الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المُرَادُ بِالْأَشْهُرِ الحُرُمِ]
إِلَى أَنْ قَالَ:
وَالمُرَادُ بِالْأَشْهُرِ الحُرُمِ فِي قَولِهِ {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} هِيَ أَشْهُرُ السِّيَاحَة عِنْدَ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ (1)، وَعَلَيهِ يَدَلُّ الكِتَابُ والسُّنَّةُ.
وَظَنَّ طَائِفَةٌ: أَنَّهَا الحُرُمُ الثَّلَاثَةُ وَرَجَبٌ، وَنُقِلَ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ، وَهَؤُلَاءِ اشْتَبَهَ عَلِيهِمْ لَفْظُ الحُرُمِ بالحُرُم، وَتِلْكَ لَيسَتْ مُتْصِلَةٌ؛ بَلْ
(1) قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (8/ 513 - 514): (هذه الحرم المذكورة في قوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ}، الآية، ليس المراد الحرم المذكورة في قوله: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}، ومن قال ذلك فقد غلط غلطًا معروفا عند أهل العلم، كما هو مبسوط في موضعه). وقال أيضًا في الصفدية (2/ 318): (والمقصود: أن الله لما أنزل براءة وقال فيها: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ}، وهي الأربعة التي قال الله فيها: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}، ليست الحرم التي هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وقد قال بعضهم: هي هذه. وغلط في ذلك). ونحوه في الجواب الصحيح (1/ 175).
هِيَ ثَلاثَةٌ سَرْدٌ، وَوَاحِدٌ فَرْدٌ (1)، وَهُوَ قَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ أَشْهُرَ السِّيَاحَةِ فَلَابُدَّ أَنَّ يَذْكُرَ الحُكْمَ إِذَا انْقَضَتْ، فَقَالَ:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} .
إِلَى أَنْ قَالَ:
فَلَمْ يَبْقَ مِنْ أُولَئِكَ المُشْرِكَينَ طَائِفَةٌ تُقَاتِلُ البَتَّةَ، بَلْ قَهَرَ جَمِيعَ المُشْرَكَينَ وَ [مَنْ] لَا عَهْدَ لَهَمْ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ القِتَال، فَلِهَذَا قَالَ:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} .
(1) قال ابن القيم في زاد المعاد (3/ 160 - 161): (الحرم ههنا هي أشهر التسيير، أولها يوم الأذان، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم الحج الأكبر الذي وقع فيه التأذين بذلك، وآخرها العاشر من ربيع الآخر، وليست هي الأربعة المذكورة في قوله: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَومَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}، فإن تلك واحد فرد، وثلاثة سرد: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم).
وَلَمْ يَقُلْ: فَقَاتِلُوهُمْ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ طَائِفَةٌ تُقَاتِلُ (1)، بَلْ أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ حَيثُ وُجِدُوا وأَخْذِهِمْ، وَهُوَ الأَسْرُ، وَحَصْرِهِمْ فِي أَمْكِنَتِهِمْ، كَمَا حَصَرَ أَهْلَ الطَّائِف.
ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} وَلَمْ يَقُلْ: قَاتِلُوهُمْ حَتَّى يُقِيمُوا الصَّلَاةِ (2)؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُقَاتِلْ،
(1) قال شيخ الإسلام في الفتاوى (597 - 598): (قال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية
…
ولهذا غزا النبي صلى الله عليه وسلم النصارى بأرض الروم عام تبوك سنة تسع، وإنما أمكنه غزو النصارى لما اطمأن من جهة مشركى العرب، وعلم أنه لا خوف على الإسلام منهم؛ ولهذا لم يأذن لأحد ممن يصلح للقتال
…
لأنه لم يكن حينئذ بأرض العرب، لا بمكة ولا بنجد ونحوهما، من يقاتل أهل دار الإسلام مكة والمدينة وغيرهما، ولا يخيفهم).
(2)
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (8/ 509 - 510): (وهؤلاء وجد فيهم أحد الأمرين القتال أو الإسلام، وهو سبحانه لم يقل: (تقاتلونهم أو يسلمون) إلى أن يسلموا، ولا قال:(قاتلوهم حتى يسلموا)؛ بل وصفهم بأنهم يقاتلون أو يسلمون، ثم إذا قوتلوا فإنهم يقاتلون كما أمر الله حتى يعطوا الجزية عن يد وهم =
وَإِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَأَخْذِهِمْ وَحَصرِهِمْ؛ لأَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ القِتَال، وَلَو قَدِرُوا عَلَى فَسَادِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ لَفَعَلُوا ذَلِكَ.
إلى أن قال رحمه الله:
= صاغرون)، وقال أيضًا في الموضع السابق (8/ 516):(وقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}. وقال: (فإن تابوا)، ولم يقل: قاتلوهم حتى يتوبوا). وقال أيضًا في الصفدية (2/ 321): (وكانوا قد دعوا عام الحديبية إلى قتال من يقاتل أو يعاهد، وبعد ذلك يدعون إلى قتال من يقاتلون أو يسلمون، ولم يقل أو يسلموا، فإنه كان يكون المعنى حتى يسلموا، وقتالهم لا يجب إلى هذه الغاية).