المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٣

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(179) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(180) باب القراءة في الصبح والمغرب

- ‌(181) باب القراءة في العشاء

- ‌(182) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام

- ‌(183) باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام

- ‌(184) باب متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌(185) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(186) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌(187) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(188) باب فضل السجود والحث عليه

- ‌(189) باب أعضاء السجود، والنهي عن كف الشعر والثوب

- ‌(190) باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض

- ‌(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول

- ‌(192) باب سترة المصلي والندب إلى الصلاة خلف سترة والنهي عن المرور بين يدي المصلي، وحكم المرور ودفع المار وجواز الاعتراض بين يدي المصلي، والصلاة إلى الراحلة والأمر بالدنو من السترة، وبيان قدر السترة وما يتعلق بذلك

- ‌(193) باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه

- ‌كتاب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌(194) باب الأرض كلها مسجد وتربتها طهور

- ‌(195) بناء مسجد المدينة - والصلاة في مرابض الغنم

- ‌(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة

- ‌(197) باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌(198) باب فضل بناء المساجد والحث عليها

- ‌(199) باب وضع الأيدي على الركب في الركوع

- ‌(200) باب جواز الإقعاء على العقبين

- ‌(201) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان

- ‌(202) باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل القليل في الصلاة

- ‌(203) باب جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم محمولة على الطهارة حتى تتحقق نجاستها وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وكذا إذا فرق الأفعال

- ‌(204) باب الخطوة والخطوتين في الصلاة، وأنه لا كراهة في ذلك إذا كان لحاجة وجواز صلاة الإمام على موضع أرفع من المأمومين للحاجة كتعليمهم الصلاة أو غير ذلك

- ‌(205) باب كراهة الاختصار في الصلاة

- ‌(206) باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في الصلاة

- ‌(207) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها والنهي عن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه

- ‌(208) باب جواز الصلاة في النعلين

- ‌(209) باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام

- ‌(210) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الحدث ونحوه

- ‌(211) باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كراثًا أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى تذهب تلك الريح، وإخراجه من المسجد

- ‌(212) باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد

- ‌(213) باب السهو في الصلاة والسجود له

- ‌(214) باب سجود التلاوة

- ‌(215) باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين

- ‌(216) باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته

- ‌(217) باب الذكر بعد الصلاة

- ‌(218) باب استحباب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم بين التشهد والتسليم

- ‌(219) باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته

- ‌(220) باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة

- ‌(221) باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيًّا

- ‌(222) باب متى يقوم الناس للصلاة

- ‌(223) باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة

- ‌(224) باب أوقات الصلوات الخمس

- ‌(225) باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى الجماعة ويناله الحر في طريقه

- ‌(226) باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر

- ‌(227) باب استحباب التبكير بالعصر

- ‌(228) باب التغليظ في تفويت صلاة العصر

- ‌(229) باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر

- ‌(230) باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما

- ‌(231) باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس

- ‌(232) باب وقت العشاء وتأخيرها

- ‌(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها

- ‌(234) باب كراهة تأخير الصلاة عن وقتها المختار وما يفعله المأموم إذا أخرها الإمام

- ‌(235) باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها وأنها فرض كفاية

- ‌(236) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر

- ‌(237) باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات [وأين يقف الصبي والمرأة من الإمام]

- ‌(238) باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة، وفضل انتظار الصلاة، وكثرة الخطا إلى المساجد، وفضل المشي إليها، وفضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد

- ‌(239) باب من أحق بالإمامة

- ‌(240) باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة والعياذ بالله واستحبابه في الصبح دائمًا

- ‌(241) باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌(242) باب قصر الصلاة

- ‌(243) باب الصلاة في الرحال في المطر

- ‌(244) باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت به

- ‌(245) باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌(246) باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال واستحباب وقوف المأموم يمين الإمام

- ‌(247) باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في الإقامة

- ‌(248) باب ما يقول إذا دخل المسجد

- ‌(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه

- ‌(250) باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان

- ‌(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما

- ‌(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن

- ‌(253) باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا

- ‌(254) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة

- ‌(255) باب الترغيب في قيام الليل وهو التراويح وباب الندب الأكيد إلى قيام ليلة القدر وبيان دليل من قال: إنها ليلة سبع وعشرين

