الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
64 - باب في الانتضاح
166 -
. . . سفيان -هو الثوري-، عن منصور، عن مجاهد، عن سفيان بن الحكم الثقفي -أو: الحكم بن سفيان الثقفي- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال يتوضأ ويتضح.
• حديث ضعيف.
أخرجه من طريق سفيان الثوري:
البخاري في التاريخ الكبير (2/ 329 و 330)، والنسائي (1/ 86/ 135)، والحاكم (1/ 171)، وأحمد (4/ 179 و 212) و (5/ 408)، وابنه عبد الله فيما وجده بخط أبيه في المسند (3/ 410) و (4/ 212) و (5/ 409)، وعبد الرزاق (1/ 152/ 587)، والسري بن يحيى في حديث الثوري (91)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 243/ 150)، وابن قانع في المعجم (1/ 206)، والطبراني في الكبير (3/ 216/ 3174) و (7/ 67/ 6392)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 718/ 1919)، والبيهقي (1/ 161).
هكذا رواه عن الثوري جماعة -على الشك- منهم: محمد بن كثير، وعبد الرزاق، ويعلى بن عبيد، وقبيصة بن عقبة، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان [وهم ثقات، والأربعة الآخرون هم أثبت الناس في الثوري].
وفي رواية ليحيى بن سعيد القطان: عن رجل من ثقيف، وهو الحكم بن سفيان -أو: سفيان بن الحكم-.
ورواه عن الثوري أيضًا: وكيع بن الجراح، فقال: عن رجل من ثقيف، فلم يسمه.
ورواه عنه بغير شك فقال: عن الحكم بن سفيان: محمد بن يوسف الفريابي، وقاسم بن يزيد الجرمي، وعفيف بن سالم.
• والمحفوظ عن الثوري: ما رواه عنه جماعة الحفاظ، وفيهم أثبت أصحابه من الأئمة: عن سفيان بن الحكم، أو: الحكم بن سفيان، هكذا بالشك.
***
قال أبو داود: وافق سفيانَ جماعةٌ على هذا الإسناد، وقال بعضهم: الحكم أو ابن الحكم.
قلت: نعم، تابع الثوري على روايته عن منصور بن المعتمر هكذا بالشك في اسم الصحابي بدون ذكر أبيه في الإسناد: زائدة بن قدامة، ومعمر بن راشد، وروح بن القاسم، ومفضل بن مهلهل:
أربعتهم [وهم ثقات أثبات]: عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو: سفيان بن الحكم- قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال وتوضأ، ونضح فرجه بالماء.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 329)، وأحمد (4/ 179 و 212) و (5/ 408)، وعبد الرزاق (1/ 152/ 586)، وعبد بن حميد (486)، وابن قانع في المعجم (1/ 206)، والطبراني في الكبير (3/ 216 و 217/ 3174 و 3181) و (7/ 67/ 6392)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 717/ 1918).
وقد اختلف فيه على زائدة بن قدامة:
فرواه عنه به هكذا: عبد الرحمن بن مهدي، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، ويحيى بن أبي بغير.
وخالفهم: معاوية بن عمرو [كوفي بغدادي، ثقة] قال: حدثنا زائدة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم -أو: ابن الحكم-، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال، ثم توضأ، ونضح فرجه.
فزاد في إسناده: عن أبيه؛ فوهم.
أخرجه أبو داود (168).
ورواية ابن مهدي وأبي الوليد وابن أبي بغير: هي الصواب؛ فإنهم أكثر عددًا، وأعلى رتبة في الحفظ والضبط والإتقان والمنزلة، وابن مهدي إمام، والله أعلم.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح، على شرطهما، وإنما تركاه للشك فيه، وليس ذلك مما يوهنه، وقد رواه جماعة عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان، وقد تابع ابن أبي نجيح: منصور بن المعتمر على روايته أيضًا [بغير] شك".
• قلت: قد اختلف فيه على منصور:
1 -
فرواه سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة [في المحفوظ عنه]، ومعمر بن راشد، وروح بن القاسم، ومفضل بن مهلهل [خمستهم وهم ثقات أثبات]، عن منصور به كما تقدم على الشك؛ بدون ذكر "أبيه" في الإسناد.
