الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن ماجه (492)، ومالك في الموطأ (1/ 26/ 49)، وابن حبان (3/ 429 و 431/ 1152 و 1155)، وأحمد (3/ 462 و 488)، وعبد الرزاق (1/ 178/ 691)، والحميدي (437)، وابن أبي شيبة (1/ 51/ 527 و 528)، وأبو بكر الأثرم في سننه (162)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 51/ 1995)، والطحاوي (1/ 66)، وابن قانع في المعجم (1/ 294)، والطبراني في الكبير (7/ 87 و 88/ 6455 - 6463)، وأبو نعيم في المعرفة (3/ 1393/ 3516)، والبيهقي في السنن (1/ 160)، وفي الشعب (5/ 72)، وابن عساكر في التاريخ (4/ 243)، والحازمي في الاعتبار (1/ 246/ 37)، وقال:"هذا حديث صحيح".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 176): "وهذا حديث صحيح، إسناده ثابت".
• ومما يؤيد القول الأول، وهو النسخ:
ما رواه عبد الله بن حنظلة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمِر بالوضوء لكل صلا طاهرًا وغير طاهر؛ فلما شق ذلك عليه أُمِر بالسواك لكل صلاة، ووضع عنه الوضوء إلا من حدث.
وهو حديث صحيح؛ تقدم برقم (48).
***
66 - باب تفريق الوضوء
173 -
. . . ابن وهب، عن جرير بن حازم: أنه سمع قتادة بن دعامة: حدثنا أنس بن مالك: أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظُّفُر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ارجع فأحسن وضوءك".
قال أبو داود: هذا الحديث: ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا ابن وهب وحده.
• حديث غريب.
أخرجه ابن ماجه (665)، وابن خزيمة (1/ 85/ 164)، والضياء في المختارة (7/ 30 - 31/ 2415 - 2417)، وأبو عوانة (1/ 212 - 213/ 692)، وأحمد (3/ 146)، وأبو يعلى (5/ 322/ 2944)، والطبراني في الأوسط (6/ 323/ 6525)، وابن عدي في الكامل (2/ 126)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 423)، والدارقطني (1/ 108)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 330)، وفي تاريخ أصبهان (1/ 123)، وابن حزم في المحلى (2/ 71)، والبيهقي في السنن (1/ 70 و 83)، وفي الخلافيات (1/ 454/ 258 - 260)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 165/ 259).
قال أبو عوانة: "قال أبو داود: ليس هذا الحديث بمعروف عن جرير ولا عن قتادة، لم يروه إلا ابن وهب".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا جرير بن حازم، تفرد به ابن وهب".
وقال ابن عدي بعد أن ذكر لابن وهب حديثين بهذا الإسناد: "وهذان الحديثان تفرد بهما ابن وهب عن جرير بن حازم، ولابن وهب عن جرير غير ما ذكرت غرائب" وهذا الحديث أحدهما.
وقال الدارقطني في السنن: "تفرد به جرير بن حازم عن قتادة، وهو ثقة".
وقال في الأفراد (1/ 206/ 975 - أطرافه): "تفرد به جرير بن حازم عنه [يعني: عن قتادة]، ولم يروه عنه غير ابن وهب".
وقال أبو نعيم في الحلية: "غريب من حديث جرير عن قتادة، لم يروه عنه إلا ابن وهب".
وقال البيهقي: "
…
بإسناد صحيح،
…
رواة هذا الحديث كلهم ثقات، مجمع على عدالتهم".
قلت: هو حديث غريب؛ وإن كان رجاله ثقات مشاهير.
وهو إسناد بصري تفرد به ابن وهب المصري.
قال الإمام أحمد: "إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون: هذا الحديث غريب، أو فائدة؛ فاعلم أنه خطأ، أو دخل حديث في حديث، أو خطأ من المحدث، أو ليس له إسناد، وإن كان قد روى شعبة وسفيان"[الكفاية (172)، شرح علل الترمذي (2/ 623)].
• ولهذا الحديث عدة علل:
الأولى: تفرد جرير بن حازم به عن قتادة دون أصحاب قتادة المشاهير سواء الحفاظ منهم أو الشيوخ، وجرير وإن كان في نفسه ثقة إلا أنه في تفرده عن قتادة نظر.
الثانية: أن جريرًا ليس من أصحاب قتادة المقدَّمين فيه بحيث يقبل تفردهم لو تفردوا، مثل شعبة وهشام الدستوائي وابن أبي عروبة، بل وليس هو في منزلة الشيوخ من أصحاب قتادة، مثل أبان وهمام وحماد وغيرهم.
الثالثة: أن جرير بن حازم: ضعيف في قتادة، وإن كان ثقة في غيره، قال عبد الله بن أحمد:"سألت يحيى عن جرير بن حازم؟ فقال: ليس به بأس. فقلت له: إنه يحدث عن قتادة عن أنس أحاديث مناكير. فقال: ليس بشيء؛ هو عن قتادة: ضعيف"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 10/ 3912)].
وقال الميموني عن أحمد: "كان حديثه عن قتادة غير حديث الناس يوقف أشياء، ويسند أشياء، ثم أثنى عليه، وقال: صالح، صاحب سُنَّة وفضل"[ضعفاء العقيلي (1/ 199)، التهذيب (1/ 39)].
