المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مراد شيخ الإسلام في هذه الرسالة المختصرة: - قاعدة مختصرة في قتال الكفار ومهادنتهم وتحريم قتلهم لمجرد كفرهم

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌الوقفة الأولى

- ‌الوقفة الثانية

- ‌الوقفة الثالثة

- ‌الوقفة الرابعة

- ‌الوقفة الخامسة

- ‌الوقفة السادسة

- ‌الوقفة السابعة

- ‌الوقفة الثامنة

- ‌الوقفة التاسعة

- ‌الوقفة العاشرة

- ‌ أسباب دراسة هذه الرسالة المختصرة:

- ‌ تحقيق نسبة أصل الرسالة المختصرة لشيخ الإسلام ابن تيمية:

- ‌ تحقيق صحة الرسالة المختصرة، وأنها منقولة عن أصل شيخ الإسلام ابن تيمية في قتال الكفار:

- ‌مراد شيخ الإسلام في هذه الرسالة المختصرة:

- ‌عنوان الرسالة المختصرة:

- ‌النسخ الخطية للرسالة المختصرة

- ‌منهجي في الدراسة:

- ‌منهجي في التحقيق:

- ‌نماذج مصورة للنسخ الخطية

- ‌فَصْلٌ في قِتَالِ الكُفَّارِهَل هُوَ سَبَبُ المُقَاتَلَة، أَو مُجَرَّدُ الكُفْرِ

- ‌[الدَّلِيلُ الأَوَّلُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]

- ‌[بَيَانُ مَعْنَى الاعْتِدَاء، وَأنَّهُ غَيرُ مَنْسُوخٍ]

- ‌[تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}]

- ‌[بَيَانُ مَعْنَى الاعْتِدَاءِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الثَّانِي عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الثَّالِثُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الرَّابِعُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الخَامِسُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]

- ‌[الدَّلِيلُ السَّادِسُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]

- ‌[الدَّلِيلُ السَّابِعُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الثَّامِنُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]

- ‌[مُعَاهَدَةُ الكُفَّارِ وَمُهَادَنَتُهُمْ]

- ‌[المُرَادُ بِالْأَشْهُرِ الحُرُمِ]

- ‌[الجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ جَمِيعِ الكُفَّارِ]

- ‌[مُقَارَنَةٌ بَينَ شِرْكِ المَجُوسِ وَشِرْكِ العَرَبِ]

- ‌[أَصْلُ الشِّرْكِ فِي العَالَمِ]

- ‌[الحُكْمُ إِذَا نَقَضَ الكُفَّارُ العَهْدَ]

- ‌[الدَّلِيلُ الأَوَّلُ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الكَافِرِ لمُجَرَّدِ كُفْرِهِ]

- ‌[مُنَاقَشَةُ قَولِ مَنْ يَقُولُ: يُقْتَل الكَافِرُ لمُجَرَّدِ كفْرِهِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الثَّانِي عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الكَافِرِ لمُجَرَّدِ كفْرِهِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الثَّالِثُ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الكَافِرِ لمُجَرَّدِ كُفْرِهِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الرَّابعُ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الكَافِرِ لمُجَرَّدِ كُفْرِهِ]

- ‌[قَتْلُ الكَافِرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِالمُسْلِمِيْنَ فَسَادٌ لَا يُحْبُهُ اللهُ وَلَا رَسُوْلُهُ]

- ‌[قَتْلُ الآدَمِيِّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ بَعْدَ الكُفْرِ]

- ‌[مُنَاقَشَةُ بَعْضُ الإِعْتِرَاضَاتِ]

- ‌[المُوْجِبُ لِلْقَتْلِ]

- ‌[الدَّلِيلُ الخَامِسُ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الكَافِرِ لمُجَرَّدِ كُفْرِهِ]

- ‌[الجِزْيَةُ: تَعْرِيْفُهُا، المُرَادُ بِهَا، مِقْدَارُهُا]

- ‌[سَبَبُ وَضْعِ الجِزْيَةِ]

- ‌الخَاتِمَةُ

الفصل: ‌مراد شيخ الإسلام في هذه الرسالة المختصرة:

‌مراد شيخ الإسلام في هذه الرسالة المختصرة:

هذه المسألة من أهم المسائل التي يجب علينا معرفتها والتأمل فيها؛ إذ بمعرفتها نحل إشكالًا وقع فيه من وقع بسبب خطأ فهمه لمراد الشيخ منها:

* فجملة من أهل العلم أثبتوها - وهو الصحيح - لكنهم لم يفهموا المراد منها، لذا فسروها تفسيرًا يخالف مراد شيخ الإسلام وأهل العلم منها.

* وجملة أخرى من أهل العلم نفوها، واختلفوا في ذلك واضطربوا:

فبعضهم: نفاها جملة وتفصيلًا، بل وألَّف في هذا ردًّا وتكلف فيه - عفا الله عنا وعنه - أيما تكلف.

