الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد
171 -
. . . شريك، عن عمرو بن عامر البجلي -قال محمد [يعني: ابن عيسى، شيخ أبي داود]: هو أبو أسد بن عمرو- قال: سألت أنس بن مالك عن الوضوء؟ فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة، وكنا نصلي الصلوات بوضوء واحد.
• اختصره شريك، وأصله في البخاري.
أخرجه ابن ماجه (509)، وأحمد (3/ 154)، وابن شاهين في الناسخ (86)، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 239).
هكذا اختصره شريك: وهو سيئ الحفظ.
• ورواه سفيان الثوري، قال: حدثني عمرو بن عامر، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، قلت: كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث [لفظه عند البخاري].
وفي لفظ له: كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم نحدث [الترمذي].
واختصره بعضهم فحذف السؤال وقال: وكان أحدنا يكفيه الوضوء ما لم يحدث [البيهقي].
أخرجه البخاري في الصحيح (214)، وفي التاريخ الكبير (6/ 356)، والترمدي (60)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي (49)، والدارمي (1/ 198/ 720)، وأحمد (3/ 132 و 133)، وعبد الرزاق (1/ 56/ 162)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (42)، وأبو يعلى (6/ 363 و 374/ 3692 و 3708)، وابن شاهين في الناسخ (85)، والبيهقي (1/ 162)، وابن عبد البر (18/ 238 - 239)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 324/ 230).
• ورواه شعبة، عن عمرو بن عامر، عن أنس، أنه ذكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بإناء صغير فتوضأ. قلت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم. قال: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات ما لم نحدث، قال: وقد كنا نصلي الصلوات بوضوء.
أخرجه النسائي (1/ 85/ 131)، وابن خزيمة (1/ 66/ 126)، وأحمد (3/ 194 و 260)، والطيالسي (2231)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 42 و 45)، والحازمي في الاعتبار (1/ 250 - 251/ 40).
• ولحديث أنس إسناد آخر غير معروف، راجعه تحت الحديث رقم (48).
• وحديث أنس هذا: صححه البخاري، وابن خزيمة، وقال الترمذي: "حسن
صحيح"، وقال البغوي: "صحيح"، وقال الحازمي: "حسن"، واحتج به النسائي وأبو داود.
***
172 -
. . . سفيان: حدثني علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد، ومسح على خفيه. فقال له عمر: إني رأيتك صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه؟ قال: "عمدًا صنعته".
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (277)، وأبو عوانة (1/ 200 - 201/ 646 - 649)، وأبو نعيم في مستخرجه (1/ 331/ 636)، والترمذي (61)، وقال:"حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(50)، والنسائي (1/ 86/ 133)، والدارمي (1/ 659/176)، وابن خزيمة (12)، وابن حبان (4/ 606 و 607/ 1706 و 1708)، وابن الجارود (1)، وأحمد (5/ 350 و 351 و 358)، وعبد الرزاق (1/ 54/ 158)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (40)، وابن أبي شيبة (1/ 162/ 1861)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 453 و 454/ 11333 و 11336)، وابن المنذر (1/ 108/ 4)، والطحاوي (1/ 41)، والبيهقي (1/ 118 و 162 و 271)، وابن عبد البر (18/ 239 و 240)، والحازمي في الاعتبار (1/ 249 - 250 و 255/ 39 و 44)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 324/ 231)، وفي التفسير (2/ 15)، وقالا:"حديث صحيح".
وفي رواية صحيحة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد، ومسح على خفيه [النسائي. الترمذي. ابن خزيمة. ابن حبان. ابن الجارود. وغيرهم].
• واختلف فيه على سفيان الثوري:
1 -
فرواه يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن نمير، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن الوليد العدني، وأبو عامر العقدي، وأبو داود الحفري، وأبو بكر الحنفي، ومعاوية بن هشام، ويحيى بن آدم، ومحمد بن يوسف الفريابي، وقبيصة بن عقبة، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد، والقاسم بن يزيد الجرمي، وعبيد اللّه بن موسى، وعلي بن قادم، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، ووكيع بن الجراح [وهم عشرون رجلًا]:
كلهم: عن الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه به هكذا.
