المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌61 - باب التوقيت في المسح - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٢

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌48 - باب في التسمية على الوضوء

- ‌49 - باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌50 - باب يحرك يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌51 - باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌52 - باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا

- ‌53 - باب الوضوء مرتين

- ‌54 - باب الوضوء مرة مرة

- ‌57).***55 -باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق

- ‌56 - باب في الاستنثار

- ‌57 - باب تخليل اللحية

- ‌58 - باب المسح على العمامة

- ‌ وفي المسح على العمامة أحاديث صحيحة

- ‌59 - باب غسل الرجلين

- ‌60 - باب المسح على الخفين

- ‌61 - باب التوقيت في المسح

- ‌62 - باب المسح على الجوربين

- ‌63 - باب كيف المسح

- ‌64 - باب في الانتضاح

- ‌66).***65 -باب ما يقول الرجل إذا توضأ

- ‌باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد

- ‌66 - باب تفريق الوضوء

- ‌67 - باب إذا شك في الحدث

- ‌68 - باب الوضوء من القبلة

- ‌69 - باب الوضوء من مس الذكر

- ‌70 - باب الرخصة في ذلك

- ‌مس الذكر

- ‌71 - باب الوضوء من لحوم الإبل

- ‌72 - باب الوضوء من مس اللحم النيئ وغسله

- ‌73 - باب ترك الوضوء من مس الميتة

- ‌74 - باب في ترك الوضوء مما مست النار

- ‌75 - باب التشديد في ذلك

- ‌76 - باب في الوضوء من اللبن

- ‌77 - باب الرخصة في ذلك

- ‌78 - باب الوضوء من الدم

- ‌79 - باب الوضوء من النوم

الفصل: ‌61 - باب التوقيت في المسح

عبد الرحمن بن أبي نعم، عن المغيرة به، ولم يتابع عليه، وقد روي حديث المغيرة في المسح على الخفين بأسانيد صحيحة كالشمس من طرق كثيرة، وليس في شيء منها شيء من هذا السياق سوى أصله، وهو المسح على الخفين [راجع أول هذا الباب، الأحاديث رقم (149 - 152)]، مما يدل على أن بكير بن عامر لم يحفظه ولم يضبطه؛ لذا جزمت بِردِّه وتضعيفه؛ بخلاف حديثه الآخر الذي توبع عليه، والله أعلم.

وانظر فيمن وهم فيه على بكير بن عامر: علل الدارقطني (7/ 113/ 1242).

فإن قيل: له طريق أخرى عند ابن عدي بنفس هذا السياق:

فيقال: هي طريق واهية بمرة، يرويها عمرو بن جميع الحلواني، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن المغيرة بن شعبة، قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح، فقلت: نسيت يا رسول الله؟ فقال: "بل أنت نسيت، هكذا أمرني ربي عز وجل".

أخرجه ابن عدي (5/ 112).

قلت: وهذا حديث باطل من حديث الأعمش، فإن الأعمش يروي حديث المغيرة بن شعبة: عن مسلم أبي الضحى، عن مسروق، عن المغيرة بن شعبة، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر

الحديث، هكذا رواه عنه ثقات أصحابه، وأخرجه الشيخان، وتقدم ذكره تحت الحديث رقم (151).

وأما هذا فقد تفرد به عنه: عمرو بن جميع قاضي حلوان، وهو: منكر الحديث، متهم بالوضع [اللسان (6/ 196)]، والله أعلم.

***

‌61 - باب التوقيت في المسح

157 -

. . . شعبة، عن الحكم وحماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المسح على الخفين: للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة".

• في إسناده انقطاع، وهو صحيح بشواهده.

أخرجه النسائي في الإغراب، الجزء الرابع منه (135)، وابن الجارود (86)، وأحمد (5/ 213 و 214 و 215)، والطيالسي (1315)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (178)، والطحاوي (1/ 81 و 82) وفي بعض طرقه عنده عن الحكم وحده. والطبراني في الكبير (4/ 95/ 3763)، وابن عدي (2/ 238)، والبيهقي (1/ 278)، والمزي في التهذيب (34/ 25).

واختلف فيه على شعبة:

1 -

فرواه غندر محمَّد بن جعفر، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي،

ص: 209

وأبو الوليد الطيالسي، وعفان بن مسلم، وعلي بن الجعد، وآدم بن أبي إياس، وعمرو بن مرزوق، وعيسى بن يونس، وحجاج، وحفص بن عمر الحوضي، وعاصم بن علي، وبشر بن عمر الزهراني [وهم ثلاثة عشر رجلًا من الثقات]: كلهم عن شعبة به هكذا.

2 -

ورواه غندر أيضًا: حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت إبراهيم التيمي، يحدث عن الحارث بن سويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثة أيام -أحسبه قال: ولياليهن- للمسافر في المسح على الخفين".

أخرجه ابن ماجه (554)، وأحمد (5/ 213)، والطبراني في الكبير (4/ 94/ 3759 و 3760)، والبيهقي (1/ 278)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 920/ 2374).

تنبيه: وقع عند الطبراني (3760): حدثنا معاذ بن المثنى: ثنا أبي: ثنا شعبة، مما يوهم بأن غندرًا قد توبع عليه، تابعه المثنى بن معاذ، لكن لا يصح هذا، فإن المثنى بن معاذ لم يدرك شعبة، فقد ولد بعد وفاة شعبة بقرابة سبع سنين، وإنما يروي عنه بواسطة غندر وغيره، مما يجزم معه بسقوط غندر من الإسناد؛ لأنه هو الذي تفرد به عن شعبة بهذا الوجه، والله أعلم.

3 -

ورواه عبد الله بن رجاء [الغداني البصري، وهو: صدوق يهم قليلًا. التقريب (505)]، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم وحماد ومغيرة ومنصور، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخفين: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة".

هكذا رواه أسيد بن عاصم [قال ابن أبي حاتم: "سمعنا منه، وهو ثقة رضا". الجرح والتعديل (2/ 318)، طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 19)، السير (12/ 378)] عن عبد الله بن رجاء به.

أخرجه الطبراني في الصغير (2/ 273/ 1154)، وعنه: أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 327)، وابن المظفر في حديث شعبة (48).

قال الطبراني: "لم يروه عن شعبة ومغيرة ومنصور [كذا، والصواب: عن شعبة عن مغيرة ومنصور] إلا عبد الله بن رجاء، تفرد به أسيد بن عاصم".

قلت: لم يتفرد به أسيد بن عاصم، فقد رواه وخالفه فيه: عبد الله بن الفضل الزعفراني [وهو الحسن بن الفضل بن السمح، روى عنه الباغندي فغير اسمه وسماه عبد الله، قال أبو الحسين ابن المنادى: "أكثر الناس عنه، ثم انكشف فتركوه، وخرقوا حديثه"، وقال ابن حزم بأنه مجهول. المحلى (9/ 296)، موضح أوهام الجمع (1/ 554)، تاريخ بغداد (7/ 401)، الميزان (1/ 517)، اللسان (2/ 303)]، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء: حدثنا شعبة، عن منصور والأعمش ومغيرة، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على خفيه.

أخرجه الخطيب في الموضح (1/ 554).

ص: 210

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن رواية غندر وعبد الله بن رجاء: وهم، والصواب: رواية الجماعة، لا سيما وفيهم من أثبت أصحاب شعبة: ابن مهدي وأبو داود الطيالسي، وقد وافقهم غندر على الصواب، ومما يؤكد وهم غندر في هذه الرواية: قول ابن أبي حاتم في العلل (1/ 22/ 31): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سعيد بن مسروق، وسلمة بن كهيل، ومنصور بن المعتمر، والحسن بن عبيد الله، كلهم: روى عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين"، فهذا مما يؤكد أن سلمة بن كهيل إنما يرويه: عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، كالجماعة، وليس كما يرويه عن شعبة عنه: غندر.

• إذا تبين هذا، وهو أن المحفوظ عن شعبة: عن الحكم وحماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة.

فالحكم: هو ابن عتيبة، وحماد: هو ابن أبي سليمان، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.

• تابع شعبة عليه عن الحكم وحده:

الحجاج بن أرطأة [صدوق كثير الخطأ والتدليس، وقد عنعنه]، وسفيان بن حسين [ثقة]، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [صدوق سيء الحفظ جدًّا]:

ثلاثتهم عن الحكم، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين:"للمسافر ثلاثة أيام -زاد حجاج وابن أبي ليلى: ولياليهن-، وللمقيم يوم وليلة -زاد ابن أبي ليلى وحده: يمسح على خفيه إذا أدخلهما وقدماه طاهرتان-".

أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 100/ 3790 - 3792).

والزيادة الأخيرة منكرة من حديث خزيمة؛ لتفرد ابن أبي ليلى بها.

• وتابع شعبة عليه عن حماد بن أبي سليمان وحده:

هشام بن أبي عبد الله الدستوائي [ثقة ثبت]، وسفيان الثوري [ثقة ثبت حجة، إمام فقيه]، وحماد بن سلمة [ثقة]، ومسعر بن كدام [ثقة ثبت، لكن لا يصح عنه، فالراوي عنه: خنيس بن بكر بن خنيس: ضعيف. تاريخ بغداد (8/ 341)، اللسان (2/ 502)][وقد تفرد به عن مسعر، قاله الطبراني في الصغير (1061)]، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت الإمام [ضعيف]، وأبو بكر النهشلي [صدوق]، وغيلان بن جامع [ثقة]، ومحمد بن أبان بن صالح القرشي [ضعيف. اللسان (5/ 38)]، وأبو سلمة الكندي عثمان بن مقسم البري [متروك، كذبه جماعة. راجع الحديث السابق برقم (132)]، وأبو سنان الشيباني الأصغر سعيد بن سنان [صدوق له أوهام. التقريب (381)]، وعمرو بن قيس الملائي [ثقة متقن، لكن الإسناد إليه ضعيف، فيه محمَّد بن حميد الرازي: وهو ضعيف]، ورقبة بن مصقلة [ثقة]، وإبراهيم بن ميمون الصائغ [صدوق]، والحسن بن صالح [يظهر لي أنه: ابن حي، فإن كان

ص: 211

هو، فهو ثقة]، وأبو خالد الدالاني يزيد بن عبد الرحمن [صدوق له أوهام]، وعفير بن معدان [ضعيف]، وعمرو بن صالح [ولم يتميز لي]:

وهم سبعة عشر رجلًا [ولم يصح عن اثنين منهم، فيبقى خمسة عشر، منهم أربعة من الضعفاء، وعشرة في عداد الثقات]: رووه كلهم عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في المسح على الخفين: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه أحمد (5/ 213 و 214)، ومحمد بن الحسن الشيياني في الحجة (1/ 27 و 30)، وعبد الرزاق (1/ 203/ 791)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 162/ 1863)، وفي المسند (17)، والطحاوي (1/ 81 و 82)، وابن الأعرابي في المعجم (1503)، والطبراني في الكبير (4/ 95 - 99/ 3762 - 3780 و 3789)، وفي الصغير (2/ 220/ 1061)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (86 و 155 و 173)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 354)، وتمام في فوائده (877)، وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة (86 - 87)، وفي معرفة الصحابة (2/ 918/ 2371)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 381 و 382) و (8/ 341) و (11/ 292)، وفي الموضح (2/ 298 - 299).

• وقد تابع الحكم وحماد عليه عن إبراهيم النخعي:

علي بن الحكم البناني البصري [ثقة]، وشعيب بن الحبحاب [بصري، ثقة]، وأبو معشر زياد بن كليب [كوفي ثقة]، والحارث بن يزيد العكلي [كوفي، ثقة، والإسناد إليه غريب رجاله ثقات كوفيون]، ويزيد بن الوليد [روي عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 627)، التاريخ الكبير (8/ 366)، الجرح والتعديل (9/ 293)، تاريخ الدوري (3/ 410)، لكن الراوي عنه: إسماعيل بن مسلم المكي أبو إسحاق البصري، وهو: ضعيف الحديث]، وزكريا بن حكيم، أو: ابن يحيى، أبو يحيى الحبطي البدي [ضعيف جدًّا. اللسان (2/ 591)، وفي الإسناد إليه من تكلم فيه أيضًا]:

ستتهم عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أحمد (5/ 214 و 215)، والطحاوي (1/ 82)، وأبو محمَّد الفاكهي في فوائده (165)، والطبراني في الكبير (4/ 98 - 99/ 3781 - 3788)، وفي الأوسط (3/ 241/ 3035) و (5/ 154/ 4924) و (8/ 190/ 8363)، وابن عدي في الكامل (3/ 213) و (3/ 142)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (407)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 244).

