المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌57 - باب تخليل اللحية - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٢

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌48 - باب في التسمية على الوضوء

- ‌49 - باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌50 - باب يحرك يده في الإناء قبل أن يغسلها

- ‌51 - باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌52 - باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا

- ‌53 - باب الوضوء مرتين

- ‌54 - باب الوضوء مرة مرة

- ‌57).***55 -باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق

- ‌56 - باب في الاستنثار

- ‌57 - باب تخليل اللحية

- ‌58 - باب المسح على العمامة

- ‌ وفي المسح على العمامة أحاديث صحيحة

- ‌59 - باب غسل الرجلين

- ‌60 - باب المسح على الخفين

- ‌61 - باب التوقيت في المسح

- ‌62 - باب المسح على الجوربين

- ‌63 - باب كيف المسح

- ‌64 - باب في الانتضاح

- ‌66).***65 -باب ما يقول الرجل إذا توضأ

- ‌باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد

- ‌66 - باب تفريق الوضوء

- ‌67 - باب إذا شك في الحدث

- ‌68 - باب الوضوء من القبلة

- ‌69 - باب الوضوء من مس الذكر

- ‌70 - باب الرخصة في ذلك

- ‌مس الذكر

- ‌71 - باب الوضوء من لحوم الإبل

- ‌72 - باب الوضوء من مس اللحم النيئ وغسله

- ‌73 - باب ترك الوضوء من مس الميتة

- ‌74 - باب في ترك الوضوء مما مست النار

- ‌75 - باب التشديد في ذلك

- ‌76 - باب في الوضوء من اللبن

- ‌77 - باب الرخصة في ذلك

- ‌78 - باب الوضوء من الدم

- ‌79 - باب الوضوء من النوم

الفصل: ‌57 - باب تخليل اللحية

‌57 - باب تخليل اللحية

145 -

. . . أبو المليح، عن الوليد بن زَوْران [وفي نسخة: زروان]، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفًا من ماء، فأدخله تحت حنكه، فخلل به لحيته، وقال:"هكذا أمرني ربي عز وجل".

قال أبو داود: الوليد بن زروان: روى عنه حجاج بن حجاج وأبو المليح الرقي.

• حديث ضعيف.

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (313)، وأبو يعلي (7/ 259/ 4269)، وتمام في الفوائد (725)، والبيهقي (1/ 54)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 309/ 215)، والضياء في المختارة (7/ 260 و 261/ 2708 و 2709 و 2710)، والمزي في التهذيب (31/ 13).

قال ابن حزم في المحلي (2/ 35) عن الوليد بن زوران: "مجهول".

وقال ابن القطان الفاسي متعقبًا عبد الحق الإشبيلي في أحكامه الوسطي (1/ 173) حيث ذكر أن الوليد هذا روي عنه ثلاثة: حجاج، وجعفر بن برقان، وأبو المليح، قال ابن القطان في بيان الوهم (5/ 17/ 2251):"لم يزد علي هذا، والوليد هذا مجهول الحال، ولا يعرف بغير هذا الحديث".

قلت: له حديث آخر يرويه حجاج بن حجاج عنه، عن ميمون بن مهران، عن يزيد، عن ميمونة أنها حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالًا، وبني بها حلالًا، وتزوجها بسرف.

أخرجه النسائي في الكبري (5/ 183/ 5383)، والطبراني في الأوسط (7/ 103/ 6982)، والبيهقي (5/ 66)، وهو في مشيخة ابن طهمان برقم (66).

وهو حديث اختلف فيه على ميمون بن مهران ويزيد بن الأصم، وهو في صحيح مسلم (1411)، من رواية: أي فزارة عن يزيد عن ميمونة به.

لكن الوليد بن زروان هذا وهم فيه، انظر: علل الدارقطني (15/ 263/ 4013).

وعلي هذا فهو قليل الرواية جدًّا، ثم هو يهم في حديثه على قلته، مما يدل على ضعفه، ولقلة حديثه جدًّا: لما قيل للإمام أحمد: الوليد بن زروان؟ قال: "هذا يحدث عنه أبو المليح، فما لي به تلك المعرفة"[سؤالات أبي داود (325)].

وأما قول ابن القيم في تهذيب السنن (167/ 1) ردًّا على ابن حزم وابن القطان: "وفي هذا التعليل نظر، فإن الوليد هذا: روي عنه جعفر بن برقان، وحجاج بن منهال [كذا قال، وإنما هو: حجاج بن حجاج]، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقي وغيرهم، ولم يعلم فيه جرح.

ص: 131

فهذا ليس بكاف في قبول روايته؛ وكذلك ما قاله ابن حجر في النكت (1/ 423): "وإسناده حسن؛ لأن الوليد وثقه ابن حبان، ولم يضعفه أحد" وتبعه على ذلك السخاوي في فتح المغيث (1/ 75)؛ وذلك لأن الوليد هذا لم يوثقه غير ابن حبان حيث أورده في ثقاته، ولا يعرف له سماع من أنس، قال أبو داود:"لا ندري سمع من أنس أم لا؟ "[سؤالات الآجري (5/ ق 29)]، وقال أحمد:"فما لي به تلك المعرفة"؛ لقلة روايته جدًّا، بل هو يهم في حديثه علي قلته، ولم يتابعه علي هذه الرواية معتبر.

فهو مجهول الحال؛ كما قال ابن القطان، أو بالأحري أن يقال فيه: ضعيف [انظر: التاريخ الكبير (8/ 144)، الجرح والتعديل (9/ 4)، الثقات (7/ 550)، التهذيب (9/ 149)، الإكمال (12/ 235)، الميزان (4/ 338)، وقال: "ما ذا بحجة، مع أن ابن حبان وثقه"].

وساق مغلطاي في ترجمته من الإكمال هذا الحديث ثم قال: "قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك في تاريخه: جاء "كذا أمرني ربي" -يعني: في تخليل اللحية- ولم نجد له ذاك القوة".

• فائدة: قال محققا المعجم الأوسط للطبراني (7/ 103) تعليقًا على ضبط "زَرْوَان": "بتقديم الراء على الواو، بهذا ضبطه ابن ماكولا في الإكمال (4/ 194)، وبهذا ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في الثقات في ترجمته، وذكره المزي في تهذيب الكمال؛ بل قال ابن ناصر الدين في التوضيح (4/ 317): "لا أعلم من ذلك خلافًا"، بيد أن الحافظ في التقريب ضبطه بتقديم الواو وقال: "وقيل: بتأخير الواو". اهـ[وانظر: التاريخ الكبير (8/ 144)، الجرح والتعديل (9/ 4)، سؤالات أبي داود (325)، الثقات (7/ 550)، تهذيب الكمال (31/ 12)].

قلت: هو في بعض نسخ أبي داود بتقديم الراء "زروان"، وكذا رواه من طريقه البغوي في شرح السُّنَّة.

• وللحديث طرق أخرى عن أنس منها ما رواه:

1 -

يزيد بن أبان الرقاشي: رواه عنه:

أ - يحيى بن كثير أبو النضر صاحب البصري [ضعيف. التقريب (1064)]، والرحيل بن معاوية [صدوق. التقريب (325)]، والهيثم بن جماز [متروك. المغني (2/ 485)، الميزان (4/ 319)، اللسان (6/ 246)]، وخلاد الصفار [هو ابن عيسي، ويقال: ابن مسلم: لا بأس به. التقريب (303)]، وموسى الجهني [يحتمل أن يكون هو: أبو سلمة الجهني موسى بن عبد الله، ريقال: ابن عبد الرحمن، وهو ثقة؛ ولا يصح عنه، فإن الراوي عنه: سيد بن عيسي: ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 304)، وأسند له هذا الحديث، وقال عنه:"شيخ"، وسيأتي كلام الدارقطني. وانظر: الميزان (2/ 254)، السان (3/ 156)]:

رواه خمستهم عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به مرفوعًا، لكن اختلفوا في ألفاظه.

ص: 132

• فرواه يحيى بن كثير بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته، وفرج أصابعه مرتين.

أخرجه ابن ماجه (431).

• ورواه الرحيل بن معاوية بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يقول بيده في ذقنه: يخلل لحيته، يفعل ذلك مرتين، وربما فعله ثلاثًا، أو أكثير من مرتين.

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 166/ 520)، والصيداوي في معجم الشيوخ (279)، واللفظ له.

قال الطبراني: "لم يرو هذا عن الرحيل إلا شجاع بن الوليد".

قلت: وشجاع بن الوليد أبو بدر الكوفي: صدوق له أوهام.

• ورواه الهيثم بن جماز بلفظ: "أتاني جبريل فقال: يا محمد! إذا توضأت فخلل لحيتك".

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 20/ 114) و (7/ 318/ 36466)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(848)، وابن عدي (7/ 102)، والخطيب في الموضح (2/ 527)، وفي المتفق والمفترق (3/ 2019/ 1671).

• ورواه خلاد الصفار بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته، وقال:"بهذا أمرني ربي".

أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 386).

• ورواه موسى الجهني بلفظ: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوضأ ثلاثًا، وخلل لحيته مرتين، وقال:"هكذا أمرني ربي".

أخرجه ابن حبان في الثقات (8/ 304).

وقال: "والحديث باطل، ويزيد الرقاشي قد تبرأنا من عهدته".

وقال الدارقطني في العلل (13/ 6/ 2895): "ورواه السيد بن عيسي، فقال: عن موسى الجهني، وإنما أراد: موسى بن أبي عائشة، وقال: عن يزيد الرقاشي عن أنس".

ب - سلام بن سليم، أو: ابن سلم، الطويل المدائني، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة -أو: يزيد الرقاشي-، عن أنس قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم، فأدخل أصابعه من تحت حنكه، فخلل لحيته، وقال:"بهذا أمرني ربي جل وعز".

أخرجه الطبري في تفسيره (4/ 461/ 11412 و 11413)، وفي الموضع الثاني: عن معاوية بن قرة وحده. وابن عدي في الكامل (3/ 199 و 300 - 301) عن معاوية وحده.

قال ابن عدي بعد أن أخرجه في ترجمة زيد بن الحواري العمي: "وهذا الحديث ليس البلاء فيه من زيد العمي، البلاء من الراوي عنه سلام الطويل، ولعله أضعف منه".

وقال لما أخرجه في ترجمة سلام الطويل، مع أحاديث أخرى:"وهذه الأحاديث التي ذكرتها لسلام الطويل عن من روي عنهم: ما يتابع علي شيء منها، ما كان عن زيد وعن غيره".