وقال ابن عدي (2/ 130): "وهو مستقيم الحديث، صالح فيه، إلا روايته عن قتادة؛ فإنه يروي أشياء عن قتادة لا يرويها غيره".
قال الذهبي في الميزان (1/ 393): "وفي الجملة: لجرير عن قتادة أحاديث منكرة".
الرابعة: تفرد ابن وهب به عن جرير بن حازم؛ وقد روى عن جرير جماعات من الثقات لا سيما من أهل بلده البصريين فلم يتابع أحد منهم ابن وهب على روايته هذه.
الخامسة: وهذا يعني أن هذا الحديث مما حدث به جرير بن حازم بمصر، حيث لم يروه عنه إلا أهل مصر، ولم يروه منهم إلا ابن وهب، قال أحمد:"جرير بن حازم: حدث بالوهم بمصر لم يكن يحفظ"، وقال الساجي:"صدوق، حدث بمصر أحاديث وهم فيها، وهي مقلوبة"، وقال نحوه الأزدي [إكمال مغلطاي (3/ 181)، تهذيب التهذيب (2/ 38)].
قال ابن عدى: "ولابن وهب عن جرير غرائب" وعدَّ هذا من غرائبه، وكذا عدَّه أبو نعيم، وعدَّ ابن رجب الحنبلي في شرح علل الترمذي (2/ 784) هذا الحديث فيما أنكره الأئمة على جرير بن حازم فيما رواه عن قتادة عن أنس مرفوعًا.
فهو حديث غريب غريب.
***
قال أبو داود: وقد روي عن معقل بن عبيد الله الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، قال:"ارجع فأحسن وضوءك".
• حديث صحيح
وهذا يرويه الحسن بن محمد بن أعين: حدثنا معقل، عن أبي الزبير، عن جابر: أخبرني عمر بن الخطاب: أن رجلًا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ارجع فأحسن رضوءك"، فرجع ثم صلى.
أخرجه مسلم (234)، وأبو عوانة (1/ 212/ 691)، وأبو نعيم في مستخرجه (1/ 305/ 571)، والبزار (1/ 350/ 232)، والبيهقي في السنن (1/ 70 و 84)، وفي الخلافيات (1/ 452/ 257).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا أسنده عن عمر إلا من هذا الوجه، وقد رواه الأعمش عن أبي سفيان [عن جابر] عن عمر موقوفًا".
قلت: أما إسناد مسلم: فهو إسناد حسن، ومعقل بن عبيد الله الجزري: صدوق، حسن الحديث، الجمهور على توثيقه، أحمد والنسائي وابن معين، ورواية معاوية بن صالح عن ابن معين في تضعيفه، معارضة بمن قوله وروايته أولى بالقبول منه لطول الصحبة وكثرة المسائل، ففي رواية عثمان بن سعيد الدارمي عن ابن معين قال:"ليس به بأس"[تاريخه (743)]، يعني: أنه ثقة في اصطلاح ابن معين، يؤيده رواية إسحاق بن منصور عن ابن معين قال:"ثقة"، وروى عبد الله بن أحمد عن ابن معين مثل الدارمي:"ليس به بأس" ثم قال: قال أبي: "ثقة"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 25/ 3988)، الجرح والتعديل (8/ 286)، ضعفاء العقيلي (4/ 221)، التهذيب (8/ 272)].
فرواية هؤلاء الثلاثة مقدمة بلا شك على رواية معاوية بن صالح، وعليه فمعقل: ثقة عند ابن معين.
أضف إلى هذا أن علي بن المديني قال فيه: "كان معقل ثقة عند أصحابه"[سؤالات ابن أبي شيبة (256)].
وأما قول ابن حبان في الثقات (7/ 492): "كان يخطئ، ولم يفحش خطؤه فيستحق الترك" كذا نقله في التهذيب واقتصر عليه [التهذيب (8/ 272)].
ولو أنه أكمل كلامه لظهر المقصود حيث يقول ابن حبان: "وإنما كان ذلك منه على حسب ما لا ينفك منه البشر، ولو ترك حديث من أخطأ من غير أن يفحش ذلك منه، لوجب ترك حديث كل محدث في الدنيا؛ لأنهم كانوا يخطئون ولم يكونوا بمعصومين، بل يحتج بخبر من يخطئ ما لم يفحش ذلك منه، فإذا فحش حتى غلب على صوابه ترك حينئذ، ومتى ما علم الخطأ بعينه، وأنه خالف فيه الثقات ترك ذلك الحديث بعينه، واحتج بما سواه، هذا حكم المحدثين الذين كانوا يخطئون ولم يفحش ذلك منهم" انتهى بتمامه.
فهذا من ابن حبان توثيق للرجل، ودليل على قلة خطئه، لذا قال في مشاهير علماء الأمصار (1484):"ربما وهم"، وهذا يعني أنه وقف له على أوهام قليلة معدودة، لا تخرج الرجل عن زمرة الثقات، يؤكد هذا المعنى ما قاله ابن عدي في كامله (6/ 454) عن معقل حيث يقول:"ومعقل هذا هو حسن الحديث، ولم أجد في أحاديثه حديثًا منكرًا فأذكره إلا حسب ما وجدت في حديث غيره ممن يصدق [ويغلط] في حديث أو حديثين".
