المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌53 - باب الوضوء مرتين - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٢

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌48 - باب في التسمية على الوضوء

- ‌49 - باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌50 - باب يحرك يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌51 - باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌52 - باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا

- ‌53 - باب الوضوء مرتين

- ‌54 - باب الوضوء مرة مرة

- ‌57).***55 -باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق

- ‌56 - باب في الاستنثار

- ‌57 - باب تخليل اللحية

- ‌58 - باب المسح على العمامة

- ‌ وفي المسح على العمامة أحاديث صحيحة

- ‌59 - باب غسل الرجلين

- ‌60 - باب المسح على الخفين

- ‌61 - باب التوقيت في المسح

- ‌62 - باب المسح على الجوربين

- ‌63 - باب كيف المسح

- ‌64 - باب في الانتضاح

- ‌66).***65 -باب ما يقول الرجل إذا توضأ

- ‌باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد

- ‌66 - باب تفريق الوضوء

- ‌67 - باب إذا شك في الحدث

- ‌68 - باب الوضوء من القبلة

- ‌69 - باب الوضوء من مس الذكر

- ‌70 - باب الرخصة في ذلك

- ‌مس الذكر

- ‌71 - باب الوضوء من لحوم الإبل

- ‌72 - باب الوضوء من مس اللحم النيئ وغسله

- ‌73 - باب ترك الوضوء من مس الميتة

- ‌74 - باب في ترك الوضوء مما مست النار

- ‌75 - باب التشديد في ذلك

- ‌76 - باب في الوضوء من اللبن

- ‌77 - باب الرخصة في ذلك

- ‌78 - باب الوضوء من الدم

- ‌79 - باب الوضوء من النوم

الفصل: ‌53 - باب الوضوء مرتين

‌53 - باب الوضوء مرتين

136 -

. . . عبد الرحمن بن ثوبان: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين.

• حديث حسن.

أخرجه الترمذي (43)، وابن حبان (3/ 373/ 1094)، والحاكم (1/ 150)، وابن الجارود (71)، وأحمد (2/ 288 و 364)، وابن أبي شيبة (1/ 18/ 81)، وابن المنذر (1/ 407 - 408/ 407)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 88/ 125)، والدارقطني (1/ 93)، والبيهقي (1/ 79)، وذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 456).

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن ثوبان عن عبد الله بن الفضل، وهو إسناد حسن صحيح".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح علي شرط مسلم، ولم يخرجاه".

قلت: الإسناد من لدن عبد الله بن الفضل فما فوق: إسناد مدني صحيح، أخرج به الشيخان حديثًا واحدًا [البخاري (3414)، مسلم (2373)].

ولم يخرجا شيئًا لابن ثوبان، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان: دمشقي، وهو صدوق يخطيء، ورمي بالقدر، وبشيء من أمر الخوارج، وتغير بآخره، وهو عالم زاهد، وفي حديثه بعض ما ينكر، لذا فقد ضعفه بعضهم، ووثقه آخرون، فهو ليس بذاك الحافظ الذي يعتمد علي حفظه ويقبل تفرده، لا سيما وهو من أهل الشام وقد تفرد بهذا الحديث عن أهل المدينة، ولم يتابعه عليه ثقات أصحاب عبد الله بن الفضل، مثل: مالك وعبيد الله بن عمر والماجشون وزياد بن سعد وموسى بن عقبة وغيرهم من أهل المدينة، وقد لخص فيه الذهبي أقوال العلماء بقوله:"ولم يكن بالمكثر ولا هو بالحجة، بل صالح الحديث" [السير (7/ 314)؛ فمثله يعتبر تفرده منكرًا. انظر ترجمته ومصادرها: في تخريج الدعاء (2/ 846).

إلا أن هناك قرائن يقبل بها حديثه، ولا يضره تفرده كحالتنا هذه؛ وذلك أنه روي أحاديث عن عبد الله بن الفضل تربو على عشرين حديثًا جمعها الطبراني؛ قال الذهبي في السير (7/ 314):"وقد تتبع الطبراني أحاديثه؛ فجاءت في كراس تام"، قلت: أخرجها الطبراني في مسند الشاميين (1/ 86 - 95/ 119 - 140)، وهذه الأحاديث التي حددتها هي التي يرويها ابن ثوبان عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة فقط -أعني: ما رواه بإسناد هذا الحديث فقط دون ما سواه-، وإلا فالطبراني جمع حديثه الذي رواه ابن ثوبان عن أهل مكة والمدينة والبصرة والكوفة والشام والجزيرة ومصر (1/ 72 - 158/ 90 - 257).

