المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٣

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(179) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(180) باب القراءة في الصبح والمغرب

- ‌(181) باب القراءة في العشاء

- ‌(182) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام

- ‌(183) باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام

- ‌(184) باب متابعة الإمام والعمل بعده

- ‌(185) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(186) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌(187) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(188) باب فضل السجود والحث عليه

- ‌(189) باب أعضاء السجود، والنهي عن كف الشعر والثوب

- ‌(190) باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض

- ‌(191) باب ما يجمع صفة الصلاة، وما يفتتح به ويختم به، وصفة الركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية، وصفة الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول

- ‌(192) باب سترة المصلي والندب إلى الصلاة خلف سترة والنهي عن المرور بين يدي المصلي، وحكم المرور ودفع المار وجواز الاعتراض بين يدي المصلي، والصلاة إلى الراحلة والأمر بالدنو من السترة، وبيان قدر السترة وما يتعلق بذلك

- ‌(193) باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه

- ‌كتاب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌(194) باب الأرض كلها مسجد وتربتها طهور

- ‌(195) بناء مسجد المدينة - والصلاة في مرابض الغنم

- ‌(196) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة

- ‌(197) باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌(198) باب فضل بناء المساجد والحث عليها

- ‌(199) باب وضع الأيدي على الركب في الركوع

- ‌(200) باب جواز الإقعاء على العقبين

- ‌(201) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان

- ‌(202) باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل القليل في الصلاة

- ‌(203) باب جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم محمولة على الطهارة حتى تتحقق نجاستها وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وكذا إذا فرق الأفعال

- ‌(204) باب الخطوة والخطوتين في الصلاة، وأنه لا كراهة في ذلك إذا كان لحاجة وجواز صلاة الإمام على موضع أرفع من المأمومين للحاجة كتعليمهم الصلاة أو غير ذلك

- ‌(205) باب كراهة الاختصار في الصلاة

- ‌(206) باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في الصلاة

- ‌(207) باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها والنهي عن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه

- ‌(208) باب جواز الصلاة في النعلين

- ‌(209) باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام

- ‌(210) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الحدث ونحوه

- ‌(211) باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كراثًا أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى تذهب تلك الريح، وإخراجه من المسجد

- ‌(212) باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد

- ‌(213) باب السهو في الصلاة والسجود له

- ‌(214) باب سجود التلاوة

- ‌(215) باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين

- ‌(216) باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته

- ‌(217) باب الذكر بعد الصلاة

- ‌(218) باب استحباب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنم وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم بين التشهد والتسليم

- ‌(219) باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته

- ‌(220) باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة

- ‌(221) باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيًّا

- ‌(222) باب متى يقوم الناس للصلاة

- ‌(223) باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة

- ‌(224) باب أوقات الصلوات الخمس

- ‌(225) باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى الجماعة ويناله الحر في طريقه

- ‌(226) باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر

- ‌(227) باب استحباب التبكير بالعصر

- ‌(228) باب التغليظ في تفويت صلاة العصر

- ‌(229) باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر

- ‌(230) باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما

- ‌(231) باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس

- ‌(232) باب وقت العشاء وتأخيرها

- ‌(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها

- ‌(234) باب كراهة تأخير الصلاة عن وقتها المختار وما يفعله المأموم إذا أخرها الإمام

- ‌(235) باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها وأنها فرض كفاية

- ‌(236) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر

- ‌(237) باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير وخمرة وثوب وغيرها من الطاهرات [وأين يقف الصبي والمرأة من الإمام]

- ‌(238) باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة، وفضل انتظار الصلاة، وكثرة الخطا إلى المساجد، وفضل المشي إليها، وفضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد

- ‌(239) باب من أحق بالإمامة

- ‌(240) باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة والعياذ بالله واستحبابه في الصبح دائمًا

- ‌(241) باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌(242) باب قصر الصلاة

- ‌(243) باب الصلاة في الرحال في المطر

- ‌(244) باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت به

- ‌(245) باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌(246) باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال واستحباب وقوف المأموم يمين الإمام

- ‌(247) باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في الإقامة

- ‌(248) باب ما يقول إذا دخل المسجد

- ‌(249) باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، واستحباب ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه

- ‌(250) باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان

- ‌(251) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما

- ‌(252) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن

- ‌(253) باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا

- ‌(254) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة

- ‌(255) باب الترغيب في قيام الليل وهو التراويح وباب الندب الأكيد إلى قيام ليلة القدر وبيان دليل من قال: إنها ليلة سبع وعشرين

- ‌(256) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل

- ‌(257) باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل

- ‌(258) باب الحث على صلاة الوقت وإن قلت

- ‌(259) باب استحباب صلاة النافلة في البيت

- ‌(260) باب فضيلة العمل الدائم والأمر بالاقتصاد في العبادة وأمر من لحقه نوم أو ملل أن يترك حتى يذهب عنه

- ‌(261) باب فضائل القرآن وما يتعلق به وباب الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها

- ‌(262) باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن

- ‌(263) باب نزول السكينة لقراءة القرآن

- ‌(264) باب فضيلة حافظ القرآن

- ‌(265) باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل

- ‌(266) باب فضل استماع القرآن والبكاء والتدبر عنده

- ‌(267) باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وفضل قراءة سورة البقرة وآل عمران والفاتحة والكهف وآية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وفضل قراءة القرآن في الصلاة وغيرها

- ‌(268) باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه

الفصل: ‌(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها

(233) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها

1247 -

عن عائشة رضي الله عنها أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد.

1248 -

عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لقد كان نساء من المؤمنات يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة.

1249 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس. وقال الأنصاري في روايته: متلففات.

1250 -

عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي قال: لما قدم الحجاج المدينة فسألنا جابر بن عبد الله فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة. والعصر والشمس نقية. والمغرب إذا وجبت. والعشاء أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعجل. كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل. وإذا رآهم قد أبطئوا أخر. والصبح كانوا أو (قال) كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس.

1251 -

عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي قال: كان الحجاج يؤخر الصلوات فسألنا جابر بن عبد الله بمثل حديث غندر.

1252 -

عن سيار بن سلامة قال: سمعت أبي يسأل أبا برزة عن صلاة رسول

ص: 356

الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت: آنت سمعته؟ قال فقال: كأنما أسمعك الساعة. قال: سمعت أبي يسأله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: كان لا يبالي بعض تأخيرها (قال يعني العشاء) إلى نصف الليل، ولا يحب النوم قبلها ولا الحديث بعدها. قال شعبة: ثم لقيته بعد فسألته فقال: وكان يصلي الظهر حين تزول الشمس. والعصر يذهب الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية. قال: والمغرب لا أدري أي حين ذكر. قال: ثم لقيته بعد فسألته. فقال: وكان يصلي الصبح فينصرف الرجل فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه. قال: وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة.

1253 -

عن أبي برزة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبالي بعض تأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل. وكان لا يحب النوم قبلها ولا الحديث بعدها. قال شعبة: ثم لقيته مرة أخرى فقال: أو ثلث الليل.

1254 -

عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء إلى ثلث الليل ويكره النوم قبلها والحديث بعدها. وكان يقرأ في صلاة الفجر من المائة إلى الستين. وكان ينصرف حين يعرف بعضنا وجه بعض.

-[المعنى العام]-

يستدل الإمام مسلم على استحباب التبكير بصلاة الصبح في أول وقتها، وعلى مقدار القراءة فيها بمجموعتين من الأحاديث.

المجموعة الأولى: عن عائشة تحكي ما كان عليه النساء المؤمنات من شهود صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، وبعد انتهائهن من الصلاة يرجعن إلى بيوتهن مع بقايا الظلمة التي لا يعرفهن الرائي بسببها مما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح بغلس أي في أول وقتها وفي بقايا الظلمة التي تسبق الإسفار.

المجموعة الثانية يثيرها تأخير الأمويين وولاتهم للصلاة بالناس عن أول وقتها، مما دفع الغيورين إلى اللجوء إلى أئمة الصحابة يسألونهم عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التبكير بالصلوات في أول وقتها، فحين قدم الحجاج المدينة والياً عليها من قبل عبد الملك أخر الصلاة، فقام محمد بن عمرو بن

ص: 357

الحسن بن علي يسأل جابر بن عبد الله فحكى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التبكير بالصلوات عدا العشاء، وصرح بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح بغلس أي بالظلمة التي قبل الإسفار.