فهو إذًا صدوق، إن لم نقل ثقة، كما قال أحمد وابن معين وابن المديني، إلا أنه لم يكن في الطبقة العليا، فقد كان ممن يخطئ، وانظر مثالًا على خطئه مما خالف فيه الثقات في العلل لابن أبي حاتم (1/ 291).
وحاصل ما تقدم أن معقل بن عبيد الله إذا لم يخالف غيره من الثقات ممن شاركه في رواية الحديث عن شيخه فروايته حينئذ صحيحة مقبولة محتج بها، وقد احتج به مسلم هنا كما ترى.
وهو معروف بالرواية عن أبي الزبير المكي، وإن كان جزريًّا، قال ابن عدي:"ولمعقل هذا عن أبي الزبير عن جابر نسخة يرويها عنه الحسن بن محمد بن أعين عن معقل"، فهي نسخة موثوقة صحيحة إلا ما ثبت فيه أنه خالف غيره من الثقات.
وهو هنا في هذا الحديث لم ينفرد بهذا الإسناد عن أبي الزبير كما يشير إليه كلام البزار، لكنه قد توبع عليه ممن يعتبر به، ويصلح في المتابعات.
فقد رواه ابن لهيعة قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، أن عمر بن الخطاب أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا توضأ لصلاة الظهر، فترك موضع ظفر على ظهر قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ارجع فأحسن وضوءك"، فرجع فتوضأ ثم صلى.
أخرجه ابن ماجه (666)، وأبو عوانة (1/ 213/ 693)، وأحمد (1/ 21 و 23)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 156/164 و 157).
تنبيه: وقع في رواية ابن ماجه: فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، وهي رواية شاذة تفرد بها زيد بن الحباب، أو تكون من تخليط ابن لهيعة، والله أعلم.
وهذا الحديث قد أعله أيضًا بعد البزار: ابن عمار الشهيد وأبو علي النيسابوري.
قال ابن حجر في النكت الظراف (8/ 16 - بهامش التحفة): "وقد أعل بعض الحفاظ صحته، فقد نقل الدقاق الأصبهاني الحافظ عن أبي علي النيسابوري أن هذا الحديث مما عيب على مسلم إخراجه، وقال: الصواب: ما رواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: رأى عمر في يد رجل مثل موضع ظفر
…
فذكره موقوفًا. قال أبو علي: هذا هو المحفوظ، وحديث معقل خطأ، لم يتابع عليه".
وقال ابن عمار الشهيد في العلل (5): "ووجدت فيه من حديث ابن أعين، عن معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه
…
، وهذا الحديث إنما يعرف من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا اللفظ، وابن لهيعة لا يحتج به، وهو خطأ عندي؛ لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر فجعله من قول عمر".
قلت: هو صحيح ثابت من الوجهين مرفوعًا وموقوفًا، وكما بينا لم ينفرد به معقل عن أبي الزبير [وهو ثابت عن معقل]، بل تابعه ابن لهيعة، وهو صالح في المتابعات، فالحديث محفوظ عن أبي الزبير.
وعلى هذا فيكون الاختلاف قد وقع بين أبي الزبير، وأبي سفيان طلحة بن نافع، رفعه أبو الزبير، ووقفه أبو سفيان، وأبو الزبير أعلم بحديث جابر من أبي سفيان، وأكثر منه رواية عن جابر، وسماعه من جابر أكثر بكثير مما سمع أبو سفيان من جابر، فقد سمع طلحة بن نافع من جابر أربعة أحاديث فقط، والباقي صحيفة، وهي صحيفة سليمان بن قيس اليشكري التي أخذها أبو الزبير وأبو سفيان فرويا منها أحاديث جابر، وهي وجادة صحيحة، احتج بها مسلم وغيره.
وقد قال كل من: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي: "أبو الزبير أحب إلي من أبي سفيان"، فهو مقدم عليه في جابر [انظر: الجرح والتعديل (8/ 76)، التهذيب (7/ 416)].
وعليه فإن رواية أبي سفيان الموقوفة لا تعل رواية أبي الزبير المرفوعة.
والصواب مع الإمام مسلم في تصحيح رواية أبي الزبير والاحتجاج بها، وأما البزار وابن عمار الشهيد وأبو علي النيسابوري فقد جانبهم الصواب في هذا.
والإمام الدارقطني أعلم بالعلل من هؤلاء الثلاثة؛ ومع هذا فلم ينتقد هذا الحديث فيما انتقده على مسلم في التتبع، مما يدل على موافقته له في تصحيحه، أو يكون داخلًا فيما عناه بقوله:"ولم يخرج البخاري لأبي الزبير شيئًا، وبقي على مسلم من تراجم أبي الزبير حديث كثير، ومن حديث الأعمش عن أبي سفيان أيضًا"[التتبع ص (370)].
• وقد نبهني أحد الإخوة الفضلاء على ما ذكره ابن رجب في شرح العلل في إعلال هذا الحديث:
قال ابن رجب (2/ 793) فيمن ضُعِّفوا في بعض شيوخهم وهم ثقات: "ومنهم معقل بن عبيد الله الجزري: ثقة، كان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة، ويقول: يشبه حديثه حديث ابن لهيعة.
ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبي الزبير فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل سواء.