2 -
ورواه جرير بن عبد الحميد، وأبو عوانة، وعَبيدة بن حميد [وهم ثقات أثبات]: عن منصور، عن مجاهد، عن أبي الحكم -أو: الحكم بن سفيان الثقفي- قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ، ونضح على فرجه.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 329)، وأحمد في المسند (3/ 410) و (4/ 212)، وفى العلل ومعرفة الرجال (3/ 248/ 5096)، وابن قانع في المعجم (1/ 205 - 206)، والطبراني في الكبير (3/ 216 و 217/ 3179 و 3184).
3 -
ورواه زكريا بن أبي زائدة، وعمار بن رزيق، وسلام بن أبي مطيع، وقيس بن الربيع: أربعتهم [وهم ثقات، عدا قيس بن الربيع ففيه كلام] رووه: عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان الثقفي: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ثم أخذ كفًّا من ماء فنضح به فرجه.
أخرجه البخاري في التاريخ (2/ 329 و 330)، والنسائي (1/ 86/ 135)، وابن ماجه (461)، وابن أبي شيبة (1/ 155/ 1781)، وابن قانع في المعجم (1/ 206)، والطبراني في الكبير (3/ 216 و 217/ 3175 و 3180 و 3182 و 3183)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 718 و 719/ 1920 - 1922).
4 -
ورواه مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، عن منصور، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ نضح فرجه بالماء.
أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (200).
بإسناد صحيح إلى مسعر.
5 -
ورواه وهيب بن خالد [ثقة ثبت]، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي الحكم بن سفيان الثقفي، عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال فتوضأ، وأخذ ماء فنضح به.
أخرجه البخاري في التاريخ (2/ 329)، والطبراني في الكبير (3/ 216/ 3178)، لكن وقع عنده:"عن الحكم" غير مكني.
فزاد وهيب في الإسناد: "عن أبيه".
6 -
تابعه شعبة [أمير المؤمنين في الحديث]، لكن اختلف عليه:
أ- فرواه خالد بن الحارث [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب شعبة]، عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ حفنة من ماء، فقال بها هكذا، يعني: نضح بها فرجه.
أخرجه النسائي (1/ 86/ 134).
ب- ورواه أبو داود الطيالسي، وأبو الوليد الطيالسي، وحفص بن عمر الحوضي، والنضر بن شميل، وحجاج بن منهال:
خمستهم [وهم ثقات من أصحاب شعبة]، عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو: أبي الحكم- رجل من ثقيف، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأخذ حفنة من ماء فنضح بها فرجه.
أخرجه البخاري في التاريخ (2/ 330)، وأبو داود الطيالسي (1364)، والروياني (1477)، وابن قانع في المعجم (1/ 205 و 316)، والطبراني في الكبير (3/ 216/ 3176)، والبيهقي (1/ 161).
ج - ورواه علي بن الجعد، وسليمان بن حرب:
كلاهما [وهما ثقتان من أصحاب شعبة]، عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف يقال له: الحكم -أو: أبو الحكم-: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم أخذ حفنة من ماء فقال بها هكذا، يعني: انتضح بها. لفظ ابن الجعد، وقال سليمان: أخذ كفًّا من ماء فنضح به ثيابه.
أخرجه البغوي في مسند ابن الجعد (821)، والطبراني في الكبير (3/ 216/ 3177).
فالمحفوظ عن شعبة: رواية الحفاظ، أعنى: الجماعة وفيهم أثبت أصحابه، حيث زادوا في الإسناد:"عن أبيه".
فوافق بذلك شعبة وهيبًا في هذه الزيادة.
• تابع منصور بن المعتمر على هذا الوجه:
ابن أبي نجيح؛ فزاد في الإسناد: عن أبيه، لكن أبهم اسم الحكم.
رواه سفيان بن عيينة، وهو الحديث الآتي:
***
167 -
. . . سفيان -هو: ابن عيينة-، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم نضح فرجه.
• حديث ضعيف.
أخرجه البخاري في التاريخ تعليقًا (2/ 330)، والحاكم (1/ 171)، وأحمد (4/ 69) و (5/ 380)، والبيهقي (1/ 161).
