الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكف، وقد روي بمثل هذا المعنى حديث حسن"، يعني: حديث أبي هريرة، وقد سبق بيان معناه [وانظر: النفح الشذي (2/ 285)].
وقال الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق: عمده وخطؤه في ذلك سواء، إذا أفضى بيده إليه [النفح الشذي (2/ 284)].
وقال البيهقي (1/ 138): "والقياس أن لا وضوء في المس، وإنما اتبعنا السُّنَّة في إيجابه بمس الفرج فلا يجب بغيره"، رادًا بذلك على قول عروة فيمن مس رُفغه أو أنثييه.
وهو قول الإمام أحمد، ففي مسائل ابنه صالح (63): "وسألت أبي عن مس الذكر، يتوضا منه؟ قال: لا يتوضأ إلا من مس الذكر وحده.
قلت: وإن مس أنثييه؟ قال: من القضيب وحده الوضوء".
وفي مسائل أبي داود (71)"سمعت أحمد قال: من مس ذكره يعيد الوضوء، وليس في مس الأنثيين وضوء؛ حتى يمس القضيب".
• وراجع كلام ابن حزم في المحلى (1/ 235).
وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "من مس ذكره فليتوضأ": أي ذكر نفسه، ويحمل اللفظ الآخر عليه وهو:"ويُتوضأ من مس الذكر"، ولا يقاس عليه الدبر لقوله:"من مس فرجه"، فقد بينت الرواية الأخرى أن المراد به الذكر.
والرجل والمرأة في ذلك سواء لحديث عبد الله بن عمرو.
وظاهر الكف وباطنه سواء لعموم قوله: "بيده"، ولا يدخل فيها الذراع؛ لأن اليد عند الإطلاق يراد بها الكف، كما في قوله تعالى:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، وأحاديث الوضوء والتيمم تدل على ذلك، والله أعلم.
***
71 - باب الوضوء من لحوم الإبل
184 -
الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: "توضؤوا منها"، وسئل عن لحوم الغنم؟ فقال: إلا توضؤوا منها".
وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل؟ فقال: "لا تصلوا في مبارك الإبل؛ فإنها من الشياطين"، وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال:"صلوا فيها فإنها بركة".
• حديث صحيح.
أخرجه أبو داود هنا بتمامه، وأعاده مختصرًا في الصلاة (493)، والترمذي في الجامع (81)، وفي العلل (46)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي (68)،
وابن ماجه (494)، وابن خزيمة (1/ 22/ 32)، وابن حبان (3/ 410/ 1128)، وابن الجارود (26)، وأحمد (4/ 288 و 303)، والطيالسي (770 و 771)، وعبد الرزاق (1/ 407/ 1596)، وابن أبي شيبة (1/ 50 و 337 - 338/ 511 و 3878 و 3879) و (4/ 277/ 36054)، والروياني (415)، وابن المنذر (1/ 138/ 29)، والطحاوي (1/ 384)، وابن الأعرابي في المعجم (731)، والحاكم في معرفة علوم الحديث (86)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 202)، والبيهقي في السنن (1/ 159) و (2/ 449)، وفي المعرفة (1/ 255/ 242)، وابن عبد البر (22/ 333)، والخطيب في الموضح (2/ 200)، وابن مردويه فيما انتقى من حديث أبي الشيخ (132)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 199 و 223/ 318 و 395).
وقد اختلف فيه على عبد الله بن عبد الله الرازي:
1 -
فرواه الأعمش عنه به هكذا.
2 -
ورواه عبيدة بن معتب الضبي [وهو ضعيف، واختلط بآخره. التقريب (655)]، عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغرة، قال: عرض أعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسير، فقال: يا رسول الله! تدركنا الصلاة ونحن في أعطان الإبل أفنصلي فيها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا"، فقال: أنتوضأ من لحومها؟ قال: "نعم"، قال: أفنصلي في مرابض الغنم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم"، قال: أفنتوضأ من لحومها؟ قال: "لا".
أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند (4/ 67) و (5/ 112)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 126 - 127/ 2667)، وأبو يعلى (2/ 420/ 150 - مطالب)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 1033/ 2622)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 200/ 226)، وانظر: الإصابة (1/ 486).