ثم سيار بن سلامة يروي أنه سمع أباه يسأل أبا برزة الأسلمي عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره أبو برزة بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصلوات في أول وقتها إلا العشاء، فكان أحيانًا يؤخرها إلى ثلث الليل، لكنه كان يكره النوم قبل صلاتها، ويكره الكلام في غير خير بعد صلاتها. وكان مما صرح به أبو برزة بخصوص الفجر قوله: وكان يقرأ في صلاة الفجر بعد الفاتحة من الستين إلى المائة آية، فيكون تسليمه وانصرافه من الصلاة عند بداية الإسفار وعند تمكن الجار من معرفة وجه جاره الذي يعرفه، فصلى الله وسلم على رسول الله ورضي عن الصحابة والتابعين ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

-[المباحث العربية]-

(أن نساء المؤمنات) قال النووي: صورته صورة إضافة الشيء إلى نفسه واختلف في تأويله وتقديره، فقيل: تقديره نساء الأنفس المؤمنات، وقيل: نساء الجماعات المؤمنات، وقيل: إن "نساء" هنا بمعنى الفاضلات، أي فاضلات المؤمنات، كما يقال: رجال القوم، أي فضلاؤهم ومقدموهم.

(يصلين الصبح)"الصبح" مفعول به.

(ثم يرجعن متلفعات بمروطهن)"متلفعات" بالعين بعد الفاء، أي متلحفات ومتلففات، من التلحف، وهو شد اللفاع، وهو ما يغطي الوجه ويلتحف به، والمروط جمع مرط بكسر الميم، وهو كساء من صوف أو خز يؤتزر به.

(لا يعرفهن أحد) قال الداودي: ما يعرفهن أحد أنساء أم رجال؟ وقيل: ما يعرف أعيانهن. قال النووي: وهذا ضعيف، لأن المتلفعة في النهار أيضًا لا يعرف عينها، فلا يبقى في الكلام فائدة. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: وفي كلام النووي نظر، لأن لكل امرأة هيئة غير هيئة الأخرى في الغالب، ولو كان بدنها مغطى. اهـ.

وقال بعضهم: هذا يدل على أنهن كن سافرات، إذ لو كن منتقبات لمنع تغطية الوجه من معرفتهن، لا الغلس. اهـ. والظاهر ما قاله الحافظ ابن حجر.

(ثم ينقلبن إلى بيوتهن) أي يرجعن إلى بيوتهن.

(وما يعرفن من تغليس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالصلاة) الغلس هو بقايا ظلام الليل.

(إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي)"إن" مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، وجملة "كان" واسمها وخبرها خبر إن، والتقدير إن الحال والشأن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي.

ص: 358

(لما قدم الحجاج المدينة) جواب "لما" محذوف تقديره: أخر الصلوات عن أول وقتها، وقد صرح بهذا الجواب في الرواية الخامسة. وكان قدوم الحجاج للمدينة سنة أربع وسبعين من الهجرة، بعد قتل ابن الزبير حيث ولاه عبد الملك على الحرمين.

(فسألنا جابر بن عبد الله)"فسألنا" معطوف على جواب "لما" المحذوف ولم يبين المسئول عنه، وهو معلوم من الجواب، والأصل: سألناه عن مواقيت الصلاة وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي؟ وفي أي وقت كان يصلي كل صلاة؟ .

(يصلي الظهر بالهاجرة) الهاجرة شدة الحر نصف النهار عقب الزوال قيل: سميت هاجرة من الهجرة وهو الترك، لأن الناس يتركون التصرف والأعمال بسبب شدة الحر، ويقيلون.

(والعصر والشمس نقية)"والعصر" بالنصب عطفًا على الظهر، وجملة "والشمس نقية" حال، والمعنى صافية لم تتغير بصفرة آخر النهار.

(والمغرب إذا وجبت)"والمغرب" بالنصب عطفًا على الظهر، ومعنى "وجبت" سقطت والضمير للشمس، أي إذا سقط قرص الشمس عن الأفق.