قلت: وهو إسناد واهٍ بمرة، ما لمعاوية بن قرة فيه خف ولا حافر، وإنما الحديث

ص: 133

حديث يزيد بن أبان الرقاشي، وهو: ضعيف، وزيد بن الحواري العمي: ضعيف، وسلام بن سليم الطويل: متروك.

ج - موسى بن ثروان، واختلف عليه:

فرواه أبو عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل [وهو: ثقة، بصري نزيل بغداد.

التقريب (631)] قال: حدثنا موسى بن ثروان، عن يزيد الرقاشي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هكذا أمرني ربي"، وأدخل أصابعه في لحيته فخللها.

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 461/ 11414).

• وخالفه: عمر بن أبي وهب الخزاعي [بصري معروف، لا بأس به. الجرح والتعديل (6/ 140)، سؤالات البرقاني (351)]، فرواه عن موسى بن ثروان العجلي، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته.

أخرجه أبو عبيد في الطهور (314)، وأحمد (6/ 234)، وإسحاق (3/ 757/ 1371)، والحاكم (1/ 150)، وأبو الشيخ فيما انتقاه عليه ابن مردويه (140)، والخطيب في التاريخ (12/ 414)، وابن عساكر في التاريخ (25/ 126) و (49/ 70)، والمزي في التهذيب (23/ 368).

قال الحاكم بأنه شاهد صحيح لحديث عثمان في التخليل.

وقال الحافظ في التلخيص (1/ 150): "وإسناده حسن".

قلت: نعم، فإن رجاله ثقات إلا عمر بن أبي وهب فإنه لا بأس به؛ لكن:

لا يعرف لطلحة بن عبيد الله بن كريز سماع من عائشة، لذا قال الدارقطني لما سئل عن هذا الإسناد:"إسناد مجهول، حمله الناس"[سؤالات البرقاني (500)]، وعلق عليه الحافظ العراقي في ذيله على ميزان الاعتدال (450) بقوله:"طلحة بن عبيد الله: أخرج له مسلم، ووثقه أحمد والنسائي وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات؛ لكن رواية طلحة عن عائشة مرسلة".

قلت: وانظر: التاريخ الكبير (4/ 347) فلم يذكر له سماع ولا رواية عن عائشة.

وسأل أبو داود الإمام أحمد عن هذا الحديث بهذا الإسناد فقال: "يختلفون في موسى بن ثروان"، قال أبو داود:"أي: في اسم أبيه"[مسائله (2024)].

قلت: ثم إن هذا الإسناد شاذ، والمحفوظ ما رواه أبو عبيدة الحداد [له رواية عن موسى بن ثروان كما في الجامع في العلل ومعرفة الرجال (800 و 5144)، وتاريخ ابن معين للدوري (4/ 264)، وهو أوثق من عمر بن أبي وهب الخزاعي]، حيث رواه عن موسى بن ثروان، عن يزيد الرقاشي، عن أنس به، كما تقدم.

فرجع الحديث مرة أخرى إلى الرقاشي.

يبقي أن نقول بأن موسى بن ثروان قد اختلف في اسم أبيه، فقيل أيضًا: ابن سروان، وقيل: ابن فروان [وانظر: التاريخ الكبير (7/ 281) و (6/ 204)، الجرح والتعديل (8/ 138)، الثقات (7/ 451)، التهذيب (8/ 392)].

ص: 134

د- موسى بن أبي عائشة، واختلف عليه:

فرواه مروان بن محمد الطاطري [دمشقي، ثقة. التقريب (912)]: ثنا إبراهيم بن محمد الفزاري [أبو إسحاق الفزاري الإمام: ثقة حافظ، وهو كوفي نزل الشام وسكن المصيصة]، عن موسى بن أبي عائشة، عن أنس بن مالك، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وخلل لحيته، وقال:"بهذا أمرني ربي".

أخرجه الحاكم (1/ 149) وصححه.

وسأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث فقال: "الخطأ من مروان، موسى بن أبي عائشة يحدث عن رجل عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم"[لعلل (1/ 17/ 16)].

وقال أبو حاتم في موضع آخر (1/ 40/ 84): "هذا غير محفوظ".

• إلا أني وجدت متابعًا له، فقد روي أبو جعفر بن البختري في الجزء الحادي عشر من فوائده (52) قال: حدثنا محمد [يعني: محمد بن الهيثم بن حماد، وهو إمام حافظ ثبت. التقريب (904)، السير (13/ 156)]، قال: حدثنا صفوان بن صالح، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الفزاري أبو إسحاق، قال: حدثني موسى بن أبي عائشة، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فشبك لحيته هكذا، وقال:"هكذا قال لي جبريل عليه السلام".

إلا أن هذا في ثبوته نظر، ذلك أن صفوان بن صالح إنما يروي عن أبي إسحاق الفزاري بواسطة، وقد وجدته مرة أدخل بينه وبين أبي إسحاق: عمر بن عبد الواحد السلمي [عند الخطيب في تاريخه (13/ 398)]، ومرة أدخل الوليد بن مسلم [عند أبي نعيم في الحلية (3/ 297)]، كما أنه ممن يروي عن مروان بن محمد الطاطري، كذلك فإن أبا إسحاق الفزاري لما توفي كان لصفوان من العمر عشرون سنة على أقصى تقدير، أو ستة عشر عامًا على أقل تقدير، ولم يكونا ببلد واحد، فصفوان بن صالح كان في دمشق، وأبو إسحاق كوفي سكن المصيصة، وهذا مما يرجح وجود واسطة بينهما، وأن الواسطة هو مروان بن محمد الطاطري الذي انفرد بهذا الحديث عن أبي إسحاق، والله أعلم.

وعلى هذا فقد خالف مروان بن محمد الطاطري: الحسن بن صالح [ثقة متقن. التهذيب (2/ 264)، وهو أثبت وأحفظ من الطاطري وصفوان بن صالح جميعًا]، رواه عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، عن يزيد الرقاشي، عن أنس به مرفوعًا.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 20/ 106) و (7/ 318/ 36465) ووقع في سنده سقط فلعله من النساخ. وابن أبي حاتم في العلل (1/ 40/ 84)، وأبو جعفر بن البختري في الجزء الحادي عشر من فوائده (53).

قال أبو حاتم: "هذا الصحيح [يعني: حديث الحسن بن صالح]، وكنا نظن أن ذلك غريب [يعني: حديث الطاطري]، ثم تبين لنا علته: ترك من الإسناد نفسين، وجعل موسى عن أنس".

ص: 135

وبذا يرجع الحديث مرة أخرى إلي يزيد الرقاشي.

وانظر أيضًا: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 256/ 1307).

• ووهم جعفر بن الحارث أبو الأشهب الواسطي حيث عين الرجل المبهم:

فرواه عن موسى بن أبي عائشة، عن زيد الجزري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس به مرفوعًا.

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 461/ 11411)، وابن عدي في الكامل (2/ 137).

قال ابن عدي: "زيد الجزري: هو زيد بن أبي أنيسة".

قلت: أبو الأشهب جعفر بن الحارث الواسطي: ليس بذاك الحافظ الذي يقبل تفرده بمثل هذا، فقد ضعفه ابن معين والبخاري والنسائي والعقيلي وابن الجارود والدولابي وغيرهم، وقواه أبو حاتم وأبو زرعة ويزيد بن هارون وابن حبان والحاكم وابن عدي وغيرهم [التهذيب (2/ 55)، الإكمال (3/ 209)، الميزان (1/ 404)، المغني (1/ 207)، وقال: "ضعفوه". التقريب (199) وقال: "صدوق كثير الخطأ"].

• وقد وهم فيه على موسى بن أبي عائشة وهمًا قبيحًا:

محمد بن جابر [هو ابن سيار بن طلق السحيمي الحنفي: ضعيف، ولم يترك.

التهذيب (3/ 527)، الميزان (3/ 496)]، ثنا موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته بأصابعه، ثم قال:"هكذا أمرني ربي عز وجل أن أخلل". وعبد الله بن شداد: لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسدد في مسنده (2/ 295/ 91 - مطالب).

• وأخيرًا فإن يزيد بن أبان الرقاشي: ضعيف، يحدث عن أنس بما فيه نظر.

2 -

محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس بنحوه مرفوعًا.

أخرجه الحاكم (1/ 149) وصححه. ومحمد بن يحيى الذهلي في "علل حديث الزهري" وأعله [ذكره ابن القطان في بيان الوهم (5/ 220)].

• واختلف فيه على محمد بن حرب:

فرواه محمد بن وهب بن أبي كريمة [حراني، قال النسائي مرة: "لا بأس به"، وقال أخرى: "صالح"، وقال مسلمة: "صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات. التهذيب (7/ 476)، الإكمال (10/ 383)، التقريب (905) وقال: "صدوق"]، ومحمد بن عبد الله بن خالد الصفار [لم أر من وثقه سوي الذهلي الراوي عنه حيث قال:"وكان صدوقًا"، إلا أن يكون هو الذي ترجم له ابن حبان في ثقاته (9/ 110) وقال: "القطان الأجدب، من أهل طرسوس

مستقيم الحديث"، فإنه من طبقته]:

كلاهما عن محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنسن به، كما تقدم.

• خالفهما: يزيد بن عبد ربه [وهو حمصي ثقة، من أثبت أهل حمص. التهذيب (9/ 359)، التقريب (1078)]، قال: حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي: أنه بلغه

ص: 136

عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فأدخل أصابعه تحت لحيته.

أخرجه محمد بن يحيى الذهلي في "علل حديث الزهري".

ثم قال: "المحفوظ عندنا حديث يزيد بن عبد ربه، وحديث الصفار: واهٍ"[بيان الوهم (5/ 225 - 221)، تهذيب السنن (1/ 190)، التلخيص (1/ 86)].

لكن لم يرُق هذا المذهب في الإعلال لابن القطان فقال عن الإسناد الأول الشاذ: "هذا الإسناد صحيح؛ ولا يضره رواية من رواه عن محمد بن حرب عن الزبيدي أنه بلغه عن أنس، فقد يراجع كتابه فيعرف منه أن الذي حدثه به هو الزهري، فيحدث به، فيأخذه عنه الصفار وغيره، وهذا الذي أشرت إليه هو الذي اعتل به عليه محمد بن يحيى الذهلي حين ذكره".

فتعقبه ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 190)، فقال:"وهذه التجويزات لا يلتفت إليها أئمة الحديث وأطباء علله، ويعلمون أن الحديث معلول بإرسال الزبيدي له، ولهم ذوق لا يحول بينه وبينهم فيه التجويزات والاحتمالات".