3 -
ورواه حجاج بن أرطأة [وهو صدوق كثير التدليس والخطأ]، واختلف عليه:
أ - فرواه عباد بن العوام [وهو ثقة]، وعمران بن داور القطان [وهو صدوق يهم]: كلاهما عن حجاج بن أرطأة، عن عبد الله بن عبد الله مولى بني هاشم - قال: وكان ثقة، قال: وكان الحكم يأخذ عنه -، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن ألبان الإبل؟ قال: "توضؤوا من ألبانها"، وسئل عن ألبان الغنم؟ فقال:"لا توضؤوا من ألبانها". لفظ عباد بن العوام.
أخرجه ابن ماجه (496)، وأحمد (4/ 352 و 391)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 146/ 38)، والطبراني في الكبير (1/ 206/ 559 و 560)، وفي الأوسط (7/ 247 - 248/ 7407)، والطحاوي (1/ 383)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 200/ 225).
وخالفهما: حماد بن سلمة [وهو ثقة]، فرواه عن الحجاج، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أسيد بن حضير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "توضؤوا من لحوم الإبل، ولا توضؤوا من لحوم الغنم، وصلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في مبارك الإبل".
أخرجه أحمد (4/ 352)[وفي إسناد المطبوعة خطأ]. والحارث بن أبي أسامة (1/ 230/ 98 - زوائده)، وابن قانع في المعجم (1/ 39)، والطبراني في الكبير (1/ 206/ 558)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 199/ 224).
قال الترمذي في العلل الكبير ص (47): "فخالف حماد بن سلمة أصحاب الحجاج، وأخطأ فيه".
وقال في الجامع: "وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن الحجاج بن أرطأة فأخطأ فيه، وقال فيه: عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أسيد بن حضير".
قلت: حديث عبيدة بن معتب وحجاج بن أرطأة: كلاهما خطأ، وحديث منكر، والمحفوظ: حديث الأعمش، فأين ابن معتب الضبي وابن أرطأة من الأعمش في الحفظ والضبط والإتقان.
قال أحمد بن حنبل: "فيه حديثان صحيحان: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة"[مسائل عبد الله للإمام أحمد (18)، الأوسط لابن المنذر (1/ 140)، التمهيد (3/ 349)، الاستذكار (1/ 179)، مجموع الفتاوى (21/ 260)، طبقات الحنابلة (1/ 289 - 290)، المغني (1/ 121)].
وقال الترمذي في الجامع: "والصحيح: حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب، وهو قول أحمد وإسحاق".
وقال أيضًا: "والصحيح: عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب.
قال إسحاق: صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة".
وقال في العلل: "وحديث الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء: أصح".
وقال أيضًا: "وذو الغرة: لا يُدرى من هو، وحديث الأعمش: أصح.
حدثنا إسحاق بن منصور: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: قد صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حديث البراء، وحديث جابرة بن سمرة".
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الاختلاف: أيها الصحيح؟ فقال أبو حاتم: "ما رواه الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والأعمش: أحفظ"[العلل (38)].
وقال أبو حاتم عن حديث عبيدة بن معتب الضبي: "والحديث خطأ، والصحيح: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيدة: ضعيف الحديث"[الجرح (3/ 447)].
وقال ابن خزيمة: "ولم نر خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر أيضًا: صحيح من جهة النقل؛ لعدالة ناقليه".
وجوَّد ابن المنذر إسناده في الأوسط (1/ 138)، ثم قال بعد ذلك (1/ 140):"وقال اْحمد بن حنبل: فيه حديثان صحيحان، حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة، وقال إسحاق: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك".
وقال البيهقي في المعرفة (1/ 254 - 255): "وحكى بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال في بعض كتبه: إن صح الحديث في الوضوء من لحوم الإبل قلت به.
وقد صح فيه حديثان عند أكثر أهل العلم بالحديث: أحدهما: حديث جابر بن سمرة
…
، والحديث الآخر: حديث البراء بن عازب
…
، وهذا حديث قد أقام الأعمش إسناده عن عبد الله بن عبد الله الرازي.
وأفسده الحجاج بن أرطأة: فرواه عنه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير.
وأفسده عبيدة الضبي: فرواه عنه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ذي الغرة.
والحجاج بن أرطأة، وعبيدة الضبي: ضعيفان.