(والعشاء أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعجل) أي يعجلها، أي يعجل صلاة العشاء، و"أحيانًا" منصوب على الظرفية.

(كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل) بيان لقوله: "وأحيانًا يعجل".

(وإذا رآهم قد أبطئوا أخر) بيان لقوله: "أحيانًا يؤخرها" ففي الكلام لف ونشر مشوش.

(والصبح كانوا

أو كان

) قال الكرماني: الشك من الراوي عن جابر (محمد بن عمرو بن الحسن بن علي).

(قال: قلت: آنت سمعته) أي قال شعبة: قلت لسيار بن سلامة مستوثقًا من السماع: أأنت يا سيار سمعت أباك بأذنك يسأل أبا برزة؟ .

(فقال: كأنما أسمعك الساعة) أي فقال: نعم سمعته سماعًا مؤكدًا مشبهًا سماعي لك الآن في اليقين والتأكد.

(كان لا يبالي بعض تأخيرها) أصل الكلام: كان لا يبالي بتأخير العشاء بعض تأخير.

(ثم لقيته بعد فسألته) أي عن وقت الظهر الذي كان يصلي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأن شعبة اكتفى بوقت العشاء في اللقاء الأول، وكأنه كان سؤال الساعة المطلوب وفي اللقاء الثاني سأل عن وقت الظهر.

ص: 359

(يذهب الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية) هي في معنى "نقية" السابق تفسيرها، وحياة الشمس عبارة عن بقاء حرها وبقاء لونها.

(فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه) في الرواية الثامنة "وكان ينصرف حين يعرف بعضنا وجه بعض" والمعنى واحد، وهو أنه ينصرف، أي يسلم في أول ما يمكن أن يعرف بعضنا وجه من يعرفه، ولا يعارض هذا الإخبار بعدم معرفة النساء، لأن معرفة وجه الجليس بناء عن رؤية من قرب، وعدم معرفة النساء بناء عن رؤية من بعد، والوقت واحد.

(وكان يقرأ بالستين إلى المائة) أي يقرأ بسورة بعد الفاتحة يتراوح عدد آياتها بين الستين آية وبين المائة آية.

-[فقه الحديث]-

التغليس بصلاة الفجر بمعنى صلاتها في أول وقتها مع بقايا ظلمة الليل أفضل من تأخيرها عند مالك والشافعي وأحمد، والإسفار بمعنى تأخيرها إلى بداية ضوء النهار أفضل من تعجيلها عند الحنفية.

والرواية الرابعة وفيها: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يغلس" والأولى والثانية والثالثة، وفيها "أن النساء كن يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن إلى بيوتهن بعد الصلاة ولا يعرفن من تغليس النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة" دليل للجمهور في أفضلية التعجيل والمبادرة بصلاة الصبح في أول الوقت، وأصرح من هذا دلالة للجمهور ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود "أنه صلى الله عليه وسلم أسفر بالصبح مرة، ثم كانت صلاته بعد بالغلس حتى مات، لم يعد إلى أن يسفر".

واستدل الحنفية بما رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي من حديث رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر بل ذهب بعض الحنفية أن هذا الحديث ناسخ للصلاة في الغلس، والقول بالنسخ بعيد جدًا كما يقول المحققون، فقد حافظ على التغليس أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. وقد حمل الشافعي وغيره هذا الحديث على أن المراد بالإسفار المطلوب التحقق من طلوع الفجر، وحمله الطحاوي على أن المراد به الأمر بتطويل القراءة في صلاة الصبح حتى يخرج من الصلاة مسفرًا، أي يشرع في الغلس ويمد الصلاة إلى وقت الإسفار، فليس فيه دليل للحنفية على البدء في الصلاة عند الإسفار، كما استدلوا من روايات الباب بقوله في الرواية السادسة "فينصرف الرجل فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه" وفي الرواية الثامنة "وكان ينصرف حين يعرف بعضنا وجه بعض" والحق أن هاتين الروايتين دليل للجمهور لا للحنفية، لأنهما تصرحان بأن انتهاء الصلاة كان عند بداية الإسفار وتصرحان بأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح من الآيات بما بين الستين إلى المائة" مما يؤكد أنه كان يبتدئ صلاة الصبح بغلس.