ومما أنكر على معقل بهذا الإسناد:
حديث: الذي توضأ وترك لمعة لم يصبها الماء.
وحديث: النهي عن ثمن السنور.
وقد خرجهما مسلم في صحيحه.
وكذلك حديث: "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده". انتهى كلامه.
وقال في موضع آخر (2/ 866): "وظهر مصداق قول أحمد أن أحاديثه عن أبي الزبير مثل أحاديث ابن لهيعة سواء، كحديث اللمعة في الوضوء، وغيره.
وقد كانوا يستدلون باتفاق حديث الرجلين في اللفظ على أن أحدهما أخذه عن صاحبه".
قلت: قول أحمد -إن ثبت عنه- لا يلزم منه إعلال أحاديث معقل عن أبي الزبير، على أنه أخذها عن ابن لهيعة ثم دلسها عنه، فإن معقلًا لا يعرف بتدليس، ولا يعرف بالرواية عن ابن لهيعة، وهو أقدم منه وفاة [توفي معقل سنة (166)، وتوفي ابن لهيعة سنة (174)].
وقد احتج مسلم بأحاديث معقل عن أبي الزبير عن جابر، فقد أخرج له في صحيحه بهذا الإسناد: سبعة عشر حديثًا (17)، بعضها في الأصول، وبعضها في المتابعات.
فمنها ما تفرد به معقل عن أبي الزبير، وليس هو من حديث ابن لهيعة [فيما وقفت عليه] مثل حديث:"الاستجمار تو، ورمي الجمار تو".
ومنها ما اختلف لفظه عن لفظ ابن لهيعة، مثل حديث "لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح"، وقد احتج به مسلم في بابه مع تفرد معقل به، هكذا رواه معقل، بينما رواه ابن لهيعة بعد حديثه عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا: "مثل المدينة كالكير
…
" الحديث، ثم قال بعده: وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ولا يحل لأحد يحمل فيها صلاحًا لقتال" يعني: بالمدينة، وكذا فسره قتيبة، بينما حديث معقل صريح في مكة بدون قيد القتال.
ومن هذه الأحاديث ما تابعه عليها ابن لهيعة وحده، وعددها سبعة.
ومنها ما تابعه عليها جماعة، وفيهم ابن لهيعة، وعددها سبعة.
ومنها حديث واحد تابعه عليه غير ابن لهيعة.
كما أن لابن لهيعة أحاديث كثيرة يرويها عن أبي الزبير عن جابر لم يرو معقل منها شيئًا.
ثم إن قرابة نصف هذه الأحاديث التي أخرجها مسلم من طريق معقل عن أبي الزبير عن جابر [وعددها تسعة] لها أسانيد أخرى عن جابر، وأغلبها مروية من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر.
وبذا يظهر أن معقل بن عبيد الله الجزري يشارك الثقات فيما يرويه عن أبي الزبير عن جابر، مثل ابن جريج وسفيان الثوري وهشام الدستوائي وموسى بن عقبة وحماد بن سلمة وزكريا بن إسحاق وخير بن نعيم وغيرهم.
وفي بعضها لفظه ولفظهم سواء.
وعليه فمثله إذا انفرد بشيء عن أبي الزبير فإنه يقبل منه، لا سيما إذا كان لهذا الحديث طرق أخرى عن جابر، أو شواهد تعضده، والله أعلم.
• وهاك الأحاديث التي رواها مسلم في صحيحه لمعقل عن أبي الزبير عن جابر، على سبيل الاختصار الشديد:
1 -
حديث: "استكبروا من النعال
…
" [عند مسلم (2096)، وأبي عوانة (8662)، والنسائي في الكبرى (9715)، وابن حبان (5458)].
تابعه عليه عن أبي الزبير:
أ- ابن جريج [عند أبي عوانة (8663)، وابن حبان (5457)].
ب- موسى بن عقبة [عند أبي داود (4133)، وأبي عوانة (8664)، والطبراني في الأوسط (5080 و 8581)، وابن عدي في الكامل (4/ 275)].
ج- ابن لهيعة [عند أحمد (3/ 337 و 360)، وعبد بن حميد (1056)].
2 -
حديث: "أن امرأة من بني مخزوم سرقت
…
" [عند مسلم (1689)، وأبي عوانة (6246)، والنسائي (8/ 71/ 4891)].
تابعه:
أ- موسى بن عقبة [عند أبي عوانة (6247)، والحاكم (4/ 379)، وأحمد (3/ 395)].
ب- ابن لهيعة [عند أحمد (3/ 386)].
3 -
حديث: "أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات
…
" [عند مسلم (15/ 18)، وأبي نعيم في المستخرج (96)، وابن منده في الإيمان (139)].
تابعه:
فقط ابن لهيعة [عند الحاكم (3/ 589)، وأحمد (3/ 348)].
وله طرق أخرى عن جابر [عند مسلم (15/ 16 و 17)، وأبي عوانة (5 و 6)].
4 -
حديث: "إن من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم
…
" [عند مسلم (757)، وأبي نعيم في المستخرج (1721)].
تابعه:
فقط ابن لهيعة [عند أحمد (3/ 348)].
ورواه أبو سفيان عن جابر [عند مسلم (757)، وأبي عوانة (2198 و 2199)، وأبي نعيم في المستخرج (1720)، وابن حبان (2561)، وأحمد (3/ 313 و 331)].