وهذا الإسناد إلى الثقفي: إسناد مكي صحيح، وعبد الله بن أبي نجيح سمع مجاهدًا [التاريخ الكبير (5/ 233)].
• هكذا اختلف الرواة عن منصور في اسم راوي هذا الحديث:
فمنهم من قال: الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم.
ومنهم من قال: الحكم بن سفيان أو أبو الحكم بن سفيان.
ومنهم من رواه بغير شك:
فقال: الحكم بن سفيان.
أو قال: أبو الحكم بن سفيان.
وأبهمه مسعر فقال: عن رجل من ثقيف.
وكذا أبهمه ابن أبي نجيح عن مجاهد.
[وممن ذكر الاختلاف فيه: أبو نعيم في المعرفة (2/ 717)، وابن الأثير في الأسد (2/ 46)، والمزي في تحفة الأشراف (3/ 71)].
والذين اختلفوا في هذا على منصور كلهم ثقات حفاظ، ومنصور ثقة حافظ، وعلى هذا، فإن هذا يُعد اضطرابًا.
ثم إنهم اختلفوا على منصور في زيادة: "عن أبيه" في الإسناد.
فرواه الأكثر -وهم ثلاثة عشر رجلًا من الثقات فيهم عدد من الأئمة أرفعهم قدرًا ومنزلة: سفيان الثوري، وفيهم من أثبت أصحاب منصور: الثوري وجرير الضبي- رووه عن منصور بدون ذكر: "عن أبيه" في الإسناد.
وزادها شعبة ووهيب فقالا: "عن أبيه"، ووافقهما: ابن أبي نجيح عن مجاهد.
• وقد اختلف الأئمة النقاد في أيهما الأرجح:
فقال البخاري: "الصحيح: ما روى شعبة ووهيب، وقالا: عن أبيه، وربما قال ابن عيينة في هذا الحديث: عن أبيه، وقال شعبة: عن الحكم أو أبي الحكم عن أبيه"، قال البخاري:"وقال بعض ولد الحكم بن سفيان: إن الحكم لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره"[علل الترمذي الكبير 271)].
ولم يرجح البخاري في تاريخه الكبير شيئًا بعدما سرد الاختلاف في هذا الحديث وأطال فيه؛ إلا أنه ختم هذا الاختلاف بقوله: "وقال بعض ولد الحكم بن سفيان: لم يدرك الحكم النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي هذا ميل إلى ترجيح رواية شعبة ووهيب.
ولعل البخاري رجح عدم إدراك الحكم للنبي صلى الله عليه وسلم اعتمادًا منه على ما أسنده الإمام أحمد في مسنده (3/ 410) و (4/ 179 و 212) و (5/ 408)، وفي العلل (3/ 248/ 5097)، قال:"حدثنا أسود بن عامر: حدثنا شريك، قال: سألت أهل الحكم بن سفيان؟ فذكروا أنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم".
وفي تصرف الإمام أحمد هذا: من إتباع حديث الحكم بن سفيان بنفي إدراكه للنبي صلى الله عليه وسلم، إعلال منه لهذا الحديث، والله أعلم.
فهذه قرينة قوية ترجح بها رواية الاثنين: شعبة ووهيب على رواية الجماعة (13)، وفيهم الحفاظ المتقنون من أصحاب منصور.
وشعبة أيضًا من أثبت أصحاب منصور، ووهيب: ثقة ثبت، ولم ينفردا بذلك، فقد جاءت هذه الزيادة من وجه آخر: رواها ابن أبي نجيح عن مجاهد، مما يدل على أن شعبة ووهيبًا قد حفظا هذه الزيادة، فهي زيادة من ثقات حفاظ متقنين دلت القرائن على صحتها فوجب قبولها.
ووافق البخاري في هذا -أعني: في ترجيح قول من زاد "عن أبيه" في الإسناد-: أبو حاتم الرازي، فقال:"الصحيح: مجاهد عن الحكم بن سفيان عن أبيه، ولأبيه صحبة"[العلل (1/ 46/ 103)].
وكذا: ابن المديني، فيما حكاه الذهلي عنه [ذكره ابن حجر في التهذيب (2/ 388)، والإصابة (1/ 345)].