وانظر فيمن فحش خطؤه: المعجم الأوسط للطبراني (7/ 153/ 7135).

• وفي هذا الإسناد انقطاع:

قال شعبة: "لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدلي: حديث خزيمة بن ثابت في المسح"[المراسيل (16 و 17)، جامع الترمذي (96)، علل الترمذي الكبير (64)، سنن البيهقي (1/ 278)].

ص: 212

لذا قال الترمذي في الجامع: "وقد روى الحكم بن عتيبة وحماد، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت: ولا يصح".

***

قال أبو داود: رواه منصور بن المعتمر، عن إبراهيم التيمي بإسناده، قال فيه: ولو استزدناه لزادنا.

قلت: اختلف فيه على منصور:

1 -

فرواه زائدة بن قدامة، وجرير بن عبد الحميد، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي:

أربعتهم [وهم ثقات أثبات] رووه عن منصور، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة به وزادوا: ولو استزدناه لزادنا.

ونسوق لفظ زائدة بن قدامة لما فيه من فائدة:

قال زائدة: سمعت منصورًا يقول: كنا في حجرة إبراهيم النخعي، ومعنا إبراهيم التيمي، فذكرنا المسح على الخفين، فقال إبراهيم التيمي: ثنا عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، قال: جعل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، ولو استزدته لزادنا، يعني: المسح على الخفين للمسافر.

أخرجه الترمذي في العلل الكبير (64)، وابن حبان (4/ 161/ 1332)، وأبو عوانة (1/ 220/ 725)، وأحمد (5/ 213)، والحميدي (1/ 207/ 424)، والطحاوي (1/ 81)، والطبراني في الكبير (4/ 93 و 94/ 3754 و 3755 و 3757)، والبيهقي في السنن الكبري (1/ 277)، وفي المعرفة (1/ 345/ 435)، والخطيب في الموضح (2/ 267).

2 -

ورواه وكيع، عن سفيان الثوري، عن حماد ومنصور، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثًا، وللمقيم يوم وليلة.

أخرجه أحمد (5/ 214)، والطبراني في الكبير (4/ 99/ 3789).

فوهم وكيع -والله أعلم- حيث حمل حديث منصور على حديث حماد بن أبي سليمان، فإن هذا حديث حماد الذي يرويه عن إبراهيم النخعي بدون الزيادة، وبإسقاط عمرو بن ميمون من الإسناد.

وإنما يرويه منصور عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة به وزاد فيه: ولو استزدناه لزادنا.

قال الإِمام أحمد: "هذا خطأ"، قال أبو القاسم الطبراني:"أراد أحمد بن حنبل أنه خطأ: حديث منصور عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي، والصواب من حديث منصور: حديث عمرو بن ميمون"[المعجم الكبير (4/ 100)].

ص: 213

3 -

ووهم فيه أيضًا: أبو الأحوص سلام بن سليم، فرواه عن منصور، عن إبراهيم التيمي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت الأنصاري، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر المسح ثلاثًا، [وللمقيم يومًا وليلة]، ولو استزدنا لزادنا.

أخرجه الطيالسي (1314)، والطبراني في الكبير (4/ 93 - 94/ 3756).

قال الطبراني: "أسقط أبو الأحوص من الإسناد عمرو بن ميمون".

وعلى هذا: فالصواب من حديث منصور: ما رواه عنه جماعة الحفاظ، والباقي إنما هو وهم.

• ولم ينفرد بذلك عن إبراهيم التيمي: منصور بن المعتمر [وهو: ثقة ثبت]، بل تابعه عليه أيضًا:

1 -

الحسن بن عبيد الله [بن عروة النخعي الكوفي، وهو: ثقة فاضل. التقريب (239)]، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الوضوء [وفي رواية: عن مسح الخف في الوضوء]؟ فقال: "ثلاثًا للمسافر، ويومًا [وليلة] للحاضر"، ولو استزاده الأعرابي لزاده، يعني: المسح على الخفين.

أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 3758/94)، والبيهقي (1/ 277)، والخطيب في التاريخ (9/ 147).

2 -

سعيد بن مسروق [الثوري، والد سفيان: ثقة]، واختلف عليه:

أ- فرواه عنه ابناه سفيان الثوري، وعمر الثوري، وأبو عوانة، وزائدة بن قدامة، وشريك بن عبد الله النخعي:

خمستهم [وهم ثقات أثبات، عدا شريك فإنه سيء الحفظ]، عن سعيد بن مسروق، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين: ثلاثة أيام للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم.

ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسًا. لفظ سفيان.

أخرجه الترمذي (95)، وابن ماجه (553) وسقط من إسناده خطأ: أبو عبد الله الجدلي. وابن حبان (4/ 158 و 159 و 162/ 1329 و 1330 و 1333)، وأحمد (5/ 214 و 215)، وعبد الرزاق (1/ 203/ 790)، والحميدي (435)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 162/ 1864)، وفي المسند (20)، وأبو الحسن الطوسي في الأربعين (5)، والحسن بن سفيان النسوي في الأربعين (20)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 438/ 463)، والطبراني في الكبير (4/ 92 و 9/ 93 374 - 3753)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 276 و 277)، وفي المعرفة (1/ 346/ 436 و 437)، والخطيب في التاريخ (14/ 286)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 358)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 208/ 235).

ب- وخالفهم عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي [متروك. التقريب (1199)]،

ص: 214

فرواه عن سعيد بن مسروق، عن عمرو بن مرة، عن عمرو بن ميمون، عن علي بن ربيعة الأسدي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، قال: كنا نمسح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكره بدون الزيادة.

أخرجه الخطيب في تالي تلخيص المتشابه (347).

وهذا إسناد باطل، تفرد به أبو مالك النخعي، وهو منكر الحديث، وخالف فيه ثقات أصحاب سعيد بن مسروق الثوري لا سيما أبناؤه، وفيهم إمام الحفاظ سفيان الثوري.

ج- وخالفهم أيضًا في الإسناد: المبارك بن سعيد [الثوري: ليس به بأس، ربما أخطأ. التهذيب (8/ 30)، الميزان (3/ 431)، الإكمال لمغلطاي (11/ 58)، التقريب (918)، وقال: "صدوق"]، فرواه عن أبيه سعيد بن مسروق، عن إبراهيم التيمي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت به، بنحو رواية أخيه سفيان.

أخرجه الطوسي في مختصر الأحكام (78)، وابن عساكر في التاريخ (16/ 358).

قال ابن عساكر: "كذا قال، وقد سقط منه عمرو بن ميمون بين إبراهيم وأبي عبد الله".

د- وخالفهم في المتن: عمار بن رزيق [لا بأس به]، فرواه عن سعيد بن مسروق، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين والخمار.

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 116/ 1432).

وقال: "لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن مسروق بهذا اللفظ إلا عمار، ورواه سفيان الثوري وأخوه عمر بن سعيد وأبو عوانة وأبو الأحوص وغيرهم، عن سعيد بن مسروق، [عن إبراهيم التيمي]، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت في المسح على الخفين: للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن".

فالصواب مما تقدم ما رواه الجماعة عن سعيد بن مسروق.

وهذه الزيادة: ولو استزدناه لزادنا: صحيحة من حديث إبراهيم التيمي.

3 -

وخالفهم: سلمة بن كهيل، قال: سمعت إبراهيم التيمي، يحدث عن الحارث بن سويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثة أيام -أحسبه قال: ولياليهن- للمسافر" في المسح على الخفين.

كذا رواه غندر عن شعبة عن سلمة به هكذا، بزيادة الحارث بن سويد، وهو وهم، والصواب أن رواية سلمة موافقة لرواية منصور بن المعتمر والحسن بن عبيد الله وسعيد بن مسروق، بدون زيادة الحارث بن سويد بين التيمي وعمرو بن ميمون، وتقدم ذكر هذه الطريق في الكلام على من وهم في حديث شعبة.

• وقد سأل ابن أبي حاتم أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث؟ فقال أبو زرعة:

ص: 215

"الصحيح من حديث إبراهيم التيمي: عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والصحيح من حديث النخعي: عن أبي عبد الله الجدلي، بلا عمرو بن ميمون"، وانظر قول أبي حاتم [العلل (1/ 22/ 31)].

• وله طريق آخر عن الجدلي:

يرويه ذَوَّاد بن عُلبة، عن مطرف بن طريف، عن الشعبي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في المسح على الخفين:"ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم للمقيم".

أخرجه الترمذي في العلل (65)، والطبراني في الكبير (4/ 94 - 95/ 3761)، وابن عدي (3/ 122)، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (340 - 341)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 919/ 2372 و 2373).

قال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: إنما روى هذا الحديث: ذَوَّاد بن علبة، عن مطرف، عن الشعبي، ولا أرى هذا الحديث محفوظًا. ولم يعرفه إلا من هذا الوجه".

وقال ابن عدي: "وهذا عن مطرف عن الشعبي: يعزُّ وجوده، رواه عن مطرف ذَوَّاد، ومما أظنه روى غير هذا، والحديث عن الشعبي: رواه الحكم وحماد ومغيرة ومنصور وغيرهم".

قلت: لعله تصحف هذا الكلام على النساخ، ولعل صوابه:"وما أظنه روى غير هذا الحديث عن الشعبي، ورواه الحكم وحماد ومغيرة ومنصور وغيرهم فلم يذكروا فيه الشعبي"، والله أعلم.

والخلاصة، فإنه حديث منكر، لتفرد ذَوَّاد بن عُلبة به، عن مطرف، عن الشعبي، وذَوَّاد: ضعيف. التقريب (313)[قال في الإكمال (3/ 337): "أوله ذال مفتوحة معجمة، وبعدها واو مشددة". وانظر: توضيح المشتبه (4/ 7)، تبصير المنتبه (2/ 556)].

• وقد روى هذا الحديث أيضًا: محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، واختلف عليه:

أ- فرواه زائدة بن قدامة، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة به مرفوعًا، وزاد:"يمسح على خفيه إذا أدخلهما وقدماه طاهرتان".

أخرجه الطبراني (3792).

وتقدم ذكر هذا الطريق فيمن تابع شعبة عن الحكم.

ب- ورواه عيسى بن المختار، عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر، عن خزيمة به مرفوعًا بالزيادة.

أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 83/ 3713) بدون الزيادة. وابن عدي في الكامل (6/ 187)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 920 / 2376)، وابن عساكر (16/ 358).

ص: 216

تنبيه: وقع في رواية الطبراني: "عن عبد الرحمن بن أبي ليلى"، وهو وهم من الرواي، فلعله كان في رواية شيخه:"عن ابن أبي ليلى"، فظن أنه عبد الرحمن، فسماه من قبل نفسه، ولا يصح هذا، فإن الذي يروي عن أبي الزبير المكي، ويروي عنه عيسى بن المختار، إنما هو محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الرحمن بن أبي ليلى: تابعي كبير من الطبقة الثانية، وأما أبو الزبير المكي فإنه تابعي صغير من الطبقة الرابعة، ومما يؤكد أنه من رواية محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن ابن عدي ساق الحديث في ترجمته.

ج- ورواه عبد العزيز بن المطلب، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن خزيمة به مرفوعًا بدون الزيادة.

أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 91/ 3747)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 920/ 2375).

وهذا الاختلاف إما أن يقال فيه: إنما هو من ابن أبي ليلى، اضطرب فيه لسوء حفظه، وإما أن يقال: بأن القول فيه قول زائدة بن قدامة، فإنه ثقة ثبت متقن، وأما الآخران: فإنهما يشملهما اسم الستر والصدق، وهما صدوقان في الجملة، ولا يدانيان بحالٍ رتبة زائدة في الحفظ والإتقان، وهذا ما أميل إليه بقرينة أن رواية زائدة هي الموافقة لرواية الجماعة الذين رووا هذا الحديث، وأن هذا الحديث لا يعرف إلا بأبي عبد الله الجدلي راويه عن خزيمة بن ثابت، ولا يعرف بطريق صحيح من غير طريقه.