5 -
حديث: "أيكم خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر
…
" [عند مسلم (755)، وأبي نعيم في المستخرج (1717)، والبيهقي (3/ 35)].
تابعه:
فقط ابن لهيعة [عند أحمد (3/ 337 و 348)].
ورواه أبو سفيان عن جابر [عند مسلم (755)، وأبي نعيم في المستخرج (1716)، وابن ماجه (1187)، وابن حبان (2565)، وأحمد (3/ 315 و 389)، وعبد الرزاق (4632)، وابن أبي شيبة (6707)، وعبد بن حميد (1017)، وأبي يعلى (1905 و 2106)].
6 -
حديث: "الاستجمار تو، ورمي الجمار تو"[عند مسلم (1300)، وأبي عوانة (3574)، وأبي نعيم في المستخرج (3002)، والبيهقي (5/ 90)].
لم يتابع عليه واحتج به مسلم.
7 -
حديث: "اركبها بالمعروف حتى تجد ظهرًا"[عند مسلم (1324)، وأبي نعيم في المستخرج (3068)، والبيهقي (5/ 236)].
تابعه:
أ- ابن جريج [عند مسلم (1324)، وأبي نعيم في المستخرج (3067)، وأبي داود (1761)، والنسائي (5/ 177/ 2802)، وابن خزيمة (2663 و 2664)، وابن حبان (4015 و 4017)، وأحمد (3/ 317 و 324 و 325)، وابن أبي شيبة (3/ 358)، وأبي يعلى (2199 و 2204)، والطحاوي (2/ 162)].
ب- ابن لهيعة [عند أحمد (3/ 348)، والطحاوي (2/ 162)].
8 -
حديث: "لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة سلاح"[عند مسلم (1356)، وأبي عوانة (3731)، والفاكهي في أخبار مكة (1646)، والبيهقي (5/ 155)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 175)].
لم يتابع عليه واحتج به مسلم.
خالفه ابن لهيعة فرواه بلفظ: "لا يحل لأحد يحمل فيها السلاح لقتال" قال قتيبة: يعني: المدينة [عند أحمد (3/ 347 و 393)].
9 -
حديث النهي عن ثمن الكلب والسنور [عند مسلم (1569)، وأبي عوانة (5274)، وابن حبان (4940)، والبيهقي (6/ 10)].
تابعه:
أ- حماد بن سلمة [عند النسائي (7/ 309/ 4668)، والطحاوي (4/ 58)، والدارقطني (3/ 73)، والبيهقي (6/ 6)].
ب- خير بن نعيم [عند الدارقطني (3/ 72)].
ج- عمر بن زيد الصنعاني [عند البخاري في التاريخ الكبير (6/ 157)، وأبي داود (3480) و (3807)، وأحمد (3/ 297)، والبيهقي (6/ 10)].
د- الحسن بن أبي جعفر [عند الدارقطني (3/ 73)].
هـ- ابن لهيعة [عند أحمد (3/ 339 و 349 و 386)، والطحاوي (4/ 52 و 53)].
ورواه أبو سفيان عن جابر [عند أبي داود (3479)، والترمذي (1279)، وأبي عوانة (5271 و 5272)، والحاكم (2/ 39)، وابن الجارود (580)، وابن أبي شيبة (7/ 296)، وأبي يعلى (2275)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 52)، وفي المشكل (7/ 80) و (12/ 73)، والعقيلي (2/ 220)، والطبراني في الأوسط (3201)، والدارقطني (3/ 72)، والبيهقي (6/ 11)].
10 -
حديث: "لعن الله من وسمه"[عند مسلم (2117)، وابن حبان (5628)، والبيهقي (7/ 35)].
تابعه:
أ- ابن جريج [عند مسلم (2116)].
ب- سفيان الثوري [عند البخاري في الأدب المفرد (175)، وأبي داود (2564)، وأحمد (3/ 323)، وعبد الرزاق (8451)، وأبي يعلى (2148)، والبيهقي (7/ 35)].
ج- حماد بن سلمة [عند ابن حبان (5627)، وأبي يعلى (2099)].
د- زكريا بن إسحاق [عند ابن حبان (5626)].
هـ- ابن لهيعة [عند ابن عدي في الكامل (4/ 146)].
وله طرق أخرى عن جابر [عند أحمد (3/ 296)، وعبد الرزاق (8450)].
11 -
حديث: "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة
…
" [عند مسلم (2178)، والبيهقي (3/ 233)].
تابعه:
فقط ابن لهيعة [عند أحمد (3/ 342)].
وله طريق أخرى عن جابر [عند أحمد (3/ 295)، والشافعي في المسند (69)، وعبد الرزاق (5591)].
12 -
حديث: "أن أم مالك كانت تهدي للنبي صلى الله عليه وسلم في عكةٍ لها سمنًا
…
" [عند مسلم (2280)].
تابعه:
ابن لهيعة فقط [عند أحمد (3/ 340 و 347)].
13 -
حديث: "أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه، فأطعمه شطر وسق شعير
…
" [عند مسلم (2281)].
تابعه:
ابن لهيعة وحده [عند أحمد (3/ 337 و 347)].
14 -
حديث: "أسلم سالمها الله"[عند مسلم (2515)].