قلت: هذا هو التحقيق، وكلام ابن القطان هذا نقبله إذا كان الذين اختلفوا علي محمد بن حرب الحمصي سواءً في الحفظ والضبط، ومن بلد واحد، وممن صاحب الرجل، أو يكون الذين رووه متصلًا أكثر عددًا وحفظًا، لكن الأمر هنا بخلاف ذلك.

فإن إعلال الذهلي له هو الصحيح، وهو الذي يجري على قواعد المحدثين: فتقديم رواية ابن عبد ربه على غيره لها أسباب، منها:

الأول: أن يزيد بن عبد ربه أوثق من كلا الرجلين اللذين وصلا الحديث.

الثاني: أن يزيد بلدي لمحمد بن حرب وللزبيدي فثلاثتهم حمصيون، وأما ابن أبي كريمة والصفار فمن الغرباء، ومن المعلوم أن الوهم يقع في رواية الغرباء بسبب عدم طول صحبتهم للشيخ، ولأمور أخرى تعرض للتلميذ حال أخذه عن شيخ ليس من بلده، بخلاف رواية الثقات من أهل البلد فالغالب على روايتهم الاستقامة بسبب طول الصحبة، وكثرة السماع، فإنه قد يسمع مرويات شيخه كلها مرة أو مرتين أو ثلاثًا أو أكثر حسب ملازمته لشيخه، بخلاف الغريب.

وعلى هذا نقول: إن رواية الحديث الذي عُرف في بلده أولى وأصح من الحديث الذي لم يعرف إلا خارجها، فأين أصحاب محمد بن حرب حين حدث به متصلًا.

الثالث: أن يزيد بن عبد ربه حمصي ثقة معروف بالرواية عن محمد بن حرب، بخلاف الآخرين فإنهما لا يعرفان بالرواية عنه، والله أعلم.

الرابع: أن هذين الغريبين: ابن أبي كريمة والصفار قد سلكا فيه الجادة والطريق السهل بخلاف ابن عبد ربه.

لذا فقد أدرك الحافظ ابن حجر هذه العلة فقال في التلخيص (1/ 150) بعد الرواية المتصلة: "رجاله ثقات؛ إلا أنه معلول

" ثم ذكر الرواية الأخرى ثم قال: "وصححه الحاكم قبل ابن القطان أيضًا، ولم تقدح هذه العلة عندهما فيه".

ص: 137

• فإن قيل: لم ينفرد هذان الغريبان بوصل الحديث، بل تابعهما على وصله أحد الثقات المشهورين، المعروفين بالرواية عن محمد بن حرب، ومن أهل حمص أيضًا:

فقد رواه كثير بن عبيد الحذاء: أبنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فلما فرغ من وضوئه خلل لحيته، وقال:"هكذا أمرني ربي".

أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3/ 6/ 1691).

قلت: ثبت العرش ثم انقش، فقد رواه الطبراني، قال: حدثنا واثلة بن الحسن العرقي: ثنا كثير به، وشيخ الطبراني واثلة بن الحسن أبو الفياض الأنصاري العرقي، من أهل عرقة من نواحي دمشق، ترجم له ابن عساكر في تاريخه (62/ 366)، وقال:"حدث عن عمرو بن عثمان الحمصي وكثير بن عبيد ويحيى بن عثمان، روي عنه سليمان الطبراني وعبد الله بن عدي الجرجاني"، وترجم له ابن ماكولا في الإكمال (7/ 297)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، حدث عنه ابن عدي بحديث واحد، ولم يكثر عنه الطبراني في كتبه، ولم يرو له إلا عن كثير بن عبيد، وهو قليل الرواية، فهو مجهول الحال [وانظر: الأنساب (4/ 181)، الكامل (5/ 29)، روي له الطبراني في معاجمه الثلاثة، ومسند الشاميين، والدعاء. توضيح المشتبه (6/ 235)، تبصير المنتبه (3/ 1006)]، ولا يثبت بهذا عندي رواية كثير، وعلى فرض ثبوته عنه فيكون الراوي عنه وهم عليه في وصله، ويبقي الأمر على ما قال الذهلي، والله أعلم.

3 -

معاذ بن أسد: ثنا الفضل بن موسى: ثنا السكري -يعني: أبا حمزة-، عن إبراهيم الصائغ، عن أبي خالد، عن أنس بن مالك، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلل لحيته وعنفقته بالأصابع، وقال: "هكذا أمرني ربي عز وجل.

أخرجه البيهقي في السنن الكبري (1/ 54).

وانظر: المهذب للذهبي (1/ 58/ 220).

أبو حمزة السكري هو محمد بن ميمون المروزي، وابراهيم هو: ابن ميمون الصائغ المروزي، وأبو خالد هذا لم أهتد لمعرفته، وعليه:

فهذا إسناد مروزي رجاله ثقات؛ غير أبي خالد هذا الذي يروي عن أنس فلم أعرفه، إلا أن يكون هو المترجم له في الجرح والتعديل (9/ 366)، أو يكون هو مطر بن ميمون المحاربي أبو خالد الكوفي؛ فإنه يروي عن أنس، وهو: متروك، منكر الحديث [التقريب (947) وغيره]، والله أعلم.

4 -

قال الطبراني في الأوسط (3/ 221/ 2976): حدثنا إسماعيل، قال: نا داود بن حماد، قال: نا عتاب بن محمد بن شوذب، عن عيسي الأزرق، عن مطر الوراق، عن أنس بن مالك، قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدخل يده تحت حنكه فخلل لحيته، فقلت: ما هذا؟ قال: "بهذا أمرني ربي عز وجل.

قال الطبراني: "لا يُروى عن مطر إلا بهذا الإسناد".

ص: 138

ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 214)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر: ثنا أبو الحسن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن عبدة بن زياد الضبي: ثنا داود به.

وهذا إسناد غريب جدًّا، وفيه ضعف وانقطاع.

مطر الوراق، وهو: ابن طهمان: فيه ضعف، ليس بالقوي، روايته عن أنس مرسلة، لم يسمع منه [التهذيب (8/ 198)، التقريب (947)، الميزان (4/ 126)، المراسيل (214)، جامع التحصيل (281)، تحفة التحصيل (306)].

عيسى الأزرق، هو: ابن يزيد المروزي، روي عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر:"مقبول"، يعني: إذا توبع، ولم يتابع عليه عن مطر [التاريخ الكبير (6/ 402)، كنى مسلم (3164)، الجرح والتعديل (6/ 291)، مشاهير علماء الأمصار (1595)، الثقات (8/ 490)، الميزان (3/ 328)، تهذيب الكمال (23/ 58)، التقريب (773)]، وهو من الغرباء.

عتاب بن محمد بن شوذب: بلخي، روي عنه جماعة، وقال ابن حبان في الثقات:"مستقيم الحديث"[التاريخ الكبير (7/ 55)، الجرح والتعديل (7/ 13)، الثقات (7/ 295)].

داود بن حماد: هو ابن فرافصة، البلخي، سكن بغداد، وكان بنيسابور، روى عنه أبو زرعة الرازي، وقال ابن حبان في الثقات:"وكان صاحب حديث، حافظًا، يغرب"، ومع هذا قال ابن القطان:"حاله مجهول"، فتعقبه الحافظ في اللسان بقوله:"بل هو ثقة، فمن عادة أبي زرعة أن لا يحدث إلا عن ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ضابطًا، صاحب حديث، يغرب"[الجرح والتعديل (3/ 409)، الثقات (8/ 236)، ذيل الميزان (946)، اللسان (2/ 511)، تاريخ بغداد (8/ 368)].

إسماعيل بن عبد الله بن محمد الضبي الأصبهاني: قال أبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/ 69): "شيخ ثقة"، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (22/ 110):"أحد الثقات".

فالإسناد مع ضعفه وانقطاعه، غريب جدًّا، فهو إسناد بصري، ثم مروزي، ثم بلخي، ثم أصبهاني.

5 -

شاذ بن فياض، قال: حدثنا هاشم بن سعيد، عن محمد بن زياد، عن أنس بن مالك به مرفوعًا.

أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 115)، والخطيب في الموضح (2/ 525).

وهاشم بن سعيد الكوفي نزيل البصرة: ضعيف، قال ابن عدي:"ومقدار ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال أبو زرعة الرازي:"شيخ، حدث عن محمد بن زياد بحديثين منكرين"[التهذيب (9/ 20)، الميزان (4/ 289)، التقريب (1016)، سؤالات البرذعي (2/ 418)].

6 -

ثابت عن أنس، يرويه:

أ- عمرو بن الحصين: ثنا حسان بن سياه، عن ثابت، عن أنس به مرفوعًا.

ص: 139

أخرجه أبو يعلي (6/ 204/ 3487)، وعنه: ابن عدي (2/ 370).

وهذا منكر جدًّا، وإسناد واهٍ بمرة؛ حسان بن سياه: ضعفوه؛ روى عن ثابت مناكير [الميزان (1/ 478)، اللسان (2/ 236)]، وعمرو بن الحصين: متروك [التقريب (733)].

ب- أبو حفص العبدي عمر بن حفص -ويقال: ابن ذؤيب-، عن ثابت، عن أنس به مرفوعًا.

أخرجه العقيلي (3/ 155 و 157)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (949)، وابن حبان في المجروحين (2/ 84) تعليقًا. والطبراني في الأوسط (4/ 371/ 4465).

أخرجه العقيلي أولًا في ترجمة عمر بن حفص أبي حفص العبدي ثم قال: "وفي التخليل رواية من غير هذا الوجه أصلح من هذه".

ثم أعاده في ترجمة عمر بن ذؤيب فقال فيه: "مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولعله عمر بن حفص بن ذؤيب"، ثم أسنده وقال:"وقد روي التخليل من غير هذا الوجه بإسناد صالح".

وهذا منكر أيضًا؛ عمر بن حفص أبو حفص العبدي: متروك [انظر: الميزان (3/ 189)، اللسان (4/ 342)، كنى مسلم (659)، التاريخ الكبير (6/ 150)، الجرح والتعديل (6/ 103) و (9/ 361)، تاريخ بغداد (11/ 192)، سؤالات البرذعي (2/ 428)، طبقات ابن سعد (7/ 344)].

7 -

إسحاق بن عبد الله التميمي، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم خلل لحيته.

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 143/ 452)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (6/ 106/ 2096).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حميد إلا إسماعيل بن جعفر، تفرد به: إسحاق بن عبد الله".

قلت: إسناده غريب.

إسماعيل بن جعفر هو ابن أبي كثير: مدني نزل بغداد، ثقة ثبت، وشيخه حميد الطويل، وأنس: بصريان.