- ‌(256) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل

- ‌(257) باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل

- ‌(258) باب الحث على صلاة الوقت وإن قلت

- ‌(259) باب استحباب صلاة النافلة في البيت

- ‌(260) باب فضيلة العمل الدائم والأمر بالاقتصاد في العبادة وأمر من لحقه نوم أو ملل أن يترك حتى يذهب عنه

- ‌(261) باب فضائل القرآن وما يتعلق به وباب الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها

- ‌(262) باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن

- ‌(263) باب نزول السكينة لقراءة القرآن

- ‌(264) باب فضيلة حافظ القرآن

- ‌(265) باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل

- ‌(266) باب فضل استماع القرآن والبكاء والتدبر عنده

- ‌(267) باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وفضل قراءة سورة البقرة وآل عمران والفاتحة والكهف وآية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وفضل قراءة القرآن في الصلاة وغيرها

- ‌(268) باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه

الفصل: ‌(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن

(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن

1454 -

عن عمرو بن أوس قال حدثني عنبسة بن أبي سفيان في مرضه الذي مات فيه بحديث يتسار إليه، قال: سمعت أم حبيبة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة" قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال عنبسة: فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة. وقال عمرو بن أوس: ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة. وقال النعمان بن سالم: ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن أوس.

1455 -

عن النعمان بن سالم بهذا الإسناد "من صلى في يوم ثنتي عشرة سجدة تطوعًا بني له بيت في الجنة".

1456 -

عن أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير فريضة إلا بنى الله له بيتًا في الجنة. أو إلا بني له بيت في الجنة". قالت أم حبيبة: فما برحت أصليهن بعد. وقال عمرو: ما برحت أصليهن بعد. وقال النعمان مثل ذلك.

1457 -

عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد مسلم توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى لله كل يوم" فذكر بمثله.

1458 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين. وبعدها سجدتين. وبعد المغرب سجدتين. وبعد العشاء سجدتين. وبعد الجمعة سجدتين. فأما المغرب والعشاء والجمعة. فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته.

ص: 502

1459 -

عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه؟ فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين. وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين. ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين. وكان يصلي من الليل تسع ركعات. فيهن الوتر. وكان يصلي ليلاً طويلاً قائمًا. وليلاً طويلاً قاعدًا. وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم. وإذا قرأ قاعدًا ركع وسجد وهو قاعد. وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين.

-[المعنى العام]-

لا شك أن الفرائض أحب ما يتقرب به العبد إلى ربه، مصداقًا لقوله عز وجل في الحديث القدسي "وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه" ولا شك أن من أدى الفرائض كاملة سن له أن يزداد قربًا من ربه، وفيضًا من محبته بالرواتب والنوافل، عملاً بقوله جل شأنه في الحديث نفسه "وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" وعلى هذا الأساس رغب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في النوافل بعامة، وأكد الترغيب في رواتب قبل الفريضة وبعدها، ففي الأحاديث "من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة - تطوعًا - بني اللَّه له بيتًا في الجنة" وفصلت هذه الركعات في أحاديث أخرى على أنها ركعتا الفجر وأربع قبل الظهر وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء. كما وردت أحاديث كثيرة ترغب في أكثر من ذلك بأربع قبل العصر وبركعتين قبل المغرب وبأكثر من ركعتين بعد العشاء. وهكذا يصبح باب التطوع بالصلاة مفتوحًا للمتسابقين والمسارعين إلى مغفرة اللَّه وإلى جنة عرضها السموات والأرض، وكم كان حرص الصحابة رضي الله عنهم على الإكثار من صلاة التطوع مع حرصهم على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فأكثروا من السؤال عن صلاته في بيته، وما تحرجوا من سؤال أمهات المؤمنين أزواجه صلى الله عليه وسلم عن صلاته في لياليهن وفي بيوتهن رضي الله عن الجميع، وأعاننا على عبادته.