تابعه:
أ- ابن جريج [عند مسلم (2515)، وأحمد (3/ 383)].
ب- ابن لهيعة [عند أحمد (3/ 345)].
وله طرق أخرى عن جابر [عند الطيالسي (1766)، وأحمد في علل الحديث ومعرفة الرجال (258)، وأبي نعيم في الحلية (7/ 316)].
15 -
حديث: "يبعث الشيطان سراياه
…
" [عند مسلم (2813)].
تابعه:
أ- ابن جريج [عند أحمد (3/ 384)].
ب- سفيان الثوري [عند أحمد (3/ 332 و 366)، والسري بن يحيى في حديث الثوري (8)، وأبي يعلى (2153)، وأبي نعيم في الحلية (7/ 92)].
لم يروه ابن لهيعة فيما وقفت عليه على عجالة.
وله طرق كثيرة عن جابر [عند مسلم (2813)، وابن حبان (6187)، وأحمد (3/ 314 و 354)، وعبد بن حميد (1033)، وأبي يعلى (1909)، والطبراني في مسند الشاميين (1016) و (2746)، والأوسط (4127)].
16 -
حديث: "لا يُدخِل أحدًا منكم عملُه الجنة
…
" [عند مسلم (2817)].
تابعه:
ابن لهيعة وحده [عند أحمد (3/ 394)].
ورواه أبو سفيان عن جابر [عند مسلم (2817)، وأحمد (3/ 337 و 362)].
17 -
حديث: "إذا أحدكم أعجبته المرأة، فوقعت في قلبه
…
" [عند مسلم (1403)، وأبي نعيم في المستخرج (3244)].
تابعه.
أ- هشام الدستوائي [عند مسلم (1403)، وأبي نعيم في المستخرج (3242)، وأبي داود (2151)، والترمذي (1158)، والنسائي في الكبرى (9072)، وابن حبان (5572)، وعبد بن حميد (1061)، والطبراني في الكبير (24/ 50/ 132)، وفي الأوسط (2385)، والبيهقي (7/ 90)].
ب- حرب بن أبي العالية [عند مسلم (1403)، وأبي نعيم في المستخرج (3243)، وأحمد (3/ 330)].
ج- موسى بن عقبة [عند أحمد (3/ 395)].
د- ابن لهيعة بلفظ مختلف [عند أحمد (3/ 341 و 348)، والطبراني في الأوسط (9073)].
• نعود بعد ذلك إلى رواية أبي سفيان: فنذكر نصها، ومن أخرجها:
رواه الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلًا يتوضأ فبقي في رجله لمعة، فقال: أعد الوضوء. هكذا موقوفًا.
أخرجه من طرق عن الأعمش: ابن أبي شيبة (1/ 46/ 454)، وأبو يعلى (4/ 203 2312)، والبيهقي في السنن (1/ 84)، وفي الخلافيات (263).
• ولهذا الموقوف طرق عن عمر منها:
1 -
ما رواه إسماعيل بن علية، وسفيان الثوري، ومعمر بن راشد:
عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة: أن عمر بن الخطاب رأى رجلًا قد ترك على ظهر قدمه مثل الظفر، فأمره أن يعيد وضوءه وصلاته.
أخرجه عبد الرزاق (1/ 36/ 118)، وابن أبي شيبة (1/ 45/ 447)، وابن جرير الطبري (4/ 467/ 11458)، والبيهقي في الخلافيات (264).
وهذا موقوف على عمر بإسناد منقطع، رجاله ثقات، وأبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي: لم يدرك عمر [تهذيب الكمال (14/ 542)، المحلى (2/ 71)].
2 -
ورواه هشيم، عن حجاج وعبد الملك (ح) ورواه عبد الرحيم بن سليمان، عن حجاج وحده:
كلاهما عن عطاء، عن عبيد بن عمير الليثي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلًا وبظهر قدمه لمعة لم يصبها الماء، فقال له عمر: أبهذا الوضوء تحضر الصلاة؟ فقال: يا أمير المؤمنين البرد شديد، وما معي ما يدفئني، فرَقَّ له بعد ما همَّ به؛ فقال له: اغسل ما تركت من قدمك، وأعد الصلاة، وأمر له بخميصة.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 45/ 446)، والدارقطني (1/ 109 و 110)، والبيهقي في السنن (1/ 84)، وفي الخلافيات (266).
عبيد بن عمير الليثي: مجمع على ثقته، وُلِد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وروايته عن عمر عند البخاري، وفي التاريخ الكبير (5/ 455): "سمع عمر،
…
، سمع منه عطاء".
وعطاء: هو ابن أبي رباح: ثقة فقيه فاضل.
وحجاج: هو ابن أرطاة؛ صدوق كثير الخطأ والتدليس [التقريب (222)]، ولم يذكر سماعًا.
وعبد الملك: هو ابن أبي سليمان العرزمي: صدوق؛ بل ثقة مشهور، معروف بالرواية عن عطاء.
ورواية هشيم عن عبد الملك في صحيح مسلم.
فهو إسناد صحيح إلى عمر موقوف عليه؛ إلا أنه دال على تفريق الوضوء؛ فقد استدل به البيهقي على تفريق الوضوء، فقال: "وقد روي عن عمر ما دل على أن أمره بالوضوء كان على طريق الاستحباب، وإنما الواجب غسل تلك اللمعة فقط
…
"، وقال نحوه في الخلافيات، وقال: "إسناده جيد".