وأيًّا كان فإن الروايتين الأخيرتين لا تصلحان للاعتبار، ولا يقال بأنهما طريقان آخران للحديث، فإنما هو اضطراب من ابن أبي ليلى تسقط به الرواية ولا يعتبر بها، وإما أن يكون المحفوظ فيه عن ابن أبي ليلى ما رواه عنه زائدة الثقة المثبت، ووافق فيه الجماعة، وهذا ما أميل إليه، فتكون الروايتان الأخيرتان: منكرتين، فتخرجان في الحالين عن حد الاعتبار، والله أعلم.

• وعلى هذا فالمحفوظ في هذا الحديث:

إنما هو حديث إبراهيم النخعي، وهي رواية منقطعة؛ لعدم سماع إبراهيم من أبي عبد الله الجدلي، كما قال شعبة.

وحديث إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت:

وقد اختلف الأئمة في الحكم على هذا الحديث من هذا الطريق: قال ابن معين [في رواية ابن طهمان (207)]: "حديث خزيمة في المسح: صحيح، وحديث القاسم بن مخيمرة وهو ثقة شامي"، يعني: حديث علي بن أبي طالب الآتي ذكره في الشواهد.

وقال العقيلي: "وفي التوقيت أحاديث ثابتة عن خزيمة بن ثابت، وغيره"[الضعفاء الكبير (2/ 146)].

وقال الترمذي في الجامع (95) بعد رواية: أبي عوانة، عن سعيد بن مسروق، عن

ص: 217

إبراهيم التيمي: "وذُكر عن يحيى بن معين أنه صحح حديث خزيمة بن ثابت في المسح، وأبو عبد الله الجدلي: اسمه عبد بن عبد، ويقال: عبد الرحمن بن عبد"، ثم قال:"هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب: عن علي، وأبي بكرة، وأبي هريرة، وصفوان بن عسال، وعوف بن مالك، وابن عمر، وجرير".

وعلى هذا، فالحديث قد صححه: ابن معين والترمذي والعقيلي وابن حبان وابن الجارود وأبو عوانة وسكت عليه أبو داود.

• إلا أن الترمذي نقل عن البخاري تضعيفه في العلل الكبير (64)، فقال: "سألت محمَّد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقال: لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح؛ لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي سماع من خزيمة بن ثابت.

وكان شعبة يقول: لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدلي حديث المسح.

وحديث عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي: هو أصح وأحسن.

وذكر عن يحيى بن معين أنه قال: حديث خزيمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: حديث صحيح".

فالحديث رجاله ثقات، وقد صححه جمع من الأئمة كما ترى.

وأما إعلال البيهقي له بالاضطراب، حيث قال في المعرفة (1/ 347):"إسناده مضطرب"، فمردود، إذ هو سالم من دعوى الاضطراب، وقد بين ذلك أبو زرعة كما تقدم ذكر كلامه.

وأما تضعيف ابن حزم للحديث بقوله في عبد بن عبد أبي عبد الله الجدلي: "صاحب راية الكافر المختار، ولا يعتمد على روايته"، فمردود أيضًا، فإن أبا عبد الله الجدلي: وثقه أحمد وابن معين وغيرهما، فهو ثقة في روايته [التهذيب (10/ 170)، التقريب (1170)]، وأما قوله:"صاحب راية المختار" فلينظر في الرد عليه: التهذيب (10/ 170)، الإِمام لابن دقيق العيد (2/ 191).

وراجع كلام ابن دقيق العيد في تصحيحه لهذا الحديث في الإمام (2/ 180 - 191)، ونقله الزيلعي في نصب الراية (1/ 175)، وانظر: شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي.

قال الإِمام أحمد بأن هذا الحديث مما يحتج به من قال بعدم التوقيت، قال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1827): "قلت لأبي عبد الله: أي شيء أذهبَ أهلَ المدينة في المسح أكثر من ثلاث، ويوم وليلة؟ قال: لهم فيه أثر.

وقال لي أبو عبد الله أحمد بن حنبل: حديث خزيمة مما لعله أن يدل على -يعني: حجة لهم- قوله: ولو استزدته لزادني".

• قلت: لا حجة لهم فيه، إذ كيف تثبت الأحكام بالظنون، وما ظنه الصحابي لم يقع، فكيف نتعبد به، وهو مخالف لما صح من أحاديث التوقيت.

قال الخطابي في المعالم (1/ 52): "ولو ثبت لم يكن فيه حجة؛ لأنه ظن منه وحسبان، والحجة إنما تقوم بقول صاحب الشريعة، لا بظن الراوي".

ص: 218

وقال ابن سيد الناس في شرح الترمذي [النفح الشذي (2/ 355)]: "لو ثبت لم تقم به حجة، إلا على التوقيت المنصوص عليه فيه؛ لأن الزيادة فيه على ذلك التوقيت مظنونة، أنهم لو سألوا لزادهم، وهذا صريح في أنهم ما سألوا ولا زيدوا، فكيف تثبت زيادة بخبر دل على عدم وقوعها؟ "، وانظر: نيل الأوطار (1/ 288).

وقال البغوي في شرح السُّنَّة (1/ 333): "وقوله: "ولو استزدنا لزادنا" ظن منه لا يجوز ترك اليقين به".

وضعفه النووي في المجموع (1/ 509) من وجهين، ثم قال:"ولو صح، لم تكن فيه دلالة؛ لأنه ظن أن لو استزاده لزاده، والأحكام لا تثبت بهذا".

قلت: الزيادة ثابتة من حديث إبراهيم التيمي بإسناد رجاله ثقات، إلا أنا لا نحتج بها لما قال ابن سيد الناس، ولأنا غير متعبدين بظن صحابي خالفته نصوص صحيحة في التوقيت للمسافر بثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة بغير زيادة.

وحديث خزيمة صحيح بشواهده، فقد صح في التوقيت أحاديث، أصحها حديث علي بن أبي طالب، وصفوان بن عسال:

1 -

حديث علي بن أبي طالب:

يرويه شريح بن هانيء، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين؟ فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم.

رواه عن شريح: القاسم بن مخيمرة، والمقدام بن شريح، وهذا لفظ القاسم.

أخرجه مسلم (276)، وأبو عوانة (1/ 219 - 220/ 718 - 724)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 330/ 633 - 635)، والنسائي في المجتبى (1/ 28/ 184 و 129)، وفي الرابع من الإغراب (115)، وابن ماجه (552)، والدارمي (1/ 195/ 714)، وابن خزيمة (1/ 98/ 194 و 195)، وابن حبان (4/ 151 و 157 و 160/ 1322 و 1327 و 1331)، وأحمد (1/ 96 و 100 و 113 و 117 و 120 و 133 و 134 و 146 و 149)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 28 و 29)، والطيالسي (93)، وعبد الرزاق (1/ 202 و 203/ 788 و 789)، والحميدي (46)، وابن أبي شيبة (1/ 162/ 1866)، وأبو يعلى في المسند (1/ 423/ 560)، وفي المعجم (5)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2556)، والطحاوي (1/ 81 و 84)، وابن المنذر (1/ 426 و 430 و 436/ 435 و 440 و 459)، والطبراني في الأوسط (2/ 150/ 1541) و (5/ 237 و 299/ 5190 و 5367)، وأبو جعفر القطيعي في جزء الألف دينار (65 و 139 - 141)، وابن الغطريف في جزئه (3)، والدارقطني في العلل (3/ 237 و 237)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 252)، والبيهقي في السنن (1/ 272 و 275 و 277 و 282)، وفي المعرفة (1/ 428/343 - 435)، وابن عبد البر (11/ 142 و 153 - 154)، والخطيب في تاريخه (11/ 246 - 247)، والبغوي

ص: 219

في شرح السُّنَّة (1/ 332/ 238)، وقال:"صحيح". والجوزقاني في الأباطيل (373)، وقال:"صحيح". وابن الجوزي في التحقيق (1/ 207/ 233)، وابن دقيق العيد في الإمام (2/ 157).

وقد اختلف في رفعه ووقفه، والمرفوع: صحيح، وقد صحح المرفوع: مسلم، وابن خزيمة، وابن حبان، وأبو عوانة، والبغوي، والجوزقاني، والدارقطني، وقال في العلل (3/ 235):"ورفعه صحيح، لاتفاق أصحاب الحكم الحفاظ الذين قدمنا ذكرهم عن الحكم على رفعه، والله أعلم".

وقال البيهقي في السنن (1/ 276): "حديث شريح بن هانيء عن علي: أصح ما روي في هذا الباب عند مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى".

• وله أسانيد أخرى عن عليٍّ به مرفوعًا، إما ضعيفة، وإما واهية:

أخرجها: الطحاوي (1/ 83)، والطبراني في الأوسط (5/ 284/ 5327)، وتمام في الفوائد (78).

2 -

حديث صفوان بن عسال:

يرويه عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن صفوان به في حديث طويل.

قال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 140): "حديث صفوان: مشهور من رواية عاصم

عن زر: من طرق كثيرة إليه، وهو بكماله يتضمن قصة المسح، وفضل طلب العلم، وأمر التوبة، وأمر الهوى، فمن الطرق ما يقتصر فيه على البعض منها، وذكر أنه رواه عن عاصم أكثر من ثلاثين من الأئمة".

قلت: قد رواه عن عاصم بطوله وفقراته الأربع: جماعة من الأئمة، نختار منهم رواية سفيان بن عيينة التي رواها عنه الإمام أحمد بن حنبل، حيث يقول في مسنده (4/ 240):"حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عاصم، سمع زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي، فقال: ما جاء بك؟ فقلت: ابتغاء العلم، قال: "فإن الملائكة تضع أجنحنها لطالب العلم رضا بما يطلب".

قلت: حك في نفسى مسح على الخفين -وقال سفيان مرة: أو: في صدري- بعد الغائط والبول، وكنتَ امرأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأتيتك أسألك: هل سمعت منه في ذلك شيئًا؟ قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفرًا -أو: مسافرين-: أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم.

قال: قلت له: هل سمعته يذكر الهوى؟ قال: نعم، بينما نحن معه في مسيرة إذ ناداه أعرابي بصوت جَهْوَرِيٍّ، فقال: يا محمَّد! فقلنا: ويحك، اغضض من صوتك، فإنك قد نهيت عن ذلك، فقال: والله لا أغضض من صوتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هاؤم" وأجابه على نحو من مسألته، -وقال سفيان مرة: وأجابه نحوًا مما تكلم به-، فقال: أرأيت رجلًا أحب قومًا ولما يلحق بهم؟ قال: "هو مع من أحب" [وفي رواية ابن عيينة عند

ص: 220

الترمذي (3535) وغيره: قال الأعرابي: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب يوم القيامة"].

قال: ثم لم يزل يحدثنا، حتى قال:"إن من قِبَل المغرب لبابًا مسيرة عرضه سبعون -أو: أربعون- عامًا فتحه الله عز وجل للتوبة يوم خلق السمارات والأرض، ولا يغلقه حتى تطلع الشمس منه".

وفي رواية الحميدي (881)، عن ابن عيينة: ثم لم يزل يحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال: "إن من قبل المغرب لبابًا

" الحديث.

وهكذا روى أبو داود الطيالسي هذا الحديث بتمامه؛ إلا أنه فرقه أربعة أحاديث، رواه عن شعبة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وهمام: أربعتهم به عن عاصم، بنحو مما تقدم من رواية ابن عيينة؛ إلا أنهم قالوا في الأخير: عن عاصم عن زر بن حبيش قال: ما برح صفوان يحدثني حتى ذكر: باب التوبة من قبل المغرب، عرضه أربعون عامًا -أو: مسيرة أربعين عامًا- لا يزال مفتوحًا حتى تطلع الشمس من قبله، وذلك قوله:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158].

كذا في رواية الطيالسي عن حماد بن زيد: "مسيرة أربعين عامًا"، ويبدو أنه حمل لفظ ابن زيد على لفظ غيره، وإلا فقد رواه جماعة عن حماد بن زيد فقالوا فيه:"مسيرة سبعين عامًا"، كما عند الترمذي (3536)، وأحمد (4/ 241) وغيرهما.