-[المباحث العربية]-

(اثنتي عشرة ركعة) في ملحق الرواية الأولى "ثنتي عشرة سجدة" وفي إطلاق السجدة والركعة، وهي من السجود والركوع، وكل منهما جزء لكل مجاز مرسل، واستعمال الركعة أكثر، وفي الرواية الرابعة "سجدتين" أي ركعتين.

(تطوعًا غير فريضة) هذا القيد مراد في الرواية الأولى المطلقة الخالية منه وقوله "غير فريضة" تأكيد ورفع احتمال إرادة الإعادة للفريضة.

ص: 503

(صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين) قال العيني: المراد من المعية هذه مجرد المتابعة في العدد، وهو أن ابن عمر صلى ركعتين وحده كما صلى صلى الله عليه وسلم ركعتين، لا أنه اقتدى به فيهما. اهـ.

(فأما المغرب والعشاء والجمعة فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته) مقابل "أما" مطوي للعلم به من المقابل، أي وأما الظهر فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهذا التكرار في المعية والتفصيل يبعد ما ذهب إليه العيني، ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في بيته فإنه لا يمنع من أن يكون صلى الله عليه وسلم صلى قبل الظهر وبعده في المسجد مرة وصلى معه ابن عمر، ولا مانع من أن يكون ابن عمر قد صلى ركعتي المغرب والعشاء والجمعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم مرة في بيته، ومعلوم أن ابن عمر كان شديد الحرص على الاقتداء، حتى كان يبرك ناقته في المكان الذي بركت فيه ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما يبعد ما ذهب إليه العيني ويقوي الاحتمال الذي ذكرته ما روى البخاري عن ابن عمر قال "حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر

وركعتين قبل الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين".

-[فقه الحديث]-

ذكرنا في الباب السابق استحباب ركعتي سنة الفجر، ولا خلاف فيهما أما راتبة الظهر فإن الرواية الرابعة تذكر ركعتين بعدها، والرواية الخامسة تذكر أربعًا قبل الظهر وركعتين بعدها، وروى البخاري عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعًا قبل الظهر" وروى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم على النار" فهذه الروايات تحكي ثلاثة أقوال في راتبة الظهر، أربعًا وستًا وثمانيًا، والتوفيق بينها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الظهر ركعتين مرة وأربعًا مرة، وصلى قبل الظهر ركعتين مرة وأربعًا مرة فاختلاف الأحاديث في الأعداد محمول على تعدد الأحوال للتوسعة.

والأكثرون من أصحاب الشافعي على أن راتبة الظهر ركعتان قبلها وركعتان بعدها، ومنهم من جعل قبل الظهر أربعًا، ومن قال بأربع قبل الظهر اختلفوا في صلاتها بتسليمة واحدة أو بتسليمتين، فالحنفية على الأول والشافعي ومالك وأحمد على الثاني.

وأما راتبة العصر فلم تصرح بها رواياتنا، وقد روى أبو داود والترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رحم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا" وروى الترمذي من حديث علي رضي الله عنه قال: "كان يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين" والذي ترتاح إليه النفس أن أربعًا قبل العصر مستحبة وليست من الرواتب المؤكدة.

وأما راتبة المغرب فالرواية الرابعة والخامسة تذكران ركعتين بعدها، ولا خلاف فيهما، وإنما

ص: 504

الخلاف في ركعتين قبل المغرب. قال النووي: في استحباب ركعتين قبل المغرب وجهان مشهوران، الصحيح منهما الاستحباب، لما رواه البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "صلوا قبل صلاة المغرب [ثلاثًا]. قال في الثالثة: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة" كما روي عن أنس قال: كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل المغرب، قال الراوي: فقلت: أكان النبي صلى الله عليه وسلم صلاها؟ قال: "كان يرانا نصليها، فلم يأمرنا ولم ينهنا". فهذه الأحاديث صحيحة صريحة في استحبابها. اهـ

وذهب آخرون إلى عدم استحبابها، مستدلين بما رواه أبو داود عن ابن عمر قال:"ما رأيت أحداً يصلي الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" وإسناده حسن.

