الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الدَّلِيلُ الثَّالِثُ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الكَافِرِ لمُجَرَّدِ كُفْرِهِ]
وَأَيضًا: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ فِي قِتَالِ الكُفَّارِ: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} .
وَلَو كَانَ الكُفْرُ مُوجِبًا لِلقَتْلِ: لَمْ يَجُزْ المَنُّ عَلَى الكَافِرِ وَلَا المُنَادَاةَ بِه، كَمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مَمَّنْ وَجَبَ قَتْلُهُ، كَالزَّانِي المُحْصَنِ وَالمُرْتَدِّ، وَقَدْ مَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى غَيرِ وَاحِدٍ مِنَ الكُفَّار، وَفَادَى بِكَثِيرٍ مِنْهُمْ، فَفَادَى بِالأَسْرَى يَومَ بَدْرٍ (1).
= وأما إذا تابوا بعد القدرة لم تسقط العقوبة كلها؛ لأن ذلك يفضي إلى تعطيل الحدود، وحصول الفساد؛ ولأن هذه التوبة غير موثوق بها؛ ولهذا إذا أسلم الحربي عند القتال صح إسلامه؛ لأنه أسلم قبل القدرة عليه بخلاف من أسلم بعد الأسر؛ فانه لا يمنع استرقاقه وأن عصم دمه).
(1)
قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى (28/ 414): (والكافر الأصلي يجوز أن يعقد له أمان وهدنة، ويجوز المن عليه والمفاداة به إذا كان أسيرًا عند الجمهور، ويجوز إذا كان كتابيًّا ان يعقد له ذمة، ويؤكل طعامهم، وتنكح نساؤهم، ولا تقتل نساؤهم إلا أن يقاتلن بقول أو عمل باتفاق العلماء، وكذلك لا يقتل منهم إلا من =
وَلَو كَانَ الكُفْرُ مُوجِبًا: لَوَجَبَ قَتْلُ كُلِّ أَسَيرٍ كَافِرٍ، وَقَدْ مَنَّ عَلَى أَبِي عَزَّةَ الجُمَحِيِّ، وَعَلَى ثُمَامَةَ بنِ أَثَّالٍ، وَغَيرِهِمِا.
فَإِنْ قِيلَ: المَنُّ وَالفِدَاءُ مَنْسُوخٌ.
= كان من أهل القتال عند جمهور العلماء، كما دلت عليه السنة)، وقال أيضًا كما في الموضع السابق (28/ 355):(ولهذا أوجبت الشريعة قتال الكفار، ولم توجب قتل المقدور عليهم منهم؛ بل إذا أسر الرجل منهم في القتال أو غير القتال مثل أن تلقيه السفينة إلينا أو يضل الطريق أو يؤخذ بحيلة، فإنه يفعل فيه الإمام الأصلح من قتله أو استعباده أو المن عليه أو مفاداته بمال أو نفس عند أكثر الفقهاء، كما دل عليه الكتاب والسنة، وإن كان من الفقهاء من يرى المن عليه ومفاداته منسوخًا)، وقال أيضًا في الموضع السابق (34/ 116):(فإن الإمام إذا خير في الأسرى بين القتل والاسترقاق والمن والفداء، فعليه أن يختار الأصلح للمسلمين)، وقال أيضًا في منهاج السنة (4/ 422):(ومن الاجتهاد أن يكون ولى الأمر أو نائبه مخيرًا بين أمرين فأكثر، تخيير تحر للأصلح، لا تخيير شهوة، كما يخير الإمام في الأسرى بين القتل والاسترقاق والمن والفداء عند أكثر العلماء).
قَيلَ: هَذَا مَمْنُوعٌ (1)، فَأَينَ النَّاسِخُ؟ .
وَبِتَقْدِيرِ نَسْخِهِ فَذَاكَ لَأَنَّ لَهُ فِئَةٌ يَعُودُ إِلَيهِمْ فَيُقَويِهِمْ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِمَنعِ المَنِّ وَالفِدَاء لِهَذِهِ العِلَّة، كَمَا يُقْتَلُ الأَسِيرُ المُسْلِمُ إِذَا كَانَ لَهُ فِئَةٌ مُمتنِعَةٌ، وَإِلَّا فَيَجَوزُ اسْتِرَقَاقُهُ، فَلَو كَانَ القَتْلُ مُوجِبًا لمَا جَازَ اسْتِرَقَاقُهُ.
* * *
(1) وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة (4/ 422): (فإن قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}، ليس بمنسوخ).