أما إسحاق بن عبد الله أبو يعقوب التميمي الأذني: فلم أجد من ترجم له بعد طول بحث، ولم أعثر له على ترجمة في تاريخ دمشق، وهو من طبقة أبي نعيم والحميدي وأبي اليمان وأبي توبة، يعني: من الطبقة العاشرة، وهو شامي من أذنة، وهي من مشاهير البلدان بساحل الشام عند طرسوس قرب المصيصة، خرج منها جماعة من أهل العلم، وانتقل إليها جماعة من العلماء للمرابطة بها طلبًا للأجر والثواب، فقد كانت من الثغور [انظر: الأنساب (1/ 103)، معجم البلدان (1/ 161)]، ولم يترجم لإسحاق هذا في الأنساب، ولا في معجم البلدان، ولا في تاريخ دمشق، ولا في السير، فكيف، وهو ليس من مشاهير أهل الشام، أن ينفرد مثله بهذا الإسناد العراقي الصحيح، وأين أصحاب إسماعيل بن جعفر،

ص: 140

كيف غفلوا عنه، ولم ينقلوه!!، ولم أعثر عليه في نسخة إسماعيل بن جعفر برواية علي بن حجر السعدي عنه.

ويحتمل أن يكون إسحاق هذا هو الذي ذكره ابن حبان في ثقاته (8/ 120) فقال: "إسحاق بن عبد الله التميمي: شيخ يروي عن يوسف بن أسباط، روى عنه بلال بن العلاء الرقي، فالله أعلم، وإن كان هو فلم يغن هذا الذكر عنه شيئًا، والله أعلم.

تنبيه: المثبت في نسخة الثقات: "بلال بن العلاء الرقي"، لعله تصحف عن هلال بن العلاء الرقي، والله أعلم.

8 -

أيوب بن عبد الله أبو خالد [أو: ابن خالد] القرشي، قال: رأيت الحسن بن أبي الحسن دعا بوضوء بكوز، فجيء من ماء فصب في تور، فغسل يديه ثلاث مرات، ومضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاث مرات، وغسل وجهه ثلاث مرات، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ومسح رأسه، ومسح أذنيه، وخلل لحيته، وغسل رجليه إلى الكعبين، ثم قال: حدثني أنس بن مالك أن هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه البزار (13/ 204/ 6671)، والدولابي في الكنى (2/ 510 - 511/ 929)، وابن عدي (1/ 357)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/ 214)، والدارقطني (1/ 156) وهذا لفظه هكذا مطولًا. والضياء في المختارة (5/ 241 و 1866/ 242 و 1867).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الحسن عن أنس إلا أيوب بن عبد الله، وهو رجل من أهل البصرة، لا نعلم حدث عنه إلا معلى بن أسد، ولا روى عن الحسن عن أنس إلا هذا الحديث".

وقال ابن عدي: "وأيوب بن عبد الله هذا لم أجد له من الحديث غير هذا الحديث الواحد، وهو من هذا الطريق لا يتابع عليه".

قلت: هذا حديث منكر.

معلى بن أسد: ثقة ثبت، وعلة الحديث هو أيوب بن عبد الله هذا، قال ابن حزم:"وهو مجهول، وقال الذهبي: "لا يعرف، فهو منكر لتفرده به عن الحسن [انظر: الميزان (1/ 290)، اللسان (1/ 542)، الجرح والتعديل (2/ 251)، المحلى (2/ 36)].

9 -

عبد الله بن الحسين بن جابر البغدادي، عن محمد بن المبارك الصوري، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته.

أخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 11 - ط حمدي السلفي).

وقال في ترجمة عبد الله هذا: "سكن المصيصة، يقلب الأخبار، وشرقها، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد! انظر: اللسان (3/ 339)،.

وهو كما قال: فإن هذا الحديث رواه جماعة عن الأوزاعي عن عبد الواحد بن قيس، على اختلاف فيه بينهم، منهم: الوليد بن مسلم وأبو المغيرة وابن أبي العشرين وابن سماعة، وسيأتي في الشواهد من حديث عبد الله بن عمر.

ص: 141

وعليه: فهو حديث باطل.

10 -

محمد بن عمار الموصلي قال: نا عفيف بن سالم، عن محمد بن أبي حفص الأنصاري، عن رقبة بن مصقلة، عن أنس بن مالك، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حبذا المتخللون من أمتي".

أخرجه أبو يعلى في المعجم (59)، والطبراني في الأوسط (2/ 159/ 1573)، والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 267/ 1333).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن رقبة إلا محمد، ولا عن محمد إلا عفيف، تفرد به محمد".

قلت: رقبة بن مصقلة: قال الدارقطني: "لم يسمع من أنس شيئًا"[جامع التحصيل (175)، تحفة التحصيل (107)، العلل (12/ 83/ 2448)].

ومحمد بن أبي حفص الأنصاري: لا يعرف، لم يذكر له راوٍ سوى عفيف بن سالم، وليس هو بالكوفي العطار فقد فرق بينهما الخطيب في تالي تلخيص المتشابه (2/ 535 و 536)، ومع هذا فقد قال الهيثمي في المجمع (1/ 235):"ولم أجد من ترجمه"، وانظر: اللسان (5/ 165).

ومحمد بن عمار: هو محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: الثقة الحافظ؛ إلا أن له عن أهل الموصل عفيف بن سالم وغيره: إفرادات وغرائب، قاله ابن عدي في الكامل (6/ 279)، وهذا منها كما قال الطبراني.

فهو إسناد غريب؛ مع ضعفه وانقطاعه.

11 -

قال الطبراني في الأوسط (2/ 10/ 1062): حدثنا أحمد، قال: نا أبو جعفر، قال: نا سعيد بن يزيد الأعور، قال: حدثني أبو يحيى القواس، قال: قال لي أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى: خللوا لحاكم".

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي يحيى إلا سعيد بن يزيد، تفرد به النفيلي".

قلت: أبو جعفر النفيلي هو: عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني: ثقة حافظ [التقريب (543)].

وشيخ الطبراني، هو: أحمد بن عبد الرحمن بن عقال الحراني: قال أبو عروبة: "ليس بمؤتمن على دينه"، وأنكر عليه ابن عدي حديثًا أخطأ في متنه، فرواه بالضد [اللسان (1/ 229)، وقال في المجمع (5/ 48): "ضعيفا"].

وسعيد بن يزيد الأعور: لم أعرفه، ولعله حراني.

وأبو يحيى القواس: اسمه نجيح، له ترجمة في التاريخ الكبير (8/ 114)، من أهل حران يروي عن أنس، وعداده في المجاهيل.

وهو حديث منكر متنًا وسندًا.

12 -

عبثر بن القاسم، عن سفيان الثوري، عن الفضل البصري، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه توضأ فخلل لحيته، وقال:"بهذا أمرني ربي".

ص: 142

أخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 807 - 808)، وانظر: الإمام (1/ 488).

وهذا إسناد ضعيف أيضًا، الفضل البصري: قال أبو حاتم: "مجهول"[الجرح والتعديل (7/ 70)، اللسان (6/ 358)، وقد تكلم فيه أحمد في رواية مهنا عنه [انظر: الإمام (1/ 488)].

وخلاصة ما تقدم: فإنه باستثناء الأسانيد الغريبة والمنكرة والواهية؛ لا يصفو لنا من هذه الطرق الثلاثة عشر مما ضعفه محتمل: إلا طريق الوليد بن زروان ويزيد بن أبان الرقاشي، وهما تابعيان؛ والوليد: مجهول الحال، والرقاشي: ضعيف.

• وقد روي عن أنس موقوفًا عليه من فعله:

يرويه: معتمر بن سليمان، عن أبي معن، قال: رأيت أنسًا توضأ فخلل لحيته.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 20/ 101) و (318/ 7/ 36462)(1/ 267/ 101 - ط عوامة) و (20/ 194/ 37616 - ط عوامة) عن معتمر به. ومن طريقه: ابن المنذر (1/ 382/ 366).

كذا في الموضع الأول من المصنف: "عن أبي معن"، وفي الموضع الثاني:"عن أبي عون"، وهو محمد بن عبيد الله بن سعيد الثقفي الكوفي، وهو: تابعي ثقة، لكنه لا يُعرف بالرواية عن أنس، ولا يروي عنه معتمر بن سليمان، وعليه فالأقرب أنه الأول، وأن الموضع الثاني قد تحرف، وأبو معن هذا شيخ في عداد المجاهيل؛ حيث تفرد بالرواية عنه: معتمر بن سليمان، قال ابن معين:"معتمر روى عن أبي معن، وأبو معن هذا: شيخ بصري"، وقال عبد الله بن أحمد في العلل ومعرفة الرجال:"وسألته عن أبي معن؟ فقال: لا أعلم أحدًا حدَّث عنه غير معتمر"، وترجم له البخاري في الكنى، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يذكروا له راويًا سوى معتمر، ولا أظنه أبا معن المترجم له في التهذيب، وهو مجهول أيضًا [تاريخ ابن معين للدوري (4/ 268/ 4317)، العلل ومعرفة الرجال (3/ 116/ 4489)، كنى البخاري (70)، الجرح والتعديل (9/ 440)، الثقات (5/ 576) و (7/ 664)، كنى الدولابي (3/ 1035)، التهذيب (4/ 592)]، والله أعلم.

• وقد روى هذا الحديث أيضًا من حديث:

1 -

أبي الدرداء:

يرويه ابن عدي في كامله (2/ 84)، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الغزي: ثنا محمد بن أبي السري: ثنا مبشر بن إسماعيل، عن تمام بن نجيح، عن الحسن، عن أبي الدرداء، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فخلل لحيته مرتين، وقال:"هكذا أمرني ربي عز وجل".

قال ابن عدي: "وهذا الحديث إنما يعرف بتمام عن الحسن، على أنه قد رواه غيره، ولتمام غير ما ذكرت من الروايات شيء يسير، وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه".

ص: 143

ورواه البيهقي في الخلافيات (3/ 14/ 873/ و 874)، من طريقين فيهما من تكلم فيه، إلى تمام بن نجيح، ولفظ الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح رأسه من فضل يده، ولفظ الثاني: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته من فضل ماء وجهه، ومسح رأسه من فضل ذراعيه، ولم يستأنف لهما ماءٌ.

ثم قال: "واللفظ الأول أولى أن يكون محفوظًا، مع أن تمام بن نجيح الأسدي: غير محتج به".

فهو حديث منكر، تفرد به عن الحسن: تمام بن نجيح، وهو: منكر الحديث [التهذيب (1/ 537)، التقريب (181) وقال: "ضعيف"].

