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد

- ‌(213) باب السهو في الصلاة والسجود له

- ‌(214) باب سجود التلاوة

- ‌(215) باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين

- ‌(216) باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته

- ‌(217) باب الذكر بعد الصلاة

- ‌(218) باب استحباب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم بين التشهد والتسليم

- ‌(219) باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته

- ‌(220) باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة

- ‌(221) باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيًّا

- ‌(222) باب متى يقوم الناس للصلاة

- ‌(223) باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة

- ‌(224) باب أوقات الصلوات الخمس

- ‌(225) باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى الجماعة ويناله الحر في طريقه

- ‌(226) باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر

- ‌(227) باب استحباب التبكير بالعصر

- ‌(228) باب التغليظ في تفويت صلاة العصر

- ‌(229) باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر

- ‌(230) باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما

- ‌(231) باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس

- ‌(232) باب وقت العشاء وتأخيرها

- ‌(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها

- ‌(234) باب كراهة تأخير الصلاة عن وقتها المختار وما يفعله المأموم إذا أخرها الإمام

- ‌(235) باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها وأنها فرض كفاية

- ‌(236) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر

- ‌(237) باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات [وأين يقف الصبي والمرأة من الإمام]

- ‌(238) باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة، وفضل انتظار الصلاة، وكثرة الخطا إلى المساجد، وفضل المشي إليها، وفضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد

- ‌(239) باب من أحق بالإمامة

- ‌(240) باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة والعياذ بالله واستحبابه في الصبح دائمًا

- ‌(241) باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌(242) باب قصر الصلاة

- ‌(243) باب الصلاة في الرحال في المطر

- ‌(244) باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت به

- ‌(245) باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌(246) باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال واستحباب وقوف المأموم يمين الإمام

- ‌(247) باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في الإقامة

- ‌(248) باب ما يقول إذا دخل المسجد

- ‌(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه

- ‌(250) باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان

- ‌(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما

- ‌(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن

- ‌(253) باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا

- ‌(254) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة

- ‌(255) باب الترغيب في قيام الليل وهو التراويح وباب الندب الأكيد إلى قيام ليلة القدر وبيان دليل من قال: إنها ليلة سبع وعشرين

- ‌(256) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل

- ‌(257) باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل

- ‌(258) باب الحث على صلاة الوقت وإن قلت

- ‌(259) باب استحباب صلاة النافلة في البيت

- ‌(260) باب فضيلة العمل الدائم والأمر بالاقتصاد في العبادة وأمر من لحقه نوم أو ملل أن يترك حتى يذهب عنه

- ‌(261) باب فضائل القرآن وما يتعلق به وباب الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها

- ‌(262) باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن

- ‌(263) باب نزول السكينة لقراءة القرآن

- ‌(264) باب فضيلة حافظ القرآن

- ‌(265) باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل

- ‌(266) باب فضل استماع القرآن والبكاء والتدبر عنده

- ‌(267) باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وفضل قراءة سورة البقرة وآل عمران والفاتحة والكهف وآية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وفضل قراءة القرآن في الصلاة وغيرها

- ‌(268) باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه

الفصل: ‌(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة

(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة

976 -

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا حتى نزلت الآية التي في البقرة {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة: 144] فنزلت بعد ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق رجل من القوم فمر بناس من الأنصار وهم يصلون فحدثهم فولوا وجوههم قبل البيت.

997 -

عن البراء رضي الله عنه قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا ثم صرفنا نحو الكعبة.

998 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت فقال إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.

999 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس في صلاة الغداة إذ جاءهم رجل بمثل حديث مالك.

1000 -

عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: 144] فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى ألا إن القبلة قد حولت فمالوا كما هم نحو القبلة.