وحديث صفوان بن عسال هذا قد أخرجه بتمامه -أعني: بأطرافه الأربعة-، أو طرفًا منه، أو أكثر على سبيل الإجمال:

البخاري في التاريخ الكبير (3/ 170)، والترمذي (96 و 2387 و 3535 و 3536)، وأبو على الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(79)، والنسائي في المجتبى (1/ 83 و 84/ 126 و 127) و (1/ 98/ 158 و 159)، وفي الكبرى (1/ 124 و 131 و 132/ 131 و 144 و 145) و (10/ 97/ 11114)، والدارمي (1/ 113/ 357)، وابن ماجه (226 و 478 و 4070)، وابن خزيمة (1/ 13 و 97 و 99/ 17 و 193 و 196)، وابن حبان في الصحيح (1/ 285/ 85) و (2/ 322/ 562) و (3/ 381/ 1100) و (4/ 148 - 150 و 155/ 1319 - 1321 و 1325)، وفي روضة العقلاء (33)، وابن الجارود (4)، والضياء في المختارة (8/ 31 - 37/ 21 - 30)، وأحمد في المسند (4/ 239 و 240 و 241)، وفي العلل ومعرفة الرجال (1/ 153)، والشافعي في الأم (1/ 34 - 35)، وفي المسند (17 - 18)، والطيالسي (1261 - 1264)، وعبد الرزاق (1/ 204 - 206/ 792 و 793 و 795)، والحميدي (2/ 389/ 881)، وسعيد بن منصور (5/ 119/ 940)، ونعيم بن حماد في الفتن (1850)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 162/ 1867) و (5/ 284/ 26112)، وفي المسند (879)، وأبو خيثمة زهير بن حرب في العلم (5)، والحسين المروزي في زيادات الزهد على ابن المبارك (1096)، ومحمد بن عاصم الثقفي الأصبهاني في جزئه (55)،

ص: 221

وزكرويه زكريا بن يحيى المروزي في جزئه عن ابن عيينة (47)، والفسوي يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 400)، وابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 406 - 408 و / 410 14211 و 14213 و 14221 و 14222 و 14223 و 14247)، والدولابي في الكنى (2/ 555/ 1000)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2709)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2587)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 132 و 142/ 18 و 34)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 82)، وفي المشكل (9/ 62 و 63/ 3440 و 3441)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 12 - 13)، والمحاملي في الأمالي (216)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 713 و 777/ 1449 و 1582)، وأبو العباس الأصم في جزء من حديثه (29 - رواية أبي الحسن الطرازي)، وابن قانع في المعجم (2/ 11)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(593)، والآجري في أخلاق العلماء ص (38)، والطبراني في الكبير (8/ 56 - 67/ 7351 - 7388)، وفي الأوسط (1/ 10 - 11/ 91) و (2/ 28 و 231/ 1124 و 1831) و (3/ 376 - 377/ 3446) و (4/ 42/ 3563) و (7/ 334/ 7654) و (9/ 159/ 9414)، وفي الصغير (1/ 161/ 251)، وابن عدي في الكامل (3/ 37) و (5/ 157)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (405)، وفي طبقات المحدثين (2/ 163)، وابن الغطريف في جزئه (4 و 5)، وابن المقرئ في الأربعين (22)، وفي المعجم (415 و 923 و 1128)، والدارقطني في السنن (1/ 133 و 197)، والخطابي في معالم السنن (1/ 52)، وفي أعلام الحديث (1/ 269)، وابن مردويه فيما انتقاه من حديث الطبراني لأهل البصرة (137)، وتمام في الفوائد (586)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 183) و (6/ 182 و 285) و (7/ 308)، وفي تاريخ أصبهان (1/ 326)، وابن بشران في الأمالي (85)، وأبو يعلى الخليلي في فوائده (11)، وأبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن (705 و 706)، وابن حزم في المحلى (1/ 223) و (2/ 83)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 114 و 115 و 118 و 276 و 282 و 289)، وفي المعرفة (1/ 342/ 427)، وفي الخلافيات (2/ 122/ 389 و 390)، وفي المدخل إلى السنن (349 و 350)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 246)، وفي جامع بيان العلم وفضله (1/ 156 - 159/ 163 - 168)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (4/ 252) و (9/ 222) و (12/ 77)، وفي الموضح (2/ 443)، وفي الرحلة ص (83)، وفي الأسماء المبهمة ص (144)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده المهروانيات بتخريج الخطيب البغدادي (60)، والبغوي في شرح السنة (1/ 260 و 261/ 161 و 162)، والجوزقاني في الأباطيل (369)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (19/ 19) و (25/ 22 و 223)، وفي الأربعين البلدانية ص (149)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(659)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 207/ 234)، والذهبي في السير (5/ 261) و (8/ 470).

• رواه عن عاصم بن بهدلة: شعبة بن الحجاج، وسفيان بن سعيد الثوري،

ص: 222

وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وزيد بن أبي أنيسة، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وزهير بن معاوية، ومسعر بن كدام، ومعمر بن راشد، وزائدة بن قدامة، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي، ومالك بن مغول، وأبو بكر بن عياش، وشيبان بن عبد الرحمن أبو معاوية النحوي، وعبد الرحمن بن محمَّد المحاربي، وزياد بن الربيع اليُحْمِدي، وزياد بن خيثمة الجعفي، وأبو عوانة، وروح بن القاسم، وعمرو بن قيس الملائي، وسعيد بن إياس الجريري، وخلاد بن عيسى الصفار، وسلمة بن كهيل، وعلي بن صالح ابن حي الهمداني، وأبوه صالح بن صالح بن حي، والنعمان بن راشد [وهم: ثقات]، وحجاج [إما أن يكون هو ابن أرطأة، وهو: ضعيف، أو: ابن محمَّد المصيصي الأعور، وهو: ثقة ثبت]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق سيء الحفظ]، ومبارك بن فضالة [صدوق مدلس]، وخالد بن كثير الهمداني [ليس به بأس، لكن سياقه منكر، وفيه زيادة منكرة: "ثم أحدث وضوءًا" عند الطبراني في الكبير (7373)، وزاد أيضًا: "وللمقيم يوم وليلة" عند البخاري في التاريخ، وقال: "ولا يصح هذا"]، وقيس بن الربيع [صدوق أدخلوا في حديثه ما ليس منه]، وجعفر بن الحارث أبو الأشهب [ضعيف. اللسان (2/ 142)]، والحسن بن أبي جعفر [ضعيف]، وعبد الملك بن الوليد بن معدان [ضعيف]، وعكرمة بن إبراهيم الأزدي [ضعفوه. اللسان (4/ 210)]، ويزيد بن أبي زياد [ضعيف، يتلقن]، وداود بن يزيد الأزرق [هو الثقفي البصري، قال أبو حاتم: "شيخ مجهول". الجرح والتعديل (3/ 428)، وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 287)، اللسان (3/ 413)]، وكثير بن محمَّد [العجلي: مجهول. الجرح والتعديل (7/ 157)، اللسان (6/ 413)]، وصالح بن موسى الطلحي [متروك]، ويحيى بن سلمة بن كهيل [متروك]، والربيع بن بدر [متروك]، ويحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي [ضعفوه]، وحبيب بن حسان [وهو ابن أبي الأشرس: متروك]، وعثمان بن مقسم البري [متروك]، وأبو جعفر الرازي [ضعيف]، والمفضل بن صالح [ضعيف]، وسوار بن مصعب [متروك. اللسان (3/ 152)].

وهم تسعة وأربعون رجلًا، فيما وقفت عليه من المصادر، منهم ثمانية وعشرون من الثقات، إلا أن بعضهم لا يصح الإسناد إليه، ولا يصح عنه، كأبي عوانة: رواه عنه خالد بن يوسف السمتي، وهو: ضعيف، ومثل عمرو بن قيس الملائي: ففي الإسناد إليه: محمَّد بن حميد الرازي، وهو: ضعيف، ومثل هشام الدستوائي: فقد رواه عنه الخليل بن زكريا، وهو: متروك.

وفي بعضها روايات شاذة أو منكرة، مثل ما تفرد به وكيع عن مسعر بن كدام في هذا الحديث بقوله:"أو ريح""ولكن من غائط أو بول أو ريح"، قال الدارقطني (1/ 133):"لم يقل في هذا الحديث: "أو ريح" غير وكيع عن مسعر"، وقال أبو الوليد الفقيه:"ولم يقل: "أو ريح" غير مسعر"[سنن الدارقطني (1/ 133)، سنن البيهقي (1/ 115)].

وقد رواه علي بن مسهر، ومحمد بن إسحاق، كلاهما: عن مسعر، مثل حديث

ص: 223

الجماعة [عند الطبراني في الكبير (7366 و 7367)، والأوسط (1831)].

وروى معمر بن راشد الحديث بتمامه؛ إلا أنه قال فيه: "فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر، ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا"[عند: ابن خزيمة (193)، ابن حبان (1325)، الضياء في المختارة (24)، أحمد (4/ 240)، عبد الرزاق (793)، الطبراني في الكبير (7352)، الدارقطني (1/ 197)، البيهقي (1/ 282)]، فزاد في الحديث اشتراط الطهارة:"إذا نحن أدخلناهما على طهر"، ومدة المسح للمقيم، وهما زيادتان شاذتان في هذا الحديث.

أما الزيادة الأولى: فلم يتابعه عليها إلا عكرمة بن إبراهيم، وهو: ضعيف.

وأما الزيادة الثانية: فلم يتابعه عليها إلا بعض الضعفاء، ومن الثقات: صالح بن صالح بن حي، والمحفوظ بدونها، كما رواه جماعة الأئمة الحفاظ الذين تقدم ذكرهم.

• وأما الطرف الأول في فضل العلم، فقد اختلف على عاصم بن بهدلة في رفعه ووقفه:

وأشهر من رفعه: حماد بن سلمة، ومعمر بن راشد، وزياد بن الربيع، والمحاربي. وقال فيه حماد بن زيد: بلغني.

وأشهر من وقفه: شعبة، وسفيان بن عيينة، ومسعر بن كدام، ومالك بن مغول، وهمام بن يحيى.

والذين أوقفوه أثبت وأضبط، لكن قد يقال هنا: بأن مع الرافعين زيادة علم، وهم ثقات يعتمد على حفظهم؛ لا سيما ومثله لا يقال من قبل الرأي، فلعل عاصم بن أبي النجود كان يرفعه مرة ويوقفه أخرى، والله أعلم.

قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم: "حديث صفوان بن عسال هذا [يعني: في فضل العلم] أوقفه قوم عن عاصم، ورفعه عنه آخرون، وهو حديث صحيح حسن ثابت محفوظ مرفوع، ومثله لا يقال بالرأي".

والحديث قال فيه الترمذي: "حسن صحيح".

وقال في العلل الكبير (66): "وسألت محمدًا [يعني: البخاري] فقلت: أي الحديث عندك أصح في التوقيت في المسح على الخفين؟ قال: حديث صفوان بن عسال".

وقال العقيلي في الضعفاء الكبير (2/ 17): "وفي فضل الخروج في طلب العلم أحاديث أسانيدها مختلفة، بعضها أصلح من بعض، فيها أحاديث جيدة الإسناد، عن صفوان بن عسال، وأبي الدرداء وغيرهما".

وقال الخطابي: "هو صحيح الإسناد"[البدر المنير (3/ 11)، أعلام الحديث (1/ 268)].

وقال الجوزقاني في الأباطيل: "هذا حديث حسن مشهور".

وقال ابن عساكر في الأربعين البلدانية ص (150): "هذا حديث حسن".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 9): "هذا الحديث صحيح".

وجود إسناده المنذري في الترغيب (1/ 52)، وقال ابن حجر في فتح الباري (1/ 309):

ص: 224

"وحديث صفوان وإن كان صحيحًا، لكنه ليس على شرط البخاري".

وعاصم بن أبي النجود: صدوق يهم، وهو حسن الحديث، وأكثر ما انتقد عليه سوء حفظه، إلا أن هذا الحديث من صحيح حديثه، وذلك لأمور:

الأول: أنه يرويه عن شيخه الذي لازمه وقرأ عليه القرآن، وهو زر بن حبيش الأسدي الكوفي، فهما كوفيان، ويقال في مثل هذا، بأنه يحتمل أن يكون سمع منه الحديث مرارًا فحفظه وضبطه، ولا يضره حينئذ تفرده به عنه.

الثاني: أنه لم يختلف على عاصم في إسناد هذا الحديث ولا في متنه اختلافًا يقال معه بأنه اضطرب فيه ولم يحفظه، وأما الاختلاف عليه في رفع ووقف بعض أطرافه، فإن مثله يقع من الثقات، ولا يقدح هذا فيهم، فقد ينشط مرة فيرفعه، ويكسل أخرى أو يتردد فيوقفه، لذا نقول بأن هذا الحديث مع طوله فقد حفظه عاصم، وأقامه، ولم يضطرب فيه.

الثالث: أن في الحديث قصتين مما يؤكد أنه حفظه وضبطه.