وخالف أحمدَ وابنَ المديني والبخاري وأبا حاتم فيما ذهبوا إليه من إثبات زيادة "عن أبيه" في الإسناد:
خالفهم: أبو زرعة وإبراهيم الحربي حيث صححا أن للحكم بن سفيان صحبة [الإصابة (1/ 345)، التهذيب (2/ 388)].
قال أبو زرعة: "الصحيح: مجاهد عن الحكم بن سفيان، وله صحبة"[العلل (1/ 46)].
وقول الجماعة أقرب إلى الصواب؛ لما معه من القرائن.
وأما قول ابن عبد البر في الاستيعاب (484): "له حديث واحد في الوضوء:
مضطرب الإسناد، يقال: إنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وسماعه منه عندي صحيح؛ لأنه نقله الثقات، منهم الثوري ولم يخالفه من هو في الحفظ والإتقان مثله".
فيقال: قد خالفه من هو مثله في الحفظ والإتقان: شعبة، وتبعه وهيب بن خالد، ورواه على هذا الوجه بالزيادة ابن أبي نجيح عن مجاهد، ونفى أهل الحكم بن سفيان أن يكون أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن ابن عبد البر نفسه لم يستقر على هذا القول؛ فقد أعاد ذكره مرة أخرى في الاستيعاب (967) فقال:"سفيان بن الحكم، ويقال: الحكم بن سفيان: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم يقولون: الحكم بن سفيان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول: سفيان بن الحكم عن أبيه، وهو حديث مضطرب جدًّا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ونضح فرجه".
• وممن أعله بالاضطراب مطلقًا أيضًا:
الترمذي: حيث قال في جامعه (1/ 72) بعد الحديث رقم (50): "وقال بعضهم: سفيان بن الحكم أو الحكم بن سفيان، واضطربوا في هذا الحديث".
وقال الذهبي في الميزان (1/ 570): "ما له غيره، وقد اضطرب فيه منصور عن مجاهد ألوانًا
…
".
وقال ابن حجر في إتحاف المهرة (4/ 315): "فيه اختلاف كثير على مجاهد، وقد أعل بالاضطراب".
وقال في التهذيب (2/ 388): "وفيه اضطراب كثير".
وقال في التقريب (262): "قيل: له صحبة، لكن في حديثه اضطراب".
وسكت عنه في الفتح (10/ 338).
وأورده السيوطي في تدريب الراوي (1/ 266) كمثال على الاضطراب في الإسناد.
قلت: حيث ثبت لدينا أن المحفوظ في هذا الإسناد قول من قال: مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو كيفما قالوا في اسمه ونسبه-، عن أبيه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم . . . الحديث.
فعندئذ يقال: بأن الاضطراب هنا ليس بقادح؛ إذ إن الاختلاف فيه دائر على اسم الراوي ونسبه، ولم يعده إلى غيره، فإن الاضطراب القادح هو ما لا يتحقق معه معرفة عين راوي الحديث، ويكون دائرًا بين ثقة وضعيف أو أكثر، بحيث لا نستطيع معه الوقوف على عين الراوي للحديث، بحيث يتسنى لنا الحكم على السند، بخلاف ما لو كان دائرًا كيفما كان على ثقة، فلا إشكال حينئذ.
أما والحال كهذه، قد عرفنا عين الراوي، وإنما وقع الاختلاف في تعيين اسمه ونسبه، فهو تابعي يروي هذا الحديث عن أبيه، ولأبيه صحبة.
وهذا الراوي غير مشهور؛ إذ لو كان مشهورًا لما وقع الاختلاف والاضطراب في اسمه واسم أبيه، فهو في عداد المجاهيل؛ إذ لم يرو عنه غير مجاهد، وما له من الحديث إلا هذا فقط.
قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (5/ 136/ 2376): "لا نترك رواية من زاد: عن أبيه لترك من ترك ذلك، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وإذا لم يكن بد من زيادته، فالحكم: تابعي، فيحتاج أن نعرف من عدالته ما يلزمنا به قبول روايته، وإن لم يثبت ذلك لم تصح عندنا روايته، ونسأل من صححها عما علم من حاله، وليس بمبين لها فيما أعلم، والله الموفق".