والصحيح: حديث الأعمش، قاله أبو عيسى وغيره من الحفاظ.
وكان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقولان: قد صح في هذا الباب: حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة".
وصححه ابن عبد البر في التمهيد (22/ 333) وقال: "وأكثرها تواترًا وأحسنها: حديث البراء، وحديث عبد الله بن مغفل".
فهو حديث صحيح، أجمع الأئمة على تصحيحه.
ورجاله ثقات، ورواية ابن أبي ليلى عن البراء بن عازب عند الجماعة.
• وللحديث أسانيد أخرى عن ابن أبي ليلى، فقد روى:
أ - محمد بن عبد الله الحضرمي: ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى: ثنا أبي، عن ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن يعيش الجهني - يُعرف بذي الغرة -: أن أعرابيًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتوضأ من لحوم الإبل؟
…
، فذكر الحديث بنحو رواية الضبي.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 709/276)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 1033 - 1034/ 2623) و (5/ 2821/ 6678)، وابن عبد البر في التمهيد (3/ 351) لكن وقع عنده:"عن جابر بن سمرة"، بدل:"يعيش الجهني"، وهو خطأ.
ولا يصح هذا؛ فإن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: سيئ الحفظ جدًّا، وابنه عمران: لا يروي إلا عن أبيه، وروى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات.
ب - جابر بن يزيد الجعفي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن سليك الغطفاني، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُصلى في أعطان الإبل، وأمر أن يُتوضأ من لحومها، وسُئل عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال:"صلوا فيها".
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 477/ 1281)، والطبراني في
الكبير (7/ 6713/164)، وابن عدي في الكامل (3/ 465)، وأبو نعيم في المعرفة (3/ 1438/ 3648).
وهذا أيضًا لا يصح، والمحفوظ: حديث الأعمش، قال أبو حاتم لما سئل عن الصحيح من هذه الأسانيد ومنها إسناد حديث جابر الجعفي، قال:"ما رواه الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأعمش: أحفظ"[العلل (38)].
وقال أبو زرعة لما ذكر هذا الحديث: "حديث الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن ابن أبي ليلى عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أصح"[العلل (1/ 362/ 510)].
وقال أبو نعيم: "وصوابه: ابن أبي ليلى عن البراء؛ رواه الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن ابن أبي ليلى، عن البراء".
• ولحديث جابر الجعفي علة أخرى:
فقد خالفه أمير المؤمنين في الحديث سفيان الثوري: فرواه عن حبيب بن أبي ثابت، قال: أنبأني من سمع جابر بن سمرة، يقول: كنا نتوضأ من لحوم الإبل، ولا نتوضأ من لحوم الغنم.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/ 139/ 31)، وعلقه البيهقي (1/ 159).
فهذا الصواب من حديث حبيب بن أبي ثابت.
• وأما زيادة أبي معاوية في متن هذا الحديث، وهي قوله صلى الله عليه وسلم:"فإنها من الشياطين"، والتي لم يذكرها من روى هذا الحديث عن الأعمش مثل سفيان الثوري وشعبة وغيرهما، فهي زيادة محفوظة، حيث إن أبا معاوية محمد بن خازم الضرير من أخص أصحاب الأعمش، ولا يستغرب منه تفرده عنه بزيادات ليست عند غيره، فقد كان من أحفظ أصحاب الأعمش.
• وقد صحت هذه الزيادة من حديث عبد الله بن مغفل:
فقد روى الحسن البصري، عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها خلقت من الشياطين".
وهذا لفظ يونس بن عبيد عن الحسن، وكان أثبت أصحابه، وقد رواه عن الحسن جماعة كبيرة من أصحابه، رواه عنه منهم بهذه الزيادة: يونس بن عبيد [ثقة ثبت، أثبت أصحاب الحسن البصري]، ومبارك بن فضالة أصدوق يدلس ويسوي، من أصحاب الحسن]، وعبيد الله بن طلحة بن عبيد الله بن كريز [مقبول]، وأبو سفيان بن العلاء [صدوق. سؤالات ابن طهمان (117)].