-[المعنى العام]-

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مكة يصلي مستقبلاً بيت المقدس جاعلاً الكعبة بينه وبينه، فلما هاجر

ص: 117

إلى المدينة لم يعد من الممكن استقبال الكعبة وبيت المقدس معًا لأن بيت المقدس في الشمال والكعبة في الجنوب، ومستقبل أحدهما مستدبر الآخر، فاستقبل بيت المقدس بوحي من اللَّه وخصوصًا أنه في أول هجرته كان يحب موافقة اليهود تأليفًا لهم، فلما استقر الإسلام بالمدينة وقويت شوكته وبرزت شخصيته كان صلى الله عليه وسلم يتمنى أن يؤمر بالتوجه في صلاته إلى الكعبة قبلة أبيه إبراهيم وأول بيت وضع للناس، وكان يقلب وجهه في السماء ينتظر أمر اللَّه بذلك ويتعجله، حتى نزل قوله تعالى:{قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} كان ذلك بعد ستة عشر شهرًا من قدومه المدينة أو تزيد قليلاً، نزل هذا الأمر والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بمسجده بالمدينة وقد صلى ركعتين إلى بيت المقدس فاستدار وصلى الركعتين الأخيرتين إلى الكعبة، وصلى معه رجال خرج أحدهم إلى مسجد بني حارثة فوجد المسلمين يصلون العصر مستقبلين القدس فأعلن لهم ما علم وقال أشهد باللَّه أن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل عليه، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستدار المصلون نحو الكعبة، وخرج رجل آخر فجرًا إلى قباء فوجدهم يصلون الصبح مستقبلين الشام وقد صلوا ركعة فأخبرهم، فاستداروا نحو الكعبة وأكملوا صلاتهم، وصدق اللَّه العظيم {يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [البقرة: 142].

-[المباحث العربية]-

(صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس) قال النووي: المقدس فيه لغتان مشهورتان، إحداهما فتح الميم وإسكان القاف، والثانية ضم الميم وفتح القاف، ويقال فيه أيضًا إيلياء وإلياء، وأصل القدس والتقديس من التطهير. اهـ.

(فانطلق رجل من القوم) قال الحافظ ابن حجر: واسمه عباد بن بشر بن قيظي، وقيل: عباد بن نهيك.

(فمر بناس من الأنصار وهم يصلون) قيل: هم من بني سلمة، وقيل أهل قباء.

(بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت)"بينما" أصله "بين" فأشبعت الفتحة فصارت "بينا" وزيدت الميم، فصارت "بينما" وهي ظرف زمان بمعنى المفاجأة وتضاف إلى جملة من فعل وفاعل، أو مبتدأ وخبر، وتحتاج إلى جواب يتم به المعنى، والأفصح في جوابها أن لا يكون فيه "إذ" و"إذا" وقد جاء بإذ وإذا كثيرًا، وأضيفت هنا إلى المبتدأ والخبر، وجوابها قوله "إذ جاءهم آت" وأل في "الناس" للعهد الذهني، لأن المراد أهل قباء ومن حضر معهم في الصلاة، و"قباء" فيها ست لغات المد والقصر، والتذكير والتأنيث، والصرف والمنع، وأفصحها المد.

(إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة) أطلق الليلة على بعض اليوم الماضي وما يليه مجازًا.

ص: 118

(وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها) قال النووي: روى "فاستقبلوها" بكسر الباء وفتحها والكسر أصح وأشهر، وهو الذي يقتضيه الكلام بعده، اهـ. فالكسر على صيغة الأمر، والآمر الرجل الآتي لهم من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويؤيده رواية البخاري في التفسير "ألا فاستقبلوها" وفتح الباء رواية الأكثر فعل ماض، يحكي الراوي استجابتهم وتنفيذهم للتشريع، والفاعل يصح أن يقصد به الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويصح أن يقصد به أهل قباء.

(وكانت وجوههم إلى الشام) هو من كلام ابن عمر، لا من كلام الرجل المخبر.

(فاستداروا إلى الكعبة) وقد وقع بيان كيفية التحول في بعض الروايات، وفيها، "فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء" قال الحافظ: وتصويره أن الإمام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخر المسجد، لأن من استقبل الكعبة في المدينة استدبر بيت المقدس، وهو لو دار في مكانه لم يكن خلفه الصفوف.

(في صلاة الغداة) صلاة الصبح.