• قلت: لكن هناك قرائن تجعلنا ننظر في قبول حديثه، فإنها محتملة:
القرينة الأولى: أن الراوي عنه: مجاهد بن جبر: إمام عالم فقيه مفسر مقرئ، أحد سادات زمانه في العلم والعمل، وهو تابعي أيضًا، من الطبقة الوسطى من التابعين، فرواية مثله عن مجهول مما يرفع حال هذا المجهول إذا لم يرو منكرًا.
الثانية: مع كونه لم يرو غير هذا الحديث، ولم يرو عنه غير مجاهد، فلم يحكم على حديثه بالوهم، ولا عليه بالجهالة، لا سيما من أبي حاتم الرازي، ولم يحكم عليه بالضعف أيضًا، أو: أنه منكر الحديث، لو كان حديثه هذا منكرًا، بل إنهم قد اختلفوا في صحبته، وإنما تصح لأبيه.
الثالثة: أنه ثقفي، وقبيلة ثقيف منزلها الطائف، فليس ثمة تباعد في الدار بينه وبين الراوي عنه: مجاهد المكي، فإن أهل الطائف كثيرو الورود والنزول إلى مكة.
الرابعة: أدخله ابن حبان في ثقاته (3/ 85) فيمن روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الخامسة: احتج أبو داود والنسائي بحديثه هذا، ولم يذكرا له علة سوى الاختلاف السابق ذكره، ولا يعل بمثله الحديث.
القرينة السادسة: وهي الأهم: هل توبع الحكم بن سفيان على حديثه هذا في النضح بعد الوضوء، وهل هذه الشواهد مما تصلح في باب الشواهد والمتابعات، فإن كانت صالحة قُبِل حديثه وإلا فلا، لعدم صلاحية حديثه هذا للاحتجاج به في هذا الحكم الشرير، أعنى: إذا انفرد به ولم يتابع عليه:
• فمن هذه الشواهد:
1 -
ما رواه ابن لهيعة، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد، عن أبيه زيد بن حارثه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن جبريل عليه السلام أتاه في أول ما أُوحي إليه، فعلمه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه".
وفي رواية: "علمني جبرائيل الوضوء، وأمرني أن أنضح تحت ثوبي لما يخرج من البول بعد الوضوء".
أخرجه ابن ماجه (462)، وأبو الحسن القطان في زوائده على ابن ماجه (462 م)، والحاكم (3/ 217)، وأحمد (4/ 161)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 155/ 1782)، وفي المسند (661)، وعبد بن حميد (283)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (1/ 201/ 258 و 259)، وفي الأوائل (38)، والحارث بن أبي أسامة (1/ 210/ 72 - زوائده)،
والبزار (4/ 167/ 1332)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 243/ 151 و 152)، والطبراني في الكبير (5/ 85/ 4657)، وفي الأوائل (18)، وابن عدي في الكامل (4/ 150)، والدارقطني (1/ 111)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1140/ 2858)، والبيهقي (1/ 162)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 56)، والخطيب في التاريخ (10/ 363)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 354/ 584)، والمزي في التهذيب (10/ 39).
قال ابن عدى: "وهذا الحديث بهذا الإسناد لا أعلم يرويه غير ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري".
قلت: رواه رشدين بن سعد، عن عقيل [وقرة]، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن جبريل عليه السلام لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فعلمه الوضوء، فلما فرغ من وضوئه أخد حفنة من ماء فرش بها نحو الفرج"، قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يرش بعد وضوئه.
فلم يذكر زيد بن حارثة، وزاد قرة في الإسناد.
أخرجه أحمد (5/ 203)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (5/ 203)، والدارقطني (1/ 111) والزيادة له. وابن الجوزي في العلل (585).
• فإن قيل: تابع ابنَ لهيعة الليثُ بن سعد:
فيقال: متابعة الليث لا تصح ولا تثبت:
قال الطبراني في الأوسط (4/ 174/ 3901): حدثنا علي بن سعيد الرازي، قال: نا محمد بن عاصم الرازي، قال: نا سعيد بن شرحبيل، قال: نا الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد، عن أبيه زيد بن حارثة: أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في أول ما أوحي إليه فعلمه الوضوء، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم أخد بيده فانتضح به فرجه.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الليث إلا سعيد بن شرحبيل، والمشهور من حديث ابن لهيعة".