الرابع: أن هذا الحديث قد صححه جمع من الأئمة منهم: البخاري والترمذي وابن خزيمة وابن الجارود والضياء المقدسي والعقيلي والخطابي وابن عبد البر والجوزقاني وابن عساكر وغيرهم، واحتج به النسائي.

فهو حديث صحيح، ولم ينفرد به عاصم عن زر، فقد توبع على بعض أطرافه:

1 -

رواه الصعق بن حزن، واختلف عليه:

أ- فرواه شيبان بن فروخ [صدوق يهم، ورمى بالقدر، قال أبو حاتم: اضطر الناس إليه أخيرًا. التقريب (442)،، وعبد الرحمن بن المبارك [ثقة. التقريب (597)]:

كلاهما عن الصعق بن حزن: ثنا علي بن الحكم البناني، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: حدث [حدثني] صفوان بن عسال المرادي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ في المسجد على برد له [أحمر]، فقلت له: يا رسول الله إني جئت أطلب العلم، فقال:"مرحبًا بطالب العلم، طالب العلم لتَحُفُّه الملائكة وتظله بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضًا حتى يبلغوا السماء الدنيا من حبهم لما يطلب، فما جئت تطلب؟ " قال: قال صفوان: يا رسول الله لا نزال نسافر بين مكة والمدينة، فأفتنا عن المسح على الخفين؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ثلاثة أيام للمسافر، ويوم وليلة للمقيم".

أخرجه النسائي في الكبرى (8/ 422/ 9581) مختصرًا. والحاكم (1/ 101)، والضياء في المختارة (8/ 45 و 46/ 34 و 35)، والآجري في أخلاق العلماء ص (37)، وسقط من إسناده ابن مسعود. والطبراني في الكبير (8/ 54 /7347)، وابن عدي (6/ 330)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1501/ 3818)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 369).

ب- خالفهما: محمَّد بن الفضل أبو النعمان عارم قال: ثنا الصعن بن حزن، عن علي بن الحكم، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، قال: جاء رجل من مراد يقال

ص: 225

له صفوان بن عسال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكر الحديث مثله، ولم يذكر ابن مسعود في الإسناد.

أخرجه الحاكم (1/ 100)، وابن سعد في الطبقات (1/ 451) مختصرًا. وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/ 155/ 162).

وعارم أبو النعمان: ثقة ثبت، وروايته أولى بالصواب، قال ابن عدي بعد رواية شيبان وعبد الرحمن بن المبارك التي زادا فيها ابن مسعود في الإسناد:"وهذا رواه عاصم عن زر عن صفوان بن عسال، ولم يذكر بين زر وصفوان: عبد الله بن مسعود، ورواه عن عاصم الخلق، وإنما المنهال رواه عن زر عن ابن مسعود قال: حدث صفوان، وهذا غير محفوظ"، ونقله ابن عساكر في تاريخه وأقره، وأعرض ابن عبد البر عن رواية شيبان أصلًا، واعتمد رواية عارم مما يدل على أنه المحفوظ عنده، والله أعلم.

وهذا إسناد حسن -أعني: إسناد عارم- إلا أن ظاهره الإرسال، وحديث ابن أبي النجود أصح، وهو متصل، وعليه يحمل حديث عارم، يعني: على الاتصال.

• وفي الجملة فهي متابعة جيدة من المنهال بن عمرو لعاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش.

2 -

ورواه أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد اليامي: حدثني أبي، عن جدي، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال المرادي قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ جاء رجل فقال: يا محمَّد! قالوا: اغضض من صوتك، قال: يا رسول الله! الرجل يحب القوم ولم يرهم؟ قال: "المرء مع من أحب"، ثم سأله عن المسح على الخفين؟ فقال:"ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم، لا ينزعه من بول ولا نوم ولا غائط إلا من جنابة"، ثم سأله عن التوبة؟ فقال:"للتوبة باب بالمغرب مسيرة سبعين عامًا -أو: أربعين عامًا- لا يزال كذلك حتى يأتي بعض آيات ربك: طلوع الشمس من مغربها".

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 406/ 14212) مختصرًا. وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2710)، والطبراني في الكبير (8/ 54 - 55/ 7348) وهذا لفظه. وأبو نعيم في الحلية (5/ 37) مختصرًا.

قال أبو نعيم: "غريب من حديث زبيد، تفرد به عنه ابنه عبد الرحمن".

وهو كما قال: حديث غريب، عبد الرحمن بن زبيد اليامي: ذكره البخاري في التاريخ الكبير (5/ 286)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 235)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 67)، وقال:"يروي عن جماعة من التابعين، روى عنه أهل الكوفة"، وقال في مشاهير علماء الأمصار (1312):"من أفاضل أهل الكوفة".

وأما أشعث بن عبد الرحمن: فهو ليس بالقوي، كذا قال أبو زرعة، وقال مرة:"ضعيف الحديث"، وقال أبو حاتم:"محله الصدق"، وقال النسائي:"ليس بثقة، ولا يكتب حديثه"، وقال ابن عدي:"أفرط النسائي في أمره، وقد تبحرت حديثه فلم أر له حديثًا منكرًا"، وصحح له ابن خزيمة، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (1/ 366)،

ص: 226

الميزان (1/ 266)، إكمال مغلطاي (2/ 239)، الكامل (1/ 379)، سؤالات البرذعي (567)].

ووجه الغرابة فيه ظاهر، فإن زبيد بن الحارث اليامي: ثقة ثبت، قد روى عنه جماعات من الثقات.

3 -

يحيى بن فصيل: نا الحسن بن صالح: نا أبو جناب: حدثني طلحة بن مصرف: أن زر بن حبيش أتى صفوان بن عسال فقال: ما غدا بك إلىَّ الغداة

فذكر حديث فضل العلم موقوفًا، وقصة حديث المسح وزاد:"ويوم للمقيم".

أخرجه الحاكم (1/ 101)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 694/ 1402)، والطبراني في الكبير (8/ 55/ 7349)، وفي الصغير (1/ 132/ 198)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 22) و (10/ 375).

كلهم من طريق الحسن بن علي بن عفان، عن يحيى به.

قال الطبراني في الصغير: "لم يروه عن طلحة إلا أبو جناب، ولا عن أبي جناب إلا الحسن بن صالح، تفرد به يحيى بن فصيل"، قلت: ولم يروه عن ابن فصيل إلا الحسن بن علي. وقال أبو نعيم في الموضع الأول: "رواه الجم الغفير عن عاصم عن زر، وحديث طلحة تفرد به عن يحيى عن الحسن"، كذا في المطبوعة، ولعل الصواب:"تفرد به يحيى عن الحسن".

وقال في الموضع الثاني: "غريب من حديث طلحة، لا أعلم رواه عنه إلا أبو جناب".

قلت: فهو منكر؛ لتفرد أبي جناب يحيى بن أبي حية به عن طلحة بن مصرف دون أصحابه الثقات، وأبو جناب: ضعيف مدلس، وقد صرح بالتحديث.

وأما يحيى بن فصيل: فلم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل سوى أنه كان عنده نسخة من حديث الحسن بن صالح يحدث بها وله عنه غرائب [تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 246)][الجرح والتعديل (9/ 181)، الكامل (2/ 316)][التوضيح (7/ 110)، المؤتلف (1817)، إكمال ابن ماكولا (7/ 67)، المهروانيات (11) ص (56 و 57)].

4 -

عبد الكريم بن أبي المخارق، قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت، عن زر بن حبيش الأسدي: أنه أتى صفوان بن عسال

فذكر الحديث بنحو رواية أبي جناب.

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 55/ 7350)، والذهبي في السير (14/ 367).

وعبد الكريم: ضعيف، وفي تفرده عن حبيب نكارة.

5 -

إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال، يرفعه بحديث فضل العلم، والمسح على الخفين، وباب التوبة، وحسن الخلق، والتداوي، وفيه الهرم.

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 68 و 69/ 7394 و 7395)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 145 و 255)، والخطيب في تاريخه (2/ 48)، والشجري في الأمالي الخميسية (1/ 263).

ص: 227

وهو حديث ضعيف جدًّا، ابن أبي فروة: متروك.

6 -

وروى أبو نعيم في الحلية (5/ 9) من طريق: علي بن داود: ثنا محمَّد بن عبد العزيز الرملي: ثنا هشام بن سليمان الكوفي، عن عبد الأعلى الكوفي، عن محمَّد بن سوقة، عن زر بن حبيش، قال: أتينا صفوان بن عسال نسأله عن المسح على الخفين؟

فذكر حديث: "من زار أخاه

"، وباب التوبة، والمسح على الخفين.

قال أبو نعيم: "غيب من حديث محمَّد بن سوقة، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وتفرد به من بين أصحاب زر بلفظ الزيارة، وحديث المسح على الخفين وطلوع الشمس: مشهور، ورواه عاصم وزبيد وطلحة وحبيب وابن أبي ليلى عن زر".

قلت: هو منكر؛ عبد الأعلى الكوفي هذا: إما أن يكون هو: ابن أعين، وهو: ضعيف، أو: ابن عامر الثعلبي، وهو: ضعيف أيضًا، أو: ابن أبي المساور، وهو: متروك، وهو الأقرب [انظر: المعجم الكبير (8/ 67/ 7389)].

وهشام بن سليمان الكوفي: هو هاشم بن سليمان، كذا في نسخة من الحلية، وهو الصحيح، وذكره هكذا المزى في التهذيب (26/ 11) فيمن يروي عنه محمَّد بن عبد العزيز الرملي، ولم أجد من ترجم له.

ومحمد بن عبد العزيز الرملي: ليس بقوي، وعنده غرائب، ولعل هذا منها [التهذيب (7/ 294)، الميزان (3/ 628)].

وعلي بن داود القنطري: صدوق، ولا يحتمل من مثله التفرد بهذا.

7 -

معاوية بن صالح: أخبرني عبد الوهاب بن بخت، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال المرادي: أنه جاء يسأله عن شيء، قال: ما أعملك إليَّ إلا ذلك؟ قال: ما أعملت إليك إلا لذلك، قال: فأبشر، فإنه ما من رجل بخرج في طلب العلم إلا بسطت له الملائكة أجنحنها رضى بما يفعل حتى يرجع.

أخرجه الحاكم (1/ 100).

وقال: "هذا إسناد صحيح، فإن عبد الوهاب بن بخت من ثقات البصريين وأثباتهم ممن يجمع حديثه، وقد احتجا به، ولم يخرجا هذا الحديث، ومدار هذا الحديث على حديث عاصم بن بهدلة عن زر، وقد أعرضا عنه بالكلية، وله عن زر بن حبيش شهود ثقات غير عاصم بن بهدلة".

قلت: عبد الوهاب بن بخت: ثقة، مكي سكن الشام، ثم المدينة، لم يخرج له الشيخان شيئًا، ومعاوية بن صالح، هو الحضرمي: صدوق له إفرادات وغرائب [التهذيب (8/ 244)].

8 -

عبد الرحمن بن مرزوق، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال المرادي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فتح الله بابًا للتوبة من المغرب عرضه مسيرة سبعين عامًا لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه".

ص: 228

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 304)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2711)، والقطيعي في جزء الألف دينار (92)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 191)، وفي معرفة الصحابة (3/ 1501/ 3820)، وابن عساكر في التاريخ (35/ 401)، والضياء في المختارة (8/ 38/ 31).

قال البخاري: "لا يعرف سماع عبد الرحمن من زر".

قلت: عبد الرحمن بن مرزوق الدمشقي: روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (5/ 173)]، فهو: مجهول الحال، وقال في التقريب (598):"مقبول"، يعني: إذا توبع وقد توبع كما ترى.

9 -

سعدان أبو يحيى: ثنا أبو سعد مولى حذيفة، عن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال

فذكر حديث المسح، وزاد مدة المقيم.

أخرجه تمام في الفوائد (1203).

وهذا إسناد غريب، أبو سعد مولى حذيفة، هو: أبو سعد البقال الكوفي الأعور، سعيد بن المرزبان: ضعيف مدلس.

والراوي عنه: هو سعيد بن يحيى بن صالح أبو يحيى لقبه سعدان، وهو صدوق وسط، والراوي عنه: سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وهو: صدوق يخطئ، والرواي عنه: ابن أخي هشام بن عمار: أحمد بن محمَّد بن عمار، ولم أجد من ترجم له.

• وحاصل ما تقدم: فإن عاصم بن أبي النجود لم ينفرد بهذا الحديث عن زر بن حبيش، فقد تابعه عليه عن زر عن صفوان: المنهال بن عمرو، وعبد الوهاب بن بخت، وعبد الرحمن بن مرزوق.