2 -

جابر بن عبد الله:

يرويه أصرم بن غياث: حدثنا مقاتل بن حيان، عن الحسن، عن جابر، قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاث، ولا أربع، فرأيته يخلل لحيته بأصابعه، كأنها أنياب مشط.

أخرجه عبد الله بن أحمد في العلل ومعرفة الرجال (2/ 79/ 1612)، وابن عدي في الكامل (1/ 03 4)، والخطيب في التاريخ (7/ 33).

قال الإمام أحمد بعدما سمع هذا الحديث من أصرم بن غياث: "ما أرى هذا الشيخ كان بشيء"، قال عبد الله:"ضعفه جدًّا"، وأنكره الإمام أحمد، كما في علل الخلال.

وانظر: الإمام (1/ 494).

وهو حديث منكر، تفرد به أصرم بن غياث، وهو منكر الحديث [اللسان (1/ 516)].

وله طريق أخرى:

يرويها عيسى بن عبد الله بن الحكم، عن عثمان بن عبد الرحمن، أنه أخبره عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"خللوا لحاكم، وقصوا أظافيركم؛ فإن الشيطان يجري ما بين اللحم والظفر".

أخرجه أبو العباس الأصم في جزء من حديثه (3 - رواية أبي الحسن الطرازي)(411 - مجموع مصنفاته)، وتمام في الفوائد (905)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1/ 374/ 860)، وابن عساكر في التاريخ (53/ 247).

وهو حديث منكر باطل؛ بل موضوع.

تفرد به عن ابن المنكدر: عثمان بن عبد الرحمن، وهو ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص: متروك، كذبه ابن معين [التقريب (666)]، والراوي عنه: عيسى بن عبد الله بن الحكم بن النعمان بن بشير، قال ابن عدي:"عامة ما يرويه لا يتابع عليه"[الكامل (5/ 253)، تاريخ دمشق (47/ 321)، اللسان (4/ 462)].

3 -

عبد الله بن أبي أوفى:

يرويه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "الطهور"(82 و 311)، قال: ثنا مروان بن

ص: 144

معاوية الفزاري، عن أبي ورقاء العبدي، عن عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي، قال: قال له رجل: يا أبا معاوية كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ قال: فتوضا ثلاثًا ثلاثًا، وخلل لحيته في غسله وجهه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. لفظه في الموضع الأول.

وقد رواه بنحوه مع زيادات دون موضع الشاهد من طريق أبو الورقاء العبدي عن ابن أبي أوفى مرفوعًا: ابن ماجه (416)، وابن عدي (6/ 26 و 282).

وهو حديث باطل؛ أبو الورقاء العبدي فائد بن عبد الرحمن: منكر الحديث، ذاهب الحديث، قال أبو حاتم:"وأحاديثه عن ابن أبي أوفي بواطيل، لا تكاد ترى لها أصلًا، كأنه لا يشبه حديث ابن أبي أوفى، ولو أن رجلًا حلف أن عامة حديثه كذب لم يحنث"[الجرح والتعديل (7/ 84)، التقريب (779) وقال: "متروك، اتهموه"].

وتقدم ذكره في شواهد حديث "الأذنان من الرأس"، المتقدم برقم (134).

4 -

أبي بكرة:

يرويه البزار (9/ 133 - 13/ 3687)، قال: حدثنا محمد بن صالح بن العوام، قال: نا عبد الرحمن بن بكار بن عبد العزيز، قال: حدثني أبي بكارُ بن عبد العزيز، قال: سمعت أبي عبدَ العزيز بن أبي بكرة، يحدث عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل يديه ثلاثًا، ومضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وغسل ذراعيه إلى المرفقين، ومسح برأسه، يقبل بيديه من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه، ثم غسل رجليه ثلاثًا، وخلل بين أصابع رجله، وخلل لحيته.

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي بكرة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وبكار بن عبد العزيز: ليس به بأس، وعبد الرحمن: صالح الحديث، قد تقدم ذكرنا له".

قال الهيثمي في المجمع (1/ 233): "وشيخ البزار: محمد بن صالح بن العوام: لم أجد من ترجمه".

وعليه فهو إسناد غريب.

وقد رواه الخطيب البغدادي في تاريخه (10/ 85) من طريق عبد الله بن محمد البكراوي: حدثنا عبد الرحمن بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، [عن جده]، عن أبي بكرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضا ثلاثًا ثلاثًا. كذا مختصرًا.

ولعل البكراوي هذا أصلح حالًا من شيخ البزار، فقد ترجم له الخطيب برواية جماعة عنه ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وعبد الرحمن بن بكار: لم يُترجم له في التاريخ الكبير، ولا في الجرح والتعديل، ولا في الثقات، ولا في تاريخ بغداد [وانظر: التاريخ الأوسط (2/ 336)، كنى مسلم (425)، فتح الباب (1288)]، ولم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل سوى البزار في مسنده، ولم يرو له سوى حديثين: هذا الحديث، وحديث آخر قبله في ذكر: سبحان ربي

ص: 145

العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود، وقال بعده:"وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه عن أبي بكرة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وعبد الرحمن بن بكار معروف نسبه، صالح الحديث"[الحديث رقم (3686)]، وعليه: فإذا كان لا يُعرف بغير هذين الحديثين، وقد تفرد بهما، ولم يتابع عليهما، واختلف عليه في أحدهما، فكيف يُقبل من مثله زيادة تخليل اللحية، وقول البزار فيه:"صالح الحديث" معتمد على كونه معروف النسب، وأنه يروي متونًا معروفة غير منكرة من حيث الجملة.

فهو حديث غريب.

5 -

وائل بن حجر:

يرويه محمد بن حجر بن عبد الجبار بن وائل الحضرمي: حدثني عمي سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه، عن أمه أم يحيى، عن وائل بن حجر، قال: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أتي بإناء فيه ماء

فذكر حديثًا طويلًا في صفة الوضوء والصلاة، والشاهد منه قوله:"وخلل لحيته" وفيه: أنه مسح باطن أذنيه وظاهر رقبته وباطن لحيته ثلاثًا مع الوجه، ومسح ظاهر أذنيه وظاهر رقبته وظاهر لحيته ثلاثًا مع الرأس، وقد اشتمل هذا الحديث على مناكير كثيرة، هذا منها.

أخرجه البزار (10/ 355 - 357/ 4488)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 50/ 118).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ إلا عن وائل بن حجر بهذا الإسناد".

قلت: هو حديث منكر.

وإسناده ضعيف جدًّا؛ مسلسل بالضعفاء والمجاهيل:

أم يحيى: مجهولة، قال ابن القطان:"لا تعرف لها حال"[بيان الوهم (3/ 155/ 864)].

وسعيد بن عبد الجبار: ضعيف [التقريب (382)].

ومحمد بن حجر بن عبد الجبار: قال البخاري: "فيه نظر"، وهذا قدح شديد، وقال أبو حاتم:"كوفي شيخ"، روى بهذا الإسناد نسخة منكرة، منها أشياء لها أصول من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست من حديث وائل بن حجر، ومنها أشياء من حديث وائل مختصرة جاء بها على التقصي وأفرط فيها، ومنها أشياء موضوعة ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله أبو حاتم ابن حبان، وضعفه عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى، وقال ابن القطان:"وهو عند البزار حديث طويل، فيه صفة الوضوء والصلاة بألفاظ تُنكر ولا تُعرف في غيره، وعلته ليست ما ذكر، وإنما يرويه محمد بن حجر، عن عمه: سعيد بن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، عن أمه، عن وائل، وأمه هذه لا تعرف لها حال، فأما ابنها عبد الجبار فثقة، وكان إذ مات وائل حملًا، فإنما روايته عنه بواسطة أمه هذه، أو غيرها من أهل بيته، أو عن أخيه عنه" [التاريخ الكبير (1/ 69)، الجرح والتعديل (7/ 239)،

ص: 146

المجروحين (2/ 273)، ضعفاء العقيلي (4/ 59)، الكامل (6/ 156)، الأحكام الوسطى (1/ 357 و 368)، بيان الوهم (3/ 155/ 864)، الميزان (3/ 511)، اللسان (5/ 136)]، وسيأتي ذكره بتمامه إن شاء الله تعالى تحت الحديث رقم (723).

6 -

أبي أمامة الباهلي:

يرويه عمر بن سليم الباهلي، عن أبي غالب، عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 160)، وعلقه في موضع آخر (2/ 39)، وأبو عبيد في الطهور (317)، وابن أبي شيبة (1/ 20/ 112) و (7/ 318/ 36464)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 461/ 11417)، والطبراني في الكبير (8/ 278/ 8070).

وعمر بن سليم الباهلي: صدوق، له مناكير [التقريب (720) وقال:"صدوق، له أوهام". التهذيب (6/ 63)، ضعفاء العقيلي (3/ 168)].

وقد خالفه: آدم بن الحكم أبو عباد صاحب الكرابيس البصري [وهو: لا بأس به. اللسان (1/ 370)، تاريخ أسماء الثقات (95)، سؤالات ابن أبي شيبة (41)]، فرواه عن أبي غالب: رأى أبا أمامة رضي الله عنه يخلل لحيته، وكانت رقيقة.

أخرجه البخاري في التاريخ (6/ 161) معلًا به الرواية الأولى.

ورواية آدم بن الحكم أولى بالصواب، والله أعلم، ويحتمل أن يكون هذا الاختلاف من أبي غالب نفسه فإنه: ليس بالقوي، قال فيه ابن حبان:"منكر الحديث على قلته، لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما يوافق الثقات وهو صاحب حديث الخوارج"، وهذا جرح مفسر يقدم على تعديل وتوثيق الدارقطني له، ومع هذا فقد اختلف قول الدارقطني فيه، فقال مرة أخرى:"بصري يعتبر به"، وهذا يقوله فيمن يكتب حديثه، ولا يحتج به، واختلف فيه أيضًا قول ابن معين، فقال في رواية الدارمي:"ثقة"، وقال له ابن الجنيد: ثقة؟ فقال ابن معين: "ليس به بأس"، وقال في رواية إسحاق بن منصور:"صالح الحديث"، ومما يؤيد قول ابن حبان فيه: قول أبي حاتم: "ليس بالقوي"، وقد ضعفه النسائي، وابن سعد وقال:"وكان ضعيفًا، منكر الحديث"، وأما قول ابن عدي:"ولم أر في أحاديثه حديثًا منكرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به"، فهذا يقوله فيمن ضعفه محتمل ويكتب حديثه، والله أعلم [التهذيب (10/ 220)، الميزان (1/ 476) و (4/ 560)، تاريخ ابن معين للدارمي (917)، سؤالات ابن الجنيد (115)، الجرح والتعديل (3/ 315)، ضعفاء النسائي (665)، طبقات ابن سعد (7/ 238)، المجروحين (1/ 329 - ط حمدي السلفي)، الكامل (2/ 456)، سؤالات البرقاني (115)].