-[فقه الحديث]-

ظاهر الحديث أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى المدينة لكن أخرج الإمام أحمد عن ابن عباس "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه" قال الحافظ ابن حجر: ويمكن الجمع بينهما بأن يكون صلى الله عليه وسلم قد أمر لما هاجر بأن يستمر على الصلاة لبيت المقدس. وأخرج الطبراني من طريق ابن جريج قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما صلى إلى الكعبة، ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة، فصلى ثلاث حجج، ثم هاجر فصلى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرًا، ثم وجهه اللَّه إلى الكعبة.

وما رواه الطبراني لا يتنافى مع ما رواه أحمد لجواز أن يكون الاستقبال بدأ إلى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس فحدث ابن عباس عن الحالة الثانية:

قال الحافظ ابن حجر: وزعم ناس أنه لم يزل يستقبل الكعبة بمكة، فلما قدم المدينة استقبل بيت المقدس، ثم نسخ قال: وهذا ضعيف، والأول أصح لأنه جمع بين القولين. اهـ.

واختلف العلماء في أن استقبال بيت المقدس هل كان ثابتًا بالقرآن أو باجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم، والذي ذهب إليه أكثر العلماء أنه كان بسنة لا بقرآن، فعلى هذا يكون فيه دليل لقول من قال: إن القرآن ينسخ السنة، وهو قول أكثر الأصوليين المتأخرين، والقول الثاني وبه قال الشافعي وآخرون لا يجوز أن ينسخ القرآن السنة، لأن السنة مبينة للكتاب فكيف ينسخها؟ وهؤلاء يقولون: لم يكن استقبال بيت المقدس بسنة، بل كان بوحي، قال تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول

} [البقرة: 143] الآية، وفي تحرير القول بالمدة التي استقبل بها بيت المقدس في المدينة

ص: 119

قال الحافظ ابن حجر: وقع الشك في الرواية الثانية، وفي الرواية الأولى وبعض الروايات "ستة عشر" من غير شك، ووقع في بعض الروايات "سبعة عشر شهرًا من غير شك، والجمع بين الروايتين سهل بأن يكون من جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرًا وألغى الزائد، ومن جزم بسبعة عشر شهرًا عدهما معًا، ومن شك تردد في ذلك. وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف، وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح.

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

جواز النسخ ووقوعه.

2 -

وفيه قبول خبر الواحد.

3 -

وفيه دليل على أن النسخ لا يثبت في حق المكلف حتى يبلغه. قال النووي: فإن قيل: هذا نسخ لمقطوع به بخبر الواحد، وذلك ممتنع عند أهل الأصول؟ فالجواب أنه احتفت به قرائن ومقدمات أفادت العلم، وخرج عن كونه خبر واحد مجردًا، اهـ.

4 -

وفيه جواز الصلاة الواحدة إلى جهتين، وهذا هو الصحيح عند الشافعية، فمن صلى إلى جهة بالاجتهاد ثم تغير اجتهاده في أثنائها فيستدير إلى الجهة الأخرى، حتى لو تغير اجتهاده أربع مرات في الصلاة الواحدة فصلى كل ركعة منها إلى جهة صحت صلاته على الأصح، لأن أهل هذا المسجد المذكور في الحديث استداروا في صلاتهم واستقبلوا الكعبة ولم يستأنفوها وبهذا قال أحمد وجمهور العلماء.

5 -

وفيه جواز تعليم من ليس في الصلاة من هو فيها.

6 -

وفيه أن استماع المصلي لكلام من ليس في الصلاة لا يضر صلاته.

7 -

وفيه أن ما يؤمر به النبي صلى الله عليه وسلم يلزم أمته.

8 -

وفيه أن العمل الذي هو في مصلحة الصلاة لا يضر الصلاة، لأن التحول وتغيير الصفوف وانتقال النساء أعمال كثيرة، وقيل: يحتمل أن ذلك وقع قبل تحريم العمل الكثير، ويحتمل أن يكون قد اغتفر العمل المذكور من أجل المصلحة المذكورة.

واللَّه أعلم

ص: 120