ص: 360

ومن هنا قال ابن عبد البر: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون، ومحال أن يتركوا الأفضل، ويأتوا الدون، وهم النهاية في إتيان الفضائل. اهـ.

هذا وقد روي عن أحمد رحمه الله أن الاعتبار بحال المأمومين، فإن أسفروا فالأفضل الإسفار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في العشاء، فكذلك في الفجر وهذه الرواية غير المعتمد في المذهب، وقياس الفجر على العشاء قياس مع الفارق الكبير. واللَّه أعلم.

-[ويؤخذ من الأحاديث]-

1 -

من الرواية الأولى والثانية والثالثة جواز حضور النساء صلاة الجماعة في المسجد بالليل، قال النووي: وهو إذا لم يخش فتنة عليهن وبهن.

2 -

ويؤخذ منها أيضاً لزوم تستر النساء حتى مع استبعاد رؤية الرجال لهن فإنهن كن يتلفعن بمروطهن مع أن الغلس مانع من معرفتهن.

3 -

أنه يستحب للنساء إذا حضرن الجماعة في المسجد أن يسرعن عقب الصلاة بالانصراف إلى بيوتهن قبل أن ينصرف الرجال.

4 -

ومن الرواية الرابعة استحباب المبادرة بالصلاة في أول الوقت إلا ما نص الشارع على تأخيره كالإبراد بالظهر، وتأخير العشاء، وقد مر قريبًا الكلام فيهما.

5 -

مدى حرص التابعين على الحفاظ على السنة والشريعة، وذلك حين أخر ولاة بني أمية الصلاة عن أول وقتها قام التابعون بالسؤال والتنبيه.

6 -

ومن قوله في الرواية السادسة "آنت سمعته"؟ حرصهم على الاستيثاق من الرواية، ويؤخذ من الرد التوثيق والتأكيد.

7 -

ويؤخذ من الرواية السادسة والثامنة مقدار القراءة المستحب في صلاة الفجر (ما بين الستين والمائة).

8 -

ومن الرواية السادسة والسابعة والثامنة كراهة النوم قبل صلاة العشاء. قال النووي: وسبب الكراهة أنه يعرضها لفوات وقتها باستغراق النوم، أو لفوات وقتها المختار والأفضل، ولئلا يتساهل الناس في ذاك فيناموا عن صلاتها جماعة. اهـ.

وممن قال بالكراهة عمر رضي الله عنه "فقد روي أنه كتب: لا ينام قبل أن يصلي العشاء فمن نام فلا نامت عيناه. وكره ذلك أبو هريرة وابن عباس وكثير من السلف، ومالك والشافعية ورخص فيه علي وابن مسعود والكوفيون، وقال الطحاوي: يرخص فيه بشرط أن يكون معه من يوقظه.

وقال الترمذي: كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء، ورخص بعضهم فيه في رمضان خاصة.

ص: 361

قال الحافظ ابن حجر: ومن نقلت عنهم الرخصة قيدت عنهم في أكثر الروايات بما إذا كان له من يوقظه أو عرف من عادته أنه لا يستغرق وقت الاختيار بالنوم، وهذا جيد حيث قلنا: إن علة النهي خشية خروج الوقت. اهـ

9 -

ويؤخذ من الروايات نفسها كراهة الحديث بعد صلاة العشاء، قال النووي: سبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل أو الذكر فيه، أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز، أو في وقتها المختار، أو الأفضل، لأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين والطاعات ومصالح الدنيا. قال العلماء: والمكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه، وذلك كمدارسة العلم وحكايات الصالحين ومحادثة الضيف والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم، والحديث في الإصلاح بين الناس والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإرشاد إلى مصلحة، ونحو ذلك، فكل هذا لا كراهة فيه، وقد جاءت أحاديث صحيحة ببعضه، والباقي في معناه، والمراد بكراهة الحديث بعد العشاء كراهته بعد صلاتها، لا بعد دخول وقتها. اهـ

وقال الحافظ ابن حجر: يفرق بين الليالي الطوال والقصار، ويمكن أن تحمل الكراهة على الإطلاق حسماً للمادة، لأن الشيء إذا شرع لكونه مظنة قد يستمر.

واللَّه أعلم

ص: 362