ص: 60

وبعضهم الآخر: نفى بعضها، وأثبت بعضها الآخر (1).

وعلاج هذا الإشكال - من خلال منظور البحث العلمي - إنما يكون بالاستقراء والتتبع لما كتبه الشيخ في مصنفاته، ليتضح بجلاء مراده من هذا الفصل المنقول عنه في قتال الكفار؛ خصوصًا أن الموجود إنما هو المختصر من تأليفه شيخ الإسلام لا الأصل.

لذا أستطيع بعد تتبعي واستقرائي لكلام شيخ الإسلام حول هذه المسألة من كتبه المطبوعة، القول باختصار: إن شيخ الإسلام أراد في هذا الموضع المنقول عنه بيان:

1.

أننا إذا قاتلنا الكفار من أهل الكتاب والمجوس والمشركين، فلا

(1) وقد قام بعض الأخوة الأفاضل - جزاه الله خيرًا - بجمع أقوال العلماء حول هذه الرسالة المختصرة، ووضعها على الشبكة العنكبوتية، وهو جهد مميز يشكر عليه الباحث، إلا أنه حفظه الله لم يعتن بتحرير المسألة، وكذلك تحرير نسبة الرساله إلى شيخ الإسلام رحمه الله، ودراستها دراسة علمية منهجية مقارنة.

ص: 61

نقتل سوى من يقاتلنا.

2.

أننا لا نقتلهم بمجرد كفرهم، فلا نقتل من ليس مقاتلًا من النساء والصبيان والشيوخ والرهبان والزمنى والمجانين وأهل الصوامع والأجراء والحراث ونحوهم ممن لم ينصب لنا الحرب.

3.

أن الكفار من المشركين وعبدة الأوثان إذا تركوا المسلمين، ولم يحاربوهم، ورضوا بإعطائهم الجزية عن يد وهم صاغرون، فلا داعي لقتلهم وقتالهم.

4.

أن المشركين من عبدة الأوثان حكمهم في القتال كحكم أهل الكتاب، فإذا منعوا إقامة دين الله ونشره في بلادهم، أو امتنعوا من أداء الجزية للمسلمين قوتلوا، فشيخ الإسلام هنا يؤيد ما ذهب إليه الجمهور من جواز أخذ الجزية من المشركين، وأنها ليست مخصوصة بأهل الكتاب ومن له شبهة كتاب كالمجوس.

ولقد بنى النافون لهذه الرسالة المختصرة كلامهم في هذا النفي - جملة - على إحدى مقدمتين، أو كلتيهما معًا:

ص: 62

الأولى: أن شيخ الإسلام في هذه الرسالة لا يرى جهاد الطلب، بينما في كتبه ومصنفاته الأخرى قد صرح في ثناياها بجهاد الطلب.

الثانية: أن شيخ الإسلام في هذه الرسالة يرى أن مقاتلة الكفار إنما هي بسبب المقاتلة لا بسبب الكفر، بينما في كتبه ومصنفاته الأخرى خلاف ذلك.

أما المقدمة الأولى:

فإن السبب في إيرادها - في نظري - أمران:

الأمر الأول: أن هذه الرسالة جاءت مختصرة مقتضبة؛ ولأجل هذا الاختصار تضاربت الفهوم في تحديد المراد منها، فمن لا يرى جهاد الطلب - وهو رأي محدث - طار بها فرحًا، وظن أن شيخ الإسلام لا يرى جهاد الطلب.

ومن يرى جهاد الطلب - وهو رأي المتقدمين والمتأخرين من علماء المسلمين - سارع بنفي هذه الرسالة المختصرة أو جزءًا منها؛ لأنها تخالف ما هو مذكور في كتب شيخ الإسلام الأخرى، وتخالف

ص: 63

ما هو مستقر عند أهل العلم والفهم.

والحق أن شيخ الإسلام لا ينفي مقاتلة الكفار ابتداءً أو طلبهم، بل إنه لم يتعرض لهذا الأمر في الجزء المنقول عنه بشكل صريح، وإلا فابتداء الكفار - في حال قوة المسلمين - بالقتال عند ممانعتهم نشر الإسلام وإقامته، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أمر قد حسمه القرآن والسنة، وكان عليه عمل الأمة.

ولهذا قال شيخ الإسلام بعد أن تطرق إلى بعض ما تطرق إليه هنا.

قال (1): (فلما نزلت آية الجزية لم يكن بد من القتال أو الإسلام والقتال إذا لم يسلموا حتى يعطوا الجزية، فصار هؤلاء إما مقاتلين

(1) انظر: منهاج السنة (8/ 517 وما قبلها وما بعدها)، وانظر نحو هذا أيضًا في مجموع الفتاوى (19/ 19 وما بعدها)، والصفدية (2/ 317 وما بعدها) ينجلي عنك الإشكال، ويتضح لك التفصيل في المقام.