ومما يرجح الاستحباب لراتبة العصر وراتبة المغرب القبلية حديث "بين كل أذانين صلاة" أي بين كل أذان وإقامة راتبة. والله أعلم.

وأما راتبة العشاء فإن الرواية الرابعة والخامسة تذكران ركعتين بعد العشاء والخلاف في ركعتين قبل العشاء. قال النووي: يستحب أن يصلي قبل العشاء الآخرة ركعتين فصاعدًا، لحديث "بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة. قال في الثالثة: لمن يشاء" رواه البخاري ومسلم. اهـ.

وأما راتبة الجمعة فالرواية الرابعة تذكر ركعتين بعدها: قال النووي: يسن قبل الجمعة وبعدها صلاة، وأقلها ركعتان قبلها وركعتان بعدها، والأكمل أربع قبلها وأربع بعدها. اهـ.

وقد تحصل من هذا أن الرواتب عند الصلوات الخمس مختلف في عددها قيل: عشر ركعات. وهي صريح الرواية الرابعة إذا أضفنا إليها ركعتي الفجر وقيل: ثنتا عشرة ركعة، وهي نص الرواية الأولى، وهي باستحباب أربع قبل الظهر بدل ركعتين، وقيل أدنى الكمال ثمان، فأسقط سنة العشاء.

قال صاحب المهذب: وأدنى الكمال عشر ركعات وأتم الكمال ثماني عشرة ركعة. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: وفي الأحاديث حجة لمن ذهب إلى أن للفرائض رواتب تستحب المواظبة عليها، وهو قول الجمهور، وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه لا توقيت في ذلك حماية للفرائض، لكن لا يمنع من تطوع بما شاء إذا أمن ذلك. اهـ.

وآكد السنن الراتبة مع الفرائض سنة الفجر، لأنه ورد فيها من الترغيب ما لم يرد في غيرها، ويقول صلى الله عليه وسلم "صلوها ولو طردتكم الخيل" ولأنها محصورة لا تحتمل الزيادة والنقصان، فأشبهت الفرائض، ثم إن فرض الصبح أقل الفروض عدداً فكانت كالمكملة.

ووقت الراتبة القبلية يدخل بدخول وقت الفرائض، ويبقى وقتها ما لم يخرج وقت الفريضة، لكن المستحب تقديمها على الفريضة، ويدخل وقت الرواتب البعدية بفعل الفريضة، ويبقى مادام وقت الفريضة، والصحيح عند الشافعية استحباب قضاء الرواتب، وبه قال أحمد في رواية عنه، وقال أبو حنيفة ومالك في أشهر الروايات عنه: لا تقضى. والرواتب التي مع الفرائض لا تستحب فيها الجماعة، وروي عن مالك أنه لا بأس بأن يؤم النفر في النافلة.

ص: 505

ويستحب عند الجمهور فعل السنن الراتبة في السفر. لكنها في الحضر آكد، ومذهب ابن عمر أنها لا تصلى في السفر، وقد روي في الصحيحين عن حفص بن عاصم قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلنا: يسبحون. فقال: لو كنت مسبحًا أتممت صلاتي، يا ابن أخي، صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت عثمان رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21] ودليل الجمهور الأحاديث الصحيحة الشائعة في باب استقبال القبلة، ومنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النوافل على راحلته في السفر حيث توجهت به".

والحكمة في الرواتب مع الفروض تكميل ما عساه قد يقع فيها من نقص ثبت ذلك في حديث لأبي داود، ولترتاض النفس بتقديم النافلة وتنشط بها وتستعد للفريضة بقلب وخشوع، ذكره النووي. وأزيد أن الله تعالى لما فرض الصلاة خمسين صلاة في اليوم والليلة وخففها إلى خمس فيها أجر الخمسين والحسنة بعشر أمثالها شرع للمسلم أن يتسابق إلى الخيرات وأن يزيد عما فرضه الله عليه شكرًا للَّه على رحمته به، واعترافًا بالفضل، ومقابلة التفضل بشيء من الإحسان.

واللَّه أعلم

ص: 506