وفي تفرد سعيد بن شرحبيل به عن الليث بن سعد: نظر؛ فأين أصحاب الليث والمصريون من هذا الحديث حتى يتفرد به أحد الغرباء الكوفيين.
فإن قيل: قد أخرج البخاري في صحيحه حديثين (4295 و 3596): عن سعيد بن شرحبيل: حدثنا الليث بن سعد.
فيقال: لم يحتج به على انفراده عن الليث، قال الحافظ في الفتح (8/ 21):"وليس له عنه في الصحيح سوى هذا الموضع، وآخر في علامات النبوة، وكل منهما عنده له متابع عن الليث بن سعد".
والذي يظهر لي -والله أعلم- أن من دون سعيد بن شرحبيل قد غلطوا عليه في هذا الإسناد، وأن سعيد بن شرحبيل يرويه كالناس: عن ابن لهيعة، إذ هو معروف بالرواية عنه، فجعلوه عن الليث بدل ابن لهيعة.
وشيخ الطبراني: علي بن سعيد بن بشير الرازي: قال الدارقطني: "ليس في حديثه كذاك،
…
، قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها، في نفسي منه، وقد تكلم فيه أصحابنا بمصر" وأشار بيده، وقال: "هو كذا وكذا"، كأنه ليس هو بثقة [سؤالات السهمي (348)] [وانظر: الميزان (3/ 131)، اللسان (4/ 265)].
أما زيادة قرة بن عبد الرحمن المعافري المصري [وهو: ضعيف] في الإسناد: فلا تعرف إلا من طريق رشدين بن سعد، وهو: ضعيف أيضًا.
قال الألباني في السلسلة الضعيفة (3/ 478/ 1312): "فالحديث الفعلي: حسن بمجموع الطريقين عن عقيل، واختلاف ابن لهيعة وابن سعد في إسناده لا يضر؛ لأنه على كل حال مسند، فإن أسامة بن زيد صحابي كأبيه، وأما الحديث القولي: فمنكر، والله أعلم".
وقال في الصحيحة (2/ 519/ 841): "وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة، فهو ضعيف لسوء حفظه، لكن تابعه رشدين عند أحمد وابنه (5/ 253)، والدارقطني، وهو ابن سعد، وهو في الضعف مثل ابن لهيعة، فأحدهما يقوي الآخر، لا سيما وله شاهد
…
".
قلت: ابن لهيعة ورشدين بن سعد: ضعيفان؛ فكيف يحتمل منهما التفرد بهذا الإسناد الصحيح، دون أصحاب عقيل بن خالد الثقات، ولم يروه عن الزهري سوى عقيل بن خالد، وهو ثقة من أصحاب الزهري.
وكنت أرى أن الخطب فيه يسير حتى رأيت أبا حاتم الرازي لما سأله ابنه عن هذا الحديث فقال: "هذا حديث كذب باطل"[العلل (1/ 46/ 104)].
فبحثت له عن علة، فما وجدت له سوى تفرد هذين الضعيفين بهذا الإسناد الصحيح.
ثم وجدت علة أخرى، فإن ابن عبد البر لما ذكر قول ابن إسحاق في التمهيد (8/ 52): "ثم إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم حين افترضت عليه الصلاة -يعني: في الإسراء- فهمز له بعقبه في الوادي، فانفجرت عين ماء مزن، فتوضأ جبريل، ومحمد ينظر، فوضأ وجهه، واستنشق ومضمض، ومسح برأسه وأذنيه، ورجليه إلى الكعبين، ونضح فرجه، ثم قام يصلي ركعتين، وأربع سجدات
…
".
قال ابن عبد البر: "وأما قوله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ حينئذ، وأن جبريل نزل عليه يومئذ بالوضوء، فإنما أخذه -والله أعلم- من حديث زيد بن حارثة"، ثم أسنده من طريق ابن لهيعة.
