الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوقفة السابعة
أنه يجوز للمسلمين حال ضعفهم أن يسالموا من يسالمهم، فلا يقاتلوا إلا من يقاتلهم، وأن يعملوا بآية الكف والصبر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (1) رحمه الله: (فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف، أو في وقت هو فيه مستضعف، فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين اوتوا الكتاب والمشركين.
وأما أهل القوة: فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).
وقال - أيضًا - قولًا أصرح من هذا (2): (فحيث ما كان للمنافق
(1) الصارم المسلول (2/ 413).
(2)
المصدر السابق (3/ 683).
ظهور يخاف من إقامة الحد عليه فتنة أكبر من بقائه عملنا بآية: {وَدَعْ أَذَاهُمْ} ، كما أنه حيث عجزنا عن جهاد الكفار عملنا بآية الكف عنهم والصفح، وحيث ما حصل القوة والعز خوطبنا بقوله:{جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} ).
قال مفتي الديار السعودية سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (1) رحمه الله تعالى، لمَّا ذكر الطور الثاني من الأطوار التي مرَّ بها الجهاد في الإسلام، قال: (وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الطور الثاني، وهو: القتال لمن قاتل المسلمين، والكف عمن كف عنهم قد نسخ؛ لأنه كان في حال ضعف المسلمين فلما قواهم الله وكثر عددهم وعدتهم أمروا بقتال من قاتلهم ومن لم يقاتلهم، حتى يكون الدين كله لله وحده أو يؤدوا الجزية إن كانوا من أهلها.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن الطور الثاني لم ينسخ؛ بل
(1) فضل الجهاد والمجاهدين ص ().
هو باق يعمل به عند الحاجة إليه.
فإذا قوى المسلمون، واستطاعوا بدء عدوهم بالقتال وجهاده في سبيل الله فعلوا ذلك، عملًا بآية التوبة وما جاء في معناها، أما إذا لم يستطيعوا ذلك، فإنهم يقاتلون من قاتلهم واعتدى عليهم، ويكفون عمن كف عنهم، عملًا بآية النساء وما ورد في معناها، وهذا القول أصح وأولى من القول بالنسخ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قلت: وهذا من باب المصالح والمفاسد، وهو من أهم الأبواب الشرعية والطرق المرعية، وحينما جهل كثير من أبناء المسلمين المتحمسين للجهاد هذا الباب، أدخلوا على أنفسهم وأمتهم الويلات والحسرات.
فها هي دولة من دول الإسلام الفتية (أفغانستان) أسقطت! !
وها هم آلاف من المسلمين في أفغانستان قد قتلوا وقُطِّعوا وشُرِّدوا! !
وها هم المسلمون في العراق ماذا حصل لهم؟ ! !
وها هي حركات المقاومة والمناضلة في فلسطين ولبنان ماذا سيحصل لها؟ ! !
وها هي الأعمال الخيرية في العالم الإسلامي أحجمت! !
وها هم المسلمون يعيشون وضعًا ليس كسابق عهدهم! !
وها هو الإسلام المتهم البرئ .. أصبح إرهابًا يجب القضاء عليه! !
* * *