أخرجه بهذه الزيادة وبدونها:
النسائي (2/ 56/ 735)، وابن ماجه (769)، وابن حبان (4/ 601/ 1702) و (12/ 473/ 5657)، وأحمد (4/ 85 و 86) و (5/ 54 و 55 و 56 - 57)، والشافعي في الأم (1/ 92)،
وفي المسند (21)، والطيالسي (955)، وعبد الرزاق (1/ 409/ 1652)، وابن أبي شيبة (1/ 337/ 3877) و (7/ 277/ 36055)، وعبد بن حميد (501)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 325/ 1092)، والروياني (898 و 1287)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (3180)، والطحاوي (1/ 384)، والمحاملي في الأمالي (85)، وابن عدي في الكامل (6/ 320)، وابن حزم في المحلى (1/ 174)، والبيهقي (2/ 449)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 303) و (22/ 334)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 404/ 504)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 317/ 392).
قال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 333): "وأكثرها تواترًا وأحسنها: حديث البراء، وحديث عبد الله بن مغفل، رواه نحو خمسة عشر رجلًا عن الحسن، وسماع الحسن من عبد الله بن مغفل: صحيح".
فهو حديث صحيح ثابت، وقد أثبت للحسن سماعًا من ابن مغفل: أحمد وابن معين وابن المديني وأبو حاتم والبزار والبرديجي، وانظر الحديث المتقدم برقم (27).
• وقد رويت هذه الزيادة أيضًا من حديث سلمان:
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 110).
وفي إسناده: هشام بن لاحق أبو عثمان المدائني، وهو: ضعيف، وقد أنكرت عليه أحاديث تفرد بها [انظر: العلل ومعرفة الرجال (3/ 300/ 5334)، التاريخ الكبير (8/ 205)، الجرح والتعديل (9/ 69)، ضعفاء العقيلي (4/ 337)، المجروحين (3/ 91)، اللسان (8/ 341)].
• وفي تأويل قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنها خلقت من الشياطين" أقوال منها:
أنها خُلقت من جنس ما خُلقت منه الشياطين.
أو أن للجن نَعَمًا، فضربت في نَعَم الناس، فهي من نتاج نَعَم الجن، لا من الجن أنفسها [قالهما ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (124)].
أو أنها خلقت في أصلها من النار، كما خلقت الجن من نار، ثم توالدت كما توالدت الجن [قاله ابن رجب في الفتح (2/ 422)].
وقال الخطابي: "وإنما ينهى عن الصلاة في مبارك الإبل لأن فيها نفارًا وشرادًا لا يؤمن أن تتخبط المصلي إذا صلى بحضرتها أو تفسد عليه صلاته، وهذا المعنى مأمون من الغنم لما فيها من السكون وقلة النفار"[المعالم (1/ 58)].
وقال أبو عبيد: المراد: أنها في أخلاقها وطبائعها تشبه الشياطين [فتح الباري لابن رجب (2/ 423)].
وقال ابن حبان في الصحيح (4/ 601): "أراد به أن معها الشياطين، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: "فليدرأه ما استطاع، فإن أبي فليقاتله؛ فإنه شيطان"، ثم قال في خبر صدقة بن يسار عن ابن عمر: "فليقاتله فإن معه القرين"".
وقال في موضع آخر (4/ 603): "لو كان الزجر عن الصلاة في أعطان الإبل لأجل أنها خلقت من الشياطين لم يصل صلى الله عليه وسلم على البعير؛ إذ محال أن لا تجوز الصلاة في المواضع التي يكون فيها الشيطان، ثم تجوز الصلاة على الشيطان نفسه، بل معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إنها خلقت من الشياطين" أراد به أن معها الشياطين على سبيل المجاورة والقرب".
• وأما حديث جابر بن سمرة:
والذي سبق أن نقلنا تصحيحه عن الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وصححه أيضًا: مسلم، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، وابن المنذر، وابن منده، والبيهقي، وابن عبد البر، وغيرهم:
فيرويه جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة: أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ"، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم، فتوضأ من لحوم الإبل"، قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: "نعم"، قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: "لا".