والمحفوظ من حديث عدد من الصحابة أن جبريل عليه السلام إنما نزل ليعلمه المواقيت، ليس فيه ذكر الوضوء ونضح الفرج [انظر: صحيح البخاري (521 و 3221 و 4007)، مسلم (610)، التمهيد (3/ 354 - 364) فليراجع].
فلعله لهذا المعنى قال أبو حاتم: "هذا حديث كذب باطل"، والله أعلم.
2 -
الشاهد الثاني:
يرويه سلم بن قتيبة، عن الحسن بن علي الهاشمي، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جاءني جبريل فقال: يا محمد! إذا توضأت فانتضح".
أخرجه الترمذي (50)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي (41)، وابن ماجه (463)، والبزار (15/ 313/ 8844)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 234)، وابن حبان في المجروحين (1/ 235)، وابن عدي في الكامل (2/ 321)، والدارقطني في الأفراد (5/ 211/ 5189 - أطرافه)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 9)، وابن الجوزي في العلل (1/ 355/ 586).
قال الترمذي: "هذا حديث غريب"، قال:"وسمعت محمدًا يقول: الحسن بن علي الهاشمي: منكر الحديث".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد".
وقال العقيلي وذكر له حديثًا آخر: "ولا يتابع عليهما من هذا الوجه، فأما الانتضاح: فقد روي بغير هذا الإسناد؛ بإسناد صالح، وأما الثاني: فلا يحفظ إلا عنه"[(1/ 254 - الصميعي)].
وقال ابن حبان بعد أن روى للحسن هذا حديثين هذا أحدهما؛ قال: "جميعًا باطلان".
وقال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به الحسن بن علي الهاشمي عن الأعرج".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (1/ 391): "إسناد غريب".
وضعفه عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 185).
وقال الألباني في الضعيفة (1312): "منكر".
وهو كما قالوا؛ حديث منكر؛ تفرد به الحسن بن علي النوفلي الهاشمي عن الأعرج دون أصحابه المشاهير الثقات على كثرتهم، والحسن بن علي هذا: منكر الحديث؛ قليل الحديث جدًّا، يروي عن الأعرج مناكير [انظر: التهذيب (2/ 280)، الميزان (1/ 505)].
فهو حديث باطل منكر.
2 -
وروى عاصم بن علي: حدثنا قيس، عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فنضح فرجه.
أخرجه ابن ماجه (464).
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 67): "هذا إسناد ضعيف، لضعف قيس وشيخه، وله شاهد من حديث سفيان بن الحكم الثقفي، رواه أبو داود والنسائي".
وهو كما قال؛ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: فقيه صدوق سيء الحفظ جدًّا، وقيس بن الربيع: صدوق، أدخل عليه ولده ما ليس من حديثه فحدث به، وعاصم بن علي: صدوق ربما وهم.
لكنه غريب؛ تفرد به أهل الكوفة عن أهل مكة.
وقد روى هذا الحديث: نوح بن أبي مريم أبو عصمة المروزي [وهو متروك، منكر الحديث، واتهم بالوضع]، فرواه مرة عن أبيه، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخد كفًّا من ماء فنضح به فرجه.
ورواه مرة أخرى فلم يقل: عن أبيه، وقال: عن أبي الزبير.
أخرجهما ابن عدى في الكامل (7/ 42).
فلا يعتبر به ولا كرامة.
4 -
وروى قبيصة: ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء، وتوضأ مرة مرة، ونضح فرجه.
أخرجه الدارمي (1/ 194/ 711)، والبزار (11/ 424/ 5280)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 244/ 154)، والبيهقي (1/ 162).
قال البزار: "وأما حديث قبيصة: أنه توضأ وانتضح؛ فأخطأ فيه، إنما كان نضح قدميه فحمله على نضح الفرج إذ اختصره".
وقال البيهقي: "قوله: "ونضح" تفرد به قبيصة عن سفيان، ورواه جماعة عن سفيان دون هذه الزيادة".
قلت: هي زيادة منكرة في هذا الحديث الصحيح، وقد رواه جماعة من ثقات أصحاب الثوري بغير هذه الزيادة، منهم: يحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وعبد الرزاق، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبو عاصم النبيل، وغيرهم.