وعلى هذا فلا يصح عن أبي أمامة: مرفوعًا، ولا موقوفًا.

7 -

أم سلمة:

يرويه خالد بن إلياس، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته.

ص: 147

أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 461/ 11415)، والطبراني في الكبير (23/ 298/ 664).

وخالد بن إلياس: متروك الحديث [التقريب (284)].

لكن روى ابن عدي في كامله (3/ 22) قال: ثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي: ثنا أحمد بن محمد بن سوار: ثنا أبو أحمد الزبيري، عن خالد بن سلمة، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته.

فيظهر ببادئ النظر: أن خالد بن إلياس لم ينفرد بهذا الحديث، بل تابعه خالد بن سلمة، المعروف بالفأفاء، وهو صدوق، لكن عند إنعام النظر في هذا الإسناد يظهر الأمر بخلاف ذلك.

أحمد بن محمد بن سوار: لم أجد من ترجم له، لكني وجدت من طبقته: أحمد بن محمد بن سوادة، فلعله تصحف عنه، وابن سوادة هذا قال فيه الدارقطني:"كوفي يعتبر بحديثه، ولا يحتج به"، فتعقبه الخطيب بقوله:"ما رأيت أحاديثه إلا مستقيمة؛ فالله أعلم"[تاريخ بغداد (5/ 10)، الجرح والتعديل (2/ 73)، اللسان (1/ 292)].

ثم محمد بن محمد بن سليمان الباغندي: حافظ مشهور؛ إلا أنه قد عيب عليه أمور:

منها: أنه كان كثير الغلط، ذكر الدارقطني أنه أخطأ في اسم راوٍ فجعل سيارًا: عبد الله بن أبي السفر، قال الدارقطني:"وابن الباغندي حدث من حفظه فغلط. قال: وكان كثير الغلط، وله مثل هذا كثير"، وقال الخطيب:"وبلغني أن عامة ما حدث به كان يرويه من حفظه"، وحكى عن هبة الله بن الحسن الطبري قوله: إن الباغندي كان يسرد الحديث من حفظه.

ومنها: أنه كان كثير التدليس، يحدث بما لم يسمع، وربما سرق بعض الأحاديث.

ومنها: التخليط، قال الدارقطني: "هو مخلط مدلس

، وهو كثير الخطأ".

ومنها: التصحيف، قال أبو بكر الإسماعيلي:"لا أتهمه في قصد الكذب، ولكنه خبيث التدليس، ومصحف أيضًا، أو قال: كثير التصحيف"، بل قد اتهمه بعضهم بالكذب [سؤالات السهمي (34 و 36 و 108)، سؤالات السلمي (306)، تاريخ بغداد (3/ 209)، الكامل (6/ 300)، السير (14/ 383)، تذكرة الحفاظ (2/ 736)، الميزان (4/ 26)، اللسان (5/ 407)].

وعلى هذا الغالب على الظن: أن الباغندي حدث بهذا الحديث من حفظه فغلط في اسم خالد بن إلياس، فجعل أباه سلمة، ذلك أن الحديث مشهور عن خالد بن إلياس، رواه عنه جماعة منهم: أبو معاوية، وعبيد الله بن موسى، ومعاوية بن هشام، فالحديث مشهور عن خالد بن إلياس، ولا يعرف عن خالد بن سلمة إلا من هذا الوجه الغريب، مما يرجح كون الباغندي أخطأ فيه، والله أعلم.

ويبقى الحديث على تفرد خالد بن إلياس به، وهو: متروك، فإسناده واهٍ.

ص: 148

8 -

أبو أيوب:

يرويه واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبي أيوب، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته.

أخرجه الترمذي في العلل الكبير (20)، وابن ماجه (433)، وأحمد (5/ 417)، وأبو عبيد في الطهور (312)، وعبد بن حميد (218)، وسمويه في الثالث من فوائده (25)، وابن جرير في تفسيره (4/ 461 و 462/ 1462 و 11421)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 327)، وابن عدي في الكامل (7/ 86)، والطبراني في الكبير (4/ 178/ 4068).

وفي لفظ له عند بعضهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ تمضمض، ومس لحيته بالماء من تحتها.

وروى بلفظ آخر مختلف: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"حبدا المتخللون" قالوا: وما المتخللون يا رسول الله؟ قال: "المتخللون بالوضوء، والمتخللون من الطعام. أما تخليل الوضوء: فالمضمضة والاستنشاق وبين الأصابع، وأما تخليل الطعام: فمن الطعام؛ إنه ليس شيء أشد على الملكين من أن يريا بين أسنان صاحبهما شيئًا وهو قائم يصلي".

أخرجه أحمد (5/ 416)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 19/ 97)، وفي المسند (13)، وعبد بن حميد (217)، والمحاملي في الأمالي (445)، وابن حبان في المجروحين (3/ 83)، وابن عدي (7/ 86)، والطبراني في الكبير (4/ 177/ 4061 و 4062) واللفظ له في الموضع الأول. وأبو الفضل الزهري في حديثه (464).

قال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: هذا لا شيء، فقلت: أبو سورة ما اسمه؟ فقال: لا أدري، ما يصنع به؟ عنده مناكير، ولا يعرف له سماع من أبي أيوب".

وقال العقيلي: "والرواية في التخليل فيها لين، وفيها ما هو أصلح من هذا الإسناد".

وقال ابن عدي: "ولو اصل غير ما ذكرت، وأحاديث لا تشبه أحاديث الثقات".

فهذا حديث منكر باطل، واصل بن السائب: متروك، منكر الحديث [التهذيب (9/ 115)، الميزان (4/ 328)].

وأبو سورة: منكر الحديث، لا يعرف له سماع من أبي أيوب [التهذيب (10/ 139)].

وقد تقدم لهما حديث آخر منكر أيضًا، تحت الحديث رقم (44).

وقال ابن معين: "إنه ليس هو أبو أيوب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، هو رجل آخر" كذا في تاريخ الدوري (3/ 327/ 1567)، وفي سؤالات ابن محرز (ق / 12):"ليس هو أبو أيوب الأنصاري، إنما هو رجل طائي، ليست له صحبة".

وقال ابن القيم في زاد المعاد (4/ 106) بأنه لا يثبت.

9 -

ابن عباس؛ وله فيه إسنادان:

الأول: يرويه شيبان بن فروخ، قال: نا نافع أبو هرمز، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتطهر، وبين يديه إناء قدر المد، وإن زاد فقل ما

ص: 149

يزيد، وإن نقص فقل ما ينقص، فغسل يديه، ومضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وخلل لحيته، وغسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه مرتين مرتين، وغسل رجليه حتى أنقاهما، فقلت: يا رسول الله، هكذا التطهر؟ قال:"هكذا أمرني ربي عز وجل".

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 2277/377)، عن شيخه أحمد بن إسماعيل الوساوسي البصري، عن شيبان به.

وقال: "لم يرو هذه اللفظة عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية في الوضوء: إلا نافع أبو هرمز، تفرد به شيبان".

وهذا حديث منكر؛ تفرد به بهذه الألفاظ عن عطاء بن يسار: نافع بن هرمز أبو هرمز؛ وهو: متروك، ذاهب الحديث، كذبه ابن معين، ورماه ابن حبان بالوضع [الميزان (4/ 243)، اللسان (6/ 174)، المغني (2/ 451)، المجروحين (3/ 57)].

وقد روى زيد بن أسلم هذا الحديث عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: بغير هذا السياق، راجع الأحاديث (117 و 137 و 138)، وهو في صحيح البخاري (140).

الثاني: يرويه سعدان بن يحيى، قال: حدثنا نافع مولى يوسف، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهر ثم يخلل لحيته، ويقول:"هكذا أمرني ربي عز وجل".

أخرجه العقيلي (4/ 285)، وتمام في الفوائد (1775).

قال العقيلي بعد أن أخرجه في ترجمة نافع مولى يوسف: "لا يتابع عليه بهذا الإسناد، والرواية في تخليل اللحية فيها مقال".

وهذا منكر، كالذي قبله، ونافع هذا قيل: هو أبو هرمز المتقدم، وقيل: غيره، فرق بينهما العقيلي وغيره، وأيًّا كان: فهما سواء، نافع مولى يوسف: متروك، منكر الحديث [الميزان (4/ 244)، اللسان (6/ 175)، الجرح والتعديل (8/ 455 و 459)].

• وروي موقوفًا على ابن عباس:

يرويه أبو عوانة، وهشيم، عن أبي حمزة، قال: رأيت ابن عباس يخلل لحيته إذا توضأ من باطنها، ويدخل أصابعه فيها، ويحك ويخلل عارضيه، ثم يفيض الماء على طول لحيته، فيمسحها إلى أسفل. لفظ أبي عوانة.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 20/ 99) و (7/ 318/ 36461)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 382/ 365)، وابن منده في فتح الباب (2236).

وهذا موقوف على ابن عباس، بإسناد لا بأس به، وأبو حمزة هو القصاب، عمران بن أبي عطاء: ليس به بأس، لينه بعضهم.

10 -

عمار بن ياسر:

يرويه سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية، عن حسان بن بلال، قال: رأيت عمار بن ياسر توضأ فخل لحيته، فقيل له: -أو قال: فقلت له:-

ص: 150

أتخلل لحيتك؟ قال: وما يمنعني، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلل لحيته.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 31) تعليقًا. والترمذي (29)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(27)، وابن ماجه (429)، والحاكم (1/ 149)، وأحمد في العلل (1/ 455/ 1035)، والطيالسي (645)، والحميدي (146)، وأبو عبيد في الطهور (310)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 19/ 98) و (7/ 318/ 367458)، وفي المسند (433)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 47)، وأبو يعلى (3/ 180/ 1604)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 461/ 11418)، والبيهقي في المعرفة (1/ 177/ 90)، وابن عساكر في التاريخ (49/ 59)، والمزي في التهذيب (6/ 15).

تنبيه: وقع عند الحاكم: "عن عبد الكريم الجزري"، وهو ابن مالك: ثقة متقن، لذا ذهب إلى تصحيحه؛ لا سيما مع اقترانه بالإسناد الآخر الآتي ذكره، لكن هذا وهم، وإنما هو عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية -كما وقع مصرحًا به في الأسانيد- وابن أبي المخارق: أجمعوا على ضعفه.