• وقد وجدت للمرفوع طريقين آخرين إلا أنهما ضعيفان:
الأول: يرويه قراد أبو نوح، عن شعبة، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل، قال: توضأ عمر، وبقي على بعض رجله قطعة لم يصبها الماء، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء.
ذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 54/ 134).
قال أبو حاتم: "أبو المتوكل لم يسمع من عمر، وإسماعيل هذا: ليس به بأس".
وأسنده البيهقي في الخلافيات (262)، وقال:"وهذا منقطع".
قلت: إسماعيل هذا هو العبدي أبو محمد البصري: ثقة، وقراد: لقب، واسمه: عبد الرحمن بن غزوان: وهو ثقة أيضًا، فالسند رجاله ثقات إلا أنه منقطع، وهي متابعة جيدة لطريق أبي الزبير عن جابر.
تنبيه: وقع عند البيهقي: "توضأ ابن عمر"، وهو خطأ: إنما هو عمر.
الثاني: يرويه المغيرة بن سقلاب الحراني، عن الوازع بن نافع العقيلي، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر، عن أبي بكر [وفي رواية: عن أبي بكر وعمر]، قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل قد توضأ، وبقي على ظهر قدمه مثل ظفر إبهامه لم يمسه الماء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ارجع فأتم وضوءك"، ففعل.
أخرجه أبو عوانة (1/ 213/ 694)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 182)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 67)، وابن عدي في الكامل (6/ 359) و (7/ 96)، والدارقطني في السنن (1/ 109)، وفي الأفراد (2 - أطرافه)، وابن شاهين في الناسخ (128)، والرافعي في التدوين (4/ 148).
قال العقيلي بعد أن أخرجه في ترجمة المغيرة: "ولا يتابعه إلا من هو نحوه".
وقال أبو حاتم: "هذا حديث باطل بهذا الإسناد، ووازع بن نافع: ضعيف الحديث".
وقال ابن عدي: "ولا أعلم رواه عن الوازع بهذا الإسناد غير مغيرة هذا".
وقال الدارقطني في السنن: "الوازع بن نافع: ضعيف الحديث"، وقال في الأفراد:"غريب من حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده عن أبي بكر، تفرد به الوازع بن نافع عنه، وتفرد به المغيرة بن سقلاب عن الوازع"[أطرافه (1/ 33/ 2)].
فهو حديث باطل، كما قال أبو حاتم، تفرد به عن سالم: الوازع بن نافع، وهو: متروك، منكر الحديث، روى أحاديث موضوعة [انظر: اللسان (6/ 259)]، وتفرد به عن الوازع: المغيرة بن سقلاب، وهو: ضعيف [انظر: اللسان (6/ 91)].
وقد أخرجه من طريق المغيرة أيضًا لكن سقط من إسناده ذكر عمر بن الخطاب: الطبراني في الأوسط (2/ 356/ 2219)، وفي الصغير (1/ 38/ 27).
وقال: "لا يروى عن أبي بكر الصديق إلا بهذا الإسناد تفرد به المغيرة بن سقلاب".
***
174 -
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا يونس وحميد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمعنى قتادة.
• مرسل صحيح الإسناد.
أخرجه من طريق أبي داود هكذا: البيهقي (1/ 83).
ورواه ابن أبي شيبة (1/ 45/ 445)، قال: حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا ترك من قدمه موضع ظفر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحسن وضوءك".
قال يونس: فكان الحسن يغسل ذلك المكان.
فهذا مرسل صحيح الإسناد.
وهو شاهد جيد لحديث عمر بن الخطاب المرفوع بطريقيه؛ طريق أبي الزبير عن جابر، وطريق أبي المتوكل الناجي.
***
175 -
قال أبو داود: حدثنا حيوة بن شريح: حدثنا بقية، عن بحير - هو ابن سعد -، عن خالد، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي، وفى ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة.
• إسناده جيد.
من طريق أبي داود: أخرجه البيهقي في السنن (1/ 83)، وفي الخلافيات (261).
وأخرجه أحمد (3/ 424)، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس: حدثنا بقية: حدثنا بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . . . فذكر الحديث، وفيه: أن يعيد الوضوء، ولم يذكر الصلاة.
ومن طريق أحمد: أخرجه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 164/ 158).
وعزاه للحاكم في المستدرك: ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 11)، وتبعه: ابن التركماني في الجوهر النقي بحاشية سنن البيهقي (1/ 83)، وابن حجر في التلخيص (1/ 167)، على أن فيه: تصريح بقية بالتحديث.
قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 240): "لعله وهم من الناسخ [يعني: ما وقع في الإمام من عزوه للحاكم في مستدركه، وقد تبعه عليه الآخرون]، فإن هذا الحديث ليس له ذكر فيه [يعني: في المستدرك]، وإنما صوابه: في المسند -يعني: لأحمد بن حنبل- فإنه أخرجه كذلك فيه" إلى أن قال: "وقد تبع الشيخ في هذا الغلط إمامان من جلة شيوخنا الحفاظ، فإياك والتقليد".