وقد اعتبرت ما رواه بهذا الإسناد عن عبد الله بن الفضل فوجدتها أحاديث مستقيمة في الجملة، عامتها مما أخرجه الشيخان أو أحدهما، إما من طريق أبي الزناد عن الأعرج

ص: 119

عن أبي هريرة، وهو غالبها، واما من طرق أخرى عن أبي هريرة، فهي أحاديث صحيحة ثابتة، وافق فيها الثقات، فإذا كان عامة ما يرويه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عبد الله بن الفضل بهذا الإسناد أحاديث مستقيمة، قد تابعه فيها الثقات، فلا غرو بعد ذلك أن ينفرد عن ابن الفضل بحديث أو حديثين، فهذا مما لا يضره تفرده به، لا سيما وقد روي البخاري حديثه هذا من حديث عبد الله بن زيد في صحيحه (158) مما يشهد له بصحته، وأن ابن ثوبان قد حفظه عن ابن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة.

فإن قيل: ابن ثوبان من الغرباء، وقد تفرد بهذا الحديث عن أهل المدينة، فيقال: قد مكث ابن ثوبان مدة في المدينة حمل فيها علم أهلها وضبطه -إلا ما قُدح فيه-، فهذا ابن حبان يقول عنه في مشاهير علماء الأمصار (1440):"من صالحي أهل الشام ممن صحب نافعًا زمانًا، وكان ثبتًا، قد عمَّر"، كذلك قد ثبت سماعه من ابن الفضل في أحاديثه التي رواها عنه، وأثبته له البخاري في تاريخه (5/ 265).

وابن ثوبان وإن كان قد ضعفه جماعة وليَّنه آخرون، فإن بعض المتعنتين في الرجال قد وثقه، فهذا هو أبو حاتم الرازي، وهو معروف بتشدده في التوثيق حتى لا يكاد يطلق لفظ الثقة إلا علي الثقة الثبت، بل قد يقول فيه: صدوق، كما قال في الإمام مسلم، وهو هنا في ابن ثوبان يقول:"ثقة؛ يشوبه شيء من القدر، وتغير عقله في آخر حياته، وهو مستقيم الحديث"[الجرح (5/ 219)].

وهذا يدل على أنه اعتبر حديثه فوجده في الغالب مستقيمًا، وإلا فإن له مناكير، كما قال أحمد وغيره، لكن توثيق أبي حاتم هذا لابن ثوبان واعتباره لحديثه، وكذلك ابن حبان وغيرهما، إذا ضم إلى بقية القرائن يجعل النفس تطمئن إلى ثبوت حديثه.

كذلك فإن عمرو بن علي الفلاس قد ضعف حديث أهل الشام إلا نفرًا ذكرهم، وعد فيهم ابن ثوبان، فإذا نظرت فيمن قُرن بهم ابن ثوبان علمت فضله ومكانته وصحة حديثه في الجملة؛ فقد قرنه الفلاس بأئمة الحديث في الشام: الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وعبد الله بن العلاء وثور بن يزيد وبرد بن سنان [انظر: الكامل لابن عدي (4/ 281)].

وآخر القرائن الدالة على ثبوت حديثه هذا؛ أن البخاري لما ذكر في تاريخه (6/ 456) أحد الأسانيد المروية عن أبي هريرة في حديث صفة الوضوء أعلها، وختمها بذكر الصحيح منها، ثم قال بعدُ:"وقال الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين"، وسكت، وفي هذا الصنيع من البخاري ما يدل على ثبوت الحديث عن الأعرج، وصحة الإسناد إليه، وإلا لذكره ولم يحذفه، وأن الثابت عند البخاري في حديث أبي هريرة ذكر الوضوء مرتين مرتين، وعدم صحة رواية الثلاث التي بدأ بذكرها، والله أعلم. [وانظر: مسائل أبي داود (1912)].

وأما قول الترمذي: "حسن غريب" فإنه معارض بقوله بعده: "إسناد حسن صحيح".

وفي الجملة: فإن الحديث حسن؛ وله شاهد صحيح من حديث عبد الله بن زيد تقدم تحت الحديث رقم (119).

***

ص: 120