ورواه عن زيد بن أسلم فلم يأت بهذه الزيادة: سليمان بن بلال، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وورقاء بن عمر، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، ومحمد بن عجلان، وهشام بن سعد.
راجع تخريج الحديث تحت الحديث رقم (117 و 133 و 134 و 137 و 138).
• وروى عنه فيه حديث آخر: يرويه إبراهيم بن فروخ مولى عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن ابن عباس قال: بت عند ميمونة خالتي، وكانت ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكر متنًا منكر السياق وفيه: "ثم قام فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومسح رأسه، ونضح فرجه بالماء، ثم قام فصلى
…
" الحديث بطوله.
ذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 459/162) وسأل عنه أباه فقال: "هذا حديث منكر، وإبراهيم هذا: هو مجهول".
قلت: قد روى حديث ابن عباس في قصة مبيته عند خالته ميمونة جماعة من التابعين من أصحاب ابن عباس فلم يذكروا فيه هذه الزيادات المنكرة التي أتى بها هذا المجهول، والذي لم يترجم له في اللسان (1/ 87) بأكثر مما قال أبو حاتم.
وحديث ابن عباس مخرج في الذكر والدعاء برقم (44).
5 -
وروي من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: "كان إذا توضأ نضح عانته".
ذكره الدارقطني في غرائب مالك، وقال:"باطل لا يصح".
أورده في اللسان في ترجمة الحسن بن أحمد بن مبارك التستري (2/ 242)، وفي ترجمة قاسم بن عبد الله بن مهدي (4/ 540).
• وحاصل ما تقدم:
أن حديث الحكم بن سفيان يحتاج إلى شاهد قوي يشهد لصحته، وليس فيما تقدم ما يقويه ويعضده سوى حديث جابر بن عبد الله، وفي إسناده ثلاثة من الرواة متكلم فيهم يروى بعضهم عن بعض: عاصم بن علي، عن قيس بن الربيع، عن ابن أبي ليلى؛ ثم قد تفرد به أهل الكوفة عن أهل مكة، فهو غريب، وهذا مما يجعل النفس لا تطمئن إلى ثبوت هذا الحديث، والذي يشتمل على حكم فقهي ألا وهو إتباع الوضوء بنضح الفرج.
فعلى من يقول بأنه سُنَّة، أن يأتي بدليل قوي يشهد له، وليس في أحاديث الباب من القوة ما تثبت به هذه السُّنَّة، والله أعلم.
انظر: شرح العمدة (1/ 164)، المغنى (1/ 103)، عارضه الأحوذي (1/ 59)، شرح الزرقاني (1/ 128) وغيرها. وقد بوب له أصحاب السنن فمنهم من قال كالترمذي:"باب ما جاء في النضح بعد الوضوء"، وقد ضعفه الترمذي جدًّا كما ترى.
ثم على فرض صحة هذا الحديث ففي أكثر الروايات: أن النبي صلى الله عليه وسلم بال، ثم توضأ، ونضح فرجه. وكذا في حديث جابر؛ مما يدل على أنها حكاية فعل وقعت مرة واحدة، ولا تدل على مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وإلا لحكاها من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما لم يأت ذكر النضح بعد الوضوء في الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي جاءت في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا عدم وقوعه، ولو فرضنا وقوعه لهذا الحديث لقلنا إنما هي حكاية فعل وقع مرة أو مرتين لسبب يقتضيه، وعلى هذا تحمل فتاوى الصحابة في هذه المسألة، وكذا قول الإمام أحمد.
قال حنبل: "سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده؟ قال: إذا توضأت فاستبرئ، ثم خذ كفًّا من ماء فرشه على فرجك، ولا تلفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله"[المغنى (1/ 103)].
وقال ابن المنذر: "وإذا كان الرجل يعتريه كثرة خروج البول منه أو كثرة المذي، انتضح بالماء عند فراغه من طهوره ليدفع بذلك وساوس الشيطان عن نفسه، وليس ذلك مستحب لمن لا علة به، والله الموفق للصواب"[الأوسط (1/ 244)].
وانظر فتاوى الصحابة ومن بعدهم في هذا المعنى: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 154)، الأوسط لابن المنذر (1/ 243)، والله أعلم.
***