• وقد أعل هذا الحديث بعلتين:
الأولى: أن في إسناده بقية بن الوليد وفيه مقال [انظر: المحلى (2/ 71)، الأحكام الوسطى (1/ 184)، مختصر السنن للمنذري (1/ 128)].
وأجاب عنها ابن القيم في تهذيب السنن (1/ 128 - 129) بقوله: "فإن بقية: ثقة في نفسه، صدوق حافظ، وإنما نقم عليه التدليس، مع كثرة روايته عن الضعفاء والمجهولين، وأما إذا صرح بالسماع فهو حجة، وقد صرح في هذا الحديث بسماعه له".
وقال ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 11): "في المستدرك [صوابه: في المسند، كما تقدم بيانه] من طريق بقية: "حدثنا بحير"، فعلى هذا يسلم من تهمة التدليس من بقية في روايته عن بحير".
وما قالاه حق، فإنه ثقة إذا صرح بالسماع، وقد قال: حدثنا بحير بن سعد، فانتفت شبهة تدليسه.
والعلة الثانية: الإرسال.
قال ابن حزم في المحلى (2/ 71): "وفي السند من لا يدرى من هو".
وقال البيهقي: "وهو مرسل".
وأعله بالإرسال أيضًا ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (2/ 595).
وذلك لكون الصحابي لم يسم.
قال ابن القيم في التهذيب: "وأما العلة الثانية: فباطلة أيضًا على أصل ابن حزم وأصل سائر أهل الحديث، فإن عندهم جهالة الصحابي لا تقدح في الحديث، لثبوت عدالة جميعهم".
• وقد سأل الأثرمُ الإمامَ أحمد عن هذا الحديث بعينه فقال الأثرم: "هذا إسناد جيد؟ قال: نعم، قلت لأبي عبد الله: إذا قال رجل من التابعين: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمه؛ فالحديث صحيح؟ قال: نعم"[بيان الوهم (2/ 611)، الإمام (2/ 11)، المغني (1/ 91)، نصب الراية (1/ 35 - 36)، البدر المنير (2/ 239)، التلخيص (1/ 167)، فتح الباري لابن رجب (1/ 291)، وجعل هذا الحديث من أجود ما روي في الباب مرفوعًا في الأمر بإعادة الوضوء].
قلت: فلعل رواية الأثرم كان فيها: "عن خالد بن معدان: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" فيه يصح الحديث، وإلا فإن خالد بن معدان: كثير الإرسال، وقد سمع جماعة من الصحابة.
وقال ابن عبد الهادي في شرح العلل (108): "وجهالة الصحابة لا تضر، وإسناد هذا الحديث جيد، وراوية بقية عن بحير صحيحة، سواء صرح بالتحديث أم لا، مع أنه قد صرح في هذا الحديث بالتحديث".
• وبهذا الحديث يحتج على عدم جواز تفرقة الوضوء ووجوب الموالاة لأمره صلى الله عليه وسلم الرجل بإعادة الوضوء والصلاة، وهذا محمول على طول الفصل عرفًا، ويحتمل الجفاف.
وأما قول النووي في المجموع (1/ 481) بأن: "حديث خالد
…
ضعيف الإسناد، وحديث عمر: لا دلالة له فيه، والأثر عن عمر روايتان: إحداهما للاستحباب، والأخرى للجواز".
فيجاب عنه: بأن حديث خالد بن معدان: جوّد إسناده الإمام أحمد، وكفى به حجة في الحكم عليه، فقد أغنانا عن البحث والنظر والتفتيش.
وأما حديث عمر: "ارجع فأحسن وضوءك" وأثره الصحيح: "اغسل ما تركت من قدمك"، فيحملان على فتواه الصحيحة بالأمر بإعادة الوضوء.
وأيًّا كان فإنه طالما ثبت لدينا الحديث مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بإعادة الوضوء؛ وجب العمل بما دل عليه من وجوب الموالاة، واطراح ما عدا ذلك.
• واحتج من قال بتفريق الوضوء بفعل ابن عمر الثابت عنه: الذي رواه مالك، عن نافع: أن ابن عمر بال في السوق، ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه، ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد، فمسح على خفيه، ثم صلى عليها.
وفي رواية: فمسح على خفيه بعد ما جف وضوؤه وصلى.
رواه مالك في الموطأ (1/ 78/ 81)، وعنه: الشافعي في الأم (1/ 31)، والمسند (16)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (1/ 421/ 431)، والبيهقي في السنن (1/ 84)، وفي المعرفة (1/ 182/ 99)، وفي الخلافيات (265)، وابن حجر في التغليق (2/ 157).
وإسناده صحيح كالشمس مسلسل بالأئمة، وصححه ابن المنذر والبيهقي وابن حجر.
ولكنا في مثل هذا نتأول فعل الصحابي، ولا نتأول له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
راجع: فتح الباري لابن رجب (1/ 289)، فتح الباري لابن حجر (1/ 446)، الأوسط لابن المنذر (1/ 420)، الدراية (1/ 29)، التلخيص (1/ 165)، الكافي الشافي (1/ 599).
• هذا حكم تفريق الوضوء أنه لا يجوز، والواجب الموالاة، فإن طال الفصل عرفًا وجب الاستئناف.
وأما تفريق الغسل: فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى عند الحديث رقم (256).
***