أخرجه مسلم (360)، وأبو عوانة (1/ 227 و 331 و 335/ 754 و 1176 و 1193)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1/ 397/ 794 و 795)، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 188) معلقًا. وفي التاريخ الأوسط (1/ 334) و (2/ 3)، وابن ماجه (495)، وابن خزيمة (1/ 21/ 31)، وابن حبان (6/ 403 - 409 و 431 - 433/ 1124 - 1127 و 1154 و 1156 و 1157)، وابن الجارود (25)، وأحمد (5/ 86 و 88 و 92 و 93 و 96 و 97 و 98 و 105 و 102 و 105 و 106 و 108)، والطيالسي (803)، والحسن بن موسى الأشيب في جزئه (25)، وابن أبي شيبة (1/ 50 و 339/ 513 و 514 و 3897) و (7/ 277/ 36056)، وأبو بكر الأثرم في سننه (169)، ومحمد بن سليمان المصيصي لوين في جزئه (60)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (129/ 3 و 130/ 1455 - 1457)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 138/ 30) و (2/ 187/ 767)، والطحاوي (1/ 70 و 384)، وابن قانع في المعجم (1/ 138)، والطبراني في الكبير (2/ 210 - 212/ 1859 - 1868)، وابن حزم في المحلى (1/ 242)، وفي الأحكام (3/ 294)، والبيهقي في السنن (1/ 158) و (2/ 448)، وفي المعرفة (1/ 254/ 241)، والخطيب في الموضح (1/ 531)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 199 و 222/ 318 و 393).
روى هذا الحديث عن جعفر بن أبي ثور: عثمان بن عبد الله بن موهب، وأشعث بن أبي الشعثاء المحاربي، وسماك بن حرب.
ورواه عن سماك بن حرب هكذا: سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وزكريا بن أبي زائدة، وحماد بن سلمة.
وخالفهم فأخطأ: شعبة بن الحجاج، فقال فيه:"عن أبي ثور بن عكرمة"، بدل:"جعفر بن أبي ثور".
قال البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 335) عن رواية شعبة: "هذا كله وهم؛ إلا ما قال سفيان وزائدة: جعفر بن أبي ثور".
وقال الترمذي: "أخطأ شعبة في حديث سماك عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء من لحوم الإبل، فقال: عن سماك عن أبي ثور"[العلل (49)].
وحكى البيهقي في سننه الكبرى (1/ 158) قول الترمذي هذا بلاغًا، وزاد في أوله:"حديث الثوري أصح من حديث شعبة، وشعبة أخطأ فيه فقال: عن أبي ثور، وإنما هو جعفر بن أبي ثور"، وحكى نحوه في المعرفة (1/ 255) وسيأتي نص كلامه.
وخالفهم: ابن حبان، حيث قال في صحيحه (3/ 408):"أبو ثور بن عكرمة بن جابر بن سمرة: اسمه جعفر، وكنية أبيه: أبو ثور، فجعفر بن أبي ثور هو أبو ثور بن عكرمة بن جابر بن سمرة، روى عنه عثمان بن عبد الله بن موهب، وأشعث بن أبي الشعثاء، وسماك بن حرب، فمن لم يحكم صناعة الحديث توهم أنهما رجلان مجهولان، فتفهموا رحمكم الله كيلا تغالطوا فيه".
وتابعه على هذا جماعة، منهم الخطيب في الموضح (1/ 530)، والحق مع البخاري والترمذي ومن تبعهما، والله أعلم.
• وقد أُعل بعلة أخرى:
فقد قال علي بن المديني: "جعفر هذا مجهول".
وقد رد الأئمة هذا القول:
قال الترمذي في العلل (49): "وجعفر بن أبي ثور: رجل مشهور، روى عنه سماك بن حرب، وعثمان بن عبد الله بن موهب، وأشعث بن أبي الشعثاء، وهو من ولد جابر بن سمرة".
وقال ابن خزيمة في صحيحه بعد ما رواه من طريق عثمان بن عبد الله بن موهب: "لم نر خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر: صحيح من جهة النقل، وروى هذا الخبر أيضًا عن جعفر بن أبي ثور: أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي، وسماك بن حرب، فهؤلاء ثلاثة من أجلة رواة الحديث، قد رووا عن جعفر بن أبي ثور هذا الخبر".
وقال البيهقي في السنن الكبرى (1/ 159) بعد أن نقل كلام البخاري والترمذي وابن خزيمة، قال:"ومن روى عنه مثل هؤلاء خرج من أن يكون مجهولًا، ولهذا أودعه مسلم بن الحجاج في كتابه الصحيح".