وأما متابعة: طلحة بن مصرف، وزبيد بن الحارث اليامي، وحبيب بن أبي ثابت، وعيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومحمد بن سوقة، وأبي سعد البقال: فإنها غرائب ومناكير، ولا يصح الإسناد إليهم، والله أعلم.

• ولم ينفرد به زر بن حبيش عن صفوان، فقد رواه أيضًا:

أبو روق عطية بن الحارث: ثنا عبيد الله بن خليفة أبو الغريف، عن صفوان بن عسال، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقال: "سيروا باسم الله، في سبيل الله، تقاتلون عدو الله، ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا، [وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، يمسح على خفيه إذا أدخل رجليه على طهور، وللمقيم يوم وليلة] ".

سياق شطره الأول للنسائي، وشطره الثاني لأحمد.

أخرجه النسائي في الكبرى (8/ 122/ 8786)، وابن ماجه (2857)، كلاهما بدون شطره الثاني. والضياء في المختارة (8/ 42 و 43/ 32 و 33)، وأحمد (4/ 240)، وابن أبي شيبة (6/ 484/ 33136)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 416/ 2467)، والدولابي في الكنى (2/ 151)، والطحاوي (1/ 82)، وابن الأعرابي في المعجم (311)،

ص: 229

والطبراني في الكبير (8/ 70/ 7397)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1501/ 3819)، والبيهقي (1/ 276 و 282)، وابن عبد البر (24/ 233)، والخطيب (6/ 377)، والرافعي في التدوين (1/ 118) و (3/ 40)، والمزي في التهذيب (19/ 32).

وهذا إسناد كوفي حسن، لولا أنه لم يذكر لأبي الغريف سماع من صفوان بن عسال، وقد سمع عليًّا.

أبو روق عطية بن الحارث: كوفي صدوق.

وأبو الغريف عبيد الله بن خليفة: قال أبو حاتم: "كان على شرطة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وليس بالمشهور"، قال ابن أبي حاتم: هو أحب إليك أو الحارث الأعور؟ قال: "الحارث أشهر، وهذا قد تكلموا فيه، وهو شيخ من نظراء أصبغ بن نباتة"، قلت: أصبغ: متروك، لكن قال فيه أبو حاتم:"لين الحديث"، إذًا فغاية أبي الغريف عند أبي حاتم أن يكون لين الحديث، وقد خولف في ذلك: فقد قال فيه أحمد بن صالح: "ثقة"، وقال الدارقطني:"ثقة"، وقال يعقوب بن سفيان:"حدثنا المعلى بن أسد ويحيى بن عبد الحميد قالا: حدثنا عبد الواحد، عن أبي روق عطية بن الحارث -وهو: ثقة- قال: حدثنا أبو الغريف عبيد الله بن خليفة -وهو: ثقة-"، وذكره ابن حبان في الثقات، وكذا العجلي في ثقاته ولم يتكلم عليه بشيء، وصحح له الدارقطني في السنن، وذكره ابن البرقي فيمن احتملت روايته وقد تكلم فيه.

وعلى هذا، فأبو الغريف: صدوق [التاريخ الكبير (5/ 380)، كنى مسلم (2711)، الجرح والتعديل (5/ 313)، تاريخ الدوري (4/ 3)، الأسامي والكنى لأحمد بن حنبل (151 و 234)، معرفة الثقات (1154)، طبقات ابن سعد (6/ 240)، المعرفة والتاريخ (3/ 199 - 200)، سؤالات السلمي (258)، سنن الدارقطني (1/ 118)، الثقات (5/ 68)، كنى الدولابي (2/ 151)، الاستغناء (2/ 876/ 1035)، إكمال ابن ماكولا (6/ 171)، تاريخ بغداد (10/ 305)، إكمال مغلطاي (9/ 15)، تهذيب التهذيب (5/ 371)، الميزان (3/ 5)، التقريب (637) وقال: "صدوق"].

وهذه متابعة جيدة لحديث عاصم بن أبي النجود لكن فقط في حديث المسح على الخفين.

• ولحديث صفوان طرق أخرى:

انظر: المعجم الأوسط للطبراني (3/ 125/ 2684) و (7/ 327/ 7635).

• وروي أيضًا: التوقيت في المسح على الخفين بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، من حديث:

1 -

أبي بكرة:

يرويه عبد الوهاب بن عبد المجيد، قال: ثنا المهاجر بن مخلد أبو مخلد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رخص للمسافر إذا توضأ ولبس خفيه، ثم أحدث وضوءًا: أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة.

ص: 230

وفي رواية: أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة؛ إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما.

وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن المسح على الخفين؟ فقال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليها، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه ابن ماجه (556)، وابن خزيمة (1/ 96/ 192)، وابن حبان (4/ 154 و 158/ 1324 و 1328)، وابن الجارود (87)، والشافعي في الأم (1/ 34)، وفي المسند (17)، وابن أبي شيبة (1/ 163/ 1878)، والبزار (9/ 90/ 3621)، والدولابي في الكنى (3/ 995 - 996/ 1744)، والطحاوي (1/ 82)، والعقيلي (4/ 208)، وابن عدي (6/ 460)، والدارقطني (1/ 194 و 204)، والخطابي في أعلام الحديث (1/ 268)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 156)، والبيهقي في السنن (1/ 276 و 281)، وفي بيان من أخطأ على الشافعي (137)، وفي الخلافيات (3/ 244/ 995)، وفي المعرفة (1/ 341/ 425 و 426)، والبغوي في شرح السنة (1/ 460 / 237).

ووهم فيه الحسن بن علي بن عفان على زيد بن الحباب أحد من رواه عن عبد الوهاب الثقفي، فقلب إسناده، وجعله عن خالد الحذاء [وهو: ثقة، مشهور]، بدل المهاجر أبي مخلد [وهو: صالح]، كما وقع عند أبي نعيم والبيهقي في السنن، والمحفوظ ما رواه ابن أبي شيبة عن زيد بن الحباب به كالجماعة، وقد رواه عن عبد الوهاب الثقفي جماعة من الثقات الحفاظ، فقالوا: عن المهاجر أبي مخلد.

قال الدارقطني في العلل (7/ 155/ 1266): "ووهم فيه، والصحيح حديث مهاجر".

قال البخاري: "وحديث أبي بكرة: حسن"، يعني: في المسح على الخفين [علل الترمذي الكبير (67)].

وقال الشافعي: "أخذنا في التوقيت بحديث المهاجر، وكان إسنادًا صحيحًا"[المعرفة للبيهقي (1/ 342)، البدر المنير (3/ 8)].

وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي بكرة إلا من هذا الوجه، وإسناده حسن".

وقال العقيلي: "والمتن معروف من غير هذا الوجه، ولا يتابع مهاجر على هذه الرواية".

وقال ابن عدي: "والمهاجر أبو مخلد: إنما عرف بهذه الأحاديث التي ذكرتها، وليس له غيرها إلا الشيء اليسير".

وقال الخطابي: "وهو حديث صحيح الإسناد"[البدر المنير (3/ 9)، أعلام الحديث (1/ 268)].

وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود.

2 -

عوف بن مالك الأشجعي:

يرويه هشيم بن بشير، قال: أخبرنا داود بن عمرو الحضرمي، عن بُسر بن عبيد الله

ص: 231

الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني، قال: حدثنا عوف بن مالك الأشجعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك: ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم.

أخرجه أحمد (6/ 27)، وابن أبي شيبة (1/ 161/ 1853)، والبزار (7/ 189/ 2757)، والروياني (599)، والطحاوي (1/ 82 و 83)، والطبراني في الكبير (18/ 40/ 69)، وفي الأوسط (2/ 33/ 1145)، وابن عدي في الكامل (3/ 83)، والدارقطني (1/ 197)، والبيهقي (1/ 275)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 390).

وقد اختلف في هذا الحديث على أبي إدريس الخولاني، فمنهم من جعله من مسند بلال [وتقدمت الإشارة إلى هذه الطريق تحت الحديث رقم (153)]، ومنهم من جعله من مسند المغيرة بن شعبة [وتقدمت الإشارة إلى هذه الطريق تحت الحديث رقم (152)]، ومنهم من جعله من مسند عوف بن مالك الأشجعي، وهو هذا الطريق.

وهذا الإسناد: لا بأس به، رجاله ثقات، غير داود بن عمرو الأودي الدمشقي: فإنه لا بأس به، وله ما يستنكر [التهذيب (1/ 568)، الميزان (2/ 17)].

قال الترمذي: "سألت محمدًا -يعني: البخاري- عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن"[سنن البيهقي (1/ 275)، علل الترمذي (68)].

وقال البخاري في التاريخ الكبير (1/ 390): "إن كان هذا محفوظًا: فإنه حسن".

وقال أبو حاتم لما سأله ابنه عن الاختلاف في هذا الحديث: "داود بن عمرو: ليس بالمشهور

وأشبههما: حديث بلال؛ لأن أهل الشام يروون عن بلال هذا الحديث في المسح من حديث مكحول وغيره.

ويحتمل أن يكون أبو إدريس قد سمع من عوف والمغيرة أيضًا؛ فإنه من قدماء تابعي أهل الشام، وله إدراك حسن، والله أعلم" [العلل (82)].

وقال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن عوف إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشيم".

3 -

عمر بن الخطاب:

يرويه خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر: حدثني سالم، عن أبيه، قال: سأل سعد عمر عن المسح على الخفين؟ فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح على ظهر الخف ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 163/ 1872)، والبزار (1/ 42 2/ 128)، وأبو يعلى (1/ 158/ 171)، والدارقطني في السنن (1/ 195)، واللفظ له. وفي العلل (2/ 22/ 92)، والجوزقاني في الأباطيل (374)، وقال:"هذا حديث مشهور". والضياء في المختارة (1/ 300/ 190).

قلت: وهذا حديث منكر بذكر التوقيت، وظهر الخف، في قصة سعد مع عمر، والمعروف بدون هذه الألفاظ، وخالد هذا قال فيه البخاري:"له مناكير عن سالم"، وقال

ص: 232

أيضًا: "منكر الحديث"، وقال البزار:"لين الحديث"، وقال الدارقطني:"ليس بقوي"[جامع الترمذي (2548)، علل الترمذي الكبير (527)، التهذيب (1/ 515)، الميزان (1/ 628)].

قال البزار: "وهذا الحديث لم يرو عن عمر في التوقيت إلا من هذا الوجه، وقد رواه عن عمر جماعة: عبد الله بن عمر، وعبيد الله بن عمر، وغيرهما: فلم يذكروا فيه توقيتًا، وخالد بن أبي بكر: لين الحديث، وقد روى عنه غير واحد من أهل العلم".

وقال الدارقطني في العلل: "ورواه خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن سالم، عن أبيه، عن عمر، وأغرب فيه بألفاظ لم يأت بها غيره، ذكر فيه المسح، وقال فيه: على ظهر الخف، وذكر فيه التوقيت: ثلاثًا للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم، وخالد بن أبي بكر العمري هذا ليس بقوي".

وإنما جاء هذا عن عمر في التوقيت قوله، موقوفًا عليه، بإسناد صحيح.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 205 و 206/ 794 و 796)، وابن أبي شيبة (1/ 163 و 164/ 1879 - 1881)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 436/ 58 4)، والطحاوي (1/ 83 و 84)، والبيهقي (1/ 276).

وأما قصة سعد مع عمر في مشروعية المسح، فليس فيها التوقيت، وكذلك حديث سالم وغيره، عن ابن عمر، عن عمر، في المسح:

انظر: صحيح البخاري (202)، سنن النسائي (1/ 82/ 121)، سنن ابن ماجه (546)، صحيح ابن خزيمة (182 و 184)، مسند أحمد (1/ 14 - 15 و 20 و 32 و 35 و 49 و 54)، مسند الطيالسي (14)، مصنف عبد الرزاق (1/ 95 - 197/ 760 - 763 و 765)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 163 و 164/ 1873 و 1886 و 1887)، مسند البزار (1/ 233 و 248 و 387/ 122 و 138 و 263)، الأوسط لابن المنذر (1/ 430/ 441)، شرح معاني الآثار (1/ 83)، علل ابن أبي حاتم (11)، سنن الدارقطني (1/ 196 و 199)، أطراف الغرائب والأفراد (142)، علل الدارقطني (2/ 18 - 26/ 92)، سنن البيهقي (1/ 269 و 273 و 280)، الأباطيل والمناكير (372).