قال ابن حجر في إتحاف المهرة (11/ 720/ 14930) متعقبًا الحاكم: "قوله: إنه صحيح: غير صحيح، بل هو معلول، وما وقع عنده في نسب عبد الكريم وهم، وانما هو أبو أمية، وقد ضعفه الجمهور"، ثم نقل قول أحمد.

وله علة أخرى: قال الإمام أحمد: "سمعت سفيان [ابن عيينة] يقول: عبد الكريم لم يسمع من حسان بن بلال حديث عمار"، قال أبو داود:"يعني: في تخليل اللحية في الوضوء"[مسائل أبي داود (2046)، العلل ومعرفة الرجال (1035)].

ورواها الترمذي في الجامع بلفظ: "قال ابن عيينة: لم يسمع عبد الكريم من حسان بن بلال حديث التخليل".

وقال البخاري في التاريخ: "ولم يسمع عبد الكريم من حسان".

وحسان بن بلال: ثقة، رأى عمارًا [التهذيب (2/ 231)].

وقد أعله ابن حزم في المحلى (2/ 36) بما ليس بعلة، وانظر: تعقب ابن القيم له في التهذيب (1/ 108) فقد أجاد.

• ولابن عيينة في هذا الحديث إسناد آخر:

فقد رواه ابن عيينة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

أخرجه البخاري في التاريخ (3/ 31) تعليقًا، والترمذي (30)، وابن ماجه (429)، والحاكم (1/ 149)، والحميدي (147)، والطبراني في الأوسط (3/ 37/ 2395)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 317)، والبيهقي في المعرفة (1/ 177/ 90).

قال البخاري: "ولا يصح حديث سعيد".

وقال أبو حاتم: "لم يحدث بهذا أحد سوى ابن عيينة عن ابن أبي عروبة"، فقال له

ص: 151

ابنه: "صحيح؟ قال: لو كان صحيحًا لكان في مصنفات ابن أبي عروبة، ولم يذكر ابن عيينة في هذا الحديث الخبر، وهذا أيضًا مما يوهنه"[العلل (1/ 32/ 60)].

وفي علل الخلال أعل أحمد هذه الرواية برواية عبد الكريم.

وفيه أيضًا: قال مهنا: قال عباس العنبري لأحمد: قال أبو الحسن -يعني: علي بن المديني-: "لم يسمع قتادة هذا إلا من عبد الكريم"، قال أحمد:"كان علي بن المديني قد عرف الحديث"[الإمام لابن دقيق العيد (1/ 491)][وانظر: إتحاف المهرة (11/ 720/ 14930)].

وبهذا يرجع الحديث مرة أخرى إلى عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف، ولم يسمعه من حسان.

فهؤلاء أربعة من كبار جهابذة النقاد: أحمد وابن المديني والبخاري وأبو حاتم: جزموا بإعلال هذا الحديث، وعدم صحته، فمن بعدهم؟

وأيضًا: قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد، تفرد به سفيان".

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث سفيان عن سعيد، تفرد به إبراهيم"، يعني: ابن بشار الرمادي، ولم يتفرد به فهو مشهور عن ابن عيينة، رواه عنه، ابن أبي عمر العدني والحميدي.

خالف ابن عيينة في الإسناد الأول:

حنظلة بن عبد الحميد، فرواه عن عبد الكريم أبي أمية، عن مجاهد، عن عبد الله بن عكبرة -وكانت له صحبة- قال:"التخلل سُنَّة".

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 329/ 7639)، وفي الصغير (2/ 149/ 941)، والدارقطني في المؤتلف والمختلف (1730)، وأبو نعيم في. معرفة الصحابة (3/ 1744/ 4422).

من طريق زيد بن أخزم: ثنا أبو أحمد الزبيري: ثنا حنظلة به.

قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن عبد الله بن عكبرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو أحمد الزبيري، ولا نحفظ لعبد الله بن عكبرة حديثًا غير هذا".

قلت: عبد الله بن عكبرة هذا: مجهول، كما قال أبو نعيم في المعرفة، ولا تثبت له صحبة، فإنني لم أر له ذكرًا في كتب المتقدمين: لا في تاريخ البخاري، ولا في الجرح والتعديل، ولا في الثقات لابن حبان، ولا عند من أفرد الصحابة بالتصنيف، مثل: ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، وابن قانع في المعجم، وإنما ذكره المتأخرون مثل: ابن منده وأبي نعيم وابن حجر وابن الأثير.

والوهم فيه عندي -والله أعلم- من حنظلة بن عبد الحميد هذا، وهو: حنظلة بن عبد الرحمن التميمي أو التيمي، ذكره ابن حبان في الثقات، واختلف فيه قول ابن معين فقال مرة:"كوفي، لم يكن به بأس"، وقال أخرى:"ليس بشيء"، وقال ثالثة:"ضعيف، يكتب حديثه"، وقال ابن عدي: "وهو حنظلة القاص، ولم أر لحنظلة هذا من الحديث إلا

ص: 152

القليل، إلا أن الثوري قد حدث عنه بشيء يسير، ولم يتبين لي ضعفه لقلة حديثه، إلا أن ابن معين قد نسبه إلى الضعف" [الثقات (8/ 209)، تاريخ الدوري (3/ 471) و (4/ 4 و 114)، وتاريخ أسماء الثقات (224)، الكامل (2/ 423)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1041)].

فوهم حنظلة هذا في سنده ومتنه، وأتى فيهما بالعجب، والمشهور: حديث ابن عيينة، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن حسان بن بلال، عن عمار بن ياسر مرفوعًا، كما تقدم.

أو يكون الوهم فيه من ابن أبي المخارق نفسه لضعفه، لكن الأول أولى، والله أعلم.

وقد رواه شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد: أنه كان يخلل لحيته إذا توضأ.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 107/20)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 460/ 11398 - 11401 و 11407)، وأبو القاسم البغوي من مسند ابن الجعد (255).

وهذا إسناد صحيح إلى مجاهد مقطوعًا، وهو مما يقوى القول الثاني، بأن الوهم إنما هو ابن أبي المخارق، وأنه رواه بإسنادين وهذا لا يحتمل من مثله، والله أعلم.

11 -

ابن عمر: وله طريقان:

الأول: يرويه أحمد بن محمد بن أبي بزة، قال: نا مؤمل بن إسماعيل، قال: نا عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ خلل لحيته وأصابع رجليه، ويزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 94/ 1363).

وقال: "لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن عمر إلا مؤمل".

قلت: عبد الله بن عمر العمري، ومؤمل بن إسماعيل، وأحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة: ثلاثتهم ضعفاء.

• وخالف مؤمل بن إسماعيل فيه: عبد الرزاق بن همام الصنعاني: الإمام الثقة الحافظ المشهور، فرواه في مصنفه (1/ 259/ 991)، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان إذا اغتسل من الجنابة نضح الماء في عينيه وخلل لحيته.

لم يجاوز به ابن عمر من فعله موقوفًا عليه.

• ورواه أيضًا: عبيد الله بن عمر العمري [الثقة الثبت المتقن]، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يخلل لحيته.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 20/ 100) و (7/ 36463/318)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 460/ 11403)، وابن المنذر (1/ 382/ 364).

فالصحيح موقوف على ابن عمر من فعله.

ورواه الخلال ثم قال: قال جعفر بن محمد المخرمي: قال أحمد: "ليس في التخليل أصح من هذا"[الإمام (1/ 492)، البدر المنير (2/ 190)]، يعني: الموقوف على ابن عمر.

ص: 153

• والثاني: يرويه الأوزاعي، قال: حدثني عبد الواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها.

واختلف فيه على الأوزاعي:

1 -

فرواه عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين [صدوق ربما أخطأ، قال أبو حاتم: كان كاتب ديوان، ولم يكن صاحب حديث. التقريب (564)]، عن الأوزاعي به هكذا مرفوعًا متصلًا.

أخرجه ابن ماجه (432)، وابن عدي (5/ 297)، والدارقطني (1/ 107 و 152)، والبيهقي (1/ 55)، وابن عساكر في التاريخ (37/ 261).

2 -

خالفه: أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج [ثقة، حمصي. التقريب (618)] قال: ثنا الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر: كان إذا توضأ يعرك عارضيه، ويشبك لحيته باصابعه أحيانًا، ويترك أحيانًا. موقوف.

أخرجه الدارقطني (1/ 107 و 152)، والبيهقي (1/ 55).

قال الدارقطني: "موقوف، وهو الصواب".

وقال في السنن، وفي العلل (12/ 362/ 2785):"لم يرفعه، وهو الصواب".

وقال في موضع آخر من العلل (13/ 4/ 2895): "فعله، غير مرفوع، وهو الصحيح".

3 -

ورواه الوليد بن مزيد [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، قال: أنا الأوزاعي، قال: حدثني عبد الله بن عامر: حدثني نافع: أن ابن عمر كان يعرك عارضيه، ويشبك لحيته بأصابعه أحيانًا ويترك.

أخرجه البيهقي (1/ 55).

وعبد الله بن عامر هذا هو الأسلمي المدني: ضعيف عند الجميع [التهذيب (4/ 355)، التقريب (517) وقال: "ضعيف"].

وقد سواه الوليد بن مسلم، تنبيلًا للأوزاعي، فقال الوليد: حدثنا أبو عمرو، عن نافع، عن ابن عمر

فذكره.

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 460/ 11394).

ويؤيد هذه الرواية الموقوفة، وأنه لا يصح رفعه عن ابن عمر: ما رواه عبيد الله بن عمر العمري [وهو أثبت أصحاب نافع]، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يخلل لحيته. موقوف.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 20/ 100) و (7/ 318/ 36463)، وابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 460/ 11403)، وابن المنذر (1/ 382/ 364).

• وللأوزاعي فيه إسناد آخر عن عبد الواحد بن قيس:

1 -

رواه عبد الله بن كثير بن ميمون [صدوق، يغرب. التهذيب (4/ 444)]، عن

ص: 154

الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس: حدثني قتادة، ويزيد الرقاشي، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك، وشبك لحيته بأصابعه.

أخرجه الدارقطني (1/ 152).

2 -

وخالفه: الوليد بن مسلم [ثقة مدلس، من أثبت أصحاب الأوزاعي، وقد صرح بالتحديث في طبقات السند]، وإسماعيل بن عبد الله بن سماعة [ثقة، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج [ثقة]:

قال ثلاثتهم: حدثنا الأوزاعي، حدثني عبد الواحد بن قيس، عن قتادة ويزيد الرقاشي [لم يذكر أبو المغيرة في روايته: قتادة، قال: عن يزيد، وحده،: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك، وشبك لحيته بأصابعه. هكذا مرسلًا.