2 -
ورواه أيضًا: وكيع، وعبد الرزاق، ومعاوية بن هشام، وتابعهم: معتمر بن سليمان:
أربعتهم: عن سفيان الثوري، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم فتح مكة صلى الصلوات كلها بوضوء واحد. ليس فيه قصة عمر، واللفظ لوكيع.
ولفظ معتمر:
…
فإنه شغل، فجمع بين الظهر والعصر بوضوء واحد.
ولفظ عبد الرزاق: فصلى الظهر والعصر والمغرب بوضوء واحد.
ولفظ معاوية: فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد.
أخرجه ابن ماجه (510)، وابن خزيمة (13 و 14)، وابن حبان (4/ 607/ 1707)، وعبد الرزاق (1/ 54/ 157)، وابن أبي شيبة (1/ 34/ 298)، والروياني (68)، وابن جرير الطبري (4/ 453 و 454/ 11334 و 11337)، وابن شاهين في الناسخ (88).
3 -
وخالفهم: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين [وهؤلاء الثلاثة هم أثبت الناس في الثوري]:
فرووه عن الثوري، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ
…
الحديث. هكذا مرسلًا بدون ذكر بريدة بن الحصيب في الإسناد.
أخرجه أحمد في العلل (3/ 64/ 4188)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (41)، وابن جرير الطبرى (4/ 454/ 11335)، وذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 58/ 152).
ومن هذا السرد يظهر أن لسفيان الثوري في هذا الحديث شيخين: علقمة بن مرثد ومحارب بن دثار، فإن قيل: ألا نرجح رواية الجماعة فهم أكثر عددًا (20)؟ فيقال: قد روى الحديث عن الثوري بالإسنادين أثبت أصحابه: القطان وابن مهدى ووكيع، وتابعهم عبد الرزاق ومعاوية بن هشام، فهؤلاء خمسة من أصحاب الثوري: رووه مرة عن الثوري عن علقمة بن مرثد، ومرة عن الثوري عن محارب بن دثار، مما يدل على أن كلا الوجهين محفوظ عن الثوري، وأنه كان له فيه شيخان؛ والثوري إمام حافظ مكثر جدًّا، يحتمل من مثله هذا التعدد في الأسانيد.
هذا من جهة ثبوته عن محارب بن دثار، وأما من جهة الاختلاف على الثوري في إسناد محارب هذا، فالمحفوظ: المرسل؛ ذلك أن الذين أرسلوه أحفظ وأثبت وأتقن، وهم أحفظ لحديث الرجل، وبه ألصق من غيرهم، فهم أثبت الناس فيه، وأعلم بحديثه من هؤلاء الذين وصلوه وإن كان لهم جلالة قدرًا.
قال عبد الله بن أحمد في العلل: "حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا سفيان في حديث محارب، عن سليمان بن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: في حديث يوم فتح مكة أنه صلى الصلوات بوضوء واحد، وقال وكيع: عن أبيه. فقال يحيى: هو مرسل".
فهذا ثبات من يحيى بن سعيد القطان على روايته المرسلة، وأنه هو هكذا عند سفيان الثوري، وأن وكيع بن الجراح وهم في وصله.
ولما سئل أبو زرعة عن رواية أبي نعيم المرسلة ورواية وكيع المتصلة؟ رجح المرسل، فقال:"حديث أبي نعيم: أصح"[علل ابن أبي حاتم (1/ 58 - 59/ 152)].
وقال أبو بكر ابن خزيمة: "لم يسند هذا الخبر عن الثوري أحد نعلمه غير المعتمر ووكيع، ورواه أصحاب الثوري غيرهما: عن سفيان، عن محارب، عن سليمان بن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان المعتمر ووكيع مع جلالتهما حفظا هذا الإسناد واتصاله؛ فهو خبر غريب غريب"[الصحيح (1/ 10)].
وقال الترمذي في المرسل: "وهذا أصح من حديث وكيع".
قلت: ومرسل محارب لا يعل موصول علقمة بن مرثد.
ومما ينبغي التنبيه عليه: أن علي بن قادم [وهو كوفي صدوق] قد خالف هذا الجمع الكثير وهؤلاء الأئمة المقدَّمين في الثوري، فزاد في روايته، وشذ بهذه الزيادة حيث قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ومسح على الخفين، وصلى الصلوات كلها بوضوء واحد، فزاد: مرة مرة.
أخرجه البيهقي (1/ 271)، وأشار إليه الترمذي.