4 -

أبي هريرة:

يرويه زيد بن الحباب، قال: حدثنا عمر بن عبد الله بن أبي خثعم اليمامي [منكر الحديث]، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله ما الطهور على الخفين؟ قال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه مسلم في التمييز (88)، والترمذي في العلل الكبير (61)، وابن ماجه (555)، وابن عدي في الكامل (5/ 64)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 201).

قال مسلم: "هذه الرواية في المسح عن أبي هريرة: ليست بمحفوظة؛ وذلك أن أبا هريرة لم يحفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لثبوت الرواية عنه بإنكاره المسح على الخفين".

وقال الترمذي: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: عمر بن

ص: 233

أبي خثعم: منكر الحديث ذاهب، وضعف حديث أبي هريرة في المسح".

• ورواه أيوب بن عتبة [ضعيف]، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسح على الخفين: للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن".

أخرجه العقيلي (1/ 109).

قال العقيلي: "وهذا أيضًا خطأ في إسناده ومتنه، رواه الأوزاعي وأبان العطار وعلي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، عن أبيه: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين والخمار، ولم يذكر التوقيت".

• وروى مروان بن معاوية الفزاري، عن سعيد بن أبي راشد، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين:"للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه ابن عدي (3/ 389).

وقال: "ومن حديث عطاء هذا عن أبي هريرة: لا أعلم يرويه غير سعيد بن أبي راشد".

قلت: فهو منكر؛ سعيد بن أبي راشد: ضعيف، لا يعرف، حدث عن عطاء بما لا يتابع عليه [الكامل (3/ 389)، التاريخ الكبير (3/ 492) وحاشية المعلمي عليه. الجرح والتعديل (4/ 19)، الثقات (6/ 372)، علل الدارقطني (3/ ق 38)، اللسان (4/ 49)].

• وأسند مسلم بعد حديث ابن أبي خثعم (89)، إلى أبي زرعة، قال: سألت أبا هريرة عن المسح على الخفين؟ قال: فدخل أبو هريرة دار مروان بن الحكم، فبال، ثم دعا بماء فتوضأ، وخلع خفيه، وقال: ما أمرنا الله أن نمسح على جلود البقر والغنم.

ثم قال مسلم: "فقد صح برواية أبي زرعة وأبي رزين عن أبي هريرة: إنكاره المسح على الخفين، ولو كان قد حفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجدر الناس وأولاهم للزومه والتدين به، فلما أنكره الذي في الخبر من قوله: ما أمرنا الله أن نمسح على جلود البقر والغنم، والقول الآخر: ما أبالي على ظهر حمار مسحت أو على خفي؛ بان ذلك أنه غير حافظ المسح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من أسند ذلك عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: واهي الرواية، أخطأ فيه إما سهوًا أو تعمدًا، فبجمع هذه الروايات ومقابلة بعضها ببعض، تتميز صحيحها من سقيمها، وتتبين رواة ضعاف الأخبار من أضدادهم من الحفاظ، ولذلك أضعف أهل المعرفة بالحديث: عمر بن عبد الله بن أبي خثعم، وأشباههم من نقلة الأخبار؛ لروايتهم الأحاديث المستنكرة التي تخالف روايات الثقات المعروفين من الحفاظ".

5 -

أنس:

يرويه الهيثم بن خارجة: نا سعيد بن ميسرة البكري، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسح على الخفين: للمسافر ثلاث، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 57).

وهذا باطل من حديث أنس مرفوعًا، وسعيد بن ميسرة البكري: منكر الحديث، يروي

ص: 234

عن أنس مناكير، كذبه يحيى القطان، وقال ابن حبان والحاكم بأنه يروي عن أنس موضوعات [اللسان (4/ 78)].

• ورواه أيضًا: قرة بن حبيب، قال: حدثنا عبد الحكم، عن أنس بمثله مرفوعًا.

أخرجه العقيلي (3/ 105).

قال العقيلي بعد أن روى لعبد الحكم حديثين: "فأما الحديث الأول في المسح فثابت من غير هذا الوجه".

وهذا أيضًا منكر من حديث أنس، عبد الحكم بن عبد الله، ويقال: ابن زياد القسملي: منكر الحديث، روى عن أنس نسخة منكرة [التهذيب (2/ 471)].

• ورواه أيضًا: إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: حدثنا القاسم بن عثمان أبو العلاء البصري، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم . . . فذكره.

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 240/ 1858)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (38/ أ).

قال الطبراني: "تفرد به القاسم".

ولا يصح هذا أيضًا؛ فإن القاسم بن عثمان أبو العلاء البصري: ضعيف، حدث عنه إسحاق الأزرق بأحاديث لا يتابع منها على شيء [اللسان (6/ 376)، ضعفاء العقيلي (3/ 480)].

وانظر أيضًا: المعجم الأوسط (7/ 344/ 7679)، معجم شيوخ الصيداوي (357).

• وقد صح عن أنس موقوفًا عليه، قوله: أخرجه الطحاوي (1/ 84).

6 -

ابن عمر:

يرويه عبد الكريم بن الهيثم إملاء: نا مليح بن وكيع بن الجراح: نا أبي: نا إسحاق بن عبد الله القصار، قال: سألت نافعًا عن المسح على الخفين؟ فقال: حدثني عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة".

قال نافع: فقلت لابن عمر: وإن خرج من البراز؟ قال: وإن خرج من البراز يا ابن أم نافع.

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 260)، وكذا وقع عنده: إسحاق بن عبد الله القصار، وإنما هو: الحسن بن عبد الله القصاب [انظر: الجرح والتعديل (3/ 22)، الثقات (6/ 161)، الأنساب (4/ 506)].

وهكذا وقع في رواية حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي [وهو: ثقة]، فرواه عن الحسن القصاب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين: "للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن".

أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 11/ 4530).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن نافع إلا الحسن القصاب".

• والمعروف عن ابن عمر بخلاف ذلك:

فقد روى عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان لا يوقت في المسح

ص: 235

على الخفين وقتًا، وكان يقول: ليس في المسح على الخفين وقت، امسح ما لم تخلع.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 208/ 804)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 438/ 462)، والدارقطني (1/ 196)، والبيهقي (1/ 280).

• ورواه ابن أبي شيبة (1/ 164/ 1889)، والطحاوي (1/ 84): بإسناد حسن، إلى ابن عمر موقوفًا عليه بالتوقيت.

7 -

ابن عباس:

يرويه محمَّد بن جابر [هو: ابن سيار بن طارق الحنفي اليمامي: ضعيف]، عن مسلم بن كيسان الملائي الأعور [ضعفوه. التهذيب (4/ 71)، الميزان (4/ 106)]، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسح للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 43/ 12423)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 302 - 303) وفي سنده تصحيف.

قال أبو نعيم: "غريب من حديث سعيد عن ابن عباس، لم نكتبه إلا من هذا الوجه".

قلت: فهو منكر من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس: مرفوعًا.

• وإنما يصح هذا عن ابن عباس من قوله، موقوفًا عليه.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 208/ 802)، وابن أبي شيبة (1/ 165 و 166/ 1893 و 1911)، والحارث بن أبي أسامة (83 - زوائده)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 431/ 443)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 84)، وفي المشكل (6/ 292)، والبيهقي (1/ 273 و 277).

8 -

ابن مسعود:

يرويه سليمان بن يسير، عن همام بن الحارث، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين:"للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 271).

وهذا منكر من حديث ابن مسعود مرفوعًا، سليمان بن يسير، أبو الصباح الكوفي: ضعيف، روى عن همام أحاديث منكرة [التهذيب (2/ 113)، الميزان (2/ 228)]، واختلف عليه في إسناده [كما عند البزار (5/ 34/ 1592)، وابن عدي (3/ 271)]، وهذا أصح.

• ورواه أيضًا: يوسف بن عطية الكوفي أبو المنذر، قال: نا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين:"للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه البزار (5/ 21 - 22/ 1578).

وهذا باطل؛ يوسف بن عطية الكوفي أبو المنذر: متروك، كذبه الفلاس [التهذيب (4/ 459)]، وأبو حمزة هو: ميمون الأعور القصاب: ضعيف، وأحاديثه عن إبراهيم: لا يتابع عليها [التهذيب (4/ 200)].

ص: 236

• وإنما يعرف هذا من قول ابن مسعود، موقوفًا عليه بإسناد صحيح، ومن فعله أيضًا. أخرجه عبد الرزاق (1/ 207/ 798 - 801)، وابن أبي شيبة (1/ 164 و 165 و 167/ 1888 و 1890 و 1891 و 1926)، وابن المنذر (1/ 436/ 460)، والطحاوي (1/ 84)، والطبراني في الكبير (9/ 251 و 252/ 9238 - 9247).

9 -

البراء بن عازب:

يرويه الصبي بن الأشعث، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة" في المسح على الخفين.

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 25/ 1174)، وفي الأوسط (6/ 58/ 5788)، وابن عدي (4/ 90)، وابن المخلص في الرابع من حديثه (5).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا الصبي بن الأشعث، تفرد به موسى بن الحسين"، قلت: توبع عليه، وآفته الصبي.

وقال ابن عدي: "وهذا عن أبي إسحاق عن البراء: لا أعرفه إلا من حديث الصبي عنه"، ثم قال:"ولصبي بن الأشعث غير ما ذكرت من الحديث، ولم أعرف للمتقدمين كلامًا فيه فأذكره؛ إلا أني ذكرت ما أنكرت في بعض رواياته ما لا يتابع عليه".

والصبي هذا قال فيه أبو حاتم: "شيخ، يكتب حديثه"، وذكره ابن حبان في الثقات [اللسان (4/ 306)].

10 -

يسار بن سويد الجهني:

يرويه الهيثم بن قيس العيشي، عن عبد الله بن مسلم بن يسار، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخفين: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة".

أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 354)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 30/ 55)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 573/ 1125)، وابن قانع في المعجم (3/ 236)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 298)، وفي معرفة الصحابة (5/ 2808 - 2809/ 6655)، وابن عساكر في التاريخ (58/ 125).

قال العقيلي: "الهيثم بن قيس العيشي: ولا يصح حديثه من هذا الطريق، وأما المتن فثابت من غير هذا الوجه".

وقال أبو حاتم لما سأله ابنه عن هذا الحديث وحديث الصرف، قال أبوه:"هذان الحديثان منكران، حدثنا بهما قرة بن حبيب، ولم يذكر فيه العمامة، وليس ليسار صحبة".

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث مسلم، ومن حديث أبيه وابنه، تفرد برفعه الهيثم بن قيس وهو بصرى".

وقد سئل قرة بن حبيب: هل رأى يسار النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "اختلفوا في رؤيته، فلا أدري رأى أم لا"[المتفق والمفترق (3/ 1911/ 1519)، الإصابة (9355)].

ص: 237

وانظر: اللسان (8/ 364)، ولم يزد في ترجمة الهيثم على كلام العقيلي، وقال أبو حاتم:"شيخ"[الجرح والتعديل (9/ 81)].

11 -

خالد بن عرفطة:

أخرجه بحشل في تاريخ واسط (49 و 120 و 152)، مرفوعًا وموقوفًا، وفي إسناده: أبو رحمة عن أبيه: ولا يعرفان، واسم أبي رحمة: مصعب بن زاذان بن جوان بن عبد الله الباهلي [انظر: فتح الباب (2884)].

12 -

أسامة بن شريك:

أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 187/ 492) و (22/ 262/ 674).

وفي إسناده: عمر بن عبد الله بن يعلي بن مرة الثقفى: منكر الحديث [التهذيب (3/ 237)]، وأبوه قد ضُعّف أيضًا [اللسان (5/ 43)].

13 -

مالك بن ربيعة السلولي:

أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2454/ 5992) و (6/ 3013/ 6991).

وهو حديث موضوع، في إسناده: عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، وهو: متروك، يضع الحديث [اللسان (5/ 116)]، وفي إسناده أيضًا: من لا يعرف.

وانظر أيضًا: معرفة الصحابة (3/ 1201/ 3030) و (5/ 2477/ 6033).

***

158 -

. . . عمرو بن الربيع بن طارق: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمَّد بن يزيد، عن أيوب بن قَطَن، عن أُبيِّ بن عمارة -قال يحيى بن أيوب: وكان قد صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين- أنه قال: يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: "نعم"، قال: يومًا؟ قال: "يومًا"، قال: ويومين؟ قال: "ويومين"، قال: وثلاثة؟ قال: "نعم، وما شئت".