وقال في المعرفة (1/ 254 و 255): "وأما البخاري فإنه لم يخرجه، ولعله إنما لم يخرج حديث ابن موهب وأشعث، لاختلاف وقع في اسم جعفر بن أبي ثور، وقول علي بن المديني لجعفر هذا: هو مجهول.
وهذا لا يعلل الحديث، وذاك لأن سفيان الثوري وزكريا بن أبي زائدة تابعا زائدة على روايته عن سماك عن جعفر بن أبي ثور عن جابر.
وإنما قال شعبة: عن سماك عن أبي ثور بن عكرمة عن جابر، وشعبة أخطأ فيه، قاله أبو عيسى الترمذي.
قال: وجعفر بن أبي ثور: رجل مشهور، وهو من ولد جابر بن سمرة، روى عنه هؤلاء الثلاثة: سماك وابن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء، ومن روى عنه مثل هؤلاء خرج عن حد الجهالة".
وجابر بن سمرة: جد جعفر بن أبي ثور من قِبل أمه، قاله أحمد وابن معين [العلل ومعرفة الرجال (1/ 349/ 654) و (2/ 15/ 1395)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 555)].
وقال ابن منده: "هذا الإسناد صحيح، أخرجه الجماعة إلا البخاري لجعفر بن أبي ثور"[إكمال مغلطاي (3/ 205)].
فإن قيل: هذا منسوخ بالأحاديث المتواترة في أكل النبي صلى الله عليه وسلم لحمًا ثم قيامه إلى الصلاة ولم يحدث وضوءًا. فيقال: جاء في كثير من هذه الأحاديث أنه إنما أكل لحم شاة، ولم يأت في شيء منها أنه أكل لحم جزور، فدل على عدم المعارض، وراجع صحيح ابن حبان (3/ 419 - 425).
وسيأتي تخريج هذه الأحاديث عند الحديث رقم (187).
• وفي الباب أيضًا، مما لم يسبق ذكره، وفي بعض هذه الشواهد لم يذكر الوضوء، وإنما فيها ذكر الصلاة فقط، وفي بعضها لم تذكر الإبل، وإنما فيها ذكر الغنم فقط:
1 -
عن أنس: متفق عليه [يأتي برقم (453)].
2 -
عن أبي هريرة: وله عنه طرق، منها ما صححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان، واختلف في رفعه ووقفه، ورفعه صحيح [انظر: الأدب المفرد (572)، موطأ مالك (2/ 2697/522)، جامع الترمذي (348 و 349)، علل الترمذي الكبير (119)، مختصر الأحكام للطوسي (325)، سنن ابن ماجه (768)، سنن الدارمي (1/ 375/ 1 139)، صحيح أبي عوانة (1/ 335/ 1194)، صحيح ابن خزيمة (2/ 8/ 795 و 796)، صحيح ابن حبان (1384/ 225/4) و (4/ 599 و 600/ 1706 و 1701) و (6/ 88 و 89/ 2314 و 2317)، مسند أحمد (2/ 436 و 451 و 491 و 509) و (4/ 150)، مصنف عبد الرزاق (8/ 401 و 409/ 1604 و 1601)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 338/ 388) و (7/ 277/ 36057)، مسند ابن أبي شيبة (985)، غريب الحديث للحربي (3/ 1076)، مسند السراج (487 - 489)، حديث السراج (285 - 288)، شرح المعاني (1/ 384)، علل ابن أبي حاتم (1/ 137/ 380)، الرابع من حديث أبي جعفر ابن البختري (31)، المعجم الأوسط (5/ 291/ 5346)، الكامل (6/ 68)، علل الدارقطني (8/ 109/ 1434) و (9/ 97/ 1661)، سنن البيهقي (2/ 449)، تاريخ بغداد (7/ 431)، شرح السُّنَّة (2/ 403/ 503)].
3 -
عن سبرة بن معبد: وهو حديث صحيح [يأتي تحت الحديث رقم (494)].
4 -
عن عقبة بن عامر: جود ابن رجب إسناده في الفتح (2/ 421)[انظر: مسند أحمد (4/ 150)، المعرفة والتاريخ (2/ 295)، المعجم الأوسط للطبراني (6/ 326/ 6537) و (8/ 95/ 8074)، المعجم الكبير له (17/ 340/ 938)].