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 461/ 11419)، والدارقطني (1/ 152)، والبيهقي (1/ 55).

قال الدارقطني: "والمرسل هو الصواب".

وعبد الواحد بن قيس: ليس بالقوي، وهو دمشقي في رواية الأوزاعي عنه استقامة [التهذيب (5/ 339)].

وهو هنا قد وافق الثقات -في المحفوظ عنه عن نافع- في روايته موقوفًا على ابن عمر، قال ابن حبان في المجروحين (2/ 153):"ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلا يجوز الاحتجاج بما خالف الثقات، فإن اعتبر معتبر بحديثه الذي لم يخالف الأثبات فيه فحسن" وهذا منه.

وأما قول أبي حاتم لما سأله ابنه عن رواية ابن أبي العشرين المرفوعة عن ابن عمر، قال:"روى هذا الحديث: الوليد عن الأوزاعي عن عبد الواحد عن يزيد الرقاشي وقتادة قالا: كان النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشبه"[العلل (1/ 58/31)].

• فلا يمنع هذا من صحة الموقوف، وأن كلا الوجهين صحيح عن عبد الواحد بن قيس: موقوف ابن عمر، ومرسل يزيد وقتادة، فقد رواهما جميعًا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، وهو ثقة يعتمد على حفظه، إضافة إلى بقية الدلائل التي سبق بيانها. والله أعلم.

وقد أشار الدارقطني إلى من روى هذا الحديث عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعًا، وقد تقدم في أول هذا البحث، وكأنه يعله به، فالله أعلم.

وقد روي موقوفًا أيضًا على ابن عمر من طرق أخرى: انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 20/ 115) و (7/ 318/ 36460)، العلل ومعرفة الرجال (1/ 470/ 1086)، جامع البيان (4/ 459/ 11388 - 11392).

وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى (1/ 173): "والصحيح أنه من فعل ابن عمر غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم".

وانظر: تعقب ابن القطان الفاسي له في بيان الوهم (3/ 364/ 1108)، وليس بشيء، وانظر: رد ابن دقيق العيد عليه في الإمام (1/ 498).

ص: 155

12 -

عائشة: تقدم في سياق طرق حديث أنس.

وله طريق أخرى لكن في الغسل، وهو منكر:

يرويه أبو خلف عبد الله بن عيسى، عن يونس بن عبيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل خلل لحيته.

أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 252) بلفظ مختلف. وابن المظفر البزار في غرائب مالك (28)، أبو طاهر السلفي فيما انتخبه من الطيوريات (848).

قال ابن عدي: "وهذا عن يونس عن هشام لا أعلم رواه عن يونس غير عبد الله بن عيسى".

وقال أبو طاهر: "تفرد به أبو خلف، عن يونس".

قلت: هو حديث منكر، تفرد به عن الثقة الثبت يونس بن عبيد: أبو خلف عبد الله بن عيسى الخزاز، صاحب الحرير، وهو: منكر الحديث، ينفرد عن يونس بما لا يتابع عليه [التهذيب (2/ 401)، الميزان (2/ 470)].

والمعروف في هذا: ما رواه جماعة من الثقات عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يخلل شعره بالماء قبل أن يفيض الماء على رأسه، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى برقم (242).

13 -

عبد الله بن عكبرة: تقدم أثناء الكلام عن حديث عمار.

14 -

عثمان بن عفان: وله عنه طرق:

أ- إسرائيل، عن عامر بن شقيق بن جمرة، عن شقيق بن سلمة، قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ

فذكر الحديث، وفيه: وخلل لحيته ثلاثًا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت.

وهو حديث منكر، تقدم تخريجه والكلام عليه برقم (110).

ب- محمد بن معاوية النيسابوري، قال: نا شعيب بن رزيق، عن عطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيب، قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ فخلل لحيته، ثم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فخلل لحيته.

أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 226/ 6253)، وفي مسند الشاميين (3/ 322/ 2402)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 206).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عطاء الخراساني إلا شعيب بن رزيق".

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث عطاء، تفرد به شعيب".

قلت: عطاء بن أبي مسلم الخراساني: صدوق يهم كثيرًا، يرسل ويدلس [كذا قال في التقريب (679)]، وعطاء: خراساني نزل الشام، ففي تفرده بهذا عن سعيد بن المسيب المدني الإمام: نظر.

وشعيب بن رزيق: صدوق يخطئ [التقريب (437)]، قال ابن حبان: "يعتبر حديثه من غير روايته عن عطاء الخراساني [الثقات (8/ 308)].

ص: 156

وظاهر كلام الطبراني وأبي نعيم أن محمد بن معاوية النيسابوري لم ينفرد بهذا الحديث، لكني لم أجد له متابعًا، فإن كان منفردًا به: فلا يصح الإسناد إذًا إلى عطاء وشعيب، وتكون التبعة فيه على النيسابوري هذا؛ فإنه متروك، كان يتلقن، كذبه ابن معين والدارقطني وغيرهما [التهذيب (7/ 435)]، وإن لم ينفرد به، فكفى بتفرد شعيب بن رزيق به عن عطاء، فإنه لا يعتبر بحديثه عنه، وعليه: فإن هذا الطريق أشد وهاءً من سابقه، والله أعلم.

ج- بقية، عن أبي سفيان الأنماري، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم: توضأ وخلل لحيته.

ذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 68/ 180)، وسأل عنه أباه فقال:"هذا حديث موضوع، وأبو سفيان الأنماري: مجهول".

15 -

علي بن أبي طالب:

رواه الطبراني، فيما انتقاه أبو بكر ابن مردويه عليه، من حديثه لأهل البصرة (52): قال الطبراني: حدثنا يحيى بن عثمان: حدثنا زكريا بن عبد الخالق الواسطي: حدثنا هشيم بن بشير، عن منصور بن زاذان، عن أبي البختري الطائي، قال: رأيت عليًّا رضي الله عنه يخلل لحيته إذا توضأ، ويقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. وهذا خبر منكر من حديث علي، فقد روى حديث علي في صفة الوضوء جماعة من التابعين، لم يذكروا فيه تخليل اللحية، انظر ما تقدم برقم (111 - 116)، وما سيأتي برقم (162 - 164)، ومسائل الفقه (1/ 42).

وهو منكر أيضًا من حديث هشيم بن بشير، فإن زكريا بن عبد الخالق الواسطي هذا جهدت في البحث عنه فلم أعثر له على ترجمة، ولا يعرف بالرواية عن هشيم، ولا عنه يحيى بن عثمان بن صالح بن صفوان السهمي، ففي تفرده بذلك -على جهالته- نكارة ظاهرة.

وأبو البختري الطائي سعيد بن فيروز: لم يدرك عليًّا، ولم يره [المراسيل (74)، جامع الترمذي (1548)، العلل الكبير له (386)، المعرفة والتاريخ (3/ 208)، البحر الزخار (3/ 126/ 912)، جامع التحصيل (183)، تحفة التحصيل (126)].

وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 87): "إسناده ضعيف ومنقطع".

وله طريق أخرى عند الخطيب في المتفق والمفترق (2/ 969/ 588)، بإسناد فيه من لا يُعرف، وبلفظ منكر، وفيه:"فلم يكن يدع نضح غابته ثلاثًا تحت ذقنه"، وفسر الغابة ببطن اللحية.

وروي موقوفًا على عليٍّ من فعله:

من طريقين أحدهما ضعيف جدًّا، والآخر فيه من لم يوثق.

أخرجهما: الدولابي في الكنى (2/ 769 - 770/ 1328)، وابن المنذر (1/ 382/ 363).

وانظر: التاريخ الكبير (8/ 323)، المجروحين (3/ 105)، الكامل (7/ 279).

وروي عنه موقوفًا عليه من قوله، بإسناد فيه مبهم:

ص: 157

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 20/ 111).

16 -

عبد الله بن شداد مرسلًا:

تقدم تحت حديث أنس.

• وخلاصة ما تقدم:

أن كل هذه الشواهد إما منكر أو شاذ أو قريب أو شديد الضعف؛ فلا يتقوى بعضها ببعض، ولا تصلح للاعتضاد، ويبقى حديث أنس على ضعفه، ولولا أن الترمذي صحح حديث عثمان لما عانيت الكلام على هذه الأسانيد؛ حيث إن الأئمة قد كفونا مؤونة ذلك، وتحسين الإمام البخاري لحديث عثمان لا يعتبر تصحيحًا له؛ بل هو استغراب له كما بينت ذلك في أثناء الكلام على حديث عثمان الذي تقدم برقم (110)، وبهذا يكون الأئمة قد ذهب أكثرهم إلى تضعيف أحاديث تخليل اللحية في الوضوء، وهذه أقوالهم نعيدها مرة أخرى:

قال الإمام أحمد: "ليس يثبت فيه حديث"[مسائل أبي داود (40)].

وقال: "ليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية شيء"[الإمام (1/ 488)، البدر المنير (2/ 192)].

وقال في موقوف ابن عمر: "ليس في التخليل أصح من هذا"[الإمام (1/ 492)، البدر المنير (2/ 190)].

وقال الإمام أبو حاتم: "لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية حديث"[العلل (1/ 45)].

وقال ابن المنذر في الأوسط (1/ 385): "والأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلل لحيته: قد تكلم في أسانيدها، وأحسنها حديث عثمان".

وقال العقيلي: "والرواية في تخليل اللحية فيها مقال"[الضعفاء الكبير (4/ 285)].

وقال ابن حزم في المحلى (2/ 36): "وهذا كله لا يصح منه شيء".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 120): "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلل لحيته في وضوئه من وجوه كلها ضعاف".

وأما تصحيح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الجارود والضياء لأحاديث تخليل اللحية فبمجرد النظر إلى تعدد طرقه ومخارجه أو إلى تحسين البخاري وأحمد لحديث عثمان، والله أعلم.

• وأما فقه المسألة:

فقد صح ذلك عن ابن عمر وابن عباس من فعلهما موقوفًا عليهما، لذا قال به الإمام أحمد وغيره، لكنه لم يوجبه، ولم يأمر من نسيه بالإعادة.

فقد قال ابنه صالح: "وسئل أبي عن رجل نسي أن يخلل لحيته، ثم صلى، هل يعيد؟ قال: لا يعيد"[مسائله (417)].

وقال إسحاق بن منصور الكوسج للإمام أحمد: "قلت: يخلل لحيته إذا توضأ؟ قال: إي والله، وإن لم يفعل أجزأه ما سال على اللحية"[مسائله (7)].

ص: 158