[وفي نسخة من السنن بعد هذا الحديث: "قال ابن معين: إسناده مظلم". نسخة عوامة (1/ 224)، وذكر ابن حجر في التهذيب (1/ 207) أنه في بعض نسخ أبي داود].

• حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث.

أخرجه الحاكم (1/ 170)، لكن وقع عنده:"عبادة بن نسي" بدل: "أيوب بن قطن". وابن قانع في المعجم (1/ 6)، وابن عدي في الكامل (7/ 215)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 220/ 761)، والمزي في التهذيب (17/ 92).

وعمرو بن الربيع بن طارق: كوفي، نزل مصر، ثقة.

• تابعه: يحيى بن إسحاق السيلحيني [نزيل بغداد، ثقة]، فرواه عن يحيى بن أيوب به.

ص: 238

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 163/ 2145)، وابن أبي شيبة (1/ 163/ 1870)، وابن قانع في المعجم (1/ 5)، والطبراني في الكبير (1/ 202/ 545)، وأبو نعيم في المعرفة (1/ 219/ 760).

***

قال أبو داود: رواه ابن أبي مريم المصري، عن يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمَّد بن يزيد بن أبي زياد، عن عبادة بن نُسَيّ، عن أبي بن عمارة، قال فيه: حتى بلغ سبعًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم، وما بدا لك".

قلت: نعم، خالف سعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري [وهو: ثقة ثبت فقيه]: عمرو بن الربيع، ويحيى بن إسحاق، حيث وقع في روايته:"عن عبادة بن نسي" بدل: "عن أيوب بن قطن".

وخالفهما أيضًا في المتن كما أوضح أبو داود.

أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 79)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 220/ 763)، والبيهقي (1/ 279).

• وخالف الثلاثة:

عبد الله بن وهب المصري [وهو: ثقة حافظ]، وسعيد بن عفير [وهو سعيد بن كثير بن عفير: صدوق، مستقيم الحديث، قال الحاكم: يقال: إن مصر لم تخرج أجمع للعلوم منه]: فروياه عن يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمَّد بن يزيد بن أبي زياد، عن أيوب بن قطن، عن عبادة بن نسي، عن أبي بن عمارة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بيته، قال: فقلت: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: فقال: "نعم"، قلت: يومًا؟ قال: "ويومين"، قلت: ويومين؟ قال: "وثلاثة"، قلت: وثلاثة؟ يا رسول الله! قال: "نعم ما بدا لك".

أخرجه ابن ماجه (557)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (220)، وسقط من إسناد ابن عفير: عبادة بن نسي. ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 144)، والطحاوي (1/ 79)، والطبراني في الكبير (1/ 203/ 546)، وفي الأوسط (3/ 363/ 3408)، والدارقطني (1/ 198)، وأبو نعيم في المعرفة (1/ 220/ 762)، والبيهقي (1/ 278 - 279) واللفظ له. والجوزقاني في الأباطيل (1/ 568/ 371)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 209/ 239)، وفي العلل المتناهية (1/ 358/ 593).

تنبيه: وقع في سند ابن الجوزي في العلل المتناهية: "ابن أبي مريم" بدل: "سعيد بن عفير"، ويبدو لي أنه من تصرف الرواة حيث وقع له في الإسناد:"عن سعيد" غير منسوب، فظن أنه ابن أبي مريم، وإنما هو سعيد بن عفير، دلت على ذلك القرائن.

قال الطبراني في الأوسط: "رواه جماعة عن يحيى بن أيوب، فلم يذكروا: عبادة بن نسي، ولم يذكره إلا سعيد بن عفير".

ص: 239

قلت: تابعه على هذا الإسناد: عبد الله بن وهب المصري، وممن ذكر عبادة بن نسي في الإسناد أيضًا ابن أبي مريم، وهو ثقة ثبت، لكن بدون ذكر أيوب بن قطن.

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن هذا الاختلاف في السند والمتن: إنما هو اضطراب من يحيى بن أيوب الغافقي المصري؛ فإنه كان سيئ الحفظ، وإن كان صدوقًا في الأصل، فإن الذين رووا عنه هذا الاختلاف كلهم ثقات، ما منهم من أحد إلا وهو أوثق وأحفظ وأضبط من الغافقي.

***

قال أبو داود: وقد اختلف في إسناده، وليس بالقوي، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب.

قلت: أُبي بن عِمارة، بكسر العين على الأشهر، وقيل: بضمها، وقيل بالعكس [انظر: المؤتلف والمختلف (3/ 1553)، إكمال ابن ماكولا (6/ 271)، وتعليق المعلمي عليه. التوضيح (6/ 344)، تبصير المنتبه (3/ 969)، أسد الغابة (1/ 168)، الإصابة (1/ 19)، وبهامشه الاستيعاب (1/ 52)، إكمال مغلطاي (2/ 8)، وغيرها].

وأُبي هذا في صحبته نظر؛ إذ لا يُعرف له غير هذا الحديث الذي لا يصح سنده ولا متنه، فكيف تثبت به صحبته!؟.

قال أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب (1/ 52) بهامش الإصابة، ونقلت نصه من أسد الغابة (1/ 168):"اضطرب [وفي الاستيعاب: يضطرب] في إسناد حديثه، ولم يذكره البخاري في التاريخ الكبير؛ لأنهم يقولون: إنه خطأ، وإنما هو: أبو أبي ابن أم حرام، كذا قاله ابن أبي عبلة، وذكر أنه رآه وسمع منه، وأبو أبي ابن أم حرام اسمه: عبد الله، وسيذكر في بابه إن شاء الله تعالى".

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 290): "أبي بن عمارة الأنصاري، ويقال: ابن عبادة، وكان قد صلى القبلتين، روى عنه عبادة بن نسي،

وهو عندي خطأ، إنما هو أبو أبي، واسمه: عبد الله بن عمرو ابن أم حرام، كذا رواه إبراهيم بن أبي عبلة، وذكر أنه رآه وسمع منه، سمعت أبي يقول ذلك. قال أبو محمَّد: أدخله أبو زرعة في مسند المصريين".

وقد ذكره في الصحابة عامة من صنف فيهم، مثل: ابن أبي عاصم، وابن قانع، وابن منده، وأبي نعيم، والبغوي، وابن عبد البر، وابن الأثير، وابن حجر، وغيرهم.

وقال أبو أحمد العسكري في كتاب الصحابة: "قال بعضهم: ليس يصح له صحبة"[الإكمال لمغلطاي (2/ 7)، شرح سنن ابن ماجه (2/ 674)].

قلت: وهو الصحيح فيما يظهر لي، وأما ما قاله ابن ناصر الدين في التوضيح في إثبات صحبته فلا يصح، وقد رده العلامة المعلمي في تعليقه على إكمال ابن ماكولا.

ص: 240

وعبادة بن نسي الكندي: ثقة فاضل، من الثالثة، وهو شامي [التقريب (485)].

وأيوب بن قطن، الكندي الفلسطيني: مجهول [التهذيب (1/ 207)، الميزان (1/ 292)، التقريب (160)، وقال: "فيه لين"].

ولم يرو عنه سوى محمد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي الفلسطيني، ويقال: الكوفي، نزيل مصر، وهو راوي حديث الصور الطويل الذي لا يصح، وهو: مجهول [التهذيب (7/ 492)، الميزان (4/ 67)، التقريب (908)، وقال: "مجهول الحال"].

وعبد الرحمن بن رزين الغافقي المصري: مجهول، قال الدارقطني:"مجهول"، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (5/ 83)، الميزان (2/ 560)، التقريب (577)، وقال: "صدوق"].

فهو إسناد مظلم، كما قال ابن معين.

وقد أطبق الحفاظ على تضعيفه، قال النووي في المجموع (1/ 506):"واتفقوا على أنه ضعيف مضطرب، لا يحتج به"، وقال أيضًا (1/ 590):"ضعيف بالاتفاق"، وقال في شرح مسلم (3/ 175):"وهو حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث".

• وهاك ما وقفت عليه من أقوال الأئمة:

قال ابن معين: "إسناده مظلم".

وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "حديث أبي بن عمارة: ليس بمعروف الإسناد"، ثم قال أبو زرعة:"فناظرت أبا عبد الله أحمد بن حنبل في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح؛ فلم يقنع به"، وفي موضع آخر:"رجاله لا يعرفون"[تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 631/ 1824 و 1826)، التلخيص (1/ 284)، إكمال مغلطاي (2/ 8)، نصب الراية (1/ 178)، الإمام (2/ 193)، البدر المنير (3/ 45)].

وقال أبو داود: "وقد اختلف في إسناده، وليس بالقوي".

وقال ابن حبان في الثقات (3/ 6): "أبي بن عمارة الأنصاري: صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم القبلتين، إلا أني لست أعتمد على إسناد خبره".

وقال في ترجمة أيوب بن قطن في الثقات (4/ 28 - 29): "يروي عن أبي بن عمارة -وله صحبة-، روي عنه محمد بن يزيد بن أبي زياد، وفي إسناده نظر".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 46): "وضعف هذا الحديث من المتأخرين: الحافظ أبو بكر الحازمي، فقال: روى محمد بن معاوية التميمي عن البخاري قال: يقال: لأبي بن عمارة صحبة، لا يصح حديثه في المسح، إسناده مجهول، وليس يروى عنه غير هذا الحديث".

وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 284): "وضعفه البخاري، فقال: لا يصح".

وقال البيهقي في المعرفة (1/ 347): "قال أبو داود السجستاني: قد اختلف في إسناده، وليس بالقوي، وبمعناه قال البخاري".

ص: 241

وقال الطحاوي في شرح المعاني (1/ 83): "فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوقيت في المسح على الخفين: للمسافر ثلاثة أيام ولياليها، وللمقيم يوم وليلة؛ فليس ينبغي لأحد أن يترك مثل هذه الآثار المتواترة إلى مثل حديث أبي بن عمارة".

وقال الأزدي في المخزون (9): "أبي بن عمارة الأنصاري: لا نحفظ أن أحدًا روي عنه إلا أيوب بن قطن، حديثه ليس بالقائم، في متنه نظر، وفي إسناده نظر".

وقال ابن عدي في الكامل (7/ 215): "وهذا يرويه ابن عمارة، وذكر في متنه ترك التوقيت في المسح على الخفين"، منكرًا بذلك الحديث.

وقال الدارقطني في السنن (1/ 198): "هذا الإسناد لا يثبت، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافًا كثيرًا، قد بينته في موضع آخر، وعبد الرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن: مجهولون كلهم، والله أعلم".

وحكى البيهقي قول أبي داود والدارقطني في سننه (1/ 279) وأقرهما.

وضعف ابن حزم حديث أبي هذا في العلى (2/ 90)، ونقل مغلطاي في الإكمال (2/ 8)، وشرح سنن ابن ماجه (2/ 673) عن ابن حزم قوله:"خبره ساقط، لا يثبت".

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 221): "وهو حديث لا يثبت، وليس له إسناد قائم".

وقال ابن ماكولا في الإكمال (2/ 454): "في إسناد حديثه نظر"[وانظر: (7/ 96)].

وقال ابن الأثير: "حديثه معلول، وفي إسناده اضطراب، وهو غير مشهور" "إكمال مغلطاي (2/ 8)، شرح سنن ابن ماجه (2/ 673)].

وقال الجوزقاني في الأباطيل (1/ 568): "هذا حديث منكر،

، وعبد الرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن: مجهولون".

وضعفه أيضًا: عبد الحق الإشبيلي في أحكامه الوسطى (1/ 179)، وأحكامه الكبرى (1/ 478)، وكذلك ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (3/ 323/ 1070)، وأعله بجهالة رواته الثلاثة: أيوب بن قطن، ومحمد بن يزيد، وعبد الرحمن بن رزين، وبالاختلاف فيه على يحيى بن أيوب.

وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 358): "هذا حديث لا يصح"، ونقل قول أحمد والدارقطني، وذكرهما أيضًا في التحقيق (1/ 209).

وقال ابن الصلاح: "هذا حديث ضعيف"[البدر المنير (3/ 46)].

وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 42): "وهو حديث ضعيف، بشهادة غير واحد من الحفاظ له بذلك".

ونقل ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 191) أقوال من ضعفوه، والزيلعي في نصب الراية (1/ 177)، وابن الملقن في البدر المنير (3/ 42)، ومغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (2/ 672).

ص: 242