ص: 64

وإما مسلمين، ولم يقل تقاتلونهم أو يسلمون، ولو كان كذلك لوجب قتالهم إلى أن يسلموا، وليس الأمر كذلك؛ بل إذا أدوا الجزية لم يقاتلوا، ولكنهم مقاتلين أومسلمين، فإنهم لا يؤدون الجزية بغير القتال).

الأمر الثاني: ما ورد في بعض المواضع من هذه الرسالة المختصرة ما يفيد أن شيخ الإسلام يمنع ابتداء الكفار بالقتال: كاستدلاله بآية عدم الاعتداء، وكقوله:(يسالم من يسالمه)، وكقوله:(ولو كان الله أمره أن يقتل كل كافر لكان يبتدئهم بالقتل والقتال) إلى غير ذلك.

وهذا الاستدلال صحيح لا يخالف فيه أحد؛ لكن مقصود شيخ الإسلام هنا كما ذكرناه آنفًا: أن الكفار إذا لم يحاربونا، ورضوا بإعطائنا الجزية عن يد وهم صاغرون، فلا داعي لقتلهم أو لقتالهم،

ص: 65

وأن قتل من لم يقاتل منهم نوع من الاعتداء الذي حرمه الله تعالى.

قال ابن القيم (1) رحمه الله: (وهذه كانت سيرة رسول الله في أهل الأرض كان يقاتل من حاربه إلى أن يدخل في دينه أو يهادنه أو يدخل تحت قهره بالجزية، وبهذا كان يأمر سراياه وجيوشه إذا حاربوا أعداءهم، كما تقدم من حديث بريدة.

فإذا ترك الكفار محاربة أهل الإسلام وسالموهم، وبذلوا لهم الجزية عن يد وهم صاغرون كان في ذلك مصلحة لأهل الإسلام وللمشركين.

أما مصلحة أهل الإسلام: فما يأخذونه من المال الذي يكون قوة للإسلام مع صغار الكفر وإذلاله، وذلك أنفع لهم من ترك الكفار بلا جزية.

(1) أحكام أهل الذمة (1/ 110).

ص: 66

وأما مصلحة أهل الشرك: فما في بقائهم من رجاء إسلامهم إذا شاهدوا أعلام الإسلام وبراهينه، أو بلغتهم أخباره، فلا بد أن يدخل في الإسلام بعضهم، وهذا أحب إلى الله من قتلهم)

وههنا أمر مهم، هو: أن الاقتصار على المختصرات دون الرجوع إلى أصول المؤلف الأخرى التي كتبها يعد من الخطأ العلمي الواجب على الباحثين اجتنابه.

أما المقدمة الثانية:

التي ذكرها بعض المشككين في الرسالة، وعلل بها عدم صحة هذه الرسالة المختصرة، فإنه بالاستقراء والتتبع تبين لنا خلاف ما ذكروه؛ بل إن شيخ الإسلام يرى حقيقة أن الكافر لا يقتل بمجرد كفره، وقد صرح بهذا في عدة مواضع من كتبه، ومن ذلك:

* قال رحمه الله في الصارم المسلول (2/ 210): (واذا أمر بقتل هذه المرأة التي هجته، ولم يؤذن له في قتل قبيلتها الكافرين، علمًا أن

ص: 67

السب موجب للقتل، وإن كان هناك ما يمنع القتال لولا السب كالعهد والأنوثة، ومنع قتل الكافر الممسك أو عدم إباحته، وهذا وجه حسن دقيق، فإن الأصل أن دم الآدمي معصوم لا يقتل إلا بالحق، وليس القتل للكفر من الأمر الذي اتفقت عليه الشرائع ولا أوقات الشريعة الواحدة كالقتل قودًا، فإنه مما لا تختلف فيه الشرائع ولا العقول).

* وقال رحمه في الموضع السابق (2/ 266): (أن النبي أمَّن عام الفتح جميع المحاربين إلا ذوي جرائم مخصوصه، وكان ممن أهدر دمه دون غيره - يعني: عبد الله بن خطل -، فعلم أنه لم يقتل لمجرد الكفر والحراب).

* وقال رحمه الله كما في الفتاوى (20/ 101): (فأبو حنيفة رأى أن الكفر مطلقًا إنما يقاتل صاحبه لمحاربته فمن لا حراب فيه لا يقاتل؛ ولهذا يأخذ الجزية من غير أهل الكتاب العرب وإن كانوا وثنيين، وقد وافقه على ذلك مالك وأحمد في أحد قوليه .. وأما

ص: 68

الشافعي فعنده نفس الكفر هو المبيح للدم إلا أن النساء والصبيان تركوا؛ لكونهم مالًا للمسلمين).

* وقال أيضًا في الفتاوى (28/ 660): (الجمهور يقولون: لا يقتل إلا من كان من المعاونين لهم على القتال في الجملة، وإلا كان كالنساء والصبيان، ومنهم من يقول: بل مجرد الكفر هو المبيح للقتل وإنما استثنى النساء والصبيان؛ لأنهم أموال).

والأمثلة في هذا الكتاب كثيرة جدًّا.

ص: 69