• وقد روي حديث بريدة من غير طريق الثوري:
رواه عمرو بن قيس الملائي وقيس بن الربيع:
كلاهما عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه به، بدون قصة عمر.
أخرجه الطيالسي (842)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2081)، والطبراني في الأوسط (4/ 221/ 4032)، وابن شاهين في الناسخ (89).
• وقد روي بإسناد واهٍ من حديث ابن عمر:
رواه الحكم بن ظهير [متروك، كذبه ابن معين]، عن مسعر، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد.
أخرجه ابن جرير في تفسيره (11338)، وابن عدي في كامله (2/ 209).
وهذا باطل بهذا الإسناد.
وأما حديث بريدة: فصحيح متصل ثابت؛ صححه مسلم والترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والبغوي والحازمي وغيرهم.
وقد روي معناه في حديث جابر:
يرويه زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي: حدثنا الفضل بن مبشر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يصلي الصلوات بوضوء واحد، فقلت: ما هذا؟! فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا فأنا أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن ماجه (511)، وابن جرير الطبري (4/ 452/ 11321).
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 73): "هذا إسناد ضعيف، الفضل بن مبشر: ضعفه الجمهور".
قلت: وزياد البكائي: ضُعِّف في غير ابن إسحاق [انظر: التهذيب (3/ 196)].
• وأما حكم المسألة: فهي من مسائل الإجماع:
قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 109): "وقد أجمع أهل العلم على أن لمن تطهر للصلاة أن يصلي ما شاء بطهارته من الصلوات إلا أن يحدث حدثًا ينقض طهارته".
وقال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم يحدث، وكان بعضهم يتوضأ لكل صلاة استحبابًا وإرادة الفضل".
وقال البغوي: "يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد عند عامة أهل العلم، وتجديد الوضوء مستحب إذا كان قد صلى بالوضوء الأول صلاة، وكرهه قوم إذا لم يكن قد صلى بالوضوء الأول صلاة فرضًا أو تطوعًا"[شرح السُّنَّة (1/ 325)].
• لكنهم اختلفوا: هل كان الوضوء لكل صلاة واجبًا ثم نسخ، أم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله استحبابًا ثم خشي أن يظن وجوبه فتركه لبيان الجواز؟
وكلاهما محتمل.
ومنشأ الخلاف من فهم الدلالة من قول الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6]، فإن ظاهرها إيجاب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة طاهرًا أو غير طاهر، فلما جاءت السُّنَّة بينت المراد من هذا الأمر؛ قال الطبري في تفسيره: "وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب: قول من قال: إن الله عنى بقوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] جميع أحوال قيام القائم إلى الصلاة؛ غير أنه أمر فرض بغسل ما أمر الله بغسله القائم إلى صلاته بعد حدث كان منه ناقض طهارته، وقبل إحداث الوضوء منه.
وأمر ندب لمن كان على طهر قد تقدم منه، ولم يكن منه بعده حدث ينقض طهارته.
ولذلك كان عليه السلام يتوضأ لكل صلاة قبل فتح مكة، ثم صلى يومئذ الصلوات كلها بوضوء واحد، ليعلم أمته أن ما كان يفعل عليه السلام من تجديد الطهر لكل صلاة، إنما كان منه أخذًا بالفضل، وإيثارًا منه لأحب الأمرين إلى الله، ومسارعة منه إلى ما ندبه إليه ربه، لا على أن ذلك كان عليه فرضًا واجبًا
…
"، ثم شرع يتأول حديث عبد الله بن حنظلة المتقدم برقم (48).
قلت: قد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى صلاتي العصر والمغرب بوضوء واحد، وذلك في عام خيبر، يعني: قبل فتح مكة بزمان؛ فقد روى يحيى بن سعيد قال: أخبرني بشير بن يسار، قال: أخبرني سويد بن النعمان، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر، حتى إذا كنا بالصهباء صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فلما صلى دعا بالأطعمة فلم يؤت إلا بالسويق، فأكلنا وشربنا، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم إلى المغرب فمضمض، ثم صلى لنا المغرب، ولم يتوضأ.
أخرجه البخاري في الصحيح (209 و 215 و 2981 و 4175 و 4195 و 5384 و 5390 و 5454 و 5455)، وفي التاريخ الكبير (4/ 141)، والنسائي (1/ 108/ 186)،